هل الطبقة الحاكمة أقوى من أن تُهزم؟

بول داماتو
2012 / 7 / 5 - 00:47     

بول داماتو
3يوليو2012
ترجمة:
أحمد حسن
وحدة الترجمة - مركز الدراسات الاشتراكية





تم نشر المقال لأول مرة باللغة الإنجليزية في 28 أبريل 2000، بجريدة العامل الاشتراكي الأمريكية، تصدرها منظمة الاشتراكيين الأممين بالولايات المتحدة

كيف يمكن لثورة أن تنجح في مواجهة طبقة حاكمة تملك جيوشاً فائقة التسليح تأتمر بأوامرها؟ بالتأكيد لن تتخلى الطبقة الحاكمة عن السلطة بشكل سلمي.

حاول أن تعطل أحد اجتماعاتهم، كاجتماعات البنك الدولي أو صندوق النقد الدولي مثلاً، وسنرى أن حكامنا على استعداد لحشد الآلاف من قوات الأمن وإغلاق نصف مدينة ومهاجمتنا بالهراوات والغاز المسيل للدموع. تخيل ما قد يقوموا به حيال ثورة يخرج فيها ملايين العمال محاولين السيطرة على المصانع والمستشفيات والمناجم والجامعات وتشغيلها بشكل ديموقراطي.

لهذا السبب يُطرح على الاشتراكيين سؤال," أليست الدولة أقوى من أن تُهزم؟".

تبدو هذه المفارقة وكأنها غير قابلة للحل، ولا يمكن لإصلاحات جزئية أن تغير من الطبيعة الأساسية لمجتمع يقوم على استغلال أقلية لأغلبية، كذلك فإن الثورة تواجه بالقوة المفرطة وتهزم. وهكذا تصبح أفضل وسيلة بالنسبة لنا هي إجراء تغييرات طفيفة لا تهدد سلطة الشركات والمصارف المدعومة من الشرطة والجيش.

ولكننا في نفس الوقت نرى العديد من الثورات الناجحة حول العالم تسقط أعتى وأقوى الأنظمة، كالثورة الإيرانية التي أسقطت الشاه أو ثورات أوروبا الشرقية عام 1989، وهناك العديد من الأمثلة الأخرى.

سؤال "هل السلطة أقوى من أن تهزم؟" مبني على فهم خاطئ للثورة وطبيعتها والشروط التي يجب ان تتوافر لكي تحدث الثورة. الثورات تنجح ليس لأن الثوار يملكون أسلحة اقوى من السلطة. وإن كان هذا صحيحاً، أي أن الأمر متوقف على حوذ الأسلحة الأقوى، لما كانت أي من الثورات قد نجحت. الثورات تنجح بتوافر عاملين مترابطين:

العامل الأول هو الملايين من الجماهير (من خلال إضرابات ضخمة وتظاهرات واعتصامات) المقتنعين بأن المجتمع لا يمكن أن يستمر على وضعه الحالي. والعامل الثاني هو أن تصبح الطبقة الحاكمة منقسمة, تدافع ولا تدري في أي طريق تسير. في الثورات الشعبية, فإن أضعف حلقات الطبقة الحاكمة هي القوات المسلحة.

القمع يمكن أن ينجح فقط إذا كان الجنود مستعدين لتنفيذ الأوامر. ولكن في ظروف الاضطرابات الاجتماعية العميقة يصبح تنفيذ الجنود للأوامر أمر غير أكيد إذ أن العديد من هؤلاء الجنود هم أنفسهم عمال. الحراك الشعبي الضخم يمكنه أن يسعى لامتلاك قلوب وعقول الجنود، وبالتالي شق صفوف الجيش وكسب جنود إلى صفوف الثورة. "السلطة الأقوى من أن تهزم" في هذه الحالة تصبح مشلولة وتسقطها الملايين التي منذ أشهر قليلة لم تكن تحلم أن لديها القوة الكافية لتغيير مجتمعها. العديد من الطغاة أُسقطوا بهذه الطريقة, بدءاً من القيصر الروسي إلى شاوشسيكو في رومانيا 1989، إلخ.

وصف الماركسي البريطاني "توني كليف" تلك العملية في الثورة البرتغالية عام 1975:

"استولت العائلات التي كانت تعيش في بيوت الصفيح في بايرو دا بوافيستا في ضواحي لشبونة على عقارات سكنية كانت فارغة لأكثر من ثلاث سنوات.

استخدم الضابط المسئول, تحت الضغط, أسلوباً كأسلوب العمليات في الحروب الاستعمارية في أفريقيا وتوجه إلى الحلقة الأضعف, أرملة عجوز انتقلت مع أبناءها الستة إلى شقة غرفتين تمد بالكهرباء والمياه.

ردت عليه المرأة: "أطلق النار علي, لقد عشت حياتي بأكملها دون مأوى, على الأقل سأموت في مكان مناسب".

وقف الضابط في صمت لوهلة. بالخارج احتشد الرجال والنساء والأطفال لمقاومة الطرد وتحدثوا مع الجنود: "من الممكن أن تكونوا في بيوت من الصفيح أيضاً, تذكروا، أنتم من الشعب! وجهوا أسلحتكم إلى مستغليكم وليس على إخوانكم وأخواتكم".

اقتنع الضابط وأخذ جنوده ورحل تاركاً لهم العقارات".

أحداث كهذه كثيرة الحدوث في الثورات وهي تلخص ما تدور حوله الثورة. وبكلمات الثوري الروسي العظيم ليون تروتسكي، فإن: "المشاركة المباشرة في الأحداث التاريخية هي .. تدخُّل عنيف تقوم به الجماهير في المجال الذي تتقرر فيه مصائرها".