الحزب الشُّيُوعي الحقِيقِيّ


السموأل راجي
2012 / 6 / 26 - 22:07     

إحْـدَى مُـسبِّبات فَشَل ما يُسَمَّى اليوم في وطنِنَا العربِيّ بالأحزاب الشُّيُوعِيّة (في المشرق تحدِيدًا) عِلاوةً على الإنحِراف الفِكرِيّ الحادّ جِدًّا مُنذ ستِّينات القرن العِشرِين والـمنحَى البُورجوازِيّ لسياساتِـها الحِزبِيَّة هي الإختِلالات الخطِيرَة في الـمَسْألة التّنظِيـمِـيَّـة التي تُشكِّلُ بِـدوْرِهَا إنعِكاسًا مُباشِرًا لتحرِيفِيَّة تِلك الأحزاب ، وإن كُنتُ لا ألُوم البعض على عُـسر الـهَـضْـم المعرفِيّ والجهل التّنظِيمِيّ إعتِبارًا لِغِياب التّكوِين الدّائِم والدّؤُوب في مِثل تِلك الأحزاب الموبُوءة ، فإنّهُ من غير الـمُـمْـكن التّغاضِي عن عدم الإلـمَـام بالبِـنْـيَـة اللِّينينِيَّة للحِزب الذِي يحمِل إفتِراضِيًّا أو فعلِيًّا هُـمُوم الطّبقَة العامِلَة ويسعَى إلى تدمِـيـر الدّولة البُورجوازِيَّـة وبِناء الـمُجـتـمَـع الشُّيُوعِيّ بل ولا يُـمكِن إطلاقًا إنجَاز أُولَى الخطوات في الدَّرب الـثَّـوْرِيّ دُون إمتِلاك بِـنْـيَة تنظِيـمِـيَّـة ماركسِيَّة لِينِينِيَّة فِعلِيَّة تأخُذ بعين الإعتِبَار مُتغيِّرات الواقع الـمَـوْضُوعِيّ والسّيرُورَة التّارِيخِيَّة للشُّعُوب مع الثَّـبَـات على القواعِد العامَّة البِـنْـيَــوِيَّــة للحِزب ومن منظُور لِـينِـينِـيّ وإلاّ سيكثون الحدِيث عن احزاب هُلامِـيَّـة تخبط عشوائِيًّا في دلالةٍ على مبلغ إنحِرافِـهَـا الذي سيلُوحُ بالضّرُورة في مواقِفِها ومن ثَـمَّـة لا مجال للحدِيث عن إعادة تجارب ماضِيَة أو تشكِيل معالِم جدِيدة وِفق رُؤَى بَالِـيَـة إذا ما كان الهدَف هُو الإطاحة بالطبقِيَّة وإلاّ سيكُون من العبَث تسمِيَة أحزابٍ شُيُوعِيَّة ولا سبِيل لتحقِيق تِلك الغايَة بتنظِيـمَـات أحسن نشاطاتـهَـا التعَـهُّـر على أعتاب الفنادِق وإقامة حفلات الشَّاي وإستِعارة مواقِف من تكتُّلاتٍ حاكِـمَـة ومُناهَضَة حتّى الـحِـراك العُمَّالِيّ.

الحِزب أداة دِيكتاتُورِيَّة البروليتارِيا

إعـتـمَـادًا على هذا الـمبدأ الوارِد في سِياق التّذكِير بِخصائِص الحِزب الـمَاركسيّ اللِّينِينِيّ لا مَـجال لليبرالِيَّة داخِل الحِزب ولا مجال للتكتُّلات ،وِحدَة حدِيدِيَّة كأروع ما تكُون الوِحدَة تقضِي على الـمُيُوعَة والضُّرَاط البُورجوازِيّ الصّغِير الـمُـتَـمَـثِّـل في مُناداةٍ ليبرالِيَّة تتغلّف بأثوابٍ يسارِيَّة شفّافَة في مُراجعة وتأسِيس جديد وما إلى ذلك من هذا الـهُراء ، وحدهُ الحِزب الماركسيّ اللّينينيّ يقدِر على تطوِير الصِّراع الطّبقِيّ وإدارته وقِيادة جحافِل العُمّال والفلاّحِين وعُـمُوم الطّبقات والفِئات الشّعبِيَّة الـمُتَضرِّرَة في كِفاحِها ضِدّ الإستغلال والنّهب الـمَـنْهَجِيّ ، ووحدهَا أحزابٌ من هذا الطِّراز قادِرة على بلوَرة مشارِيع وبرامج آفاقها إشتراكِيَّة تتجاوز مُعطَى الـمطلبِيَّة الـحِـيـنِـيَّـة بدفع أيّ حِراك إلى أقصاه أو حتّى خلق هذا الحِراك ، الغرِيب أنّ هذؤه مسائِل مُـفَـصَّـلة حُلُولَـهَـها تحتفِظُ براهنِيَّة لا مُتناهِيَة يجهلها البهِيمُ فقط وردَت في كرارِيس لينين ومُلخّصَات ستالِين وقبل هذا وذاك جاءت عليها بالتّفصِيل مُؤتمرات الأُمَـمِـيَّـة الثّالِثَة بل وحتّى الـهَـامّ الدِّيـمُقراطِيَّة في ظِلّ أنماط رأسمالِيّة في حالة تبعِيَّة وتخلُّف موجُودَة وليس على أبناء غالبِيَّة التّنظِيـمَات المُسمّاة شُيُوعِيّة في الوَطَن العربِيّ من لَـوْم فبالفِعل هُـم لَـم يعرِفُوا معنَى التنظُّـم وُلِدُوا على رنِين دُفُوف القَهْر فإندفعُوا لتردِيد الهُتافات دُون الـمُشاركَة في صُنع القرار الحِزبِيّ ولَـم يتعلّـمُوا معنَى الـمُـحاسَبَة وإرتهنُوا لقِيادات أُمناء عامِّين أحسنُهُـم حِمار من النّوعِيَّة الرّدِيئَة (أستثنِي 3 تجارِب وُلِدت في إطار اليَسَار الجدِيد وفي مناخٍ من السرِيَّة والكِفاحِيَّة العالِيَة).

بالطّبع وحدهُـم دُعاة السَّلَف والليبرالِيُّون لا يُؤمِنُون بالتطوُّر والدِّينامِيكِيَّة والعِلـم ، بل ومِـن الضّرُورِيّ التّنْـصِـيص أنّ الماركسيّ اللّـيـنِـيـنِـيّ الحقِيقِيّ حامِلٌ لِـمشرُوع تطوُّر لا إنتِكاس يستنِدُ إلى مُعطياتٍ واقعِيَّة ينطلقُ منها لتغييرها جِذرِيًّا مُـسْـتَـلْـهِـمًا من الإرث الثّورِيّ الأُمَـمِـيّ مُستخلِصًا الدُّرُوس من أخطاء الحركة الشُّيُوعِيَّة العالَـمِـيَّــة لكن أيضًا من منظُورٍ ثورِيٍّ وفي إطار الإنحِياز إلى الطّبقَة العامِلَة والشّعب وإلاّ ستكُون مُنزلاقات بَـهائِـمِـيَّـة نحو الأوروشيُوعِيَّة التي لا تختلِف في الجوهر مع الليبرالِيَّة المُتوفّاة عليها ألف رحمة ، ولا مجال هُـنا للحِياد عن مبدأ "التّحلِيل الـملمُوس للواقع الـملمُوس" والإرتكاز على أنّ الدّيالكتِيك الـمَادِيّ هُو العَمُود الفِقَرِيّ للـمَاركسِيَّة وِفق النظرِيَّة اللينِينِيَّة التي تُمَثِّل ماركسِيَّة عصر الإمبريالِيَّة الـمُـتَـعَـفِّـنَة أكثَر فأكثَر ببُلُوغها طورها الـعوْلَـمِيّ وهَيْـمَـنَة الأنشِطة الـمَالِيَّة كمُعطيَاتٍ أساسِيَّة في وضع الخُطَط العامَّة وتحدِيد نسَق تطوُّر الرّأسمَالِيَّة في مُجـتـمعٍ مَـا ومن ثمَّة إستخلاص التّناقُضات الأساسِيَّة والثّانوِيَّة ووضع تناقُض رئِيسٍ بينها يكُون مِحوَر البرنامج الحِزبِيّ ، بعض البهائِـم يتحدّثُون اليوم عن تجاوُز لينين ولا أدرِي كيف وهُو الذِي جمَع بين مهمّة الوُصُول للإشتراكِيَّة وتحقِيق الـمهامّ الدِّيـمُقراطِيَّة التي لم تُحقِّقها الرّأسمالِيّة ولكن بآلِيّاتٍ وأشكالٍ ثورِيَّة ومِـن نفس الـمنظُور لا يُمكِن فَـهْـم العُواء الـمُتَنَامِي كُلّما إحتَدَّ الصِّراع الطبقِيّ وبرزَت الطّبقة العامِلَة والشُّعُوب كأرقامٍ صعبةٍ عَصِيَّةٍ لا يُمكِن تجاوُزُها حول تأسِيس يسارٍ جدِيد أو حزب جديد شُيُوعِيّ !!! أقُول هُنا وفي الوُضُوح ، إنّ الحدِيث بفضفاضِيَّة ولغو ومُـهاترات بعِيدًا عن التّخصِيص وتَجْـمِـيع كُلّ الأقطار العربِيَّة بأحزابها في سلّة واحدة مرضٌ قاتِل وهُو أوّل إنحِراف يرتدُّ وُجُوبًا إلى تحرِيفِيَّة الخطّ والبرنامج والعمل الـمَيْدانِيّ ومن يسعَى لبِناء يسار جديد أو يفضَح حِزبًا يدّعِي الشُّيُوعِيَّة وهُو لا يَـمتِلُك منها شيئًا فعليْه الحدِيث عن حِزبٍ بعيْنِهِ أوّلاً وفاءًا للدّيالكتِيك ولِــمبدأ التّحلِيل الـملـمُـوس للواقع الـملمُوس ، ثانِيًا لا مهرَب الفارِق بين تأسِيس وبِناء الحِزب مسألة غايَة في الأهَتميّة العدِيد من أشباه الرِّفاق وقِلّة من الرِّفاق لَـم يُدرِكُوهَا بعد وفي مُطلق الأحوال حتّى عملِيَّة التّأسِيس في زاويتها التّنظِـيـمِيَّة لا تُبْنَى إلاّ على قاعِدَة الـمفهُوم اللّينينيّ للحِزب ووِفق مُقرّرات الأُمَمِيَّة الثّالِثَة التي لَـم يقرأها البعض أو الغالبِيَّة ويستحِيل بالـملمُوس وإثر قراءة تجارب أحزابٍ إندثَرَت ولَـم تبقَى إلاّ أسـمَـاؤُها التوصُّل لأداة ديكتاتُورِيّة البروليتارِيا وإنجاز الثّورة وتعْـمِيقهَا وبُلُوغ مُنْتَهَاهَا بأحزابٍ مائِعَة لم يعرِف مُناضِلُوهَا المركزِيَّة الدِّيـمُقراطِيَّة بل ولم يعرِفُوا حتّى مفهُوم الحِزب يجهلُون معنَى الإلتِحام ولا يفقهُون آلِيّات العَمَل الـمَيْدانِيّ ويعجزُون عن توجِيه مسيرات ومُظاهرات والتّحرِيض العُمَّالِيّ ولا غريب في ذلِك ما دامُوا يُردِّدُون بَـغْـبَـغائِـيًّا مقُولات البُورجوازِيَّة الصُّغرَى.