بقايا الستالينية ..!


فواز فرحان
2012 / 6 / 23 - 06:25     


ينسى أغلب معتنقي الفكر الماركسي كلمة الديالكتيك أثناء تطرّقهم لدراسة حقبة معينة من التاريخ أو حتى إلقاء الضوء على جوانب الفشل الذي لحق المشروع اللينيني ، عندما تذكر هذه الكلمة يقفز الى الذهن مباشرة مجموعة متكاملة من المفردات ( ثانوي ، رئيسي ، ايجابي ، سلبي ، ظهور ، زوال ، حركة وسكون وغيرها ..) .
ولولا إستخدام هذا الديالكتيك اما تم إكتشاف أن الاشتراكية هي نتيجة لملاحظة التناقضات الطبقية السائدة في المجتمع بين الفقراء والاغنياء ، وكذلك هي نتيجة للفوضى التي سادت في الانتاج في المجتمع المعاصر من ناحية اخرى ، ان الماركسية في كل زمان منذ بدايتها تكون دائماً بحاجة الة ثوريين يُهيّئون الأذهان لنجاحها ويجب أن لا يخضعوا لسلطان خارجي سوى للماركسية ، وظيفة هؤلاء الثوريون هي نقل هذه النظرية الى أرض الواقع بإستخدام العلوم وليس بالشعارات وحدها والعاطفة الثورية ، فلا الشعارات نجحت في بناء دولة اشتراكية ولا العاطفة الثورية تمكنت من تحقيق الحلم للفقراء ، كل ما في الأمر أنها تمكنت من تدجينهم وتنويمهم لحقبة تاريخية معينة والنتائج تؤكد صحة ذلك على ارض الواقع .
عندما نقول تطبيق ننتقل مباشرة الى أسئلة تتعلق بالعلوم مثلاً ( كيف ؟ كم يستغرق ذلك من وقت ؟ ) دخلنا مباشرة في الرياضيات والفيزياء بل وحتى في علوم اخرى ومن بينها علم الاقتصاد ، مشكلة كل شيوعي هي قناعته بأنه ما أن يقرأ رأس المال حتى أصبح يعتقد بأنه من جهابذة الاقتصاد !! وهو خطر يشبه الاعتقاد بان مجرد الحلم بالقمر يعني ان المرء أطل بقدمهِ على أرضهِ في الواقع !! ان علم الاقتصاد كباقي العلوم هو علم عميق لا يمكن سبر أغوارهِ بنقل أو الاستنجاد ببعض العبارات من كتاب رأس المال لكارل ماركس ، في المانيا وبعض الدول الاوربية أخذت قوانين حماية الملكية الفكرية حيزا أوسع مثلاً على من يكتب مقالات في الصحف ينبغي عليه الاشارة الى المصادر التي أخذ منها معلومات يدعي صاحبها انها حقيقة وانها تدعم وجهة نظرة ِ ، ربما لم تصل هذه القوانين بعد الى العالم العربي لكنها حتماً ستصل وسنرى حرق الالاف من السرقات الادبية التي لم يستند أصحابها الى مصادر والتي يسميها أصحابها بالكتب !
ربما تكون هذه المقدمة طويلة ونحن في عصر السرعة وسأدخل مباشرة في الموضوع عن التعليقات الكثيرة التي وردت في مقالة لفؤاد النمري عن ستالين ، عدد لا يتجاوز اصابع اليد الواحدة أيّدوا كلامه وأنا أحترم آرائهم ، وعدد آخر هاجموا أفكارهِ إنطلاقاً من قناعات مختلفة لكنهم متفقين حول نقطة محورية معيّنة ، سأتلافى طبعاً الشتائم والغمز واللمز من الطرفين في حرب الأفكار التي شهدتها تلك المقالة على الأقل في هذه المقدمة ، ولا بد لي من الاعتراف انني أحترم السيد النمري أكثر من احترامي لصدام حسين والقذافي والأسد وفوكوياما وحكام قطر والسعودية والقرضاوي ، على الاقل ان هذا الرجل أضاع جزءاً من عمرة في سبيل الفقراء وليس المجد !
وعند معارضتي لأفكاره ومن يتعبه أنطلق في ذلك من قناعة فكرية عميقة توطدت من خلال الاطلاع والمتابعة والبحث وليست من خلال التوقف عند نقطة معينة والغوص في نوم عميق طالما ان الاشتراكية ومن بعدها الشيوعية حتمية تاريخية !
يقول فريدريك أنجلز ..
( فبالنسبة للميتافيزيقي توجد الأشياء وإنعكاساتها الذهنية ، أي المفاهيم منفصلة ثابتة متجمدة لا تتغيّر ، تخضع للبحث الواحد تلو الآخر دون ان ترتبط ببعضها البعض ، وهو يفكر بتناقضات مطلقة مستمرة لا وسط بينهما وإن جوابه (( نعم ـ نعم ، لا ـ لا )) ما عدا هذا فهو أثم ! وبالنسبة لهُ فإن الشئ إما موجود أو غير موجود ، وكذلك لا يمكن أن يكون الشئ هو ذاته وغيره في نفس الوقت ، الايجابي والسلبي ينفيان بعضهما البعض ،بشكل مطلق ، والسبب والنتيجة هما في علاقتهما ببعضهما في تناقض جامد أيضاً .
قد يبدو لنا هذا الاسلوب من التفكير من النظرة الاولى مقبولاً تماماً لأنه يلازم ما يسمى بالتفكير الانساني السليم ، ولكن التفكير الانساني السليم ، وهو رفيق محترم جداً ، بين الجدران الاربعة من حياته المنزلية يمر بأعجب المغامرات ، إذا أقدم على الخروج الى عالم البحث الرحيب ، وان الاسلوب الميتافيزيقي للفهم وإن كان له ما يبررهُ بل وما يحتمهُ في عدد من المجالات التي تختلف سعتها بإختلاف موضوع البحث ، يصل عاجلاً أو آجلاً الى ذلك الحد الذي يصبح عنده وحيد الجانب محدوداً مجرّداً ويتوه في تناقضات لا تحل ، لأنهُ في تأملهِ للأشياء المنفصلة لا يرى ورائها صلاتها المتبادلة ، ولا يرى وراء وجودها ظهورها وإختفائها . ) .. إنتهى الاقتباس ( انجلز ـ ضد دوهرينغ الصفحة 27)
لو أخذ أي قارئ يمتلك وعياً جيداً هذه القطعة وطبقها على مقالات النمري وعلى بقايا الستالينية لوجد ان أفضل من يعبّر عن هذا الميتافيزيقي هو النمري الذي حوّل الستالينية الى رئيسي في الماركسية وحول الاخيرة الى ثانوية اي لولا وجود الستالينية لانعدم وجود الماركسية ( ياللعار )
وحول لينين العظيم الى ثانوي وستالين الى اساسي واصبح للشيوعية ثوابت محددة في الوقت الذي تقوم فيه على الحركة والتطور الى امام وأن هذه الثوابت متغيّيرة بتبعية التطور الاقتصادي والاجتماعي على ارض الواقع !
ينظر الكثيرون من الذين يدعون الشيوعية من امثال السيد النمري على ان المشروع اللينيني فشل نتيجة الصراع الطبقي ، والحقيقة ان المشروع لم يُكتب لهُ النجاح منذ تلك اللحظة التي وجهت قبلان رصاصتها الى لينين وتم ادخال الماركسية في قوالب سياسية تحكمت في حركتها للأسف الصهيونية العالمية أو الاوليغاركية المالية العالمية التي كانت تشهد صراعاً على النفوذ بين أقطابها ، حقبة الحرب العالمية الثانية بأسرها كانت عبارة عن مكائد سياسية ، تم خلق شخصيتين مشوّهتين خلقياً ونفسياً ( هتلر وستالين ) وتحكمت جنرالات الصهيونية بالحرب والاعلام وفازوا بالنتائج !
الأدلة لمن يمتلك وعياً بسيطاً كثيرة فلم يسمح الاتحاد السوفيتي لا في عهد ستالين ولا في باقي الحقبة من وصول اي حزب شيوعي في العالم العربي الى السلطة وتم تسليم معظم هذه الاحزاب كقرباناً لأحزاب قومية واخرى اسلامية ( البعث في العراق وسوريا والحركات الاسلامية والناصرية في الجزائر ومصر والسودان ) وكل من درس الشيوعية في الحقبة الستالينية وبعدها تم اعدامهم ( فهد والشفيع والمحجوب وبوليتزر وباتريس لومومبا و) والقائمة تطول !
أنا لا أدعي إمتلاك الحقيقة لكني في نفس الوقت أود أن لا تنجرف عقول شابة وتمتلك مواهب وراء تخدير كالذي يسطره النمري للعقول ، لقد قلت لصديق قبل أيام انني لا استطيع علاج النمري ورفاقه الستالينيين لأنهم يتجرّعون مخدّراً تفوق قوته مفعول الهيرويين والكوكايين طوال عقدين او ثلاثة او ربما أكثر وترغب بعلاجهم بحبة أسبرين أو باراستامول وغيرها ! لكني واثق من تقليل تأثير هذه المخدرات على عقولهم ، بالنسبة لي لا فرق بين تركيبة دماغ السيد النمري وتركيبة الدماغ عند أي سلفي جهادي وهابي متطرّف ، من بين الاثنين وعشرون مليون خلية في الدماغ تلعب خلايا التحليل والتفكير دوراً بارزاً في تنظيم وترتيب المعلومات ورفدها بالجديد لكن هذه الخلايا عند المتطرفين نائمة تعيش على مخدر اسمه الهوس الستاليني الذي الغى الماركسية اللينينية من عقله وحوّل كل شئ الى جانب احادي ينطبق عليه كلام انجلز في العبارة التي ذكرتها اعلاه !
الفرق بين الستاليني والماركسي كالفرق بين الارض والسماء ، بعد نشر الفضائح عن حقبة الحرب العالمية الثانية والتي قادها غورباتشوف ( لا أعلم حتى هذه اللحظة إن كان صنيعة صهيونية أم صنيعة الشتازي الذي أراد للوحدة الالمانية ان تقوم ) سارعت اغلب الاحزاب الشيوعية في العالم الى تغيير نهجها ، الصين حوّلت الولايات المتحدة الى حليف وصديق لها ، الحزب الشيوعي الفيتنامي تخلى عن كل ما يمت للستالينية بصلة وحرق اغلب ارشيفه لشعورة بالعار ووقع على اتفاقية صداقة وتعاون تجعل من الولايات المتحدة البلد الحليف الاول له ، وأغلب الشخصيات الشيوعية التي إطلعت على فضائح النتانة الستالينية غيّرت من نهجها ، بكل بساطة كانت الولايات المتحدة تتحكم بكل صغيرة وكبيرة داخل الكرملين طوال سبعة عقود عبر مستشارين وشخصيات تقود جهاز الكي جي بي ..
مثلاً
برنامج الخطط الخمسية كان يشرف عليه ثمانية عشر اقتصادياً ، كانوا يشتروا الابحاث الزراعية والاقتصادية من طلبة الجامعات الامريكية وطلاب الدكتوراه في هذه الدولة ، ويتم رفد الخطط الخمسية بتلك الابحاث ، كانت نتائج الخطط الخمسية عرضة للتزوير والتلاعب من خلال مضاعفتها وتقوم الاقلية المرتبطة بالدوائر الصهيونية برفد السوفيت من فائض القمح والشعير الامريكي كي يحدث انسجام بين الارقام والواقع ، كل هذا ليس لسواد عيون شعوب الاتحاد السوفيتي بل من أجل أهداف أوسع بكثير منها تنشيط الرأسمالية في الغرب وتوسيع فرض الهيمنة على بنوك الغرب واوربا بالتحديد وجعل القارة باسرها تابع بسيط ! وهناك أسباب لا تحصى ينبغي على المرء البحث عنها لأن مقالة أو مجلد لا تسع لتلك الأسباب !
إن الجاهل الحقيقي هو من يعمي الابصار عن هذه الحقائق ، ليست مشكلتي كما قلت ان مئات المجلدات من التي صدرت سواء كوثائق للدولة السوفيتية او من تسريبات للدوائر الصهيونية لم تترجم الى العربية او ان من يدافع عن ستالين لا يرغب في الاطلاع عليها !
بإستطاعتي تسطير عشرة مجلدات في مديح ستالين فهي بالنسبة أسهل بكثير من البحث العلمي الدقيق ، لكن ! ان تمكنت من فعل ذلك وظلمت الحقيقة ونفسي أتسائل .. ما الذي يمنعني من كيل المديح لصدام او اي حاكم آخر ؟ هذا النوع من المديح والدفاع عن مجرم أول من كشف جرائمهُ هي وثائق الدولة السوفيتية لا يشرفني ولا يشرف كل من يعتبر نفسه ماركسياً ! ولو قدّر لي وأن عاصرت ستالين او وقع بصحبتي لوضعتهُ في مستشفى للأمراض النفسية ( مكانه الصحيح ) وليس في مكان آخر !
وربما يمكن للمرء فهم اسباب اندفاع الاحزاب الشيوعية نحو الولايات المتحدة كما حدث في العراق فإذا كان ستالين من صنعهم فما الذي تبقى من أرث يتفاخروا به ؟ يقول احد المؤرخين الروس انهم تركوا جثمان لينين لأن أحداً من هؤلاء الذين صنعوا ستالين لم يتمكنوا من ترويض لينين بل كان يمتلك ذكاءاً حاداً كان يشفق على ستالين ولم يقل انه صديقه ذات يوم بل كان دقيقاً في صياغة عباراته !
تجري اليوم في الصحف الروسية والاوكرانية حرب من نوع آخر هي حرب الوثائق أحدهم يقول ان ستالين يجيد كتابة الشعر والآخر يستجد بوثيقة تعود للكنيسة التي كان ستالين يدرس في الكهنوت ( تقول الوثيقة ان وجوده يشكل خطراً على اخلاق الاطفال ولا يرغب حتى بالذهاب بعيداً في التعلم ) هذا الفيلم الوثائقي يقول فيه مجموعة من السوفيت آرائهم في ستالين ومن كان يعلمه قراءة الخطابات وكيف يتصرّف وكيف قام بتزوير شهادة ميلادهِ ( ولد لقيطاً لجوكاشفيلي من سيدة كان تصرف على هذا الوغد السكير الذي يدعى والد ستالين ) وقام بتزوير ميلاده لانه كان يعاني من رفاقه في التلمذة الكهنوتية بوصفه كلقيط ! وكره امه لانها انجبته قبل ان تعقد قرانها على جوكاشفيلي سواء في الكنيسة ام في الكنيس لا فرق المهم انه كان ولداً غير شرعياً ! وهذا الفيلم طبعاً يقود الى افلام وثائقية كثيرة ...
http://www.youtube.com/watch?v=xtMZPEJODFc&feature=related

يلومني البعض لانني اتهمه بالجهل وان لا مكان للجاهل في الحزب الشيوعي وغيرها من الادعاءات ، في جانب معين لا يمكن لشخص مثل ستالين لم يستطع طوال حياته قراءة خطاب واحد على القلب أن يقوم بتحويل الماركسية العلمية الى أرض الواقع لسبب بسيط وهو انه لا يمكن ان تشرح النظرية النسبية لشخص لم ينهي حتى دراسته الابتدائية فكيف بشخص لم يقرأ في حياته ، قامت لجنة من العلماء والادباء السوفييت من المتخصصين إجتماعياً ونفسياً عام 1976 بدراسة مؤلفات ستالين واكتشفت بالصدفة ان كل كتاب يختلف عن الاخر في التأليف مما يوحي بوجود اكثر من مؤلف ، هذا ما كشفته وثائق الدولة السوفيتية وعددت ثلاثة من ألمع الشيوعيون ممن قاموا بكتابة هذه الكراسات لستالين وتم تكريمهم بلقب بطل الاتحاد السوفيتي عبر رصاصات اخترقت صدورهم فور تسليمهم الكراسات لستالين ..
لا بد من إعادة قراءة لينين وكذلك ماركس وانجلز ، ربما سنخرج بنتائج افضل من تلك التي تم التبشير بها ، يتصور البعض ان الديمقراطية التي طالب بها لينين شبيهة بالديمقراطية الغربية لكن هذا هو الجهل المطبق عند من يدعي الستالينية لقد اراد لينين فعلاً ديمقراطية مركزية داخل اطار الحزب ، لقد اراد قيادة جماعية وليست فردية ، أراد ان يكون للانسان في الاتحاد السوفيتي حقوق وحرية وكرامة لا تقل عن تلك التي يمتلكها الغربي لكن من أراد طمر مشروعه حول الحزب الى دكتاتور وتم اختصار الحزب بشخص كستالين !
مئات الملايين من الدولارات تم اهدارها في صناعة التماثيل والصور واحتفالات الميلاد والمهرجانات الخطابية التي تمجده ! في كل انحاء الجمهوريات السوفيتية مكثت تماثيل لينين لكن تماثيل ستالين تم تحطيمها وهذا لم يحدث عبثاً بل كان نتيجة لما تنشره الصحافة في عموم جمهوريات الاتحاد السوفيتي السابق ، حتى بوتين قبل اسابيع من حملته الانتخابية خرج للناس عبر شاشات التلفزيون ليقول انه غيّر قناعاته بهذا الرجل الجورجي الضيّق الافق وان أحداً ما يمتلك عقلاً لا يمكنه ان يتخذ من ستالين قدوةً لهُ !
لذلك ان أفضل رد إعتبار نقدمه للماركسية هو فصل هذا الجانب النتن من التاريخ عن التراث الماركسي الاصيل ، واجبنا ان نعزل هذه النتانة ونطردها من عقولنا كي نتقدم الى الامام ونهيئ الاذهان الى تقبل الماركسية بشكل نقي خالي من الشوائب التي خلفتها حقبة المكائد السياسية في عقولنا ..
ان الايمان بأن الماركسية حتمية تاريخية للمجتمعات ايمان شرعي يحتمه المبدأ لكنه بحاجة الى محفزات تقوم بدورها في تنوير الطبقة العاملة وقبل كل شئ البدء بحملة لتنظيم تنظيف العقول من الشوائب التي جعلت من الاحزاب الشيوعية التي تناضل من أجل الثورة الاشتراكية احزاباً مكروهة لانها ارتبطت بالارث الستاليني المتعفّن .
في عام 1437 اخترع طالب الماني المطبعة الحديثة وقام بإهداء اول قطعة منها الى الفاتيكان وفي فرنسا كانت هناك نقاشات حامية تدور رحاها في مطلع القرن الثامن عشر في الفلسفة والاقتصاد وفي بريطانيا بدأت القطارات تمشي في السكك الحديدية ويقول النمري ان الاتحاد السوفيتي في عهد ستالين كان متقدماً بينما كانت تعيش هذه الدول المذكورة في الظلام هل يوجد تظليل للحقائق أوضح من هذا الذي يقدمه لنا النمري ؟
نقول لك ان كل خطوة كان الاتحاد يخطيها كانت تتم بمساعدة من علماء اميركان وانكليز ويقول ان الموسوعة البريطانية تعترف بتفوق ستالين ! لم يذكرلنا عن أيةِ موسوعة يتحدث ؟ هل هي موسوعة النكات ام الضحك على الذقون ام تلك الموسوعات المتخصصة بالشواذ ؟
ينبغي على النمري توضيح ذلك ودعم كل حجة يتفوّه بها بمصادر لان الاجيال الحالية لا يمكن لا للصهيونية التي يدافع عنها النمري ( وهو مظلل بها ) كما يبدو ولا للأوليغاركية المالية العالمية القدرة على الضحك عليهم ودفعهم الى الجنون كما حدث مع عشرات الملايين من الشباب الالمان والسوفيت وحتى ضحايا الاحزاب الشيوعية عندما تحوّلوا الى وقود للحروب تحت راية شاذين هما ستالين وهتلر !
عندما يقال ان الكتاب يؤلف في مصر ويطبع في بيروت ويُقرأ في العراق لان هناك في العراق لا يقرأ المرء بين السطور فحسب بل يخترق الحالة النفسية للكاتب وطبعيته الشخصية ، لهذا سطروا لنا هذا المثل !
ويصر هو ومن معه من مناصري الستالينية على تخوين واهانة من يعارض أفكارهم لكن إذا كان المرء يثق بماركسيته فانه مستعد لتقبل النقاش حتى مع اشد المعادين فكريا له لكن هذا الشئ لا يبدو بالنسبة للسيد النمري صحيحاً الذي لم يقراء في حياته سوى بعض الكراسات لستالين ( حاول ذات مرة الحديث عن رأس المال لكنه فشل لانه كان يقول جملة ويدعي ان ماركس ذكرها في مقدمة رأس المال ليواجه من جيش عراقي عرمرمي يفضح جهله ويؤكد ان تلك الجمل ذكرت في فصول محتلفة وهناك عشرات الادلة وآخرها فضيحة عدم تمييزه بين العمل وقوة العمل ويتهم من يعارضه فكريا بالجهل !
من المؤسف انني لم اتمكن طوال اكثر من اسبوع بعد الهجوم الرخيص على الحوار المتمدّن من دول متنفذة ان اكمل مشاركتي في التعليقات ويبدو ان السيد الموسوي استغل هذه الفرصة ليطير لنا فراشاته الخمسة وكذلك أخذ من تلخيصاتي لجورج بوليتزر نقطة معينة حتى يعتبرها تناقض ( لم تطبق الاشتراكية كما طبقت في عهدي لينين وستالين ) هذهِ العبارة قالها بوليتزر وليس أنا وكان عليّ عند تلخيص موضوع ماركسي ما أن ألتزم الأمانة الأدبية وهذا ما فعلته ! وهي نقطة ايجابية وليست سلبية تمكن احداً ما من إدانتي بها ! ، يبقى لي سؤال طالما يحيّرني لماذا يكتب من يعتقد ان مرحلة ستالين كانت دموية ومظلمة من التاريخ السوفيتي بإسمه الصريح بينما يكتب من يؤيد النمري وستالين بأسماء مستعارة كالموسوي والجهمي وزارا ؟
طالما سألني الكثير من الأصدقاء عن أسباب مقارنتي بين ستالين وصدام وكنت دائماً أقول انهما صناعة من نفس المنشأ ( صدام ولد لقيطاً لشخص اسمه حسين التكريتي قبل ان يعقد قرانه على صبحة كان يمتهن اللصوصية والسرقة مع مجموعة لقطاعي الطرق ، كان يحتقر امه صبحة ولم يحضر حتى جنازتها ، وغالباً ما كان يسمِعُها إهانات لا تنطلق إلاّ من أفواه الوقحين عديمي التربية ، زوّر شهادة ميلاده ، زوّر شهاداته الدراسية لم يتمكن صدام من الانتهاء من الصف الثاني المتوسّط ، كان جباناً يتخوّف حتى من أبناءه ، عاش جاهلاً غير قادر على تكوين جملة صحيحة في اللغة العربية ، كان غدّاراً يفتك بأقرب مساعديه ، كتب لهُ أكثر من كاتب ونحن نعرفهم في العراق مؤلفات وخطابات لهُ ، جميع المنجزات كانت وهمية من صناعة العابد والفضاء الى أكاذيب اخرى تبخرت مع دخول أول جندي امريكي أرض العراق )
ونفس هذه النقاط يشترك بها صدام مع جوزيف جوكاشفيلي ستالين ، وأخيراً أود أن أذكر علاجاً ناجحاً أجرتهُ سيدة عراقية على زوجها الذي درس سبعة أعوام في الاتحاد السوفيتي في ستينيّات القرن العشرين وعاد ومعه تسجيلا لأغاني سوفيتية من الحقبة الستالينية أهداها إياه فلاح جورجي تتغني بالمعلم العظيم بالحب الكبير بعظمة قائد النصر والسلام بباني الاتحاد السوفيتي ، كان زوجها لا يفارق هذه التسجيلات والسجائر والمشروب الكحولي المحلي وكثيراً ما نصحها أشقائها بتركه والابتعاد عنه لكنها كانت شيوعية من طراز خاص وإعتبرت زوجها مريض نفسياً وأن علاجه من هذا المرض يشكل بالنسبة لها تحدياً وكانت تبحث جادة عن علاج لمرضه لا سيما وأنها أصبحت المعيلة له ولأطفالهِ ، حتى أتتها الفكرة بعد عام 2003 وسقوط صدام أثناء زيارتها لبيت أحد أشقائها عندما وجدت الستلايد والقنوات الفضائية فقررت الاستدانة من شقيقها وشراء الجهاز كي تعالج زوجها المريض بالهوس الستاليني ، لم تمضي ثلاثة أشهر حتى أصبح الرجل لا يفارق جهاز التلفاز يتابع عروض الازياء قناة روتانا وسباق الأغاني وحفلات نانسي عجرم وهيفاء وهبي وغيرهن !
وذات يوم إستغلت فرصة إندماجه بحفلة لنجوى كرم وقالت له بصوت مسموع ما الذي أفعله بهذه القذارات التي ملئت المنزل بها ( تقصد كاسيتات الاغاني وصور ستالين والاعلام والكراسات وغيرها ) ؟
قال لها إحرقيها !!
في هذه الاثناء دخل عليها شقيقها وهي تهم بوضع تلك الكاسيتات والمطبوعات في تنور الخبز الطيني فهرع نحوها وقال لها توقفي !! ألا تخافي من أن يضربك كالعادة ؟
فقالت .. لا تخف لقد نجح علاجي لمرضهِ ( شلنا العزيز ( أشارت لصور ستالين ) وجبنا الأعزّ منه ( تقصد القنوات الفنية والمطربات ) ) !!!
أتمنى أن تنجح هذه الطريقة في علاج الهوس الستاليني الذي يصيب البعض !!