من الثورة إلى الانتخابات.. كيف ننتصر؟

أحمد عزت
2012 / 6 / 22 - 08:37     


الرئيس والثورة

نجح مرشح الإخوان المسلمين محمد مرسي في انتخابات الرئاسة، هذا المرشح الذي دافع البعض عن أنه لا خيار أمام الثوار سوى دعمه في مواجهة مرشح الفلول (شفيق) بهدف إنقاذ الثورة، فيما رأى البعض الآخر ضرورة مقاطعة الانتخابات تعبيراً عن رفض العملية الانتخابية برمتها أو الذهاب إلى صناديق الانتخاب وإبطال الأصوات تعبيراً عن عدم تمثيل أياً من المرشحين للثورة وأهدافها.

إن ذكر مرسي وجماعته التي ينتمي إليها، يستدعي المفاوضات التي تمت بينهم وبين العسكر، و التي بدأت قبل تنحي مبارك ولازالت مستمرة حتى يومنا هذا، وترتب عليها تفكيك الزخم الثوري تدريجياً، وتحويل الصراع من صراع بين الثوار والفلول بشكل أساسي إلى صراع بين علمانيين وإسلاميين، ذلك الصراع الذي شاركتهم فيه القوى الليبرالية، إلى أن تاهت أهداف الثورة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وتم حصرها في الانتخابات النيابية وانتخابات الرئاسة وتشكيل الجمعية التأسيسية للدستور، ولا عزاء للملايين التي شاركت في الثورة من أجل الفوز بالعدالة الاجتماعية والحرية.

ليس ذلك فقط، بل أن الإخوان المسلمين شاركوا في الصمت على المذابح التي نفذها المجلس العسكري ضد الثوار وبرروها أحياناً، فضلاً عن مواقفهم من الحريات السياسية التي بانت بشائرها بتقديم مشروعات قوانين للبرلمان المنحل ضد التظاهر وضد الحريات النقابية، ومشاركتهم في الهجوم على الإضرابات العمالية، وبالطبع مواقفهم المنحازة دائماً لسياسات السوق الحر والاقتصاد الرأسمالي والتي أعلنها صراحة رجل الإخوان القوي "خيرت الشاطر منذ أيام قليلة" في محاولة منه لطمأنة رجال الأعمال والمجلس العسكري والولايات المتحدة، هذه السياسات التي تعني مزيدا من الإفقار والتدني في مستوى معيشة ملايين المصريين من الفقراء والكادحين.

التوقعات حول نجاح مرسي في انتخابات الرئاسة اختلفت قبل صدور الحكم بحل البرلمان عن بعده، خاصة مع اكتفاء الإخوان بإعلان احترامهم لأحكام القضاء. فقبل صدور هذه الأحكام كان الإخوان يسيطرون على مؤسسة البرلمان المنتخبة انتخاباً مباشراً من الشعب، ورغم ذلك لم يصدر عنهم أي رد فعل احتجاجي بعد صدور الحكم بحلها.

الأهم من ذلك أن حل البرلمان لم يؤد إلى رد فعل جماهيري واسع، وهذا لا يعني انحياز الجماهير للمجلس العسكري أو لشفيق، بقدر ما يعني أن ثقة الشارع في الإخوان تزعزعت إلى حد كبير، خاصة بعد الأداء البرلماني الهزيل والمتواطئ لهم طوال الشهور الماضية، وتفضيلهم لطريق المفاوضات مع المجلس العسكري والاقتسام الهادئ للمكاسب السياسية وجنوحهم للسيطرة على الجمعية التأسيسية للدستور والتفاتهم عن تحقيق ولو الحد الأدنى من مطالب الثورة.

إن جلوس مرسي على كرسي الرئاسة، دون وجود برلمان قوي، وفي ظل احتفاظ المجلس العسكري بالسلطة التشريعية، وبتشكيل الجمعية التأسيسية للدستور، وطبعاً بأدوات القمع الأساسية وبرأس المال الضخم، لن يشكل خطراً على المصالح السياسية والطبقية لهذا المجلس أو للطبقة التي يمثلها، بل سيعمل المجلس العسكري على استغلال ذلك لتهدئة الشارع واستيعاب أية محاولات لتحركات احتجاجية واسعة، بذات المنطق الذي تعامل به بعد انتخابات مجلس الشعب بمحاولة سحب الشرعية من الميادين، والترويج لأن الشرعية الوحيدة هي شرعية الانتخابات.

التغير الذي حدث هذه المرة هو أن الإخوان المسلمين أصبحوا شريكاً في السُلطة، التي سيبذلون كل ما في وسعهم للاحتفاظ بها، وهو ما سوف يدفعهم أكثر للاستمرار في حل تناقضاتهم مع المجلس العسكري بالتفاوض والقسمة الهادئة، دون تبني أية توجهات نضالية من أجل تحقيق أهداف الثورة.

هذا التحليل السابق يفترض ألا تعلق القوى الثورية أية أوهام حول الإخوان المسلمين، بل يجب عليها أن تعترف بأن هناك وضعاً جديداً أنتجته تناقضات الثمانية عشر شهراً الماضية، وهو ما يتطلب من القوى الثورية أن تطور تكتيكاتها النضالية استعداداً للمرحلة المقبلة.

هل يسلم العسكر السُلطة؟

قطعاً لن يسلم المجلس العسكري السُلطة للرئيس الجديد، والقول بغير ذلك هو محض سذاجة سياسية، وذلك انطلاقاً من عدة أمور منها منح ضباط الشرطة العسكرية والمخابرات صفة الضبط القضائي للمدنيين، وحل مجلس الشعب، والأهم من ذلك الإعلان الدستوري الذي أصدره المجلس العسكري قبل إعلان النتيجة النهائية للانتخابات وهو التوقيت الذي إن دل على شئ فإنما يدل على الهدف التآمري وراء إصداره، وهو تجريد الرئيس من صلاحياته الأصلية التي كان يتمتع بها في ظل دستور 1971، وإعطاء المجلس العسكري صلاحيات مطلقة تمكنه من الاستمرار في إحكام سيطرته على مقاليد السُلطة السياسية، حيث يتضمن الإعلان الدستوري المكمل انفراد المجلس العسكري بتقرير كل ما يتعلق بشئون القوات المسُلحة وتعيين قياداتها ومد خدمتهم، وهو ما يفضح أكثر توجهات العسكر نحو جعل المؤسسة العسكرية دولة داخل الدولة لا تخضع لأي نوع من أنواع الرقابة أو المحاسبة ومن ثم استمرار الاحتكارات الاقتصادية والمالية لجنرالات الجيش وكذا استمرار الفساد الذي فاحت رائحته مع قيام الثورة. أيضاً يعطي هذا الإعلان الحق لرئيس الجمهورية في طلب مساعدة الجيش في تنفيذ مهام حفظ الأمن، ويعطي غطاء دستوري لمنح رجال الشرطة العسكرية والمخابرات الحربية صفة الضبط القضائي بالنص صراحة على أن القانون يبين حالات استخدام القوة والقبض والاحتجاز ، وحالات انتفاء مسئولية المجلس العسكري عما يترتب على ممارسة هذه المهام من آثار. هذه الصلاحيات التي منحها المجلس العسكري لنفسه باستخدام العنف هي رسالة واضحة أنه فوق المحاسبة وإن زهق الأرواح وأسال الدماء.

كذلك استولى المجلس العسكري على اختصاصات البرلمان بنقل السُلطة التشريعية لنفسه، وهو ما يعني انتظار حزمة من القوانين المقيدة للحريات خلال المرحلة المقبلة.

أما عن الجمعية التأسيسية للدستور فالإعلان المكمل جعل مصيرها هو نفس مصير السُلطة التشريعية حيث أسقطها أيضاً تحت سيطرة المجلس العسكري بأن منحه حق تشكيلها في حالة قيام مانع يعوق استمرارها. ليس ذلك فقط، بل أيضاً منح الإعلان المكمل كلاً من رئيس الجمهورية أو رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة أو رئيس مجلس الوزراء أو المجلس الأعلى للهيئات القضائية أو خمس عدد أعضاء الجمعية التأسيسية حق الاعتراض على بنود الدستور وطلب إعادة النظر فيها من الجمعية التأسيسية وفي حالة التمسك برأيها فلأي منهم عرض اعتراضه على المحكمة الدستورية العليا لتقول القول الفصل ولا يطرح الدستور للاستفتاء الشعبي إلا بعد الوصول لصياغة نهائية بعد المرور بكل هذه المراحل.

هذا الإعلان المكمل هو استمرار وقح في عسكرة الدولة، ويؤكد أن الأوهام حول تسليم المجلس العسكري للسُلطة بالانتخابات هو محض (هراء) وهي الأوهام التي تعكس تصور القوى الإصلاحية لعملية انتقال السُلطة، والذي يراه الثوريون تصورا ساذجاً ولن يؤدي للتغيير السياسي والاجتماعي الذي تطمح إليه الجماهير. إن المجلس العسكري لن يترك السُلطة إلا بذات الطريقة التي أجبرت مبارك على تركها، وهى النضال الجماهيري ومواجهة آلات القمع التي يملكها النظام، وهو ما يجب أن يدافع عنه الثوريون دائماً، ويفضحون بلا هوادة أوهام الإصلاحية حول انتقال السُلطة عن طريق الانتخابات، هذه الأوهام التي أثبتت ثورة 25 يناير أننا نحن الثوريين محقين فيما كنا نقوله عنها بأنها أحد أدوات النظام للإبقاء على نفسه أطول فترة ممكنة، وأن اشتباكنا مع الانتخابات في ظل النظام القائم هدفه استخدام المنابر الانتخابية في فضح هذا النظام وتحريض الجماهير على الثورة فقط إذا ما توافرت الشروط الموضوعية والذاتية لفعل ذلك، أما إذا لم تتوافر فمقاطعة هذه الانتخابات، التي لا تستوفي حتى أقل شروط الانتخابات البورجوازية، ودعوة الجماهير لذلك تكون واجب ثوري.

الثورة والثورة المضادة

خطط المجلس العسكري للثورة المضادة منذ توليه زمام السُلطة بعد 11 فبراير، مستخدماً في ذلك الوسائل القمعية وغير القمعية، إلا أن المسألة لم تكن سهلة، ففي كل مرة كان العسكر يحاولون الانقضاض على الثورة كانوا يفاجئون بمئات الآلاف ينزلون للشوارع ويواجهون آلة القمع البربرية بمنتهى الشجاعة والاستبسال، وهو ما عرقل تقدم الثورة المضادة كثيراً. لكن اعتماد المجلس العسكري في هذه المسألة لم يكن على القمع فقط، بل أنه اعتمد أكثر على افتعال أزمات الخبز والغاز والبنزين، وبدرجة أكبر على أجهزة الإعلام الحكومية والخاصة على حد سواء، مستخدماً إياها في نشر الشائعات وتشويه الثوار، واختزال الثورة في المعارك الانتخابية فقط.

ساعد تردد القوى الإصلاحية وانتهازيتها -كالإخوان المسلمين- المجلس العسكري في خلق فرص قوية للثورة المضادة، وذلك بمساعدته في الترويج لخطورة الإضرابات العمالية، وتأثير اعتصامات الميادين على سير العملية الديمقراطية وبالطبع صمتهم على المذابح التي نفذها المعسكر ضد الثوار.

حل مجلس الشعب كان فصلاً جديد من فصول الثورة المضادة، هدفه كما هو واضح تحجيم نفوذ الإسلاميين، بعد أن تحالفوا معهم ورموا لهم بعض الفتات، ثم جاء الوقت لينقض العسكر مرة أخرى وينتزعوا منهم ما حققوه من مكاسب سياسية خلال الفترة الماضية. لا يوجد شك في أن النظام سيبذل كل الجهد كي لا يحصل الإسلاميين على نفس عدد المقاعد الذي حصلوا عليه سابقاً، بل وسيتم الدفع بأكبر عدد من المرشحين المحسوبين على شبكة الحزب الوطني المنحل ورجال الأعمال وكبار رجال الدولة.

هذه الوقائع تؤكد أن على الثوار أيضاً تغيير تكتيكاتهم في مواجهة الثورة المضادة، وعدم الاعتماد فقط على المواجهات مع قوات الأمن أو الاعتصام في الميادين وفقط، بل عليهم تطوير خطابهم الثوري، وتثبيت أقدامهم في المواقع الجماهيرية كالأحياء والمحافظات والجامعات والمصانع والمصالح الحكومية والشركات، يجب أن يعمل الثوار بكل دأب على أن يصل الخطاب الثوري إلى كل المواقع التي قد يصل إليها خطاب الثورة المضادة، مع ضرورة تطوير الأدوات الإعلامية، وعمل حملات لفضح الثورة المضادة في كل مكان، ولنا في حملة (كاذبون) مثال جيد على قدرة الحركة الثورية على منافسة الثورة المضادة وإلحاق الهزيمة بها.

مطالب الحركة الجماهيرية

مر ما يقرب من ثمانية عشر شهراً على قيام الثورة، خاضت الجماهير خلالها أعظم ملحمة نضالية هي الأعظم في تاريخها، من التظاهر، للاعتصام، للإضراب حتى المواجهات الدموية التي راح ضحيتها مئات الشهداء وآلاف المصابين، والمعتقلين. ونتيجة للخلل الشديد في توازن القوى، لم تتمكن الحركة الثورية من انتزاع كثير من المطالب التي رفعتها. فعلى مستوى تحقيق العدالة الاجتماعية، رفع الثوار إلى جانب قطاعات واسعة من الطبقة العاملة مطالب مثل تطبيق الحدين الأقصى والأدنى للأجور، وضبط الأسعار، وفرض رقابة صارمة على أموال الصناديق الخاصة، وعودة بعض شركات القطاع العام التي تم خصخصتها. وعلى مستوى المطالب السياسية والديمقراطية خاضت الحركة الثورية معركة شرسة من أجل انتزاع الحق في التظاهر والاعتصام والإضراب وإلغاء المحاكمات العسكرية للمدنيين، وإجراء انتخابات نزيهة وإلغاء حالة الطوارئ وحرية تأسيس الأحزاب والنقابات والجمعيات، إلا أن ما أحرزته الحركة من انتصارات لا يتناسب أبداً مع حجم التضحيات التي قدمها شهداءنا ومصابينا البواسل، بل أن المكاسب التي انتزعتها الحركة كإلغاء قانون الطوارئ تم الالتفاف عليها بمنح رجال المخابرات الحربية والشرطة العسكرية صفة الضبطية القضائية، ذلك القرار الذي تلاه حل مجلس الشعب المنتخب بموجب حكم قضائي.

أما عن المحاكمات فقد حصل عدد كبير من رجال الشرطة المتسببين في قتل الثوار على أحكام بالبراءة فضلاً عن عدم إحالة متهم واحد من رجال الجيش للمحاكمة عن جرائم قتل الثوار وتعذيبهم وإصابتهم في المذابح التي ارتكبت خلال الفترة منذ تنحي مبارك وحتى أحداث العباسية الأخيرة، بالإضافة إلى التعديلات التشريعية التي أقرها المجلس العسكري للتصالح مع رجال الأعمال في قضايا الفساد.

هذه الحقائق ليس لها سوى معنى واحد وهو أن الجماهير لم تنل أياً من حقوقها حتى على مستوى الإصلاحات الطفيفة التي يمكن للنظام تحقيقها لتهدئة الشارع، وبالتالي فإن أسباب تجدد الحركة الاحتجاجية لازالت موجودة، بل أن تداعيات ما بعد انتخابات الرئاسة، حيث سيولي النظام ظهره خلالها لهذه المطالب منشغلاً في إعادة ترتيب أوراق الطبقة الحاكمة، سوف تؤدي إلى صعود جديد للحركة، خاصة أن النظام سيكون حريصا بعد انتهاء الانتخابات على اتخاذ بعض الإجراءات القمعية للسيطرة على الشارع والتي سرعان ما سوف تشعل المعركة من أجل الديمقراطية.

بناء على القراءة السابقة يجب على القوى الثورية أن تستعد لفصل جديد من فصول الثورة توجد به فرص حقيقية للربط بين المعركة من أجل الديمقراطية والمعركة من أجل العدالة الاجتماعية، وهو ما يعني أيضاً وجود فرص حقيقية لتوسيع القاعدة الجماهيرية للثورة، ولذلك يجب أن تضع الحركة على رأس اهتماماتها المطالب الاقتصادية والاجتماعية، والنضالات العمالية، خاصة أن النظام الحاكم يعتمد في تقديم أوراق اعتماده من الآن على الوعود المتكررة بتوسيع قاعدة الاستثمار، وتوفير المناخ الملائم للمستثمرين، وهو ما سوف ينعكس قطعاً بمزيد من سياسات الإفقار والاستغلال.

كيف ننتصر؟؟

تواجه ثورة 25 يناير عدواً شديد التنظيم والقوة، يعتمد في حربه ضد الثوار على طريقتين أساسيتين. الطريقة الأولى هي محاولاته الدءوبة للفوز بالقبول لدى الرأي العام، إما بإيهامه بشتى الطرق بانحيازه لمصالح الجماهير، ورغبته في تحقيق الأمن والاستقرار الاجتماعيين، وإبراز القوى الثورية كشياطين تريد تدمير المجتمع وتفرض توجهاتها على الأغلبية بدعم من جهات خارجية وداخلية تستهدف أمن مصر ووحدتها...الخ ، أو بافتعال أزمات ناعمة كأزمات نُدرة في السلع الأساسية، تنشر الإحباط في المجتمع وتغذي الشعور العام بالحاجة إلى سلطة تتولى مسئولية حل مثل هذه الأزمات.

أما الطريقة الثانية فهي طريقة القمع المباشر باستخدام أجهزة العنف الرسمية المملوكة للدولة كالجيش والشرطة، ومجموعات البلطجية المأجورين التي تربطها بأجهزة الدولة علاقات قوية تم اختبارها مراراً في كل المعارك الانتخابية تقريباً، وتعتمد الدولة في الطريقتين على جهاز إعلامي ضخم يمتلك قدرات فائقة على الوصول للملايين من الناس المنتمين لطبقات اجتماعية مختلفة بهدف تثبيت انحيازات المترددين بين الثوار والنظام في اتجاه النظام وما يمثله، وتشتيت القاعدة الجماهيرية المنحازة للثوار وزعزعة ثقتها بقدرة الحركة الثورية على تحقيق الانتصار.

هذا التحليل السابق مبني على تجربة ثمانية عشر شهراً من المواجهات التي شملت (السلطة، والقوى السياسية الإصلاحية، والقوى الثورية ). فالسلطة التي يمثلها المجلس العسكري، بوصفه وكيلاً عن مصالح رجال الأعمال وكبار رجال الدولة وكل من يتعارض انتصار الثورة مع مصالحه الطبقية والاجتماعية، بذلت وستبذل كل ما في وسعها بهدف إجهاض الثورة ومنعها من المساس بالامتيازات الاقتصادية والسياسية التي يتمتع بها موكليها، وذلك باستخدام وسيلتي القوة والقبول.

أما القوى الإصلاحية، فهي تريد التغيير ليس بهدف إحداث انقلاب في بنية المجتمع يقضي على الاستغلال الاقتصادي والاستبداد السياسي والاجتماعي بشكل نهائي، وإنما بهدف إيجاد موطئ قدم لها داخل عملية تداول السلطة التي يتحكم النظام في مفاتيحها الرئيسية، والفوز بجانب ولو ضئيل من الامتيازات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تتمتع بها الطبقة الحاكمة وحلفائها، وذلك باستخدام أدوات السياسة الإصلاحية التقليدية كالانتخابات وتشكيل الأحزاب والتفاوض المباشر مع أجهزة الحكم - والإخوان المسلمين هم مثال صارخ لهذا النوع من القوى السياسية - وجمهور هذه القوى الإصلاحية غالباً ما يكون من الطبقة المتوسطة التي تعاني من سياسات النظام لكنها ترفض ما تطرحه القوى الثورية من مشروعات للتغيير الجذري، وبالتالي تكون أكثر ميلاً للانتخابات والجلوس على موائد التفاوض وأشد نفوراً من وسائل النضال الأخرى كالمظاهرات والاعتصامات والإضرابات والمواجهات المباشرة مع السُلطة وأجهزتها القمعية .

تأتي القوى الثورية التي تحمل أحلام الخلاص والانعتاق من الشرور والعذابات التي يعانيها الناس من سيطرة نظام مجرم على مصائرهم، نظام يتفنن كل يوم في صناعة الألم والمعاناة لملايين الفقراء والمضطهدين، تأتي هذه القوى الثورية في موقع العداء الكامل للنظام والسُلطة وكل ما يمثلانه، وفي موقع المنافسة والخصومة للقوى الإصلاحية بسبب ترددها وجنوحها دائماً للتسوية الودية دون أية توجهات للقضاء التام على النظام القديم. إلا أن القوى الثورية تعاني من عدة نقاط ضعف جوهرية تجعلها غير قادرة على تحقيق الانتصار الحاسم على النظام والإصلاحيين معاً وتتلخص نقاط الضعف هذه في الآتي:

1- غياب المشروع السياسي الثوري

نظراً لتعدد توجهات القوى الثورية، وعدم تبنيها لأيديولوجية واحدة – وهذا منطقي – نجد أن ما يجمع هذه القوى الثورية هي المواقف العامة، كإسقاط مبارك و ومحاكمات رموز النظام وتطبيق قانون العزل والقصاص من الشرطة وتحقيق العدالة الاجتماعية، وإجراء انتخابات نزيهة وعودة الجيش لثكناته...الخ، إلا أن تفاصيل تحقيق هذه الأهداف العامة ليست مبلورة داخل برنامج عملي يمكن طرحه في الشارع وكسب قطاعات واسعة من الجماهير عليه، بل أن هذه التفاصيل أحياناً كثيرة ما تكون محل خلاف. فعلى سبيل المثال في قضية العدالة الاجتماعية، يرى البعض أن تأميم ثروات رجال الأعمال هو الحل لتحقيق العدالة الاجتماعية، فيما ترفض قوى ثورية أخرى فكرة التأميم انطلاقاً من كونها تمثل اعتداء على الملكية الخاصة التي يجب الفصل بينها وبين أهداف الثورة. أيضاً تعير بعض القوى الثورية أهمية مركزية للطبقة العاملة وتأثير نضالاتها على إمكانيات انتصار الثورة، في حين لا ترى بعض القوى الثورية الأخرى هذه الأهمية في دور الطبقة العاملة، وأنه يمكننا فقط تحقيق النصر بتنظيم الطلاب والشرائح السفلى من الطبقة المتوسطة وغيرها من القضايا الخلافية الأخرى.

لن يمكن للحركة الثورية تقريب المسافات بين قواها المختلفة، وكسب جميع فصائلها على مشروع ثوري واحد، إلا من خلال برنامج ثوري متماسك في أطروحاته وفي البدائل التي يتوجه بها للشارع، وتحويله إلى أداة يومية للنضال يتم طرحها في كل مظاهرة وإضراب واعتصام، وفي كل محاولة للتواصل مع الجماهير.

لا تكمن أهمية البرنامج الثوري فقط في تحريض الجماهير على الثورة، بل أن أهميته الكبرى تنبع من ضرورة وجود بديل سياسي تلتف حوله قطاعات واسعة من الجماهير في لحظات المد الثوري، ولنا في ثورة 25 يناير خير مثال على ذلك، إذ شكل غياب هذا البرنامج مع عوامل أخرى كالتنظيم فراغاً هائلاً بين الجماهير وبين الاستيلاء على السُلطة. هذا الفراغ استطاع المجلس العسكري ملأه بمساعدة الإخوان المسلمين نظراً لعدم وجود منافس ثوري لهما يمتلك بديلا حقيقيا لإحداث التغيير الذي تطمح إليه الجماهير.

هذا البرنامج السياسي الثوري يجب أن يكون جماهيرياً من ناحيتي الشكل والمضمون، بمعنى أنه يجب أن يجعل من قضية العدالة الاجتماعية المدخل لكل القضايا الأخرى، إضافة إلى ذلك يجب أن يحدد هذا البرنامج بشكل واضح الجمهور الذي يستهدفه، فضلاً عن ضرورة طرحه موقفاً واضحاً وحاسماً من السُلطة، بطرحه لنفسه كبديل للسُلطة الحاكمة، وليس فقط معارضاً لها.

أخيراً يجب أن يتضمن هذا البرنامج منافسة واضحة للقوى الإصلاحية فيما يطرحه من قضايا، على سبيل المثال يجب أن يتضمن البرنامج موقفاً متميزاً من قضايا الحريات والديمقراطية عن ذاك الذي تتبناه القوى الليبرالية، أيضاً يجب أن يتم طرح قضية العدالة الاجتماعية بشكل ملموس يتضمن خطوات عملية لتمييزه عن مواقف بعض القوى التي تدعي انحيازها للعدالة الاجتماعية دون أن يتعدى هذا الانحياز السطور المكتوبة فقط وفي حين أنها تعلن في ذات الوقت انحيازها لسياسات السوق الحر!!...وهكذا في جميع القضايا.

2- غياب التنظيم القوي.

تمتلك الأحزاب السياسية في مصر تاريخاً من الانتهازية في الأداء وتملق السُلطة أدى لفقدان ثقة قطاعات واسعة من الجماهير بها، مثلما أدى تاريخ الانشقاقات والتصفية للعديد من التنظيمات الثورية لفقدان الثقة بأهمية التنظيم، واعتبار البعض أنه مرادفاً للسُلطوية والاستبداد.

إلا أن التنظيم الذي يطرحه الاشتراكيون الثوريون يختلف اختلافاً جوهرياً عن النماذج التقليدية للعمل الحزبي، بل ويتجاوز كافة الأزمات التي تمثل أسباباً جوهرية لقطاعات واسعة من رافضي الانضمام لأحزاب أو تنظيمات.

تنبع أهمية التنظيم لدى الاشتراكيين الثوريين من درجة التنظيم والقوة التي يتمتع بها عدونا الطبقي المتمثل في الدولة، وأيضاً من حالة التشتت التي ميزت نضالات الجماهير على مدار العقود السابقة وحتى يومنا هذا. هذان العنصران يرى الاشتراكيون الثوريون أنه لا يمكن التغلب عليهما إلا بوجود تنظيم ثوري قوي يطرح نفسه كأحد عناصر القيادة الثورية للجماهير إلى جانب ما قد تفرزه الحركة من أشكال تنظيمية أخرى في المستقبل. وظيفة هذا التنظيم تكمن في تنظيم الهجوم الجماهيري من اجل انتزاع المكاسب وأيضاً في تنظيم الانسحاب في لحظات التراجع الثوري وسيطرة النظام، وكذلك في طرح بديل ثوري للسُلطة الحالية وطريقة إدارة المجتمع، وفضح كافة القوى الإصلاحية المتواطئة مع النظام والتي تريد تجميله فقط دون إحداث التغيير الجذري الذي يطمح إليه ملايين الفقراء والكادحين.

نجاح هذا التنظيم يكمن في قدرته على خلق نفوذ فكري وسياسي لدى قطاعات واسعة من الجماهير، وإقناعهم بأن المشروع السياسي الذي يطرحه هذا التنظيم يشكل بديلا حقيقيا للخلاص من النظام الحاكم وما يمثله.

أيضاً ينبغي أن يحقق هذا التنظيم نموه وانتشاره على مستويين، أحدهما أفقي يتعلق بالانتشار الجغرافي ووصول صوته ورؤيته لأوسع قطاع ممكن من الجماهير، والآخر رأسي يتعلق بضرورة تماسك أعضاءه ومتعاطفيه على المشروع السياسي الذي يطرحه، فضلاً عن ضرورة التطوير الدائم لأدوات التنظيم الإعلامية وأدوات التواصل الجماهيري الأخرى

الضمانة الأساسية لنجاح التنظيم الثوري في خلق أوسع قاعدة جماهيرية وتقديم مساهمة حقيقية في تحطيم سُلطة الاستبداد والاستغلال تكمن في وحدة الفعل وحرية النقد والاختلاف، بمعنى أن التنظيم الثوري لكي يكسب القطاعات المترددة من الجماهير من سيطرة القوى الإصلاحية وأكاذيب النظام ينبغي أن يكون موحداً في طرح مشروعه السياسي، وأداءه اليومي. إلا أن الوحدة في الفعل لن تتحقق إلا إذا كان هذا التنظيم يتمتع بمستوى مناسب من الديمقراطية الداخلية التي تتيح مناقشة كل الأفكار وطرح كافة الخلافات، ووجود آليات تضمن حقوق الأقلية في الدفاع عن وجهة نظرها باستمرار.

إن بناء التنظيم الثوري القوي مسألة حياة أو موت ليس فقط بالنسبة للاشتراكيين بل بالنسبة للثوار ككل، ليس لأنه منوط بإشعال الثورة لكنه منوط قطعاً بتتويجها بالانتصار.

3- الارتباط العضوي بالجماهير

أحد نقاط ضعف القوى الثورية هي فشلها في الارتباط العضوي بالشارع، والمقصود به ألا يذهب نشطاء وسط البلد لتنظيم مظاهرة في إمبابة، أو أن يكون الثوار من قاطني منطقة بولاق الدكرور شغلهم الشاغل الانضمام لاعتصامات الميادين دون إيجاد شكل للنضال المستمر والمنظم داخل الحي الذي يسكنوه. علينا جميعاً تشكيل مجموعات ثورية يكون نشاطها الرئيسي في الأحياء والمحافظات والنقابات ومواقع العمل والجامعات، وان ترتبط هذه المجموعات بمصالح الناس ومطالبهم وطموحاتهم، والعمل الدءوب على ربط هذا النشاط بالأهداف العامة للثورة، وبصراعها من أجل تحقيق النصر الحاسم. بدون الارتباط العضوي بحركة الجماهير لن يكون للثوريين جذور في الواقع، وستظل حركتهم معتمدة على صعود وهبوط الحركة العفوية دون أدنى قدرة على التأثير فيها، وبالتالي تتعاظم الفرص أمام السُلطة كي تهزم الثورة مثلما تتعاظم فُرص القوى الإصلاحية في خداع الجماهير وبيع الأوهام لهم.

الارتباط العضوي للثوار بالواقع هو الوسيلة المثلى لخلق نفوذ للتنظيم الثوري، وكسب أوسع قطاع على المشروع السياسي سالف الذكر، وأيضاً، وهذا هو الأهم، مقاومة تقدم الثورة المضادة في الشارع والتمكن من محاربتها أمام الجمهور الحقيقي الذي تستهدفه وليس بعيداً عنه.

وقد ضربت الجماهير أمثلة مبهرة على تنظيم العمل النضالي الميداني في المواقع بنماذج مثل اللجان الشعبية أو التعاونيات الاقتصادية أو لجان الدفاع عن حقوق المواطنين وغيرها الكثير من النماذج التي يجب علينا أن نتعلم منها ونعمل على تطويرها وتعميمها في كافة المواقع.

أخيراً تنبع الأهمية الارتباط العضوي بالمواقع من طبيعة المرحلة المقبلة التي قد تشهد محاولات جادة من قبل النظام لتضييق هامش حرية الحركة الاحتجاجية، وهو ما قد يعرض هذه الحركة لضربات أمنية من الممكن أن يترتب عليها تفشي حالة الإحباط، وفي هذه الحالة فان الضمان الوحيد لاستمرار القوى الثورية وبقائها هو خلق جذور قوية لها في المواقع والعمل على تقويتها بكل السبل الممكنة.

4- العمل المشترك بين العزلة والتذيل

إذا أردنا أن نقدم إسهاماً ما في العملية الثورية، فعلينا أن نبحث عن المبادئ والأهداف المشتركة بيننا وبين القوى السياسية الأخرى، علينا أن نسير معهم، وليوجه كلاً منا ضرباته للنظام منفرداً. هذه القاعدة صحيحة تماماً، لأنه لا يمكن لقوى واحدة أن تحقق النصر على نظام استبدادي يمتلك من أدوات القمع الكثير ومن طرق تشويه القوى الثورية وإضعافها الأكثر.

إلا أن العمل الجبهوي (المشترك) مع القوى السياسية الأخرى قد يؤدي إلى ارتكاب بعض الأخطاء من الممكن أن تؤدي إلا أحد أمرين

الخطر الأول:- العزلة.

هذه العزلة تأتي إذا اعتبرت القوى الثورية أن ما تطرحه عنواناً للحقيقة المطلقة التي لا تقبل الشك بعيداً عن الواقع وما يطرحه من إمكانيات، أو إذا طرحت طرقا للنضال تفوق قدرات الحركة الجماهيرية في لحظة معينة، قطعاً سيؤدي هذا التوجه لعزلتها عن الجماهير، وهذا لا يعني أن تتخلى القوى الثورية عن قناعتها وأفكارها في لحظات التراجع، بل يجب أن أن يكون ما تطرحه من طرق للنضال نابعاً من قراءة واقعية لمستوى الحركة العفوية، وإذا أردنا أمثلة على ذلك، فبعض الاعتصامات التي شاركنا بها قررنا استمرارها على الرغم من ضعفها وعدم قدرتها على انتزاع مكاسب حقيقية، في لحظة كان من الضروري فضها والعمل على الذهاب للجماهير في الأحياء والمصانع والجامعات والمحافظات بهدف خلق مرتكزات للحركة الثورية وهو ما أدى إلى توجيه ضربات متتالية للثوار أدت إلى تشتيتهم وإضعاف روحهم المعنوية.

الخطر الثاني:- التذيل

الخطأ الأخطر من خطأ العزلة هو التذيل، ويعني أن تتذيل القوى الثورية الإصلاحيين فيما يطرحونه من مواقف ورؤى، أو أن يسيطر الشعور بالدونية والضعف على القوى الثورية في مواجهة القوى الإصلاحية الكبرى كالإخوان المسلمين، مما يدفع الثوريين للاستسلام للمواقف التي يتبناها الإصلاحيين والدفاع عنها والتغاضي عن خياناتهم المتكررة للثورة وتحالفهم مع السُلطة وتجاهلهم لأهمية دور الجماهير في التغيير المنشود.

ببساطة شديدة لن يكون للثوار أمل في طرح أنفسهم كبديل حقيقي للنظام القائم إلا إذا طرحت القوى الثورية نفسها كبديل مستقل له رؤية وبرنامج وطموح واضح لخلق بديل للسُلطة الحاكمة، لا يتذيل الإصلاحيين ولا يتورع عن فضحهم كلما تبنوا توجهات مهادنة للسُلطة، ولنا في تجربة الشهور الماضية مثالاً جيداً على تذيل بعض القوى للإسلاميين وتذيل البعض الآخر لليبراليين، مما ساهم في تقوية الانقسام المفتعل بين العلمانيين والإسلاميين ونقل المعركة من أرضية الجماهير التي تنشد التحرر من سلطة الاستبداد والاستغلال إلى أرضية النخبة التي تنشد السيطرة وحصاد المكاسب السياسية فقط.

5- الجبهة الثورية (شعار المرحلة)

منذ قيام ثورة 25 يناير تشكلت عدة جبهات، لم يصمد أي منها حتى انتهاء عام 2011، وأسباب انهيار هذه الجبهات عديدة منها ما يتعلق بالأوهام التي علقتها بعض هذه الجبهات على المجلس العسكري بعد تنحي مبارك، والتي وصلت لحد الصمت على الانتهاكات التي ارتكبها العسكر في الشهور الأولى لاستيلائهم على السُلطة مثل المحاكمات العسكرية وكشوف العذرية وفض الاعتصامات بطرق دموية.

أيضاً أدى عدم التجانس الكبير بين القوى التي تكونت منها بعض هذه الجبهات إلى عدم قدرتها على توحيد مواقفها، مما تسبب في إصابتها بالشلل والعجز عن إبداء رد الفعل المناسب في اللحظة المناسبة، بالإضافة إلى ما تسبب فيه ذلك من الهبوط بسقفها السياسي لمستوى أدنى مما تطرحه حركة الشارع، فبدت في لحظة معينة على يمين الثوار مما أفقدها قدرا كبيرا من رصيدها الذي حققته في الأيام الأولى للثورة.

ظهرت محاولات متأخرة لعمل جبهات بديلة خاصة في اعتصام 8 يوليو الذي قرر فيه أكثر من 20 مجموعة سياسية الاجتماع المنتظم والتنسيق الدائم في كل الفعاليات، إلا أنها لم تعالج أخطاء ما سبقها من جبهات على مستوى الرؤية السياسية وتحديد الهدف فكان مصيرها كمصير من سبقتها من جبهات أخرى.

معطيات الواقع السياسي في مصر تشير إلى أن مسألة تشكيل الجبهة الثورية الآن باتت ملحة، إلا أن نجاح مثل هذه الجبهة مرتبط بعدة أمور:

أولاً:- يجب أن تحدد هذه الجبهة أهدافها السياسية بشكل واضح وتربط ذلك بآليات فعالة ومحددة بدقة لتحقيق هذه الأهداف أو حتى الحد الأدنى منها، فضلاً عن ضرورة امتلاكها لطموح سياسي ثوري وأداء نضالي دءوب ومخلص للثورة يجعل الجماهير تلتف حولها تدريجياً، وترى فيها مظلة سياسية تصلح لقيادة الحركة.

ثانياً:- يجب أن تكون الانحيازات الاجتماعية لهذه الجبهة واضحة، خاصة فيما يتعلق بموقفها من المطالب الاقتصادية والاجتماعية ودعمها غير المشروط للنضالات العمالية، وكسر حالة العزلة بين هذه النضالات وبين النضالات السياسية والديمقراطية.

ثالثاً:- يجب أن تعلن هذه الجبهة منذ اللحظة الأولى قطعها التام مع السُلطة، وعدم استعدادها للتفاوض على مطالب وأهداف الثورة لتجاوز الأخطاء التي ارتكبتها الجبهات السابقة التي دخلت في مسلسل من المفاوضات مع المجلس العسكري ثم مع حكومة شرف فضلاً عن لقاءات جهاز المخابرات والتي لم تحقق أية مكاسب للثورة، بقدر ما أدت إلى مزيد من الانقسام بين القوى الثورية، وفقدان القوى المتفاوضة لكثير من مصداقيتها.