عودة إلى ماركس

بنيامين غونين
2012 / 6 / 10 - 10:22     

الادعاء الشائع اليوم، انه من الممكن الوصول إلى المساواة بدون الاشتراكية، لا يصمد أمام امتحان الواقع. ومع ان نضالات اجتماعية تقام وطبقات مستغلة تتصادم عمليا مع المستغِلين ونظام الحكم، لكن وحده اليسار والأحزاب الشيوعية التي تقود النضالات بإمكانها اقتراح تغيير شامل. ووحدها تستطيع كما فعل لينين في 1917، من اجل دمج الضائقات والنضال في حركة لتغيير اشتراكي.
الفائض الذي نتج مع تطور التكنولوجيا والعولمة زاد الفجوة بين الأغنياء والفقراء واوجد تناقضات إضافية داخلية ودولية والبطالة تضرب بـ800 مليون من بني البشر في العالم. في نيسان هذه السنة نشرت معطيات البطالة في دول مجموعة اليورو: في 17 دولة من دول المجموعة توجد بطالة بنسبة 11% في اسبانيا 24,3% وفي فرنسا 10,2% وفي البرتغال 15,1% في الولايات المتحدة معقل البرجوازية تصل البطالة إلى 8,2% وعدد الأشخاص الموجودين خارج دائرة العمل 27 أسبوعًا وأكثر هو 5,4 مليون انسان!
وفي العالم كله هنالك ملايين الأشخاص الذين يعيشون في مستوى منخفض من قلة الطعام ويموتون بسبب الجوع. وملايين الأطفال يعيشون في عبودية في آسيا، أفريقيا وجنوب أمريكا.
قرننا والذي كان ثوريا أكثر بالتطور التكنولوجي، العلوم، غزو الفضاء والاتصالات بين الجماهير قلب كل العالم لـ"قرية عالمية" كبير. فهل جلب هذا التطور الرفاه والتقدم لأغلبية البشر؟ العولمة ليست واقعًا ثابتًا وإنما مسيرة وهدفًا في البرجوازية والإشارة إليها يجب ان تكون بشكل دينامي، هذا حدث والذي من ورائه توجد ايديولوجيا.
لأول مرة في التاريخ الانساني وُجد جهاز اقتصادي عولمي في حقيقته. وقد جرى ازالة حواجز اقتصادية قومية كما في البرجوازية السابقة حيث ازيلت حدود مناطقية. الدولة القومية بدأت تفقد من قوتها لصالح شركات متعددة القومية واطر اقتصادية مناطقية وما فوق المناطقية. تعميق تقسيم العمل الدولي والتغيير السريع لخطوط الإنتاج لمناطق ذات عمل متعدد ورخيص هو جزء من هذه الغاية.
العولمة تشكل ضغطًا على العمل المنظم وعلى الانجازات التاريخية للعمال في الدول البرجوازية المتطورة. التنافس يؤدي إلى هبوط تكلفة الإنتاج في هذه الدول. وعندما يمكن إنتاج ملكية اقل بكثير في دول آسيا وأفريقيا ينتج تهديد على الاجور، ظروف العمل وانجازات العمال في بلدان دول الرفاه.
في الصحيفة الأمريكية "أثلي ريفيو" كتب ألان مكسنيسود: "دافع البرجوازية للتوسع ليس مقياس نجاحها، وإنما تعبير للشكل السرطاني المريض للأسلوب. فهو يدمر النسيج الاجتماعي، كما يدمر الطبيعة. البرجوازية استنفدت تناقضاتها، والتقاطب بين الأغنياء والفقراء، بين المستغِلِّين والمستغَلين. كذلك، بدون حرب، فهو ضحية لتناقضات المنافسة البرجوازية العالمية. وهذا ليس هزيمة وإنما مناسبة جديدة لنفس الاصطلاح غير العادي لحروب طبقية".
وعلى نقيض الآراء المقبولة فالرد على المشاكل في الواقع القائم اليوم موجود في أفكار ماركس الذي حاول ان يشرح حقيقة النظام البرجوازي.
في اجتماع دولي لنقابات مهنية جرى في كوبا، حول مسألة ما هو رد النقابات المهنية أمام تحديات العولمة، صرح مدير المركز الكوبي لبحث الاقتصاد العالمي، ان للعولمة الليبرالية الجديدة هدفا مشتركا واحدا وهو، توسيع دائرة الفقر والاستغلال وأمام العولمة لرأس المال يجب وضع خيار عولمي يتمثل بمعارضة العاملين.
هناك شبكة من نضالات العمال في الفترة الأخيرة تشير إلى الإمكانية القائمة وتدل على إمكانية التغلب على نفس الشعور بعدم القوة الاجتماعي الذي تنتجه البرجوازية الجديدة. هذه الإمكانية لم تنجز بسبب عدم وجود إستراتيجية شاملة لتغيير اجتماعي. وهنا يجدر اقتباس أقوال ماركس عن مركزية النضال الطبقي: "تاريخ المجتمع حتى الآن هو تاريخ نضالات طبقية".
وحول خاصية الشيوعيين: "الشيوعيون يتميزون عن باقي أحزاب العمال انهم وحدهم في النضالات القومية لعمال البلدان المختلفة، يحددون ويبرزون المصالح المشتركة لطبقة العمال كلها، وعم غير متعلقين بالقومية. وهكذا ففي مراحل التطورات المتعددة لنضالات العمال ضد البرجوازية، يمثلون دائمًا المصالح للحركة بشكل عام.
"الشيوعيون هم الجزء المصمم الأكثر تقدمية، الجزء الذي يدفع نحو الأمام حركات العمال في كل البلدان، ولهم الأفضلية أمام العاملين في الفهم النظري لاتجاه التطور، الظروف والنتائج كافة الشاملة للحركة البروتيالية.
"آراء الشيوعيين النظرية ليست مؤسسة على أفكار أو مبادئ أوجدت أو اكتشفت بواسطة مصححي العالم من هؤلاء أو آخرين. فهي تشكل تعميمًا يعبر عن العلاقات الحقيقية التي تنبع من النضال الطبقي الموجود في الواقع. حركة تاريخية تبرز أمام أعيننا بشكل حقيقي".
وعلى ضوء هذا الكلام يمكننا ان نرى في إسرائيل محاولة للمس بالهستدروت كمنظمة تمثل العمال. ولتشويه قيادتها. وهذا جزء من هجمة عالمية لإضعاف النقابات المهنية، محاولة لتقليص الانجازات الاشتراكية للعمال، وفي حقوق التقاعد وحقوق أخرى. الهجمة تتمثل أيضًا بتوسع مسألة الاتفاقات الشخصية، شركات قوى بشرية وشركات مقاولة ومحاولة لإلغاء اتفاقات جماعية.
على السؤال "ما العمل" - رد في حينه لينين في نصّ بهذا العنوان:
"لا يمكن الحصول على السلطة السياسية، بدون الحصول على تأثير جدي في التنظيم المهني. بدون التنديد بالقيادات الاشتراكية- الديمقراطية اليمينية الذين يمثلون أقوال البرجوازية، بدون عزل أولئك الزعماء الذين يخونون مصالح العاملين".
بهذه الروح عملت الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة في معركة الانتخابات للهستدروت كما عملت في سبيل الانجاز المهم لـ "البيت الاجتماعي" كمعارضة لقيادة عوفر عيني وكتلته.
ثلث الناخبين صوَّتوا لصالح القائمة التي نحن شركاء فيها وسنعمل لتكون معارضة مكافحة للسياسة المارقة للهستدروت في السنوات الأخيرة.
الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة ضاعفت قوتها وتأثيرها في المؤسسات المركزية وفي رئاسة مجالس العمال في المثلث الجنوبي وفي الناصرة وفي ثلاثة مجالس لنعمات تترأسها ثلاث من رفيقاتنا.