طريقنا وفلسفة الثوره ..ج14


ليث الجادر
2012 / 6 / 8 - 11:27     


- الامكانيه والواقع
الشيء الموجود الان والظاهره التي نحسها ونتعامل معها الان لم يوجدا هكذا دفعه واحده ولم يتحددا بوعينا هكذا من دون ان تكون لهما مؤشرات وبدايات خاصه فلكل وجود بدايات ولكل بدايه مسبب وهي بذاتها تمثل سببا لشيء او ظاهره اخرى فنواة التمره المدفونه تحت التراب لايمكن تسميتها والتعامل معها على انها نخله او فسيله لكن وجود هذه النواة بهذا الوضع يعبر عن احتمالية انبات النخله ,كما ان وجود النواة بحد ذاته وقبل ان تتحول الى وضعها في التراب كان يعبر عن احتمالية هذا الوضع واذا ما اكتملت ضرورات الانبات بتوافر الماء فان احتمال الانبات تحول الى ظاهره موجوده ظاهره مؤكده لكن الفسيله او النخله لم تكن لحد الان والواقع كان يشمل نواة ثم ان الواقع كان يشمل نواة تحت التربه ثم انه صار يشمل حالة انبات وهو سيشهد بتوافر الضروره وديمومتها ظهور الفسيله ومن ثم اكتمالها بالنخله كانت النواة احتمال الانبات وكان الانبات احتمال الفسيله وبهذا صار يمكننا ان نصف حال وجود النواة بانه امكانيه شكليه لظهور النخله وبتطور هذه الامكانيه اصبحت النواة والتربه والماء امكانيه عقليه لوجود الفسيله بالرغم من انها بعد لم توجد وهذا الوجود يرتهن بشروط ديمومة الضروريات التي ربما تكون كذلك بفعل القوانيين الموضوعيه او بفعل وعينا لهذه القوانيين والضروريات وقيامنا بادامتها وهذا ما يسمى بالتمكين ( تحول الامكانيات الى موضوع اولي ) .. اذن الواقع المحسوس والمباشر يتضمن في داخله صور ومضمون اخر له (السيروره ) وحساسيتها تكمن في كونها اما شكليه مجرده او موضوعيه متشكله تمثل نهايتها الواقع لذاته ..ولهذا ايضا نعبر عن وعينا لماهية الوجود بكونها اما فعل (واقع ) واما ( فعل بالقوه ) وهي الامكانيه ..واذا كان الواقع والامكانيه يمثلان وحده فان تناقضهما القوي والاصيل ينبع من ذات هذه الوحده فالفعل ليس فقط متكرر لكنه متغيير ومتطور وهذا التغيير والتطور هما الشرطيين المجرديين اللذين يتجسد على اساسهما شكل الامكانيه ...وكما ان الواقع يتاسس على الوحدة المتنافرات ويتطور دائما نحو التناقض فان التناقض ايضا يعتري الامكانيات ,وهذا يبدوا اكثر وضوحا وجلاءا على الصعيد الاجتماعي ..فعلى المستوى العام بامكاننا ان نلاحظ ان المشاريع السياسيه التي تبدو انها تقوم كبديل عن القديم انما هي فقط تعبر عن تناقض الامكانيات (العقليه ) وقدرة تمكينها المرتبطه ارتباطا ثابت ومركزي بوعي المصدر التغييري- كأن يكون تيارا اجتماعيا او موؤسسه حزبيه او ..الخ – لهذا فان وعي محتوى الواقع الاجتماعي اولا ومن ثم وعي جوهر مرحلته يمثل بنية الاراده التغييريه --التي برزت كما اسلفنا كمبدأ تاريخي لتشكيل حركة تطور المجتمع حينما حددت الماديه الجدليه قوانيين هذه الحركه وتشكلت بتاريخيتها الماديه— ونحن اذ نعبر بلفظة بروز هذا المبدأ فاننا نعي ما يجب ان نعبر به حتى لايفهم منه (انبثاق ) لان الاراده الواعيه للتغيير وبكل تاكيد لعبة دورها في المراحل التي سبقت الماديه التاريخيه والبروز يعني هنا التاشير الى الدلاله النهائيه لماهية الاراده الواعيه بكونها اولا انها اراده (انقلابيه ) تهدف الى نقض النظام الاجتماعي وكيفية وجوده نقضا كاملا ومترابطا وشاملا يتاطر بالقضاء الكامل على كل اشكال الملكيه الخاصه والانتقال بالمجتمع الانساني الى طور العلاقات الاكثر رقيا وتقدميه ..ان كلامنا هذا بحد ذاته يندرج مبدئيا تحت عنوان قراءة (الامكانيه الشكليه اكثر من كونه قراءه موضوعيه واقعيه ) لكن بالعوده الى وعي الماديه التاريخيه والتمعن في جوهر حركة تطور المجتمع الانساني بما فيها تطور مفهومه وتحوله من جماعات صغيره ومتناثره وشبه مستقله الى تجمعات بنفس الصفات لكنها اقل درجه ( قبائل واقوام ) وصولا الى مرحلة الامم التي يستحيل عليها البقاء كما هي امم دون الارتباط بعضها ببعض في وحده تتكامل يوما بعد يوم وهي وحده محكومه بالمبدأ الفوقي (تنافر المركز والاطراف ) وما يتسبب ذلك بتعقد حركة التناقضات الاجتماعيه بينهما اولا وفي ذات كلا منهما ثانيا ( تناقضات المستوى العام والمستوى الخاص ) وبتتبع هذه الجدليه فان قراءتنا السابقه ستتحول الى عنوان (الامكانيات العقليه ) وتصبح موضوعيه حينما ناخذها من جانبها الخاص وهو ( الاطراف الفاعله ) لنقف وجهها لوجه امام حقيقة امكانية قيام نظام اجتماعي عادل لمجتمع مرفه حر وهذا هو بالضبط ما نعنيه باشتراكية الممكن التي حددنا مؤشراتها وادوات تمكينها في العراق كمستوى خاص ضمن مفهوم المجتمع الانساني العام الماضي قدما وبلا ادنى شك الى مرحلة النظام الاشتراكي الواقعي ..

• من جانب موضوعي وفي مستوى معين نستطيع ان نتذكر بديهية ان الوجود عباره عن عدد لايحصى من الاشياء بذاتها وان احصاؤها بشكل معرفي وكادراك مباشر لكل شيء بذاته من هذه الاشياء هو امر مستحيل ( وبالمناسبه هنا فان المستحيل يتميز عن الممكن الشكلي – الامكانيات الشكليه - فالاول هو ما لا يمكن تحققه باعتبار ان تصوره او فرضه يناقض القوانيين الموضوعيه فمن المستحيل ان يتحول القرد الى ادمي هكذا بفتره زمنيه ملحوظه .. او حتى كما ذكر في بعض الادبيات الدينيه بتحول شعب معين الى جماعه من القرده وبقرار الهي ,؟؟! اما الامكانيات المجرده الشكليه فهي التي لا تتناقض مع القوانيين الموضوعيه بل ان هذه القوانيين تفرض شكليتها في مرحله من مراحل سيرورة الشيء .. فنواة التمره التي اخذناها مثالا لاحتمالية الانبات كانت امكانيه مجرده تحولت الى امكانيه عقليه حينما انضجنا الظروف الملائمه وتحولت الى مكانها في التراب ...)
...يتبع