طريقنا وفلسفة الثوره ..ج13


ليث الجادر
2012 / 6 / 7 - 13:04     

- الظاهره والجوهر
الجوهر هو الخصيصه والامر الرئيسي الذاتي والجانب الثابت لمحتوى الشيء الذي قلنا انه يمثل مجموع الوحدات المكونه ..فمحتوى سائل يكون من العناصر (س,ص,د ,ج..ألخ ) لكن جوهره هو طغيان احدى خصائص هذه العناصر على البقيه ويحدث هذا لاسباب مختلفه تبعا لطبيعة تركيبة الشيء بكونه وحده متجانسه او متناسقه وارتباطا باختلافات كم الوحدات ...وفي كل الاحوال فان الجوهر يشبه المحتوى ولكنه لايتطابق معه ...ومثال على ذلك انه حينما نريد وصف جسم الانسان كشكل من اشكال الماده الحيه فاننا نتعرف على محتواه باعتباره اولا يشتمل على اعضاء حيه, ثم انها جميعا تتوحد في مفهوم نهائي يتمثل في استحالة الغذاء(اي انه الجوهر).. وهكذا الامر بالنسبه للظواهر الاجتماعيه فاذا كانت القوى المنتجه ( الايدي العامله وقوى العمل ) تمثل محتوى اسلوب الانتاج الاجتماعي فان فائض الانتاج( بما هو فائض قيمه) يمثل جوهر اسلوب الانتاج وعلى هذه الخصيصه تقوم مجمل العلاقات الاجتماعيه....كما اننا لو تناولنا المجتمع الانساني من حيث الشكل فاننا سنراه عباره عن مجاميع مترابطه ويمثل النشاط العملي محتواها بينما يمثل اسلوب الانتاج جوهرها,وبهذا نصل في النهايه الى ان جوهر المجتمع الانساني هو (فائض القيمه) ..و هنا يجب ان ننتبه بان لاوجود لشيء ثابت ثبوتا مطلقا وعليه فان ثبوتية الجوهر نسبيه مقترنه بكيفية وجود الشيء كما هو في الواقع ولهذا فان وعي الجوهر ياخذ اشكال متعدده .. فدراسة تاريخ تطور المجتمع الانساني تدلنا على ان المجتمعات البدائيه كان شكلها مبسط يعبر عن وحدات صغيره (عائله والعائله الكبيره ) وكانت تشكل محتوى النشاط الطبيعي لتاكيد شروط الحياة (الصيد والقطف) فكان جوهرها الاكتفاء ... لكن هذا الجوهر تلاشى حينما ظهر نشاط العمل الانساني المنتج وبطبيعته ( الهادفه المحوره ) فتحول الشكل الى جماعات اكبر تعبر عن حالات مختلفه للعمل ( تقسيم محتوى العمل ) وهذه التقسيمات توزعت وتعقدت ( في مستوى الانتاج الزراعي وفي مستوى الرعي ) فتحول الجوهر الى فائض انتاج تبعا لطبيعة عمل الانسان الذي لا ينتهي عند حد الاكتفاء كما هو حال الكائنات الاجتماعيه الاخرى ..وبظهور نشاط العمل الصناعي واسلوب الانتاج السلعي وبانبثاق قدرة الانسان على ليس فقط تلبية حاجاته بل خلق حاجات جديده لوجوده تغيير جوهر المجتمع من فائض انتاج حتم موظف الى فائض قيمه منظم وهادف ..وهكذا تدرج وصف الاجتماع الانساني من كونه تعايشي حر الى تعاوني قسري ثم الى قسري تعاوني (استغلالي) ..وبوصف يحاكي الوصف العلمي فان وحدة المجتمع الانساني بدات بالتنافر المتجانس ثم تطورت الى التناقض المتناسق لتصل اخيرا الى مرحلة التناحر وبمتابعة هذا الوصف (الظاهر) وجدنا ان هذه التطورات انما تكمن ذاتيا في الوجود الاجتماعي وتتكرر في محتواه (العمل ) الذي يعتريه تناقض الكم ونوع وتتراكم نتائجه لتنتهي باسلوب انتاج جديد ..ان تراكم تغيرات اسلوب الانتاج في مرحلة النظام الراسمالي قد وصلت من التعقيد الى الحد الذي تشير فيه الى ان طبيعة العمل الانساني( كجهد مبذول لهدف محدد يبدا اولا باستعادة قيمة قوته) قد بدات تتلاشى ليحل مكانها قوة عمل( الاله) الذي يعبر عن قيمة عمل انساني – ميت- كادخار متراكم لفائض قيمته المستحوذ عليها من قبل طرف محدد في علاقات الانتاج وهو الطرف المالك والنتيجه ان كل القياسات تؤشر على ان امكانيات العمل قادره على اشباع الحاجات الضروريه للبشريه بمقادير مضاعفه لكن وفي ذات الوقت فان الواقع يؤشر الى حرمان الاغلبيه الغالبه من البشريه ومعاناتها القاسيه في مجرى محاولات تلبيتها لتلك الحاجات وهذا لايحدث بشكل ارادوي مقصود او منظم انما على العكس يمكننا ملاحظة حقيقة اتساع ورسوخ الممارسات الاخلاقيه الايجابيه بهذا الصدد واتساع قاعدة الممارسات الوجدانيه التي تقوم بها الموؤسسات الاجتماعيه والافراد المنتمين الى طبقة المالكين , اذن هذا يحدث بسبب اراده اعلى وقانون اعتى من ارادة الوجدان ..مما يعني ان المجتمع الانساني ماضي وبقوه في ممارسة مبدا الانتخاب الاجتماعي ..انتخاب الاصلح للبقاء كمحاكاة ولربما كتعويض لمبدأ التطور الطبيعي ..
• في وصفنا السابق لجسم الانسان كوجود وكشكل من اشكال الماده الحيه قفزنا اولا على وصفه بكونه ماده حيه عضويه (وحده مركبه شكليا ) ثم اننا جردنا العضويه لنصل الى الماده الحيه التي تمثل المحتوى في مستوى التجريد الثاني ليظهر لنا جوهرها باعتباره يشير الى عملية استحالة الغذاء ..لكننا هنا سنكون امام حاله خاصه تتمثل في تفسير الماده الارقى في الوجود والارقى في الكيان المادي للانسان ..انه المخ فاذا كان جوهره هو كذلك من حيث كونه ماده عضويه الا انه يعلو على هذا الوصف لجوهره بتعبيره المتطور الدؤب لظاهره ( العقل ) وهذا متاتي من قدرت المخ المتفرده عن باقي اشكال الماده الحيه في قابلية عكس صفات الاشياء والظواهر انعكاسا داخليا ..وفي ماعدى هذا فان لكل جوهر تعبير مباشر محسوس(ظاهر).. وتمايز الظاهر عن الشكل هو ان الاول يعكس الجوهر مباشرة بينما الثاني يعبر عن ابعاد المحتوى وبمعنى ادق وانفع فان الظاهر يمثل طبيعة انعكاس الشكل في العقل
• ان الظاهر اذ يعبر عن الجوهر فانه ايضا لا يمثل الا جوانب او جانب محدد للجوهر لذا فان عدم تطابق وعي الظاهر مع الجوهر كثيرا ما يتكرر على صعيد الممارسات الاجتماعيه ونشاطات مؤوسساتها وبالذات السلطويه .. ان ظاهرة المد الديمقراطي التي تشهدها مرحلتنا الحاليه والتي تنهض بها اقطاب النظام الدولي وتحرص اشد الحرص على ديمومتها لهي في الجوهر تعبر اولاعن اليه خاصه لتصدير ازمة النظام الراسمالي العالمي والتي يشهد مركزها تناقضا حادا بين الشروط الممكنه للرفاه والعدل الاجتماعي وبين الواقع الذي تترسخ فيه اشكال العلاقات والقوانيين التي تعيق عملية تمكين تلك الشروط ..ويصبح تقييم وتحديد هذا الجوهر دقيقا حينما ننتقل من الظاهره بذاتها الى جوهر النظام الديمقراطي النيابي البرجوازي الذي لا يعني في النهايه الا تاكيدا لسلطة الطبقه المالكه وتلطيفا لشكلها واسلوبه
....يتبع