طريقنا..وفلسفة الثوره ج 10


ليث الجادر
2012 / 6 / 4 - 12:19     

معنى تعبير (المفهوم )

يتشكل تفكيرنا الانساني من وحدات رئيسيه ( الاحساس , والادراك .والتصور ) حيث ترتبط جميعها بروابط شامله وحتميه ( حينما احسسنا بالحرارة النار ادركنا طبيعة النار وشيئا فشيء تحول هذا الاحساس المباشر الى ادراك تعدى وعي ان النار ذات مصدر واحد وبشكل معين فمصدرها ليس فقط جذع شجره او مساحة عشب او غابه تحترق ولا هو فقط النفط او الغاز ...الخ وهنا صار وعينا ليس قادرا فقط على الاحساس المباشر بطبيعة النار (الحراره) بل قادرا على تحديد ماهيتها وماهية الرابطه التي تربطنا بها ومن ثم وعن طريق التصور اصبحنا قادرين على التحكم بتلك الرابطه ..فالنار تحولت من خطر من عدو الى صديق ومنفعه كبرى لكنها بقت كمثل الوصف الاول في حال تعاملنا معها كاحساس او ادراك حسي مباشر ..وبهذا التشابك وبواقعيته صارت النار مفهوما !! وبهذا التعقد وبهذا التشابك تحول وعينا من الشكل الحسي لمعرفة الحراره الى معرفه تصوريه لها كانت قد بدأت حينما فصلنا جوهر مصدرها عن شرط – اتقاد الاشياء العياني _ ) وعلى اساس النتائج النهائيه لهذا الترابط تنشىء عملية التفكير الذي يعبر عن نفسه من خلال مجموعة احكام قياسات موجهه من الذات سواء كانت (ذات الانا الفرديه )او (الانا ) الانسانيه باتجاه الغير او الموضوع ومن خلال التجربه المتكرره بسبب رابطة (موضوع ما )برابطه قويه ومباشره لشروط ممارسة وجودنا( وحدث هذا وبالتحديد بعد نضوج وجودنا الاجتماعي) فانبثق عن هذا النشاط شكل اخر نعبر فيه عن وعينا للموضوع وللغير.. حيث تحرر الدماغ من شرط التشكيل الاكثر الى التجريد الاعم وبذلك ظهر ( المفهوم ) الذي تجاوز الشكل والكيفيه الشكليه ووصل الى جوهر الشيء ..فاصبح الموضوع ليس شيء فرديا بذاته بل هو( ذات باشياء) ( فانا حينما اصف النخله ا وان اتعامل مع النخله في تفكيري فانني بكل تاكيد لا يمكنني من ان اشير اليها كشيء موجود في الواقع بل اشير الى عدة اشياء ينطبق عليها وصفي وحكمي وقياسي وبالمقابل فانني حينما اريد ان افكر ب(نخله) فانني يجب ان اعي بان المتلقي وانا بحاجه لان احسها او ادركها عقليا او ان اجمع هذين الشرطين لاتصورها ) ... ولهذا نرى ان المفهوم يحمل في مضمونه تعقدا غايه في التداخل وهذا بذاته ما يجعل العقل الانساني متفردا بهذا الشكل من التفكير عن باقي الكائنات ...وهذا التقييم يرتبط بالمعرفه العلميه التي اثبتت باقي اشكال التفكير الاحساس والادراك والتصور وبجدلية ارتباطها بعضها مع البعض هي خصيصه المخ والجهاز العصبي لكنها تختلف من كائن الى اخر ( كائن عاقل ) تبعا لتعقد روابط وجوده الموضوعيه ..وعلى سبيل المثال ف(الغير) عن الحيوانات هو عدو لكنه في الغالب الاعظم انه عدو اما محسوس او مدروك وليس هناك اشارت قويه على انه متصور باستثناء الدلالات التي يمكن استنتاجها من التجارب المختبريه على بعض الحيوانات والتي تم من خلالها تطبيق نظرية الانعكاس الشرطي في الشكل السلوكي بالاضافه الى دلالات محدده تشير لها سلوكية بعض الحيوانات في كيفية تعاملها مع الاجسام الساكنه الغريبه ( كالمصائد والشراك ) ..وفي كل الاحوال يبقى المفهوم هو شكل التفكير الذي يتفرد به الانسان حيث يحتكر قدرة التعمق من الخارجي الى الداخلي ومن الشكل الى جوهر الاشياء وهكذا تمضي مسيرة المعرفه الانسانيه في التجريد الذي يعينها على التعامل باقتدار مع الموضوع الذي يشاركها وجودها ومع موضوعة وجودها ذاته ومن هنا ياتي التقسيم الاول للمفهوم باعتباره اولا مفهوم موضوعي اي يرتبط بكل ملموس يقع خارج ذات الانسان وثانيا بكونه عقلي ليعبر عن ما هو غير ملموس ولكنه محسوس ذاتيا فمفاهيم العلوم التطبيقيه تختلف في ماهيتها عن مفاهيم علم الاجتماع لكن ولترابط ووحدة المعرفه الانسانيه وتاسسها على طبيعة نشاطه العملي باعتباره مصدرا لها وباعتباره ذا خصيصه وكيفيه متميزه ( نشاط هادف محور ) ..فان بعض من مفاهيم كلا القسميين صارت اكثر عموميه معرفيه فارتبطت بعلاقه قويه جعلتهما يتطابقان في كلا القسمين ...وتمييزا لهذه المفاهيم فقد اعتيد على تسميتها في تقاليد النشاط الفلسفي ب( المقولات ) (الماده , الحركه , الوعي , الكيف , الكم ...الخ ) لكن هذا الارتباط لا يعني مطلقا الوصول الى ما يمكن ان نسميه نهاية الفكر ..لان هذه المقولات ان لم يتم وعي العلاقه الجدليه التي تربط بينها اولا ومن ثم بناء وعي هذه الجدليه بصورة نسق ( المنهج الذي يؤشر اكثر على تلك الروابط ويبين وحدتها ) فانها تبقى وعيا ذاتيا لمصدرها او كما يقولون ( المعرفه من اجل المعرفه ) كما انها تتفكك عند عرضها في ذهنية المتلقي لتعود من جديد الى كونها علميه تطبيقيه او اجتماعيه مثاليه ..يتبع ج11