الماركسية، السلاح الفكري للطبقة العاملة


خليل اندراوس
2012 / 6 / 2 - 11:21     

دراسة الفلسفة الماركسية ليست ضربًا من الترف، بل واجبا طبقيا، واجب كل عامل وكل إنسان يريد ان يمارس نشاطه الثقافي الاجتماعي السياسي على أساس ثوري، واعٍ، مثابر، مؤثر وفاعل ومجند للجماهير الشعبية الواسعة، وخاصة الآن حيث تعاني الرأسمالية العالمية وسوقها الحر المتوحش من أزمات متكررة وعميقة، من ظواهرها تمركز رأس المال الاحتكاري العابر للقارات وزيادة غنى الأغنياء وفي المقابل ارتفاع نسبة البطالة والأزمات الاجتماعية والصحية والسكنية والفقر للجماهير الشعبية وخاصة الطبقة العاملة، مما جعل الطبقة العاملة وشرائح المجتمع المختلفة بما في ذلك شريحة المجتمع المتوسطة تنزل إلى الشارع بمظاهرات ضخمة من نيويورك إلى مدريد ومن ميدان التحرير في القاهرة إلى ساحة رابين في تل أبيب، مما دفع احد الصحافيين في إسرائيل ليطالب بضرورة إحداث الربيع العبري على طراز الربيع العربي، وهذا أمر جيد ان يتعلم الشعب في إسرائيل من نضالات الشعوب العربية، وهذا ما سيحدث لا محالة. فعولمة السوق المتوحشة التي تسمى زورًا الحرة، ستؤدي إلى عولمة النضال الطبقي. واحتجاجات الطبقة العاملة وشعوب دول رأس المال ستكون إلى جانب احتجاجات الطبقة العاملة في جميع أنحاء العالم.
وما يجري أيضًا في الصين ودول آسيا الأخرى، حيث تقام النقابات العمالية التي تدافع عن مصالح الطبقة العاملة من خلال المطالبة بتحسين الأجور وتقليص ساعات العمل وغيرها من المطالب الاقتصادية والاجتماعية والتي لا بد وأن تتطور موضوعيًا في اتجاه النضالات السياسية وهذا سيؤدي في النهاية إلى توطيد وتعميق الصراع الطبقي ضد الاحتكار الرأسمالي الامبريالي العابر للقارات ليعود ويرتفع من جديد شعار البيان الشيوعي "يا عمال العالم اتحدوا".
ومن البوادر الأخيرة لهذه التطورات مظاهرات الأول من أيار هذه السنة التي جرت في جميع أنحاء العالم والتي استمرت لعدة أيام في بعض الدول التي ذكرتها حتى بعد الأول من أيار.
ولكن هذه الاحتجاجات والمظاهرات لا يمكن ان تحقق أهدافها ما لم تحمل الفكر الثوري الجدلي الماركسي، وما لم تتسلح الطبقة العاملة بهذا الفكر نظريًا وممارسة، وهذه المهمة هي واجب الساعة بالنسبة لكل الأحزاب اليسارية وخاصة الأحزاب الشيوعية في كل أنحاء العالم وفي إسرائيل خاصة.
ينشر خدام رأس المال، والمدافعون عن المجتمع البرجوازي الرأسمالي والإعلام الترويضي لبلدان الغرب وخاصة أمريكا أكاذيب وافتراءات عن غياب الطبقات والصراع الطبقي في المجتمع البرجوازي المعاصر. ويعلنون عن حلول عصر مزعوم من "الوئام الطبقي" و"المشاركة الاجتماعية"، وهذه محاولات تهدف الى تضليل الطبقة العاملة وإقناعها بفكرة عدم جدوى النضال الطبقي ضد البرجوازية، وتوجيه الحركات العمالية المحلية والعالمية في الطريق الإصلاحي.
ولكن ما نشاهده من مظاهرات الاحتجاج في جميع أنحاء العالم في الأشهر الأخيرة، حتى في أمريكا نفسها، حيث استعلمت الشرطة القوة ضد المتظاهرين واعتقلت البعض لهو اكبر دليل على فشل هذه الأنظمة التي تدعي الديمقراطية وتدعي زوال النضال الطبقي.

*ماركس: الثورة لا يقوم بها غير الشعب*

في مقابلة بين كارل ماركس ومندوب الجريدة الأمريكية "Chicago Tribune" في النصف الأول من كانون الأول (ديسمبر) عام 1878 قال ماركس: "فقد اثبت الاشتراكيون ان النضال بين الرأسمال والعمل هو نضال عام، يجري في كل مكان، ويتسم بطابع عالمي، ولذا حاولوا التوصل إلى التفاهم بين العمال من مختلف البلدان، وقد اشتدت ضرورة ذلك لأن استئجار العمال من قبل الرأسماليين اكتسب سمات أكثر كوسموبوليشية من ذي قبل، ولأنهم يحرضون العمال الأجانب على العمال المحليين، لا في أمريكا فحسب، بل أيضًا في انجلترا وفرنسا وألمانيا. فنشأت علاقات عالمية بين عمال مختلف البلدان، فجاء ذلك دليلا على ان الاشتراكية ليست قضية محلية وحسب، بل أيضًا قضية عالمية يجب حلها عن طريق إعمال العمال العالمية".
وأضاف "إن الاشتراكيين لا يخترعون الحركة، ولا يفعلون غير ان يوضحوا للعمال طابعها وأهدافها".
وأضاف ماركس: "نحن نؤكد أن النظام الذي يملك في ظله أرباب العمل الأرض والرأسمال، بينما العاملون لا يملكون سوى قوة عملهم، ويضطرون إلى بيعها كبضاعة، ليس غير طور تاريخي عابر سيخلي المكان لعلاقات اجتماعية ارفع من الناحية التنظيمية. وفي كل مكان نلاحظ انقسام المجتمع. إن اشتداد التناحر بين الطبقتين يسير يدًا بيد مع تطور الموارد الصناعية في البلدان العصرية".
وفي هذه المقابلة قال ماركس أيضًا: "وما من ثورة يستطيع أن يقوم بها حزب، فالثورة لا يقوم بها غير الشعب".
وكما قال انجلز في شباط عام 1845 في المناقشات حول الشيوعية في ثلاثة اجتماعات بمدينة البرفلد، حيث عرض انجلز للمرة الأولى بعض استنتاجات مؤلفه "حالة الطبقة العاملة في انجلترا" الذي كتبه من أيلول عام 1844 وحتى آذار عام 1845، كتب يقول: "إن الثورة الاجتماعية ستكون في جميع الظروف وفي جميع الأحوال عاقبة محتمة للعلاقات الاجتماعية القائمة عندنا".
لذلك هناك أهمية خاصة لنشر الفكر الماركسي بين الجماهير الشعبية الواسعة وليس فقط بين أعضاء الحزب، لكي تصبح الماركسية السلاح الفكري للجماهير الشعبية الواسعة.