نقد لبيان صادر من قبل الاشتراكيين الثوريين


فارس محمود
2012 / 5 / 30 - 18:32     

شفيق-مرسي هما في خندق واحد، خندق الثورة المضادة!
( نقد لبيان صادر من قبل الاشتراكيين الثوريين)

تحت عنوان "يسقط شفيق.. يسقط مبارك الجديد"، لخص بيان صدر باسم الاشتراكيون الثوريون موقفهم من جولة الاعادة في الانتخابات الرئاسية. ان البيان، مع بعض "الشروط" التي لاتغني ولاتسمن، هو ارتماء سافر في احضان الاخوان المسلمين والاسلام السياسي، بغض النظر عن نيات اصحابه. ان هذا امر يؤسف له فعلاً.

انه يعكس رؤية أصحاب البيان السياسية للثورة وقواها، ومساراتها، وفي صلب هذا، للاخوان المسلمين، ويعكس في الوقت ذاته مدى بعد هذه الرؤية عن الماركسية والشيوعية، وقبلهما عن جذر سعادة الجموع المليونية التواقة لحياة افضل واكثر انسانية.

اذ يقصر اصحاب البيان "معسكر الثورة المضادة" على المجلس العسكري وشفيق والفلول واجهزته القمعية. ان هذا الفهم هو مبتسر وناقص. ان قوى الثورة المضادة هي مجمل القوى التي ليس لها اي مصلحة في استمرار الثورة بعد الاطاحة بمبارك، القوى التي تنشد ان تذهب الجماهير الى بيوتها وتخلي ساحة الصراع السياسي في المجتمع، القوى التي كانت تتعقب من الثورة كسر سقف سياسي معين امامها (وهنا ازاحة مبارك وهيمنته وسياسة التوريث وغيره)، قوى لا مصلحة لها في تدخل الجماهير في الميدان، لامصلحة لها في اقتلاع الماكنة القمعية والبيروقراطية للدولة لانها هي نفسها بامس الحاجة لها وضرورية لحكمها هي ولسلطتها هي وادامة عمر ثروتها وارباحها هي، تلك السلطة والثروة والارباح التي حال النظام السابق دون ان يتمتعوا بنصيب منها، دون التنعم بها. ولهذا فان قوى الثورة المضادة هي طيف واسع يتخطى كثيرا المجلس العسكري وشفيق وعمر موسى والفلول.

ان الاخوان المسلمين هم طرف اساسي في قوى الثورة المضادة، طرف في صراع ايضا مع طرف اخر في نفس الخندق، المجلس العسكري والفلول وغيرهم. ان صراعهم مع بعض لايعني ان احدهما يمثل الثورة او من قوى الثورة والاخر من قوى الثورة المضادة، بل ان صراعهما حول الحصة من هذه السلطة والثروات، صراع بين ثوى امتداد للنظام القائم تسعى الى صيانة اكبر مايمكن من ثرواتها وسلطتها وبين قوة (وقوى) منافسة تنشد انتزاع اكثر مايمكن من الحصة. انهم في سلة واحدة، اسمها في هذه اللحظة معاداة الثورة والسعي السريع لوأدها.

الطبقة الحاكمة طبقة مجربة، خبرتها تجارب الثورات في العالم. لم يكن بوسع المجلس العسكري قمع الثورة بصورة دموية سافرة على غرار ايران مثلا، لم يبق له طريق سوى احتواء الثورة عبر افراغها من محتواها، اي سيناريو الثورة المضادة، انتخابات مجلس الشعب، انتخابات الرئيس، الدستور وبعدها اعلان انتهاء الثورة وان الثورة حققت اهدافها!!! بيد ان اهداف الاغلبية الساحقة التي انتفضت لم تتحقق بعد ولن تتحقق بل لن تقترب من التحقق بعد إنجاز تلك الخطوات وان تواصل ذلك المسار. ان اهدافها للثورة باقية على حالها وفي مكانها. ولهذا، فانها تنشد الثورة وادامتها.

ولهذا، فان اعتبار الاخوان المسلمين من قوى الثورة يعكس وهم اصحابه، وعمليا لايؤدي الا الى ايهام جماهير مصر بهذه القوة المعادية لحد نخاع العظم للجماهير، وللتحرر والمساواة وحياة افضل للجماهير العمالية والكادحة. ولهذا من يعتقد "بأن فوز شفيق في الجولة الثانية يعني خسارة فادحة للثورة، وضربة قوية لمكتسباتها الديمقراطية والإجتماعية...."، فهو يغفل الجانب الاخر من القضية، ويدعوا الجماهير لاعطاء صوتها لمرسي. ان هذه هي هدية مجانية من أصحاب البيان لمرسي والاخوان المسلمين والاسلام السياسي. وان هذا يعني المساهمة المباشرة في ايهام الجماهير بماهية هذه القوى المعادية للانسان. انه ذات الدور الذي لعبه حزب توده (حزب الشعب) في ايران ابان الثورة الايرانية في 1979، ودفع هو ثمن ذلك قبل جماهير ايران. ان هذا ماقام به ايضا الحزب الشيوعي العراقي ونال الضربات السياسية تلو الضربات من تيارات الاسلام السياسي في العراق. ولا اتحدث عن ممارسات هذا التيار في مصر، فاصدقائنا اشتراكيوا وتحرريوا وعمال مصر، ومن بينهم، الاشتراكيون الثوريون ادرى بذلك، ومنها ما ورد في البيان ذاته.

من المؤكد ان فوز شفيق يعني خشارة فادحة للثورة. انه يعني ادامة نظام مبارك بقمعه واستبداده الوحشي وعبودية العمل الماجور والاذلال اليومي للجماهير المليونية وادامة اوضاع الطواريء وغيره من الاستبداد المباركي البرجوازي القومي. بيد انه لوهم مابعده وهم ان يدعو البيان "الاخوان المسلمين و كافة القوى إلي تغليب مصلحة الثورة على المصالح الحزبية والتوحد ضد شفيق، وإلا نكون سلمنا الثورة لأعدائها صيدا سهلا.". (!!) انه تطلع في غير مكانه ان تدعوا اخوان المسلمين لـ"تغليب مصلحة الثورة على المصالح الحزبية! ان تاريخ الاخوان المسلمين هو تاريخ البحث عن مصلحتهم الحزبية باضيق الاشكال والتي لاتمت باي صلة بمصلحة الجماهير. انه يدعو الى: كل شيء من اجل الاطاحة بشفيق، حتى ولو جاء مرسي وامثال مرسي! لكن سؤال بسيط يطرح هنا: ماذا سيكون عليه حال المجتمع، حال عماله، حقوقهم، مطاليبهم، الاجور، الفقر، البطالة، اوضاع النساء، الحرية، امال الشباب، حرية الراي والتعبير، التمدن، المساواة؟! ان كان معيار أصحاب البيان اجتماعي او المجتمع او مصالح العامل، المراة والشاب والمدنية، لسهل عليهم معرفة مدى مناهضة هذا التكتيك لمصالح الاغلبية الساحقة من عمال ومحرومي المجتمع. ولم يجف حبر مشروع قانونهم المعادي للعمال المقدم لمجلس الشعب بعد. انه اهم معلم لماهية هذا التيار المعادي للعمال.

يلجأ البيان الى نفس سلاح ارهاب وتخويف المجتمع والذي يقوم به جماعة الاخوان: اعطونا الصوت والا عاد نظام مبارك! والا ستكون الثورة قد وقعت بايدي اعدائها!! ولكن سؤالا بسيطا يطرح نفسه هنا: ان وقعت السلطة بيد الاخوان اليس هو تسليم الثورة بيد اعدائها؟ انهم الاخوان انفسهم اعداء الثورة. ان ممارساتهم وتكتيكاتهم كلها انتهازية ومعادية للثورة الى ابعد الحدود، من قبل الاطاحة بمبارك و من بعده. الم يتعاونوا مع المجلس العسكري ضد الجماهير المحتجة؟! الم يقفوا بوجه حق الجماهير الساخطة في الاحتجاج وادامة الثورة؟ الم يتصدوا لاي "تطاول" على المكانة "المقدسة" للمجلس العسكري ودافعوا عنه بشتى الاشكال والوسائل؟! الم يرفعوا الدعاوي بوجه الاشتراكيين الثوريين انفسهم بتهمة "السعي لتخريب الدولة"؟! ألم.... وألم ... وألم؟!!

من جهة اخرى، من قال ان النظام الذي ينشده الاخوان المسلمين، من ناحية حياة الجماهير ورفاهها وحريتها ومساواتها، يختلف كثيرا عن نظام مبارك الفاشي والدموي؟! انهم ارادوا على امتداد عمرهم السياسي ان ينالوا مكانة سياسية، مكانة في رسم القرار السياسي في نظام مبارك تحت قاعدة (انا ايضا قوة اقتصادية، وبناءا على هذه القوة، من حقي ان يكون لي مكان في السلطة والقرار السياسي للمجتمع وثرواته)، وهو ماكان يرفضه نظام مبارك الاستبدادي. انهم لم ينبذوا مبارك! هو من نبذهم! هم من كانوا على استعداد للحصول على فتات كعكة السلطة، كعكة تجويع وافقار واستغلال وقمع وظلم الاغلبية العمالية والكادحة، بيد ان مبارك ونظامه هما اللذان لم يكونا على استعداد لذلك. يقول البيان نفسه بأن برنامج الأخوان الأقتصادي هو استمرار لبرنامج مبارك، فهل يتصور أصحاب البيان بأن ثمة امكانية لفرض ذلك البرنامج على الجماهير، ليست تلك الجماهير "الساكتة" في زمن مبارك، بل جماهير ثورية نزلت إلى الميدان في نضال بطولي لأجل "عيش، حرية، عدالة اجتماعية" ، دون قمع دموي و إرهاب الجماهير؟

ليكن معلوما للجميع ان فاشية الاخوان ليست باقل من فاشية شفيق. بيد ان مايلجم فاشية الاخوان في لحظة ما هو توازن القوى، وليس ديمقراطية او "اصلاحية" الاخوان المسلمين.

ان دلالة "اصلاحية" الاخوان المسلمين، وفق منطق البيان، هو انه "دعمها ويدعمها في الانتخابات الملايين الذين يطمحون إلى اعادة توزيع الثورة و ديمقراطية حقيقية، والتي تعتمد علي قواعدها في النقابات وغيرها من التنظيمات الاجتماعية والديمقراطية و على جمهورها من فقراء الفلاحين والعمال والعاطلين وغيرهم". (!!) ان هذا تفسير غير ماركسي وغير علمي و غير موضوعي الى حد مذهل. وفق هذا المنطق، الحزب العمال الاشتراكي الوطني الالماني، وزعيمه هتلر هو حزب اصلاحي وذلك لان ملايين العمال والمحرومين المتوهمين في المانيا، وتحت ضغط الازمة الاقتصادية في اوائل 30ت القرن المنصرم منحوا اصواتهم لهتلر وحزبه!! ان حزب الاخوان المسلمين هو حزب برجوازي، حزب الدفاع عن الرأسمالية المتوحشة بجوعها و فقرها و عشوائياتها و فسادها، هو حزب مدافع عن مصالح الطبقة الراسمالية الحاكمة بعمالتها الرخيصة وتخلفها وقمعها الاستبدادي. ليس له اي اجندة تختلف عن شفيق وموسى وابو الفتوح وغيرهم.

واخيرا اقول، بدلا من " فلتكن معركة الإعادة معركة ثورية لضرب الفلول"، الشعار الذي يختتم به البيانه، ليتحول شعارنا الى "لا لمرسي، لا لشفيق، لا للانتخابات، ينبغي ادامة الثورة!". ينبغي شن مقاطعة شاملة وحازمة وواسعة وجر الجماهير الى موقف المقاطعة وتحطيم هذا الطبق على رؤوس اصحابه. ان عماد قوى الثورة حاضرة في الميدان، في نضالات العمال اليومية، في نضالات محرومي المجتمع وكادحيه، في نضالات كل الساخطين على كل زاوية من زوايا النظام القائم. ينبغي حشد القوى في المحلات والاحياء والمعامل والجامعات بوجه كل النظام القائم بظلمه واستبداده وجوعه وفقره وحرمانه. ان هذا هو سبيل اشتراكي عمالي وثوري.

رفاقي في حركة الإشتراكيين الثوريين!

إن بيان كهذا لا ينسجم أبداً مع نضال وكفاح ثوري وعمالي أصبح هوية معروفة للكثيرين منكم، بيان كهذا سيؤدي بكم إلى الإنعزال عن حركة الجماهير المحتجة والثورية، وسيجعلكم صيداً سهلاً لقمع دموي لكثر ما عشناه في إيران و العراق. أني أناشدكم لمراجعة هذا الموقف و السعي لأجل بلورة أصطفاف واعي في جبهة العمال الثورية في مصر.

* رئيس مركز الشيوعية البروليتارية في العالم العربي

*************************


يسقط شفيق.. يسقط مبارك الجديد - الاشتراكيون الثوريون

http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=309470