الثورة الروسية في الرواية الستالينية !!


شامل عبد العزيز
2012 / 4 / 10 - 17:15     

الماركسية دليل للعمل وليست عقيدة جامدة ..
إن تحويل صيغ الماركسية إلى شيء نهائي – مطلق – مقدّس خروج على الديالكتيك وخروج على الماركسية ..
كما يقول أنجلس : لا شيء نهائي – مطلق – مقدس .
مشكلة الأنصار هو التقديس , هم يؤمنون بان ستالين هو الوحيد الذي كان التلميذ النجيب لماركس ولينين ؟
مشكلة الأنصار كما قلنا سابقاً اعتمادهم على ما كتبه ستالين وكأنه الحقيقة المطلقة التي لا يأتيها الباطل من أي جهة من الجهات الأربع .
الزمن انتهى بالنسبة لهم في عام 1953 – وفاة ستالين – مع العلم أنهم يؤمنون بالتطوّر والديالكتيك ؟
ملاحظة صغيرة حول الديالكتيك قبل أن نخوض في موضوع المقال ألاّ وهو الثورة الروسية من منظور الرواية الستالينية :
حسب تقديري الشخصي " ستالين خرج عن قوانين الديالكتيك ,, قد يبدو كلامي " نكتة " كيف يتطاول – برجوازي وضيع ؟ على أعظم من حمى البشرية من القتل ؟؟ وبشهادة تشرشل الذي كان يصلي ليل نهار لله بأن يحفظ ستالين من كل سوء " حسب قول الأستاذ فؤاد ألنمري ؟ ( وبدون دليل حسب قول الأستاذ يعقوب ابراهامي ) ولكن ما هو رأيكم في القول التالي حول الديالكتيك :
في كتابه " المادية الديالكتية والمادية التاريخية " بالرغم من انه عرض جيد لمبادئ الفلسفة الماركسية " إلاّ أنّ سياق العرض يوحي بأن قوانين التطور الاجتماعي والنشاط السياسي إنما تُستنتج من قوانين ( الفلسفة العامة ) وهذا ما يتعارض مع روح الماركسية المادية الموضوعية التي لا شان لها بفلسفة ( موضوعة فوق العلوم الأخرى ) .
بعد أن عرض ستالين قوانين الطريقة الديالكتية الماركسية ( الترابط العام – الحركة والتطور – تحول الكم إلى كيف أو القفزات – صراع المتضادات ) عمد " وهذه كارثة " إلى تطبيق هذه القوانين العامة على الحقل الاجتماعي والسياسي فأشتق من قانون التقدّم بقفزات مبدأ الثورة الاجتماعية واشتق من قانون صراع المتضادات مبدأ نضال الطبقات .. ولكن لا يجوز أن نغفل بأن ستالين ثبت تحرر الجدلية الماركسية من الثلاثي الهيغلي في نفس الكتاب المذكور ..
لقد حوّل ستالين مقولات المادية التاريخية إلى قوالب جامدة وصارمة ( قبل المطالبة بالدليل من قبل الأنصار ) سوف يكون هناك موضوع عن ( الايديولوجيا ) نستعرض فيه ما قام به ستالين .
إنّ إدخال الحياة في القوالب قد اقترض القيام بعملية اصطفاء موجه في الوقائع وأحياناً تزويرها وهذا ما حدث فعلاً في كافة مناحي الحياة ( على الأنصار أن ينتظروا المقالات القادمة ) ..
هذه المقدمة هي هديتي للأستاذ فؤاد ألنمري الذي تحداني على مقالي ( أنصار ستالين والشلة ) ..
ما يهمنا هنا هو – الثورة الروسية – ثورة أكتوبر 1917 وكيف هي الصورة أو ما هي الرواية الستالينية حول تلك الثورة ؟
الرواية الستالينية :
الثورة الروسية هي الثورة الكلاسيكية النموذجية : ثورة برجوازية واشتراكية , بلد ضخم أوربي – أسيوي , استعماري ومستثمَر , اقتصاد صناعي رأسمالي متطور ومتمركز واقتصاد زراعي شبه إقطاعي متخلف , غالبية من الفلاحين ( وجيش من الجنود – الفلاحين ) وبروليتاريا صناعية قوية متمركزة ثورية , أمية واسعة النطاق في صفوف الشعب وثقافة أوربية نادرة عند العشرات من القادة والمفكرين الثوريين ..
ولئن كان لا يجوز للثوريين نقل النموذج الروسي ؟ إلاّ أنّ من واجبهم دراسته بعمق وتمثله واستخلاص دروسه ..
سوف نطرح الأسئلة :
كيف حدثت الثورة الروسية ؟ ما هي أهدافها ومراحلها ومن هم صانعوها ؟ ما هو دور الجماهير ودور الحزب ودور القادة ؟ ما هي طبيعة مجالس السوفيت ؟ ما هو دور الحركة العفوية ودور الوعي والفكر الثوريين ؟ كيف تحققت وحدة النظرية والممارسة في الثورة الروسية ؟
لا نبتعد عن الرأي الذي قلناه سابقاً ( لا نتنازل عنه ) ونقول بأنها مسائل شوهها التاريخ الستاليني تشويها لا مثيل له ( تحداني الأستاذ ألنمري ) بأن يكون هناك دليل على التشويه ( أنا أقول بأن التشويه لم يكن في مسألة واحدة بل بجميع المسائل ) واهم مسألة ( هل في ذلك شك ؟ ) الثورة الروسية ؟
كيف ننقل لكم صورة الثورة الروسية ؟ ( هل من الشلة ؟ ) هؤلاء صهاينة ؟ لا ,, سوف ننقل لكم صورة الثورة الروسية من كتب ( كتيبات , حسب تعبير الأستاذ ماجد جمال الدين ) ستالين نفسه ..
هذه الصورة عن الثورة الروسية نجدها حصراً في الكتب التالية :
في أسس اللينينية – ثورة أكتوبر وتكتيك الشيوعيين الروس – مسائل اللينينية – تاريخ الحزب الشيوعي البلشفي في الاتحاد السوفيتي ..
لمن تعود هذه الكتب ؟ من هو مؤلفها ,, من هو كاتبها ,, ( حتى وإن اعترض البعض بقوله بان ستالين لم يكن صاحبها فهو صاحب ثقافة متوسطة وأنه كان يشرف عليها فقط : الأستاذ ماجد جمال الدين ) ..
من خلال الكتب المذكورة ,, نعود للسؤال ( ما هي هذه الصورة ) ؟
هي كالتالي :
وضع لينين نظرية الثورة الروسية عام 1905 , تحديداً في شهر تموز , أصدر مؤلفه ( خطتان للاشتراكية الديمقراطية في الثورة الديمقراطية ) .
في هذا المؤلف الكلاسيكي ( لم يقتصر لينين على تفنيد خطة المنشفيك ) .. ولكن ما هي خطة هؤلاء ؟ خطتهم تقول بمبدأ قيادة البرجوازية ( بدون وضيعة ) للثورة الديمقراطية البرجوازية الراهنة ..
بما أنه أي لينين بصدد " تفنيد خطة المنشفيك " لابدّ أن يشرح ويدعم خطة البولشفيك القائلة " بمبدأ قيادة البروليتاريا للثورة الديمقراطية البرجوازية على أساس التحالف مع جماهير الفلاحين وعزل الطبقة البرجوازية وحزبها ( الكاديت ) .. ليس هذا فحسب بل تعدى ذلك إلى موضوع مستقبل الثورة واضعاً نظرية ( تحويل الثورة الديمقراطية البرجوازية إلى ثورة اشتراكية بروليتارية ) ..
هكذا منذ عام 1905 اكتشف لينين أن الثورتين ( البرجوازية والاشتراكية ) حلقتان متعاقبتان في ثورة واحدة متصلة ..
يدلل ستالين على صحة ما يقول بشواهد أخذها من مؤلف لينين المذكور وكذلك من مقال نشره لينين في أواخر العام نفسه ( 1905 ) عنوان المقال ( موقف الاشتراكية – الديمقراطية من حركة الفلاحين ) , كذلك من مقال أخر ولكن في عام 1915 بعنوان ( خطان للثورة ) ..
النظرية الجديدة تحوي على عنصر جديد ( مبدأ إمكان ووجوب انتصار الثورة الاشتراكية في بلد واحد " روسيا " ) إذْ بدون ذلك يكون من المستحيل ( الانتقال إلى الحلقة الثانية ) .
يقول ستالين ( إن مؤلف لينين الصادر في العام 1905 لم يصل إلى هذه النتيجة ولكنه على كل حال " حوى " جميع العناصر الجوهرية اللازمة لاستخلاصها " طبعاً على حد قول ستالين " وكأن ( النتيجة ) موجودة بصورة ضمنية في النظرية الجديدة ..
لم يلبث لينين أن أفصح عن هذه النتيجة ( عام 1915 – 1916 ) حين أعلن " مبدأ إمكان ووجوب انتصار الثورة الاشتراكية في بلد واحد ,, على أساس " قانون " التفاوت بين الدول الرأسمالية ..
طيب ,, موافق ؟
سوف نرى مصداقية ستالين حول ما كتبه عن الثورة الروسية ,, ولو أن الأدلة سوف تكون في الأجزاء القادمة إلاّ أنّ هذه البداية لا بدّ منها لأن الأستاذ فؤاد ألنمري طالبني بالتركيز أكثر حول أل " نقودات " التي تحويها مقالاتي كي تكون أكثر موضوعية ) هذا ما قاله ( بمعناه ) على مقالي " أنصار ستالين والشلة " . وسوف التزم بنصيحته .
نعود :
قامت ثورة شباط ( آذار ) 1917 البرجوازية – الديمقراطية ,, فأعلن لينين الانتقال إلى الحلقة الثانية : الثورة الاشتراكية البروليتارية ووافق الحزب البلشفي على خط لينين وهزم الموقف الانتهازي الذي تبناه بعض ( المترددين – المنحرفين ) " الآن اكتشفتُ من أين تأتي هذه الأدبيات على صفحات الحوار المتمدّن " ؟ والآن عرفتُ لماذا دائماً تتردد هذه المفردات على المخالفين وكيف كان تروتسكي من ضمن هذا التصنيف حتى وصل الأمر بالأستاذ فؤاد ألنمري بمطالبة " الحوار المتمدّن " بعدم نشر مقالات تروتسكي " ؟ في الحلقات القادمة سوف يتبين من هم " المترددين – المنحرفين " ؟
نعود :
جاءت ثورة أكتوبر الاشتراكية تحقيقاً لنظرية لينين وخطته ؟
فالثورة الروسية امتدّت على مرحلتين إستراتيجيتين اثنتين – حافظ الحزب في كل منهما على خطة ( الستراتيجي ) الثابت واقتصرت التغيرات على ( التكتيك ) ..
( في العراق – زمن البعث – كنا دائماً نسمع " الستراتيجي – التكتيك ,, ولكني لم أكن اعرف ماذا يقصدون , الآن أصبحت واضحة ) ؟
أما تروتسكي فقد وضع بالتعاون مع أستاذه بارفوس ( نظرية حمقاء ) " سخر منها لينين منذ عام 1905 ( سوف يتبين لكم بعد ذلك الخيط الأبيض من الخيط الأسود – من الثورة – من هو صاحب النظرية الحمقاء ) ؟ وهل كان ستالين أميناً فيما جاء في كتبه المذكورة في بداية المقال ؟ على أنصار ستالين الانتظار ..
بالمناسبة قد يتصور البعض أنني بصدد الدفاع عن ( الخائن ) ؟ تروتسكي ؟ لا , أبداً .. أنا إنسان حرّ ولا أنتمي لأحد وسوف لن أنتمي ما حييت ..
النظرية " الحمقاء " أسماها تروتسكي " نظرية " الثورة الدائمة " وهي على وجه الدقة عكس نظرية لينين : تنكر طاقات الفلاحين الثورية , قدرة البروليتاريا على قيادة الفلاحين ( فهي نظرية نصف – منشفية ) كما تنكر إمكان نجاح الثورة في بلد واحد ( إنها نظرية غريبة عن الثورة وسيرها الفعلي وضعها العدو ) ؟
لو نتخلص من بعض المفردات اعتقد بأننا سوف نبدأ بداية صحيحة " العدو – الخائن – ألتحريفي – الوضيعة الخ المسميات " ؟
هناك لغة أخرى – لغة ثقافية تتماشى مع العصر ,, لازلنا نكتب عبارات ومفردات عفى عليها الزمن , مثلاً في الانتفاضة السورية الجمعة 6 – 4- 2012 ( من جهز غازيا فقد غزا ) ؟
بعد هذه المفردات وردتنا المفردة الجديدة التالية :
( المتلحسون ) ,, لا تذهبوا بعيداً وتظنون ظن السوء ,, ( لا اقصد التستسة " تعبير رعد الحافظ " ) ولكن على أعتاب البيت الأبيض ( يعني الشلة ) ؟
لنقرأ جزء من تعليق السيد سميح على مقالنا " أنصار ستالين والشلة " :
هو أن نخوض معركة التحرر الوطني ضد أعداء هذه الأمة . و بعدها لكل حدث حديث . حين نصبح أسيادا على أرضنا سينفضح ( المتلحسون ) على أعتاب البيت الأبيض أصحاب النفوس الرقيقة – انتهى جزء من التعليق .
نصيحتي هي التالية له ولأنصاره :
" العرب خير أمّة تلعب الطاولة في مواجهة عدو يلعب الشطرنج " أسامة أنور عكاشة .
متى نخوض المعركة ؟ متى نصبح أسياداً , هل نحن عبيد ؟ وبمناسبة العبيد يقول " أبراهام لنكولن " : انهضوا أيّها العبيد فإنكم لا ترونهم كباراً إلاّ لأنكم ساجدون ..
يقول " عدونا المشترك " موشي ديان ( لا أخاف من العرب مهما جمعوا من سلاح وعتاد , لكنّي سأرتجف منهم إذا رأيتهم يصطفون بانتظام لركوب الباص ) ..
نصيحة في نفس الصدد وفي نفس الباص : لم استطع تدريب إنسان عربي واحد على صعود الباص من الخلف والنزول من الأمام فكيف بتدريبه على الثورة " محمد الماغوط "
لنخرج عن الموضوع قليلاً ونسأل ما هو السبب لكل هذا الانحطاط ؟
حسب رأيي الجواب هو :
المشكلة في المجتمعات العربية هي أن الحركة القومية العربية حاولت فرض مفهوم الدولة العلمانية على شعوبها (المتأخرة والجاهلة) بالقوة وبأساليب دكتاتورية (تونس، الجزائر، العراق، سوريا، مصر الخ). مطلب الدولة العلمانية لم يأت من الأسفل (كما حدث في أوربا) بل فرض من الأعلى بقوة، والنضال ضد الطغيان ارتبط في أذهان الجماهير (المتأخرة والجاهلة) بمقاومة الجماعات الإسلامية (المتطرفة والجهادية) ضد الحكام العرب. ولذلك برزت هذه الجماعات الإسلامية وحصلت على تأييد الجماهير الجاهلة (وهي الأكثرية الساحقة) عندما أخذت الأنظمة الطاغية بالانهيار .
نحن نتكلم طبعاً بصورة عامة جداً ولكل قطرٍ خصوصياته. سوريا هي المسرح الذي تظهر فيه هذه التناقضات على أشدها أمام أعيننا .
كما أنني لا استطيع أن أتجاهل دور القضية الفلسطينية التي أنزلت الخراب بحركة التحرر العربية وباليسار العربي وعززت مواقع القوى الإسلامية الظلامية. أين هو الجائع الجاهل والمخدوع الذي لا يريد الدفاع عن الأقصى المبارك بالروح والدم ؟
باختصار أنا على ما يبدو لست متفائلاً جدا .ً
( كان هذا تعليق الأستاذ يعقوب ابراهامي على مقالي " أدونيس , النبي الوثني " ) .
نعود للأنصار :
عندما أقول بأن أنصار ستالين ينطلقون مما كتبه هو دون تحقيق أكون ( خائن – منحرف – مرتد , نتقاضى رواتب من مخابرات كوريا الشمالية " ثلاثين من الفضة " ) ؟ وعندما نقول بأن هذه لغة خشبية يقولون بأنكم تشتموننا ؟ لله في خلقه شؤون ؟
نعود ونقول :
تلك هي الصورة الستالينية . ومن مصادرها الحقيقية دون تدخل من ( الشلة ) ولكن لابدّ من أن نطرح الأسئلة الحقيقية حتى يتبين لكم من هو الذي يشوه الصور والحقائق ؟
ما هي حقيقة الأمور ؟
ما هو السير الفعلي للثورة ؟
كيف واجهها الماركسيون الروس ؟
متى وضع لينين نظرية تحويل الثورة الديمقراطية البرجوازية إلى ثورة اشتراكية ؟
هذه الأسئلة وغيرها سوف تكون هي وأجوبتها في الحلقات القادمة ..
إذن :
للحديث بقية .
/ ألقاكم على خير / .