قانون فائض القيمة قانون اقتصادي خاص باسلوب الانتاج الراسمالي (ملحق)


حسقيل قوجمان
2012 / 4 / 5 - 13:08     

قانون فائض القيمة قانون اقتصادي خاص باسلوب الانتاج الراسمالي (ملحق)
في الواقع كان يجب ان يكون موقع هذا الموضوع جوابا على التعليقات على مقالي الاخير. ولكني قررت ان اكتبه ملحقا كموضوع منفصل لسببين. اولا لتحاشي المضايقة من قواعد الردود في الحوار المتمدن بحيث ينبغي تقسيم الرد الى عدة اقسام مما يجعله مملا للقارئ. وثانيا اردت ان يكون الموضوع متوفرا للقراء الذين لا يتتبعون التعليقات بعد قراءة المقالات.
في التعليقات حول قانون فائض القيمة ثار نقاش ابدى فيه المعلقون اراء مختلفة حول هذا القانون. من حق كل قارئ طبعا ان يكون له رايه الخاص حول قانون فائض القيمة الى حد انكار وجوده وابتداع النكاة الظريفة حول القانون. ولكن موضوع البحث ليس مناقشة الاراء الشخصية عن قانون فائض القيمة بل الموضوع هو تقديم القانون بالشكل الذي شرحه كارل ماركس عند اكتشافه. وقد اختلف المعلقون في كيفية عرضهم لشرح كارل ماركس للقانون. واعتقد ان احسن طريق لمعرفة الحقيقة حول شرح كارل ماركس للقانون هو العودة الى شرحه الاصلي في كتاب الراسمال. ولكن موضوع قانون فائض القيمة في الراسمال طويل ويتكون من عدة فصول كل فصل يبحث جانبا من جوانب مختلفة من القانون. وقد يكون من الصعب قراءة كل ذلك لانه يتطلب مجهودا كبيرا ووقتا طويلا. لذلك قررت اقتباس فقرة واحدة من شرح قانون فائض القيمة فيه توضيح للخلاف بين المعلقين. من الصفحة ٢٨٠ من الترجمة العربية للجزء الاول من الراسمال اقتبست الفقرة التالية:
"لقد تم التقيد بكافة شروط المسألة، ولم تخرق قوانين التبادل البضاعي اطلاقا. فالمعادل كان يبادل بالمعادل . وكان الراسمالي قد دفع، بوصفه شاريا، مقابل كل بضاعة – القطن المغازل وقوة العمل – حسب قيمتها. وبعد ذلك فعل ما يفعله اي شار اخر للبضائع. لقد استهلك قيمتها الاستعمالية. وان عملية استهلاك قوة العمل ، هذه العملية التي تعتبر في الوقت ذاته عملية انتاج البضاعة، اعطت ناتجا/ ٢٠ رطلا من الغزل، تبلغ قيمته ٣٠شلنا. والان يعود الراسمالي، الذي اشترى البضائع سابقا، الى السوق ويبيع البضاعة. ويبيع الرطل من الغزل بشلن واحد و ٦ بنسات، اي لا اغلى ولا ارخص بفلس واحد من قيمته. ومع ذلك يستخلص من التداول ما يزيد بثلاثة شلنات عما كان قد القى في البدء. وان هذه العملية بكاملها، اي تحول نقده الى راسمال، تتحقق في مجال التداول وتتحقق خارجه. انها تتحقق بواسطة التداول لانها مشترطة بشراء قوة العمل في سوق البضائع. وخارج التداول ، لان هذا يقتصر على التمهيد لعملية ازدياد القيمة، بينما هي تتحقق في مجال الانتاج.”(التاكيدات موضوعة)
المعادل كان يبادل بالمعادل. يعني هذا ان المعاملة في السوق، عملية الشراء والبيع تجري بصورة تتفق وقواعد التداول، اي تداول البضائع بصورة لا يكون فيها اجحاف بالنسبة للبائع او الشاري. دخل الراسمالي السوق يحمل نقوده كشار للبضائع واشترى البضائع التي يحتاجها لمشروعه. انه بهذا حول نقوده الى بضائع، الى قيم استعمالية.
اشترى القطن والمغازل كما اشترى قوة العمل حسب قيمتها. اي دفع قيمة قوة العمل لكي يستطيع استعمال قيمتها الاستعمالية بالضبط كما اشترى القطن لكي يستطيع استعماله. في شرح القانون في مقالي اكدت على كلمة "حتى لو" اشتراها بقيمتها الحقيقية. ولكن كارل ماركس في هذه الفقرة يجعل شراء قوة العمل بقيمتها الحقيقية امرا قاطعا للتأكيد على ذلك. وهو يبحث خرق الراسماليين لهذا الامر في فصول اخرى. فحسب هذه الفقرة يشتري الراسمالي قوة العمل بقيمتها الحقيقية.
بعد شراء الراسمالي القطن والمغازل وقوة العمل اخذها كما يفعل كل شار لاية سلعة من اجل استعمالها لاغراضه الخاصة. وهذا هو حق مطلق لاي شار بعد شرائه لاية سلعة من السلع المعروضة في السوق. واستعمال هذه السلع التي اشتراها هو تشغيلها في الانتاج في معمله. هذه العملية، عملية استعمال السلع التي اشتراها، تجري خارج السوق. ونتيجة لاستعمال هذه السلع التي اشتراها نتجت سلع اخرى جديدة اصبحت بصورة طبيعية ملكا للراسمالي ولكنها ليست سلعا يستعملها هو نفسه بل هي سلع يحتاج الى تحويلها الى نقود. يعرضها في السوق ويبيعها حسب قواعد التداول المعادل بالمعادل. ومع ذلك يحصل على مبلغ اضافي. وبهذا تحول نقده الى راسمال.
ليس كل مبلغ من النقود راسمالا. لكي يتحول اي مبلغ من النقود الى راسمال يجب ان يحقق زيادة. الراسمال هو نقود تولد نقودا. الراسمالي يلقي مبلغا من النقود في التبادل ويستعيد نقوده من التبادل ولكن باضافة مبلغ اخر. يتحقق تحول النقود الى راسمال في التداول وخارج التداول. في التداول حين يوظف الراسمالي نقوده بشراء السلع التي يحتاجها. ويتحقق تحول النقود الى راسمال خارج التداول حين يستعمل القيم الاستعمالية للسلع التي اشتراها في عملية انتاج سلع جديدة. ويتحقق تحويل نقوده الى راسمال في التداول حين يبيع ما انتجه في التداول حيث يحصل على كمية من النقود تفوق ما القاه في التداول في البداية. فتحويل النقود الى راسمال يحصل في التبادل ثم خارج التبادل، في الانتاج، ثم مرة اخرى داخل التبادل، في البيع.
يتحقق ذلك لان القيمة الاستعمالية لاحدى السلع التي اشتراها ، سلعة قوة العمل، تحقق في عملية الانتاج، في العمل، قيمة تفوق قيمتها التبادلية التي دفعها الراسمالي ثمنا عند شرائها. يتحقق تحول النقود الى راسمال لان استعمال القيمة الاستعمالية لقوة العمل، اي العمل في الانتاج، تنتج قيمة تفوق قيمتها التبادلية.
في هذه الفقرة المقتبسة من كتاب الرسمال عرض واضح لنظرية قانون فائض القيمة بصيغته التي شرحها كارل ماركس. يستطيع كل انسان ان يكون رايه الخاص بقانون فائض القيمة ولكن عرض كارل ماركس هو العرض الماركسي الوحيد. وكل عرض اخر او راي اخر او صيغة اخرى لقانون فائض القيمة صحيحا كان ام غير صحيح هو ليس قانون فائض القيمة الماركسي.
لا شك ان معلقي الشلة سيعترضون بان هذه الفقرة كتبت قبل قرن ونصف ايام القطن والمغازل والانتاج الراسمالي اليوم تقدم الى مستوى انتاج القنبلة الذرية وغزو الفضاء. فكيف تكتب مثل هذه الفقرة بالنسبة لشركة صناعة السيارات او الدبابات مثلا اليوم؟
لقد تم التقيد بكافة شروط المسألة، ولم تخرق قوانين التبادل البضاعي اطلاقا. فالمعادل يبادل بالمعادل . ويكون الراسمالي (الشركة) قد دفع، بوصفه شاريا، مقابل كل بضاعة – الروبوت والحديد والنحاس والالومينيوم والكهرباء وقوة العمل – حسب قيمتها. وبعد ذلك فعل ما يفعله اي شار اخر للبضائع. لقد استهلك قيمتها الاستعمالية. وان عملية استهلاك قوة العمل ، هذه العملية التي تعتبر في الوقت ذاته عملية انتاج البضاعة، اعطت ناتجا كذا عددا من السيارات او الدبابات، تبلغ قيمتها كذا مئات الاف او ملايين الدنانير. والان يعود الراسمالي، الذي اشترى البضائع سابقا، الى السوق ويبيع البضاعة. ويبيع السيارات او الدبابات بقيمها، اي لا اغلى ولا ارخص بفلس واحد من قيمتها. ومع ذلك يستخلص من التداول ما يزيد بكذا مئات الاف او ملايين الدنانير عما كان قد القى في البدء. وان هذه العملية بكاملها، اي تحول نقده الى راسمال، تتحقق في مجال التداول وتتحقق خارجه. انها تتحقق بواسطة التداول لانها مشترطة بشراء قوة العمل في سوق البضائع. وخارج التداول ، لان هذا يقتصر على التمهيد لعملية ازدياد القيمة، بينما هي تتحقق في مجال الانتاج.
فدور الحديد والنحاس والالومينيوم في هذه العملية كدور القطن ويقوم الروبوت بدور المغازل في تلك العملية. تقوم كل هذه المواد باستيعاب عمل العمال في تحويل المواد الى سيارات او دبابات وتحويل النقود الى راسمال.