أنصار ستالين والشلة ؟


شامل عبد العزيز
2012 / 4 / 2 - 21:54     

إذا رأيت الرجل يدافع عن الحق فيشتم ويسب ويغضب فأعلم أنه معلول النية لأنّ الحق لا يحتاج إلى هذا ( أحدهم ) ..
كان من المفروض أن أقوم بنشر الجزء الثاني – حسب التسلسل – من سلسلة مقالات " الماركسية في عصرنا " إلاّ أنني ارتأيت التأجيل لغاية في نفس يعقوب , ( ليس ابراهامي ) ؟
نعود مرّة أخرى للجدل القائم بين أنصار ستالين ( والشلة ) ..
أنصار ستالين ينقلون عنه الصورة للثورة ومسائلها وما كتبه في الاقتصاد والتي نجدها في مؤلفات ستالين :
في أسس اللينينية 1924 – ثورة أكتوبر وتكتيك الشيوعيين الروس ديسمبر 1924 – مسائل اللينينية يناير 1926 – تاريخ الحزب الشيوعي " البلشفي " في الاتحاد السوفيتي 1938- المادية الديالكتية والمادية التاريخية 1938 وفي الاقتصاد عام 1952 المسائل الاقتصادية للاشتراكية في الاتحاد السوفيتي وقبل ذلك في عام 1950 الماركسية وعلم اللغة ..
هل كانت هذه المؤلفات خطوة إلى الأمام أم إلى الوراء في ( الماركسية ) ؟
سوف نعرض وجهة نظرنا لكي يتبين جواب السؤال المطروح ؟
طبعاً إذا لم يكن الحوار هو الغاية فكل التعليقات التي تصب في باب الشتائم والتجريح والصهيونية تعتبر " هزيمة وفشل " فالمثقف هو الذي يحاور في سبيل الوصول إلى نتائج أفضل .
في المسائل الاقتصادية " ستالين لديه كتاب يحمل عنوان " المسائل الاقتصادية للاشتراكية " فما هو رأي ستالين في كافة المسائل وسوف لن نتطرق إلى المسألة القومية أو الثورة الدائمة الخ المسائل التي تتناقض مع ما قاله ماركس أولاً ولينين ثانياً ..
حتى تكون الآراء المطروحة بعيدة عن التعصب والاصطفاف لابد أن نقول بالرأي العلمي ونسير وراء الذين يسعون للبحث من أجل أن تكون الصورة واضحة المعالم وأن ننظر إليها من جميع الزوايا وليس من زاوية واحدة وندخل في خانة البحث المنهجي وليس الحزبي أو العقائدي ولا ننطلق من باب أنصر أخاك ظالماً أو مظلوماً ..
كتاب المسائل الاقتصادية يرتدي أهمية قصوى ,, لماذا ؟ " إنه وصية ستالين وقمة الستالينية في الحقل الفكري " ؟
أنا لا زلتُ أقول بأن أنصار ستالين اعتمدوا على كل ما كتبه ستالين نفسه سواء أكان ما كتبه مخالفاً للماركسية أم لا ؟ قد أكون مخطئاً ,, لا ادري ولكن الشك هو الذي يجعلني أسير في هذا الطريق .. ودليلي " قد يبدو ضعيفاً " هو الخلاف الفكري والجذري بين الذي نقرأه على صفحات الحوار المتمدّن وبين ما نقرأه في بعض الكتب وكذلك بعض المقالات المخالفة ..
سوف لن نعتمد على تلك الكتب أو المقالات المخالفة ولكن سوف نذهب إلى المصادر الرئيسية من أجل أن نقول الرأي الذي نتبناه والذي هو " مخالفة صريحة " للماركسية من قبل أنصار ستالين .- قال الخطباء حول كتاب ستالين " المسائل الاقتصادية للاشتراكية " في المؤتمر التاسع عشر للحزب " 1952 " نفس سنة صدور الكتاب " الكتاب بمثابة برنامج لبناء الاشتراكية والشيوعية في الاتحاد السوفيتي" ؟ حسب رأيي من هنا بدأ ومن هذه الشعارات الخراب وبدأت البيروقراطية والتحزب ؟
سؤال بسيط هل ما كتبه ستالين يعتبر بمثابة برنامج أم ما كتبه ماركس حول نفس الموضوع ؟
ثم قال الخطباء " ولا أحب أن أقول كلمة غيرها " ( الكتاب " قاعدة فكرية إلزامية لجميع الأحزاب الشيوعية في العالم " ) ؟
من أين يستقي الماركسي أفكاره من ستالين أم من ماركس ؟ هذا هو السؤال الثاني ؟
لنقرأ المفارقة التالية :
لم تمض سنتان على موت ستالين 1953 حتى بدأ الاقتصاديون السوفيت يعيدون النظر فيما كتبه ستالين حول المسائل الاقتصادية ( وعلى غرار لا يفتى ومالك في المدينة فها هم أهل الاختصاص يتناولون ما كتبه حفار النصوص حول مسائله ) ؟
قرر المؤتمر العشرون عملياً " إسقاط الكتاب من تراث الفكر الماركسي نظراً للأخطاء الواردة فيه "
أي أن أفراد الشلة لا علاقة لهم بإسقاط كتب ستالين من الفكر الماركسي " ربما خروشوف " ؟
هناك سؤال " ما هي هذه الأخطاء وما هو محتوى كتاب ستالين " ؟ سوف نرى بعد قليل .
أولاً : علم الاقتصاد السياسي :
أفكار ستالين تظهر على نحو كامل في ردوده على ( نوتكين – يارو شنكو – سانينا – فنجر ) .
يعرض ستالين رأي – يارو شنكو – عالم اقتصادي سوفيتي حول موضوع " علم الاقتصاد السياسي للمجتمع الاشتراكي وهو :
أن المسألة الرئيسية في هذا العلم ليست دراسة علاقات الإنتاج بين البشر بل هي صياغة النظرية العلمية لتنظيم القوى المنتجة , نظرية تخطيط ( = تنهيج = برمجة ) نمو الاقتصاد الوطني . ( أين أنت يا علي عجيل منهل ) - أتمنى أن لا تحذف الأحرف الأولى ؟
يرد ستالين على هذا الرأي مبيّناً الدور الكبير لعلاقات الإنتاج في المجتمع الاشتراكي ( كما في المجتمعات الأخرى ) :
إنّ علاقات الإنتاج الاشتراكية في الصناعة والزراعة هي الشرط الذي سمح بنمو القوى المنتجة , وإن الانتقال من الاشتراكية ( لكل حسب عمله ) إلى الشيوعية ( لكل حسب حاجاته ) لا يشترط نمو الإنتاج والقوى المنتجة مع إعطاء الأولوية لإنتاج وسائل الإنتاج وحسب بل يشترط ( ستالين ) تحويل علاقات الإنتاج ( إحلال ملكية المجتمع بأسره محل الملكية الكولخوزية الخ ) .
نستمر مع أراء ستالين الاقتصادية :
إن موضوع علم الاقتصاد السياسي هو في كل المجتمعات وفي المجتمع الاشتراكي بالذات " علاقات الإنتاج " لا " القوى المنتجة " ؟
إن مسائل التنظيم العقلي للقوى المنتجة مسائل تخطيط الاقتصاد الوطني الخ , ليست موضوع الاقتصاد السياسي بل موضوع السياسة الاقتصادية للهيئات القيادية ( هذان ميدانان مختلفان لا يجوز الخلط بينهما )هذا ما يقوله الرفيق ستالين ثم يقول : لقد خلط الرفيق يارو شنكو هذين الشيئين المختلفين ولذا سقط " أي الرفيق يارو شنكو " في وضع لا يحسد عليه ؟
لازلنا مع أراء الرفيق ستالين الاقتصادية :
الاقتصاد السياسي يدرس قوانين نمو علاقات الإنتاج بين البشر – السياسة الاقتصادية تستخلص من ذلك استنتاجات عملية وتشخّصها بشكل حسي وتستوحيها في نشاطها اليومي ..
إن – إرباك – إثقال – الاقتصاد السياسي بمشاكل السياسة الاقتصادية أمر يقضي على الاقتصاد السياسي كعلم ..
إن موضوع الاقتصاد السياسي هو علاقات الإنتاج , العلاقات الاقتصادية بين البشر وهي تشمل :
أشكال الملكية – وسائل الإنتاج .
موقع مختلف الجماعات في الإنتاج وعلاقاتها المتبادلة ( ماركس يقول فعاليّاتها ) التي تنبع من هذه الأشكال . وأخيرا : أشكال توزيع المنتوجات التي تتوقف عليها كلياً .
ثمّ يتطرق ويعرض ستالين رأياً أبداه العالمان " سانينا وفنجر " يتعلق بالقوانين الاقتصادية للمجتمع الاشتراكي وهو أن هذه القوانين لا تظهر ولا تنبثق إلا ( بفضل النشاط الواعي للناس السوفيت الداخلين في عملية الإنتاج المادي ) .
ما هو رد ستالين :
هذا الرأي خاطئ بصورة مطلقة ,, لماذا ؟
يقول ستالين : لأن البشر لا يخلقون القوانين الموضوعية بل هم في أحسن الحالات يستخدمونها لمصلحة المجتمع ( إن كل رأي آخر انحراف عن المادية إلى المثالية الذاتية " النظرية الإرادية وغيرها " ) .
ولكن ما هو رأي الاقتصادي – الكسندر نوتكين - فيما قاله ستالين :
إن رأي ستالين عن استخدام القوانين الاقتصادية يخص المجتمع الاشتراكي وحده ولا يمكن توسيع مداه إلى النظم الاجتماعية الأخرى .
ردّ عليه ستالين " هذا خطأ "
في عهد الثورة البرجوازية في فرنسا مثلاً استخدمت البرجوازية ضد الإقطاعية قانون " التوافق الضروري " بين علاقات الإنتاج وطابع القوى المنتجة فأطاحت بعلاقات الإنتاج الإقطاعية وانشأت علاقات إنتاج جديدة , برجوازية , وجعلتها تتوافق مع طابع القوى المنتجة التي تشكلت في قلب المجتمع الإقطاعي ..
إن استخدام القوانين الاقتصادية لمصلحة المجتمع أمر يتحقق بقدر ما ليس في ظل الاشتراكية والشيوعية فحسب بل في ظل التشكيلات الأخرى أيضاً ..
انتهينا من أراء ستالين في موضوع علم الاقتصاد السياسي وطبيعة القوانين الاقتصادية في المجتمع الاشتراكي بشكل خاص وفي المجتمع الإنساني بشكل عام ,, فما هي قيمة هذه الآراء ؟
هل صحيح أن موضوع الاقتصاد السياسي هو علاقات الإنتاج ( وأن أدوات الإنتاج هي من اختصاص " علم التكنولوجيا " هذا صحيح وستالين هنا يكرر رأياً معروفاً لماركس وإنجلس ولينين إلاّ أنّ ستالين تجاوز هذه الآراء وأكد أن علم الاقتصاد السياسي لا يهتم بأدوات الإنتاج ولا يهتم بالقوى المنتجة .
في كتابه – المادية الديالكتية والمادية التاريخية 1938 – حدّد ستالين مقولة علاقات الإنتاج – العلاقات بين الإنسان والإنسان في عملية الإنتاج – ومقولة القوى المنتجة – البشر المنتجون – وأدوات الإنتاج التي تمثل العلاقة بين الإنسان والطبيعة في عملية الإنتاج ..
في كتابه – المسائل الاقتصادية – انتقل من التمييز الضروري بين الأساس الاقتصادي والقاعدة التكنولوجية والفصل بينهما مبعداً أدوات الإنتاج عن ميدان علم الاقتصاد السياسي .
من الصعب جداً أن نتناول في هذا المقال جميع الآراء التي طرحها ستالين أو أفكاره المبثوثة بين ثنايا كتبه التي أوردناها ولكن سوف نختصر بعضها .
إن الاقتصاد السياسي يدرس الأساس الاقتصادي للمجتمع - علاقات الإنتاج – ولكنه لا يغفل القاعدة التكنولوجية – المادية التاريخية تميز بين علاقات الإنتاج والقوى المنتجة , تؤكد في الوقت نفسه ارتباطهما الوثيق وتعتبرهما وجهين لحقيقة واحدة لا تتجزأ , هي نمط الإنتاج أو أسلوب الإنتاج , إن هذين الوجهين – الفني والاجتماعي هما ثمرة عملية تجريد ذهنية –
في المادية الديالكتية كتب ستالين يقول :
إن علاقات الإنتاج تعطي الجواب على السؤال " من يملك وسائل الإنتاج , من يحكم وسائل الإنتاج , المجتمع بأسره أم أفراد أو جماعات أو طبقات تستخدم هذه الوسائل لاستثمار أفراد آخرين أو جماعات أو طبقات أخرى ؟
أخرج ستالين تنظيم الإنتاج وتخطيط الاقتصاد من ميدان علاقات الإنتاج وفصل السياسة الاقتصادية عن الاقتصاد السياسي للاشتراكية ..
هذه التجاوزات على الماركسية ترتبط بالخطأ الأولي ( الفصل بين علاقات الإنتاج والقوى المنتجة ) وهو الخطأ الذي يجسّد روح المنهج الستاليني القائمة على ( التصنيف الدقيق الصارم – الميتافيزي – للمفاهيم والمقولات المرتبطة بتشويه مكانة الممارسة في النظرية الماركسية ) .
سوف نكتفي بذلك ثمّ نطرح سؤالاً " ما هو التقييم الإجمالي للأفكار الواردة " ؟
من يعتقد بأننا نحاول تشويه صورة ستالين من على صفحات الحوار المتمدّن عليه أن يبحث عن حجة أخرى لأن هذه الحجج والاتهامات أصبحت حجج " واهية " ونكتة سمجة " مؤلفات ستالين والبيروقراطية هي التي شوهت ستالين وهي التي شوهت الماركسية ..
نعود للتقييم " إذا أردنا أن نحوّل القضية إلى عملية تعداد ما هو صحيح وما هو خاطئ " :
ستالين أوضح عدداً من المبادئ ( يسير عليها أنصاره ) الأساسية :
القانون الاقتصادي للاشتراكية للرأسمالية المعاصرة ( تامين أرباح الرأسماليين إلى الحد الأقصى ) القانون الاقتصادي العام لجميع النظم الاجتماعية وتطورها ( التوافق الضروري بين علاقات الإنتاج وطابع القوى المنتجة ) شروط الانتقال من الاشتراكية إلى الشيوعية ( نمو القوى المنتجة والإنتاج , تطوير علاقات الإنتاج الشروط التربوية والثقافية ,, الخ ..
نعود للسؤال :
أيهما الراجح في أفكار وأقوال ستالين – الصواب أم الخطأ ؟
ولكن هل كانت هذه الإيضاحات " التي حُوّلت إلى قوالب مطلقة " ( بتعامل بها أنصاره ) خاصة قانون التوافق المشؤوم بحاجة إلى عبقرية ستالين ( يشهد له بذلك تشرشل ) ؟
إذا كان الأمر كذلك يجب أن ( نرثي ) للحالة التي تردى إليها الفكر الماركسي في زمن ستالين " وفي زمن الحوار المتمدّن " ؟
هناك سؤال جدي يتفق مع المنهج الجدلي " هل مؤلفاته خطوة للأمام في الفكر الماركسي وخصوصاً " المسائل الاقتصادية للاشتراكية " ؟
هل قدم فهماً صحيحاً للمجتمع الاشتراكي وحاجاته ؟
ختاماً :
يبدو أن ستالين في اعتراضه على أقوال عدد من الاقتصاديين وفي نضاله ضدّ بعض أراء ( روزا لوكسمبورغ ) قد اندفع في اتجاه سان – سيموني ( اشتراكي طوباوي يرى المجتمع المثالي في شكل " هيئة من رجال العلم والمهندسين " الاستشاري ليس من بينهم " تكشف " كيفية سير المجتمع وتعلم الناس – النظام – الذي يجب ان يوّفقوا سلوكهم معه – ( هذه كارثة ) , في حوار بين – حكماء القيادة العلمية – و – الواقع الموضوعي الخالص – " ينحدر دور الجماهير إلى ما يشبه العدم "
يقول فولتير " الإنسان هو الحيوان الوحيد الذي يثير رعبي – بينما لا يشكل الأسد الشبعان أيّ أذى – فليس له أيّ مذاهب أو طوائف أو أحزاب "
/ ألقاكم على خير / .