هم عقائديون أليس كذلك


علاء الصفار
2012 / 3 / 3 - 12:53     

*الثبات أم الانبطاح*

ان اسس العمل في المجال السياسي هي التي تفرض الاختيار و الانحياز. لذا كان هناك دائما فكر و عقيدة و ايدولوجية وفلسفة للاسترشاد, و الدليل في العمل و التاكد من الخطى و مدى تطبيق النظرية و تفاعلها مع الواقع فهي البوصلة في شعاب الطريق المتعرج للعمل السياسي. فاذا عالم الفيزياء مثلا يحتاج الى اسس للبحث العلمي من اجل تطوير الحقيقة العلمية البحتة, فيكون السياسي اكثر الزاما باختيار الاسس الفكرية و النظرية و التنظيمية في العمل السياسي و البناء الاقتصادي والاجتماعي, بالاختيار و الانحياز وعدم التسيب.
فاذا اخطأ عالم في تحقيق و اثبات الحقيقة العلمية فهو من يخسر جهده و بعض المصاريف التي رصدت من اجل مشروعه العلمي و ستكون تجربة شخصية بحتة لرجل العلم و المهتم بالعلم.

لكن في السياسة يكون الامر شديد الاختلاف فحين يطرح المرء مجرد راي او قناعة فهو محاسب عليها من الناس اجمعين . اذ الامر يهم حياة الناس في ادق تفاصيلها لذا يتطلب على أي سياسي الدقة و الحذر كما الاحزاب في انحيازها و اختيارها للموقف اذ ان الموروث السياسي كبير للبشرية و المواقف قد تتشابهة و تتكرر و الاخطاء ايضا تتكرر في التاريخ فعلى السياسي الالمام بالمباديء و المواقف التاريخية و الافادة من الدروس و العبر التاريخية.

لقد حدث الكثير من الامور في العصر الحديث و صار بعض الامور بديهية في العمل السياسي و الواقع الحياتي اليومي للسياسة, فالمعيار واضح و جاهز و لا يحتاج الى دراسة. فالحكم جاهز على بعض الامور الى حد التخوين لتكرار الامر التاريخي للحدث و الموقف. مثال في الحرب الراسمالية الاستعمارية حدث موقف انطلى على الكثير من السذج وحملهم على التذبذب في العمل السياسي اليساري و الشيوعي في اوربا. لقد دعى كاوتسكي الى الدفاع عن الوطن وضًيًع الكثير من السياسيين, للتحول الى خدمة الحرب الراسمالية الاستعمارية. فعمل السياسيين المبدئيين على الصمود و البقاء على الموقف المبدئي الثابت و الاستمرار على النظرية الثورية ذاتها. ادين القادة الثوريين بالجمود العقائدي وعدم استيعاب الواقع و متغيراته, صمد المبدئي و عرى كل الانتهازيين و الخونة بما فيهم المخادع كاوتسكي. ففي الحقيقة كان المبدئي صاحب قدرة فكرية و موقف شريف مرنة في تفنيد المزاعم المنحرفة, امام ادعياء يهاجمون باسم الابداع و العصرنة. انها كلمات رخيصة براقة تنطلي على السذج و باسم العقل المتفتح, فصحا من كان ساذج مخدوع, لياخذ الموقف الصحيح. تكرر هذا الموقف كثيرا في العالم.
فصار الرد جاهز على هكذا راي و دعوى فهو لا يحتاج الى دراسة و تفنيد, اذ صارمن البديهي لاي سياسي قد عرف الامر و اطلع عليه, وحين يطرحه السياسي الان, و في هذا الوقت فالرد جاهز, و هو الهجوم و الادانة و التخوين لهؤلاء.

حدث ذلك في العراق بعد تطور الحرب و اشتداد الخلافات في الحزب الشيوعي طرح البعض من القادة المنحرفين هذا الامر, الا و هو الدعوة للدفاع عن الوطن بعد تغير الصورة للحرب. بعد ان كان العراق غازيا للاراضي الايرانية, لتصبح البصرة و الفاو تحديدا مهدد بالاحتلال.
فهؤلاء السادة القادة هم على اطلاع لهكذا امر, و قد ادانوا يوم ما, كاوتسكي, و موقفه التاريخي المنحرف المشين لكن رغم ذلك قد تبنوا هذا الموقف المدان تاريخيا. فلا مجال الا ادانة الموقف الخياني لهم. لكن بصلف يدافع الانتهازي عن الموقف المشبوه بتبريرات ان الوضع يختلف في العراق, و ليهاجم الثابت على المواقف المبدئية بتهمة الجمود العقائدي و يدان لأنه لا يعقل الظروف الجيدة, بل هو مصيبة و عقبة في طريق تطور الاحداث في العراق, و ينبغي التفكير بالأمن القومي, لاجل ان لا يحتل العراق. أي ينتقل المرتد الخاوي فكريا الى الهجوم. و يحاول ان يتجاهل مًن هو الذي فعلا عرض امن العراق للاخطار. و لٍمً ينبغ على الشيوعي انقاذ صدام من حرب قذرة جاءت بالايعاز الامريكي؟!

في الحقيقة حقق هؤلاء الساسة الانتهازيون, مصلحة شخصية مع السلطة للدخول الى العراق من اجل مكاسب سياسية تافهة و من اجل الاستحواذ السياسي على الحزب الشيوعي, باسم الدفاع عن الوطن. وقدموا خدمة للدكتاتور صدام ليستغل مواقفهم لتبرير الهجوم على ايران و اخفاء السبب الحقيقي للحرب, و اعطاء اوراق جديدة للنظام, و لتفيد ان النظام كان صائب في قرار الحرب, و ليفلت من ضغط الادانة في كون النظام ارهابي حربي فاشي, قد بدء بالحرب و هدد سلام و امن العراق, وما جلبت اليه من خسائر بشرية و تدمير شامل للعراق وفي مختلف المجالات من اقتصادي و تخلف علمي و صحي و انتشار الفساد و الجريمة و تشوية الانسان و القيم و الاخلاق.

لا اجد كلمة ادق لهؤلاء السادة القادة من تسميتهم خونة للفكر, و صاروا عملاء ادعياء للسلطة لمعرفتهم الحقائق التاريخية لكن عملوا على طمس الحقائق و التملص, رغم ان الطريق مطروق و مدان, و لكن تبجح يُهاجم صاحب القيم و المبدئي بالتحجر و الغباء, بل و راح البعض الساقط من جيش النضال ضد الدكتاتورية و الحرب يدعوا الى حل الحزب الشيوعي و تغيير اسمه, فقط لسقوط الا تحاد السوفيتي, بدعوى ابو البلاشفة انهار فماذا يريد الشيوعيين العرب عمله!

ان هذه الدعوات ليس غير تكملة للحملة المسعورة للانظمة الدكتاتورية الدائرة في فلك الامبريالية لضرب اليسار و الشيوعية. دعوى للتسيب و الانبطاح بتفكيك الاحزاب الناشطة ضد الدكتاتورية و الامبريالية الامريكية, ويعمل البعض من فلول القومجية و المرتدين اللا مبدئيين بخط موازي للدكتاتورية و مع الانظمة السلفية الوهابية, و باسم الديمقراطية و الليبرالية الغربية الان, لمواصلة عمليات الهجوم على الاحزاب الشيوعية.

لماذا ة هذا الدور؟ تعرف امريكا جيدا من خلال الثور الكوبية و الفيتنامية, و رجالاتها كاستروو شي جيفار و هوشي منه, ان الشيوعيين هم القوة الوحيدة التي لا تبيع الوطن و لا تخون الشعب. وان نجاح النظام الشيوعي في روسيا القيصرية و الصين الفلاحية انتج دول و قوى عظمى! درس لا تنساه, و تخشاه الامبريالية الامريكية.

و للعلم في كل بلدان اوربا الغربية الرأسمالية و ديمقراطيتها و الليبرالية الجديدة التي جاءت بها, تعمل كل احزاب اليسار و الشيوعية و بكل اطيافها, لكن القومجي العربي الذي انحاز الى الديمقراطية و الليبرالية الغربية بعد ان شاء القدر ان يرى اوربا خاصة في السنين الخمسة عشرة الاخيرة.
ليعزف على القوانة المشروخة, في هجومه على الاحزاب الشيوعية, باسم الليبرالية و الاقتصاد الحر, و الكثير لا يعرف ماهي الليبرالية الجديدة و لماذا ظهرت في اوربا الرأسمالية و ما علاقتها بأزمات الاقتصاد الرأسمالي و معالجاته الترقيعية و ما جلبته من عواقب اقتصادية, فهي فقط لهؤلاء السادة تسميات براقة لجذب السذج الى افكار لا يمكن تحقيقها على الاقتصاد العربي المتخلف و الغير صناعي, و الذي يعيش حالة تخلف سياسي رهيب, للدور القذر للدكتاتور العسكري القومجي القبلي الديناصوري ما قبل الحضارة.

لكن هؤلاء القادة المساومون الانتهازيون البائسون كان لا حظ لهم إذ سقط قائد الضرورة, ولي نعمتهم صدام حسين. ولينطبق على هؤلاء السادة المثل العراقي القائل: (( لاحظت برجيلة و لا خذت السيد علي! )) افلاس ساحق, لا بسبب موقف مضاد لهم بل من الحياة ذاتها اذ لفضتهم كقادة و اشخاص و كوجود فكري و تنظيم سياسي. ماذا يستطيع المرء قوله من كلمة تليق بهؤلاء السادة الانتهازيين و تشدقهم بالعصرية و عدم الجمود, حتى لا يُتهم المرء بانه يُخون الاخر و يًتهم الاخر وفق منطق المؤامرة. و ماذا من كلمة اخرى تعبر عن مستنقع هؤلاء السادة, غير كلمة التآمر و الخيانة للمبدأ, من اجل مصالح ضيقة جدا جدا, ان يكون قائد سياسي في العراق يرضي الدكتاتور رغم القمع و المقابر الجماعية الانفالية الاحتفالية و سقوط مئات الوف ضحايا الحرب الرهيب. لقد اختاروا السادة الطريق المطروق المفضوح باختيار و انحياز, و غلفوه بعصرية الزمن الحديث جدا! و بانهيار الاتحاد السوفيتي و زمن القطب الواحد, وزمن صدام دركي الخليج الذي اختارته امريكا بعد رحيل الشاه!

اثبت التاريخ سفالة الموقف الانتهازي سريعا و هرب القادة مع فلول حزب الدكتاتور القومجي الذي خان الوطن و خدم المصالح الامبريالية ودمر الشعب و قاده نحو التخلف الفظيع. و للان لا يكف السادة بالنعيق السياسي و الحديث عن مستقبل العراق السياسي.و البعض يدعوا الى الليبرالية الغربية و المسير بموازاة العولمة. و لا ينسوا بالتذكير بضرورة فهم العالم الحديث و المعادلات الجديدة و نبذ الجمود العقائدي و خاصة الشيوعية!
بعد سقوط الاتحاد السوفيتي و التحرر من الماضي. و لا يخجلوا من طرح تجربتهم الخيانية البائسة, و يدعوا البائسون الى التخلي عن الافكار الماركسية. لكن السادة ابناء الاحزاب الدكتاتورية لا يتحدثون عن القتلة الفاشيون و كيف يرتبون صفوفهم الان, لا احد يكشف مؤامراتهم مع القاعدة و السلفية الوهابية, وتعاملهما العصري مع احداث العراق! و كذلك الامر ينطبق على عسكر مصر و احداث تونس. فهل سادة فلول احزاب الدكتاتورية البعثية لهم عقل ليبرالي متفتح اكثر من الشيوعيين و الماركسيين!

لا يزال الكثير يحمل العقل الرافض للاخر في اللاوعي, فهم نتاج انظمة شمولية لا فقط دكتاتورية عسكرية و فاشية بل يحملوا اخلاقيات المجتمع المتخلف اللا وطني القبلي الرجعي. اذ ليس للاوربي هذه العقلية القمعية و الاقصاء للاخر.
فكل اطياف واشكال الاحزاب اليسار و الشيوعية تعمل في الغرب, و دون ان يدعي الليبرالي, ان الليبرالية تتطلب التخلي عن الماركسية والاحزاب الشيوعية. ان هذا مجرد هراء في اوربا. أذ انه حتى للاحزاب العنصرية الحق في العمل السياسي و هم اقوياء في ايطاليا و تقدموا في كثير من البلدان الاوربية في الحصول على موقع في البرلمان نتيجة ضعف اليسار. لكن الآن هناك عودة لليسار في كل اوربا الرأسمالية. يطرح الساسة اليمينين بجرأة ارائهم في الازمة المدوخة الآن, فكثيرا ما يتأمل السياسيون المحافظين افكار كارل ماركس, ويتسائلون هل ستحقق نبوءة ماركس حول الانهيار الاقتصادي الشامل للرأسمالية!
وهنا يكمن الفهم العميق للاحزاب الرأسمالية للحقائق و التعامل بها و بشكل صريح, لا كما المتخلف القومجي العشائري المتزمت اتجاه كل شيء, و خاصة ما اسمه كارل ماركس وشيوعي.

لكن السادة العرب دعاة الليبرالية ربطوا الليبرالية بالهجوم على الفكر الماركسي و وجود الاحزاب الشيوعية, و بهذا بدئوا بالخطوة القمعية التي تتعارض حتى مع قيم دول الديمقراطية الغربية,* و فسر الماء بعد جهد جهيد بالماء* و لنرجع الى ذاك الطاس و ذاك الحمام. لٍمً يراد من الشيوعي التخلي عن مبادئه و ليعمل بالليبرالية الغربية؟.
إلى سادة الليبرالية العربية ابنوا الليبرالية و بينوا مقدرتكم على البناء الديمقراطي الاصيل و اكسبوا الجماهير بحزب و قائد و كاريزما و اسحبوا البساط من تحت اقدام اليسار, ان كنتم مناضلين حقيقيون كما فعل الأوربيين, وخصوصا في جمهورية بومبيدو الفرنسية, و تعلموا احترام مباديء الاخرين, و اثبتوا انكم استوعبتم العقل و الاخلاق الغربية لا فقط الديمقراطية و الليبرالية. لا و بل استيعاب الامر المهم, ان في المجتمعات الغربية تحررت النساء عندهم بشكل جبار* وهنا لي رجعة و وقفة قد تصدم الكثير* بفضل نشاطات اليسار و الشيوعية و النقابات العريقة و نضالها العنيد.

لقد كان تنافس مرير بين الاحزاب البرجوازية و بين برامج الاحزاب الشيوعية و اليسارية و الحركة النقابية, وخاصة في الشمال الاوربي ذو الاحزاب الاشتراكية الديمقراطية, أي حققت الكثير من المنجزات تحت تهديد شعبية افكار الاحزاب الشيوعية. فالانجازات الكبيرة للاحزاب الاشتراكية الديمقراطية في الدول الاسكندنافية, هو كان تبني لكثير من مطالب الشيوعيين و تحقيقها, خوفا من فوز الاحزاب الشيوعية. و هذا هو احد شكل الصراع الطبقي في الدول الديمقراطية.

ليذهب السادة العرب المقيمون في اوربا الغربية الى المكتبات قليلا ليطلعوا على تجارب الاحزاب الشيوعية و الاشتراكية الديمقراطية, بدل التنظير الفنتازي الخالي من الفهم و المنطق السياسي, الداعي الى انهاء الاحزاب الشيوعية و نشاطها في المجتمعات العربية. خاصة الان و في زمن الازمة الاقتصادية الرأسمالية, وهجوم الشباب في اوربا و امريكا على الدولة الرأسمالية و مراكزها المالية. و كما هجوم شباب العرب على الدمى الدموية للامبريالية و سحقها, انه زمن الطوفان و الانتفاض فهذا زمن النظرية الثورية الماركسية!

ان النظر للمجتمع الاوربي الحالي لا يعطي الفهم و الحل الجاهز لاستيعاب التجربة و نقلها الينا, إذ ان وراء هذا الشكل السياسي الاقتصادي و الاجتماعي الحالي, تاريخ و صراع بين الاحزاب البرجوازية و النقابات و الاحزاب الشيوعية. قلت لا فقط استيعاب الجانب السياسي, انما الاجتماعي. ان هذه الشعوب حققت عزل الدين عن السياسة و هذا لوحده احتاج الى صراع جدا حاد بل دموي, و لم يقوم به الا الطبقة الثورية والحزب الثوري. لقد مات العلماء و العباقرة و الثوريين لتحقيق هذه الثورة الجبارة, و السادة العرب في اوربا يتصور ان العمل فقط بالغاء الاحزاب الشيوعية و تغيير القناعات سيحصل التطور,فقط بالقول نحن ليبراليون, سيصير كن فيكون و تتحقق الحرية, فقط بخلو المجتمع من الفكر الماركسي صار الفرردوس و الحرية, انها بوق السذاجة السياسية و الطوباوية الفذة, لاذاعة مونتي كارلو و الستيزن!.

ان ثورة الطبقة البرجوازية, كانت ثورة دموية اجثت الاقطاع بالقنابل و المدافع و كنست الفكر الاقطاعي اللاهوتية بكل جرأة و عنف. و ما الثورة الفرنسية الا شاهد كبير على الصراع الطبقي الجبار في كل اوربا. الا ان السادة مثقفوا النخبة القومجية المتميعة لا تفهم منطق التاريخ الاوربي للان, رغم فرصة التعرف على تاريخ الثورات الاوربية متاحة للكثير في اوربا للتعرف عليها. لقد كان صراع هائل من اجل التقدم و الانعتاق من التخلف الاقطاعي مرورا بنشاط الاحزاب البرجوازية و ثورتها, و تشكل النقابات و الاحزاب الشيوعية للوصول الديمقراطية الحالية, و وصولا لليبرالية الجديدة.

ان سادة الدعوة للتخلي عن الماركسية و الشيوعية, حملوا فكر الدكتاتور الرجعي المقبور معهم الى اوربا ولقحوه مع افكار احزاب المحافظين و احزاب العنصرية الجديدة, للهجوم على الاحزاب الشيوعية, تحت مسميات التطور و التجاوز للفكر الشمولي وهم لا يزالوا عشائريين في الفهم السياسي في اوربا التقدم و الحضارة. اقول عشائريين فهم لا زالوا محافظين على القيم الاجتماعية المتخلفة, قلت لدي وقفة في مجال تحرر المرأة ستصدم الكثير. ان المساهمة الجبارة للمرأة وتحولها الى قوة منتجة في كافة المجالات يعني ان النصف الثاني من المجتمع, حيا بمعنى الكلمة. لكن رغم السنين الطويلة للعرب في اوربا, فان مسألة الحرية لم يجري استيعابها. فمن حجاب الزوجات الى قمع الفتيات, فهنا القيم العشائرية صارخة, واذا تخلى البعض عن الحجاب الشكلي فهناك التقاليد الاخرى المتخلفة القبلية التي تعيشها هذه الجالية في الغرب.
لقد استطاعت الثورة البرجوازية تهشيم القيم البائدة اتجاه المرأة و صارت المرأة في اوربا انسانة حرة بمعنى الكلمة و في كل الميادين و لكي اكون اكثر صراحة و دقة, لاهمية الحدث في تطور كل اوربا هي الحرية الجنسية التي يهابها العرب و الشرقيين اجمعين, رغم ان الكل يصرخ و يمجد الديمقراطية الغربية والليبرالية, لكن في حدود العقل العربي المحدود و العشائري و خيالاته.

تبلغ الفتاة سن الثامن عشر في كل اوربا, فيكون لها مطلق الحرية الجنسية, اذ الفتاة هي المرأة و السيدة القادمة للمجتمع الحديث المتطور الديمقراطي الليبرالي!.
لم ارى عائلة شرقية تتفهم حرية الفتاة الجنسية في اوربا, الجميع من المثقفين يصرخ انا مع حرية المرأة لكن اتجاه إبنته التي جاء بها الى اوربا يصبح ملا خلف, و تماما هو يعكس الحدود الضيقة للفهم الديمقراطي الاجتماعي الاوربي, في جل تفاصيله. الشعب الذي لا يمارس الجنس لا يبني حضارة!

و ان التطور نحو الديمقراطية جاء بعد عملية تطورية في المجتمع, من ازاحت الاقطاعية الى مفاهيم الثورة البرجوازية التحررية, الى شيوع اخلاق و قيم الثورة البرجوازية الثورية و الى معيشة تقاليد وتراث التحضر تدريجي, لبناء صرح الديمقراطي الشامل, لتمس حياة الفرد و الشخص الواحد بنت وشاب في مجمل التفاصيل!
و قد شهدت كل البلدان الاوربية حضور فاعل للاحزاب اليسارية و الشيوعيه من اجل انتزاع حقوق المرأة, و مع نشاط الفتيات و الفتيان في حركة نقابية ناشطة و لعقود عديدة.

لم يوجه الليبرالي الاوربي هجومه على الاحزاب الشيوعية بل خطوا بمهام الثورة البرجوازية و مفاهيمها و قيمها الى اخر شوط لها. أي لحين خوائها و تحولها الى طبقة برجوازية انًهت و اجبها و دورها الثوري في المجتمع. وقد ساهمت الكثير من الاحزاب الشيوعيه في اوربا للتصدي للحرب الفاشية الهتلرية, وقدموا الكثير من اجل انتصار الشعب الشغيل, كل شعوب اوربا تعرف ما هي مباديء كارل الماركس, و يا عمال العالم اتحدوا.

ان بدء الهجوم على الاحزاب الشيوعية و في محاولة لاقصائها تحت مسمى انه تعتمد على نظرية و فلسفة, و كأن الليبرالية العربية العرجاء و جدت الحل لبناء الديمقراطية في الدول العربية, في ان الاحزاب اليسارية و الشيوعية هي العقبة؟!!!
انها اسوء بداية للبراليين القومجيةالعرب لقد بدئوا بالاقصاء, وهو يعكس الفارق المرحلي و العقلي و الخلل الحضاري العروبي إذ يقفز من عقلية القومجي الدكتاتور العسكري, و دون حتى تجربة الثورة البرجوازية وقيمها الحضارية في السماحة الفكرية في العمل السياسي, ماساة العرب الخاصة جدا. و ليسقط في فراغ الفذلكة الفكرية و السياسية, دون امتلاك وعي وتجربة الاوربي التاريخية, و لا ارضية الشعوب الاوربية الحاضنة للديمقراطية عبر عقود الثورة و التحضر و التطور الاجتماعي.

اختيار طريق الديمقراطية الغربية الراسمالية و العمل بها في العراق!
وكانهم لم يقرئوا الاسس الفكرية و كيفية, بناء الديمقراطية. فالجميع يعرف ان الديمقراطية تاتي بالنضال السياسي و بوجود احزاب سياسية قوية و مبدئية و شخصيات و مفكرين كبار و كثر من اجل نشر الفكر الديمقراطي في اوساط الشعب عبر كل الاحزاب و اعلامها و الاهم من ذلك وجود قاعدة اقتصادية قوية, من بنى تحتية و فوقية.
و اين العراق من ذلك, بلد محتل دمرته حروب صدام الهمجية, ودمر الحصار الاقتصادي كل البنى التحتية و شوه البشر, و لا ديمقراطية تصدر و خاصة عبر القصف الفسفوري الابيض في مدينة الفلوجة*هيروشيما العراق* التي يتحث الغرب و الامريكان عنها لكن لا حزب و لا شخصية ليبرالية تفضحه, الجميع يميط اللثام عن ادانة الهمجية الاستعمارية و الليبرالية و الفكر الحر الامريكي و قرنه العتيد!.

يجحد اعداء الشيوعية حين يهاجموا الشيوعيين المبدئيين و اتهامهم بالجمود العقائدي, و يصمتوا امام مشاريع الامبريالية العدوانية الثابة و لا تتهم المواقف العدوانية بالجمود و التكلس العقائدي في النظرة الدونية للشعوب, و لم يدان مبدأ الغزو و النهب للشعوب. غزت و تغزوا الدول الغربية الراسمالية كل الدول الفقيرة بعد الحروب الصليبية الى الاستعمار القديم و الحديث و الحروب الامريكية من باردة اتجاه الاتحاد السوفيتي الى حرب فيتنام و مؤامرات اتجاه كوبا و هيتي و تشيلي و موزنبيق و في كل بلدان حركات التحرر الوطني والحرب في لبنان و افغانستان و العراق.

فشل هتلر باتلاع العالم عسكريا و هزمت الفاشية المفضوحة, و فضح لينين قبلها السياسة الاستعمارية لتقسيم الدول العربية بكشف معاهدة سايكس- بيكو لنهب الشعوب. لكن لا تزال افكار هتلر لابتلاع العالم تجري على قدم و ساق و لا يخلو الامر من النظرة العدائية و الدونية للشعوب الفقيرة و ليدخل فيها التصنيف العرقي العنصري و بالمقاس الهتلري و يدخل فيها المقاس الديني الصليبي حيث لا احترام للشعوب الاسلامية, وخير دليل النشاط الواسع للحركات العنصرية في امريكا و كثير من البلدان الغربية, و نشاط رجالات الدين و نفوذ الفكر الديني المتزمت اتجاه الاديان الاخرى.

سقط الاتحاد السوفيتي, فصرح جورج بوش الاب ان قرن الواحد و العشرين سيكون قرنا امريكيا.
باشرت امريكا ببدأ الحرب من اجل تحقيق معادلة بابتلاع العالم باسم القرن الامريكي, و هنا يكمن الجمود العقائدي للامبريالية الامريكية و كل الدول الاستعمارية بانتهاك حقوق و حرية الشعوب مغلفة بشعارات الديمقراطية و العولمة و الاقتصاد الحر. صفت امريكا الشكل القديم للدول العميلة لها, فكانت الحرب في افغانستان من اجل اختلاق *الاسلام* عدو جديد لها بعد انهيار المعسكر الاشتراكي لتضمن الدعم الغربي و الشرقي المسيحي, لبداية الهجوم في الشرق الاوسط, فدمر الجيش العراقي و الان الهدف ضرب سوريا و ايران, من اجل السيطرة الكاملة و المطبقة على العبيد العرب المسلمين ونفطهم وتفتيتهم والغائهم كدول و بشر, فالتحيا العولمة الرأسمالية القائمة على الفكر الليبرالي الحر في النهب!

هل ستفشل الامبريالية الامريكية الهتلرية الجامدة العقيدة اتجاه حقوق البشر في افريقيا و اسيا. بانتهاج السياسة القديمة الحديثة جئنا محررين و ناشرين للتفتت الديمقراطي للعرب المسلمين, فهذا فقط تطوير دعي للبونابارتية الاستعمارية!

اليك العقلية الجامدة الاستعمارية لنهب الشعوب. تحقيقات وحوارات (تخاريف هنرى كيسنجر)
كتب شادي طه. روز اليوسف

العدد 2036 - الثلاثاء الموافق - 14 فبراير 2012

من متابعتى القريبة لتصريحات وزير الخارجية الأسبق هنرى كيسنجر، كنت قد أيقنت لفترة طويلة ان الرجل دخل فى مرحلة متأخرة من التخريف لكن ما لم أكن أتوقعه أبدا ان يصل الخرف بالرجل إلى هذا الحد. ففى آخر حديث أجراه مع صحيفة «ديلى سكيب» الأمريكية جلس هنرى كيسنجر صاحب الـ(89 عاما) بمنزله الفاخر فى مانهاتن نيويورك يقول: إن الولايات المتحدة ستحتل سبع دول نفطية فى الشرق الاوسط وأن إيران هى ضربة البداية فى الحرب العالمية الثالثة التى يجب فيها على إسرائيل قتل أكبر عدد ممكن من العرب واحتلال نصف الشرق الأوسط. فيقول كيسنجر لقد أبلغنا الجيش الأمريكى أننا مضطرون لاحتلال سبع دول فى الشرق الأوسط نظرًا لأهميتها الاستراتيجية لنا خصوصا أنها تحتوى على البترول وموارد اقتصادية أخرى ولم يبق إلا خطوة واحدة، وهى ضرب إيران وعندما تتحرك الصين وروسيا من غفوتيهما بعد أن تم منحهما الفرصة للتعافي والإحساس الزائف بالقوة ستسقطان للأبد، ذلك لأن الانفجار سيكون كبير والحرب الكبرى لن تنتصر فيها سوى قوة واحدة وهى القوة العالمية «السوبر باور» مشيرا الى إسرائيل وأمريكا. ثم أضاف انه يجب على إسرائيل القتال بكل ما أوتيت من قوة وسلاح لقتل أكبر عدد ممكن من العرب واحتلال نصف الشرق الأوسط. وأن طبول الحرب تدق الآن فى الشرق الأوسط وبقوة ومن لا يسمعها فهو بكل تأكيد أصم. ثم أشار كيسنجر إلى أنه إذا سارت الأمور كما ينبغي، فسيكون نصف الشرق الأوسط لإسرائيل وقال: لقد تلقى شبابنا فى أمريكا والغرب تدريبا جيدا فى القتال خلال العقد الماضى وعندما يتلقون الأوامر للخروج إلى الشوارع ومحاربة تلك «الذقون المجنونة» فسوف يطيعون الأوامر ويحولونهم إلى رماد. ونحن من هنا نقول لكيسنجر إن سياسة التهديد وأحلام الغزو والهيمنة الدولية قد تم إيقاف التعامل بها منذ عقود قديمة مضت، وقد يكون منذ ان كان كيسنجر نفسه وزيرا لخارجية ادارة الرئيس السابق ريتشارد نيكسون، لا يجب أن يهدد رجل من المفترض ان يكون له باع كبير فى الحياة السياسية دولا عظمى مثل الصين وروسيا والشرق الأوسط بأكمله بدون اى سند عاقل لادعاء تلك القوة المصطنعة، ذلك لأن تلك التهديدات وتلك الاحلام الوردية لا اساس لها على ارض الواقع إلا فى عقل كيسنجر فقط. كما ننصح الأخ كيسنجر اما أن يتوقف عن الكحوليات والأقراص المخدرة التى يعانى منها منذ فترة وإما أن يتوقف عن الحديث تماما وقد أميل بشكل شخصى للأمر الثاني. انتهى!!!

لا ديمقراطية في افق العراق, التركة رهيبة في العراق اضعاف ما هي في تونس و مصر و ليبيا. لا مجال للديمقراطية الغربية و الليبرالية في بلد حطمته الحروب و الحتلال.
الديمقراطية لا تاتي الا بالصراع المرير بين قوى التقدم و الحرية ,صاحبة العقيدة المبدئية الثورية, وبين قوى الرجعية, صاحبة اللا اخلاق و اللا مباديء و صاحبة قيم المراوغة و الخيانة, باسم الديمقراطية, في نظام التخلف و الفساد و النهب و الجريمة السياسية و القتل الطائفي.
و ليفهم السادة القومجية و المنهارون اليساريون المرتدون باسم التطور وعدم الجمود الفكري, ان الامبريالية موجهة مدافع السلب الى الشعوب العربية لنهبها, و القول ان الشيوعيون جامدون عقائديا لا يعقلون تًغير السياسة الامبريالية الامريكية, و امريكا تريد بناء الديمقراطية في العالم!
ان الجواب جاهز! ايها السادة اذهبوا الى مستنعقكم القذر. انه درب الخيانة الجديدة فالتاريخ يعيد نفسه الان كما في السابق.اراد هتلر الرأسمالي, ان يكون قرن العشرين المانيا للنهب, ففشل لمقاومة الشعوب و الثورا الشيوعيين له, ويرى الشيوعيين ان امريكا بحروبها في الشرق الاوسط تكرر الموقف الهتلري لابتلاع العالم. و اذا كان هذا جمودا عقائديا فمرحى بالجمود العقائدي!

ان الديمقراطية كان ممكن ان تحققها امريكا لو كان لها نوايا انسانية شريفة صادقة, و لتكن مثال للامة العربية, ويعتمد فيها المثال الغربي الاوربي. لا في العراق بل في الكويت, فالاخيرة كانت اكثر ترشيحا لمثل هكذا تطور. ليعرف السادة القومجية ذو النزعة الديمقراطية و الليبرالية المزيفة, ان هذا محرم لا يسمح به و لا يقدر عليه القومجية. و ان الغزو و السلب هو نصيب العرب, و هو المحرك للاستعمار الامبريالي كان و لايزال, و لا يزال الفكر الصليبي العنصري يعمل عمله في الماكنة الامبريالية الامريكية.
لذا سمح بدخول صدام حسين الى الكويت ليدمر الحركة الديمقراطية في الكويت, و ليرجع الامير المخلوع بالدبابة الامبريالية الامريكية, و ليكتب تاريخ التحرير و يوم العيد الوطني الكويتي. و ليقرأ على الديمقراطية السلام, على اصوات مدافع غزو العراق.
هذا ما يؤكده نؤام جومسكي مرار, اقصد النهب الامبريالي و الخشية من الديمقلااطية, في أي كتاب تتصفحه و خاصة في كتاب, و المصدر لي, * 501عام و الغزو مستمر*. ربما يتقصد التكرار اذ ان للانسان ذاكرة قصيرة و خاصة في مجال التاريخ و المواقف السياسية, و *المثل العربي يقول التكرار يُعلم الحمار*, و انا اضيف الى كلمة يُعلم , و يُفهم.

*و شكرا لجهد السيد النمري. في مقاله* الجمود العقائدي* كان و مضه و إيماءة للكتابة!
*الشيوعية اقوى من الموت و اعلى من اعواد المشانق!