الحاجة الى الحوار الماركسي


عمار ديوب
2004 / 12 / 31 - 09:49     

تشكل الحاجة إلى الحوار النظري ،المرتكز الاول في أية عملية إقلاع جديدة لأية مجموعة أو نشاط اجتماعي سياسي في الوطن العربي ، والحاجة تنطلق من إشكالية تكوّن المفاهيم والعقل والبرامج السياسيةاملسبقة في ظل شرط دولي ، طبع القرن العشرين بميسمه ،وتحديدا" القطبين الثنائيين"، وترك بصماته على الدول ،والأحزاب الدائرة في فلكهما00
ولدينا نحن العرب كان الوضع الفكري أكثر هشا شة بكثير خاصة مع سيادة شكل واحد من التفكير في عمل الاحزاب الشيوعية وهو التفكير الستاليني السوفيتي –مع ثلاثينيات القرن المنصرم- الذي جعل تركيبة الأحزاب والقوى تعتمد على تغيير الشكل بدون هز المضمون ،أي انتقلنا من رئيس العشيرة والمالك إلى رئيس الحزب الآمر المطلق0 ومن تركيبة النظام الاجتماعي العشائري (المعاد تجديده ضمن الشروط الإمبريالية)إلى التركيبة المركزية الهرمية في الحزب0 اجتثاثا" لكل فكر نيّر أو مستقل, حتى حركة الأفراد وخيار اتهم كان منضبطة وملجومة تماما"
ضمن هذا الوضع سادت مفاهيم التخوين أو التآمر والحقيقة المقدسة والإله الذي لايخطىء وبالتالي صار كل ناقد أو معترض أو صاحب رأى أو مجدد ،،ملعون إلى يوم الدين ،،طالما أن القيادات التاريخية باقية قي عروشها 0 والمصيبة أن تلك القيادة – رئيسة العشيرة بقيت في عروشها إلى نهاياتهاالبيلوجية –و في هذه المآلات كان الفكر الماركسي يتبىء على أ رضية العشيرة والطائفة والزعيم والعائلة والإقليم والدين وكل مفردات القرون الوسطى فخصيّ الفكر وتصّيرت الحركة الشيو عية جزءّاًً صميمياً من حركة المجتمع المتخلف واشد تخلفا" وطبعا لا نعمم بالمطلق, ولكن الحالة السائدة هي هي الموصوفة أعلاه ،فتم الآخذ بالحقيقة المطلقة ودون مراجعة للمرجعية أو نقد ما ،فصارت اشتراكية الاتحاد السوفييتي فوق كل نقد وكل الرأسمالية ومنتجاتها مرفوضة ومرذولة , فأعيد تشكيل الماركسية وفق شروط الدولة السوفياتية البيروقراطية 00 وبانتهاء الأولى انتقل العقل من تقديس الاتحاد السوفييتي إلى تقديس الولايات المتحدة أو النظام الرأسمالي، كأن فشل الأولى إثبات لصحة الثانية 00 بأستثناء اللذين لا يزالون يعتقدون بأن الاتحاد السوفيتي سيعود منتصرا" في يوم من الأيام ؟؟ 000
وهذا يدل على صورية العقل المستحكم تاريخيا" بالعقل الشيوعي العام وعدم جد ليته ، ولكنه العقل نفسه الذي استطالا ته شملت تيارات اليسار الجديد حيث الحقيقة مقدسة" والبرامج استبدالية ولا علاقة للاحزاب بالطبقا ت الاجتماعية والتوكيل الإلهي قائم لا يحتاج شرعية بشرية أو طبقية ، و لاتزال هذه الرؤية ترمي بظلالها واغراءاتها- رغم محاولة تحاشيها- على كل ما يتجدد من تنظيمات وتحركات حديثة000 ونستدرك القول أن كل تغيير فعلي في السلوكيات والفكر والتوجهات لابد من أن يتحول إلى ممارسة عملية اجتماعية حتى يتحقق ,غير متجاهلين شروط التخلف و أثار الإمبريالية على مفاعيل التطور والياته في الأطراف - وبتغييب السياسة والدولة ومفاهيم الحداثة في الوطن العربي000 أنحكم العقل لكل ما هو تقليدي وزعمائي ومجموعاتي وقدسي 0 وحاجتنا للحوار تأتي ضمن هذا السياق ، ولكن السؤال : هل الحوار مجر دا"من أي مضمون0 أم أن كل حوار ينطلق من أساس محدد ،هنا نحدد جملة من مسائل :
1-أهمية الماركسية كمنهجية جدلية مادية قادرة على إعطاء العقل أدوات التحليل المعرفية التي تربط بين البنى المجتمعية على تعدد مستوياتها0

2-اعتبار الدول الاشتراكية دولا" اشتراكية فاشلة على أرضية محاولتها التخلص من النظام العالمي الإمبريالي وعودتها إلى الحظيرة الإمبريالية وضرورة قراءة هذه التجربة بعيدا" عن العقل الصوري والمسبقات والمنهجية الماركسية الستالينية التي تحتاج هي ذاتها إلى إعادة إنتاج 0
3- إعطاء قيمة للثورة الديموقراطية منذ صعود الطبقة البرجوازية وتمييز المراحل التي مرت بها ولا سيما تحولها إلى الإمبريالية والاستعمار والقضاء على استقلالية البلدان المتخلفة عبر أشكال الاستعمار المختلفة وشروط صندوق النقد الدولي واخيرا" الاستعمار الأميركي المباشر و الضرائب الجمركية من أمريكا على دول العالم بما فيها بنغلادش الأفقر في العالم 00 4- قراءة نقدية للأحزاب اليسارية في أميركا اللاتينية ودون نسيان الدول الاشتراكية التي ما تزال "الصين وكوريا وفيتنام وكوبا" رغم اختلاف تجارب هذه الدول عن بعضها وفي هذا الإطار لابد من دراسة تجارب التحرر الوطني وما قدمته لشعوبها فعليا" هنا لابد من قراءة تجربتي كومونة باريس 1871 ونجاح القوى الاشتراكية والديموقراطية في تشيلي 1970 وطريقة إسقاطهما 000 5 -أهمية دراسة دور الدول الديموقراطية الحديثة المسيطر عليها من قبل القوى الاشتراكية والديموقراطية والعلمانية الممثلة للطبقات الفقيرة والقادرة على حل مشكلات الثورة الديموقراطية القومية 00000
6-نقد الحركة الشيوعية العربية وكتابة تاريخها بشكل نقدي وتسليط الأضواء على قضايا لعبت دورا" أساسيا"في عدم تحولها إلى حركة اجتماعية شعبية : أ-دورها في تحالفاتها الطبقية، هل كانت بموقع التحالف الهامشي "السند" ولماذا ؟ وما دلالة ذلك ، ولما ذا لم تطرح على نفسها قيادة تلك التحالفات وهل ما حققته البرجوازية المتوسطة والصغيرة يبرر ذلك الموقع الذي أخذته وأية طبقا ت اجتماعية مثلت (الحركة الشيوعية )عبر تاريخها الطويل ؟؟!!00
ب- موقفها من المسألة القومية وعلى أية مرتكزات اعتمدت في اعتبار العرب شعوبا" وليسوا أمة وضرورةاعادة دراسة هذه القضية الأساسية ولاسيما لضرورات المستقبل الخاص لمنطقتنا في ظل الاستعمار الأمريكي والمشروع الصهيوني وخروجنا من التاريخ الحديث 000
ج- موقفها من مسالة الدين والتراث العربي الإسلامي والعربي بالعموم
د- موقفها من مسالة الأحزاب المستدينة 000
ه- موقفها من المشروع الصهيوني الإمبريالي والاستعمار الأمريكي العولمي 000
هذه مسائل تحتاج لحوار هادئ وبدون الوقوع مجددا" بالتسرع في إطلاق الأحكام وضرورة اشتراك الناشطون الماركسيون في ورش نظرية حوارية والتخلص من بنية العقل القروسطي القائمة على المقدس التي أشرنا إليها سابقا"0 000
وبالتالي لابد من رؤية الأشياء بتطوراتها ووقائعها، فالتعميمات تحتاج لدراسة الجزئيات بكل تفاصيلها ، وتعقيداتها 0 فكيف إذا انطلقنا من تعميمات مسبقة؟؟ وبدون النظر إلى الجزئيات والواقع العربي المميزضمن الشروط العولمية الامبريالية الجديدة 000 0
فالحاجة إلى الحوار تشكل مدخلا" ضروريا" على جميع الأصعدة حتى على مستوى معالجة مستويات الوعي المختلفة والابتعاد عن السياسوية الفارغة (أي النضال على أساس مفاهيم سياسية ونظرية تشكلت في حقبة القطبين الثنائيين ولم تتم إعادة صياغتها بشكل فعلي )والثقافويةالرديئة (أي النضال الفردي على قاعدة المثقف/السلطة،) ونقصد أن مستويات الوعي المتفاوتة تتطلب من ألنا شطين الماركسيين خلق أشكال متعددة من الحوار ،والعمل التثقيفي ،والاهتمام فعليا" بتوجهات الأجيال الجديدة ودراسة ورصد كل أشكال التمرد والنزق والتحرروغيرهامن النزعات والاستعانة بالاستبيان والاستمارة ،وبكل وسائل علم الاجتماع وعلم النفس 0
فالحاجة إلى الحوار الماركسي وتبنيه كطريقة عمل تمكننا من تجاوز العقلية الدوغمائية على رؤية المتغيرات ،متجاوزين مبدأ الحقيقة ا لمقدسة ،مبدأ الزعيم الوحيد ألا وحد ،العقل الأحادي ،،معززين المرونة،المبدئية ،رؤية الواقع بكل تعقيداته و الانفتاح على العقول النقدية ،الخائفة من الذوبان، المترددة بشكل خاص والعقول النصية بذات الوقت 000