في ذِكرَى عامٍ جديد،لا تزال الإشتِراكِيّةُ تُرْعِبُهُم


السموأل راجي
2011 / 12 / 31 - 18:51     

لقد كرّر الكثيرون على مسامعنا منذ عقود وتحديدا مُنذُ سُقوط جدار برلين وما تلاه مقولات جوفاء وشعارات رنّانة لا أجد لها صدى إلاّ في آذان ماسونيّة وصهيونيّة من صناعة إمبرياليّة أراها تتخلّى عنهم الآن,هذه الشّعارت والهتافات التي تُتْعِب حناجرهم تتلخّص في مقولة :" إنهارت الإشتراكيّة....سقطت الشّيوعيّة" (ولا أعلم متى قامت الأخيرة كبنية إقتصاديّة ونمط إنتاج) ولا يزالون يصمّون الآذان من حين لآخر ويضربون طوقًا قوامه الحديد والنّار وحصار إعلامي بغيض ودعايات يمين فاشيّ يبحث له عن عدوّ في أوساط قوى تكفيريّة جهاديّة صنعتها وكالات الإستخبارات الأمريكيّة أساسًا وتوابِعها في الأقطار العربيّة دحضا للغول الماركسيّ ؛ كان لينين قد أكد بقوة طيلة مسيرته، أنّ الثّورة الإشتراكيّة غير قابلة للإنهيار إلاّ على يد قادتها من خلال إنحرافهم عن خطّ الثّورة العمّاليّة والنّظريّة العلميّة الثوريّة للطّبقة العاملة,وهذا ما حدث بإسناد إستخباري علنيّ وخفيّ وعبر ضخّ أموال دافعي الضّرائب في الرّأسماليّات الكبرى في أجهزة الدّعاية المضادّة للخطّ الثوريّ عموما ولمركزه بصفة خاصّة ولو أنّنا لنا قراءة أكبر وأعمق في الموضوع.

نقولها وبصراحة ،إنّ ثورة أكتوبر 1917 نجحت بشكل ساحقٍ في نحْتِ نموذج فريد من نوعه في التّاريخ لأوّل مرّة مكّن عمّالا وفلاّحين من الإستيلاء على السّلطة وإقامة جمهوريّتهم كما أرادوها وحوّلوا بلدا كانت بطانة قيصريّة قد جعلته مرتعا لها ولمشتقّاتها لأعظم قوّة في الكون طيلة عقود.قوّة,جعلت من جورج السّادس الملك البريطاني(إمبرياليّة نتحدّث عنها هنا) يمنح سيفه هديّة للجيش الأحمر المظفّر المدافع عن ملكه سافكا دمه في شرق أوروبا رافعا في الأخير علمه على مبنى الرّايختاغ وجعل من قوى التحرّر الوطني في مستعمرات تمّ إستنزافها لعقود طويلة عبر أيادي الدّمّ الفرنسيّة والبريطانيّة تنتعش فتهبّ مطالبة بإستقلالها الذي كان حلما في بعض الأقطار كالجزائر لقد إعترف آنذاك بعض أركان الرّأسمال بفضل الإتّحاد السّفياتي ووصل الحدّ بروزفالت وتشيرشل إلى القول بأنّ كلّ الإنسانيّة ستظلّ مدينة لهم بتوطيد أركان السّلم وتحرير باريس وتنفيس سماء بريطانيا من هول النّازيّة، التّناقضات تُولد وتموت ولا تنتهي من غير دوافع وأسباب وشروط:هذا ما تعلّمناه من الدّيالكتيك المادّي , والتّناقض الذي جعل من قُوى الإنتاج فِي حالةٍ صِراعِيّةٍ مع رأس المال لا يزال قائمًا .

إن كان قد إنهار يوما ما البناء الإشتراكيّ فلنا قراءة أخرى لهذا الإنهيار لن نتوانى في الكتابة عنها توضيحا لما يشوب أدعياء الدّيمقراطيّة والتقدّم من لبس من ناحية،وتعرية لدعواتهم ذات المضمون البورجوازيّ حيث لا ديمقراطيّة دون تحرير العامل من شروط إستعباده من ناحيةٍ ثانِيَة ؛ لقد جاءت الديمقراطية الإشتراكيّة لتتجاوز الديمقراطية البورجوازيّة بالجمع بين الديمقراطية السياسيّة والديمقراطيّة الإجتماعيّة بمعنى توفير القاعدة المادّية للشّعب لممارسة حرية التعبير وغيرها من الحُريّات عبر سِيَادة مُنتِجِي الثّروَة الفِعْلِيِّين على دولَتِهِم ، والنّظام الرّأسمالي هو عمليًّا وليس على مستوى البلاغة,هو في الجوهر نظام غير ديمقراطي قائم على اضطهاد الأقلية للأغلبية وما نراه ونلمسه على المستوى الدّولي ك"نظام"ليس إلاّ صيغة جديدة من صيغ هيمنة الإمبرياليّة في مرحلة تعفّنها القصوى المصحوبة بتراجعٍ نِسبِيٍّ للحركة الثوريّة "مما يجعلها - أي الامبريالية - أكثر بربريّة ووحشيّة وعدوانيّة" ، غير أنّ بَشَائِر التّصفِيَة النّهائِيّة للحِساب مع مافيات الإجرام الرّأسمالِيّ والطُّغَم المالِيّة هَلَّت في الحلقة الأضعف من هذه المنظُومَة ورياحها تهُبّ في عواصِم أوروبا وتزحَفُ نحو وول ستريت.

نجحت ثورة أكتوبر1917 ،ولن تذهب نِضالات ودِماء العامِلات والعُمّال والشُّعُوب أدراج الرِّيَاح،وعِصابات الدمّ اللّيبرالِيّ بِشِقّيها الجديد والقديم لن تمُرّ !! وما تزال قوى الثّورة عاملة في الخفاء والعلن حسب موازين قوى تحدّدها شروط الصّراع وحتى الإحتراب الطّبقي ، ولا تزال مناجل ومطارق التّحالف الثّوريّ الأشهر في التّاريخ ترتفع من حين لآخر ترسم ملامح لمسارٍ متقدّم في التّاريخ.