الماوية تحيى و تناضل ، تكسب و تواصل الكسب.- (الحزب الشيوعي التركي (الماركسي - اللينيني )- سبتمبر 1997)مقتطف من العدد العاشر من - الماوية: نظرية و ممارسة- -


شادي الشماوي
2011 / 11 / 29 - 18:34     

مقتطف من العدد العاشر من " الماوية: نظرية و ممارسة"

الثورة البروليتارية فى أشباه المستعمرات والمستعمرات الجديدة و فى البلدان الإمبريالية – تركيا و الولايات المتحدة الأمريكية.
الفهرس :

مقدّمة العدد العاشر
الجزء الأول :
الثورة البروليتارية فى أشباه المستعمرات– الحزب الشيوعي الماوي ( تركيا و شمال كردستان)
1- الوثيقة الأولى : " النموذج" التركي و تناقضاته.
2- الوثيقة الثانية : لن ننسى الرفيق إبراهيم كايباكايا.
3- الوثيقة الثالثة : الماوية تحيى و تناضل ، تكسب و تواصل الكسب.
4- الوثيقة الرابعة : المؤتمر الأوّل للحزب الشيوعي الماوي (تركيا و شمال كردستان)
5- الوثيقة الخامسة : غيفارا، دوبريه و التحريفية المسلّحة.
الجزء الثاني :
الثورة فى البلدان الإمبريالية – الحزب الشيوعي الثوري ،الولايات المتحدة الأمريكية

1- الوثيقة الأولى : بصدد إستراتيجيا الثورة.
2- الوثيقة الثانية : دستور الجمهورية الإشتراكية الجديدة فى شمال أمريكا (مشروع مقترح).
ملحق :
دور الديمقراطية و موقعها التاريخي.

================================الماوية تحيى و تناضل ، تكسب و تواصل الكسب.
==============================(الحزب الشيوعي التركي (الماركسي - اللينيني )- سبتمبر 1997)
--------------------------------------------
فى التاسع من سبتمبر 1976 ، فقدنا ماو تسى تونغ ومع ذلك لا تزال الماوية تحيى و تناضل كقائدة للبروليتاريا و الشعوب المضطهَدَة فى العالم. و يعنى إحياء ذكرى ماو الدفاع عن الماوية و تطبيقها وهذا مبدأ كلّ ماوي و إلاّ فلن يستطيع المرء أن يكون شيوعيا ولا يمكن له أن يتطلع إلى الإنتصار.
عقب وفاة ماو بيّنت لنا مشاكل الحركة البروليتارية الثورية فى العالم و مشاكل الحركة الشيوعية العالمية و مشاكل موقف الحركة الثورية أهمّية قيادة ماو تسى تونغ. وفى الواقع ، ساند الذين إنتقدوا ماو إثر وفاته من أمثال أنور خوجا ( الذي لم ينبس بكلمة نقد واحدة و ماو على قيد الحياة) ، خروتشاف. و التاريخ يثبت لنا الطبيعة الحقيقية للقيادة الماوية و كذلك أهّميتها.
إنّ الماوية معادية للإمبريالية و لعملائها و لكلّ أرهاط الرجعية فى العالم و فى الصراع من أجل تحقيق الشيوعية، . تمثّل الماوية مرحلة عليا. و تؤكّد لنا سيرورة الأحداث عبر العالم الطابع العلمي للماوية فقد خسرنا بلداننا الإشتراكية وهذا فى حدّ ذاته أمر يؤكّد الطابع العلمي للماوية: كون فى ظلّ الإشتراكية يتطوّر صراع بين طريقين و طبقتين و يظلّ من غير الواضح أيّة طبقة ستكسب طوال المرحلة الإشتراكية. لذا الماوية هي راية البروليتاريا العالمية فى نضالها من أجل تحقيق الشيوعية .و الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى هي نقطة إنطلاق النضال العالمي من أجل تحقيق الشيوعية و النقطة الفاصلة التى تشير فى واقع الأمر إلى ما إذا لا زال يجرى الدفاع عن الشيوعية أم لا. و لو انّ الأشكال تختلف من بلد إلى آخر ، فإنّ الجوهر يظلّ هو ذاته. و الآن يوجد جيل من الشيوعيين قاتل ضد التحريفية و الإنتهازية رافعا سيف المنهج العلمي الماوي.
بعد هذا كلّه ، من الجليّ لأي كان يريد رؤية ذلك أنّه قبل و بعد إفتكاك السلطة من الضروري مواصلة الثورة فى ظلّ دكتاتورية البروليتاريا. و الذين يدافعون عن نظرية عدم وجود طبقات و عدم وجود برجوازية فى ظلّ الإشتراكية مفلسون. وقد تكشّف أنّه حتّى الملكية الإشتراكية لقوى الإنتاج لم تعالج مشكل من سيكسب. طوال كافة المرحلة الإشتراكية بماهي مرحلة إنتقالية من الرأسمالية إلى الشيوعية ، وجدت أسس إعادة تركيز الرأسمالية حتّى حين كانت البروليتاريا فى السلطة فالبرجوازية و أسس إعادة إنتاجها لم تكفّ عن الوجود. ومع الإشتراكية و على الرغم من تطوير علاقات الإنتاج لا يمكن أن يجري تحويلها كلّيا إلى أن يتمّ بلوغ الشيوعية عبر العالم قاطبة.
و عن تحكّم الحزب و الدولة فى الملكية العامة، فإنّه يبقى هناك درب طويل لقطعه من أجل تحقيق الملكية العامة الفعلية. ورغم إرادتنا، هذا واقع لا مناص منه.
تتركّز البرجوازية الجديدة فى ظلّ الإشتراكية رئيسيا ضمن الحزب و الدولة و يعزى ذلك لتناقضات الإشتراكية والبيروقراطيون البرجوازيون الجدد مثل خروتشاف الذين تخفّوا خلف قناع إشتراكي يثبتون لنا هذه الحقيقة.
والآن و قد أمكن للجميع رؤية خطر إعادة تركيز الرأسمالية و إفلاس نظرية "عدم وجود برجوازية فى ظلّ الإشتراكية"، من الجليّ أنّ الخطّ الرئيسي منبعه البرجوازية الحديثة التشكّل داخل الحزب و الدولة. و فى كلمة ، الدولة هي جهاز طبقة ضد أخرى. و هذا هو الحال على طول الإشتراكية و فى ظلّ سلطة البروليتاريا . و لكن لسوء الحظّ تنكر نظرية "الإشتراكية دون طبقات" النظرية اللينينية العلمية حول الدولة قائلة إنّ مهمّة الدولة البروليتارية هي مجرّد الدفاع عن نفسها ضد الإمبرياليين و الهجمات الخارجية على البلد الإشتراكي. صحيح أنّ الدولة البروليتارية تدافع عن البلد الإشتراكي فى وجه الغزوات الإمبريالية لكنّ مهمّتها الرئيسية هي حلّ كلّ التناقضات فى المجتمع الإشتراكي، لا سيما منها التناحرية و لو أنّ الأشكال و الطرق تختلف. و عليه فإنّ سلطة البروليتاريا هي جهاز لمواصلة الثورة البروليتارية. و مع سلطة البرجوازية الجديدة التى تستمدّ قوّتها من بذور الرأسمالية داخل الإشتراكية ، سيجرى تراجع كلّي عن الطريق الشيوعي. و أيضا ثمّة خطر البرجوازية القديمة التى تمّت الإطاحة بها و لكنّها لم تكفّ عن الوجود.
الضمان الوحيد أن تُستعمل سلطة المضطهَدين لصالح الشيوعية هو الخطّ الماوي. فى ظلّ الإشتراكية " لكلّ حسب عمله" و إلى إضمحلال الدولة ، سلطة البروليتاريا و الخطّ الماوي لازمين. هكذا يكون بوسعنا تعبئة المضطهَدين و التعويل على ممارستهم المباشرة للسلطة. و مثلها مثل مشاكل أخرى، الدولة و الحقّ البرجوازي إفراز لطبيعة الإشتراكية بما هي مجتمع إنتقالي . فى ظلّ الإشتراكية ، لا يجب أن نؤخّر مهام القضاء على المجتمع الطبقي و وضع الدولة فى متحف الآثار إلى أن نصل إلى مرحلة "من كلّ حسب قدراته ، إلى كلّ حسب حاجياته" . ليس بوسعنا أن نضع هذا جانبا و نقول هذه ليست مهمّة راهنة. ألم توجد قيادة الثورة البروليتارية الكبرى لتبيّن لنا هذا ؟ ليس لدينا ما نقوله للبرجوازية التى لا تودّ رؤية هذا. فى جنازة النداءات "الإشتراكية" قد قُبر بعدُ الإمبرياليون الإشتراكيون و الإشتراكيون الفاشيون و البرجوازيون الديمقراطيون. و ما من شيء لدينا نقوله عدا " ليعنهم الإلاه!".
نفهم الخطّ التحريفي المعادي للماوية لكن لا يمكننا أن نفهم الثوريين و الديمقراطيين الذين يسقطون فى الإيديولوجيا التحريفية ونقبل بأنّ مهمّتنا هي تحريرهم من ذلك، غير أنّ عليهم هم أنفسهم أن يقبلوا ذلك. و مثلما أشار ماركس ، ليس فى مستطاع أي أحد أن يساعد أولئك الذين يرفضون التعلّم من تجاربهم و أخطائهم.
كي ندرك أبجديات المنهج العلمي و نستوعب الواقع ، من الضروري أوّلا وضع التردّد و الأفكار المسبّقة جانبا. و صورة علم البروليتاريا تبيّن لنا ذلك. فحتى بقيادة البروليتاريا تتضمّن السلطة بعدُ تناقض قادة/ مقودين فى التناقض بين الحزب و الجماهير. و لئن أردنا إستعمال البروليتاريا كوسيلة تقدّم ، فإنّ الخطّ السياسي و الإيديولوجي الماوي ضروري بما لا يدع مجالا للشكّ فى ذلك. فالحزب و السلطة البروليتارية إفراز للتقسيم القديم للعمل و لو أنّ الحزب يمثّل مصالح البروليتياريا و الشعب الكادح و يضطلع بدور حيوي كأداة لقيادة الجماهير نحو إفتكاك السلطة فإنّه يظلّ هناك تناقض قادة/مقودين: بين الحزب والدولة من جهة و الجماهير الشعبية العريضة من جهة أخرى. و التناقضات بين العمل اليدوي و العمل الفكري ؛ بين العمّال و الفلاحين ؛ و بين المدينة و الريف، تشكّل واقع الإشتراكية كمجتمع إنتقالي لمرحلة كاملة بين الرأسمالية و الشيوعية. و تنبع هذه التناقضات من القاعدة الإقتصادية و الإجتماعية. و هنا تكمن أيضا قاعدة الإغتراب. و فى النهاية ، حتى للسلطة البروليتارية جزء برجوازي. لذا أثناء التحويل الثوري للإقتصاد و السياسة و الثقافة ، الخطّ السياسي و الإيديولوجي الماوي لتحويل هذا الجزء البرجوازي هام و ضروري.
الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى رايتنا فى النضال ضد كافة أنواع البرجوازية. فبأفق الثورة الثقافية ، من الممكن قيادة الشعب فى النضال ضد البرجوازية و بيروقراطيتها و من الممكن قيادة الجماهير فى مراقبة الحزب و الدولة و تسليح الشعب ليناقش و يتنظّم فى ظلّ قيادة الطليعة و خلق جوّ سياسي و إيديولوجي حيّ فيه تدرك التجربة وتفهم فى ظلّ قيادة ماوية و تشجيع كبير للمبادرة. و كي تكون قيادة طليعية تحتاج إلى علم يجعل الشعب قادرا على رؤية الطريق الصحيح للمضيّ قدما. مع دروس الثورة الثقافية ، يمكن للحزب و الدولة ( اللذان هما من مخلفات المجتمع الطبقي) أن يخدما الجماهير العريضة. والبيروقراطية تخنق مبادرات الشعب بيد انّ طليعة البروليتاريا رافعة تكسر السلاسل.و دور قيادة الشعب ليس إصدار أوامر بل توحيد نضالات الشعب لتحقيق الهدف.
مع الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى و الماوية :
أ- تثبت الإشتراكية كمجتمع إنتقالي أن الصراع الطبقي و صراع الطريقين و الصراع السياسي و الإقتصادي و الإجتماعي يحتاج إلى الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى.
ب- بيّنت لنا الإشتراكية دور الحزب و الدولة و الأخطار المحدقة بهما و بيّنت إضافة على ذلك أهمّية إمتلاك خطّ سياسي و إيديولوجي بروليتاري وضرورة إمتلاك طليعة لتجسيم التحويل الثوري.
ت- يعير الماويون إهتماما لدور الجماهير فى إنجاز الثورة و لدور الطليعة و يناضلون ضد أخطاء أولئك الذين يرون دور الجماهير فى الإنتاج فحسب و يدّعون أنّهم أخصّائيون فى السياسة و الإقتصاد.
ث- يذهب مبدأ المادية الجدلية و جوهرها ضد اولئك الذين يرون فقط و بصفة ميكانيكية العلاقة بين الوعي و المادة و تحويل المادة إلى وعي و الوعي إلى مادة . لذا ، تناهض الماوية أولئك الذين ينظرون فقط بصفة مادية مبتذلة للعلاقة بين البنية الفوقية و القاعدة الإقتصادية و بين الإقتصاد و السياسة و تنقد خطّ "الإشتراكية دون طبقات" و الحزب و المجتمع ذو الوحدة الصماء و قد شرحت عمليا جذور التناقضات بين الطليعة و الجماهير و بين العمل اليدوي و الفكري و بين المدينة و الريف ، حيث تعمل قوانين و قوى برجوازية فى المجتمع.
ج- فى مؤلفيه "حول العلاقات العشر الكبرى" و "نقد الإقتصاد السوفياتي" ، نقد ماو و نزع القناع عن ممارسة التحريفيين الذين لا يفهمون العلاقة بين الصناعة الثقيلة و الفلاحة و الصناعة الخفيفة و بين التخطيط المركزي و المبادرة المحلّية و أهمّية دور الطليعة فى قيادة الجماهير العريضة.
بإختصار ، مع الماوية بلغ علمنا مرحلة أرقى نوعيّا فى ميادين الإقتصاد و الفلسفة و الإشتراكية العلمية. أبدا لم يركض ماو وراء الجماهير و لا هو وقف أمامها صائحا بالأوامر و كذلك لم ينكر ، مثلما يفعل الليبراليون، دور الطليعة و أيضا لم يتصرّف كبيروقراطي يملى الأوامر و لا هو دافع عن التخطيط المركزي المبتذل و لا عن دور إقتصاد السوق الحرّ الذى ينكر دور القيادة المركزية الموحّدة . لقد كان ماو مثالا ملموسا للعلاقة الجدلية بين المركزية و اللامركزية . لقد كان ناقدا راديكاليا للمركزية البيروقراطية و للفوضوية النقابية. و عالج المظاهر المعقّدة للإشتراكية فيما يتصل بالسياسة و المجتمع و الإقتصاد. حين كان يشير إلى ضرورة الصناعة الثقيلة ، لم يكن لينسى ضرورة الصناعة الخفيفة. و لم يحدث هذا الخطّ فوضى فى الصين البلد الذى يعدّ سكّانه أكثر من مليار نسمة. فقط بخطّ ماوى يمكن قيادة الشعب للمشاركة فى الإنتاج و الجماهير الكادحة للمساهمة بشكل فعّال فى تقدّم المجتمع و المراقبة الكلّية للحزب و الدولة.
و الخطّ الماوي فيما يتعلّق بالجيش الشعبي هو أنّه من اللازم على هذا الأخير أن يقوم بدور ديناميكي مساهما فى الإنتاج و مضطلعا بمهام ثورية، ليس كجيش بيروقراطي يجهل مصالح الشعب. و لقد كان ماو يعلم أنّ الجيش ضرورة و ليس هدفا. فى ظلّ قيادة ماو ، لم تنكر الحاجة إلى جيش و جري تنظيم الجماهير فى مليشيات شعبية.
لنحيّى الماوية فى ظلّ قيادة الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى :
كلّ ديمقراطية سلطة طبقة . وكلّ سلطة ديمقراطية. لا وجود لديمقراطية فوق السلطة الطبقية. و هذا يعنى أنّ كلّ دولة هي جهاز دكتاتورية ضد طبقات تختلف عن الطبقة التى تمثّلها الدولة. و بالنسبة لنا، من الواضح من تمثّله الديمقراطية البروليتارية كما من الواضح فى من تحكم و ما هو هدفها. إنّها ديمقراطية بالنسبة للعمّال. و فى ظلّ قيادة ماو ، كان الهدف هو إفتكاك السلطة و الإشراف عليها و ضمانها و مواصلة القيام بالثورة وهي دكتاتورية على جميع الأصعدة ضد البرجوازية. إنّها سلاح لتحقيق الهدف النهائي ، الشيوعية. و الأهمّ هو من يتحكّم فى أجهزة السلطة الإشتراكية وهذا مبدأ ضروري لتحقيق الشيوعية. و من الهام جدّا إمتلاك قيادة ماوية تحوّل المجتمع نحو الشيوعية و تمثّل مصالح الشعب و حقوقه. إن تحكّمت الإنتهازية و التحريفية فى السلطة و قادتها ، فإنّها ستقلب الوضع و ستعيد تركيز الرأسمالية. هدفنا هو تركيز سلطة البروليتاريا لكن هذه الأخيرة لن تتركّز وحدها دون طليعة شيوعية. و الذين يعارضون القيادة بالجماهير ينكرون القيادة الطليعية الماوية و يستعملون فلسفة مادية مبتذلة و منهجا سياسيا و إقتصاديا مبتذلا. و أولئك الذين يسمّون أنفسهم ليبراليي "اليسار" و الذين يتهمون علمنا بجرائم البرجوازية "الجديدة " التى ظهرت صلب البلدان الإشتراكية السابقة ،هم محتالون سفلة بما أنّهم يهاجمون بصورة خاصّة دور الحزب الشيوعي فى ظلّ دكتاتورية البروليتاريا وهو ما لا يمكننا التخلّى عنه. بنظرتهم للعالم ، لا يستطيعون رؤية التناقضات فى المجتمع الإشتراكي الذى هو مجتمع إنتقالي بين الرأسمالية و الشيوعية. بنظرتهم العفوية ، يتهمون علمنا بالإخفاق و حتى هناك بعض الذين يقولون "الشيوعية قد ماتت و هُزمت"، لكن كما هو معلوم قام الشيوعيون بأخطاء.
بهذا الصدد ، عندما شرح ماو التناقضات فى المجتمع الإشتراكي ، فإنّه إستخلص دروسا من أخطاء الشيوعيين و قوى أخرى و اثبت أنّ الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى كانت طريق مواصلة الثورة نحو الشيوعية و شرح قواعد تطوّر البرجوازية "الجديدة" فى ظلّ الإشتراكية و بيّن كيف أنّ العادات و الأفكار التقليدية أفرزت فساد الجماهير و أشار إلى الحلّ: الإستمرار فى القيام بالثورة الثقافية البروليتارية الكبرى لأنّه أمر واقع أنّ البرجوازية يمكن أن توجد و تمارس تحكّما فى نفس أجهزة سلطة البروليتاريا. و عليه ، من الضروري تثوير كلّ البنية الفوقية للسلطة و المجتمع. هل يمكننا أن نقوم بالثورة دون حزب؟ إنّ أهمّية دور الطليعة هي قيادة وفق خطّ صحيح. و يستعمل "اليسار" الليبرالي أخطاء و نواقص الشيوعيين (مثل عدم الفهم الجيّد لدور الجماهير أو العلاقة الماديّة الجدلية بين الطليعة و الجماهير كيما يبالغوا فى دور الجماهير و يغلقوا أعينهم و يديروا ظهرهم لدور الطليعة ). فى كلمة ، لا يمكن للثورة أن تتطوّر بهذه النظرية لأنّها تركّز فقط على الجماهير .فمبادرة الجماهير الثورية تتطلّب طليعة و لا تتعارض معها. الغاية هي توحيد الطليعة الشيوعية و الجماهير و ليس معارضة الواحدة بالأخرى.
الشكل هام غير أنّه لا يمكن أن يكون أعلى من المضمون. ألم يستعمل خروتشاف ملكية الشعب فى الدولة السوفياتية؟ بلا ، الشكل هام لكنّ المضمون هو العامل المفتاح. فالتحريفيون من مثل خروتشاف و دنك سياو بينغ بمستطاعهم إستعمال هذا الشكل أو غيره بما أنّه إن لم يوجد خطّ ماوي و لم توجد قيادة طليعية ،فإنّ الشكل وحده لا يمكن أن يمثّل مصالح الشعب و لا أن يحميها.
بإسم النضال ضد البيروقراطية ، ليس بالإمكان إنكار دور الطليعة و إلاّ ستكون عملية إهداء السلطة للبرجوازية.
و يستعمل المسمّى ب "اليسار" الليبرالي مثال كمونة باريس لكنّه يتاجر بنواقصها التى ينبغى تجاوزها و يكرّرون إحدى تلك النواقص التاريخية لكمونة باريس كنظرية و يدعوننا لولوج نفق مظلم! بيد أنّ الماوية تضيء الطريق و تمثّل إرثنا؛ إنّها تبيّن لنا كيف ندافع عن كمونة باريس مع الكمونة الشعبية و قيادة الحزب و كيف تمارس السلطة عن طريق اللجنة الثورية و كيف نقود الشعب للمساهمة فى الإنتاج العملي إلخ.
وأولئك الذين يشجّعون الفوضوية مشعوذون لا يستطيعون القطع مع النظام و يبقون الجماهير مرتبطة به نظريا و عمليّا لا غير.
بالأمس دافعنا و لا نزال اليوم ندافع عن كمونة باريس كمعلمِ و لا يشبه دفاعنا دفاع الفوضويين. فى يومنا هذا ، ليس كافيا أن يكون المرء شيوعيا و يدافع عن دكتاتورية البروليتاريا و يقبلها ففى نفس الوقت علينا ان ندافع عن مواصلة الصراع الطبقي فى ظلّ دكتاتورية البروليتاريا . و من الهامّ للغاية تناول هذا و فهمه و تطبيقه عملياّ تبعا لمثال مواصلة الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى. و بالطبع لا تعنى الدكتاتورية العنف فحسب. فى ظلّ دكتاتورية البروليتاريا أن تكون للبرجوازية حقوق (مثل الإنتخاب إلخ) ستحدّده كلّيا الظروف الخاصة. و لزاما علينا فهم أنّ الإختلافات ( فى الشكل لكن ليس فى المضمون) بين الإتحاد السوفياتي و الصين تعزى إلى الظروف الخاصّة المختلفة.
لا يمكن إنكار مبدأ مواصلة الثورة فى ظلّ دكتاتورية البروليتاريا حيث أن بقايا الرأسمالية ، فى ظلّ الإشتراكية ظاهرة ملموسة مثلما تثبته لنا تجربتنا السابقة. لقد قال ماو حيث لا تمرّ المكنسة سيبقى الغبار؛ الغبار لا يضمحلّ لوحده.
مع ذلك إدراك صراع الطبقات غير كاف إذ علينا أن نقبل بضرورة دكتاتورية البروليتاريا و ان نضعها موضع الممارسة من منظور إنجاز الثورة فى ظلّ دكتاتورية البروليتاريا. و إلاّ سيتمّ تشويه عقيدة أو نظرية دكتاتورية البروليتاريا.
ينظّر الكثيرون للحزب الشيوعي و للسلطة البروليتارية على المستوى التنظيمي غير أنّهم يتبعون قوّة العادة فى المجتمع القديم و ليسوا إلى جانب البروليتاريا على المستوى الإيديولوجي. و يستغلّ هؤلاء الناس ، لا سيما فى المرحلة الإشتراكية هذا الوضع و خاصّة حين يحتلّون مواقع قيادية سامية فى الحزب و يرفعون من جهتهم الراية الحمراء.
على هذا النحو لا يمكننا أن نسمح لأنفسنا بعدم إستعمال الدكتاتورية لإيقاف البرجوازية القديمة منها و الجديدة و بالنسبة لنا الثورة حقّ وواجب. من حقّنا أن نثور ضد الرجعيين . و من جهة أخرى إنّه لتشويه أن نستعمل هذا الحقّ ضد الشعب.
توجد عدّة هجومات ضد الثورة الثقافية و من الطبيعي جدّا أن يهاجم الرجعيون هذه الثورة السياسية الكبرى التى قادها ماو لأنها تزرع الفزع فى صفوف أولئك "الرجعيين الكبار" ملوك جهنّم.
ما الذى تطالب به الثورة الثقافية؟ هل كان بإمكان الحركة الثقافية الثورية أن تدع جانبا حملاتها ضد البرجوازية التى قد إفتكّت مواقع سلطة فى الدولة البروليتارية؟ إنّه واجب ثوري أن نثور ضد الرجعيين و الثورة الثقافية قد بيّنت لنا كيف نقوم بذلك.
بدموع التماسيح يُساند اليسار الليبرالي الإمبرياليين و عملائهم الذين يهاجمون الثورة الثقافية الهادفة لتحطيم البرجوازية الجديدة قائدة الجماهير الثورية بالماوية. ويدهشنا أن يُهاجم التيار الجديد لليساريين الليبراليين الثورة و يشوّه جوهر الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى. فى الصين ، نَعَتَ معارضو الفلاحين الفقراء (الفلاحين الفقراء الذين إنتفضوا ضد الملاكين العقاريين الكبار و سلطتهم) بالحثالة و الغوغاء. و فضلا عن ذلك ، مثلا ، أثناء مظاهرة غرّة ماي سنة 1996 ، فى إسطنبول ، أدان القائد النقابي ذو النزعة اليسارية الليبرالية إنتفاضة العمّال ضد الشرطة (مثلما حصل ذلك فى الصين، فى الجانب الإيديولوجي).
ومثلما كان ماو يقول بشأن أولئك الذين يدينون ثورة الجماهير : يتصوّرون أنّ الثورة تنظيم مأدبة عشاء. طبعا، فى فترة ثورية ،لا ننكر أن توجد أعمال متطرّفة أو مبالغ فيها و لا ننكر أنّه علينا أن نأخذ على عاتقنا تربية الشعب ، بيد أنّ المبالغات التى توجد ليست المظهر الرئيسي و لا هي جوهر الثورة.
جريمة ألاّ نضرب الرجعيين و أن نحاول تجنّبهم. خلال الثورة الثقافية ، كانت الإطاحة بأتباع الطريق الرأسمالي وسيلة و لم تكن هدفا. فالهدف كان تغيير نظرة الناس للعالم من أجل نشر الشيوعية. لم يقع قتل ليوتشاوتشى و دنك سياو بينغ و هما الهدفان الرئيسيان للثورة الثقافية ممّا يدحض أكذوبة أنّ الثورة الثقافية كانت حدثا عنيفا و دمويّا للغاية. بالنسبة للشيوعي ، العلاقة بين الأهداف ووسائل تحقيقها مسألة مبدئية ينبغى شرحها للذين لا يفهمون. وعلينا أن نشرح أنّه لدينا و يظلّ لدينا عدوّ و معارضين طبقيين و إن ليس لدينا عدوّ شخصي. لن نقبل بأي شيئ يكون ضد أهدافنا ،مثلا ، معاملة لاإنسانية تجاه الآخرين ، تعذيب ، و تحطيم البيئة ، تمويل صراعات ضد المضطهَدين و البروليتاريا ، تجارة المخدّرات: كلّ هذه أعمال البرجوازية لن نقبل بها.
خلاصة القول ، يدافع المستغِلون (بهدف الإبقاء على نظامهم) عن فلسفتهم البراغماتية الرجعية و يلجؤون إلى كلّ الوسائل للإبقاء على سيطرتهم. إنّ جيل الثورة الثقافية ما قال أبدا " الحزب و السلطة فوق كلّ إعتبار" بل إستعمل الحزب و السلطة لصالح حرّية الفقير و المضطهَد و كسلاح لتحقيق مجتمع خالى من الطبقات و بالتالى تغيير العالم. إنّ مصالح الشعب دوما و فى كلّ المجالات هي المبدأ الرائد. لقد ناضل الشيوعيون ضد الفلسفة البراغماتية لدنك سياو بينغ الذى أكّد " لا يهمّ أن يكون القط أسودا أو أبيضا ، المهمّ هو أن يصطاد الفأر". بغاية تغيير أفكار الجماهير لا يمكننا أن ننسى النضال الإيديولوجي فنحن نعلم أنّ فى كافة المجتمعات الثقافة السائدة هي ثقافة الطبقة السائدة. و الثورة الثقافية تعنى القطع مع العادات و التقاليد القديمة وهي مفتاح فى إنجاز ذلك.
يعتقد التحريفيون أن الثورة الثقافية كانت رعبا مطلقا. و يؤكّد الإمبرياليون و عملاؤهم أنّ الثورة كانت ضد الشعب. و من المهمّ جدّا عدم السماح لأي كان بأن يخلط بين من هو العدوّ و من هو الصديق فى الفترة الثورية و كي نقدر على إلحاق الهزيمة بالعدوّ من المهمّ أن نحافظ على الوحدة مع أصدقائنا بينما يتمّ النضال حول أخطائهم و نطبّق خطّنا الطبقي. هذه مسألة مبدئية.
من الهام جدّا ، بالنسبة للجماهير و بالنسبة للذين أخطؤوا ، فى الثقافة الماوية ،مبدأ "معالجة المرض لإنقاذ المريض" و إستعمال تلك الأخطاء كفرصة لتربيتهم. حسب الماويين ، بإستثناء الأشخاص الذين لا يمكن إنقاذهم أو إعانتهم على التقدّم، نتعامل مع الناس "مثلما يفعل الطبيب" . هل للطبيب حقّ الصراخ فى وجه المريض ؟ طبيب من هذا القبيل لن يعرف واجباته و سيكون غبيّا. ما هو واجبه؟ إنّه تشخيص مرض المريض و تقديم العلاج له. هذا من جهة و من جهة أخرى ، ينقد بعض الإنعزاليين الذين يستعملون القوّة ليفرضوا سيطرتهم ، ينقدون ماو على أنّه ليبرالي. و مع ذلك ، فإنّ ماو لم يتهرّب البتّة من الصراع حول الأخطاء. بالعكس ، إستعمل ماو طريقة وحدة - صراع- وحدة داخل الحزب و فى المجتمع للصراع حول الأخطاء و التوصّل إلى مستوى أرقى من الوحدة.و لم يستطع البيروقراطيون "المتعجرفون الأقوياء" أن يستوعبوا لماذا وثق ماو تسى تونغ فى 95% من السكّان بإعتبارهم أناسا شرفاء و طيبين. بالنسبة للبيروقراطيين المتعجرفين لن يهتمّوا أبدا بأسباب الأخطاء و الظروف المادية للشعب. و أولئك الذين يعتقدون أنّهم لا يقترفون أبدا أخطاء و لهم تشبّث و ولع بالسلطة العليا يصيرون أعداء كافة الشعب و يتبنون خطّا عدائيا تجاه الجماهير. عموما، تتأتّى الأخطاء الرئيسية منهم .و بالملموس مثّل لين بياو مثالا نموذجيّا حيث نظّم حفنة من اللصوص حول الفكرة المزعومة لمواصلة الثورة الثقافية ضد دنك سياو بينغ لكن ، فى الواقع، خدم ما فعله قوى دنك. كان لين بياو "ماوي خارق للعادة" شعاره "تحطيم كلّ شيئ " و حبك الدسائس و المؤامرات فى صراعه الشخصي من أجل السلطة.
عند إستعمالنا لعلمنا فى معالجة التناقضات فى الحزب و المجتمع ما ينبغى القيام به و ما لا ينبغى القيام به هو " ممارسة الماركسية و ليس التحريفية ؛ العمل من أجل الوحدة و ليس من أجل الإنشقاق؛ التعامل بإستقامة و صراحة و عدم حبك الدسائس و المؤامرات".
و مثلما قال ماركس بصدد طبيعة الملكية الخاصّة فهي دائما خجولة و جبانة لأنّه ليست لها روح.
بصدد السياسة :
لا يمكن للذين لا يتحدّثون عن تاريخهم و عن أدبهم أن يحفظوا دروسا و لا أن يوافقوا عليها. ألم يقولوا "هم" أنّ الفلسفة ليست بالبساطة التى شرحها ماو فى " فى التناقض" و "فى الممارسة العملية" و أعمال فلسفية أخرى ؟ إنّ كتابات الماوي الكبير ، إبراهيم كايباكايا فى بيان 1972 و منها تقرير حول منطقة كورسيلك و المقالات حول الحركات العمالية-الفلاحية تعطينا مثالا مهمّا و ملموسا جدّا منه علينا أن نتعلّم.
من غير الممكن قيادة الجماهير بقيادة مجرّدة. يمكن إفتكاك السلطة فقط عبر النضال الواعي للشعب لكسب السلطة. و لا نستطيع تحاشي قيادة الشعب فى الصراع الطبقي بخطّ صحيح. و الحرب الثورية مثال عملي يثبت ذلك. لحرب الشعب و ثورة الديمقراطية الجديدة علاقة جدلية بتحقيق تلك المهام من خلال سلطة الديمقراطية الجديدة. و هذا ما نعنيه بحرب الشعب : لا نتحدّث فقط عن مهام عسكرية بل نشير كذلك إلى مهام إقتصادية و سياسية و إجتماعية لإنجاز الثورة. و العلاقة بين الحرب و السياسة تشرح هذا الواقع. فالحرب الثورية وسيلة لمواصلة السياسة الثورية. و علينا أن نتجاوز نقاط ضعفنا و نواقصنا بسرعة كبيرة. إبّان إعداد الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى ، رُفع شعار النضال ضد "الأربع أشياء القديمة". و ينبغى أن نتعلّم من ذلك و نطبّق ذلك فى الممارسة العملية. نقاط الضعف و الصعوبات و الإنتصار و المستقبل المشرق وحدة أضداد. وبعدما نحلّل كلّ هذا تحليلا صحيحا سيمكننا أن نعالج البقيّة. ينبغى ألآ نكون مثل أولئك الذين يرون المشاكل و الصعوبات فحسب و لا يصيغون حلولا و لا يرون المستقبل المشرق و ينبغى ألاّ نكون مثل أولئك الذين يعتدّون كثيرا بأنفسهم و يتغطرسون كثيرا و لا يرون نقاط ضعفهم. إنّ الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى لا يمكن أن تقبل بوجود مشاكل دون حلول و من الواضح جدّا بالنسبة لنا ما يجب أن نقوم به و ما يجب ألاّ نقوم به- والآن سنحلّل ذلك.
ضد الهجمات: يهاجم الليبراليون البروليتاريا و الشعب الكادح مستعملين الطلقات النارية المتعفّنة لأسلحة كاوتسكى و برنشتاين ، بيد أنّهم بتلك الأسلحة بإمكانهم أن يطلقوا النار على أنفسهم لا غير. و ييطبّل الليبراليون للديمقراطية فى المطلق و يهاجمون الشعب الكادح و القويّ فى ظلّ قيادة البروليتاريا و فى نفس الوقت يسكبون دموعهم على التضييقات المملاة على الطبقات البرجوازية. و الآن نفهم على نحو أفضل من الأمس ضرورة مواصلة الثورة فى ظلّ دكتاتورية البروليتاريا و نعلم الضرر الذى تسبّبت فيه أحزاب الأممية الثانية.
أمّا فيما يتصل بنظرتهم الأورومركزية ( المنجرّة عن نظرية قوى الإنتاج القائلة بأنّه يجب على البروليتاريا ألاّ تفتكّ السلطة حيث لا تمثّل غالبية السكّان) فليحتفظوا بها حتى نقول ذلك بطريقة متأدّبة و الذين يفسّرون إعادة تركيز الرأسمالية فى البلدان الإشتراكية سابقا بنظرية الأورومركزية هم جهلة "متحضّرون" و بنظريات من هذا القبيل لن يتوصّلوا أبدا لرؤية أيّة ثورة طوال حياتهم!
و يوجد بعض التدرّجيين الإصلاحيين فى هذا النظام و الذين هم مثال عن كيف يجب ألآ يكون الثوري ، أي ، "اليسار الليبرالي الجديد" و الذين هم على إستعداد لقبول كلّ مساندة الإمبريالية بحرارة. و نحن نهنّئهم على إصلاحيتهم ! وبالنسبة لنا ، الخطّ المرشد هو الممارسة و الممارسة هي المسألة الرئيسية. إذن المنهج اللينيني يعنى :
- وحدة النظرية و الممارسة.
- مضمون التحركات هو الجوهري و ليس الشعارات.
- فى ظلّ قيادة الحزب ، من الواجب إعداد الجماهير و إستنهاضها لإنجاز الثورة.
- على المرء أن يتجرّأ على التعلّم من التجارب و الأخطاء.
- على المرء أن يواصل دوما السير نحو الشيوعية.
إنّنا نعارض جذريا أحزاب الأممية الثانية و ندافع عن الأطروحات اللينينية حول الحزب و لكنّنا لا نكتفى بذلك بما أنّنا قد تبنّينا الأطروحات الماوية بشان الحزب ممّا فتح لنا آفاقا جديدة.
بهذه المعرفة و هذا الخطّ نناضل ضد مفهوم الحزب و المجتمع " ذى الوحدة الصمّاء". ب وحدة - صراع- وحدة ، صراع، إقناع و تغيير نكرّس هذا الخطّ فى الحزب و فى صفوف الجماهير و هكذا يمكننا أن ندرك هذا الصراع بين الطريقين و بين الخطوط الصحيحة و الخاطئة. و من غير الممكن بالمرّة التوصّل إلى وحدة كلّية و مطلقة فى الحزب و المجتمع و دون صراع من غير الممكن أن نصير أقوياء. و ينبغى أن نفهم هذا. زيادة على ذلك ، بتصميمنا ووحدة عملنا نستطيع تنسيق الممارسة فى الحزب و فى المجتمع. الحزب ليس فيدرالية حكّام و إقطاعيين! إنّ المفهوم الماوي للحزب يتأسّس على الوحدة بين الحزب و الجماهير : إنّه وسيلة تناسب الشعب كي يعمل بشكل طليعي و كي يتقدّم نحو مجتمع لن يكون فيه الحزب و لا الدولة ضروريان.
الماركسية - اللينينية- الماوية هي مرشدنا :
لقد دافع ماو تسى تونغ عن إرث الرفاق ماركس و إنجلز و لينين و ستالين و فى ظلّ قيادة ماو بيّنت لنا تجربة الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى أن علمنا قد بلغ مرحلة جديدة و أرقى نوعيّا. و يحرّف التحريفيون الذين لا يفهمون علمنا البروليتاري ( الذى هو الأساس العالمي للشيوعية للعالم بأسره) الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى قائلين إنّها قابلة للتطبيق فى الصين فقط .
لمّا تحدّث ماو عن تطبيق الماركسية على خصوصيات الصين، أشار إلى أنّنا نحتاج إلى ممارسة إيديولوجيتنا و علمنا العالميين و تطبيقهما على وضعنا الخاص. و نظرا لعدم التوازن فى العالم الإمبريالي حيث نعيش و التقسيم إلى أمم مضطهَدة وأمم مضطهِدة و عوامل أخرى ، فإنّ أشكال النضال البروليتاري لكلّ بلد تتنوّع حسب الظروف الملموسة.
تقدّم الماركسية "حلولا ملموسة لمشاكل ملموسة". هذا علم العمل و المثاليون الذين يضعون علمنا رأسا على عقب سيفشلون بصفة حتمية بما أنّ علمنا قد أثبتته الممارسة.
و الماوي الكبير و قائد البروليتاريا و المضطهَدين فى تركيا و كردستان ، إبراهيم كيباكايا ، طبّق الماركسية-اللينينية -الماوية على وضعنا الملموس و أنار سبيلنا بخطّه الأحمر. و صاغ الرفيق ماو تسى تونغ قائد الحركة الشيوعية العالمية الذى شرح إفتكاك البرجوازية "الجديدة" للسلطة فى الإتحاد السوفياتي سلاحا فعّالا للغاية بالنسبة لنا. فالثورة الثقافية البروليتارية الكبرى قمّة علمنا. و دون هذه المعرفة من غير الممكن أن نكون بروليتاريين ثوريين.
" من فوّهة البندقية تنبع السلطة السياسية" . بهذا الشعار لماو تسى تونغ بمستطاعنا أن نرى أنّه مع إختلاف أشكال إفتكاك السلطة فإنّ العنف الثوري فى حدّ ذاته ضرورة عالمية. شكل العنف الثوري اللازم فى البلدان المستعمرة و شبه المستعمرة هو حرب الشعب التى تعدّ حجر زاوية الخطّ الثوري. و بالنسبة للإمبريالية و عملائها الذين يدعون القدرة بنظريتهم وممارستهم على الحيلولة دون الثورة البروليتارية فحرب الشعب هي هدفهم الرئيسي. و يبيّن هذا الأمر فى حدّ ذاته وبوضوح ضرورة حرب الشعب!
من خلال إستراتيجيا ماو تسى تونغ لحرب الشعب بقيادة الحزب الشيوعي ، من الممكن تحقيق آلاف المعجزات و هذا المبدأ يتعارض مع أولئك الذين صاروا عبيدا و أسرى نظرية قوى الإنتاج و يعتقدون أنّ الأسلحة فقط و ليس الناس هي الرئيسية. و لقد أثبت لنا ماو أنّ فى ظلّ قيادة الحزب الشيوعي " الشعب و ليست الأسلحة هو المحدّد". و هذا المبدأ أنار لنا الدرب.
و مثلما قال ماو " ريح الشرق ستتفوّق على ريح الغرب" و شرح الواقع الملموس للعالم الذى فيه نعيش خلافا للذين لا يعترفون بأنّ البلدان المستعمرة و شبه المستعمرة هي "مركز عواصف" الثورة العالمية. هناك البيرو و تركيا و الفيليبين و النيبال و أمثلة أخرى ...من فضلكم ما هي الأدلّة الأخرى التى تريدون!
و ما يسمّى بالموقف الإشتراكي الأورومركزي و الذى يشوّه النضال الثوري للبروليتاريا العالمية يقف كذلك دون الثورة الإشتراكية فى البلدان الرأسمالية الإمبريالية.
و الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى فى المرحلة الإنتقالية الإشتراكية من الرأسمالية إلى الشيوعية هي طريق مواصلة الثورة و الدكتاتورية ضد البرجوازية و فى ظلّ قيادة الطليعة الماوية هي راية خطّ الجماهير الثورية وهي أساس مبادرة الجماهير الثورية.
طبعا ، لا يريد الذين يضعون الآلات و التكنولوجيا فى مصاف القيادة أن يفهموا ماو و يرفضون خطّ وضع الثورة فى مصاف القيادة. إنّ الخطّ الماوي ضرورة بالنسبة للذين يرغبون فى المضيّ نحو الشيوعية. هذا من جهة و من جهة أخرى حتى فى صفوف أولئك الذين يريدون الإشتراكية و الذين لم يتعلّموا بعدُ بصفة جيّدة تلك الضرورة هناك إمكانيّات كبيرة أن يحافظوا على اللامساواة التى تبقى فى صفوف الشعب فى ظلّ الإشتراكية و سيتحوّلون إلى برجوازية "جديدة " محدثين إعادة تركيز الرأسمالية. و يمثّل لينين الماركسي الحقيقي ضد الذين يدافعون عن خطّ الأممية الثانية و يُخفون وجههم الإقتصادوى وراء قناع "ماركسي". و قد سحقت ثورة أكتوبر العظيمة التى فتحت المجال أمام الثورة البروليتارية فى القرن العشرين نظرية قوى الإنتاج التحريفية للأممية الثانية. و هذا الإرث و الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى التى هي قفزة كبرى نوعية فى علمنا يسمحان لنا بفهم عميق لمشاكل الثورة.
لقد بيّنت لنا الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى أنّ خلال المرحلة الإنتقالية من الرأسمالية إلى الشيوعية ، توجد الطبقات و فى النهاية يستمرّ الصراع الطبقي. فالصراع الطبقي مصدره ليس خارجيا بل يرتكز على حقائق داخل المجتمع الإشتراكي . قبل ماو ، كان من غير الممكن تحليل هذه المشاكل تحليلا صحيحا. فالمعرفة تتحدّد بالظروف الإجتماعية و لا يمكن إدراكها على نحو خطّ مستقيم. و لا يمكن و لا يجب أن يُنظر للعلاقة بين المادة و الوعي نظرة مادية ميكانيكية لأنها فى الواقع مرتبطة جدليّا.
و يقف أتباع الأممية الثانية ضد الماوية ( و فى كلّ الدروس المستشفّة من التحويل الإشتراكي و التى رفعت علمنا إلى مرحلة أرقى ) و يُقاتلونها بما يسمّى ب "ماركسيت"هم . تطوّر علمنا بصفة عظيمة بفضل هذه التجارب إلاّ أن التحريفيين لا يريدون فهم ذلك رغم الوقائع.
حتى بعد تركيز الملكية الإشتراكية لوسائل الإنتاج، بعدُ من الممكن العودة إلى الرأسمالية . و التاريخ يثبت أنّ الماوية على المسار الصحيح و ليست وجهات النظر الأخرى القائلة بأنّ مثل هذا التراجع يكون مستحيلا. من يعتقد أنّ إعادة تركيز الرأسمالية ليست ممكنة؟
و التاريخ يشهد للماوية بالعلمية لكنّه لا يشهد للجهلة "المتحضّرين" الذين يحتقرون بأفكار مسبّقة ثورات البلدان المستعمرة و شبه المستعمرة، هذه الثورات التى تمثّل قوّة محرّكة للثورة عبر العالم. و بعدُ لم يؤكّد التاريخ حجج الذين يقولون إنّ الإشتراكية غير ممكنة فى بلد واحد لكنّه نعم قد اكّد التوجه الصحيح للينين وستالين و ماو الذين قاموا مظفرين بالثورة و أكّدوا علم الماركسية-اللينينية-الماوية.
يثبت لنا إنقلاب خروتشاف فى الإتحاد السوفياتي و إفتكاك السلطة فى بلدان أوروبا الشرقية من طرف عملائهم و ايضا مشاكل أخرى بالصين شرحها ماو تسى تونغ ، يثبتون لنا:
1- أنّ الإشتراكية مجتمع إنتقالي و ليست مجتمعا مستقرّا .والمشاكل لا تنتهى حتى إثر التحويل الإشتراكي و تركيز علاقات الملكية الإشتراكية. هاتان الخطوتان: التحويل الإشتراكي و تركيز علاقات الملكية الإشتراكية ، هامان للغاية لسحب ملكية وسائل الإنتاج من أيدى القوى الإستغلالية. بيد أنّ هذا لا يعنى أنّ كلّ مشاكل علاقات الإنتاج قد حُلّت. تظلّ هناك بعدُ التناقضات فى العلاقات بين المنتجين مثلا بين القادة و المقودين...
و مع ذلك ، و إن تمّ تركيز ملكية الشعب وهذه خطوة هامّة ، فإنّ ذلك بعيد جدّا عن أن يكون تحكّما فعليا ( لكلّ الشعب) فى المجتمع. هذه حقيقة الإشتراكية على الرغم من تلك الخطوات الراديكالية المهمّة للغاية. لا يمكن أن يوجد طريق آخر. بمقدور الجماهير أن تكشف الطبقة القديمة (البرجوازية) التى جرى سحقها و الخطر الذى تمثّله ( إفتكاك السلطة ضد الإشتراكية) غير أنّ الأخطار الرئيسية و الهجمات الجبانة تتأتّى من البرجوازية "الجديدة" التى تتغذّى من تناقضات المجتمع الإشتراكي حيث تظهر البرجوازية "الجديدة" فى الدولة و الحزب . و خروتشاف و بريجناف و دنك سياو بينغ نماذج ملموسة جدّا فى هذا الصدد. و الآن نودّ أن نسأل :
أ) ما الصحيح؟ هل هو الخطّ الذى يؤكّد أن الخطر الرئيسي منبعه البرجوازية "الجديدة" المتبعة للطريق الرأسمالي؟ أم الخطّ الذى يدافع عن أنّ الخطر الرئيسي منبعه الغزو الإمبريالي و الطبقة المهيمنة القديمة التى جرت الإطاحة بها فحسب؟ أيهما هو الخطّ الصحيح؟
أكّدت الوقائع صحّة الماوية. لذا بإمكاننا أن نقول أنّه علينا أن نصبّعلى رؤوس أولئك الذين يتمسّكون بعدُ باسلحتهم التحريفية المتعفّنة غبارا!
ب) يدافع التحريفيون عن خطّ أنّ " لا وجود لبرجوازية داخل الإشتراكية " و يحاججون بأن ليس هناك تناقض بين البرجوازية و البروليتاريا فى ظلّ الإشتراكية و لا يريدون معرفة كيف يتطوّر هذا الصراع داخل الحزب و الدولة لأنهم لا يودّون أن يقع التعرّف عليهم. و يحدّدون البرجوازية بإعتبارها فقط برجوازية "جديدة " مالكة للمصانع! إخوانهم الطبقيون ، الدكتاتوريون البيروقراطيون التحريفيون المعاصرون لا يقولون من كسب لكنّنا نؤكّد أنّ الماوية قد كسبت.
ج) لسنوات قد شرحنا أنّ دكتاتورية البرجوازية البيروقراطية إستعملت كقناع لخداع الجماهير غير أنّ التحريفيين لا يفهمون و يمضون فى قول إنّ تلك البلدان إشتراكية. هذا من جهة و من جهة أخرى ، قد كسبت الماوية بعدُ لأنّ التحريفيين المعاصرين قد أسقطوا أقنعتهم و الآن يتجمعون تحت راية الرأسمالية الكلاسيكية للسوق الحرّة.
2- كذلك قد شرحنا لسنوات أنّ مشاكل الإشتراكية و تقسيم عملنا المبذول و العوائق و اللامساواة و الإغتراب و التناقضات بين العمل اليدوي و العمل الفكري و بين الريف و المدينة إلخ... هي بقايا المجتمع القديم. بالإضافة إلى ذلك ، شرحنا كيف يمكن أن نحدّ من هذه التناقضات . لقد فسّرنا فى عديد المناسبات أهمّية الدور الذى يلعبه الخطّ السياسي و الإيديولوجي و ضرورة التحكّم فى السلطة و أهمّية مواصلة الثورة فى ظلّ دكتاتورية البروليتاريا. و إذن من كسب هنا ؟ الذين يقولون إنّ الطبقة القديمة التى وقعت الإطاحة بها و إنتهى الأمر؟ أم الماويّة ؟ مرّة اخرى من الواضح أنّ الماوية قد كسبت.
و مثلما قلنا آنفا ، المبدأ التنظيمي لتقسيم العمل فى ظلّ الإشتراكية ( يعنى ، من كلّ حسب قدراته إلى كلّ حسب عمله) يظلّ يتضمّن لامساواة فى مساواته الظاهرية. فى ممارسة الإمتثال أوعدم الإمتثال لمفهوم حقوق الدولة ( و أيضا فى مجال الإقتصاد) هناك مظهر برجوازي. و نقصد بهذا أنّ هناك مظهر من مظاهر الدولة برجوازي. وفى العمق ، هذا الوضع لا يمكن تفاديه لذا من المهمّ ضمان أن تكون الثورة (التى تدافع عن الطابع البروليتاري للسلطة) مستمرّة و ألاّ يسمح بتطوير الجانب البرجوازي للدولة و للإقتصاد فى إتجاه خاطئ و لا أن يعمل كمعبر لإعادة تركيز الرأسمالية. إنّ السلطة سلاح لمواصلة الثورة و سلاح لقيادة الشعب صوب الشيوعية. و السلطة البروليتارية لا توفّق بين الطبقات. واجبنا كان إنجاز الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى : إنجزت فى الصين و كبحت إعادة تركيز الرأسمالية لعقد من الزمن. بماذا؟ بالماوية! ...و مع ذلك حتى فى الأيّام المظفّرة للثورة الثقافية البروليتارية الكبرى ما كان بعدُ جليّا من سينتصر. و قد بيّن لنا التاريخ مرّة أخرى أنّ الماوية إنتصرت.
3- هُزمت "إشتراكية الغولاش" لكن بما أنّ الناس العاديين لم يفهموا طبيعتها ، فإنّهم تفاعلوا مع سقوطها مهاجمين الشيوعية.
القيادة الماوية راية كافة المضطهَدِين فى صراعهم من اجل تغيير العالم و بلوغ المجتمع الخالى من الطبقات. و الآن بصفة خاصة و الحال أنّ الإقتصادوية معشّشة فى البلدان الإمبريالية ، قدرُ الإشتراكيين الشوفينيين هو الإستسلام للإمبريالية. و ماذا عن الماوية؟ ...من يرحّب بالمستقبل الوضاء فى هذا العالم؟ أليست مونزور بتركيا و آياكتشو فى جبال الأنديز بالبيرو المعاقل الحصينة الرئيسية؟
هي الثورة الثقافية و ليست القيادة الإقتصادوية التى تناضل بهدف تغيير العالم. وهي تسترشد بخطّ صحيح ، الجماهير قوّة قادرة على معالجة أي مشكل. هذا هو جوهر الخطّ الماوي.
و الميتافيزيقيون المتقنّعون بقناع المادية الجدلية فى الواقع يعارضونها من ألفها على يائها. فجوهر المادية الجدلية هو وحدة الأضداد فى الطبيعة و المجتمع. و الفلاسفة المثاليون الذين يشوّهون هذا الجوهر أبعد ما يكونون عن فهم أنّ الأِشياء "حيةّ ، مشروطة و فى حركة " أو فهم "وحدة و تماثل" الأشياء. و عليه ،لا يرون سوى القوّة التكتيكية للرجعيين و لا يرون التفوّق الإستراتيجي للمضطهَدين. و زمن الأممية الثانية ، فى وضع "دون صوت نسبيا" أعلن الميتافيزيقيون أنّ الثورة كانت حلما خيالياّ.
خطّ كايباكايا هو طليعتنا :
لقد كان كايباكايا ماويّا عظيما. والحزب الشيوعي التركي ( الماركسي- اللينيني) الذى هو إفراز الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى و كايباكايا قائده المؤسّس أنتج فهمه للماركسية-اللينينية-الماوية و طبّقه فى الممارسة العملية. و فى النهاية ، إستطعنا أن نرفع عاليا بيان الحزب الشيوعي التركي ( الماركسي-اللينيني) فيما يتصل بالبرنامج الأدنى للثورة الديمقراطية و البرنامج الأقصى لبلوغ الشيوعية. و لا يمكن الدفاع عن كايباكايا دون الدفاع عن الماوية و بالعكس الدفاع عن خطّ آخر ليس سوى خدعة.
نظرا لماديتهم و إقتصادويتهم التجريبية المبتذلة فى العلاقات السياسية و الإقتصادية ، ليس بوسع بعض الأشخاص أن يستوعبوا لماذا كانت الطليعة البروليتارية الثورية ثمرة للثورة الثقافية البروليتارية الكبرى.
إنّه لواقع لا يقبل الدحض أنّ الصراع الطبقي يظهر موضوعيا فى المجتمع الطبقي. و الصراع الطبقي ليس إفرازا للإختيار الحرّ بل إفرازا لتقسيم الإنسانية إلى طبقات. و نجم تشكّل البروليتاريا عن مرحلة خاصّة من التطوّر فى المجتمع الإنساني فيها تتحوّل البروليتاريا إلى حفّار قبر البرجوازية. و هدف صراعنا الطبقي البروليتاري الواعي يشمل إلغاء البروليتاريا ( مع بقيّة الطبقات الأخرى) من على مسرح التاريخ. حينما توجد طبقة بروليتارية توجد موضوعيا أحزاب بروليتارية. و الحزب البروليتاري لا يمكن أن يظهر عفويا فى النضال البروليتاري بل إنّه إفراز للنضال الثوري للبروليتاريا الواعية . و الحزب سلاح واعى للبروليتاريا الثورية. و بهذا السلاح تستطيع البروليتاريا أن تقود نضالها بخطّ صحيح و تحلّل و تدرك و تغيّر و تنير مستقبل العالم بعلمنا الماركسية-اللينينية-الماوية .
لقد أوجدت حركة 15-16 جوان الظروف الموضوعية لإنجاز قفزات إلى الأمام فى الوعي . لماذا لم تستشفّ منظّمات الجيش الشعبي لتحرير تركيا و حزب – جبهة تحرير الشعب التركي الدروس الضرورية و لم تتوصّل إلى خلاصة الماركسية-اللينينية-الماوية؟ لماذا لم يستطيعا تبنّى البرنامج الإستراتيجي الأقصى للماركسية-اللينينية-الماوية؟ و الإجابة تكمن فى نظرتهما بالذات للعالم. كان كايباكايا ماويّا لنظرته الماويّة للعالم. و الظروف الموضوعية المواتية أفادته و لكن إن لم يتعلّم كايباكايا من الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى لم يكن واردا إصدار بيان 1972 و لا برنامجنا الأدنى و الأقصى بالرغم من هذا الوضع المناسب. و أكّدت عديد الدروس علمنا و دفعت بقفزات إلى الأمام فى العالم ( مثلا، دروس إعادة تركيز الرأسمالية و ضرورة مواصلة الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى فى ظلّ دكتاتورية البروليتاريا). و هكذا لماذا لا تفهم هذه القوى الماوية؟ لأنّ نظرتها عن العالم مختلفة.
بعلمنا الذى بلغ مرحلة جديدة ، أرقى نوعيّا مع الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى فى ظلّ القيادة الماوية و بقيادة كايباكايا فى تركيا و شمال كردستان تمّ التوصّل إلى تحقيق خطّ جديد و أرقى نوعيّا. قبل كايباكايا، تبنّت تلك القوى التى تسمّى نفسها ديمقراطية ثورية و "شيوعية" ، تبنّت الكمالية كإرث تقدّمي من الإيديولوجيا الرسمية للدولة التركية. و فضلا عن ذلك، و بالرغم من الحركات الجذرية الهامّة للجيش الشعبي لتحرير تركيا و حزب- جبهة تحرير الشعب التركي فى 1971، لم تستطع أن تفهم فهما صحيحا و لا أن تجري تحليلا صحيحا لطبيعة الجمهورية التركية و جيشها بسبب نظرتها غير البروليتارية للعالم. و على الصعيد العالمي ، تبنّت موقفا وسطيّا فى المعركة بين الماركسية-اللينينية-الماوية من جهة و التحريفية من جهة أخرى. هذه نقطة ضعف أخرى من نقاط ضعفها. و إعتبر هذا التوجه قيادة الدكتاتورية البرجوازية "الجديدة " للتحريفيين المعاصرين فى الإتحاد السوفياتي قيادة إشتراكية. بيد أنّ الممارسة قد أثبتت لنا أهمّية خطّ كايباكايا الذى هو سهل الإدراك لمن يودّ ذلك. ليس لعشّاق الإيديولوجيا الكمالية و الجيش الكمالي فى الحزب الثوري للعمّال و الفلاحين فى تركيا أيّة صلة مطلقا بماو تسى تونغ فخطّهم إصلاحي وبرلماني و من جماعة " يسار" الدولة و يشوّه ثورة الديمقراطية الجديدة و حرب الشعب و تعاليم أخرى لماو. لقد عرّى كايباكايا خطّهم و طبيعته فى 1971. إثر وفاة مصطفى سُوفى ، تحوّل الحزب الشيوعي التركي إلى حزب تحريفي و حزب دمى تحرّكها الإمبريالية الإشتراكية السوفياتية. و تبيّن لنا كلّ هذه المظاهر أهمّية خطّ كايباكايا ، هذا الخطّ الذى مثّل قفزة كبرى إلى الأمام فى الثورة فى تركيا و فى كردستان تركيا. والآن نسأل : 1) قبل كايباكايا ، هل وُجد من تعرّف على الإيديولوجيا الكمالية كحركة فاشية للبرجوازية الكمبرادورية و الملاكين العقاريين الكبار بتركيا؟
2) قبل كايباكايا ، هل وُجد من تعرّف على الطبيعة الديمقراطية للحركة الوطنية الكردية و ساندها هي و إنتفاضات سيه سايت و درسيم و آغرى و ككجيري إلخ فى كردستان و عارض قمع الجيش الكمالي؟
3) بحكم الأخطاء فيما يتصل بالكمالية و بالقضية القومية الكردية و مشاكل الأقليات الأخرى، أكان بالإمكان تجاوز "اليسار" الشوفيني بما فيه الكفاية؟
4) قبل كايباكايا، هل كانت مواقف القوى الأخرى بصدد الدولة و الجيش و الثورة؟ ( بعدُ قد عرّينا جوهر المنظمات مثل الحزب الشيوعي التركي و الحزب الثوري للعمّال و الفلاحين فى تركيا لكن من الضروري تناولها هنا )
أ- لماذا رحّبوا بإنقلابات 27 ماي و 1971 و طبّلوا لها؟
ب- كيف يمكن تفسير سياسة وحدتهم فى تحالف مدني- عسكري بقيادة الجيش الكمالي؟
ت- ماذا يعنى التعامل مع الدولة و الجيش التركيين إنطلاقا من الإرث الكمالي؟
5) هل يوجد – بما فى ذلك النضال المسلّح لسنة 1971 ضد التحوّل السلمي- من يفهم إستراتيجيا حرب الشعب فى الثورة فى تركيا و شمال كردستان ، حرب الشعب هذه هي طريق الإنتصار ، الذى أثبتته علميا الممارسة و لو أنّ بعض القوى لا تزال تناقشها إلى الآن؟
قبل كايباكايا، أهناك من نشر خطّ الثورة الديمقراطية الجديدة و السلطة الشعبية للديمقراطية الجديدة و هذه الأسلحة الإستراتيجية أي الحزب و الجيش و الجبهة المتحدة ، على أساس الماركسية-اللينينية-الماوية ؟
إنّنا نتساءل :
أ- بالنسبة للتعاليم الثورية للماركسية-اللينينية-الماوية هل يمكن أن يوجد مكان للإنقلابات و لمخطّطات القوى المسلّحة و نشاطاتها؟
ب- أمن الممكن أن تساند البروليتاريا هذه أو تلك من زمر الدولة و الجيش البرجوازيين و إلى جانب ذلك ، أن تساند الكمالية و تقف إلى جانبها؟
ت- فيما يتصل بالسياسة البروليتارية حول التحالفات هل يمكن عقدها مع الذين يريدون القضاء على النظام ، وفى نفس الوقت، الحفاظ على تحالفات مع جيش النظام؟
6) قبل كايباكايا ، هل وُجد من أدرك طبيعة الكتلة الإمبريالية الإشتراكية و إتخذ موقفا بروليتاريا ثوريا ضدّها؟
بمقدورنا أن نعمّق النقاش حول هذه النقاط ، بيد أنّنا نعتقد أنّ هذا المقال يكفى للذين يريدون النظر إلى الواقع ؛ و الواقع هو أنّ مع كايباكايا إنطلقت مرحلة مقاومة أرقى نوعيّا فى تركيا و شمال كردستان./.
-------------------------------------------