الحلف الإسلامي الإمبريالي إلتهم الإنتفاضات


المنصور جعفر
2011 / 12 / 5 - 19:09     

1ــ أكانت مشاركة القوى اليسارية والنقابات العمالية والاتحادات مؤثرة في هذهِ الثورات؟ و إلى أي مدى؟

ج: أولاً لم تك هذه الإنتفاضات ثورات بأي حال فالثورة هي التغيير الجذري، وهذه الإنتفاضات الحقيقية لم تحدث أي تغيير جذري في تنظيم الإقتصاد أو في صياغة المجتمع أو في تغيير أسس التنظيم السياسي القائم على القوة العسكرية أو المالية والإعلامية.

أما مشاركة ما بقى نشيطاً من قوى اليسار والنقابات والإتحادات مشاركة نضالية فعالة في إحداث هذه الإنتفاضات فقد كانت مشاركة عميقة مفعمة بالتضحيات عدداً ونوعاً وشجية بالبطولات البسيطة والكبرى سواء في طرح القضايا والإعلام بها أو في بيان إمكانات التغيير الجماهيري ضد أنظمة الحكم.

المشاركات الفعالة للقوى اليسارية والنقابية في بناء قضايا وأهداف وحركة الإنتفاضات تم إطفاءها إعلاماً بواسطة التلفزة الخليجية والإمبريالية وما بقى من الصحف الحكومية وكثير من النشاطات الدينية، وحيث تم ظهار جانب واحد من قوى هذه الإنتفاضات هو جانب الحركات الإسلامية التي إعتلت النضالات الإعلامية براياتها وهتافاتها وبصلواتها وصولاتها الإستعراضية حيث غيب تكرار اللحى والتكبيرات في أجهزة الإعلام طبيعة الصيرورة التاريخية للمعاني الإقتصادية الإجتماعية والثقافية لإنتفاض الشعوب ضد أثار التفاوت بين جانب الأجور المنخفضة وتقييد وتسليع الحقوق، وجانب الأسعار المطلقة لأنظمة السوق الحرة وما لف لفها.


2- هل كان للاستبداد والقمع في الدول العربية الموجه بشكل خاص ضد القوى الديمقراطية واليسارية دوره السلبي المؤثر في إضعاف حركة القوى الديمقراطية واليسارية؟
ج: لا خير في قوى يسارية إن لم تقوى بالضغط والحرارة، تتعلم الدروس وتفتحها حيث المحن والإحن تبعد عنها كثير من السلبيات، ولكن الضعف في حركة القوى اليسارية لم ينتج أصلاً من القمع الفكري والبدني بل جاء من رحم المؤتمر العشرين للحزب الشيوعي السوفييتي (1956) المعقود بعد إستيلاء المناشفة على زمام الأمور في الحزب والإتحاد السوفييتي بعد إغتيالهم الرفيق ستالين. فقد جارت الأحزاب الشيوعية العربية إتجاه القيادة السوفييتية الجديدة وإنفتاحها على تقويم الإستهلاك بالنقود دون تقويم مماثل في جانب الإنتاج وجارت تودد السوفييت للمعسكر الرأسمالي بأن أكثرت في الحالتين من شعار "الرأسمالية الوطنية" مما فتح الباب لتوالد كافة أنواع الرأسمالية في ظل نظم تقدمية الإسم وتحور الصراع من صراع على المبادئي والنظم الإقتصادية إلى صراع ضد الشخصيات القائدة للمراحل الأولى من برامج الثورة الوطنية التقدمية، فإنطبق عليها المثل:(( لا أرضاً قطعت ولا ظهراً أبقت)) فمن تراخي السوفييت وتشدد الثوار العرب تخبطت الشعوب والأحزاب وهي تعتمد نظماً هجينة تجمع عمومية الأصول الإقتصادية والخدمات مع خصوصية الكسب ومراكمة وتحريك الأموال!! ومن هذا التناقض بين حكومية الأصول والتصديقات وخصوصية التمول ترعرع الفساد والإسلام السياسي، ومعهما زاد القمع اليدني والآيديولوجي بحجج مكافحة التحلل الرأسمالي ومكافحة التشدد الإستاليني.....


3- هل أعطت هذه الانتفاضات والثورات دروساً جديدة وثمينة للقوى اليسارية والديمقراطية لتجديد نفسها وتعزيز نشاطها و ابتكار سبل أنجع لنضالها على مختلف الأصعدة؟
ج: الدرس الأهم في رأيي البسيط هو نهاية عهد الطريق الواحد للنضال الحزبي حيث يجب أن تنفتح كل مسارات المقاومة والنضال المدنية النقابية والإعلامية والعسكرية ، المحلية والأممية بمختلف المسميات وإنطلاقها ل وذلك لإنجاز الجزء الأساس للإشتراكية في حياة الناس حيث يتم القضاء على الأسس الإمبريالية لتمول الدولة بالنقود وإنهاء تسليع الحقوق والخدمات العامة في مجالات السكن والتدريب والتعليم والعلاج والمواصلات وربط الإنتاج والخدمات بقدرة الناس وحاجاتهم، أي بإختصار إنهاء حرية السوق في مجتمعاتنا والقضاء على أصلها الماثل في نظام حرية تملك بعض الأفراد لموارد عيش ووسائل حياة الناس.




4ــ كيف يمكن للأحزاب اليسارية المشاركة بشكل فاعل في العملية السياسية التي تلي سقوط الأنظمة الاستبدادية ؟ وما هو شكل هذهِ المشاركة ؟
"العملية السياسية"، حفظها الله، عملية قديمة في التاريخ متنوعة الأشكال وفاعلية الأحزاب التقدمية فيها تحتاج إلى التنظيم الصلد للتنوع النضالي في جبهات النضال المدنية والعسكرية سواء ضد حرية السوق وأولياءها وشيوخها وصحافتها أو ضد الوجود العسكري الأجنبي بمختلف مسمياته. وأهم أشكالها الحديثة (فيلم اليوتيوب) فكل قوة سياسية مطالبة بوضع رؤاءها الإقتصادية والسياسية والثقافية العامة وحتى العسكرية في شكل يوتيوبي. إذ صار وجود هذا الإختراع مثل الساعة والهاتف ضرورة للفاعلية السياسية.


5- القوى اليسارية في معظم الدول العربية تعاني بشكل عام من التشتت. هل تعتقدون أن تشكيل جبهة يسارية ديمقراطية واسعة تضم كل القوى اليسارية والديمقراطية العلمانية ببرنامج مشترك في كل بلد عربي, مع الإبقاء على تعددية المنابر, يمكن أن يعزز من قوتها التنظيمية والسياسية وحركتها وتأثيرها الجماهيري؟
الأهم من الإحتشاد هو توجيه الخطاب إلى الأزمة الرئيسة، أزمة الأجور والدخول القليلة والأسعار الحرة، أزمة بيع حقوق الإنسان في السكن والماء والكهرباء والتعليم والعلاج والمواصلات، أزمة تحكم الرأسماليين وأصحاب الأموال التجارية في سعر وطبيعة وجود العملة الوطنية، أزمة تملك بعض الأفراد لوسائط الإعلام، العدالة بنت الشعب والفساد إبن السوق، أزمة القوميات والأقليات والجماعات المضطهدة.



6ــ هل تستطيع الأحزاب اليسارية قبول قيادات شابة ونسائية تقود حملاتها الانتخابية وتتصدر واجهة هذهِ الأحزاب بما يتيح تحركا أوسع بين الجماهير و أفاقا أوسع لاتخاذ المواقف المطلوبة بسرعة كافية ؟
العملية السياسية الليبرالية في تاريخها وفي قمتها عملية ذكورية، وصناعة التأنيث في السياسة ضرورة لتقدم ورقى الأمم ولتحقيق العدل الإجتماعي السياسي بين عنصري الحياة البشرية العنصر الأم والعنصر الأب، والحاجة لمناصفة المناصب القيادية حاجة حقيقية لكن الأهم هو إتجاه هذه الطاقات الذكورية والأنثوية إلى شن الحرب السياسية والإعلامية المدنية والعسكرية ضد رأس المال وما لف لفه. عندها سينجذب الشباب الصادق إلى فتوة اليسار وفتياته.




7- قوي اليسار معروفة بكونها مدافعة عن حقوق المرأة ومساواتها ودورها الفعال، كيف يمكن تنشيط وتعزيز ذلك داخل أحزابها وعلى صعيد المجتمع؟
كانت قضايا الحق في التعليم والحق في العمل والمشاركة السياسية هي القضايا المؤسسة للنضال النسائي في العالم العربي، الآن تحققت كثير من هذه المطالب، لكن التحول إلى التوزان الإجتماعي في موازين الثروة والسلطة السياسية لم يتحقق إلى الآن لمصلحة أغلبية الكادحين رجالاً ونساءاً .
إعزاز دور المرأة في الحياة الإقتصادية والسياسية يأتي بمحاربة النظم الليبرالي لشؤون الحياة حيث النصيب الأدنى من الثروة للنساء رغم إن النصيب الأعلى في العمل والإنتاج أعلى عندهن من كونه عندالرجال: فالتنظيم الليبرالي يكرس حرية السوق أي حرية تملك بعض الرجال لكل مقدرات الأمة ، نضال الرجال والنساء لإقامة تشاركيات خدمية أو سلعية محلية بسيطة يفتح الطريق لوجود أكثر فاعلية للنساء لا في بعض مقاعد القيادة الحزبية بل في قلب الحياة المدينية والريفية.




8ــ هل تتمكن الأحزاب اليسارية والقوى العلمانية في المجتمعات العربية من الحدّ من تأثير الإسلام السياسي السلبي على الحرّيات العامة وحقوق الإنسان وقضايا المرأة والتحرر ؟
الحد من حرية السوق وحق بعض الأفراد الطواغيت في تملك وسائل الإنتاج والخدمات العامة حد يقلل مقتضيات الفساد والإسلام السياسي وهما يتوالدان معاً من رحم إزدواج الوضع الإقتصادي، ومخاتلة السياسة الدولية بين التحرر القومي واالخضوع للإمبريالية فعندما يسود التعليم العقلاني والعدل الإجتماعي لا تبقى أسس موضوعية لإستشرائهما.



9- ثورات العالم أثبتت دور وأهمية تقنية المعلومات والانترنت وبشكل خاص الفيس بوك والتويتر..... الخ، ألا يتطلب ذلك نوعاً جديدا وآليات جديدة لقيادة الأحزاب اليسارية وفق التطور العملي والمعرفي الكبير؟
الأهم هو (فيلم اليوتيوب) فرد الفعل الغالب عليه هو التصديق كما إنه يحل بطريقة عرض بسيطة مشكلات عدداً في مجال التعليم و الثقافة العامة ،والمطلوب في كل بلد إنتاج عدد كبير من هذه الأفلام (أقلها ثلاثون فيلماً ) يتناول كل واحد قضايا الإقتصاد والمعيشة والأجور والأسعار وتقييد الحقوق النقابية والسياسية، وقضايا العلاقة بين حرية السوق وكبت الحريات السياسية، وكذلك بين التنظيم الأجنبي للإقتصاد وإنهيار مقومات الوحدة والسياادة الوطنية، وطبيعة العلاقة بين تغييب التفكير المنطقي الحساب وإنتشار التفكير الغيبي خارج العقل والمنطق ..إلخ



10- بمناسبة الذكرى العاشرة لتأسيس الحوار المتمدن، كيف تقيمون مكانته الإعلامية والسياسية وتوجهه اليساري المتفتح ومتعدد المنابر؟,
لعب موقع "الحوار المتمدن" دور النافذة ودور الهواء للمختنقين وأتاح لملايين القراء المعزولين نوعاً عن إمكانات المعرفة التقدمية مجالاً خصباً للمعرفة والمقارنة والبحث والتمحيص في مجالات وموضوعات النظرية السياسية والفلسفة والعلوم الإجتماعية والآيديولوجيا والنظم الذهني لأفكار العلوم االسياسية ولإجتماعية والإقتصادية إلخ. والأهم هو ينوع حدائق الأدب وشجون بساتين الفن فيه.