أفول ام انحسار الرأسماليه


عبدالكريم صالح المحسن
2011 / 10 / 30 - 14:51     

ان استعراض التاريخ الامبريالي والاستعماري لأمريكا في غاية الأهمية هنا على اعتبار ان الامبرياليه دون ادنى شك قمة الهرم يالنسبه الى الرأسمالية ولابد من دراستها بعمق وتدبر وامعان ، فالأمبريالية ليست بمعزل عن الرأسمالية انما هي الاساس الذي قامت عليه الرأسماليه.

بدأ تكوين ما يسمى اليوم بالولايات المتحدة الأمريكية عبر حرب ضد الهنود الحمر، تم من خلالها تدمير المنازل والتهجير الجماعي وحرق المحاصيل وقد وصل عدد الذين قتلوا من الهنود ثمانية عشر مليون هندي من الهنود الحمر وما ان تم نشوء المجتمع الامريكي الحديث حتى ظهرت النزعه والميول الاستعماريه حيث كانت البدايه من دول الجوار في الأمريكيتين عند العام 1833م حيث تم غزو "نيكاراغوا" وتبعتها "البيرو"في غزو العام 1835م من اجل فرض الاراء السياسية بالقوه على تلك البلدان،ثم شنت حمله عسكريه كبيره على "المكسيك"في العام 1846م احتلت القوات الامريكية خلالها ارضاً طالبت بها المكسيك وهي ما تعرف الآن" بولاية تكساس "، وبهذا قامت الحرب المكسيكية ، وفي اعقاب انتصار سنة 1948م ضمت الولايات المتحدة تلك الأرض بالاضافة الى كاليفورنيا ونيومكسيكو. وفي عام 1854 دمرت قوات المارينز الامريكي "ميناء جاجراي تاون "في نيكاراجوا انتقاماً من ابعاد الوزير الامريكي الذي كان في تلك البلاد،وبعدها قامت بعمليتين عسكريتين في العام 1855م الاولى استهدفت غزو "اراجواي" والثانية السيطره على "قناة بنما" وعلى مدار الربع قرن الأخير من القرن الـتاسع عشر تم غزو "كولومبيا" عدة مرات، ثم " هايتي " في العام 1888م، ومن ثم " شيلي" 1891م، ومرة أخرى إعادة اجتياح "نيكارجوا" عام 1894م، ثم اختتم القرن بغزو "كوبا" على مدار ثلاث سنوات انتهت باستيلاء أمريكا عام 1901 م على أراضي "جزيرة جوانتانامو" التي تضم الآن أشهر معسكر اعتقال في العالم يضم العديد من الأسرى من معظم دول العالم. وفي عامي 1901و 1902 تدخلت القوات الامريكية في كولومبيا وفي عام 1903 م دخلوا الحرب الاهلية في" كوبا" وانتظمت القوات الامريكية في جيش التهدنة الكوبية لاستعادة النظام واقامة حكومة مستقلة خلال ثلاث سنوات.

بدأ القرن العشرين بإحكام السيطرة على جزيرة "جوانتانامو" تلاها مباشرة في نفس العام العديد من العمليات العسكرية في "كولومبيا"، وفي العام التالي عملية أخرى في "هندوراس". وفي العام 1914 م قامت قوات المارينز بغزو "هايتي "والاستيلاء على البنك المركزي لتحصيل ديون "هايتي" لأمريكا بالقوة، وفي العام التالي تم احتلال "هايتي "لمدة تسعة عشرعام.

وفي الحرب العالمية الأولى دخلت أمريكا حليفاً لبريطانيا وفرنسا في حرب إعادة اقتسام المستعمرات في العالم وفي نفس الوقت قامت بشن حملة عسكرية في عام 1916 م على "جمهورية الدومينكان" لفرض سيطرتها وتعيين حكومة عسكرية استمرت ثمان سنوات، بدلا من الحكومة الثورية التي قامت بإسقاطها. وفي عام 1932 م شنت القوات الأمريكية عمليات عسكرية بهدف غزو" السلفادور".

اشتركت أمريكا في الحرب العالمية الثانية التي أنهتها بإلقاء قنبلتين ذريتين على "هيروشيما "و"ناجازاكي" في اليابان لتقتل ما يقرب من مائتان ألف وتصيب وتشوه مئات الآلاف من المدنيين. وفي عام 1954م أطاحت أمريكا بحكومة "جواتيمالا". وفي عام 1961 فشلت أمريكا في عميلة إنزال لقواتها بكوبا فيما عرف بعملية "غزو خليج الخنازير" وفي عام 1967 م دعمت المخابرات الأمريكية الحكومة العسكرية في "بوليفيا" لمحاربة الثوار بزعامة" جيفارا". وفي نهاية الستينات وإلى بداية السبعينيات حاولت أمريكا غزو" فيتنام "وبالرغم من هزيمتها إلا أنها خلفت ورائها ما قد يصل إلى ثلاثة مليون قتيل من الشعب الفيتنامي، وفي عام 1973م ساهمت أمريكا في إنهاء حكم "سلفادور إيندي" في "تشيلي" ونجاح اليمين في إقامة حكومة ديكتاتورية عسكرية.

في عام 1982م دخلت أمريكا بقوات في لبنان لمطاردة عناصر المقاومة الفلسطينية ولدعم إسرائيل في غزوها للبنان تحت ستار "قوات حفظ السلام الدولية" واضطرت للانسحاب في عام 1983م بعد قتل مائتان واحدى واربعين جندي من المارينز في عملية واحدة،و في العام 1986 م غارت الطائرات الأمريكية على الأراضي الليبية بحجة تورط ليبيا في عمل إرهابي ضد أمريكا، أسفرت الغارات عن قتل وإصابة العشرات، وفي العام 1989م تم اجتياح "بنما "لعزل الديكتاتور "نورييجا" الذي كانت قد نصبته للحكم من قبل، وأسفر الغزو عن قتل عشرة آلاف من البنميين والسيطرة على" قناة بنما "الهدف الوحيد من الغزو، وفي عام 1992 م حصلت أمريكا على تفويض من الأمم المتحدة بقيادة تحالف لاحتلال الصومال، قتل فيها عشرة آلاف صومالي، بحجة إعادة الاستقرار إليه بعد حرب أهلية داميه.

الوضع الأمريكي الجديد قائم على القوة القطبية الواحدة، حيت تم التحول إلى الدخول في القرن الأمريكي الجديد The New American Century‏" وهو ما يعني تغيير الأدوات والإستراتيجيات المؤدية إلى ذلك وفقًا لمتطلبات هذه المرحلة، وبالتالي التحول عن سياسة الاحتواء المزدوج التي فشلت في التعامل مع العراق على مدار أكثر من عقد إلى اتباع سياسة الاقتلاع من الجذور وفق الحكمة الشهيرة "الوقاية خير من العلاج" أو حسب المنهج الاستباقي الوقائي الأمريكي الجديد " Preemptive"، فالولايات المتحدة تمسك بناصية العوامل المؤهلة للعب دور إمبراطوري .

يعتقد بعض المحللين أن وجود القانون الدولي وهيئة الأمم المتحدة شكل عقبة أمام أمريكا، لذلك عمدت إلى تجاوز الأمم المتحدة ومحاولة إلغائها، وسيطرت على مجلس الأمن وجعلته لعبة بين يديها ودائرة من دوائرها وصاغت قراراته كما تريد.

الرغبة الأمريكية في السيطرة على النفط الخليجي لا تنبع من حجم مساهمته في الاحتياجات النفطية الأمريكية، بقدر ما هو السبيل لجعل الولايات المتحدة تحتفظ بمفاتيح الطاقة العالمية في يدها، وما يعنيه ذلك من التحكم في حركة منافسيها العالميين. بسط الهيمنة على واحد من أهم مصادر الطاقة في العالم كي تكتمل مقومات الإمبراطورية الأمريكية المزمع بناؤها، وليس أدل على ذلك مما ورد في" إستراتيجية الطاقة القومية "National Energy Policy‏ أو ما يعرف بـ"تقرير تشيني Cheney Report " الذي يشير إلى ضرورة أن يكون هناك قواعد عسكرية على رأس جميع منافذ النفط في العالم بدءا من "كازاخستان"، وانتهاء بأنجولا في أفريقيا. كما تشير تلك الوثيقة أيضًا إلى أنه بحلول عام 2020م فإن النفط الخليجي سيساهم بما يتراوح بين 54 و67% من معروض النفط العالمي الخام "، وهو ما يجعل هذا الإقليم حيويًّا بالنسبة لمصالح الولايات المتحدة..." هكذا يقول التقرير حرفيًّا، كما تشير بعض التقديرات إلى أن السعودية التي تصل طاقتها الإنتاجية حاليًا إلى نحو 10.5 ملايين برميل يوميًّا، والعراق بنحو 2.5 مليون برميل يوميًّا، سوف ترتفع طاقتاهما الإنتاجيتان كي تصل إلى نحو 22.1 و10 ملايين برميل يوميًّا لكل منهما على التوالي، خلال الـسبعة عشر عامًا القادمة.

الرأسمالية، في الاصطلاح نظام اقتصادي تكون فيه وسائل الإنتاج بشكل عام مملوكة ملكية خاصة أو مملوكة لشركات، وحيث يكون التوزيع، والإنتاج وتحديد الأسعار محكوم بالسوق الحر والعرض والطلب، ويحق للملاك آن يحتفظوا بالأرباح أو يعيدو استثمارها.

وبموجب الحتمية التاريخية حسب ماركس، فإن الرأسمالية هي ثمرة التطور الصناعي والنقلة النوعية في وسائل الإنتاج المتخلفة في العصر الإقطاعي إلى الوسائل المتطورة في الثورة الصناعية والتي كانت ظهور الرأسمالية فيها كأحد التبعات، عقب التوسع العظيم في الإنتاج بدأت الإمبريالية بالظهور من خلال وجود شركات إحتكارية تسعى للسيطرة على العالم فبدأت الحملات العسكرية الهادفة لاحتلال أراضي الآخرين وتأمين أسواق لتلك الشركات وهذا فيما يعرف بالفترة الاستعمارية، ظلت ذيول هذا الاستعمار على الرغم من استقلال العديد من الدول لاحقا حيث مولت هذه الشركات عدة انقلابات عسكرية في فترة الخمسينات والستينات في دول أمريكا اللاتينية بهدف الحفاظ على هيمنتهأعلى تلك الدول، تؤمن الأنظمة الرأسمالية بالفكر الليبرالي وهو انتهاج الرأسمالية كاقتصاد والديمقراطية كسياسة، تعتبر المقولة الفرنسية "دعه يعمل دعه يمر"هي الشعار المثالي للرأسمالية التي تعمل على حرية التجارة ونقل البضائع والسلع بين البلدان ودون قيود جمركية، كانت الشيوعية بتمسكها المفرط بالحد من الملكية التي بنظرها السبب الرئيسي لاستغلال الإنسان لأخيه الإنسان كرد فعل على التوسع المفرط في الملكية داخل النظام الرأسمالي المنقسم لطبقتين الأولى ثرية والأخرى فقيرة وعاملة اصطلح عليها "كارل ماركس" بـ "البروليتاريـاProletariat " وهو مصطلح ظهر في القرن التاسع عشر يشير الى الطبقه التي ستتولد بعد تحول اقتصاد العالم من اقتصاد تنافسي الى اقتصاد احتكاري وماركس يقصد بها الطبقه التي لاتملك وسائل الانتاج وتعيش مع بيع مجهودها العضلي او الفكري ويرى ان الصراع التنافسي في ظل الراسماليه سيتولد عنه سقوط العديد من الشركات واندماج الشركات الاخرى حيث انها في النهايه تتحول الى شركات احتكاريه.

فالرأسمالية هي نظام اقتصادي ذو فلسفة اجتماعية وسياسية يقوم على أساس تنمية الملكية الفردية والمحافظة عليها، متوسعاً في مفهوم الحرية. تزداد أهمية مفهوم الملكية الفردية في الموارد النادرة حيث يفتح السوق المنافسة الصرفة بين الأفراد لإستغلالها بكفائة. بما ان الرأس مالية تعزز الملكية الفردية، فإنها تقلص الملكية العالمة، ويوصف دور الحكومة فيه على انه دور رقابي فقط. بيد أن الاقتصادي البريطاني جون كينياس قد جاء بنظربته الاقتصادية المنسوبة اليه في مننصف الثلاثيتات إقترح فيها ان الاقتصاد الرأسمالي غير قادر على حل مشاكله بنفسه كما في النظرية الكلاسيكية، بل ان هناك اوقات كساد اقتصادي "كالكساد الاقتصادي في أمريكا في الثلاثينات والحالي" تحتم على الحكومة بأن تحفز الاقتصاد. توصف نظريته -التي يتبعها كبار الرأسماليين كأمريكا- بأنها وضعت الرأسمالية اقرب إلى الاشتراكية.
كانت أوروبا محكومة بنظام الإمبراطورية الرومانية التي ورثها النظام الإقطاعي، و ظهرت ما بين القرن الرابع عشر والسادس عشر الطبقة البورجوازية التاليه لمرحلة الإِقطاع ومتداخلة معها، تلت مرحلة البورجوازية مرحلة الرأسمالية وذلك منذ بداية القرن السادس عشر ولكن بشكل متدرج. فلقد ظهرت أولاً الدعوة إلى الحرية وكذلك الدعوة إلى إنشاء القوميات اللادينية والدعوة إلى تقليص ظل البابا الروحي. ظهر المذهب الحر "الطبيعي" في النصف الثاني من القرن الثامن عشر في فرنسا حيث ظهر الطبيعيون " وهم اصحاب المذهب الطبيعي الذي يعتبر أساس الرأسمالية ويدعو إلى العديد من الامور منهاالحياة الاقتصادية تخضع لنظام طبيعي ليس من وضع أحد حيث يحقق بهذه الصفة نمواً للحياة وتقدماً تلقائياً لها و يدعو إلى عدم تدخل الدولة في الحياة الاقتصادية وأن تقصر مهمتها على حماية الأفراد والأموال والمحافظة على الأمن والدفاع عن البلاد و الحرية الاقتصادية لكل فرد حيث إن له الحق في ممارسة واختيار العمل الذي يلائمه وقد عبروا عن ذلك بالمبدأ المشهور: "دعه يعمل دعه يمر". ، إن إيمان الرأسمالية بالحرية الواسعة أدى إلى فوضى في الاعتقاد وفي السلوك مما تولدت عنه هذه الصراعات الغربية التي تجتاح العالم معبرة عن الضياع الفكري والخواء الروحي. ، إن انخفاض الأجور وشدة الطلب على الأيدي العاملة دفع الأسرة لأن يعمل كل أفرادها مما أدى إلى تفكك عرى الأسرة وانحلال الروابط الاجتماعية فيما بينها. ، من أهم آراء سميث أن نمو الحياة الاقتصادية وتقدمها وازدهارها إنما يتوقف على الحرية الاقتصادية. ،وتتمثل هذه الحرية في نظره الى الحرية الفردية التي تتيح للإِنسان حرية اختيار عمله الذي يتفق مع استعداداته ويحقق له الدخل المطلوب. والى الحرية التجارية التي يتم فيها الإِنتاج والتداول والتوزيع في جو من المنافسة الحرة و يرى الرأسماليون بأن الحرية ضرورية للفرد من أجل تحقيق التوافق بينه وبين المجتمع، ولأنها قوة دافعة للإِنتاج، لكونها حقاً إنسانياً يعبر عن الكرامة البشرية."

تقوم الرأسمالية الكلاسيكية في جذورها على شيء من فلسفة الرومان القديمة، يظهر ذلك في رغبتها في امتلاك القوة وبسط النفوذ والسيطرة. لقد تطورت متنقلة من الإِقطاع إلى البورجوازية إلى الرأسمالية وخلال ذلك اكتسبت أفكاراً ومبادئ مختلفة تصب في تيار التوجه نحو تعزيز الملكية الفردية والدعوة إلى الحرية. قامت في الأصل على أفكار المذهب الحر والمذهب الكلاسيكي. لا يهم الرأسمالية الكلاسيكية من القوانين الأخلاقية إلا ما يحقق لها المنفعة ولاسيما الاقتصادية منها على وجه الخصوص.
ان من اسس الر اسماليه البحث عن الربح بشتى الطرق والأساليب ، فلا يكون فيما تمنعه الدولة لضرر عام كالمخدرات مثلاً. وكذلك تقديس الملكية الفردية وذلك بفتح الطريق لأن يستغل كل إنسان قدراته في زيادة ثروته وحمايتها وعدم الاعتداء عليها وتوفير القوانين اللازمة لنموها واطرادها وعدم تدخل الدولة في الحياة الاقتصادية إلا بالقدر الذي يتطلبه النظام العام وتوطيد الأمن. المنافسة والمزاحمة في الأسواق. نظام حرية الأسعار وإطلاق هذه الحرية وفق متطلبات العرض والطلب، واعتماد قانون السعر المنخفض في سبيل ترويج البضاعة وبيعها. كانت إنجلترا حتى سنة 1875م من أكبر البلاد الرأسمالية تقدماً. ولكن في الربع الأخير من القرن التاسع عشر ظهرت كل من الولايات المتحدة وألمانيا، وبعد الحرب العالمية الثانية ظهرت اليابان. - في عام 1932م باشرت الدولة تدخلها بشكل أكبر في إنجلترا، وفي الولايات المتحدة زاد تدخل الدولة ابتداء من سنة 1933م، وفي ألمانيا بدءاً من العهد النازي وذلك في سبيل المحافظة على استمرارية النظام الرأسمالي. - لقد تمثل تدخل الدولة في المواصلات والتعليم ورعاية حقوق المواطنين وسن القوانين ذات الصبغة الاجتماعية، كالضمان الاجتماعي والشيخوخة والبطالة والعجز والرعاية الصحية وتحسين الخدمات ورفع مستوى المعيشة. - لقد توجهت الرأسمالية هذا التوجه الإِصلاحي الجزئي بسبب ظهور العمال كقوة انتخابية في البلدان الديمقراطية وبسبب لجان حقوق الإِنسان، ولوقف المد الشيوعي الذي يتظاهر بنصرة العمال ويدعي الدفاع عن حقوقهم ومكتسباتهم.

اليوم ويبدوا بداية تحقق نظرية الانهيار الحتمي للنظام الرأسمالي لكونه يعتمد على الفائدة ويفتقر إلى القيم الإنسانية الثابتة، ان العديد من علماء الاقتصاد يعتبرون الأزمه الاقتصاديه الراهنه هي امتداد لما حدث في تشرين الأول / اكتوبر عام 1929م من ازمة اقتصاديه حاده "الكساد العظيم" ويعتقد الساسه الامريكيين انه حالما توفرت السيوله الماليه للبنوك فان كل الامور ستسير نحو الحلم الذي حلموا به وهذا التعليل يعتمد بالأساس على المعالجات للأزمة التي حدثت اواخر العشرينات وبداية الثلاثينات والحقيقه ان الفارق كبير بين الازمتين فمنذ ان انتهت الحرب العالمية الاولى حل الدولار والذي كانت تقاس قيمته تقاس على اساس سعر الذهب محل الجنيه الاسترليني الانكليزي بسبب الكميات الهائلة من الذهب التي أنفقتها بريطانيا في الحرب. وبعد اثنتي عشر سنة بالكاد من تلك الحرب وقعت الأزمة في الولايات المتحدة. وإذا ما اتبعنا نظرية كينس، نجد بأن الأول قد حقَن التداول بالسيولة، فأقام مشاريع عامة، كالشوارع والسدود وغيرها من المنشآت التي يشك أحد بفائدتها، الأمر الذي زاد النفقات والطلب على السلع وفرص العمل وإجمالي الناتج المحلي خلال سنوات؛ ولكنه لم يحصل على الأرصدة من خلال طبع الأوراق النقدية. كان يجنيها من خلال الضرائب وبجزء من الأموال المودعة في المصارف. كان يبيع سندات الولايات المتحدة بفائدة مضمونة تجعلها مغرية بالنسبة للمشترين.

كل شيء قد بدأ في سبعينات القرن الماضي عندما واجهت الولايات المتحده الامريكيه ازمة اقتصاديه حاده جداَ ففي العام 1971م اعلنت عن عجزها المالي ورفضت تعطية الدولار بالذهب وبع ذلك خسرت الحرب في الفيتنام لتبدأ اثر ذلك المشكلات في سوق النفط عندما رفعت دول الخليج بشكل حاد سعر النفط لتبدأ بعدها ايضاَ مايسمى "العقود التضخميه" اي تضخم كبير رافقه ركود اقتصادي وفي هذه الحاله فهمت الولايات المتحده الامريكيه امراَ ما فأما ان تقوم بابتكار شيء ما او انها تخسر الحرب البارده مع الاتحاد السوفيتي وهذا الأمر كتب بشكل علني من قبل علماء السياسه في تلك الحقبه من امثال "بريجنسكي"فما الذي ابتكروه ابتكروا اطلاق "موجه تكنلوجيه" اليوم نحن نطلق عليها "تقنية المعلومات"حينها لم يكن واضحاَ ماذا سيكون ذلك والمشكله كانت واحده فمن المستحيل اطلاق" موجه تكنلوجيه" في الأسواق المنهاره ،الطلب في الولايات المتحده ابتدأ من السبعينات كان يهبط بسرعه اما في الثمانينات فببطيء لكن الطلب على اي حال لم يكن ينمو والابتكارات لاتشترى عندما يهبط الدخل وفي هذه الحاله ماالذي يجب فعله لابد ان تعطي الناس أموالاَ لكن من الواضح ان اهداء الاموال كان ممنوعاَ لأنهم كانوا سيتصرفون بطريقه خاطئه لذا يجب ان تعطيهم قروض وهنا توجد بعض المشكلات فمثلاَ اذا اعطيت احدهم قرضاَ لمدة ثلاث سنوات فبشكل عام يهبط طلبه وذلك لأن عليه خلال هذه السنوات الثلاثه ان يعيد هذه الاموال وان يعيد النسبه المئويه ايضاَ لهذا السبب هذا النظام يمكنه ان يعمل في حالة واحده فقط اذا استطاعوا من اعادة اقتراض القروض على نطاق اوسع فأوسع ،اذا كان الدخل لاينموا فلايمكن للناس دفع اكثر مما دفعوه في العام الماضي او العام الذي سبقه والحقيقه ان الدخل لم يكن ينموا لذلك فان الاداة والأليه الاساسيه الضامنه لأستمرار نمو الاقراض بالنسبه للمواطنيين كانت خفض سعر فائدة القروض ففي العام 1981م عندما بدأ هذا المخطط عمله كان سعر الفائده في مجلس الاحتياط الفيدرالي الامريكي 19% اما اليوم في نهاية العام 2011م فانه يساوي صفر.وفي تلك اللحظه كان من المستحيل تفادي الازمه لأنه كان من المستحيل اعادة تمويل الديون المتراكمه وبخاصة استخدام الاموال المقترضه من اجل رفع الطلب،فالطلب خلال هذه الفتره اصبح اكثر بكثير من الدخل الحقيقي للسكان فقد كان اكثر بثلاثة ترليونات دولار كل عام لذلك اصبح الطلب مساوياَ للدخل فماذا يعني ذلك ؟يعني هبوط الطلب بمعدل ثلاثة ترليونات سنوياَ وهو يعني ان الشركات لن تحصل على مكاسبها الموضوعه في خطتها والتي تنشد وبالتالي لن تستطيع اعادة ديونها المستحقه ولن تدفع هذه الشركات الضرائب وعليه فلن تستطيع الدوله ان تعيد ديونها .

ان الوضع الراهن في السوق العالميه يعني ان النظام الراسمالي اثبت عدم فعاليته وان تطور اي نظام يتوقف على مالديه من موارد وعندما تنتهي هذه الموارد يجب تغيير النظام ،ان المورد الاساسي للنظام الراسمالي كان توسع السوق وبالتالي عندما كان ينشيء النظام الراسمالي في القرنيين الثامن عشر والتاسع عشر كان هنالك العديد من مراكز القوه التكنلوجيه المستقله وكانت تتوسع وتتصارع وفي منتصف القرن العشرين بقي مركزان فقط هما الاتحاد السوفيتي والولايات المتحده الامريكيه وفي نهاية الثمانينات انهار الاتحاد السوفيتي وفي النتيجه بقي نظام وحيد وهو الولايات المتحده الامريكيه واليوم كل الاقتصاد العالمي هو اقتصاد الدولار ومركزه الولايات المتحده الامريكيه وهي لاتستطيع التوسع اكثر لذلك هذه الازمه ليست شديده جداَ وحسب لأنه يجب تقليص الطلب الى حد واقعي لكي يوازن الدخل وانما هي اخر ازمه للرأسماليه بمعنى انه يجب ايجاد نظام جديد للتطور وهنا يجب الاشاره الى ان اوربا شهدت خلال الالفي عام الماضيه انقلابيين راديكاليين مشابهين مابين القرنيين الرابع والسادس الميلاديين حل نمط الانتاج الاقطاعي مكان النمط الاقتصادي اواخر العصور القديمه وفي القرنيين السادس عشر والسابع عشر حلت الرأسماليه مكان الأقطاعيه.
لانستطيع بالضبط تحديد النظام الجديد الذي سيأتي بعد الرأسماليه الا من خلال استخدام "التحليل القيمي"لاحظوا خصوصية نظام القرون القديمه لم تكمن فقط في التطور الاقتصادي فيكفي القول ان القدره الانتاجيه للمصانع في حقبة نهاية الامبراطوريه الرومانية لم تصل اليها اوربا الا في القرن الثامن عشر اما مستوى المعيشه الذي كان في المدن الكبرى كروما والقسطنطينيه والمدن الاخرى فتم الوصول اليها في اوربا منتصف القرن التاسع عشر فقط فمثلاَ مجاري الصرف الصحي في باريس تم بنائها منتصف القرن التاسع عشر بناها البارون "هوسمن"في عهد الامبراطور نابليون الثالث قبل ذلك لم يكن هناك مجاري للصرف الصحي اما في روما والقسطنطينيه فكانت داخل كل منزل ،نظام اواخر القرون القديمه كان نظاماَ عبودياَ وكذلك من المهم الاشاره الى انه كان نظاماَ وثنياَ هؤلاء البرابره هم الذين دمروا روما ،الامبراطوريه الرومانيه الغربيه ظلت وثنيه والامبراطوريه الرومانيه الشرقيه اعتنقت المسيحيه اذاَ تم تدمير روما ليس من قبل البرابره لقد كانوا برابره من وجهة نظر الرومان لكن من وجهة نظرنا المعاصره لم يكونوا همجيين قط كانوا مسيحيين وبهذا المعنى قد كان مجتمعهم حضارياَ كمت نفهمه والنتيجه كان هناك ظهور مجتمع اقطاعي تم بناءه على مباديء القيم الانجيليه خلافاَ لروما التي كان يلعب المرابون فيها دوراَ مهماَ لدرجة ان الاباطره امثال كابريوس وكلوديوس ونيرون كانوا يقومون بحملات قمع واسعه ضد المرابيين لكن لم يكن يحصل لهم شيئاَ اذاَ وعلى خلاف روما كان الربا في المجتمع المسيحي الاقطاعي محرماَ وهنا يجب الوقوف قليلاَ لشرح مصطلح الاخلاق بالطبع ان الوصايه التي انزلها الله على النبي موسى عليه السلام وانتقلت عبره الى الديانات الاساسيه ليست مطلقه بمعنى انه ليس هناك من احد يطبقها جميعها وهناك حادثه معروفه لابد من التطرق لها عندما كان يقف النبي موسى عليه السلام على جبل سيناء ويتكلم مع الله كان شعبه في الاسفل ينتظرونه وعندما انتهى الكلام ونزل الى الاسفل سأله اليهود ماذا؟ قال موسى ايها اليهود لدي خبران لكم احدهما جيد والاخر سيء فقالوا ابدأ بالجيد قال اتفقنا على عشرة قوانيين او وصايا ثم قالوا له ماهو الخبر السيء قال لامحاله ان الزنا يبقى محرم ،يجب ان نفهم بوضوح ان الوصايه ليست مطلقه وان كانت للبعض كذلك ففي بعض المجتمعات هي اكثر صرامه والتزام كالأسلام حيث تشمل وبوضوح نظام الحياة في المجتمع المسيحي هي اقل صرامه والتزام لكنها موجوده وكل مسلم ومسيحي يفهم بوضوح انه عندما يخالف هذه الوصايا فهو يرتكب خطيئه وهذه هي الاخلاق وقوانيين اي انسان .

في اوربا خلال القرنيين السادس عشر والسابع عشر حدثت تغيرات جذريه كان جوهرها ظهور نموذج اقتصادي جديد اعتمد القروض اساساَ له وهنا لنتصور مثلاَ لدينا امارتان او دوقيتان تتحارب فيما بينهما من سيربح امر غير واضح لانهما متساويان في القوه وفجأة تاخذ احداهما اموالاَ كبيره من مرابي ما وبفضل هذه الاموال تستأجر المرتزقه واضح انها ستنتصر بشكل شبه مطلق وبفضل الاموال التي ستغتنمها في الحرب ستسدد للمرابي امواله وعندما ستعلم الاماره الثانيه ان الاولى اخذت قرضاَ واستأجرت مرتزقه فستقوم هي ايضاَ في الاقتراض والاستعانه بمرتزقه وفي النتيجه نحصل على حاله يأخذ فيها الجميع قروضاَ مثل هذه الحاله بدأت تتشكل في اوربا وكما قلنا في القرنيين السادس عشر والسابع عشر ،الف سنه تمكنوا من تجنب الربا لكن وعلى الارجح كان لظاهرتين اثنتين دور في بروز ذلك الاولى اكتشاف امريكا نهاية القرن الخامس عشر عام 1492م وتدفق الذهب والفضه على اوربا الامر الذي ادى الى حدوث خلل في نظام التداول النقدي هذا هو السبب الاول اما الثاني فهو التغيير المناخي العصر الجليدي الصغير نحن نعرف كيف يؤثر المناخ على الوضع لانه وبالتحديد كان الاحتباس الحراري السابق والتغييرات المناخيه سبباَ لحملات المغول الشهيره في القرن الثالث عشر وهكذا تم انشاء نظام اقتصادي جديد مبني بشكل اساسي على رفض احد مباديء الكتاب المقدس وكل الكتب السماويه اي "الربا"، الوصايه هي من الله وليس من حق الانسان ان يختار هذه ويرفض تلك لهذا السبب كان من الواضح جداَ ان هذا النظام الذي تشكل في القرنيين السادس عشر والسابع عشر غير مستقر اي كان يجب الاختيار اما الذهاب الى اليمين او الذهاب الى اليسار فأما ان تاخذ الوصايه كلها او تطرحها جميعها وفي النتيجه تشكل خياران حيث يمكن تسميتهما بشكل مشروط ،نظامان اثنان، مشروع أحمر عالمي ومشروع غربي عالمي المشروع الاحمر كان يعيد حظر الربا ولاجل ذلك انشأ نظاماَ خالياَ من الملكيه الشخصيه لوسائل الانتاج وحتى ولو كانت هناك قروض في الاتحاد السوفيتي لكنها لم تكن وسيله استغلال لانها كانت ملك للدوله كلياَ اي بكلمات اخرى لقد فقد السبب الرئيس الذي قد الغي بسببه والمشروع الثاني كان غربياَ وتتمثل خصوصية هذا المشروع بانه لايأخذ بأي وصايه ،وكلمة الحريه في المفهوم الغربي يجب فهمها بدقه وبمدلول واحد واضح هي حق اي فرد باختيار نظام القيم لنفسه وهو بالتالي لاتوجد اخلاق عندما يكون لكل فرد نظام قيمه هناك يوجد القانون فحسب واذا خالف هذا القانون تاتي العقوبات لكن اذا كان هناك شخص ليس تحت حماية هذا القانون فيمكن قتل هذا الشخص دون ان يعاقبكم احد الامريكيون اعتدوا على الهنود، ملايين الاشخاص قد قتلوا واليوم هم يفعلون ذلك ايضاَ مع مختلف شعوب العالم فعندما تكونون دون اخلاق ولديكم فقط القانون فيجب فهم ان القانون هو القضاء والسجن والشرطه وغيره واذا هي اختفت كما حدث في "نيوايرلند"اثناء اعصار "كاثرين"في الولايات المتحده الامريكيه قبل سنوات فستبدأ العربه الدمويه بالحركه وهذا مايحاول الغرب فرضه على العالم جميعاَ ،فالنظام الذي لايحمل اخلاقاَ او وصايه والوصايه المقصود بها هنا الوازع او المحددات الروحيه التي تؤمن بها وبالعوده الى الاقتصاد فان نظام توسع الاسواق كان مبنياَ على الربا وذلك انتهى اي ان النظام المبني على الربا لايمكنه ان يتطور بعد لذلك سيحل محل النظام الرأسمالي نظام بديل ومغاير فقد احسرت الراسماليه ولازلت مستمره في الانحسار وستصل الى الافول عاجلاَ ام اجلاَ وتلك هي طبيعة وحتمية الاشياء.