|
غلق | | مركز دراسات وابحاث الماركسية واليسار | |
|
خيارات وادوات |
|
تداعيات في الفكر الاشتراكي وتطبيقاته ...ج8
الذي تعتبره جزء من وحدة المجتمع الانساني العام وهذا يعني ان الوعي الاشتراكي في الوقت الذي يحدد سلبية التوجهات الشعبيه وممارساتها فانه في ذات الوقت يدرك شروط تمكين نقضها ويسعى الى عملية خلق شعب معبر عن الانعكاسات الواقعيه باعتباره مجموعه فئات واعيه وذات اراده عامله وبهذا المنهج نستطيع ان نستشف حقيقة المعضله التي نتناولها الان والتي يمكننا ان نعيد تلخيصها بكونها تمثل ظاهرة التناقض بين التقييم للحركات السياسيه وبين الموقف الفعلي اتجاهها في ظل توافر الدرجه المقبوله من الحريه السياسيه ان هذه الدرجه من الحريه تمثل شرطا محوريا في تحديدنا لسلبية هذه الظاهره وبدونها فان الامر ياخذ بعدا اخر مختلف تماما عن كونه يمثل قضية تناقض او ازدواجيه والا فاننا في هذه الحاله نكون قد اهملنا بصوره ساذجه دور القمع السياسي وقمع السلطه وامكانياتها الموضوعيه الاخرى ...نحن لا نتكلم عن الازدواجيه العراقيه في عهد النظام السابق كما اننا نغفل تماما ونتجاهل وباستعلاء تفسيرات الاجتماعيين البرجوازيين التي تتناول هذه الازدواجيه وتثبتها وكانها خصيصة الشخصيه العراقيه عبر التاريخ هذا بالنسبة الينا عباره عن هراء وهذيانات حاقده لمثقفين متحذلقين فالشخصيه عندنا لا تتوارثها الاصلاب بل تصقلها جدليه التفاعل بين الذات وبين الموضوع المحيط به وان عصب كل الموضوعات الاجتماعيه ينبض في ميدانه الطبقي المتشكل على نظام انتاجه المادي,, وهنا نتوقف اولا عند حالة من التخلف الاقتصادي المزمنه والمفتعله كليا بشكل سياسي محدد ..اقتصاد طبيعي يسحب عنوة وبصوره مستمره الى الوراء وباتجاهيين عمودي وافقي ليتحول من اقتصاد الثروه المعدنيه الى اقتصاد الثروه النفطيه وليتراجع هذا الاخير ليكون محصورا في نشاط الاستخراج وشيئا فشيء تتلاشى قيمة وقدرة الصناعه التحويليه الاوليه فنحن هنا نتكلم عن عمليات تكرير النفط وليس عن صناعة البتروكيمياويات نحن نتكلم عن النفط ووارداته التي تشكل 97% من ناتج الدخل القومي ولم نعد نتكلم عن الفوسفات التي يمتلك العراق ثاني اكبر احتياطي منها في العالم ....الخ وبالتالي فنحن نخوض في غمار التعرف عى ماهية بنيه طبقيه استثنائيه لم يعرف التاريخ الانساني لها من مثيل نحن امام حالة وعي طبقي مشتت يقترب من الهذيان بمقابل وعي سياسي ناضج وهو وعي محتم نتيجة ذلك التشتييت الممنهج الذي يقوم على امكانيات موضوعيه نادره حولت( شعرة معاويه) بيد السلطه الى شعره اسطوريه خارقه لتجذب بمقدار عشرة اقدام ولترخي بمقدار نصف قدم لانها قادره على ان تبقي الجميع خارج نطاق الجوع ككارثه ولكنها ترفع ثله الى موائد الالهات والجميع يجد نفسه واعيا لخبث رخاء الفقر لكنه يدرك حقيقة فقدانه لارادة نقض هذا الخبث ...ان سبب فقدان هذه الاراده هو تلاشي ماهية الطبقه الاجيره بكونها طبقه عامله منتجه وفق القياسات النظريه التقليديه التي من المفترض ان تتاسس عليها عملية التوعيه التقدميه سواء كانت برجوازيه صغيره او اشتراكيه ماركسيه ..فالعمال والبروليتاريا هنا في ظل نظام اقتصاد الدوله الطبيعي يتلاشون تماما بالمواصفات النظريه ويتحول اقتصاد هذه الدوله الى حاضنه تتوالد فيها خصائص الطفيليه وتلتصق بكل الفئات الطبقيه من اعلاها الى اسفلها ومع انهيار وتخلف النظام الصناعي السلعي تحدد تلك القياسات التقليديه ل(كيف) الطبقه العامله بقطاع العمال الماجوريين للدوله حصرا... وهؤلاء بالذات يمرون الان في مرحلة تدمير كيفي تتم خلالها عملية تجريدهم من صفات العمل الذي يهدف الى تراكم راسمال الصناعي وبالتالي يعكس امكانيات خلقهم كطبقه او فئه ثوريه مطالبه بالتغيير وبالاجمال تختفي هنا اسس المشروع الاشتراكي السلطوي وتضمحل امكانيات انبثاق حركته المنظمه..وهذا يحدث وبالتحديد بسبب تقليدية اسس الدعايه الاشتراكيه التي يتعمد تنظيرها على تفسير ماهية العامل باعتباره (كل اجير يعمل على انتاج فائض القيمه وبالتالي ينتج حالة تراكم الراسمال ) ان هذا الاستناد الحرفي الذي تتشكل عليه دعاية الفكر الاشتراكي كانت صالحه وفاعله بتطابقها مع ماهية النشاط الاقتصادي العراقي منذ ثلاثينيات القرن المنصرم حتى مطلع سبعينياته حيث شهد الواقع العراقي حالة بدايات الانتاج الصناعي وبالتالي نضجت البنيه الطبقيه واتضحت معالم التمايز والصراع الطبقي فمنذ الثلاثينيات وحتى بزوغ الجمهوريه شهد العراق احداث مايزيد على عشرة انتفاضات شعبيه كان فيها العمال هم طليعتها وهم مادتها وهم قادتها ...وليس بغريب بعد هذا من ان تقيم ثورة 14 تموز بانها كانت نتيجه وامتداد لمطالب تلك الانتفاضات وانها كانت وبشكل ما قريبه من وصف جمهورية العمال والفلاحين !!اللذين قيموا النظام الجمهوري وقتذاك بهذا الوصف لم يكونوا ليعانوا من ازدواجية الوعي والفعل كما هو الحال الان فالى اخر لحظه من حياة الجمهوريه الاولى كان اصحاب وانصار الوعي الطبقي يصطفون ضد اعداء الجمهوريه الانقلابيون ويهتفوف مخاطبين الزعيم المحاصر (( باسم العامل والفلاح عبد الكريم امنحنا السلاح )) لكن عبد الكريم القاسم كان غير مهيء لتقبل مثل هذا الوعي الطبقي الناضج ولربما تفاجىء به فتغلبت عليه روحية المواطنه البرجوازيه التي جعلته يرفض هذا النداء العظيم خوفا من وقوع الحرب الاهليه وبذلك فقد شجاعة توجهه الثوري فاحرق في لحظات تردده بيدر انجازاته وفتح الطريق واسعة امام قوى التصفيه والقمع الطبقي ...اذن لم تكن قلوب العراقيين مع الجمهوريه وسيفهم على رقبتها وفق ما يجب ان نستنتجه من تحليل البرجوازيين للشخصيه العراقيه وخلطهم اوراقها باوراق الظاهره الاجتماعيه بل كانوا في تطابق كامل بين الوعي والفعل .. وهذا لا ينطبق على مناصري الجمهوريه بل ينطبق ايضا على مناصري الانقلاب ...لاشيء يثير الاستغراب ولا من نؤشر يدل على حالة الشوزيفرينيا السياسيه التي نقر بها الان والتي تمثل لنا معضله نظريه بالمستوى العام ..فما الذي تغيير بين ذاك التاريخ وبين حاضرنا ؟ ان الجواب المختصر الوافي على هذا التساؤل يبدا بتشخيص حقيقة اندفاع مؤامرة تعطيل الاقتصاد العراقي وشده باستمرار الى الخلف بحيث يتحدد حصرا في تراكم الراسمال النقدي وهذا يحتم رسم النمطيه الاحاديه لمصدر الثروه الاجتماعيه وهي الثروه النفطيه ومن ثم الانقضاض على قيمة هذه الثروه وتحويلها الى قدره استهلاكيه مباشره وانيه ..ثم ينسحب هذا على طبيعة التركيبه الطبقيه فتتحول القوى العامله الى قوه اجيره بائعه لسلعة عملها الذي لاقيمه له ولتبقى الطبقه المالكه مجموعه من خزنة النقود والمال العقاري الذي يدور في محيط مقدر له من ان يمتص الحد الفائض والمتسرب من رقابة وسيطرة عملية التعطيل الاقتصادي ...والمهم هنا ان الطبقه الثوريه وهي طبقة العمال اللذين يبيعون قيمة عملهم وليس سلعة عملهم قد اختفت بينما الاطروحات الثوريه العراقيه مازالت تتاسس على حالة بيع العامل لقيمة عمله كما ان هذه الاطروحات تتجاهل حقيقة توسع وتكثف حال التقسيم الدولي للعمل والاناطه الجبريه القسريه لدور الاقتصاد العراقي المحدد بالنشاط الاستخراجي الطبيعي هنا يجب ان تفهم الاشتراكيه العراقيه بان تعطيل امكانيه بيع القيمه ومن ثم نقض امكانيات تراكم راسمال الصناعي على انه نشاط غير طبيعي يمارس لحرف حركة المجتمع العراقي وكون هذا التعطيل موازيا كانعكاس نهائي لحال الاستحواذ على فائض القيمه ..وهذا بالتالي يمثل سبب التردي المستمر لظروف المجتمع العراقي ويدخل في رابطه جدليه قويه مع توفر الامكانيات الموضوعيه لبقاء المجتمع قابعا في ادنى تسلسل مجتمعات الاطراف واكثرها تبعيه واقعيه لتاثيرات المركز الراسمالي ...ان هذه الحقائق تنعكس في الذهنيه الطبقيه العراقيه انعكاسا مباشرا عن طريق الاحساس المباشر لذلك نراها تتوافق وجدانيا اي بشكل مشوه مع الاطروحات الطبقيه للحركات السياسيه التقدميه وتبقى الرابطه بينهما مفقوده لان هذه القوى لم تصل الى درجة الثوريه والعنف الثوري الذي يوازي ويجب ان يقابل طبيعة وماهية ذلك (التعطيل) ..لانها جميعا ما زالت تدور في محيط النضال الديمقراطي المؤطر والمشروط بتوجيهات جهة التعطيل وبالنسبه لكل التوجهات الاشتراكيه فاننا نلاحظ انها مصره على التوقف عند مرحلة الاشتراكيه الديمقراطيه التي تعتمد تفسير الطبقه العامله بكونها الطبقه المعنيه بالتغيير لانها في الجوهر معنيه بتراكم الراسمال وبالتالي فان هذا يعني في نهاية المطاف نشوب التناقض والتصادم بين مكونات النشاط الانتاجي ...بينما لا يكاد العامل العراقي من ان يلمس مثل هذا التناقض او التصادم فهو في قرارة نفسه يعي كم انه يفتقد لحقيقة قيمة عمله فليس هناك اي مؤشر على كون عمله يمثل قيمه تذكر في تكوين ثروته القوميه وبالتالي فانه يدرك انه اذا ما اعتصم او اضرب عن الانتاج فانه لا يجني من ذلك شيء الا اذا تاطر ذلك باطار سياسي وبتوجه معين وبحسب مواصفات النظام ...لكنه في ذات الوقت يدرك انه معطل عن ان يكون كذلك وهو لعلى يقين كامل بان تصنيفه طبقيا كعامل جرى وفق بروتوكولات ارادويه سياسيه وليس وفق شروط تطور المجتمع الطبيعيه ..انه يدرك ويحس بعملية اخصائه لكنه لا يعي ان هذا الاخصاء انما يشكل محور تعطيل قانون التطور الاجتماعي العراقي وان هذا يجعله بالضروره القوه الحتميه للعوده الى المسار الطبيعي لحركة المجتمع وبما ان هذه العوده والمتمثله باعادة انبعاث طبقه عماليه بروليتاريه لابد وان تخضع لقانون حتم تناقض انعكاسات تراكم راسمال الصناعي مع شروط التطور اللاحق للقوى العامله فان هذا لابد وان يفترض تجاوز هذه المرحله وطرح مشروع بديلها الذي يكون في هذه الحال (الدوله الاحتكاريه ) وان هذه الدوله لايمكن ان تكون كذلك الا ان تكون سلطة اشتراكيه ... ان هذه التقييمات السالفة الذكر وتفاصيلها تمثل المبدا الاساسي لاعادة وتكرار عرض مشروع الاشتراكيه العراقيه الثانيه ولهذا فاننا نجد انفسنا ملزميين باعادة قراءة ما كنا كتبناه بهذا الصدد بحيث يجب ان يتطابق كليا مع تحليلينا لحال الوعي الطبقي العراقي العام وبين ماهية البنيه الطبقيه العراقيه ...
|
|