دور الاشتراكية الديمقراطية الأوربية والعربية في خدمة الناتو أطلسي وأسرائيل ومخططات الامبرياليين في الشرق الأوسط


كريم الزكي
2011 / 9 / 26 - 13:05     

تبني الامبريالية أهدافها على استثمار الاحتجاجات الشعبية المندلعة في منطقة الشرق الأوسط وخاصة الوطن العربي، ومن خلال تدخلها المباشر ترمي الى أعادة بناء الأنظمة السياسية بعيداُ عن ما تصبوا إليه شعوب المنطقة في التحرر والديمقراطية الحقيقية وليست تلك الديمقراطية المستوردة حسب أهواء الامبرياليين وبالضد مما تناضل من أجله شعوب المنطقة لتحرير ثرواتها من أيدي حكامها الفاسدين والجلادين والذين نصبتهم الولايات المتحدة في ظروف سابقة للوقوف بوجه تطلعات الشعوب في التنمية الوطنية والأستقلال التام من هيمنة الأمبرياليين، وها هي تعاود الكرة من جديد لتنصيب حكام جدد وحسب أهدافها الاستعمارية لفترة قادمة وطويلة.
وهنا لا بد من الأشارة الى الموقف المبدئي للحزب الشيوعي اليوناني في تحليله للظرف العالمي الراهن. حيث تطرقت الأمين العام للحزب اليكا باباريغا في حديثها حول ما يعرف بحكومات يسار الوسط، في أوروبا، و تلك التي شُكلت في بعض الحالات بمشاركة الأحزاب الشيوعية، والتي هي حكومات "لا يفرقها أي شيء مقارنة مع مثيلاتها من الحكومات الليبرالية ويمين الوسط، وحتى في مسألة موقفها من الحرب الامبريالية والاحتلال"، وأشارت إلى التناقضات التي تحكم العملية البوليفارية في فنزويلا، كما و أضافت :(" انظروا للوضع السياسي في قبرص، فالرئيس شيوعي، مع التزام البلاد بالاتحاد الأوروبي في حين تُقِرُّ فيه الحكومة والبرلمان تدابير تقشفية، في حين يسيطر فيه مخطط اسقاط الرئيس"). انتهى تصريح الرفيقة باباريغا ... من المعروف يشارك الأشتراكي الديمقراطي السويدي حكومة اليمين وبمشاركة اليسار وحزب الخضر، وتساهم هذه الأحزاب اليسارية مع الحكومة في الحرب المعلنة على الشعب الأفغاني بالعدة والرجال والعراقي بالسلاح وهذا المكشوف حاليا، وهنا لابد من ألإشارة الى الموقف القوي والداعم للثوار في ليبيا وهؤلاء الثوار في حقيقة الحال لا يعدون سوى كومبارس أمام شاشات الفضائيات الدولية وخاصة الجزيرة أما اللاعب الفعلي في المعارك مع قوات القذافي المكروه فهي قوات الناتو الخاصة وتشكل قوات الكوماندوس الخاصة البريطانية والأيطالية (وقطرية وأردنية وفرنسية) رأس الرمح لكل عمليات الهجوم على المدن ومن ثم تسليمها لقوات الكومبارس التابعة للمجلس الوطني الانتقالي الليبي . فعلا أنها مسرحية ومهزلة لم يستطيع الناتو إبقائها مخفية !!! . ولكنهم أي الناتو أستطاعوا تضليل العالم وقسم من الذين ينوحـون في سبيل النوم بأحضان الامبريالية وعلى المكشوف وخاصة من تلك القوى التي تدعي اليساروية.
أما المدربين الأجانب فتجدهم في كل مكان في ساحات القتال الليبية وكذلك الشباب من مختلف الأجناس واللغات يجمعهم هدف واحد هو الارتزاق !! .. وقائد القوات التي حررت طرابلس الغرب عبد الحكيم بحاج أحد أبرز قادة القاعدة. وعلى المكشوف أصبحت القاعدة وقوى السلفية الجهادية وشيخهم يوسف القرضاوي من دعاة الربيع العربي وزار ساحة التحرير في القاهرة والقى خطابا ثمن فيه الدور الأمريكي والقطري في دعم الثورة بقيادة الأخوان المسلمين ووائل غنيم مسؤول غوغول من خلال المخابرات المركزية الأمريكية والذي تم ترشيحه من قبل الصهيوني برنار هنري ليفي لنيل جائزة نوبل.
ولكن لم نسمع من يسار أوربا أي طنين تجاه الموقف الفاشي والنازي الجديد والذي أقرته الجمعية البرلمانية لمجلس أوربا واليسار يشكل الثقل الكبير فيها في شباط سنة 2006 حين أعلنت وهذا نص أعلانها (تحت عنوان "حول ضرورة الإدانة الدولية للأنظمة الشيوعية التوليتارية" أن الأيديولوجية الشيوعية والصراع الطبقي جريمة لا تغتفر يجب أن تتخذ ضدهما إجراءات قمعية إرهابية) وقد جاءت هذه المذكرة مثابة انطلاقة لموجة جديدة من الهستيريا ضد الشيوعية والشيوعيين، بل ضد الشعوب وحركاتها المناهضة للاستعمار والإمبريالية والعولمة الرأسمالية الظالمة. وإن بدء حملة جديدة من العداء الفظ والسافر للشيوعية يعني بداية حلقة جديدة من التدابير الرجعية ضد حقوق الشعوب الاجتماعية والديمقراطية وتمهيداً لشن حروب جديدة . فالعداء الهستيري للشيوعية الذي يستخدم الكذب والافتراء في صدد أعمال القمع يهدف إلى ضرب القوى المقاوِمة والهجوم الشعبي المضاد. والهدف المباشر للـ"مذكرة" هو الضغط أيديولوجياً على الأحزاب الشيوعية التي تدافع بثبات عن مبادئ الصراع الطبقي وتحارب الإمبريالية مستلهمة النظرية الاشتراكية العلمية، أي الشيوعية. فالإمبرياليون يرون أنهم بحاجة إلى وسائل قمع جديدة لأنهم بعد مضي 20 سنة على دحر النظام الاشتراكي في أوروبا وجدوا أن أطنان القذارات التي صبوها على الاشتراكية كانت غير كافية، فها هم الآن قد أدركوا أنهم حصدوا "نتائج هزيلة" وأن الأيديولوجية الشيوعية والاشتراكية لا تزالان تعتمران أفئدة ملايين الكادحين . لقد راحوا يشهرون باشتراكية القرن العشرين وحركته الثورية ويعلنون حملة ملاحقة للشيوعيين المناضلين من أجل عالم أفضل، فيما هم يبرئون ساحة من تعاون مع النازية وساندها. هم يشوهون التاريخ بكل وقاحة واضعين المجرمين والأبطال على قدم المساواة. وهدفهم الأوحد الأحزاب الشيوعية والشيوعيون الذين يعيشون ويكافحون في ظروف قاسية في البلدان الاشتراكية سابقاً. إنهم يريدون أن يستأصلوا في هذه البلدان ذاكرة ملايين الكادحين الجماعية فيما يقارن هؤلاء بموضوعية حاضرهم بماضيهم.
فها هي الأحزاب الشيوعية الآن ممنوعة في جمهوريات البلطيق السوفياتية سابقا، والأعضاء في الاتحاد الأوروبي حاليا، ويلاحق العشرات من مناصريها بشتى الأساليب، بينما تفتخر حكومات هذه الجمهوريات "المستقلة" الآن بمن تعاون مع النازيين وتكافئهم وتقيم الأنصاب تكريماً للفاشية والفاشيين.
وفعلا تم لهم ذلك وهاهي اليوم تشن الحروب باسم الديمقراطية والربيع العربي، وعلى طريق ربيع براغ وربيع يوغسلافيا والذي تم فيه تمزيق هذه الدول بحيث صار الجاني ضحية. وفعل حلف الأطلسي من خلال القصف الجوي بالطائرات وصواريخ كروز المجنحة والشبح التدمير الذي طال أرجاء صربيا والبوسنة وكل يوغوسلافيا السابقة , وأفتعال الأكاذيب عن المجازر الوهمية للمسلمين هناك، في الوقت نفسه سهل لقوات القاعدة من تأسيس معسكرات التدريب وشن الهجمات وقتل الناس أللأبرياء بحجج التطهير العرقي الذي طال المسلمين، وللعلم تم تعاون مشترك بين الأطلسي وحكام طهران ومجموعات القاعدة في المجازر والتطهير العرقي في يوغسلافيا، وأصبح لهذه المجموعات الفاشية من حرس خميني والقاعدة تدريبات مشتركة لخوض العمليات الأجرامية وخاصة عمليات قطع الرؤوس وذبح البشر (يوغسلافيا السابقة) ومما سهل لهم هذه المهمة في العراق وحسب خطط المخابرات المركزية والتي استطاعت بالتعاون مع حلفائها من القاعدة وفرق القدس من حرس خميني قد حققت أهدافها الحقيقة في تدمير البنى التحتية للمواطن العراقي وخصوصية المواطنة عند العراقي والعراقيين ( ولايوجد بيت عراقي لم يلتحم فيه أفراده من الطائفتين في المودة والمصاهرة)، وحققت هدفها في سياسة فرق تسد والتي استعملتها في القرن الماضي ضد الشعوب، في الفيتنام استعملت الفتنمة وكمبوديا أستعملت الخمير الحمر وبأسم الشيوعية تم قتل ملايين البشر وأكثرهم شيوعيين كمبوديون.
واليوم نجحوا في تنشيط الملف الطائفي والذي كان صعب المنال حتى على صدام ونظام البعث في محاولاتهم الكثيرة في اللعب عليه . وكثيرا ما نسمع عن الربيع السوري ودور الأخوان المسلمين فيه وكذلك جمهورية العثمانيين الفاشية بقيادة أردوكان، لا أحد يستطيع الدفاع عن نظام حكم العلويين والبعث في سوريا، ولكن من القادم وهل يمكن مؤازرة الثورة التي تقودها القاعدة هناك والمكونة (من جماعة الأخوان والمرتبطين بالمخابرات المركزية وجماعة رفعت الأسد أحد أبرز المجرمين والمنشق عن عائلة الأسد، فالأمر واضح أنهم لا يفكرون بمعانات الشعب السوري وأنما بمصلحة أوربا وحلف الأطلس وإسرائيل، وهنا لابد من الأشارة لكون هذه المجموعات التي تريد إسقاط حكومة الأسد الفاشية وهم بكل الوانهم لايختلفون بفاشيتهم عن فاشية البعث السوري، والضحية الشعب السوري والذي وجد نفسه في ورطة بين الأطلس وأردوغان وأسرائيل من جهة وحكومة البعث الفاشية من جهة أخرى .
26/9/2011