المنطلقات الفكرية لوثائق المؤتمر الوطني التاسع للحزب الشيوعي العراقي !!


ماجد لفته العبيدي
2011 / 9 / 2 - 21:03     

يواصل الشيوعيون العراقيون مساعيهم الحثيثة للتحضير للمؤتمر الوطني التاسع , والذي يعتبر محطة هامة في تاريخ الحزب الشيوعي العراقي ,الرامي للتحول إلى حزب جماهيري ديمقراطي , قادر على تعليل خطابه السياسي فكريا , و جعله مؤثر بشكل أفضل في الحراك السياسي القائم , ليزداد نفوذه وتأثيره في وسط الحركة الشعبية المتنامية .
سوف ينعقد المؤتمر التاسع في ظل الإشكاليات والتعقيدات والإرهاصات التي تعاني منها العملية السياسية , في وظل أزمة عامة شاملة في الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية والبيئية تلف المجتمع العراقي ,وتتمظهر في الصراعات الحادة بين القوى المتنفذة حول عملية استكمال نصاب الحكومة وحلحلة الأزمة السياسية الراهنة .
وقد شخص العقل الجماعي للحزب الشيوعي العراقي , أسباب تداعيات هذه الأزمة المتمثل في السياسية اللاعقلانية والفئوية والحزبية الضيقة التي تنتهجها الأحزاب المتنفذة , بالإضافة إلى جملة من الإجراءات والقرار و والقوانين التي عملت بها وسنتها حكومة المالكي , والتي أده إلى تجاوز مواد الدستور وتصعيد الهجوم على الحريات الفردية والعامة .
وإصرار هذه القوى على احتكار القرار والاستحواذ الكامل على مصادر الثروة والنفوذ والقوة , وتكريس الطائفية السياسية ,وقد كانت نتائج هذه السياسية فضائح فساد تزكم الأنوف , وحماية مكشوفة للفاسدين والتستر عليهم , مع استمرار التدهور الأمني وانتشار الجريمة المنظمة وسوء الخدمات والبطالة وارتفاع الأسعار وإطلاق يد البرجوازية الطفيلية المتحالفة مع البرجوازية البيروقراطية , لتضيق الخناق على رقاب الشغيلة والكادحين العراقيين الذين يئنون تحت ثقل الأزمة العامة .
يسعى الشيوعيون العراقيون في ظل هذه الظروف البالغة التعقيد إلى تطوير مناقشاتهم وحواراتهم حول مشاريع وثائق المؤتمر الوطني التاسع مسترشدين بالفكر الاشتراكي الماركسي و الإنساني , ويعملون على تدقيق خطابهم السياسي والبحث عن منطلقاته الفكرية وتعليله الفلسفي , و الاستفادة من التجارب الثورية العالمية وتجربة الحركة الوطنية الديمقراطية العراقية للاستخلاص العبر والدروس منهما , والبحث في التراث والحضارة الإنسانيتين عن أصالة وعراقة القيم التي يتبنونها .

ومن خلال دراستي الوثيقة البرنامجية سوف أتناولها في البحث عبر الجوانب التالية :
أولا :الجانب السياسي
ففي قراءتي للقضية الأولى التي يجري حولها الصراع الضروس بين القوى المتنفذة , إلا وهي قضية أعادة بناء الدولة العراقية وطبيعة نظامها السياسي المستقبلي , يطرح الشيوعيين مشروع متكامل للإصلاح السياسي ,يجري فيه التركيز على إزالة اثأر الدكتاتورية الصدامية واثأر الاحتلال الامبريالي الأمريكي , وفق قراءة واقعية لطبيعة الحراك الاجتماعي الطبقي الدائر في المجتمع العراقي , والذي لم تتضح معالمه بشكل كامل بعد ,حيث وجود التدخلات المختلفة بين الطبقات والفئات الاجتماعية , بفعل تأثير التشوه الذي أصاب النسيج الاجتماعي , ومالحق بالطبقات الاجتماعية من إضرار بالغة نتيجة سياسية الدكتاتورية والحروب والحصار والاحتلال , التي اده إلى تحطيم البنى التحية للاقتصاد الوطني العراقي ومؤسسات الدولة المختلفة , مع إطلاق العنان للاقتصاد السوق الحر المعولم وما رافقه من تسريع عشوائي للخصخصة بعد سقوط الديكتاتورية .
لقد أدت هذه السياسية الى اعادة هيكلة دور البرجوازية الطفيلية والبرجوازية البروقراطية وتمتين عرى التحالف بينهما , وبسط سيطرتهم على جميع مفاصل الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية
ومن هنا ينظر الشيوعيين إلى عملية الإصلاح في ظل التحول الرأسمالي المعولم, باعتبارها عملية نضالية متواصلة ضد سياسية تحالف البرجوازية الطفيلية والبيروقراطية , في أطار التطور الرأسمالي لتجذير الخيار الديمقراطي والتحول على المدى البعيد إلى الاشتراكية الإنسانية , وفي ظل هذه السياسية الإصلاحية المبنية على النهج الماركسي والفكر الاشتراكي الإنساني التي ينتهجها الحزب الشيوعي العراقي ,يطرح على مندوبين المؤتمر الوطني التاسع العديد من الأسئلة منها 1 _كيفية تعليل هذه السياسية فكريا!!؟ 2_ ماهي اللادوات والطرق الممكنة لتحقيق برنامجهم !!؟ 3- ماهي الأساليب النضال والكفاح التي ينتهجونها !!؟
إن الإجابة على هذه الأسئلة الحارقة تتطلب قراءة جادة لمشاريع الوثائق المطروحة للنقاش والحوار , والتي شخص فيها العقل الجماعي للحزب طبيعة التحول الديمقراطي ,وأكد فيها على أهمية بناء القاعدة المادية الاقتصادية الاجتماعي لهذا التحول في أطار التطور الرأسمالي , مع وعيه الكامل للماسي التي يسببها التطور الرأسمالي ,من الاستلاب والقهر والاضطهاد للشغيلة والكادحين .
والشيوعيون العراقيون يدركون جيدا وفق استرشادهم بالنهج الماركسي , بأنه من غير المكن حرق المراحل والقفز فوق الصيرورة التاريخية للتطور الاجتماعي , وقد أكدت تجارب الاشتراكية الفعلية المنهارة صحة ذلك الاستنتاج والتحليل الذي تناوله ماركس وانجلس في سلسلة مقالات حول الصراع الطبقي في فرنسا ,والذي عرضوا فيه قراءتهم التحليلية للإحداث ثورة 1848 وتجربة كومنة باريس1871 , حيث ربطى بشكل جدلي بين عملية التحول الديمقراطي في إطار الرأسمالية والنضال من اجل الاشتراكية وأطلق على ذلك تسمية الثورة الدائمة .
ولايمكن فصل تلك القراءة الماركسية للشيوعيين العراقيين عن صياغة برنامجهم الإصلاحي الديمقراطي, واستنباطهم الدروس والعبر من التجارب الثورية العالمية, وخصوصا تجربة الاشتراكية الفعلية المنهارة وتجربة الحركة الوطنية العراقية.
ويمكن تشخيص ثلاثة قضايا إشكالية تواجه هذا التحول الديمقراطي في العراق يتطلب من مندوبي المؤتمر الوطني وضعها في نظر الاعتبار عند صياغتهم الوثيقة البرنامجية الجديدة وهي:
أولا:مخاطر حصر التحول في الجوانب السياسية (الديمقراطية السياسية الشكلية ) , كالانتخابات الشكلية , وحرية الأحزاب المؤطرة , ووجود شكلي للدستور , مع تحجيم التحولات الاقتصادية والاجتماعية بما يتلائم وإرادة القوى الحاكمة , ويعتبر ذلك إضفاء صبغة ديمقراطية على النظام الشمولي .
ثانيا : محاولة تحجيم الحريات الفردية والعامة تحت يافطة الحكم الرشيد , وهذه الصيغة تؤدي إلى النظام الثيوقراطي .
ثالثا : تغليب حقوق الأقليات الدينية والعرقية على حساب مصالح الأكثرية من القوميات الرئيسية , وينجم عن ذلك ديكتاتورية طائفية وعرقية برداء ديمقراطي, تمارس الاضطهاد باسم الحرية والعدالة والمساواة .
وعلى ضوء تلك المخاطر و التهديدات الجدية لمسار العملية الديمقراطية يتحدد العديد من المهمات الآنية للحزب الشيوعي العراقي , والتي يمكن تشخيصها بالاعتماد على دراسة الحراك الطبقي الاجتماعي الناشب في ظل العملية السياسية الراهنة والذي يتجسد في الصراع مابين البرجوازية الطفيلية و البرجوازية البيروقراطية من جهة والطبقات الاجتماعية صاحبة المصلحة الحقيقة في التغير ( القوى الشعبية الديمقراطية ) من الجهة الأخرى , ويتمحور الصراع حول جوهر إصلاح العملية السياسية الراهنة , وطبيعة النظام السياسي و شكل إعادة بناء الدولة العراقية .
ويمكن تحديد معالم هذا الصراع بالقضايا التالية:
1-حول مفهوم المحاصصة الطائفية والجهوية السياسية التي تكرسها القوى المتنفذة باعتبارها غنيمة سياسية , ومفهوم المواطنة والمهنية والكفاءة التي تدافع عنها القوى الشعبية الديمقراطية, وتشكل التحركات الجماهيرية السلمية الشعبية المتصدية لقرارات الحكومة الرامية للهجوم على الحريات الفردية والعامة , بداية للنضال المتواصل ضد المحاصة الطائفية السياسية .
2- الصراع حول الثروات الاجتماعية , واستخدامها بشكل عقلاني ومخطط , وتوزيعها بشكل عادل , حيث تظهر فضائح الفساد مدى التبديد الذي سببته سياسية القوى المتنفذة لهذه الثروات واستخداماتها في صراعاتها السياسية للإحكام وبسط نفوذها وسيطرتها على الحكم , ويشكل ذلك إجهاض للتحول الديمقراطي الجذري , مما يدفع القوى الشعبية الديمقراطية إلى التحرك ضد هذه السياسية والتعبير عن ذلك بمختلف الوسائل والطرق السلمية الديمقراطية .
3- بين مفهوم وطنية مؤسسات الدولة وهو يرتبط بالمواطنة ,ومفهوم السيطرة الفئوية والطائفية على مراكز النفوذ والسلطة و تقاسم مؤسسات الدولة العسكرية والمدنية بين القوى المتنفذة , ويشكل ذلك اكبر المخاطر على التحول الديمقراطي ويعتبر المقدمة للارتداد عنه , وفي ذات الوقت ينهي استقلالية هذه المؤسسات وحياديتها في الصراع السلمي بين أطراف العملية السياسية .

وانطلاقا من هذه القضايا الإشكالية التي تواجه التحول الديمقراطي ,يطرح الشيوعيون العراقيون تصوراتهم حول طبيعة الدولة وشكل النظام السياسي المستقبلي , فهم يرون الحل في الدولة المدنية الديمقراطية ذات الطابع الفيدرالي الاتحادي , التي تعتمد النظام البرلماني الرئاسي ,و تشكل فيها الحكومة على أساس الشرعية الدستورية الديمقراطية , ويضمن فيها التداول السلمي للسلطة , وتشرع فيها القوانين الحامية والضامنة لهذا التداول عبر صناديق الاقتراع العام .
ويرى الشيوعيون أيضا الضمانات الأخرى لتحول السلمي الديمقراطي هي , سيادة دولة القانون , و الفصل بين السلطات الثلاث (التشريعية , التنفيذية , والقضائية ) , واحترام استقلال القضاء , وإصلاح الدستور الدائم بما يصون ويضمن الحريات الشخصية والعامة , ويجسد مبدأ المواطنة المبني على الشراكة الوطنية ,والعدالة الاجتماعية في توزيع الثروات الاجتماعية.
ويعتقد الشيوعيون الضال السلمي الديمقراطي لتحقيق برنامجهم الإصلاحي الديمقراطي , الذي لايتعارض مع نضالهم للتحقيق الاشتراكية الإنسانية , وهم في نضالهم الديمقراطي لايستثنون وسائل النضال الأخرى , ويدركون في نفس الوقت العلاقة الجدلية بين الحراك الاجتماعي الطبقي في إطار التحول الديمقراطي, و الصيرورة التاريخية للتطور الاجتماعي ,حيث تتحول التراكمات الكمية للتحولات السياسية والاقتصادية والاجتماعية في أطار التحول الديمقراطي إلى تغيرات كيفية تشكل الأساس للتحول الاشتراكي على المدى البعيد , وهذا التصور تجسيد واقعي لمفهوم الثورة الدائمة الذي تناوله ماركس وانجلس في بحثهما حول الحراك الطبقي في القرن التاسع عشر وبالخصوص الصراع الطبقي في فرنسا .

ثانيا: الجانب الاقتصادي الاجتماعي للوثيقة البرنامجية
إن المعالجات التي تناولتها الوثيقة البرنامجية للقضايا الاقتصادية الاجتماعية , تعتمد على دراسة طبيعة الحراك الاجتماعي الجاري في ظل أللاحتلال والمحاصصة الطائفية ,وهو الصراع بين برنامج القوى الشعبية المنضوية تحتها أغلبية الفئات والطبقات الاجتماعية للتحول الاقتصادي الاجتماعي ,والتي تخوض نضال سلمي يومي لتحقيق برنامجها السياسي الاقتصادي الاجتماعي للتحول الديمقراطي الجذري من جهة , ومن الجهة الثانية تعمل البرجوازية الطفيلية والبيروقراطية على تنفيذ سياسة تسريع الخصخصة العشوائية والرضوخ لشروط البنك الدولي وصندوق النقد الدولي وسوق التجارة الحرة , وإخضاع برنامج للإصلاح الوطني الاقتصادي الاجتماعي لهذه الشروط المجحفة , وفتح الباب على مصراعيه لنهب الثروات الوطنية من قبل الشركات المتعددة الجنسية والعابرة للقارات , ووضع الاقتصاد الوطني على سكة اقتصاد السوق الحر , حيث دوامة المنافسة الحرة الاقتصادية الرأسمالية العشوائية .
وقد أدت هذه السياسة اللاعقلانية والعشوائية التي أعتمدتها القوى المتنفذة منذ احتلال العراق و سقوط الديكتاتورية الصدامية نيسان 2003 في الجوانب الاقتصادية والاجتماعية , إلى إعادة هيكلة دور البرجوازية الطفيلية وحليفتها البرجوازية البيروقراطية , واتسع نفوذهما سياسيا واقتصاديا , وتزايد تأثيرهما في أوساط الأحزاب المتنفذة الحاكمة ومؤسسات الدولة المدنية والعسكرية , وأصبح هذه التحالف القوى المساندة والحامية للأنشطة الفساد والإرهاب والجريمة المنظمة , والقي بظلاله وتأثيره الواسع على مسار التطور الاقتصادي الاجتماعي , وعطل التنمية الحقيقة وعملية إعادة البناء والأعمار, وكبد الاقتصاد الوطني العراقي خسائر فادحة تقدر بترليونات الدولارات .
وعمق الأزمة العامة في بلادنا من حيث تعطيل الدورة الإنتاجية الاقتصادية , واستمرار الاعتماد الكامل على اقتصاد النفط ألريعي والقروض الخارجية لضخ الأموال في ميزانية الدولة العراقية ,وقد نجم عن هذه السياسية تعاظم في معدلات العجز و نسبة التضخم ,و الذي خلف بطالة تتراوح نسبتها بين (15% إلى 25%),إضافة إلى وجود ثلاثة ملايين مواطن يعيشون تحت خط الفقر ,و وجود ملايين الموظفين والمتقاعدين الذين يعيشون وعوائلهم على الاقتصاد ألريعي .
وأدت هذه السياسية أيضا إلى تحيد قوى اجتماعية مختلفة ارتبطت مصالحها في نشاطات الاقتصاد ألريعي الطفيلي , حيث تراهن القوى والأحزاب المتنفذة على استمرار هذا الحياد لتكريس سياسية المحاصصة الطائفية .

بينما تراهن القوى الديمقراطية الشعبية على الشغيلة والكادحين والطبقة الوسطى والبرجوازية الوطنية والقوى الاجتماعية المهشمة لتحقيق برنامجها الإصلاحي , ويشكل الشيوعيون جزء من القوى الديمقراطية الشعبية , يحاولون جاهدين قراءة الصراع الدائر بصورة سليمة لوضع برنامجهم الاقتصادي الاجتماعي والذي يتناول القضايا التالية :
1-النضال من اجل إعادة الدورة الإنتاجية الاقتصادية وتوظيف رؤوس الأموال لمعافاة الاقتصاد الوطني العراقي .
2-استخدام الريع النفطي لبناء مؤسسات أنتاحية صناعية وزراعية .
3- بناء القطاع المشترك, التعاون بين رأسمالية الدولة والبرجوازية الوطنية العراقية.
4- اعتماد اقتصاد السوق الاجتماعي باعتباره أفضل الطرق لبناء الرأسمالية في العراق .

وتضع الوثيقة البرنامجية مهمات وطنية تقع على عاتق الشيوعيين في الفترة الراهنة وتتعلق في إنهاء الاحتلال وتطبيق الاتفاقية العراقية الأمريكية حول ذلك , واستعادة السيادة الوطنية والاستقلال الوطني , ويرى الشيوعيون العراقيون أيضا , إن نضالهم من اجل إنهاء الاحتلال الامبريالي الأمريكي , هو جزء من النضال الاممي المشروع للقوى الديمقراطية والتقدمية ضد العدوانية العسكرية الامبريالية في العالم .
ويحدد الشيوعيون في وثيقتهم البرنامجية الترابط الجدلي بين التحولات الديمقراطية الاقتصادية الاجتماعية والتقدم الاجتماعي ,حيث يعلب التخطيط الاقتصادي وبرامج التنمية المستدامة دورا هاما في تطوير الخدمات العامة والتعليم والصحة وتوفير مستلزمات الضرورية للحياة, وخفض نسبة البطالة ومستويات الفقر والحد من النشاطات الطفيلية .
ويعتقد الشيوعيون إن النضال من اجل الاشتراكية هدف بعيد المدى , ولم يعد مهمة وطنية بحد ذاته , بل أصبح مهمة وطنية أممية مركبة تجاوزت الإطار الوطني ,لتصبح مهمة عالمية للكادحين والشغيلة ضد الاستغلال والاضطهاد والاستلاب الرأسمالي الاحتكاري المعولم .

ولابد إن نؤكد على قضية هامة بعد قراءتنا للوثيقة البرنامجية, إلا وهي أهمية دور العمل الفكري في استعادة دور اليسار والشيوعيين العراقيين من خلال الإجابة على الأسئلة الحارقة التي يطرحها الحراك الطبقي الاجتماعي.,وما يواجه هذا المشروع من تحديات فكرية حقيقة في ظل سيادة ثقافة التجهيل والتسطيح , وتزيف الوعي الوطني وقتل الروح الوطنية من خلال تكريس الوعي الطائفي والجهوي وإلباسهما الرداء المقدس , ومحاربة ثقافة التنوير لمنع استعادة الثقافة الوطنية الديمقراطية دورها الهام في تشكيل الوعي الاجتماعي , واستخدام الدين السياسي كوسيلة من وسائل تحجيم التحركات الجماهيرية , وعزلها عن محيطها الواسع ومنع الأغلبية الصامتة من اتخاذ موقف واضحة , ومنع مشاركتها في هذه التحركات للدفاع عن مصالحها .

كما يدرك الشيوعيين الإشكالية التي يعانيها الحامل الاجتماعي لتحول الديمقراطي , حيث التآكل الواسع للطبقة الوسطى , بفعل الديكتاتورية والحروب والحصار والاحتلال ,والضرر البالغ الذي لحق بالطبقة الوسطى والشغيلة والكادحين وهذه من إشكالية جدية في العمل الفكري للشيوعيين , الرامي إلى نشر الثقافة الديمقراطي .
مما يضع إمام الشيوعيين في الوقت الراهن مهمات جديدة على طريق النضال من اجل تحقيق التحول الديمقراطي ويقف في مقدمتها:ي
اولا: اعادة بناء الحزب الشيوعي العراقي بما يتلاءم والتحول الديمقراطي من خلال هيكلة منظماته وتطوير أدواته عمله وطرق وإشكال نضاله السلمي ,عبر توسيع الديمقراطية وتفعيل التجديد في جميع مفاصل العمل وفي مقدمتها العمل القيادي, وتطوير النظام الداخلي بما يتناسب والواقع الحقيقي لعمل الشيوعيين العراقيين .
ثانيا: الربط الجدلي بين عملية التجديد و إدارة الصراع الفكري بما يساعد على إيجاد التعليل الفكري لخطابنا السياسي.
ثالثا : صياغة برنامج مكثف للمهمات الآنية يناضل الشيوعيين لتحقيقه بين مؤتمرين , يعتمد على جوهر الوثيقة البرنامجية التي تمثل برنامج الحد الأقصى على المدى البعيد للمرحلة التحول الديمقراطي .

إن النضال من اجل استعادة الشيوعيين وحلفائهم من اليساريين والديمقراطيين وكافة القوى الشعبية الديمقراطية, لدورهم الفعال والمؤثر في العملية السياسية ليس مرهون في وضع البرامج وحسب, بل في تطبيق هذه البرامج بإبداع على ارض الواقع.

[email protected]