أهمية النضال الأيديولوجي و السياسي ضد الفكر المثالي الذاتي الحديث للتحريفية الإنتهازية بالمغرب


امال الحسين
2011 / 8 / 28 - 17:40     

يعتبر الصراع الأيديولوجي الذي خاضه لينين ضد الماخيين أروع ما يجب الإقتداء به في الصراع ضد التحريفية الإنتهازية ، لصياغة أسس النظرية الثورية في المرحلة الراهنة التي يعيشها البعث الماركسي اللينيني بالمغرب ، لما لفهم الأسس النظرية للمادية من أهمية في ترسيخ الأسس العملية للنضال الثوري داخل الحركة الماركسية المغربية اليوم ، نظرا للتفسخ الأيديولوجي الذي لحق هذه الحركة جراء انتشار التحريفية الإنتهازية في أوساط الماركسيين المغاربة بقيادة "حزب النهج الديمقراطي" ، التي تحاول اختزال اللينينية في كونها تجربة اشتراكية روسية فاشلة و اعتبار لينين مجرد قائد سياسي تم تجاوز نظريته المادية ، في محاولة للرجوع بالفكر الماركسي إلى ما قبل الإشتراكية العلمية بانتحال الأفكار البورجوازية الرجعية ، و نشرها في أوساط الشباب ، معتقدة أن كلماتها البسيطة حول الوضع الراهن ، و المهام السياسية الراهنة تستطيع تجاوز المنطلقات الثورية للمادية ، متجاهلة أن أسس أيديولوجية حزبها الإصلاحية ما هي إلا نسخة مصغرة من أسس الماخية الحديثة التي لا يمكن أن تصمد أمام أسس اللينينية.
لقد توصل لينين إلى أن الواقع الموضوعي موجود خارج الذات و أنه "تعكسه إحساساتنا ، و هو موجود بصورة مستقلة عنا" كما قال ، مما يجعل فهم المادة/الواقع الموضوعي يختلف حسب قدرة المناضلين على إدراكه ، هذا الواقع الذي لا يتغير و لا يتبدل إلا بمدى قدرتنا على فهمه من أجل القدرة على تغييره ، عكس فهم التحريفية الإنتهازية للواقع الموضوعي ، الذي تعتبره مجالا للإنصهار و الإندماج في سيرورته وفق موازين القوى التي تتحكم فيها البورجوازية ، مدعية أن مصلحة الحزب و ليس مصلحة الطبقة هي المحدد الأساسي للنضال ، الشيء الذي حول هذا الحزب إلى أداة أيديولوجية لتمرير المفاهيم البورجوازية الرجعية باسم تطوير الماركسية و تجديدها بتحريف المادية في اتجاه المثالية الذاتية الحديثة و السوليبسيسم ، محاولة السيطرة على عقول الشباب بترويضها في منتديات "حقوق الإنسان" و "المخيمات الصيفية" و "الجامعات الصيفية و الخريفية ...".
من هنا يأتي دور استيعاب المنطلقات النظرية للماركسية اللينينية باعتبارها ضرورة تاريخية لفهم المادة/الواقع الموضوعي الذي لا يمكن فهمه فهما صحيحا إلا بضبط الدياليكتيك الماركسي ، الذي وضع أسسه النظرية كل من كارل ماركس و فريدريك إنجلس و طوره فلاديمير إيليتش لينين ، بتطبيقه على المستوى المعرفي مما ساهم في تطوير الفهم المادي للواقع الموضوعي عكس مفاهيم الماخية ذات المنطلقات اللاعرفانية ، و التي نعيش اليوم تعبيراتها النظرية و العملية لدى التحريفية الإنتهازية داخل قيادة "حزب النهج الديمقراطي" ، التي تسعى إلى الرجوع بالفكر الماركسي إلى ما قبل الإشتراكية العلمية عصر الإشتراكية الطوباوية ، مما يشكل خطرا محدقا أمام تطور الحركة الماركسية اللينينية المغربية ، التي تعيش اليوم دينامية ملحوطة خاصة في صفوف الشباب الثوري ، الشيء الذي يتطلب من الماركسيين اللينينيين المغاربة دحض أفكار المثالية الذاتية الحديثة و السوليبسيسم لهذا "الحزب النهج الديمقراطي" الديمقراطي البورجوازي الصغير ، الذي يدعي استمرارية منظمة "إلى الأمام" ، كأحد منطلقاته الأساسية في حربه ضد الحركة الماركسية اللينينية المغربية ، محاولا إيهام الشباب الثوري بزوال اللينينية ، و بأن البورجوازية قدر محتوم على البشرية، باعتناقه الاعرفانية في حربه ضد المادية ، في الوقت الذي تسعى فيه قيادته إلى قيادة التحريفية الإنتهازية داخل تحالفات "الإشتراكيين ـ الحداثيين" الإصلاحيين و بتحالف مع "الظلامية الرجعية" ضد الحركة الماركسية اللينينية المغربية.

إن النضال الأيديولوجي ضد أوهام التحريفية الإنتهازية التي تعمل جاهدة على نشر أفكارها المثالية الذاتية الحديثة في أوساط الحركة الماركسية اللينينية أساسية في الصراع ضد الإمبريالية ، و كان لابد من الرجوع إلى التراث التاريخي للماركسية اللينينية من أجل استخلاص الأفكار الثورية ، التي تتطلبها المرحلة الراهنة كضرورة تاريخية لقيادة النضال الإيديولوجي ضد أوهام الديمقراطية البورجوازية الصغيرة .
ففي ظل ديناتمية الحركة الماركسية اللينينية المغربية تحاول الإنتهازية التحريفية ب"حزب النهج الديمقراطي" نشر أوهام المثالية الذاتية الحديثة ، بعد تخلي قيادته عن الخط و الإستراتيجية اللينينيين التي سطرتهما منظمة "إلى الأمام" ، للعصف بالفكر المادي في اتجاه الأفكار البورجوازية المثالية ، بتبني هذه الأفكار و إدماجها في أيديولوجية حزبها لنشرها في أوساط الماركسيين ، مدعية أنها تطور الماركسية ، ساعية إلى السيطرة على التراث التاريخي للحركة الماركسية اللينينية و خاصة منظمة "إلى الأمام" .
و هي في طريقها إلى الحزبية الإصلاحية المقيتة ، تسعى إلى تصفية ما تبقى من الإرث الثوري لمنظمة "إلى الأمام" بتحريفه و تمييعه ، و شن الهجوم على الماركسيين اللينينيين الثوريين داخل و خارج حزبها ، في الوقت الذي تعرف فيه الحركة الماركسية اللينينية المغربية دينامية ملحوظة على جميع المستويات الأيديولوجية و السياسية و الجماهيرية ، و يعتبر التحالف بين هذا الحزب و "جماعة العدل و الإحسان" دليلا قاطعا على الفكر المثالي الذاتي الحديث لدى قيادته.
و لا غرابة أن يكون جل أعضاء هذه القيادة من الأساتذة البورجوازيين ، ذوي التكوين في مجالات العلوم الطبيعية المختلفة ، و بتصورات مثالية ذاتية حديثة ، و هم إلى حد بعيد يتفقون مع الأساتذة الماخيين الروس في عهد لينين ، و الذين حاولوا نشر الفكر الماخي التحريفي الإنتهازي في صفون الطلبة و المثقفين ، هذه المهمة الأيديولوجية التي لا يستطع النظام القائم نشرها بالجامعات نظرا لتجذر المنطلقات الثورية لمنظمة "إلى الأمام" في أوساط الطلبة الماركسيين اللينينيين ، مما يجعل قيادة "حزب النهج الديمقراطي" الوحيدة المؤهلة للعب هذا الدور الحقير ، في محاولة لتجميع "الإشتراكيين - الحداثيين" لتقديم أنفسهم للنظام القائم بديلا عن "الإشتراكيين التقليديين" ب"حزب الإتحاد الإشتراكي للقوات الشعبية" و بتحالف مع "الظلامية الرجعية".
و لا غرابة أن نجد هذه القيادة تبرم اتفاقيات و تحالفات مع "الظلامية الرجعية" ب"جماعة العدل و الإحسان" ، للسيطرة على المنظمات النقابية و الحقوقية و الجمعوية ، و ها هي اليوم تقوم بنفي الشيء في حركة 20 فبراير ، في محاولة انتهازية لفرض قوة ضاغطة على النظام القائم للحصول على امتيازات داخل سلطة دولة الكومبرادور .
إن مهمة دحض الفكر التحريفي الإنتهازي لقيادة "حزب النهج الديمقراطي" في أوساط الشباب الثائر بحركة 20 فبراير ، تعتبر من بين المهام النضالية الثورية للماركسيين الللينينيين المغاربة ، نظرا لأهمية نشر الأيديولوجية الماركسية اللينينية بالرجوع إلى أصولها التاريخية و استنباط مقوماتها الثورية من أجل محاربة المثالية الذاتية الحديثة لهذا الحزب .
و لا تختلف قيادة "حزب النهج الديمقراطي" عن الأساتذه الماخيين الروس الذين تم دحض أفكارهم من طرف لينين منذ قرن من الزمن ، و التي تحاول اليوم العصف بالماركسية و الماركسيين في اتجاه المثالية الذاتية الحديثة ، و هي يعتبر نفسها الوحيدة ذات الشرعية التاريخية المدافعة عن الماركسية ، في الوقت الذي تحاول فيه العصف بها نحو المثالية ، في مقولتها :"الجوهر الحي للماركسية" كمدخل أساسي لضرب الماركسية اللينينية ، و التي حاول من خلالها عبد الله الحريف الإنتقال إلى تحميل كل المسؤولية للقائد جوزيف ستالين في انهيار الإتحاد السوفييتي ، في قوله :

"و لعل أخطر تسطيح و تحجير للماركسية تم حين أصبحت أيديولوجيا الدولة السوفياتية أيام ستالين الذي أعطى أجوبة نهائية لكل قضايا الماركسية انطلاقا من فكرة أن الماركسية-اللينينية تقدم قوانين جاهزة و صالحة لكل مكان في مرحلة الرأسمالية و مرحلة البناء الإشتراكي" .

و لا يريد هنا الحريف نقد منهج ستالين في تدبير شؤون الدولة الإشتراكية بقدر ما يريد دحض اللينينية التي تعتبر مادية عصر الإمبريالية و الثورة الإشتراكية ، و اتهم ستالين ب"تسطيح" و "تحجير" الماركسية دون أن يبين لنا أين يتجلى ذلك ، لأن قصده هنا هو ضرب الماركسية اللينينية و ليس التهجم على شخص ستالين فقط ، و هو يريد أن نعتقد أنه بدحضه ستالين لا يقوم بدحض لينين ، الذي يضعه هدفه الأول و الأخير ، من أجل نشر العداء للينينية في صفوف الماركسيين و خاصة الشباب منهم . هذا الأستاذ الماخي الحديث الذي ينصب نفسه مدافعا عن الماركسية في الوقت الذي يحاول فيه دحض الماركسية اللينينية التي تعتبر جوهر الدياليكتيك الماركسي ، و هو يحاول العصف بالماركسية في اتجاه البورجوازية المقيتة بتجاوزه لمنطلقات الماركسية اللينينية في أزهى مراحل الرأسمالية الإمبريالية ، متجاهلا أن الماركسية اللينينية أيديولوجية دكتاتورية البروليتاريا في الدولة الإشتراكية .
و لدحض أقوال عبد الله الحريف عن الماركسية اللينينية لا بد من الرجوع إلى تعريف ستالين للينينية في كتابه :"أسس اللينينية" الذي كتبه عام 1926 ، حتى يتبين للقاريء مدى حقد الماخيين الجدد داخل "حزب النهج الديمقراطي" على الماركسية اللينينية و الماركسيين اللينينيين .

يقول ستالين:

" إن اللينينية هي ماركسية عصر الاستعمار والثورة البروليتارية. وبتعبير أدق اللينينية هي نظرية وتاكتيك الثورة البروليتارية بوجه عام، ونظرية وتاكتيك ديكتاتورية البروليتاريا بوجه خاص. فقد ناضل ماركس وأنجلس في المرحلة السابقة للثورة (نعني الثورة البروليتارية) حين لم يكن الاستعمار قد تطور بعد، في مرحلة تهيئة البروليتاريين إلى الثورة، تلك المرحلة التي لم تكن الثورة البروليتارية فيها قد غدت بعدُ، ضرورة مباشرة عملية لا مناص منها. أما لينين، تلميذ ماركس وأنجلس، فقد ناضل في مرحلة الاستعمار المتطور، في مرحلة الثورة البروليتارية الآخذة في النمو، وفي وقت انتصرت فيه الثورة البروليتارية في قطر واحد فحطمت الديمقراطية البرجوازية، ودشنت عهد الديمقراطية البروليتارية، عهد السوفيات.هذا هو السبب في أن اللينينية هي تطور الماركسية إلى أمام." كتاب : أسس اللينينية.

هنا يوضح ستالين أن اللينينية هي تطور للماركسية و ليست فكرا جامدا كما يريد عبد الله الحريف نشره حول للينينية بالقول ب"الجمود و التحجر" ، و عمل ستالين على تطبيقها و تطويرها عمليا في الإتحاد السوفييتي ف، ي ظل دولة ديكتاتورية البروليتاريا باعتبارها الممارسة العملية للينينية ، و التي طور عبرها أسس اللينينية ببناء النظام الإشتراكي و الإقتصاد الإشتراكي ، اللذان وضع أسسهما لينين بعد اكتشافه لدور الرأسمال المالي المهيمن على الرأسمال التجاري و الصناعي في عهد الرأسمالية الإمبريالية ، باعتبار هذه المستويات الثلاث أسس الإقتصاد الرأسمالي .
و إذا لم تكن اللينينية قد استكملت أسس الماركسية على المستوى الإقتصادي باكتشافه للرأسمال المالي و هيمنته على السوق ، فإن اللينينية في حاجة ماسة إلى التطوير أو إلى دحض أسسها المادية .

يقول ستالين :

"يقول بعضهم أن اللينينية هي تطبيق الماركسية على الظروف الخاصة بالوضع الروسي. إن في هذا التعريف جزءاً من الحقيقة، ولكنه بعيد عن أداء الحقيقة بكاملها. فقد طبق لينين الماركسية فعلاً على الواقع الروسي، وفعل ذلك ببراعة المعلم. ولكن لو أن اللينينية لم تكن غير مجرد تطبيق الماركسية على وضع روسيا الخاص، إذاً لكانت حادثاً قومياً محضاً وقومياً فقط، روسياً محضاً وروسياً فقط. بينما نحن نعلم أن اللينينية حادث أممي، له جذور في مجموع التطور الأممي، وليس حادثاً روسياً فقط. ولذا أرى أن عيب هذا التعريف هو أنه تعريف وحيد الجانب."نفس المرجع.

إنه رد صريح على التعريف الوحيد الجانب لدى الماخين الجدد ب"حزب النهج الديمقراطي" ، من أجل تحريف الماركسية اللينينية ، و تزييف منطلقاتها العلمية ، بالهجوم على ستالين و تحميله مسؤولية انهيار الإتحاد السوفييتي ، للوصول إلى تحريف منطلقات منظمة "إلى الأمام" الماركسية اللينينية ، بادعائه لاستمراريتها عبر تجاوز مواقفها اتجاه التحريفية الإنتهازية بالإتحاد السوفييتي بعد اغتيال ستالين في 1953 ، و تحريف الخط الثوري للحزب الشيوعي السوفييتي ، و بالتالي تحريف الأحزاب الشيوعية التابعة له ، و من بينهم الحزب الشيوعي المغربي/التحرر و الإشتراكية الذي انسحب منه الماركسيون اللينينيون عن وعي في 1970 .

و الورقة التأسيسية لمنظمة "إلى الأمام" ، "سقطت الإقنعة فلنفتح الطريق الثوري" ، و التي يتنكر لها أصحاب "الجوهر الحي للماركسية" ، واضحة في هذا المجال ، و يمكن الوقوف عن مدى انهيار فكر الماخيين الجدد أمام الأسس النظرية للماركسية اللينينية عبر قراءة هذه الورقة من خلال موقفها من الأحزاب البورجوازية الإصلاحية :

" وأما إفلاس المنظمات السياسية البرجوازية لحزب الاستقلال والاتحاد الوطني للقوات الشعبية واحتقارها العفوي للجماهير, وكذا خيانة حزب التحرر والاشتراكية الواضحة تشكلان حافزا قويا على العمل وعلى الشروع في بناء الحزب الثوري للبروليتاريا.". من وثيقة "سقطت الأقنعة ...".

هكذا تخلت القيادة البورجوازية الصغيرة ب"حزب النهج الديمقراطي" عن الخط الثوري لمنظمة "إلى الأمام" ، مدعية أنها تشكل امتداد المنظمة التاريخي في اتجاه تطوير الماركسية/تحريف الماركسية اللينينية .
و أصبح الماخيون الجدد ب"حزب النهج الديمقراطي" يروجون لمقولة "الجوهر الحي للماركسية" ، لإيهام الماركسيين أنهم بالفعل يدافعون عن الماركسية ، في الوقت الذي يحاولون اختزال إنجازات الماركسية اللينينية ، في كونها مجمل أزمات ساهم في تكريسها ستالين و أن ما توصلت إليه الماركسية من حقائق ما هي إلا مباديء .

يقول الحريف في كتابه "الجوهر الحي للماركية" :

"هكذا ، يتضح ، إذن أنه ليس أمام الماركسية من خيار سوى مواجهة الإشكاليات التي يطرحها واقع الرأسمالية المتغير بدون انقطاع و ذلك استنادا إلى التراث الماركسي ليس باعتباره معرفة تحيط بالواقع في كل جوانبه ، دفعة واحدة و إلى الأبد ، و لكن كمباديء ، موجهة عامة إغتنت بفضل ذلك التراث و لا تزال بقدر ما يطورها الشيوعيون في ممارستهم الثورية ، الشيء الذي سيجعلها ، دائما ، بمثابة مباديء عامة موجهة مهما اغتنت و تطورت ، إذ لا تتحول ، أبدا ، إلى معرفة نهائية" .

كل هذا الكلام جاء من أجل الوصول إلى أن الماركسية اللينينية ليست نظرية متكاملة حول الثورة الإشتراكية ، التي لم تتحقق يوما إلا في تجربة الإتحاد السوفييتي ، و كيف لنظرية غير متكاملة أن تنجز أروع الثورات التي عرفها تاريخ البشرية ؟ و كيف لثورة اشتراكية لم تنجز بعد على المستوى العالمي أن تكون نظريتها غير منجزة و تحتاج إلى الإجتهاد ؟

إذا كانت الماركسية اللينينية غير متكاملة و يمكن تجاوزها فإن الثورة الإشتراكية قد تحققت و تم تجاوزها إلى مرحلة الشيوعية و اضمحلال الدولة . إن ادعاء تجاوز الماركسية اللينينية ما هو إلا محاولة لتحطيم مقولة "قدرة البروليتاريا على التنظيم و الثورة و بناء دكتاتورية البروليتارية ضد دكتاتورية البورجوازية السائدة في عصر الرأسمالية الإمبريالية" .
إن الماخيين الجدد يتسمون بالإنتظارية التي يرغبون في إغراق الجماهير الشعبية فيها و على رأسها الجماهير العمالية ، و لا غرابة من ذلك فمنطلقاتهم المثالية الذاتية هي السبب الرئيسي في ذلك ، إن الرأسمالية الإمبريالية هي "عشية الثورة الإشتراكية" كما قال لينين و لكن لن تتحقق إلا عبر الديمقراطية البروليتارية أي دكتاتورية البروليتارية.
و يواصل الماخيون الجدد ب"حزب النهج الديمقراطي" هجومهم على الماركسية و الماركسية اللينينية بالخصوص ، و هم يجهلون أن من يحاول مثل هذه المحاولات سيقع في مستنقع اللاعرفانية ، الذي وقع فيه الماخيون الروس عندما حاولوا دحض أطروحة إنجلس حول "الشيء في ذاته" و "الواقع الموضوعي خارج إدراكنا" ، و جاء المصطفى برهمة ليقوم بنفس الخطأ الذي وقع فيه ماخ في نهاية القرن 19

يقول برهمة :

"لدي تحفظ بالنسبة للماركسية كنظرية علمية ، علينا أن نقول الماركسية تستند إلى المعرفة العلمية ، فالماركسية تقول عن نفسها نظرية الطبقة العاملة و العلم يفصل الذات عن الموضوع ".

إنها بالفعل مقولة لاعرفانية عصفت بصاحبها إلى المثالية الذاتية و السوليبسيسم ، إذ كيف يمكن أن نفصل الماركسية عن العلم ؟ و نجعلها فقط تستند إلى "المعرفة العلمية" الموهومة لدى صاحبنا ، أين توجد هذه "المعرفة العلمية" ؟ في الميتافيزيقا كما يقول ماخ طبعا أو من اللاهوت كما يقول بركلي ؟ أليست الماركسية من صلب المادية التي وضع أسسها كل من ماركس و إنجلس ؟ ألم يقد لينين حربه ضد تشويه الماركسية من طرف الماخيين كما يفعل برهمة اليوم ؟ كل ما قام به برهمة هو محاولة تشويه الماركسية التي تعد علم قوانين تطور الطبيعة و المجتمع .

و باستهزاء يقول برهمة : "تقول عن نفسها نظرية الطبقة العاملة" ، و هل في ذلك شك ؟ نعم هي نظرية الطبقة العاملة ، و نظرية علمية المادية عينها نقيض المثالية و المثالية الذاتية و السوليبسيسم الذي يغوص فيه الماخيون الجدد و من يسير في دربهم من التحريفيين الإنتهازيين خدمة للبورجوازية.
كان هدف الماخيين الجدد هو فصل الماركسية اللينينية عن الماركسية في أول الأمر ، و محاولة السيطرة على تراث منظمة "إلى الأمام" الثوري التي يدعون في أوراقهم الحزبية أنهم استمراريتها ، معلنين في نفس الوقت الحرب على الماركسيين اللينينيين المغاربة الوفيين للخط الثوري للمنظمة ، و ثانيا العمل على العصف بالماركسية نحو البورجوازية .

يقول برهمة : "الماركسية المنفتحة على الفكر الإنساني".

و ذلك ناتج عن تصوراتهم المثالية الذاتية و السوليبسيسم ، و هم يعتبرون أنفسهم أوصياء على تطوير الماركسية بالمغرب ، و كيف لا في العالم بأسره ، من أجل اقتباس ما يسمونه ب"الفكر الإنساني" و دمجه بالماركسية لمسخها ، و كأن الماركسية ليست فكرا إنسانيا علميا ماديا ، يريد لها الماخيون الجدد أن تصبح فكرا ميتافيزيقيا ، مستنبطا من تصوراتهم المثالية الذاتية و السولبيسيسم ، من أجل دحض المادية و إنعاش الفكر البورجوازي المحتضر . و هم يحاربون الماركسية و الماركسية اللينينية بالخصوص ، و لا يريدون لها أن تكون نظرية البروليتاريا و الثورة الإشتراكية ، بل ترفا فكرا يرون فيه أنه في حاجة إلى المسخ و التفسخ ، و ذريعة "الفكر الإنساني" عند برهمة دليل قاطع على محاولاتهم الفاشلة لصبغة الماركسية بصبغة المثالية ، بدءا بقوله ب"لاعلمية الماركسية" و هي في حاجة إلى العلم البورجوازي المثالي حتى تصبح نظرية البروليتاريا ، و وصولا إلى محاربة الماركسيين اللينينيين ، بشن حرب عشواء على ستالين انطلاقا مما يسمونه ب"الجوهر الحي للماركسية" ، و هم يحاولون بذلك دحض الماركسية اللينينية و معها لينين .

يقول الحريف :

"لقد عانت الإشتراكية ، كما تمت الإشارة إلى ذلك أعلاه ، من التحجر بفعل تحويلها ، أيام ستالين ، إلى منظومة كاملة من "القوانين" النهائية لتطور العالم ماضيا و حاضرا و مستقبلا . و لعل من سخرية التاريخ أن الماركسية ، في الوقت نفسه الذي كانت تشهد "انتصارها" . بعد أن أصبحت ، في صيغتها الستالينية ، أيديولوجيا الدولة السوفياتية ، كانت تعيش انحطاطها إلى منظومة ميتة تلعب دور إعطاء المشروعية للبيروقراطية مما أفقدها جوهرها النقدي".

يدعي الماخيون الجدد ب"حزب النهج الديمقراطي" انطلاقا مما سبق ذكره تجاوز الماركسية اللينينية، لهذا يشنون حربا عشواء على ستالين ، حتى وصلت بهم وقاحتهم بقبول تسمية الماركسية اللينينية ب"الستالينية" كتسمية قدحية يراد بها النيل من شخصه ، و يتهمونه بتحويل الماركسية إلى أيديولوجية الدولة السوفياتية ، و كأنه ارتكب جريمة تاريخية ضد دكتاتورية البروليتاريا ، التي نادى بها ماركس و إنجلس و حققها لينين في روسيا السوفييتية .

لدحض ادعاءاتهم لا بد من إبراز وجهة نظر ستالين حول البناء الإشتراكي بالإتحاد السوفييتي في كتابه "أسس اللينينية" ، لتوضيح معنى ما يسميه الماخيون الجدد ب"الستالينية" ، التي يريدون عبرها النيل من "الماركسية اللينينية" التي أطلقها ستالين على النظرية المادية التي وضعها لينين ، و حتى يتبين لنا كيف عملت "المعارضة الجديدة" بالإتحاد السوفييتي على إرجاع الرأسمالية إلى روسيا بعد وصولها إلى السلطة .

يقول ستالين عن الإشتراكية :

"نحن نستطيع أن نبني الاشتراكية بناءً ناجزاً وسنبنيها مع الفلاحين تحت قيادة الطبقة العاملة"... لأنه "في ظل دكتاتورية البروليتاريا لدينا.. كل المؤهلات الضرورية لبناء مجتمع اشتراكي كامل متغلبين على جميع الصعوبات الداخلية بأنواعها، لأن بوسعنا ومن واجبنا التغلب عليها بقوانا الخاصة ... إن انتصار الاشتراكية النهائي هو الضمانة التامة ضد محاولات التدخل، وعليه ضد إعادة الأوضاع القديمة، لأن أية محاولة، جدية ولو لحد ما، لإعادة الأوضاع القديمة لا يمكن أن تحدث إلا بتأييد جدي من الخارج، إلا بتأييد رأس المال العالمي. ولذا فتأييد عمال جميع البلدان لثورتنا، وبالأحرى، انتصار هؤلاء العمال ولو في عدة بلدان هو شرط ضروري لضمان البلاد الظافرة الأولى ضمانة تامة ضد محاولات التدخل وإعادة الأوضاع القديمة، هو شرط ضروري لانتصار الاشتراكية انتصاراً نهائياً".

و يتضح لنا هنا أهمية دور أممية الإشتراكية في مواجهة الإمبريالية الأمريكية ضد إعادة الرأسمالية إلى روسيا ، و لن يتم إسقاط التجربة الإشتراكية التي قادها ستالين إلا بتعاون بين الداخل و الخارج ، و قد عملت "المعارضة الجديدة"، كما يسميها ستالين ، و المنبثقة من بقايا البورجوازية و المناشفة ، على معارضة البناء الإشتراكي بدولة السوفييتات ، و كانت منطلقاتها هي المرور من مرحلة الرأسمالية في دولة أغلب سكانها فلاحون للوصول إلى الإشتراكية ، تحت ذريعة عدم إمكانية تحقيق الإشتراكية ببلد واحد ، من أجل تسليم السلطة للبورجوازية ، و كان ستالين في صراع دائم مع هذه المعارضة منذ تحقيق الثورة الإشتراكية ، انطلاقا من أسس اللينينية التي تقر بإمكانية بناء الإشتراكية في بلد واحد.

يقول لينين :

"في الواقع، سلطة الدولة عي جميع وسائل الإنتاج الضخمة، سلطة الدولة في أيدي البروليتاريا، تحالف هذه البروليتاريا مع الملايين والملايين من الفلاحين الصغار والصغار جداً، ضمان قيادة هذه البروليتاريا للفلاحين والخ، - أليس هذا كل ما يلزم لكي نبني، بواسطة جمعيات التعاون وجمعيات التعاون وحدها، جمعيات التعاون التي كنا ننظر إليها سابقاً نظرتنا إلى جمعيات ذات صفة تجارية والتي يحق لنا، من ناحية معينة، أن ننظر إليها الآن ذات النظرة في ظل السياسة الاقتصادية الجديدة، أليس ما هو ضروري لكي نبني مجتمعاً اشتراكياً كاملاً؟ إن هذا ليس بناء المجتمع الاشتراكي بعد، ولكن هذا كل ما هو ضروري وكاف لهذا البناء". (المجلد 27، ص 392).

إن ما قام به ستالين خلال البناء الإشتراكي بالإتحاد السوفييتي ، هو من صلب اللينينية و ليست "ماركسية ستالينية" ، كما يدعي الماخيون الجدد بحزب النهج الديمقراطي ، الذين يتفقون مع "المعارضة الجديدة" بالإتحاد السوفييتي التي امتطت عباءة الماركسية في محاولة لإرجاع البورجوازية إلى السلطة.

يقول ستالين :

" أظن أن عدم الإيمان بانتصار البناء الاشتراكي هو الخطأ الأساسي الذي تقترفه "المعارضة الجديدة". وهذا الخطأ هو الأساسي، حسب رأيي. لأنه منشأ جميع الأخطاء الأخرى التي تقترفها "المعارضة الجديدة". فأخطاء "المعارضة الجديدة" في مسائل السياسة الاقتصادية الجديدة ورأسمالية الدولة وطبيعة صناعتنا الاشتراكية ودور جمعيات التعاون في ظل دكتاتورية البروليتاريا وطرق النضال ضد الكولاك ودور الفلاحين المتوسطين ووزنهم النسبي، إن جميع هذه الأخطاء ناشئة من الخطيئة الأساسية التي تقترفها المعارضة. من عدم الإيمان بإمكان بناء مجتمع اشتراكي بقوى بلادنا". نفس المرجع.

إن منطلق "المعارضة الجديدة" بالإتحاد السوفييتي هي عدم الإيمان بتحقيق الثورة الإشتراكية و هذا المنطلق يكفي لبناء تصورات مثالية ذاتية ، و التي تؤدي حتما إلى الإغراق في التحريفية الإنتهازية و الرجعية ، ذلك ما يقوم به الماخيون الجدد بالمغرب ، فهم لا يؤمنون بالثورة الإٌشتراكية ، و هم يجهرون بذلك ، و هو منطلقهم الأساسي للسعي للبحث عن مبررات رجعيتهم التي ينتحلونها ، و ما يميز الرجعية في تحاليلهم هو إلقاء اللوم على الأخر ، إتهام الآخر ، حتى لا يفكر الناس في مصائبهم النظرية الرجعية .
فهم يريدون تحميل جميع إخفاقاتهم الأيديولوجية و السياسية لتصورات منظمة "إلى الأمام" الثورية ، لمحاولة الهروب إلى الأمام للبحث عن ملجإ في صفوف البورجوازية ، تحت غطاء تطوير الماركسية ب"الفكر الإنساني" المزعوم ، و هم يعتقدون أنهم باستطاعتهم هزم نظرية الماركسية اللينينية و معها الماركسيين اللينينيين بأفكارهم اللاعرفانية ذات الجذور المثالية الذاتية و السوليبسيسم.

و هكذا يعتقدون أن كلماتهم البسيطة المشتقة من القاموس البورجوازي ، دليل قاطع على إمكانية تطوير الماركسية في اتجاه الهيومية و البركلية مرورا بالكانطية لبناء منظومة فكرية رجعية ، ذلك ما وصلوا إليه و حققوه في تحالفهم مع "جماعة العدل و الإحسان" لضرب حركة 20 فبراير ، عبر المزج بين تصوراتهم الميتافيزيقية و الفكر الظلامي الرجعي ، من أجل محاربة الماركسية اللينينية و الماركسيين اللينينيين .
و هم يتوهمون أن الرأسمالية تتطور ، جاهلين أنها فعلا تتطور في اتجاه تعميق أزماتها ، و ما الأزمة المالية العالمية للإمبريالية الرأسمالية إلا دليل قاطع على دحض أوهامهم هذه ، و هم عملوا على نشر تصوراتهم الفضفاضة ذات الجذور البورجوازية ، انطلاقة من مقولة "الجوهر الحي للماركسية" التي لا يمكن حتى تصنيف منطلقاتها ضمن المدارس الصغيرة البورجوازية كما قال لينين عن الماخيين ، و يمكن أن نرى مدى ضعفها أمام مفهوم الماركسية .

يقول الحريف :

"إننا نعتبر أن أحد أهم تطورات الرأسمالية هو الإتجاه نحو التدويل . غير أن هذا لا يتم بشكل متجانس و إنما في إطار بنية تراتبية ترتكز على صيرورة متناقضة من الإدماج التهميش . فإذا كان الإدماج الرأسمالي قد تم . في البداية و إلى حدود هذه المرحلة . في إطار فضاء الدولة / الأمة و كذلك التهميش ، الشيء الذي أدى إلى بروز مركز و محيط ، فإن التدويل الرأسمالي ينحو إلى إدماج مناطق معينة من مختلف الدول في الإقتصاد الرأسمالي و تهميش أخرى ، و كذلك إدماج فئات من البورجوازية و تهميش أخرى ."

و في محاولته هذه يحاول الحريف دحض مفهوم "الإمبريالية أعلى مراحل الرأسمالية" الذي وضعه لينين ، معتقدا أنه باستطاعته نقد استنتاجات لينين حول الإمبريالية ، عبر مجموعة من كلمات مشتقات من قاموس البورجوازية ، و هو يسعى لدحض الماركسية الينينية من أجل السيطرة على الإرث التاريخي للحركة الماركسية اللينينية المغربية و خاصة منظمة "إلى الأمام" ، و لا بد من التصدي له عبر الرجوع إلى مفهوم الرأسمالية لدى لينين.

يثول لينين :

" من خواص الرأسمالية بوجه عام فصل ملكية الرأسمال عن توظيف الرأسمال في الإنتاج، فصل الرأسمال النقدي عن الرأسمال الصناعي أو المنتج، فصل صاحب الدخل الذي يعيش فقط من عائد الرأسمال النقدي عن رب العمل وجميع المشتركين مباشرة في التصرف بالرأسمال. والامبريالية أو سيطرة الرأسمال المالي هي مرحلة الرأسمالية العليا التي يبلغ فيها هذا الفصل مقاييس هائلة. وهيمنة الرأسمال المالي على بقية أشكال الرأسمال تعني سيطرة صاحب الدخل و الطغمة المالية، تعني بروز عدد ضئيل من الدول التي تملك «البأس» المالي بين سائر الدول الأخرى. ويمكننا أن نتبين مدى نطاق هذا السير من أرقام إحصاءات الإصدار، أي إصدار مختلف أنواع الأوراق المالية." كتاب : الإمبريالية أعلى مراحل الرأسمالية.

من هنا تتضح لنا وقاحة الماخيين الجدد ب"حزب النهج الديمقراطي" الذين يبذلون كل ما في وسعهم من أجل نشر أفكارهم ذات المنطلقات اللاعرفاعية ، من أجل دحض المادية لتمرير الفكر المثالي الذاتي و الوليبسيسم ، أولا في أوساط قيادات حزبهم الهشة لتنميطها للعب دور تلقين هذا الفكر المقيت في صفوف النساء و الشباب ، ثانية تكوين زمرهم التحريضية على نشر تعاليمهم من أجل محاربة الماركسيين اللينينيين داخل و خارج حزبهم ، ثالثا السطو على التراث التاريخي لمنظمة "إلى الأمام" الثوري ، من أجل القضاء على ما تبقى من الفكر المادي بالمغرب ، رابعا بلور هذا الفكر في الواقع الموضوعي ، في أوساط الجماهير الشعبية ، ذلك ما نشاهده اليوم في تحالفهم مع "جماعة العدل و الإحسان" لمحاربة الماركسية اللينينية ، و تعد حركة 20 فبراير فضاء رحبا لتأكيد ما تمت الإشارة له سابقا ، حيث فضحت كل المساحيق التي يضعونها لتغطية حقيقة فكرهم المثالي الحديث بالدفاع عن الفكر الظلامي الرجعي ، لدى وجب على كل الماركسيين اللينينيين المغاربة إعلان صراع أيديولوجي و سياسي ضد الماخيين الجدد.