رسالة مفتوحة من سياسي كردي عراقي إلى رئيس الحكومة التركية رجب طيب أردوغان


بهاءالدين نوري
2011 / 8 / 8 - 15:09     

يطيب لي أن أهنئكم، أيها السيد أردوغان، بمناسبة فوز حزبكم للمرة الثالثة على التوالي في الأنتخابات البرلمانية، التي قدمتم فيها خطا سياسيا متجددا مغايرا لخط الأحزاب التقليدية التي لم تستطع طوال عشرات السنين التجديد والتغيير ولا تبرير ثقة الناخبين الذين صوتوا لها مرارا. وقد أمكن لكم، أنتم في قيادة حزب العدالة والتنمية، أن تجمعوا بين القيم الدينية والمثل الأخلاقية وبين المبادئ والقيم الحضارية الحديثة، الأمر الذي أرضى شعبكم وعزز مكانة ودور دولتكم على الصعيد الخارجي.
أنا أعرف جيدا، يا أخي الفاضل أردوغان، أن أمامكم تركة ثقيلة من مشاكل الماضي الموروثة ومتاعبه المتنوعة، فضلا عن التحديات الكثيرة الناجمة عن تعقيدات الأوضاع السياسية والاجتماعية المستجدة داخليا وخارجيا. أنا لست في معرض البحث عن هذه المشاكل. لكنني أود التطرق فقط إلى مشكلة واحدة راجيا منكم السماح لي بإبداء بعض الملاحظات – وهي المشكلة الكردية – صحيح أنني كردي ولكنني لست قوميا ولا أجيد التحدث عن المشكلة بلغة القوميين، بل أستطيع التحدث عنها فقط بلغة إنسانية وديمقراطية آمل ان تكون لغة مشتركة بيننا.
اننا نعيش اليوم في القرن الواحد والعشرين، قرن بلوغ الثورة العلمية–التكنيكية ذروتها حيث غدا كوكبنا ما يشبه قرية صغيرة، وتعاظم دور منظمة الأمم المتحدة على جميع المستويات، وتضمن ميثاقها – الذي يحمل اليوم تواقيع 193 دولة – الأعتراف بالحقوق القومية المشروعة لكافة الأمم والقوميات.
في مجرى التطور التأريخي القديم قدر للشعب الكردي أن يصبح جزءا من الأمبراطورية العثمانية. وفيما بعد الحرب العالمية الأولى بقي قسم من كردستان ضمن الدولة التركية التي أسسها كمال أتاترك. ومع تنامي الوعي التحرري وإنهيار النظام الكولونيالي في القرن العشرين نشأت عشرات الدول الجديدة على أنقاض المستعمرات السابقة في مختلف القارات، و غدا من الطبيعي أن يتطلع الشعب الكردي، المجزأ بين أربع دول شرق أوسطية، إلى نيل حقوقه القومية أسوة بالآخرين وعلى ضوء المواثيق الدولية. ولأسباب غير مبررة تجاهل حكام هذه الدول مطالب الأكراد المشروعة وأعتمدوا العنف والحلول العسكرية، التي لم ولن تفلح في حل المشكلة. وعاد ذلك بكوارث حقيقية على هذه البلدان وشعوبها إذ سفكت الدماء الغزيرة بين الأكراد والعرب والأتراك والفرس وغيرهم ولحقت أضرار بالغة باقتصاد هذه البلدان وتعقدت المشكلة تعقيدا كبيرا فيما تاجر البعض من الساسة الفاسدين وجنرالات جيوشهم بدماء الضحايا ودمار البلاد. وقد أنتهى سقوط صدام حسين في العراق بنقل المشكلة الكردية إلى موقع جديد مرض لكلا طرفي النزاع، فيما بقيت هذه المشكلة عالقة على فوهات المدافع و أزيز الطائرات في كل من إيران وتركيا. والجميع يعرفون بأن طريق الحل العسكري لمشكلة كهذه لن يؤدي إلا إلى نفق مظلم. وأنت أدرى، ياسيد أردوغان، بالمآسي الدموية والأضرار المادية الجسيمة، التي نجمت عن نشوب واستمرار القتال بين دولتكم وبين الحركة الكردية المسلحة في بلادكم طوال ما يقارب ثلاثين عاما دون أن تكون هناك نتيجة سوى المزيد من الدماء والدمار. ومن المؤكد ان استمرار هذا القتال سيخلق لكم متاعب جدية خطيرة ويشجع خصومكم السياسيين على مضاعفة نشاطهم ضدكم و لإقصاءكم عن السلطة.
بناءا على ما أسبقت أناشدكم وأهيب بكم، يا أخي الفاضل أردوغان، لكي تولوا إنتباها أكثر نحو المشكلة الكردية في دولتكم، لإنهاء سفك الدماء والدمار وإيجاد حل مقبول قائم على أسس ديمقراطية متجاوبة مع مصالح الشعبين التركي والكردي ومنسجمة مع القيم والمبادئ الحضارية المعاصرة المقبولة لدى الأتحاد الأوروبي الذي تتطلعون للإنضمام إليه.
أكرر أن طريق الحوار والتفاوض بحثا عن حل سياسي سلمي هو الطريق المجرب، وإن إيجاد حل مناسب لهذه المشكلة سيساعدكم في التوصل إلى الحلول المناسبة لمشاكل أخرى. وإذا ما أرتأيتم أن بإمكاننا، أنا وبعض زملائي، أن نقوم بدور ما في هذا الصدد – لغرض الوساطة أو التشاور – فأننا طوع بنانكم.
* متمنيا لكم التوفيق في خدمة شعبكم وتوطيد أركان النظام الديمقراطي في تركيا *

السكرتير الأسبق للحزب الشيوعي العراقي
والسكرتير السابق لحركة الديمقراطيين
بـهــاءالـديــن نــوري
العراق / سليمانية / 1/8/2011

• موبايل: 009647701521193