الثورة ماركسيا واشكالية السيرورة الثورية في العالم العربي - رد على سؤال الرفيق رضا


الياس حريفي
2011 / 8 / 3 - 21:25     

شكرا للأخ رضا على تعليقه. على موضوعنا ديالكتيك الثورة" المنشور بعدد فاتح غشت من الحوار المتمدن. ويسعدني أن أعلمه أن الاجابة على السؤال الثاني و أولا أيسر لنا من فعل العكس.
ان الثورة - حسب النظرية الماركسية اللينينية - هي الشكل الطبيعي للانتقال من تشكيلة اجتماعية اقتصادية الى أخرى. أي من نمط انتاج تاريخي محدد ذي علاقات انتاج معينة الى نمط آخر ذي علاقات أخرى مختلفة بنيويا عن الأولى. وهي تتم بعد سيرورة من الصراع الطبقي بين التحاالف الثوري والتحالف الرجعي. ينتهي بانتصار تحالف الطبقات الثورية واعلان نهاية السيطرة الطبقية للطبقة السائدة واحلال نمط الانتاج الجديد محل القديم والتاريخ يكشف الغموض عن هذا التعريف فالثورات البرجوازية في أورويا مثلا أدت الى الانتقال من نمط الانتاج الاقطاعي الى نمط الانتاج الرأسمالي بقيادة تحالف ثوري مكون من البرجوازية والأقتان والفلاحين والعمال. والثورة لا تعتبر ثورة الا اذا كانت القيادة الطبقية في التحالف الثوري للطبقة التي تحمل في صيرورتها نظاما جديدا من الانتاج.وهي البرجوازية في مثالنا. فهي تحمل نمط الانتاج الرأسمالي الذي يختلف جوهريا عن الاقطاع. أما في حالة كون القيادة الطبقية في هذا التحالف لغير هاته الطبقة. فان تغيير التناقض الرئيسي (بين الطبقات المسيطرة والطبقات الكادحة) يظل سجين ثباث التناقض الأساسي (العلاقة التناقضية بين قوى الانتاج وعلاقاته ضمن نمط الانتاج) وبالتالي لا تكون هنالك ثورة بالمعنى الدقيق اذ يتأبد نمط الانتاج وتعيد الطبقة القائدة للتحالف (بالخطأ) انتاج نفسها على غرار الطبقة المسيطرة السابقة وهذا ما حدث في "الثورات" العربية التي كانت تقودها البرجوازية الصغيرة التي لا تحمل بطبعها أي نظام انتاجي جديد مما أدى الى اعادة قولبة نمط الانتاج الرأسمالي في قوالب مزوقة على شاكلة الاشتراكية الناصرية والنظرية العالمية الثالثة أو ما يسميه عصمت سيف الدولة ب"الاشتراكية العربية" وغيرها من الأسماء الحسنى التي تعجز عن اخفاء القبح في ثماثل هذا النظام بنظام الانتاج الرأسمالي الكمبرادوري وقد حدث ذلك أيضا في الثورات ضد دولة الخلافة الاسلامية والتي كانت في معظمها ثورات فلاحية جددت نمط الانتاج المسيطر.
ان نمط الانتاج السائد في البلدان العربية هو نمط الانتاج الكولونيالي (أي الرأسمالي التبعي) وبالتالي فالثورة بمعناها الماركسي هي الغاء هذا النمط من الانتاج والانتقال الى الاشتراكية. ومن الأكيد أنه لا يمكن الانتقال الى الاشتراكية الا في ظل ثورة تكون القيادة الطبقية فيها للطبقة التي تحمل نمط الانتاج الشيوعي في صيرورتها الطبقية : انها الطبقة العاملة أو البروليتاريا.
ان ما يحدث بالبلدان العربية هو سيرورة ثورية مستمرة لزمن ليس بالقصير أبدا. ان ما يسمى اليوم بالثورات العربية هو بالضبط الصراع الطبقي في حركته الانجذابية وتحركه على مستواه البنيوي (السياسي) والصراع الطبقي الآن بين مختلف الطبقات الثورية هو الذي سيحدد هل هي ثورة أم لا. وستكون كذلك بوصول البروليتاريا الى السلطة بقيادة حزبها الطليعي أي الحزب الشيوعي وذلك ربما قد يستلزم ثورة ثانية هي الثورة الاشتراكية. باعتبار الثورات هذه ثورات "ديمقراطية" لا تلغي السيطرة الطبقية للبرجوازية وانما تفتح مرحلة جديدة من مراحل الصراع الطبقي بوضع البرجوازية في أزمة سيطرة طبقية. و اجبارها على القبول باصلاحات مناهضة لهذه السيطرة مما يمهد الطريق تنظيميا وايديولوجيا لقيام الثورة الفعلية والتي هي الثورة الاشتراكية.
وشكرا مجددا.