إعادة التأكيد على الاشتراكية للاشتراكي التحرري البريطاني موريس برينتون


مازن كم الماز
2011 / 7 / 13 - 18:52     

موريس برينتون *
إعادة التأكيد على الاشتراكية
1960

ترجمة مازن كم الماز

نلخص هنا أفكارا محددة قد تشكل أساسا لإعادة تجميع الاشتراكيين الثوريين .
و لا أي من المنظمات التقليدية للطبقة العاملة تعبر عن مصالح الطبقة ( العاملة ) . لقد ترافق انحطاطها و بقرطتها بانحطاط كبير في النظرية الاشتراكية , في أفكار النضال و التنظيم و حتى في الأفكار الرئيسية التي تتعلق بطبيعة الاشتراكية . يجب التوصل لاتفاق عما هي الاشتراكية , إذا كان على الممارسة الثورية أن تساعد الطبقة العاملة بصدق و ألا تؤدي إلى المزيد من التشوش و تراجع المعنويات . النقاط التالية هي أساسية جدا برأينا :
1 – "الحركة البروليتارية هي حركة مستقلة واعية بنفسها ( تقوم على وعيها الذاتي بنفسها ) للغالبية العظمى , بمصالح هذه الغالبية العظمى" . بعض التيارات "الثورية" تكتفي بالكلام فقط عن هذه الفكرة . لا أحد يأخذها بجدية , أو حتى يبدو أنه يفهم مدلولها أو معناها . يعني "الوعي الذاتي" أن الطبقة نفسها يجب أن تفهم الأهمية الكاملة لأفعالها . "المستقلة" تعني أن الطبقة نفسها يجب أن تقرر أهداف و أساليب نضالها بنفسها .
2 – "انعتاق الطبقة العاملة هو مهمة العمال أنفسهم" . لا يمكن للطبقة العاملة أن تفوض مهمتها التاريخية هذه لأي شخص آخر . لا يوجد "منقذون من الأعلى ( قادمون من الأعلى )" . هذه الطبقة لن تصل إلى السلطة , سلطتها , إذا فوضت نضالها الثوري لآخرين . الوعي الاشتراكي الجماهيري و المشاركة الجماهيرية ضروريان . يجب على المنظمة الثورية أن تساعد في تطورهما و يجب أن تعري ( تكشف ) دون رحمة كل الأوهام التي تقول بأن هذه المشكلة يمكن أن تحل بأية طريقة أخرى .
أكثر من ذلك لن تحتفظ الطبقة العاملة بالسلطة ما لم تكن مستعدة بشكل واعي و دائم للتحرك بنفسها نحو هذه الغاية . كل المحاولات السابقة التي قامت بها الطبقة العاملة بتفويض السلطة لمجموعات معينة , أملا بأن هذه المجموعات ستمارس السلطة "نيابة عنها" أدت إلى تشكل البيروقراطيات و نزع الملكية الاقتصادية و نزع السلطة السياسية من الطبقة العاملة . الاشتراكية , على خلاف كل الأشكال السابقة من التنظيم الاجتماعي , تتطلب مشاركة مستمرة ( لا تنقطع ) , واعية و دائمة للغالبية العظمى .
3 – الجانب الأساسي من كل المجتمعات الطبقية هو أن مجموعة ( فئة ) اجتماعية محددة تتولى موقعا مهيمنا في علاقات الإنتاج . من موقعها هذا فإنها أولا "ترتب ظروف الإنتاج" ( أي تنظم و تدير الإنتاج ) و ثانيا تحدد توزيع كامل الناتج الاجتماعي . ليست الملكية الفردية لوسائل الإنتاج إلا واحدة من طرق عدة ممكنة يمكن من خلالها لطبقة حاكمة أن تشرعن ( تقونن , تمنح الشرعية ) لهيمنتها .
تسعى كل طبقة حاكمة لتأبيد وضعها المتميز ( امتيازاتها ) من خلال سيطرتها على أدوات الإكراه , أي ماكينة الدولة . لا توجد طبقة حاكمة في التاريخ سلمت موقعها المسيطر في الاقتصاد و سيطرتها على الدولة من دون صراع شرس .
4 – التناقض الأساسي في المجتمع المعاصر هو انقسامه بين أولئك الذين يملكون , يقررون و يوجهون , و الغالبية التي , لأنها محرومة من وسائل الإنتاج , عليها أن تكدح و يفرض عليها أن تمتثل ( تخضع ) لقرارات لم يتخذوها هم . هذا التناقض هو أساس الاغتراب , أساس الصراع الطبقي و أساس الأزمات العميقة الحالية التي تؤثر على كل من المجتمعات البرجوازية و البيروقراطية .
أهداف الصراع الطبقي هو ضمان إلغاء كل الانقسامات التناقضية ( العدائية ) داخل المجتمع و كل التقييدات التي تفرضها هذه التناقضات على حياة البشر من خلال وصول الطبقة العاملة للسلطة ثوريا .
5 - من خلال النضال اليومي في مجتمع رأسمالي , تطور الطبقة العاملة وعيا له بالضرورة محتوى اشتراكي . الصراع الطبقي ليس فقط صراعا على القيمة الزائدة ( كما يريدنا الماركسيون "الفظين" ( فظ أو فج ) أن نصدق ) . إنه أيضا صراع من أجل ظروف مختلفة تماما للبقاء . يجري هذا الصراع عند نقطة الإنتاج , حيث يتحدى كلا من البرجوازية و الامتيازات البيروقراطية للإدارة .
في المعمل و المصنع يوازن العمال رغباتهم و مطامحهم بالقرارات البيروقراطية للسادة , و يحاولون تأكيد أشكالهم الخاصة من التنظيم ضد تلك التي تفرض عليهم من أعلى . ها الجانب من الصراع الطبقي يحمل الدلالات الأكثر ثورية . لأن من يدير الإنتاج يدير في نهاية المطاف المجتمع نفسه . يجب على المنظمة الثورية أن تشدد في دعايتها و تحريضها على هذا الجانب الخاص من نضال الطبقة العاملة و أن تؤكد على مضمونه الاشتراكي الأساسي .
6 – حاولت الطبقة العاملة مرارا أن تحل المسألة الأساسية لوضعها كطبقة مستغلة . غير صحيح أن العمال قادرين فقط على بلوغ "وعي نقابي" فقط ( هذه الفكرة هي فكرة لينينية , مستمدة من اشتراكيي الأممية الثانية , و هي مبرر وجود الحزب اللينيني كما كانت مبرر وجود الحزب الاشتراكي الديمقراطي من قبله , ما دام العمال غير قادرين على بلوغ أكثر من وعي نقابي و أن الفكر هو مهمة المثقفين أو حتى المثقفين البرجوازيين تحديدا فإن الوعي الطبقي سينقل للعمال عن طريق هؤلاء المثقفين البرجوازيين , صيغت هذه الأفكار خاصة في كتاب لينين ما العمل ؟ - المترجم ) . كومونة باريس 1871 , ثورات 1905 و 1917 , الثورة الإسبانية لعام 1936 – 1938 , مجالس العمال المجريين في عام 1956 , جميعها أثبتت أن الطبقة العاملة قادرة على الوصول إلى أعلى مستويات الوعي الثوري , و أن تتحدى أساس كل الأنظمة الاستغلالية .
7 – بين الموجات الثورية العظمى , حاولت الطبقة العاملة أن تخلق منظمات سياسية و نقابية لتحارب من أجل مصالحها الآنية و البعيدة على حد سواء . انحطت كل هذه المنظمات و هي تعبر اليوم عن مصالح طبقية اجتماعية غير بروليتارية . لهذا الانحطاط أساس موضوعي , في البنية المتغيرة للمجتمع الرأسمالي , و أساس ذاتي في فرض الأساليب الرأسمالية للتفكير و التنظيم على صفوف الحركة العمالية . لذلك تعكس هاتان الحقيقتان استمرار الراسمالية .
نضال الطبقة العاملة في سبيل انعتاقها الاجتماعي ليس مجرد نضال يومي بسيط ضد الاستغلال الرأسمالي . إنه يجري أيضا داخل الطبقة العاملة نفسها , ضد إعادة الخلق المستمرة للأفكار البرجوازية و الأوهام الإصلاحية . نضال المنظمة الثورية ضد كل أشكال الغموض الإيديولوجي – و ضد أولئك الذين ينشرونه – هو ضروري و حتمي معا .
8 – تعني الاشتراكية إدارة عمالية , على مستوى المعمل و المجتمع ككل . إذا لم تحتفظ الطبقة العاملة بالسلطة الاقتصادية بحزم في أيديها , فإن سلطتها السياسية لن تكون آمنة في أفضل الأحوال . طالما احتفظت الطبقة العاملة بالسلطة الاقتصادية فلا يمكن أن تنحط سلطتها السياسية . لجان المعامل و مجالس العمال هي أشكال محتملة يمكن للطبقة العاملة من خلالها أن تمارس حكمها .
"التأميم" و "التخطيط" يمكن فقط أن يكونا ذا مضمون اشتراكي إذا ترافقا مع إدارة العمال للإنتاج و مع السلطة السياسية للطبقة العاملة . بحد ذاتهما لا يمكن لهما أن يحلا أي شيء . إذا لم يدير العمال بأنفسهم المجتمع , فإن "التأميم" و "التخطيط" يمكن أن يصبحا أدوات لا ترحم للاستغلال .
9 – تحتاج الطبقة إلى منظمة ثورية , ليس كقيادة تنصب نفسها بنفسها بل كأداة للنضال . يجب على المنظمة أن تساعد العمال في نزاعهم , تساعدهم من خلال تأكيدها على تعميم خبرات الطبقة العاملة , و أن توفر إطارا لربط الأجهزة المستقلة ذاتيا لنضال الطبقة العاملة و تشدد باستمرار على الأفكار و الاحتمالات الثورية للعمل الجماهيري المستقل .
يجب على بنية هذه المنظمة أن تعكس أعلى إنجازات نضال الطبقة العاملة ( مثل مجالس العمال ) عوضا عن أن تقلد الأشكال الراسمالية للتنظيم . يجب أن تتنبأ بالمستقبل الاشتراكي للمجتمع عوضا عن أن تعكس ماضيه الرأسمالي . هذا يعني في الممارسة :
أن الأجهزة المحلية يجب أن تمتلك أقصى استقلالية , فيما يتعلق بنشاطاتها , و ذلك بما يتناسب مع الهدف العام و نظرة المنظمة
أن يتم اللجوء إلى الديمقراطية المباشرة ( أي القرارات الجماعية لكل المهتمين ) كلما كان ذلك ممكنا
و أن الأجهزة المركزية التي تمتلك سلطة اتخاذ القرارات فيما يتعلق بالآخرين يجب أن تتشكل من مندوبين , منتخبين من أولئك الذين يمثلونهم و قابلين للاستدعاء من قبلهم في أي وقت
نقلا عن http://www.marxists.org/archive/brinton/index.htm

• موريس برينتون , من أعضاء منظمة التضامن البريطانية , أحد اهم المجموعات الشيوعية التحررية في الستينيات و السبعينيات , و التي لعبت دورا هاما في نقد الرأسمالية الغربية و رأسمالية الدولة الستالينية على حد سواء و تقديم بديل تحرري عن الأنظمة الاجتماعية الاستغلالية في غرب و شرق أوروبا و العالم يومها . هذاالمقال هو أول بيان للمنظمة يعبر عن أفكارها الرئيسية . سبق أن نشر موقع الحوار المتمدن أيضا ترجمة لنص آخر بعنوان كما نراها من عام 1967 هو عرض أكثر تقدما لأفكار هذه المجموعة الشيوعية التحررية البريطانية .