الايديولوجيا الالمانية جزء اثنين


محمد التهامي
2011 / 6 / 28 - 01:50     

كان لزاما علينا التطرق للتناقض الأهم بين النظريتين الأكبر المتمثلتين في النظرية المادية والمثالية من خلال تحديد أهم مصادر الفكر المثالي الديني وهنا نجد الايدولوجيا الألمانية تتحدث عن العهد القديم عن النص الديني وعن الإنسان عن الخلق وعن التكوين وقد كان لزاما البحث بالأمر بشكل مستفيض، الدينية فيما بعد انطلاقا من نظريات خلق الكون لخلق الإنسان إلى إبعاد أخرى ، ما لفت انتباهي أكثر بالديانة اليهودية لم يكن كونها فقط أول ديوانية إبراهيمية بل هو الاهتمام بالطقس في حد ذاته من السبات إلى الختان إلى شؤون أخرى .
ومسالة ثانية تتعلق باستمرارية النص الديني ما قبل الإبراهيمي وتقاطع في عدة نقط تطرقت الايدولوجيا الامانية إلى العهد القديم إلى الإنسان كتاب التكوين وهنا كانت الإشارة إلى ما تعلل به القديس ماكس الذي تحدث عن تكوين الإنسان بداية بالطفل الذي يوجد يخرج للعالم يتصارع مع كل ما فيه ويحمل تجاه من حوله شق احترام في المقابل فيحمل الطفل منذ البداية بعدا ميتافيزيقيا ، وربما تم البعث بفكرة اهتمام الطفل بالروح أكثر من الجسد والمادة ليكرس نفسه للأفكار ، وهو النموذج المثالي للهيغلي الشاب ، بالتالي يتم التعاطي مع كل ما هو روحاني بشكل من التحقير ، وقد تم اعتبار الروح محدد غنى الإنسان وهنا أحببت إن أعود للنص اليهودي خصوصا حين كنت ابحث بكتاب الزوهار احد أهم المصادر الدينية اليهودية
ادم والخطيئة
خلق الله الإنسان على ألا يتغير أبدا ، على ألا يخضع لأي تحول محتمل ، على إن يكون ذا
مزاج ثابت لذا جعله قرب شجرة الحياة . الا ان ادم وانثاه كانا مخبولين فاقتربا من شجرة الخير والشر من جهة التغيير.
هكذا وقعا في تحولات الخير والشر بين التسامح والقسوة ، وكما هو بالكتاب
لقد خلق الله الانسان بسيطا ، الا ان الانسان ذاته بحث عن تعقيدات لا متناهية"
فحين تم التطرق الى نص ادم والخطيئة تم التحدث عن حالة الثابت كالحالة الاولى للخلق ، باعتبار ان الانسان يحمل طابعا ثابتا لا متحركا وان بحث الانسان وراء عملية التفكر والبحث وراء الحقيقة من خلال استعمال العقل مثل بالنسبة للطرح الديني اصل الخطيئة ، ما مثل فعلا نبذا للفكر العلمي في الطرح الديني عموما كاي تصور مثالي ،
كما نجد في نفس نصوص الزوهار احالة الى
3
الروح والجسد
الطبيعة المزدودجة للانسان
يقول القديس مبارك هو : انا والسكينة خلقنا الروح ، الاب والام كلاهما خلقا الجسد ، خلق الرجل بياض العين ، الشرايين والعقل ، والام بؤبؤ العين الشعر والرجل ، المساء والارض وكل الاجرام السماوية توحدوا بالتساوي لتكوين الانسان، كما الملائكة ساهموا من اجل تكوينه كما روح الخير وروح الشر ، كي يحوي عدة جوانب في نفس الان .
الشمس والقمر ايضا اعطوه النور نهارا وليلا .
الحيوانات البرية ، الاليفة ، الطيور والاسماك الكل اعطاه الطعام
حتى الاشجار وكل النباتات اعطته الطعام ايضا
احالة لسبق الروح على الجسد وسبق الفكر عن الواقع وتمجيد الفكر والروح مقابل تحقير مثالي للجسد للمادة ، مع ان وحدة الكون تتحدد في ماديته ، حيث نجد في الايديولوجية الالمانية احالة الى فكرة الروح الاكبر او الاعلى او الروح المنبثقة من عالم اخر والمتمثلة في الله .
فقد تم التطرق الى فكرة الروح الكامل كفكرة واقعية كروح واقعي ،
وهنا اعود من جديد الى نص الزوهار

40. Preexistencia de las almas
التواجد القبلي للنفس


يعلمنا ما جاء به السلف انه وبفضل إرادة الملك الأعلى، نمت شجرة قوية. إنها الأعلى بين كل نباتات العلى، تغطي الزوايا الأربع للعالم ، وجذورها تمتد على مسافة خمسة ميل مربع. كل إرادة تنبع وتأتي من هاته الشجرة . لا تكون هناك إرادة حسنة إن لم تتفق مع تلك النابعة عن الشجرة ، عند أسفلها تتدفق كل المياه التي ينبع منها كل البحار ، ومن قدميها تسري كل المياه لحظة الخلق لتأخذ كل الاتجاهات ، منها نشأت كل نفس بالكون .
قبل النزول إلى هذا العالم ، دخلت كل نفس حديقة وعند خروجها حصلت على سبع بركات و حين خروجها ستكون كالاب للجسم ، حين اوشكت الصورة السماوية المقدسة او النفس على النزول الى هذا العالم امرها المقدس تبارك ذكره ان تراقب وتحترم احكام قانونه وان تطيع ارادته .
ومرة اخرى اعطاها مفاتيح مئة بركة وسلام يجب ان يرتلها الانسان يوميا
(I, 284a)
وهنا تحيلني فكرة ان ارادة الرب نمت شجرة قوية انها الاعلى بين نباتات العلى وتعيدني المسالة الى النص البابلي عن شجرة الهولوبو

كيف بكت انانا
ومع ذلك لم يتركوا شجرتها اوتو
اوتو المحارب الباسل لم يساعد شقيقته انانا
عند مجيء الفجر الثاني بدات الطيور تغني
انانا نادت شقيقها جلجامش
قالت
او جلجامش
في سنوات التكوين الاولى القديمة
عندما طغى الفيضان في سومر عندما اخذ رب السماء ورب الهواء و الارض
عندما حملت ارشكيجال الى العالم السفلي هالك الرذيلة غنيمة
ابحر رب الحكمة
ابحر انكي
ابحر الى العالم السفلي
ابحر الى عالم الرذيلة
انهمرت على الملك الحجارة الصغيرة
انهمرت على انكي الحجارة الكبيرة
انذاك
شجرة منفردة هولوبو
المغروسة على ضفة نهر الفرات
ارتوت ونمت من ماء الفرات
عندما برزت رساح الجنوب الدائمة الهوجاء
سحيت جذورها و شققت فروعها
حتى جرفتها مياه الفرات
سحبت الشجرة من النهر و غرستها في حديقتي المقدسة
وانتظرت ان تصبح الشجرة عرشا مثمرا اجلس عليه
انتظرت ان تصبح الشجرة سريرا مريحا اضطجع عليه
لكن الثعبان المسحور شق جذع الشجرة
بنى له عشا في جذور شجرة الهولوبو
الفتاة المظلمة الشيطانة اسست بيتها في الجذع
و الطير انزو القوي سكن في اغصان الشجرة
الفتاة الشيطانة الظالمة اسست بيتها في الجذع
الفتاة التي ارادت ان تكون سعيدة
بكت
ان الاحالة والمقاربة بين شجرة الرب وشجرة الهولوبو احالة تعيدنا الى المسالة الزراعية وطبيعة المجتمع اليهودي وكذا البابلي على مستوى علاقات الانتاج وعلى مستوى الطبيعة الزراعية الطاغية والتي طبعت الفكر الديني ،
وهنا نجد في الاديولوجية الالمانية مثلا حين يتحدث القديس ماكس عن الفرق بين الرجل والمراهق فيحدده،
ان ما يميز الرجل من المراهق انه العالم كما هو
باعتبار سمة القناعة والتقبل احدى مميزات الرجل الناضج، في التعاطي مع الكون .
وهنا نجد الامر ياخذ شقا صوفيا ما زال ياخذنا الى الحضارة الهيلينية وانطباعها وتاثيرها على عدة حضارات، خصوصا على مستوى حقل الفلسفة والدين ، من خلال فكرة توحد الموحد مع الاوحد مع الروح الاكمل ،
وتاتي افكار كثيرة حول طبيعة الخلق وامور اخرى بالعهد القديم ذهابا الى اقتصاد العهد القديم، كما يتم ايراده في الايديولوجيا الالمانية ، فقد تم التطرق للفكرة عن الانسان من الطفل للمراهق للرجل كحديث عن التصور الفلسفي الالماني للتاريخ الانساني ، باعتبار الفكرة التاملية تمثل القوة المحركة في التاريخ ، في اعلى انطباعات الفكر المثالي،
حيث نجد انه يذهب الامر مثلا بالمرور من المثالية الى الواقعية فالطفل رهن بالامور الواقعية
والمراهق بالافكار او المثالية اما الرجل فهو القوة السالبة على انه يتعاطى مع الكون كما هو { طرح الدكتور غراجيانو في الصفحة 127 من نفس المصدر
وان عدنا الى كتاب التكوين عموما
ومفهوم العماء الاول مفهوم اتفق عليه وتم تواجده في عدة مراجع حينما في الاعالي والتكوين والاصحاح الاول كما وجد في الثقافات الفرعونية الكنعانية باعتباؤ العماء يوجد بمادة حية ، بوصفه لا يتجزا عن المبداين الاولين عند البابليين وهما ابسو وتهامة او تئامت بينما في التكوين، يتم التطرق الى كتلة من مادة هامدة تحولت الى مياه الاعالي ومياه الاسافل، الى ارض جافة وبحر وهو حينما نتطرق، لقصة صراع مردوخ مع تئامة نجده يفصلها الى نصفين سماء وبحر ، هو ما نجده في صراع بعل في الديانة الكنعانية مع الاله يم في انحسار البحر وصراعه مع اليابسة ،ومفهوم العماء عند العبرانيين يقتضي تواجد فياضات ماء و وهو ما يتطابق مع طبيعة ومناخ ما بين الرافدين وليس ارض فلسطين ما يعني ان الاسطورة لم تكن خاصة بالعبرانيين بل مستقاة من الحضارة البابلية
كما سأعود لمقاربة عدة قصص وردت في العهد القديم وأحاول إنزال نظائرها في ألواح الخليقة البابلية
ورد في سفر اشعياء 51: 9 ـ 10
استيقظي استيقظي البسي قوة
يا ذراع الرب
استيقظي كما في أيام القدم
كما في أجيال الأزمنة القديمة
الست أنت من قطعت رهب قطعا
من طعنت التمساح {التنين }
الست أنت من نشفت البحر
مياه الغمر العظيم
الست من جعلت من أعماق البحر طريقا
لعبور المفديين
والصراع الذي يتحدثون فيه عن رهب ليس ببعيد عن صراع مردوخ مع تئامة، التي أخذت هنا اسم رهب وهو صراع ضد مخلوق افعواني مع العلم أنها تحمل طبيعة افعوانية أو تنين، حين الحديث عن انه من نشف البحر، نعود إلى أسطورة بعل في صراعه مع يم حين انتصرت اليابسة ،و زادت مسافتها بتنشيف البحر في صراع بعل مع يم اله البحر.

لي عودة