موجز -فى التناقض- لماو تسى تونج


محمد عادل زكى
2011 / 6 / 25 - 19:48     

إن تغييرات المجتمع ترجع فى الأساس إلى تطور التناقضات الداخلية فيه، وهى التناقض بين القوى المنتجة وبين علاقات الإنتاج. التناقض بين الطبقات. التناقض بين القديم وبين الحديث . . . إن المظهر الرئيسى والمظهر الثانـوى للتناقض يحل كل منهما محل الآخر، ومن ثم يتغير طابع الظاهـرات. . . إن عمومية التناقض أو صفته المطلقة ذات معنى مزدوج. فأولاًًً توجد التناقضات فى عملية تطور جميع الأشياء، وثانياًًً توجد حركة التناقض فى عملية تطور كُُل شىء منذ البداية حتى النهاية . . . إن التناقض هو أساس الأشكال البسيطة للحركة، وهو بالأحرى أساس الأشكال المعقدة للحركة. وحالما يتوقف التناقض تتوقف الحياة ويحل الموت . . . إن عمومية التناقض تظهر فى الرياضيات: فى )+ و- ( السالب والموجب، وفى الميكانيكا: الفعل ورد الفعل. وفى الفيزياء: الكهرباء الموجبة والسالبة، وفى الكيمياء: إتحاد الذرات وتفككها. وفى العلوم الإجتماعية: الصراع الطبقى. إن الهجوم والدفاع فى الحرب، التقدم والإنسحاب، النصر والهزيمة، كُُلها مظاهر متناقضة. ولا يُُمكن لأحد منها أن يبقى بدون نقيضه، وهذان الجانبان متصارعان ومتحدان فى وقت واحد . . . وينبغى النظر إلى كُُل إختلاف فى مفاهيم الإنسان على أنه إنعكاس لتناقض موضوعى. . . إن التناقضات الموضوعية تنعكس فى التفكير الذاتى، فتشكل حركة التناقض فى المفاهيم، وتدفع التفكير نحو التطور، وتحل دون إنقطاع المشاكل التي تقوم فى فكر الإنسان . . . أن للتناقض فى كُُل شكل مِن أشكال حركة المادة صفته الخاصة.
إن معرفة البشر للمادة هى معرفتهم بأشكال حركة المادة، لأنه ليس فى العالم شىء سوى المادة فى حالة حركة، وحركة المادة لا بد أن تتخذ شكلاًًً مِن الأشكال المعينة. وينبغى أن نأخذ بعين الإعتبار، عندما نتفحص كُُل شكل مِن أشكال حركة المادة، السمات التى يشترك فيها هذا الشكل مع الأشكال الأُخرى للحركة. لكن ما له أهمية أعظم هو وجوب ملاحظة السمة الخاصة التى تُشكل أساس معرفتنا بالأشياء، أى ملاحظة الاختلاف الجوهرى الذى بينه وبين الأشكال الأُخرى. وبهذا وحده نستطيع أن نميز بين الأشياء المختلفة. إن كُُل شكل مِن أشكال الحركة يحتوى فى ذاته على تناقضه الخاص. وهذا التناقض الخاص يُشكل الجوهر الخاص الذى يميز الشىء عن الأشياء الأُخرى. وهذا هو السبب الباطنى أو الأساس كما يُسمى أيضاًًًً، فى الإختلاف العظيم الذى لا يُمكن حصره بين الأشياء المتنوعة فى العالم.
وثمة أشكال عديدة للحركة فى الطَّبيعة: الحركة الميكانيكية، والصوت، والضوء، والحرارة، والكهرباء، والتفكك، والتجمع، وهلم جرا. وجميع هذه الأشكال يَعتمد بعضها على بعض فى البقاء ويَختلف بعضها عن بعض جوهرياًً فى آن واحد. وأن الجوهر الخاص الذى يَحمله كُُل شكل مِن أشكال حركة المادة يتحدد بالتناقض الخاص الذى يتميز به ذلك الشكل. وينطبق هذا لا على الطَّبيعة وحدها، بل يَنطبق كذلك على ظواهر المجتمع والتفكير. فإن كُُل شكل مِن أشكال المجتمع، وكُُل أسلوب مِن أساليب التفكير، له تناقضه الخاص وجوهره الخاص.
وإن تصنيف الدراسات العِلمية المختلفة يقوم بالضبط على أساس التناقضات الخاصة القائمة فى كُُل فرع مِن فروع العِلم. وهكذا فإن نوعاًًً معيناًًً من التناقضات خاصاًًً بحقل معين مِن الظواهر يُشكل موضوع الدراسة لفرع معين مِن العلوم. مثال ذلك الأعداد الموجبة والأعداد السالبة فى الرياضيات، الفعل ورد الفعل فى الميكانيكا، الكهرباء الموجبة والسالبة فى الفيزياء، التحليل والتركيب فى الكيمياء، القوى المنتجة وعلاقات الإنتاج، والصراع بين طبقة وأُخرى فى العلوم الاجتماعية. النظرة الميتافيزيقية والنظرة الديالكتيكية فى الفلسفة، وهلم جرا، إن جميع هذه الأشياء بسبب إحتواء كُُل زوج منها على تناقض خاص وجوهر خاص، فإنها تُشكل مواضيع فروع مختلفة مِن الدراسة العلمية: وطبيعى أننا، إذا لم نعرف عمومية التناقض، لا نستطيع أن نكتشف الأسباب العامة أو الأسس العامة لحركة الأشياء وتطورها؛ كما أننا إذا لم ندرس خاصية التناقض فلن نستطيع أن نُحدد الجوهر الخاص الذى يُميز شيئاًًً عن الأشياء الأُخرى، ولن نستطيع أن نكتشف الأسباب الخاصة أو الأسس الخاصة لحركة الأشياء أو تطورها، ومِن ثم لن نستطيع أن نُميز بين الأشياء أو نُحدد حقول البحث العلمى.
وفيما يتعلق بالتسلسل فى حركة المعرفة البشرية، فهناك دائماًًً نمو تدريجى مِن معرفة أشياء مفردة وخاصة إلى معرفة أشياء عامة، ولا يَستطيّع الإنسان أن يَتوصل إلى التلخيص وأن يَعرف الجوهر المشترك بين أشياء مختلفة عديدة إلا بعد إلمامه بالجوهر الخاص لكل شىء منها، وبعد أن يلم الإنسان بهذا الجوهر المشترك..... عمليتان إذاًً فى المعرفة: إحداهما مِن الخاص إلى العام، والأُخرى مِن العام إلى الخاص. وتتقدم المعرفة البشرية على الدوام بإعادة هاتين العمليتين بشكل دائرى، ويُمكنها مع كُُل دورة (وفقاًً للطَّريقة العِلمية) أن ترتفع لدرجة أعلى وأن تَتَعمق بإستمرار