حسقيل قوجمان يرسخ ولا يشك


يعقوب ابراهامي
2011 / 6 / 18 - 18:19     

"الشك في كل شيء" - أجاب كارل ماركس عندما سئل عن أحب شعار لديه.
ترسيخ الماركسية في دماغ الأنسان - أجاب حسقيل قوجمان عندما لم يسأل عن أحب شعار لديه (الحوار المتمدن - العدد: 3396 - 2011 / 6 / 14)

هل يمكن التوفيق بين "الشك" و"الترسيخ"؟
ذهبنا الى معجم اللغة العربية لعله يسعفنا.
في "قاموس المعاني" وجدنا عن "الشك" ما يلي:
الشك : حالة نفسية يتردد معها الذهن بين الإثبات و النفي
تطرّق الشّكّ إلى فكره : ابتغى إليه طريقًا

وعن "الترسيخ" وجدنا ما يلي:
"تَرْسِيخُ الفِكْرَةِ فِي الذِّهْنِ" : تثبيتها
رَسَّخَ الفِكْرَةَ فِي أَذْهَانِهِمْ : رَكَّزَهَا وثَبَّتَهَا

لا مجال إذن للتوفيق بين "الشك" و"الترسيخ". "الشك" و"الترسيخ" هما مفهومان متناقضان. وحسقيل قوجمان يسير دون أدنى "شك" وب"رساخة" تامة في طريق الأصطدام المباشر مع كارل ماركس.

انتبهوا الى اللغة المذهلة التي يستخدمها حسقيل قوجمان. حسقيل قوجمان لا يتحدث عن "ترسيخ الماركسية في ذهن الأنسان" بل عن " ترسيخ الماركسية في دماغ الأنسان". بماذا يذكركم ذلك؟ ألا يذكركم ذلك بعمليات "غسل الأدمغة" في انظمة حالكة؟ أنا يذكرني ذلك بجورج أورويل. هل هذه غلطة فرويدية؟ كلا. هذه ثقافة ستالينية (على طراز "هندسة الروح البشرية").

هذا ما يحدث عندما يتحول الفيلسوف كارل ماركس الى "العالم كارل ماركس"، عندما تتحول النظرية الماركسية الى "علم لا يقل دقة عن علم الفيزياء" وعندما تتحول أفكار كارل ماركس الى عقيدة دينية "راسخة" لا يعلو إليها "الشك".

هذا ما يحدث عندما تتحول الفلسفة الماركسية الى نصوص لاهوتية كل ما يجب فعله بها هو "ترسيخها" في أدمغة البشر. يقين لا شك فيه. حقيقة مطلقة. حسقيل قوجمان "يؤمن" ب"الكتاب الماركسي" كما يؤمن رجل الدين ب"إنجيله". مع النص الألهي لا يجوز النقاش. النص الألهي لا يعلوه "الشك". النص الألهي يجب "ترسيخه" في أدمغة البشر وبس.

هكذا يتكلم ماركسي لا يميز بين العلم والفلسفة (وبين الخيال والواقع). وهذا ما يحدث لماركسي يسجد لغول ذي رأسين (مجرد ذكر اسمه يصيب بسكتة قلبية كل من يعرف شيئاً عن العلم والفلسفة): علم الديالكتيك.

في احدى مقالاتي السابقة تساءلت: هل ان حسقيل قوجمان يفهم حقاً كارل ماركس؟
اليوم انا اعرف الجواب: حسقيل قوجمان كان مشغولاً ب"ترسيخ" النصوص الماركسية في "دماغه" اكثر مما كان مهتماً بفهم الأفكار الماركسية.
أو قل (مع أبي العلاء المعري): هذا ما جنته الستالينية عليّ ولم أجنِ على أحدِ.

كلمة أخيرة (تحمل في طياتها إنذاراً خطيراً): إذا لم يكف حسقيل قوجمان عن اتهامي بأنني أجهل جهلاً مطبقاً "قانون الجاذبية" فسوف أضطر مكرهاً على الكشف عن شهادتي الجامعية، كما كشف الرئيس الأمريكي باراك حسين أوباما عن النسخة الأصلية لشهادة ميلاده. والله ولي التوفيق.