الأزمة الاقتصادية والثورة البروليتارية


عبد السلام أديب
2011 / 6 / 17 - 07:33     

1 – تكذب الوقائع مرة أخرى التوقعات المتفائلة لصناع قرار الطبقة البرجوازية في بداية العقد الأخير من القرن العشرين، خصوصا عقب انهيار ما كانوا يلقبونه "بإمبراطورية الشر" التي شكلها التكتل الإمبريالي المسمى "بالاشتراكي". حيث يمكن التذكير بالتصريح الشهير للرئيس جورج بوش الأب في مارس 1991 معلنا ولادة "نظام عالمي جديد" قائم على "احترام القانون الدولي" مؤكدا الطابع السريالي في مواجهة الانهيار المتزايد والذي يغرق فيه اليوم المجتمع الرأسمالي. عشرين سنة بعد هذا الخطاب "التنبؤي" وخصوصا منذ بداية العقد الأول من الألفية الثالثة، فمنذ الحرب العالمية الثانية لم يعرف العالم مثل هذا الواقع "الكارثي" للعالم. وها نحن نعيش اليوم حربا جديدة في ليبيا، جائت لتنضاف الى لائحة جميع النزاعات الدموية الأخرى التي أصابت الكوكب خلال الفترة الأخيرة، ثم سقوط ضحايا جدد في ساحل العاج، وأيضا المأساة التي ضربت أقوى وأحدث دول العالم، اليابان.

الزلزال الذي حطم جزءا من هذه البلاد والذي أكد مرة أخرى انه لا توجد فقط "كوارث طبيعية" وإنما نتائج كارثية ذات خاصية طبيعية. وقد أكدت أن المجتمع يتوفر اليوم على وسائل لبناء عمارات لمقاومة الزلازل وتمكن من تفادي الكوارث كتلك التي حدثت في هايتي السنة الماضية. لكنها أكدت أيضا على عدم البرجوازية على تأمين الاحتياط اللازم من الوحش (المحطات النووية) الذي صنعته من اجل مراكمة أرباحها فحتى بالنسبة لبلد متقدم مثل اليابان يقع فريسة له: الزلزال بحد ذاته لم يحدث الكثير من الضحايا ولكن تسونامي الذي تبعه مقترنا بالتسرب النووي قتل 30.000 كائن بشري في عدة دقائق. أكثر من ذلك، عن طريق التسبب في تشيرنوبيل جديد تم تسليط الضوء ليس فقط على عدم احتياط الطبقة المهيمنة، وانما أيضا منهج المتعلم المشعود، غير القادر على التحكم في القوى التي يستغلها من اجل مراكمة الارباح ضاربا عرض الحائط أرواح البشر. انها ليست شركة "طيبكو"، المستغل للمحطة النووية لفوكو ياما هي الأولى، وأيضا ليست هي المسؤول الوحيد عن الكارثة. انه النظام الرأسمالي في مجموعه، القائم على البحث المنفلث عن الربح وأيضا عن التنافس بين القطاعات الوطنية وليس على اشباع الحاجيات الانسانية، الذي يحمل مسؤولية أساسية للكوارث الحالية والمستقبلية التي يتعرض لها الكائن البشري. وفي نهاية المطاف، فتشيرنوبيل الياباني يشكل نموذجا جديدا للافلاس التام لنمط الانتاج الرأسمالي، والذي يعني استمراره تهديدا متزايدا لبقاء الانسانية نفسها.

2 – انها بطبيعة الحال الأزمة التي تعرضت لها الرأسمالية العالمية التي تعبر بشكل أكثر مباشرة عن الافلاس التاريخي لهذا النمط الإنتاجي. منذ سنتين اصاب بورجوازيي جميع الدول حالة هلع ورعب كبيرين امام خطورة الوضعية الاقتصادية. ولم تتردد منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية (OCDE) عن التذكير بأن: "الاقتصاد العالمي يقع فريسة انهياره الأكثر عمقا والأكثر بنيوية منذ عقود" (التقرير الوسيط الصادر في مارس 2009). فنحن نعلم قدر الاعتدال الذي تعبر عنه عادة هذه المؤسسة الاقتصادية العظيمة حينما تعبر عن مواقفها، يمكننا ان نكون فكرة عن الرعب الذي تشعر به الطبقة المهيمنة في مواجهة الافلاس المحتمل للنظام المالي الدولي، الانهيار القوي للتجارة العالمية (اكثر من 13 % سنة 2009)، قوة تراجع الاقتصاديات الاساسية، موجة الافلاسات التي تضرب أو تهدد المقاولات الكبرى للصناعة مثل جنرال موتورز أو كريزلير. هذا الرعب البرجوازي قادها نحو الدعوة الى قمة دول مجموعة العشرين من بينها قمة مارس 2009 بلندن والتي قررت على الخصوص مضاعفة احتياطي صندوق النقد الدولي وضخ مكتف للسيولة في الاقتصاد من خلال ميزانيات الدول بهدف انقاد نظام بنكي يتعرض لخسارة متواصلة ومن اجل إطلاق الإنتاج.

لقد أصبح شبح "الانهيار الكبير لعقد الثلاثينيات" يلوث العقول الشيء الذي قاد منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية التعزيم على مثل هذا الشيطان من خلال كتابة: "اننا نقارن بشكل قاس هذا "الانهيار الاقتصادي الكبير" بأزمة الثلاثينات، نظرا لاتساع وكثافة الإجراءات التي اتخذتها الحكومات حاليا" (نفس المرجع السابق). لكن مضمون خطاب الطبقة المهيمنة اليوم هو من اجل نسيان خطابها المعبر عنه بالأمس في نفس التقرير الوسيط لمنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية لربيع 2011 والذي يعبر عن ارتياح حقيقي في مواجهة اعادة استقرار النظام البنكي وعودة الانطلاق الاقتصادي. الطبقة المهيمنة لا يمكنها ان تفعل شيئا آخر. فهي عاجزة عن تقديم رؤية منسجمة شاملة وتاريخية للصعوبات التي تعترض النظام، ذلك لأن مثل هذه الرؤية يقودها الى اكتشاف الطريق المسدود النهائي والذي يوجد فيه هذا الأخير، حيث تقلص دورها الى مناقشة اضطرابات الوضع القائم يوما بيوم عبر البحث عن أساليب تهدئتها.

انطلاقا من هنا يمكن القول ان الطبقة المهيمنة مدفوعة الى سوء تقدير، حتى وان كانت الصحافة تعبر عن تحذيرات حقيقية في شأن الظاهرة المتفاحشة منذ سنتين: أزمة المديونية السيادية لعدد من الدول الأوروبية. وفي الواقع هناك إفلاس محتمل لعدد متزايد من الدول يشكل مرحلة جديدة في مجال غرق الرأسمالية في أزمتها غير قابلة للتجاوز. انها تضع حدودا للسياسات التي من خلالها تنجح البرجوازية في فرملة تطور الأزمة الرأسمالية منذ عقود.


3 - لقد مرت الآن أربعين سنة على مواجهة الرأسمالية للازمة. إن نمو النضالات العمالية دوليا لم تتحقق الا لكونها تتغذى على تدهور عالمي لشروط حياة الطبقة العاملة ، وهو التدهور الناجم على اثر أولى آثار الأزمة الرأسمالية، والمتمثلة على الخصوص في ارتفاع حجم البطالة.

هذه الأزمة عرفت تسارعا عنيفا سنوات 1973 – 1975 عقب الانهيارات الاقتصادية الدولية الكبرى لما بعد الحرب العالمية الثانية. ومنذ ذلك الحين، حدثت ازمات جديدة، في كل مرة تصبح أكثر عمقا وأكثر امتدادا، تضرب الاقتصاد العالمي إلى حين انفجار أزمة 2008 – 2009 التي اعادت الى الأدهان شبح سنوات الثلاثينات.

الإجراءات المعتمدة في إطار مجموعة العشرين في مارس 2009 لتفادي "الانهيار الكبير" تعتبرذات دلالة بالنسبة للسياسة المعتمدة منذ عدة عقود من طرف الطبقة المهيمنة: وتتلخص في ضخ قروض كبيرة في الاقتصاديات الرأسمالية. فمثل هذا الإجراءات ليست جديدة، حيث انه منذ أكثر من 35 سنة، ضلت تشكل قلب السياسات المعتمدة من طرف الطبقة المهيمنة من اجل الهروب من التناقض الرئيسي لنمط الانتاج الرأسمالي: عدم قدرته على ايجاد أسواق قادرة على امتصاص منتجاته الزائدة.

فقد تم تجاوز انهيار 1973 – 1975 عبر تقديم قروض كثيفة لدول العالم الثالث، لكن، منذ بداية عقد الثمانينات، ومع أزمة المديونية لهذه الدول، تراجعت برجوازية الدول المتقدمة عن اعتماد هذه الرئة من اجل اقتصادها. لكن هاهي دول البلدان الأكثر تقدما، وفي المقام الأول الولايات المتحدة الأمريكية، التي اخدت المبادرة "كقاطرة" للاقتصاد العالمي. الريغانوميكس (السياسة النيوليبرالية لادارة ريغان) لبداية عقد الثمانينات، والذي اتاح انطلاقة مهمة لاقتصاد هذه البلاد، اعتمدت على تعمق غير مسبوق ومهم لعجز الميزانية في نفس الوقت الذي كان فيه رونالد ريغان يصرح بأن "الدولة ليست هي الحل، بل انها تشكل المشكل". وفي نفس الوقت، أتاحت العجوزات التجارية المهمة لهذه القوة تصريف السلع المنتجة من طرف الدول الرأسمالية الأخرى .

خلال عقد التسعينات، واكبت النمور والتنينات الآسيوية (سانغفورة، التايوان، كوريا الجنوبية، ... الخ) لبعض الوقت الولايات المتحدة في هذا الدور "القاطرة": معدل نموها الاستعراضي شكل هدفا مهما بالنسبة لسلع هذه البلدان الأكثر تصنعا. لكن هذا "النجاح التاريخي" تأسس على اساس مديونية ضخمة قادت هذه البلدان نحو اضطرابات رئيسية ابتداء من سنة 1997 وفي نفس الوقت لاحظنا أن روسيا "الجديدة" "الديمقراطية" وجدت نفسها في وضع توقف عن الأداء مما احبط بقوة من راهنوا على "نهاية الشيوعية" من اجل تحقيق انطلاقة دائمة للاقتصاد العالمي.

في بداية العقد الأول للالفية الثالثة عرفت المديونية تسارعا جديدا، خصوصا بفضل النمو الهائل للقروض الرهنية الخاصة بالعقار في العديد من الدول، وخصوصا في الولايات المتحدة الأمريكية. فهذه الأخيرة بدأت في مضاعفة دورها "كقاطرة للاقتصاد العالمي" لكن بثمن نمو عميق لمديونيتها، - خاصة في وسط الجماهير الأمريكية – قائم على كافة "المشتقات المالية" المفترض توقعها لمخاطر التوقف عن الأداء. ورغم تشتت الديون المشكوك فيها لم يلغي دورها كسيف دمقليس المعلق فوق عنق الاقتصاد الأمريكي والعالمي. بل حدث تراكم "الأصول مسمومة" في رأسمال الأبناك كمصدر لانهيارها انطلاقا من سنة 2007 واكبه تراجع عنيف للاقتصادي العالمي سنتي 2008 و 2009.

4 – لكن، ليست الأزمة المالية هي مصدرا للأزمة الاقتصادية الحالية. بل على العكس من ذلك، فالأزمة المالية لا تقم سوى بتأكيد الهروب إلى الأمام في مجال المديونية التي أتاحت تجاوز الإنتاج الزائد والذي لا يمكنه ان يستمر بشكل لا نهائي. فآجلا أم عاجلا سينتقم "الاقتصاد الحقيقي"، بمعنى أن ما يشكل أساس تناقضات الرأسمالية: الإنتاج الزائد، وعجز الأسواق عن امتصاص مجموع السلع الزائدة المنتجة، عاد بقوة إلى الواجهة. وقد تأكدت هذه الرؤية بعد انعقاد قمة مجموعة العشرين في مارس 2009، بأن الهروب الى الأمام في مجال المديونية هو أحد مقومات عنف الانهيار الحالي، فالحل الوحيد الذي لا زالت البرجوازية قادرة على اعتماده هو هروب جديد الى الأمام في مجال المديونية. مجموعة العشرين لم تبدع علاجا للازمة لسبب بسيط هو عدم وجود علاج لهذه الأزمة.

ازمة المديونية السيادية تنتشر اليوم، انطلاقا من كون ان الدول غير قادرة على الوفاء بديونها، وهو مثال ساطع لهذه الحقيقة. الافلاس المحتمل للنظام البنكي والتراجع الاقتصادي ارغم جميع الدول على ضخ مبالغ مهمة في اقتصادياتها في الوقت الذي كانت فيه المداخيل في انهيار متواصل بسبب تراجع الانتاج. انطلاقا من هنا فإن عجز الميزانيات العمومية تزايدت بقوة في أغلبية الدول.

بالنسبة للدول الأكثر تعرضا لازمة المديونية، مثل ايرلندا واليونان والبرتغال، شكل حالة إفلاس كامنة، تمثل في عدم القدرة على سداد أجور موظفيها والوفاء بسداد مديونيتها. وقد أصبحت الأبناك تمتنع عن الموافقة على منحها قروضا جديدة، ان لم يكن بفوائد فاحشة نظرا لكونها لا تمتلك اية ضمانة لاسترجاع هذه القروض. كما أن مخططات الإنقاذ التي استفادت منها من طرف الابناك الأوروبية ومن طرف صندوق النقد الدولي أصبحت تشكل ديونا جديدة والتي يضاف سدادها إلى الديون السابقة. إنها أكثر من دائرة مغلقة، بل انحدار لولبي جهنمي. الفعالية الوحيدة لهذه المخططات يكمن في الهجوم غير المسبوق على العمال الذين يمثلونهم، وضد الموظفين الذين تقلصت اجورهم وتقلص عددهم بشكل كبير، لكن أيضا ضد مجموع الطبقة العاملة من خلال الاقتطاعات الكبيرة من الاعتمادات المخصصة للتعليم والصحة والمعاشات إضافة الى الزيادة الكبيرة في الضرائب والرسوم. لكن مختلف أشكال الهجوم المضاد على العمال من خلال الاقتطاع الكبير من قدرتهم الشرائية، لا يمكنها ان تشكل سوى خطوة أخرى نحو انهيار جديد.

5 – أزمة المديونية السيادية في خمسة بلدان هي البرتغال، اسلندا، ايرلندا، اليونان، اسبانيا، لا يشكل سوى جزءا يسيرا من الزلزال الذي يتهدد الاقتصاد العالمي. ليس لأنها لا تزال تستفيد لحد الآن من تنقيط ايجابي لدى مؤسسات التنقيط في مجال الثقة (نفس المؤسسات ضلت، حتى عشية انهيار الأبناك سنة 2008، تمنحها النقطة الأعلى) والتي تستفيد منها القوى الصناعية الكبرى بشكل جيد. في نهاية ابريل 2011 ، قدمت "وكالة سطاندار اند بوور", l’agence Standard and Poor’s نقطة سلبية في مواجهة آفاق مخطط Quantitative Easing n° 3 ، وهو المخطط الثالث للانطلاق الاقتصادي للدولة الفدرالية الأمريكية الهادف الى دعم الاقتصاد. وبعبارة أخرى، أصبحت القوة الاقتصادية العالمية الأولى معرضة لمخاطر تراجع "رسمي" لقدرتها على سداد ديونها، إذا لم يكن بدولار متدهور بشكل قوي.

وفي الواقع، وبشكل غير رسمي، بدأت هذه الثقة بالانحراف عقب قرار الصين واليابان منذ خريف 2010 بشراء مكتف للذهب والمواد الأولية بواسطة سندات الخزينة الامريكية التي تمتلكها الشيء الذي قاد البنك الفدرالي الامريكي الى شراء نحو 70 % الى 90 % من اصداراتها. ثم ان فقدان الثقة هذا يتأكد جيدا عندما نلاحظ المستوى الهائل الذي بلغته مديونية الاقتصاد الأمريكي: في يناير 2010، شكلت المديونية العمومية (للدولة الفدرالية، والولايات، والبلديات، ... الخ) حوالي 100 % من الناتج الداخلي الاجمالي وهو ما يشكل سوى جزءا يسيرا من المديونية العامة للبلاد (الذي يتضمن كذلك ديون الأسر والمقاولات غير المالية) حيث يرتفع هذا المبلغ إلى 300 % من الناتج الداخلي الإجمالي. والوضعية لم تكن أحسن بالنسبة للدول الكبرى الأخرى حيث بلغ مجموع الديون في نفس التاريخ مبالغ 280 % من الناتج الداخلي الاجمالي بالنسبة لألمانيا و 320 % بالنسبة لفرنسا و470 % بالنسبة لبريطانيا واليابان. وفي اليابان بلغ حجم المديونية العمومية لوحدها 200 % من الناتج الداخلي الاجمالي. ومنذ ذلك الحين، لم تزدد الوضعية وبالنسبة لجميع الدول الا تعمقا مع مختلف مخططات الانطلاق الاقتصادي.

وعليه، فان إفلاس دول مثل البرتغال واسلندا وايرلندا واليونان واسبانيا، لا تشكل سوى قمة كرة الثلج العائمة لإفلاس الاقتصاد العالمي والذي لم يحافظ على استمراره الا من خلال الهروب اليائس إلى الأمام نحو المزيد من المديونية. الدول التي تتوفر على نقدها الخاص مثل بريطانيا واليابان وبطبيعة الحال الولايات المتحدة الأمريكية استطاعت أن تخفي هذا الإفلاس من خلال طبع الأوراق النقدية (على عكس ما هو سائد في منطقة اليورو، مثل اليونان وارلندا أو البرتغال، الذين لا يتوفرون على هذه الامكانية). لكن هذا الغش المتواصل للدول التي أصبحت مزورة حقيقية للعملة وحيث أصبحت الدولة الأمريكية رئيسة للعصابة، لكن هذا الغش لا يمكنه أن يستمر الى ما لا نهاية بنفس الشكل حيث انفجرت أزمتها سنة 2008. ومن بين المؤشرات البارزة لهذه الحقيقة هو ذلك التسارع الحالي للتضخم العالمي. فعن طريق تحويل المجال البنكي نحو المجال الدولتي، فان أزمة المديونية لا تعمل سوى على تسجيل دخول نمط الإنتاج الرأسمالي مرحلة جديدة من أزمتها الحادة يبدوا أنها ستتعمق أكثر وبعنف أكبر وبامتداد أشمل لانعكاساتها. فليس للرأسمالية من مخرج من هذه "الدوامة" الجهنمية التي تدفع البروليتارية العالمية فاتورتها. ان هذا النظام لا يمكنه سوى جر المجتمع نحو بربرية في تفاقم دائم.

6 - إن عمق الأزمة وتناقضات نمط الإنتاج الرأسمالي وتحميل البرجوازية أعباء المديونية على كاهل الطبقة العاملة وعلى ظهور الشعوب المضطهدة من اجل إنقاذ ابناكها واحتكاراتها من الإفلاس، جعل الوعي الطبقي ينتشر بسرعة لدى البروليتارية العالمية التي بدأت تنظم نفسها وتقود هبات ثورية في كل مكان من العالم، منها على الخصوص الهزات الثورية التي شعوب شمال إفريقيا والشرق الأوسط، والتي تحملت لأكثر من خمسين سنة جشعا ونهبا واستغلالا مزدوجا فمن جهة استغلال الكومبرادوريات المحلية التي تحولت إلى عائلات مافيوزية حقيقية تمارس الاستغلال والاستبداد والإجرام في حق شعوبها ومن جهة ثانية استغلال ونهب الشركات متعددة الاستيطان الامبريالية التي تنقل الفوائض الاقتصادية نحو المتربول مكرسة في هذه البلدان واقع الأرض المحروقة وحيث يتم عبرهما إلقاء عبء الأزمة على الكادحين. فواقع هذا الاستغلال المزدوج كان ينتظر اقل شرارة لكي تشتعل نار الثورة في المنطقة بكاملها وهو ما حدث فعلا عندما أحرق الشهيد محمد البوعزيزي نفسه يوم 17 دجنبر 2010.