الحلقة الثانية:ملخص مسيرة الخط الماوي في تونس


محمد علي الماوي
2011 / 5 / 23 - 22:46     

الثمانينات
(اعادة بناء ظرفية ,الاعداد النظري والتنظيمي من اجل تأسيس حزب الطبقة العاملة -الصراع ضد حزب العمل الالباني وما خلفه من انشقاقات- بروز الاخوان على الساحة السياسية وفي الحقول الجماهيرية -عملية قفصة وعزلة النظام وتصدع الصراع من اجل الخلافة - وطرح مفهوم العنف الثوري-غزو لبنان والصراع حول المسالة القومية-صبر وشتيلا ومنظمة التحرير-انتفاضة الخبز 84 وقضية التمركز والانتشار واهمية الريف- ضرب الحركة الطلابية 85 والحركة النقابية والتعددية النقابية الاتحاد الوطني بوراوي - العلاقة مع الحركة الاممية الثورية85، واثارة النضال ضد القومجية والنقابوية,الصراع من جديد ضد التروتسكية الجديدة في الصحف العلنية-الصراع ضد الانحراف القومجي وبروز بذور الشرعوية اثر انقلاب 7- 11 الحسم في التصفوية ونبذ الاوهام المتعلقة بوعود الانقلاب الابيض))


اقترنت تجربة الثمانينات بخروج بعض العناصر من السجن اثر عملية قفصة-(المجموعة القومية التي تدربت في ليبيا وتسللت الى مدينة قفصة حيث حصلت مواجهات مسلحة مع الجيش-) بحيث اجبر النظام نظرا للعزلة التي كان يعاني منها عالميا وقطريا نتيجة تكتيك المقاطعة، اجبر على اطلاق سراح النقابيين والوطنيين والشيوعيين الذين تم محاكمتهم في أحداث جانفي 1978 وادخال مناضلي قفصة مسلسلين الى زنزانات سجن 9 افريل بالعاصمة.
وتمحور النشاط بداية الثمانينات حول قضية اعادة البناء التي سبق ان وضعت لبناتها الاولية داخل السجن وتشكلت قيادة وقتية على اساس عنصر الصمود في محلات البوليس لاغير دون مراعاة قضية التمكن من الخط ومن المستوى النظري والعملي فتواجدت عناصر من اصول بعثية واخرى من تكوين ماركسي لينيني وثالثة منحدرة من التجربة النقابية لاغير وهو ما جعل هذه العناصر " القيادية " غير متماسكة لا تربطها وحدة الارادة وظلت المسائل الجوهرية المطروحة محل صراعات لا تحسم بل تؤجل او تحسم بصفة توفيقية في انتظار ما سيفرزه الواقع وهكذا كان الخط الم الل يعارض دوما التوجهات الاقتصادوية النقابوية والتوجه القومجي العروبي بل وصل الامر في بعض الاحيان الى التهكم او المزح باتهام هذا العنصر بانه اممي والاخر قومي عروبي والثالث نقابي بيروقراطي...ويعكس هذا الوضع واقع الصراع بين الخطين الذي كان يشق التنظيم والذي كان لزاما على العناصر الم الل تفجيره ودفعه نحو الحسم حتى تقع تنقية الخط وفضح الأطروحات الغريبة عن مصلحة الطبقة العاملة وفكرها.
وقد ساهمت تجربة السجن في تطوير العديد من المسائل النظرية والعملية المتعلقة بمستلزمات تأسيس الحزب الشيوعي فطور الرفاق دراسة طببيعة المجتمع ووقع الرد على الطرح التروتسكي وهي دراسة وقع نشر جزء منها باسم " الناطق الرسمي" والداعية انذاك والذي لم يشارك طبعا في صياغتها ولا في اعدادها بما انه كان خارج السجن كما وقع انجاز دراسة خير الدين وعلى بن غذاهم في السجن كذلك ووقع اصدارهما لاحقا باسم نفس " الناطق الرسمي" وانجزت دراسة الحركة النقابية من محمد على الى حشاد مرورا بتجربة القناوي وحركة الشباب ونقد الحرية السياسية الخ...ثم دراسة بعنوان ردا على حزب العمل الالباني والمسالة القومية في الصراع ضد الانحراف القومجي وحقيقة التروتسكية الجديدة الجزء الاول والثاني...وقد وقع اصدار هذا الانتاج في نشريات داخلية للنقاش ثم في مجلة " دليل الممارسة " التي كانت تتمتع بايداع قانوني في باريس بفرنسا.
ورغم هذا التقدم في بلورة الفكر فقد ظلت الصراعات الداخلية كامنة تخفت او تحتد حسب متطلبات الظروف الموضوعية وحسب الأولويات في النضال اليومي ضد سياسة النظام او الصراع مع الانتهازيين . وساهم التركيز على الوحدة السياسية وعلى المشاركة في النضال الوطني والصراع الطبقي نسبيا في اهمال البعد الايديولوجي والوحدة الايديولوجية فكان من الضروري الوقوف الى جانب العديد من القطاعات وشن الاضرابات والتحركات كما انه كان من الحتمي التحرك في المناسبات الوطنية والنضال ضد السياسة الإمبريالية والصهيونية وهو ما متن الوحدة السياسية والتقارب السياسي بين العناصر رغم الخلافات كما ان قضية اعادة البناء على اسس اكثر صلابة من الناحية الامنية اخذت هي الاخرى حيزا كبيرا من النقاشات وأجلت باستمرار العمل وفق القواعد الحزبية المؤسساتية .واستغل التوجه الاقتصادوي النقابوي والتوجه القومجي وضع إعادة البناء وهوّلا من المسالة الأمنية ومن خطورة الضربة للحفاظ على شكل تنظيمي بدائي يتسم بالفردية وبسيطرة عناصر الإتصال على مجمل النشاط : فكانت العلاقات ثنائية أساسا, ترتكز على عنصر إتصال وهو العنصر السري وعنصر الدعاية وهو العنصر المرتبط بالقطاعات الجماهيرية والى جانب هذا الشكل الظرفي في إنتظار إعادة البناء نشطت الهياكل الأخرى تقريبا وفق المعارضات النقابية او الثقافية الخ... في المجالات الجماهيرية.ويعكس هذا الشكل التنظيمي الحرفية المقيتة من جهة والتهرب من التنظم الصريح وفق الخلايا الشيوعية أي خلية المؤسسة او الحي او الخلية الترابية من جهة أخرى كما انه لم يقع العمل بمبدأ المكتب السياسي او اللجنة المركزية...بل وقع إتخاذ شكل الندوات التي تجمع ممثلا عن الجهة وممثلا عن مختلف قطاعات النشاط وهي عناصر لا يتوفر فيها غالبا شرط التشبع بالخط بل يقع إختيارها على اساس امني- سري رئيسيا ,أي انها عناصر غير معروفة لدى البوليس ولا تجلب أي انتباه خلال تنقلاتها وبفعل الثقة المتبادلة بين عناصر الإتصال فانه يقع عزل العناصر المشاكسة او التي تثير نقاشات حول المواضيع المدرجة في جدول اعمال الندوات.
طرحت مثل هذه الأوضاع في العديد من المرات قضية الحسم في إعادة البناء التي طالت اكثر من 5 سنوات ووقع نقد التوجهات الإقتصادوية والقومجية تلك التي لا يرضيها العمل المؤسساتي وفق مبدأ المركزية الديمقراطية ولا وفق اخضاع الجميع الى المركز واذا اختلف المركز تعطل كل شيئ ولا ينزل الصراع الى القواعد بل ينشق المركز وتنشق القواعد وفق الولاءات العائلية او الجهوية . وتزامن نقد الحياد النقابي والشرعوية مع ضرورة ايجاد البرنامج السياسي والنظام الداخلي واندلعت الصراعات حول هذه الوثائق الأساسية بما في ذلك اعداد لوائح مؤتمر تأسيسي واصدار أهم مسائل التراث بصفة علنية وقانونية اما في الهجرة او في الداخل إن أمكن وأفضت هذه الصراعات التي دامت اكثر من سنتين الى الإتفاق حول برنامج يحمل في طياته بذور التصفوية وكان محل صراع أدى في النهاية الى اعلان الانشقاق والانقلاب على الخط واتهام الم الل الم بالتروتسكية والشرعوية الخ... خاصة بعد 7-11-الانقلاب الابيض في تونس-وأفرز هذا الوضع 3 مواقف متباينة :موقف عروبي متخونج سيقع بلورته لاحقا في الطرح التصفوي وموقف شرعوي نقابوي سيفضي الى تشكيل حزب قانوني تحت نظام الجنرال وموقف ماركسي لينيني سيعمل على اعادة بناء الحركة الشيوعية الماوية .
واتسمت هذه الفترة بالصراع ضد "الحس"(أي تكتيك الحرية السياسية) من جهة اذ هناك من حاول تطويره واعطاءه بعدا عربيا وهناك من اتجه نحو دحضه شكلا ومضمونا وتطوير البعد العربي للنضال من جهة ثانية ورغم الحسم في تكتيك "الحس" فان الإنحراف الإقتصادوي في شكله النقابوي ظل عالقا بالعديد من العناصر الحيادية المرتبطة سياسيا ببعض العناصر الشرعوية المدافعة عن النشاط القانوني تحت غطاء استغلال الإمكانيات القانونية . وفي اطار تطوير البعد العربي للنضال برزت الإنحرافات القومجية فطرح البعض مفهوم الأمة الخالدة الخ من الأطروحات البعثية التي وقع التصدي لها بكل حزم كما طرحت مسالة التواجد في البؤر الثورية اي التواجد في لبنان وفلسطين والنشاط في اطار الجبهات الفلسطينية وتحت قياداتها باتخاذ شتى التعلات مثل التمرس على المواجهة وتطبيق البعد العربي والإستفادة من تجارب الجبهات والإعداد العملي لتأسيس حزب شيوعي عربي الخ...
وتركزت الممارسة بالاساس على النشاط النقابي والجمعياتي الذي لا يتجاوز المستوى المطلبي في حين إتخذ النشاط السياسي البعد العربي من خلال التحركات والتظاهرات المساندة لفلسطين والمنددة بالصهيونية والإمبريالية عامة لان مثل هذه التحركات مسموح بها داخل الاتحاد العام التونسي للشغل وفي اطارعدد قليل من جمعيات"المجتمع المدني" . وفي ظل هذه الصراعات طرحت قضية الحزب من جديد وبكل إلحاح للخروج من مثل هذه العفوية وضرب التوجه الاقتصادوي من جهة والتصفوي الذي لبس جبة العروبة والاسلام من جهة ثانية واندلعت الصراعات من جديد حول البرامج والخطط التي يقع كتابتها وفسخها في الحين بما انها لا تتماشى ورأي الأغلبية وتتناقض وجوهر الخط الم الل وفي خضم هذه الصراعات لاحت بذور التناقضات إذ أصبح البعض يتحدث عن وطنية هذا النظام العربي او ذاك وتزامن ذلك مع إعادة الإعتبار للمطربة أم كلثوم وعبدالوهاب والتحدث عن وطنية الإخوان او تقدمية بعض الفصائل الاسلامية وتكررت مثل هذه المواقف في عدة قطاعات جماهرية مما دفع البعض الى اعلان الصراع ونقد التوجه القومجي دون التخلي عن البعد العربي للنضال ودون التخلي عن طرح الحزب الشيوعي العربي الذي حسب ما ورد في آخر برنامج يظل هدفا استراتيجيا ممكن التحقيق في ظروف معينة مع الاكتفاء بايجاد اشكال متعددة للتنسيق القار وتبادل التراث والتحاور حول الانتاج لأقرب الفصائل الم الل عبر ادوات مشتركة مهما كانت جنينية كالمجلة المشتركة او النشرية او عبر النات الخ...

غير ان الإنحراف القومجي اتهم كل من اعتبر طرح الحزب الشيوعي العربي طرحا تصفويا يهدف الى تأجيل تأسيس الحزب اتهمه بالتروتسكية وبمعاداة البعد العربي الخ من النعوت المجانية التي تخفي في الحقيقة رجعية الطرح وانتهازية العناصر اللاهثة وراء الانظمة العربية "الوطنية" والجبهات من اجل التمعش وادارة المشاريع لكسب المال تحت راية النضال العربي.

وتفجر الصراع في 87 مع حلول الانقلاب الأبيض(اقالة بورقيبه وصعود الجنيرال بن علي الى الحكم) وانتهي هذا الصراع بالقطيعة بين الطرح الم الل الماوي من جهة والطرح القومجي المتخونج من جهة ثانية –(انظر "التصفوية من المزايدة الى الانهيار"(وثيقة3)- وقد انضم جماعة الحياد النقابي الى هذا الطرح لأنهم يدركون ان أصحاب التوجه القومجي لاينشطون في الحقيقة الا في الحقل النقابي وهم يحاولون توظيف النشاط النقابي من أجل تمرير اطروحاتهم البعثية او الليبية او الحماسية-نسبة الى "حماس"- والمدافعة عن حزب الله والجهاد...
وإستغل التيار التصفوي" إهمال"-حسب رأيه- البعد العربي للنضال والتركيز بالاساس على المجالين النقابي والقطري ليطرح خطط مستحيلة الإنجاز مثل احباط اتفاقية مخيم داوود-"الخطة المعادية لكامب دفيد"-كما طرح الإنتقال الى المواقع الساخنة والنضال اساسا في فلسطين تحت قيادات قومية او اصلاحية وطرح خطة التطوع والهجرة الى فلسطين موقع احتداد النضال الوطني ولما طرحت قضية الحزب عارضها هذا الإنحراف بطرح الحزب الشيوعي العربي وحرب الشعب العربية على شاكلة المسيرة الكبرى وبذلك عارض تاسيس الحزب الشيوعي او فرع من الحزب العربي في تونس وتمسك بالحزب العربي منذ البداية وهو امر اتضح انه مستحيل حسب التحقيق الميداني آنذاك وحسب استعدادات المنظمات الم الل العربية ودرجة تطورها في هذا الاتجاه .
وقد عرف الفكرالم الل أحسن فتراته ما بين 78و 86وذلك رغم كل الصراعات التي عرقلت مسيرته فقد تمكن الطرح الوطني الديمقراطي من التواجد في جل الجهات وفي اهم النقابات واهم الاحياء الشعبية وفي الحركة التلمذية والطلابية وفي الحياة الثقافية من خلال النوادي والجمعيات المختلفة ويرجع الفضل الى العناصر الم الل الماوية التي نجحت في تنفيذ خطة التمركز ثم الإنتشار حسب الأولويات كما نجحت في تكوين كوادر شيوعية والعمل وفق المبادئ الحزبية في العديد من المواقع مما أجج الصراع ضد الحياد النقابي وضد الإنحراف القومجي لكن رغم إنتشار الطرح الوطني الديمقراطي فانه لم يقع إحكام التعامل مع هذا الكم البشري بحيث وقعت مسايرة العديد من الإنحرافات حفاظا على الوحدة السياسية او جريا وراء توسيع دائرة الإشعاع التي لم تكن تعكس الحجم الحقيقي للتنظيم الشيوعي الم الل ويعتبر سلوك مسايرة هذه الانحرافات ضربا من الليبيرالية وخطا فادحا علما وان مثل هذه الانحرافات لم تتبلور بعد ولم يقع التعبير عنها صراحة.
كما نجح التنظيم في توفير اصدارات قارة ساهمت في بلورة حد ادنى من الوحدة الايديولوجية والسياسية مثل المجلة القارة والجريدة التي اتخذت اسماء متعددة وحتى بعض النشريات القطاعية إضافة الى الدوريات التي لم يقع ترويجها بما فيه الكفاية على عكس الدراسات العلنية الصادرة عن النوادي والجمعيات او عن النقابات في اطار التكوين النقابي. وكانت العناصر الحيادية تبرر عدم ترويج الصحافة ذات الطابع السياسي- التنظيمي بالإعتماد على حجج واهية مثل عدم تخويف الجماهير او إحترام مشاعر الشعب وعدم البوح بالهوية الشيوعية التي تعني الإلحاد او بحجة ان هذه الاصدارات تتجاوز وعي الجماهير ولافائدة في ترويجها الخ من الحجج التي كانت تخفي في الحقيقة نزعة الحياد والتملص من الهوية الشيوعية فبقيت هذه الادوات في اطار ضيق لم تقم بدور الداعية والمحرض والمنظم وفي المقابل إنتشرت الدراسات العلنية في الصحف القانونية ونشريات النقابات والنوادي وإن لعبت مثل هذه النشريات دورا ايجابيا في المجال الواسع ولدى المبتدئين فانها ساهمت في نشر التوجهات الحيادية والمطلبية القطاعية وشجعت الإقتصادوية والحياد النقابي والثقافي...
اما على المستوى التنظيمي ونظرا لإختلاف واقع المستعمرات واشباهها عن وضع البلدان الراسمالية فانه لم يقع العمل بمبدأ الخلية المعملية والخلية الترابية بل وقع الإتجاه وعن وعي في البداية الى النشاط وفق معارضات موازية للاطر القانونية(نقابة ,ثقافة...) وكان الهدف من الإشعاع هو تكديس الأصوات وجر الناس الى الإنتخابات من اجل كسب المواقع ثم يقع من الموقع النشاط السياسي –ومثل نهذه الافكار تروج حاليا بين صفوف مايسمى بالأوطاد والأوطاج (الوطنيون الديمقراطيون والوطنيون الديمقراطيون بالجامعة).
ان عدم ايجاد الشكل التنظيمي المناسب وفق المبادئ الحزبية والتهرب من هيبة المؤسسات الحزبية أجلا بإستمرار تأسيس الحزب الشيوعي وأهملا الإعداد النظري والعملي للتربية الحزبية وركزا في المقابل على العلاقات الفردية والزعامتية التي تعكس في الحقيقة التخلف التنظيمي وسيطرة الفكر الجهوي والعائلي على حساب الإنضباط الحزبي فتطورت الإتصالات الخيطية والثنائية التي طمست جوهر الإرتباط التنظيمي وضربت بذلك مبدأ المركزية الديمقراطية والإنضباط الحزبي والنقد والنقد الذاتي وحل محل هذه المبادئ المجاملة والتربية الليبيرالية والدفاع عن العنصر قبل الدفاع عن الفكرة او الطرح.
فتح الخروج من الانعزالية والنضال ضدها المجال واسعا امام نزعة التوجه الى الحركة الشعبية وتقديم الوحدة السياسية في مواجهة الأعداء والإنتهازيين وهو ما وطد الوحدة السياسية ظرفيا بين عناصر منحدرة من تجارب مختلفة كالتجربة النقابية التي أفضت الى تحول ابرز العناصر الى عناصر بيروقراطية متمعشة من النشاط النقابي والتجربة القومية التي تحولت أبرز عناصرها الى عناصر في خدمة التيارات الاسلامية او القومية والتجربة الم الل الماوية التي شهدت هي الاخرى تفسخ العديد من العناصر من جراء الشعور بالإحباط- وانعكس هذا الوضع على الجانب الإيديولوجي الذي كان ضعيفا لا يتماشى وفكر الطبقة العاملة .وقد كشفت النشريات الداخلية هذا الضعف الفادح اذ احتوت في جوهرها على نصوص تعالج القضايا الذاتية مثل المسلكية والعلاقة مع افراد العائلة والموقف من الأعياد الدينية واستخدام الخادمة وقضية المساهمة المالية والتصرفات الليبرالية ونقد نمط العيش البرجوازي الصغير والأنانية والفردية الخ... من النصوص التي كانت تدل على محدودية الإلتزام الإيديولوجي بل تجسد واقع القطيعة بين المقول والممارس .كما عالجت النشريات الداخلية قضية الحياد النقابي ومفهوم الإستقلالية في النقابات وتأثر العديد من العناصر بالسلوك البيروقراطي النقابي الذي لاعلاقة له بطموحات الكادحين وليس من باب الصدفة أن نجد حاليا العديد من العناصر التي إنتمت سابقا الى الطرح الوطني الديمقراطي والى الحركة الشيوعية في مواقع المركزية النقابية متنفذة وممثلة فعلية للسلطة في الحقل النقابي رغم مواصلة المزايدة اللفظية لذر الرماد فى العيون والتظاهر بالوقوف الى جانب الكادحين في حين ان هذه العناصر البيروقراطية تقف وراء كل الإتفاقات الخيانية التي أمضتها من وراء ظهر الشغالين .
طرح الحسم في التصفوية من جديد توحيد الشيوعيين وقد ساهمت عناصر من مجموعة الصحافة سابقا والتي كانت جزء لا يتجزأ من التنظيم في فتح الحوار مع خلايا العمل الشيوعي وأدى هذا الحوار الى الوحدة وساهمت هذه الوحدة في دفع العمل وتوحيد القوى ضد الاطروحات الانتهازية .
و يرجع إذن فشل تأسيس الحزب في الثمانينات الى الإنحراف القومجي الذي تمسك بالنزعة الإنشقاقية بتعلة إيجاد حزب عربي الآن و فورا بمعزل عن واقع الحركة الشيوعية العربية كما طرح مفاهيم تصفوية الهدف منها التملص من تأسيس الحزب الشيوعي والبقاء تحت راية الأطراف الأخرى وتحديدا منها الإسلامية والقومية.
هوامش
وثيقة 3: التصفوية من المزايدة الى الانهيار,ورد في هذا الكتيب ما يلي: 1- نفي مبدأ الصراع الطبقي
2-الحياد النقابي والظلامية في شهر العسل,3 من تأجيل المهام الوطنية الديمقراطية الى تصفيتها,4 المفهوم التصفوي للحزب, 5 التصفوية تزايد بحرب الشعب العربية...
تونس 22 ماي- أيار-2011