الحزب الشّيُوعيّ الثّوريّ البرازيلي


السموأل راجي
2011 / 5 / 3 - 19:38     

أواصل التّعريف بالأطراف التي شكّلت في آب/أغسطس 1994 بالعاصمة الإكوادوريّة كيتُو النّدوة الأمميّة للأحزاب والمُنظّمات الماركسيّة اللّينينيّة وعددها 16 حزب ومُنظّمة ماركسيّة لينينيّة صادقت على الإعلان الختامي الذي سُمّي:طالإعلان الشّيُوعيّ لعُمّال وشعُوب العالم" وقُمت بترجمته ونشره،وإتّخذت من "وحدة وصراع" لِسانَا مركزِيًّا لها الهدفُ منها كما جاء في التّقديم الذي وضعته لها اللّجنة التّنسيقيّة للنّدوة"وتُؤطِّرُ النّشريّة صراع الآراء بين الشّيُوعيّين والثّوريّين،وتُساهِمُ في تبادل التّجارب ودفع الصّراع السّياسي في كُلّ قُطرٍ من أقطارِنَا وتُقدّم إجابات وتحاليل للظّواهر التي تتّصِلُ بشكلٍ أو بآخر بحياة البُروليتاريا والشُّعُوب"ونُشِر أيضًا تقدِيمُها.أحد مُكوّنات الأمميّة الشّيُوعيّة هو الحزب الشّيُوعيّ الثّوريّ البرازيليّ ونَشر ورقةً تعريفيّةً به وهذا مُحْتَواها:

في مدينة ريسيفي(العاصمة الفيدراليّة لإقليم بيرنامبوكو في الشّمال الشّرقيّ للبرازيل)،وفي سنة 1966،تأسّس الحزب الشّيُوعيّ الثّوريّ البرازيليّ على يد مجموعة من نُشطاء وكوادر الحزب الشّيُوعيّ للبرازيل الذين تناقضوا مع الخطّ المُنتهج من قِيادة الحزب؛ومُنذ الوهلة الأولى،باشر الحزب الشّيُوعيّ الثّوريّ نضالاً مريرًا ضدّ الإنحرافات عن اللّينينيّة داخل الحركة الشّيُوعيّة الدّوليّة،فمن ناحية واجه الردّة السّفياتيّة ومن ناحية أخرى واجه الخليط اليُسراويّ/التّعاوُنيّ للحزب الشّيُوعيّ الصّينيّ.وخلال الحراك النّضاليّ،أصبح من الضّروريّ على الحزب إعلان الإستقلاليّة عن كُلٍّ من خطّ مُوسكو وبيكين المُعادِيَيْن للّينينيّة،وهو ما ورد في ديباجة القانون الأساسيّ للحزب:"إنّ الفرز الكفاحيّ بين الشّيُوعيّين الثّوريّين البرازيليّين وبين التّحريفيّين والإنتهازيّين هو ضَرُورةٌ لا مناص منها ولا تراجع عنها".
تكوّنت النّواة الأولى للحزب من تجارب ومُراكمات مُناضلين وزعامات كفاحيّة منهُم المُناضل القرويّ أمارو لويز دي كارفالّو( Amaro Luiz de Carvalho) وشباب جامعات البرازيل العائد لساحة الصّراع مثل سلمى درابّو( Selma Drapeau)ومانويل دي مورا ( Manoel de Moura) فالمير كُوستا (Valmir Costa) وريكاردو زاراتِّيني (Ricardo Zarattin).في 1966،أعلن الحزب برنامجه المعروف ب:"رسالة 12 نُقطة" كأوّل وثيقة يُدافِعُ فيها عن الطّبقة العاملة كطليعة الثّورة الإشتراكيّة وديكتاتوريّة البروليتاريا في البرازيل.

من النّضال المُسلّح للكفاح الجماهيريّ.

أمضى مُناضِلُو الحزب الشّيُوعيّ الثّوريّ سبعة أعوامٍ من النّضال المُسلّح بكفاءة عالية خاصّةً في الحواضر الكُبرى وأحزِمة قصب السُكّر في أقاليم ألاغواس،بيرنامبوكو، بارايبا،وريو غرانده دي نورتي(Rio Grande do Norte) وترافق هذا النّمط النّضاليّ مع تنامي حملات توزيع بيانات ونُصًوص على أبواب المصانع ومع إضرابات طُلاّبيّة واسعة وهجمات خاطفة على ثكنات قُوّات القمع وإحراق حُقُول القصب المملوكة من المافيات.مع ضخّ الدّماء من جديد في الدّيكتاتُوريّة العسكريّة،خضعت العديد من المُنظّمات الثّوريّة التي ناضلت في سبيل عودة الدّيمُقراطيّة وإقامة الإشتراكيّة إلى حملات تصفية دمويّة لا نظير لها وإشتدّ القمع،وقاوم الحزب الشّيُوعيّ الثّوريّ ببسالة لكنّ الضّربات المُتلاحقة والتّصفية الجسديّة التي طالت عددًا من مُناضليه جعلته يتفكّكُ جُزْئِيًّا،فَفِي 22 آب/أغسطس 1971،تمّت تصفية الزّعيم القرويّ أمارو لويز دي كارفاللّو(Amaro Luiz de Carvalho) عبر دَسّ السًمّ في طعامه المُقدّم له في بيتٍ سِرّي أُعْتُقِل فيه وكانت صدرت في حقّه بطاقة بحث من وكالة المُخابرات المركزيّة الأمريكيّة كأحد مُلهمي حركات الفلاّحين إعتبارًا لترأسه الإتّحاد القَرَويّ بارايروس المعروف ب:"كابيبارا"(Capybara)،وبين 1971 و1972،تمّت تصفية أمارو بيريرا فيليكس(Amaro Pereira Félix)،وخلال شهرين،آب/أغسطس وسبتمبر/أيلول 1973،ألقت الشُّرطة القبض على ثلاثة قيادات من الصفّ الأوّل للحزب هُم:مانويل دي مورا ليسبوا،إيمانويلّو بيزّيرّامانويل دوس سانتوس(Emmanuel Bezerra Manoel dos Santos) ومعهم ألكسيُو(Aleixo) وتمّ تعذيبهم بوحشيّة ثُمّ قتلهم.
كانت خسارة هؤلاء الرّفاق الفادحة دَفْعًا لعموم الحزب نحو التجذّر أكثر فأكثر والوحدة الحديديّة والصّلابة التّنظيميّة إذ قدّمُوا بتضحياتهم مِثَالاً على التّسيير الجماعيّ داخل الحزب والدّيمُقراطيّة الثّوريّة والحفاظ على المبادئ الماركسيّة اللّينينيّة والقُدرة على صياغة الأهداف وتحديد المهامّ والتّوجيه.

رغم تلاحق الضّربات وحملات التّصفية،كان الحزب الشّيُوعيّ الثّوريّ يلعبُ دَوْرًا نضاليّا حاسِمًا في الجامعات البرازيليّة من أجل بناء الإتّحادات الطُلاّبيّة وتوحيدها في هيكَلٍ مركزيٍّ يجمعُ إتّحادات طُلاّب الأقاليم ونجح في ذلك سنة 1979 لِيَكُون نائب رئيس الإتّحاد الوطنيّ الطُلاّبي الرّفيق لويس هاوك(Louis Hawk) في مُؤتمر سنة 1981،وحاليًّا يشغل الرّفيق رئيس تحرير صحيفة "الحقيقة" إحدى صُحف الحزب.وكانت إحدى المحطّات الحاسمة في النّضالي الطُلاّبي الذي خاضه شباب الحزب الحملة التي عَقِبَت إيقاف وتعذيب الرّفيق إيديفال نونس(Nunes Edival Caja) الذي تمّ إختطافه في مدينة ريسيفي نظرًا لأنّه زعيم الإتّحاد الطُلاّبي لإقليم بيرنامبوكو وتمّ تعذيبه بعد 12 مايو/آيار 1978 إلاّ أنّ حملات التّضامن والإضرابات التي لم تنقطع وتعميم الإعلام بشكل واسع ساهم في خروجه في 1يونية/حزيران في السّنة التّالية وهُو الآن باحث سوسيُولوجي ورئيس مركز مانويل ليسبونة الثّقافي.
في يُوليو/تمّوز 1981،وبعد أن أعاد الحزب مواقِعَه وإنغرس جُزئِيًّا من جديد،وبعد نقاشات واسعة حول طبيعة المرحلة ونمط الإنتاج وتحديد التّناقُضات والثّورة وإشكاليّات التّنظيم،وفي سبيل وحدة الشّيُوعيّين،قرّر الحزب ومُنظّمة الحركة الثّوريّة 8أكتوبر((MR-8)) الإندماج،لكنّ الإتّحاد الجديد فَشِل نتيجة التوجّهات البُورجوازيّة الصّغرى التي طَفَت على السّطح والإنحراف التّدريجيّ عن الأهداف والمبادئ اللّينينيّة بما يخدم مصالح البورجوازيّة"الوطنيّة" المُناهضة إفتراضيًّا للإمبرياليّة،ومن هذا المُنطلق،ومُنذ فبراير/شباط 1995،وبعد جدل وصراع سياسيّ طويل وحادّ،قرّر طلائع الإندماج والنّواة الصّلبة الأصليّة للحزب الشّيُوعيّ الثّوريّ وحركة8 اكتوبر الشّرُوع في إعادة بناء الحزب.ومع إعادة إنبثاقِه،ولِأَوّل مرّة في تاريخ الحزب،تأسّست مُنظّمة شبابيّة مُستقِلّة ماليًّا وتنظيميًّا عن الحزب وتحت قيادته السّياسيّة والإيديولوجيّة هي"إتّحاد الشّباب الثّائر" (UJR).

في 1998،إنعقد المُؤتمر الوطنيّ الثّانيّ للحزب،لتخرج منه صيغة تنظيميّة أكثر صلابة؛قام خلاله المُؤتمِرُون برصد دقيق لتطوّر الرّأسماليّة ومسار الصّراع الطّبقيّ في البرازيل والعالم وحدّد المهامّ المطروحة على الحزب رَاهِنًا،وفي ديسمبر/كانون الأوّل من هذه السّنة ظهر العدد الأوّل من صحيفة "الحقيقة" وتأسّست الوكالة الصّحفيّة للحزب لتكون أهمّ أداة للدّعاية والتّحريض والتّعبئة والتّنظيم لعُموم الحزب الشّيُوعيّ الثّوريّ البرازيليّ.مُنذ ذلك التّاريخ والمُنظّمات الحزبيّة آخذة في النّمُوّ والإنغراس وَطَنِيًّا،وفي آب/أغسطس 2003،إنعقد المُؤتمر الثّالث للحزب ليُؤكّد على الخطّ الثّوريّ للمُؤتمر الثّاني ويقُوم بإدخال تحسينات وإتغييرات عميقة على النّظم والقوانين الدّاخليّة والأساسيّة.
سنة 2004،أصبح الحزب الشّيُوعيّ الثّوريّ يُمثّل البرازيل في النّدوة الأمميّة للأحزاب والمُنظّمات الماركسيّة اللّينينيّة (CIPOML) حاضنة إعادة بناء الأمميّة الشّيُوعيّة.
إنّ الحزب نتيجة لنضالات وتقاليد وسيرورة فكريّة وسياسيّة وُلِدَت في أوروبا مُنذ أواسط القرن التّاسع عشر وتحديدًا بعد صُدُور بيان الحزب الشّيوعيّ في 1848،وأيضا لمسار سياسيّ نضاليّ في البرازيل وُجد مُنذ عشرينات القرن العشرين وهو مسار الأحزاب الشّيُوعيّة،ومن هذا المُنطلق فإنّ جُذُور الحزب التّاريخيّة لا تُختَزل في الأمس القريب وإنّما هي تأكيدٌ على الخطّ الثّوريّ القادر على توجيه الطّبقة العاملة وجماهير البرازيل نحو ثورتها التي تُطيح بِسُلطة البُورجوازيّة وتُقِيم مُجْتَمَعًا إشتِرَاكِيًّا.

ترجمة السّموأل راجي
http://pcrbrasil.org/pcr/historia/