حركات التحرر الوطني... - 4 -


جميل عبدالله
2011 / 3 / 21 - 18:27     

إن مفهوم الثورة العنيفة الذي تحاول أن تطرحه الأنظمة الدكتاروية الرجعية الأصولية المتطرفة على حركات التحرر الوطني بدون مراعاة للظروف الملموسة في هذا البلد أو ذاك لا يمت بأي صلة إلى ثورات اليسار التحررية الماركسية , إن الانتهازيين يعترفون قولا بأشكال النضال المختلفة , ولكنهم لا ينادون عمليا إلا بالنضال المسلح بوصفة الوسيلة الوحيدة لتحرير الشعوب , ويحاولون أن يفرضوه على الجميع وفي جميع الأحوال , بصرف النظر عن الظروف والمكان والزمان .
من هنا نقول بان الثورات الحالية في العالم العربي هي جزء لا يتجزأ من الثورات العالمية :
إن توضيح دور الحركات التحررية الوطنية الموضوعية ومكانتها في عملية التطور الثوري العالمي يكتسب ألان أهمية ملحة نظرا لأنه ظهرت في الآونة الأخيرة شتى المفاهيم المدعوة إلى إعطاء تعليل نظري للدور الحاسم لحركة التحرر الوطني في العالم المعاصر , إن واضعي هذه المفاهيم ابتداء من التروتسكيين الجدد وانتهاء بالانتهازيين الظلاميين المتطرفين , يضربون على أوتار المشاعر القومية لدى الشعوب المناضلة ويستغلون الأمزجة القومية في أغراضهم الأنانية , ويضخمون قصدا وعمدا دور الحركات التحررية الوطنية وشأنها , ويحاولون عزلها عن سائر القوى الثورية في العصر الراهن , صراحة إن هذا الرأي قد صيغ باكثف نحو وثائق الأممية ألمسماه بالأممية الرابعة , فقد جاء في احد قراراتها : " بعد النهوض الثوري في وبعد صعود الموجه الاضطرابية في كل الدول الامبريالية , اللذين حدثا عقب انتهاء الحرب العالمية الثانية , طرأت تغيرات كبيرة على الحركة العمالية وعلى الظروف الموضوعية التي واجهتها في البلدان الامبريالية , وخلافا لتوقعات الاقتصاديين الماركسيين منهم وغير الماركسيين , تطور الاقتصاد الرأسمالي في البلدان المتطورة صناعيا , بما فيها اليابان تطورا لم يكن له مثيل بعد الحرب العالمية الأولى , إن هذا النهوض الاقتصادي القوي , وكذلك سياسة الخيانة والانتهازية التي سلكتها سيادة الطبقات العاملة في كل مكان والبيروقراطية في الدول الغربية وعدم وجود قيادة ثورية مناسبة , كل هذا جعل من الممكن استقرار الرأسمالية في الغرب بصورة مؤقتة ونسبية , ولهذا انتقل مركز الحركات الثورية الرئيسي موثقتا إلى البلدان المستعمرة والمحتلة والمضطهدة " .

حقيقة : إن الموضوعية القائلة بانتقال مركز الثورة العالمية إلى قطاع حركة التحرر الوطني , والتي يذود عنها الثوريون الجدد والانتهازيون المتطرفون الظلام يون الأصوليون , ليست جديدة ففي الحقبة الواقعة بين الحربين العالميتين , ظهر رأي مفاده أنة لو لا الممتلكات الاستعمارية الشاسعة الضرورية للتصريف , لكان النظام الرأسمالي قد انهار من زمان تحت ثقل ذاته , وان الامبريالية لن تقهر في قلعتها بل في المستعمرات التي هي انسب مطعن في الامبريالية العالمية واحتلال الدول جورا , إن أنصار وجهة النظر هذه الذين كانوا يستعظمون كذلك دور حركة التحرر الوطني في الثورة العالمية قد انطلقوا مع ذلك من فرضية تقول إن الطبقة العاملة وطليعتها تسيران على رأس نضال الشعوب المظلومة من اجل التحرر الوطني وذلك بمعزل عن البرجوازية الوطنية أو بتحييدها , إما لرنتصار للمعاصرون لما يسمى بنظرية " القارات الثلاث " , فإنهم خلافا للماركسيين الذين ربطوا أبدا ودائما انتقال مركز الثورة العالمية بنضال البروليتاريا , يعتبرون حركة التحرر الوطني برئاسة العناصر غير البروتاريا القوة الرئيسية في العملية الثورية العالمية , وهناك في الوقت نفسه شيء مشترك بين وجهتي النظر هاتين , ففي أساسهما يقوم مفهوم خاطئ يقول بانهيار الامبريالية انهيارا اوتماتيكيا بتأثير الحركة الثورية في المؤخرات الاستعمارية , بدون نضال الشغيلة في البلدان الرأسمالية المتطورة ولا سيما منهم الطبقة العاملة , غير أن تاريخ الحركة التحررية العالمية يبين أن مسألة انتقال مركز القوة كانت تحل كل مرة وفقا للوضع المتغير , فقد كتب ماركس ونجلس في بيان الحزب الشيوعي الأتي :
" إن انتباه الشيوعيين يتوج بصورة خاصة نحو الثورة ألمانيا لأنها على أعتاب ثورة برجوازية , ولأنها ستقوم بهذه الثورة في ظروف تكون فيها المدينة الأوروبية أكثر تقدما ورقيا , ومع البروتاريا المتقدمة النامية أكثر مما كانت علية في انكلترا في القرن ال17 وفي فرنسا في القرن ال18 , فالثورة البرجوازية الألمانية لا تكون بالتالي سوى بداية وتمهيد مباشر لثورة بروليتارية ".

الخلاصة والرأي الشخصي : إن أراء مؤسسي الماركسية , المكورة لا تترك أي شك في أنهم كانوا يربطون مسألة انتقال مركز الثورة العالمية بنضال البروليتاريا مباشرة , ويمكن الظن إن العقدة الأساسية لتناقضات الرأسمالية تتطابق مع مركز الكادحين التحررية طالما لم تحرز الثورة الاشتراكية النصر في بلد ما من البلدان وبعد انتصار الثورة الاشتراكية في بلد واحد أو في بضعة بلدان , يقوم مركز حركة التحرر العالمية سواء كان عربي أو غربي , كما تبين التجربة التاريخية , في البلد الاشتراكي والذي يمارس القدر الأكبر من التأثير , بفضل منجزاته السياسية والاقتصادية والاجتماعية , في التقدم الاجتماعي في العالم بأسرة , وهذا هو المفهوم لان بلدان الاشتراكية الظافرة تمارس تاثيرتها الرئيسية في التطور العالمي بسياستها الاقتصادية بقوة المثال , بالنجاحات الفعلية في المباراة الاقتصادية مع الرأسمالية .... انتهى الجزء " 4 " .

سلامتكم,,,

المصادر والأدلة:
1- أبحاث التخرج لدفعة التاريخ والعلوم السياسية لعام 1990م .
2- التيارات الاشتراكية الثورية في البلدان العربية والغربية .