حركات التحرر الوطني... - 3 -


جميل عبدالله
2011 / 3 / 21 - 08:50     

السمات الجديدة لثورات التحرر الوطني : إن تطور الحركة العمالية العالمية يتميز بخاصة هامة مفادها إن نضال الطبقة العاملة يجري أكثر فأكثر تحت شعار الكفاح ضد الاستعمار , دفاعا عن الشعوب التي تقع ضحية العدوان الامبريالي , فالشغيلة وجميع القوى التقدمية في كل مكان أسهمت بقسط خارق الشأن في قضية تحرر الشعوب المستعمرة واشباة المستعمرات , وفي دعم حركة التحرر الوطني , والحقيقة إن الأحداث الثورية التي تقع ألان في مختلف أنحاء العالم العربي وأدت إلى تصفية الأنظمة الاستبدادية والذي دام اغلبها إلى فترات تتجاوزال40 عاما , حيث كشفت أفاقا واسعة أمام تطورها في طريق الديمقراطية والاشتراكية , قد خلقت في الوقت نفسه ظروفا ملائمة لأجل تحرر دعائم الاستعمار الأخيرة , أي لأجل تحرر المستعمرات في كل مكان , وهكذا فان الشعوب قد ظفرت بالاستقلال الوطني الحر مثل تونس ومصر وليبيا واليمن وسوريا ... الخ .
إن العهد المعاصر قد أضفى على حركات التحرر الوطني سمات جديدة نوعية تميزها عن الثورات البرجوازية الديمقراطية في أواخر القرن ومستهل القرن !! حيث أنها لم تشمل يوما من قبل جماهير غفيرة وعددا كبيرا من البلدان كما هو الحال في الوقت الحاضر , وقد اكتسب نضال التحرر الوطني طابعا عالميا , بعد أن تخطى نطاق بلد بمفرده , وشمل ثلث سكان الأرض تقريبا , وهو موجه ألان لا ضد هذه الدولة الاستعمارية أو تلك , بل أيضا ضد الامبريالية وأنظمتها الاستعمارية برمتها , إن حركات التحرر الوطني العالمية التي نشأت في آن واحد تقريبا في رحاب شاسعة من العالم العربي بوصفها إحدى ظاهرات الأزمة العامة الرأسمالية والأنظمة المستبدة , تتألف من فصائل وطنية مختلفة بلغت مراحل مختلفة من التطور , الأمر الذي لا تشترطه الفوارق التاريخية والثقافية والاقتصادية بين البلدان الداخلية في قطاع حركات التحرر الوطنية فحسب ,بل يشترطه كذلك طابع الحركات ذاتها في هذا البلد أو ذاك !!, وتركيب المشتركين فيها الاجتماعي والطبقي ومستوى القيادة , إن النضال ضد العدو المشترك الامبريالية والاستعمار والأنظمة الدكتاتورية والأصولية , قد وحد في ائتلاف سياسي واسع جميع الطبقات والفئات الاجتماعية تقريبا , الأمر الذي يضفي على الحركات طابعا جماهيريا , وهناك في الوقت نفسه واقع موضوعي قوامة إن فئات وجماعات من السكان مختلفة من حيث المركز الاجتماعي تشترك في حركات التحرر الوطني وتحمل إليها تصوراتها وآراءها غير الواضحة وغير الدقيقة كفاية في أحيان كثيرة بصدد قضايا العصر , وأوهامها القومية والدينية ونواحي ضعفها وأخطاءها , وهذا الواقع يفسر بقدر كبير تعرجات سير النضال الوطني , ونقص الانسجام والمثابرة في تحقيق أهداف الثورة الوطنية , القريبة منها والبعيدة .إن حركات التحرر الوطني إن جاز التعبير المعاصرة قد ارتدت في الأساس شكل الدولة !! أي أنة تكونت منظومة من الدول السيدة الفتية التي وان كانت لم تتخلص بعد ونهائيا من رقبة الاقتصاد الرأسمالي العالمي , لم تعد تدخل بمعظمها مع ذلك كما من قبل , في نظام الامبريالية السياسي وان عدد كبيرا من الدول المستقلة في العالم سواء العربي أو الغربي تنتهج سياسة نشيطة معادية نوعا ما للامبريالية المخفية !! وتشترك مباشرة في حل أهم القضايا للبلدان الاشتراكية سياسة العدوان والحرب الامبريالية وتسهم في توطيد السلام والصداقة بين الشعوب .
تأكيد : إن الدول الامبريالية والأصولية تخاف تعاظم تأثير الدول الوطنية الفتية في السياسة العالمية وفي التغيرات التقدمية الطارئة على طابع العلاقات الدولية , وهي تود لو تعيق تطور الميول الديمقراطية العامة في السياسة الخارجية للبلدان النامية , ولو تشد هذه البلدان بقوة إلى عربة سياستها العدوانية , بدليل الأتي : إن احد مؤلفي الكتاب الذي صدر في الولايات المتحدة الأمريكية " السياحة الخارجية في الستينيات " يوصي الهند بالتخلي عن سياسة عدم الانحياز التي لا تستجيب , حسبما يزعم للوضع السياسي المتغير في العالم !! وبالاشتراك بنشاط في استعدادات الغرب الحربية في العالم !! ويحاول الأيديولوجيون البرجوازيين إقناع زعماء البلدان المتحررة الوطنين بان سياسة " عدم الانحياز " كان لها في مستهل الستينيات بعض الحق في الوجود !! ولكن هذا المفهوم " يغدو ألان وهميا جدا " وهم يأملون بان تصبح البلدان غير المنحازة , في نهاية الأمر , احتياطا في الإستراتيجية العالمية التي تنتهجها الامبريالية وأعداء الشيوعية , وفي هذا المجال يعلقون أمالا كبيرة على الانشقاق " العالم الثالث " , وعلى تصادم المصالح الوطنية للبلدان النامية نفسها , وعلى انشقاقها إلى تكتلات مختلفة في المستقبل , الأمر الذي يخلق كما تعتقد القوى الامبريالية , ظروفا ملائمة لأجل توسيع نشاطها في هذه المنطقة , إن الامبرياليين يدركون جيدا إن توطيد الأسس التقدمية للسياسة الخارجية التي تسلكها الدول الوطنية الفتية , وتعاونها الوثيق مع الدول الاشتراكية يضعفان مواقع الامبريالية العالمية ويقيمان حاجزا في طريق تحقيق مقاصدها العدوانية .
حقيقة ملموسة ألان:إن ثورات التحرر الوطني المعاصرة تصبح اشد عمقا من حيث طابعها, فمن قبل لم تكن تتخطى إطار الثورات الديمقراطية البرجوازية التي لم تكن تفعل, كما تبين مثلا تجربة إيران وتركيا التاريخية والحالية !! غير إن تمهيد السبيل أمام تطور الرأسمالية , إما ألان فقد ظهرت , بفضل تغير النسبة بين القوى الطبقية في المسرح العالمي , إمكانية تحول ثورات التحرر الوطني المعادية للامبريالية , بثورة سريعة نسبيا إلى ثورات معادية للرأسمالية إلى ثورات اشتراكية , حيث تتميز حركات التحرر الوطني المعاصرة بتنوع اكبر من حيث أشكال النضال واساليبة , والحقيقة إن كل شعب يختار بنفسه هذا أو ذاك من أشكال النضال وفقا لظروف بلده الملموسة ومستوى تطور الثورة الوطنية , وفي النضال ضد الامبريالية ومن اجل نيل الاستقلال الوطني وتوطيده , تلجا الشعوب إلى جميع الوسائل بما فيها الانتفاضة الشعبية العامة .إن اليساريين قد اعترفوا على الدوام ولا يزالون يعترفون بالأهمية الثورية لحروب التحرر الوطني وقد دعموها دائما ولا يزالون يدعمونها حتى ألان , فالمسألة لا تقوم في تفضيل شكل ما واحد من أشكال النضال , حتى وان كان شكل الانتفاضة المسلحة , بل في حسبان الحساب كليا لأحوال البلد بمعنى الملموسة , وللنسبة بين القوى السياسية وللعقلانية السياسية . وأيا كان الشكل الذي يرتدية النضال السياسي , فان نجاحه يتوقف في أخر المطاف على اشتراك الجماهير .

الخلاصة والرأي الشخصي : إن النضالات إذا لم تعتمد على التأييد الشامل من جانب الكادحين الذين لا بد لهم أن يقتنعوا بتجربتهم بالذات بصحة أشكال النضال المختارة , لا يمكنها أن تؤدي إلا إلى انعزال فصائل مسلحة صغيرة عن الجماهير الشعبية , وعدم نرعاه هذا يلازم النزعة إلى الفتنة والنزعة البرجوازية الصغيرة إلى المغامرة ... سلامتكم,زء " 3 " .

سلامتكم ,,,

المصادر والأدلة:
1- أبحاث التخرج لدفعة التاريخ والعلوم السياسية لعام 1990م .
2- التيارات الاشتراكية الثورية في البلدان العربية والغربية .