عن أيّ سُقُوط لليَسار رفيقي تتحدَّث؟!


السموأل راجي
2011 / 3 / 16 - 00:29     

كتب الرّفيق سَلامة كيلة نَصًّا بعنوان:يساريّو تونس ومصر: سقوط مدوٍّ،تَمَّ نشره بجريدة الأخبار التي حجبها نظام بن عليّ زمنًا وصَدر بالعدد 1362 الاثنين 14 آذار 2011.
أطلق الرّفيق مُصادرةً مُنذ الإعلان عن العنوان وتفاجأت فِعْليًّا وإطّلعت على ما كتب فوجدتُنِي مُرغَمًا على الردّ والتّوضيح لذلك أقول:كان الرّفيق يتحدّث عن أحزاب ليبراليّة مُنذ المُنطلق وأدخلها قَسْرًا في خانة اليسار رغم تبنِّيها في أرضيّاتها الحِزبيّة وبرامجها لخيار إقتصاد السُّوق وتطليق حركة التّجديد التُّونسيّة للماركسيّة هذا إذا كانت تتبنّاها من قبل أصلاً مُنذ قبل نهاية التّسعينات وكتب أمينها العامّ آنذاك قائِلاً:لقد أنهى الحزب الشُّيوعي مهامّه التّاريخيّة وصرّح قادة الحركة أكثر من مرّة عن القطع نِهائِيًّا مع الماركسيّة وعن ضرورة تبنّي خيارات إقتصاد السُّوق في زمن العَوْلَمة ولا يَختلف عنها الحِزب الدّيمُقراطي التَّقدّميّ الذي كان يَحِملُ إسم:التجمّع الإشتراكيّ التقدّميّ المُنبَثِق عن إنشقاق قاده نجيب الشّابيّ ومن معه عن مُنظّمة العامل التُّونسيّ وفحوى صراعه معها عدم تضمّن الماركسيّة اللّينينيّة ما يكفي حول المسألة القوميّة وخلاف كبير حول طبيعة المُجتمع وفشل طَرح ديكتاتوريّة البروليتاريا ومسائل تُحيلُه وُجُوبًا للحضيرة اللّيبراليّة التي دَخَلها نهائيًّا مُنذ تحوُّله للحزب الدّيمُقراطيّ التّقدُّميّ الذي إشتمل في لجنته المركزيّة على عناصِر نيوليبراليّة وبعض وُجُوه التّشكيل الفاشيّ الحاكم المُنشقِّين عنه وأطراف قَومِيّة وأعلن عن برنامجه فكان خِيَار السُّوق الحُرّ بلا جِدال مَع تَدُخّل الدّولة كما جاء في لائحة مُؤتَمرِه التّأسيسيّ.
لا أختلف مع الرّفيق سلامة كيلة في أنّ سُقوط كِلا التّنظيميْن مُدوِّي وأنّ كِليْهِمَا قَد دَخَلاَ مَرْحَلةَ المَوْت خاصّة بعد مَوْجة إستقالات واسعة وطرد المُواطنين لهُم مِن بعض التّجَمُّعات التي إعتزموا عَقْدَها،ولكن،هل هذا مُبَرِّرَهُ لتعميم العناوين على كًلّ طيْف اليسار؟؟لقد كانت جبهة 14 يناير مثَلاً حَامِيَةً فِعلِيّة لمَسار الثّورة وكستها بطابعها اليساري وأطّرتها بالبرامج وأطلقت إعتصَام القَصبة الثّاني بعد قَمْع الأوّل بوَحْشِيَّة تُحيل للأذهان مشاهد قنابل بن عليّ الفرنسيّة وهي تقُوم بالإعداد لإعتصام القصبة الثّالث للقطع مع مُحاولات الإلتفاف على الثّورة من قِبَل قِوى الرِدَّة والرّداءة ولا أحد قادر على نفي دور فصائل اليسار في إجبار قيادة إتّحاد الشُّغل البيروقراطيّة على التّماهي مع نبض الشّارع رغم مُحاولاتها الإنصِيَاع لوِجهة حُكومة المافيات ولا يَخْفى على الرّفيق سلامة أن الإتحاد مُنظّمة نقابيّة مِهَنِيّة جامعة شاملة لكلّ الأطياف والشّرائح فكانت المواقف خاضعة لموازين قِوى وقُدرة كُلّ طرف على التّأثير وعبر كُلّ الفترات السّابقة كانت البيروقراطية ووراءها سُلطة القمع بالمرصاد لليسار العامل نقابِيًّا ووُجُوده الحاليّ هو تعبِير عن مُراكمات القمع والتّخريب الذي طال كُلّ مُنَظّمات المُجتمع المدنيّ والقوى المُناضلة فيها وعلى كلّ الواقع الحاليّ والحملة الإعلاميّة ضدّ جبهة 14 يناير وأساسًا بعض القِوى فيها يكشف عن دور اليسار وحجمه وصلابة مواقفه وهو لم يسقط بقدر إرتقائه لمرتبة قيادة المَرحَلة والتّأثير الميداني.

أمّا عن مِصْر،فلم أجد ذِكْرًا لتنظيمات وإنّما إستقراء سريع لما حَصل ويَحْصُل ولا ذِكْرًا للتّنظيمات الشّبابيّة اليساريّة ولا فصائل العمل الماركسي في مصر ولا قِرَاءَةً موضوعيّة ملموسة في الأدبيّات الصّادرة من تشكيلات مُتعدِّدة كُلّها مُصنّفة يساريًّا،،قد أتّفق مثلاً في إنهيار قيادة التجمّع مثلاً وفي الدّور المُخزي لرفعت السّعيد ومُشتقّاته،وقد أتّفق في محدوديّة النتائج وحجم التّأثير وهذا يتطلّب دراسة مُستفيضة وأسئلة حارقة أجاب عنها مثلاً الزّميل إلهامي الميرغني في حواره على موقع الحوار المُتَمدّن،لكن التّعميم في العنوان وعدم مُطابقته للمُحتوى في المقال كان أكبَر من أَنْ يُقْبَل،وشرط التّحليل وإصدار الأحكام هو الإلتزام بمبدأ التّحليل المَلْمُوس لواقِعٍ مَلْمُوس وليس إطلاق مُصادَرة قائمة على قراءة اللّحظة الرّاهنة المَحْكُومة بالتّغيير الدَّائم وقرارات مُتتابعة وِفْقَ موازين قِوى ومدى صلابة الشّارع،أمّا عن الإخراج الأمريكي عبر مُسلسل دمَاء سالت فهو بعيد المنال وقد أقبل مَثَلا تدخّل مافيا واشنطن/باريس في تحديد حُكومات لكن الإطاحة بهذه الحُكومات لم يَكُن بيدها ونضالات الطّبقات الكادحة خارجٌ عن نطاقها ولن ينسى الأحرار في كِلاَ البلدين تِلْكَ الدّماء والنّضالات الحاليّة مجراها تكريس ديمُقراطيّة فِعْلِيّة غَصْبًا عن إرادة زبالة البُورجوازيّة الصُّغْرى وعن أعرافهم في الضفّة الشّماليّة للمُتوسّط وما وراء الأطلسيّ.

السّموأل راجي