التأهيل الثوري


الاخضر القرمطي
2011 / 2 / 8 - 22:47     


التأهيل الثوري*
سيرجي نيتشايف**
تعريب الاخضر القرمطي
التأهيل الثوري
واجبات الثوري نحو ذاته
1- ان الثوري هو شخص ملتزم. لا اهتمامات خاصة به ، ولا اعمال تجارية، لا عواطف، ولا ارتباطات، لا يتملك ولا اسم له. ان كل ما يختزنه لا يتعلق سوى بفكر اوحد وبعاطفة متفردة لاجل الثورة.
2- يعلم الثوري انه في اعماق اعماقه، ليس بالاقوال فقط بل بالفعل، قد قطع كل الصلات التي تربطه بالنظام العام وبالعالم المتمدن بكل قوانينه واخلاقياته وعاداته، وبكل معتقاداته المعترف بها. ان الثوري هو عدوها الصلب، وان ظل يعيش معها فذلك بهدف تدميرها بشكل اسرع.
3- يحتقر الثوري كل العقائد ويرفض القبول بالعلوم الدنيوية، تاركًا اياها للاجيال القادمة. لا يعرف الاً علمًا واحدًا: علم التدمير. ولهذا السبب فقط، سيدرس الميكانيكا، والفيزياء والكيمياء وربما الطب. ولكن، ليلاً نهارًا، سيدرس العلم الحيوي للبشر، صفاتهم وظروفهم، بكل المتسويات الممكنة في وجودهم الاجتماعي.
الهدف الدائم هو ذاته: الطريق المؤكد والاسرع لتدمير كل النظام القذر.
4- يحتقر الثوري الرأي العام. يكره الاخلاقيات الاجتماعية السائدة وكل مظاهرها. بالنسبة له، الاخلاق [الحقة] هي كل ما يساهم بانتصار الثورة. وكل ما يقف بوجهها سيكون لااخلاقي واجرامي.
5- باعتباره شخصًا ملتزمًا، لا يملك الثوري اية رحمة تجاه الدولة و تجاه كل بنية المجتمع المثقف؛ ولا ينتظر الرحمة منهم. وما بينه وبينهم هناك، بشكل علني او مخفي، حرب قاسية ،لا بد منها، حتى الموت. [لذلك] عليه ان يدرّب نفسه لتلقي التعذيب.
6- قاس ٍ تجاه ذاته، على الثوري ان يكون قاسيًا تجاه الآخرين. و على كل الصفات اللطيفة و الضعيفة للقرابة والحب والصداقة والامتنان وحتى الشرف،ان تـُـقمع ليـُـفسح المجال للمشاعر الباردة و العنيدة المرتبطة بالثورة. بالنسبة له، لا وجود الا للذة وحيدة، لعزاء وحيد، لجائزة متفردة، لرضاء فريد: انتصار الثورة. في كل وقت، لن يملك سوى تفكيرًا واحدًا وسوى هدفًا واحدًا: التدمير الذي لا يرحم.وبكفاح دموي لا يُكسر، عليه ان يحضّر نفسه [حتى] لفناء نفسه، وليفني، بكلتا يديه، كل ما يعيق طريق الثورة.
7- ان طبيعة الثوري الحقيقي تستدعي التخلي عن كل هيام عاطفي ورومانسي. كل كراهية او انتقام خاص يستدعي الاقصاء.ان المشاعر الثورية، والتي يعيشها كل لحظة حتى تصبح عادة، يتم توظيفها بحساب دقيق.
في كل الاوقات، وفي كل الامكنة، على الثوري ان يخضع، لا لدوافعه الذاتية، بل، وفقط، لتلك التي تصلح كدرب للثورة.
علاقة الثوري برفاقه الثوريين
8- لا يمكن للثوري ان يكوّن صداقة او علاقة، باستثناء مع هؤلاء الذين اثبتوا، بافعالهم، انهم مثله مكرسين للثورة. ان درجة الصداقة، الاخلاص والواجب تجاه رفاق كهؤلاء، تـُحدَد، فقط، بدرجة فائدتهم للتدمير الثوري الكلي.
9- سيكون كلامًا زائدًا ان نتحدث عن التضامن بين الثوريين، فكل قوة العمل الثوري يكمن في ذلك. على الرفاق الثوريين، الذين يمتلكون نفس المشاعر الثورية والفهم [الثوري]، ان يتشاركوا، بقدر الامكان، في كل الامور الهامة ليصلوا الى خلاصات جماعية.عندما يتم وضع الخطة نهائيًا، على الثوري ان يعتمد، فقط، على نفسه.
10- “ادنى” من كل الرفاق، هناك ثوريون من الدرجة الثانية او الثالثة..الخ وهؤلاء هم رفاق غير مبادرين بعد. و يُعتبرون كجزء من الرأسمال الثوري المشترك الموضوع بتصرف الرفاق.وهو رأسمال يجب ان يكون مستهلكًا بشكل اقتصادي، بقدر الامكان لكي يؤمّن الربح الاقصى. يجب على الثوري الحقيقي ان يعتبر نفسه رأسمالٍ مكرّس لاجل انتصار الثورة؛ وعلى اية حال،لا يستطيع التصرف شخصيًا بهذا الرأسمال بدون اتفاق عام من الرفاق المبادرين.
11- عندما يكون احد الرفاق في خطر، ويطرح السؤال حول انقاذه او لا، فان القرار يجب الا يتخذ بناءًا على العاطفة، ولكن بشكل متروٍ وبما يناسب مصلحة قضية الثوار. ولهذا السبب، من الضروري التنبه بدقة الى مدى الخسارة التي قد يتسببها انقاذ هذا الرفيق، في ما يتعلق بالقوات الثورية، وعلى القرار ان يتخذ بالعلاقة مع ذلك.
الثوري، المنظمة الثورية والمجتمع
12- ان العضو الجديد، وبعد ان يكون قد قدّم البرهان على ولائه، بالافعال لا بالاقوال، يمكن ان يرحب به في المنظمة فقط بالموافقة العامة لكل الاعضاء.
13- يدخل الثوري الى عالم الدولة، عالم الطبقات “الراقية”، الى ما يسمى الحضارة، ويعيش في هذا العالم فقط من اجل هدف واحد هو تدميره بشكل سريع وكلي. لن يكون ثوريًا ان كان ما يزال يميل الى هذا العالم. عليه الا يتردد في تدمير اي موقع، اي مكان، او اي شخص في هذا العالم. عليه ان يكره الجميع وكل شيء فيه بشكل متساوٍ.
وكل المساوىء تكمن في بقاء اي علاقة له مع اهل، اصدقاء او احباء؛ ولن يكون ثوريًا ان تذبذب بين هذه العلاقات.
14- بهدف الوصل الى الثورة المتشددة، قد يعيش الثوري وكثيرًا ما يفعل ذلك، في مجتمع يتظاهر بانه لا يعارض بالكامل حقيقته، وذلك لكي يدخل الى اي مكان، الى كل التشكيلات الاجتماعية العليا والمتوسطة، الى مؤسسات السوق التجاري، الى الكنيسة، الى عقارات النبلاء، الى عالم البيروقراطيين والجيش؛ الى عالم المثقفين…
15- يمكن التمييز في هذا النظام الاجتماعي القذر عدة فئات:
a. الفئة الاولى، تضم اولئك الذين يجب ان يحكم عليهم بالاعدام. وعلى الرفاق ان يجمعوا لائحة باسمائهم [وترتيبهم] ليعدموا على اساس شدة جرائمهم؛ وتنفيذ الاعدام يكون بشكل يتناسب مع [ترتيبهم المسبق].
وعندما تتشكل لائحة بهؤلاء، لا يجب الاخذ بعين الاعتبار اي شعور بالحنق، ولا يجب الالتفات الى اي كراهية قد يوجهها هؤلاء الى الرفاق والى الناس.
ولكن الكراهية والغضب قد يكون مفيدًا بشكل مؤقت في تحريض الجماهير وتأجيج غضبها. من الضروري ان تقاس فائدة الاعدامات بالنسبة لمصلحة الثورة. وقبل كل شيء، يجب قتل كل هؤلاء الذين يعادون قبل غيرهم التنظيم الثوري. قتلهم الفجائي والعنيف سيؤدي الى رعب كبير داخل السلطة بسبب التخلص من اكثر اعضائها حنكة وقوة.
b. الفئة الثانية تضم من سيؤجل اعدامه في الوقت الحالي وذلك بسبب انهم قد يوصلون الناس الى الثورة الحتمية لاعمالهم الوحشية.
c. الفئة الثالثة تشمل عدد كبير من الوحوش في المواقع العليا، ويتميز هؤلاء لا بذكائهم او بنشاطهم بل بثروتهم، وتأثيرهم وسلطتهم ومركزهم العالي بفضل رتبتهم. يجب استغلال هؤلاء بكل الوسائل المتاحة؛بتوريطهم في شؤوننا، بالكشف عن اعمالهم القذرة ليتم تحويلهم الى عبيد.
ان قوتهم وتأثيرهم واتصالاتهم، كما غناهم وطاقتهم، ستشكل كنـزًا لا ينضب ومساعدة ثمينة لنا في اعمالنا.
d. الفئة الرابعة تشمل الموظفين الاداريين الطموحين والليبراليين من مختلف اطياف الآراء. على الثوري ان يتظاهر بالتعامل معهم، يتبعهم بصورة عمياء، بينما في الآن نفسه يكشف اسرارهم حتى يصبحوا تحت سلطته. يجب ان يصلوا الى يقين ان لا خلاص لهم، ليستعملوا في خلق الفوضى داخل الدولة.
e. في الفئة الخامسة نجد اولئك العقائديين، المتأمرين والثوريين والذين يرسمون اعظم الصور على الاوراق في حلقاتهم. وعليهم ان يقادوا دومًا لبناء تصريحات مساومة: بالنتيجة القسم الاكبر منهم سيُقتل، بينما تصبح اقلية منهم ثوريين حقيقيين.
16- الفئة التالية هي على درجة عالية من الاهمية: النساء. ويمكن تصنيفهن الى مجموعتين رئيسيتين:
a. اولاً، اولئك النساء المهملات والطائشات والغبيات، واللواتي يجب استعمالهن كمثل الفئتين الثالثة والرابعة من الرجال.
b. ثانيًا،النساء المتحمسات والقادرات والمكرّسات، ولكن لا ينتمين الينا لانهن لم يصلن الى درجة من الفهم الثوري الذي لا يرحم. يجب استغلالهن كمثل الفئة الخامسة من الرجال.
c. في النهاية يمكن التكلم عن اولئك النساء اللواتي يقفن الى جانبنا.بمعنى آخر الملتزمات واللواتي وافقن على برنامجنا بالكامل.علينا ان ننظر اليهم على انهن الاغلى او ككنز لنا. بدون عونهن لا يمكن ان ننجح.
موقف المنظمة [الثورية] تجاه الشعب
17. ليس للجماعة هدف سوى تحرير وسعادة الشعب أي العمال. باقتناعها ان تحريرهم وسعادتهم لا يتحققا الا نتيجة للثورة الشعبية المدمرة، على المنظمة الثورية استعمال كل طاقاتها ومواردها لتشديد وزيادة شرور وبؤس الشعب حتى يفقد صبره ويقاد الى انتفاضة عامة.
18. بكلمة ثورة، لا تعني المنظمة الثورية ثورة نظامية على النمط الغربي الكلاسيكي—ثورة سرعان ما تقف عند حدود مكافحة حقوق الملكية والانظمة الاجتماعية التقليدية لما يسمى الحضارة والاخلاقية. حتى الآن، ثورة كهذه حددت نفسها بان قلبت نظام اجتماعي لتحل محله نظام آخر، محاولة اقامة ما يسمى بالدولة الثورية. الشكل الوحيد للثورة المفيد للشعب هو حيث يتم تدمير الدول بالكامل وجذريًا، وابادة كل التقاليد الدولانية، المؤسسات، والطبقات.
19. بنهاية هذه الرؤية، ترفض المنظمة الثورية ان تفرض أي تنظيم جديد من فوق. واي تنظيم مستقبلي سيعمل بلا شك بحسب حركة وحياة الشعب. وهذا امر يترك للاجيال المقبلة. مهمتنا هي التدمير الرهيب ، الشامل، الكلي و لا رحمة فيه.
20. لذا، ولكي نقرّب الامر الى الشعب، علينا قبل كل شيء ان نصنع قضية مشتركة مع تلك العناصر من الجماهير التي، ومنذ اقامة السلطة ، لم تتوقف عن الاحتجاج، ليست بالكلمات بل بالفعل، ضد كل شيء يتعلق بالدولة بشكل مباشر ام غير مباشر: ضد النبالة، ضد البيروقراطية، ضد الكهنة، ضد تجار الذهب وضد الفلاحين الاغنياء الطفيليين. علينا ان نتوحد مع روابط منتزعي الملكية المغامرين، الثوريين الحقيقيين.
21. أنّ نوّحد هذا العالم في قوة مدمرة لا تقهر—هذه هي منظمتنا، مؤامرتنا ومهمتنا
________________________________________
*النص الاصلي: http://kropot.free.fr/Netchaiev-catechismeR.htmا
**سيرجي جيناديفيتش نيتشايف (1847م – 1882م) أحد نشطاء الحركة الثورية الروسية. مؤسس جمعية سرية باسم "التصفية الشعبية". مؤلف كتاب "تأهيل الثوري". استخدم طرق التضليل والتآمر. قام العام 1869م بقتل أحد الطلاب في موسكو بسبب الشك في خيانته، وفر إلى خارج روسيا. قبضت عليه السلطات السويدية العام 1872م وسلمته إلى الحكومة الروسية. وفي العام 1873م حكم عليه بالسجن لمدة 20 عاماً. مات بالسجن