الايدولوجيا الفاشية


جميل عبدالله
2011 / 1 / 26 - 23:34     

الايدولوجيا الفاشية

" إذا أردتم حياة أفضل ...فقاتلوا للحصول على مستعمرات " .. هتلر

لابد من القاء بعض الضوء على الخطوط العامة للفاشية ومحتواها الفكري الأيديولوجي كي نتمكن من تقدير أهمية الصراع ضد الفاشية , وذلك لما تحتويه من أهداف وأفكار معادية للإنسانية والبشرية عامة , كما وان إدراك محتوى النازية يعني إدراك محتوى الصراع ضد النازية .
تأسس نظام الفاشية لأول مرة في التاريخ في ايطاليا عام 1922م وبعدها ظهر في ألمانيا عام 1933م تحت قناع " الاشتراكية الوطنية " , وفيما بعد أصبحت الفاشية اقوي أشكال الرجعية في العالم , والفاشية ذات محتوى فكري بائس , " إن الأيديولوجية الفاشية هي : اللاعقلانية , والشوفينية , والتميز العنصري , والظلامية , واللاانسانية " .
كان هتلر يعبر عن هذه الأيديولوجية في حربة المسعورة حيث اعار اهتماما بالغا للدعاية في حربة , فهو يقول في كتابه " كفاحي " إن الدعاية سوف تكون سلاحا رهيبا في يد الإنسان الذي سوف يعرف كيف يستخدمها . كان هتلر والفاشية يمجدان الإنسان الألماني والعرق الألماني حيث رفعت الفاشية من مكانة العنصر الألماني , وكذلك تكن كرها شديدا للأجناس " المنحطة " أي كل إنسان غير جرماني , " تستند الفاشية على النظرية العرقية والتي مفادها أن برجوازية هذه الأمة أو تلك بحكم انتمائها إلى العرق الأرفع لها الحق في إقامة سيطرتها على الأمم الأخرى المنحدرة من الأجناس الدنيا " . والى هذه النظرية استند الهتلريون في تبرير طموحاتهم للسيطرة على أراضي الغير . إن حرب هتلر وفلسفته تقومان أساسا على جدلية حربة التي تعتمد على الإشادة والهدم والكفاح الدامي في الجبهة الداخلية والجبهة الخارجية وقيادة الأمة الألمانية المضطهدة والمحاصرة إلى الثورة ضد الرأسمالية وقوى الشر , وعلى الأخص , اليهودي الذي يتحد ذاتيا مع كل الدول التي تعادي توسع الرايخ الثالث تلك هي باختصار عقيدة هتلر وفلسفته في الحرب والحياة .
تكافح الفاشية دائما ضد الإنسانية والشيوعية , ففي الحرب النفسية على الجبهة الغربية قامت أساسا على مبدأ محاربة الشيوعية والارشادة بالدور التحرري الذي تقوم به الجيوش النازية , لقد حشدت النازية ثلث قواتها على الجبهة السوفيتية إلا أن القوات السوفيتية خاضت أبسل وأشجع مقاومة عرفها التاريخ إذ أنها اعتمدت على الكفاح الإنساني العادل .. ولما كانت الجدلية الماركسية اللينينية هي حركة التاريخ نفسه , فان كل شيء في الوطن السوفيتي قائم على التوعية من الداخل , وتحرير الشعوب من الخارج حيث كانت المهمة الأساسية للحرب السوفيتية هو إضعاف روح الألمان المعنوية , عند هزيمتها في الحرب العالمية الثانية , تخاطب أوروبا باجمعها بان هزيمة ألمانيا أنها سوف تؤدي باروبا كلها إلى البلشفية , يقول والتر اولبرخت محللا الفاشية الألمانية ونزعنها الشوفينية : " لقد دفعت اثنتا عشرة سنة من الفاشية إلى اشد الكوارث هولا , فأضحت مكروهة من العالم قاطبة ومعزولة من قبل البلدان الديمقراطية , فوجدت نفسها وحيدة . وهكذا اتضح ان النازية هي العدو الألد للأمة الألمانية . وتبين أن السلطة الفاشية التي حاولت التباهي بصفات الوطنية والاشتراكية هي بعيدة كل البعد عن هذه الصفات , فما هي سوى السيطرة الإرهابية السافرة للعناصر الأكثر رجعية والأكثر شوفينية والأكثر امبريالية من اجل السيطرة على الشعب . لقد شلت الفاشية النظام الاقتصادي الألماني وذلك بتشجيع صناعة التسليح ونهب البلدان الأخرى .
لقد دأبت الفاشية الهتلرية على إبادة الجنس الإنساني في غرف التعذيب والغاز وافران حرق البشر , أنها اقترفت عددا هائلا من الجرائم السائدة التي لن ينساها العالم على مر العصور والأجيال , أصبحت الفاشية دينا للعصر الألماني فلقد كان موسوليني يؤكد دوما في مقولته " لو لم تكن الفاشية إيمانا فكيف تمنح هذه الصلابة وهذه الشجاعة لمعتنقيها !" ويقول هتلر مخاطبا جنوده " لقد كنتمالوطن.الذي تبعني ذات مرة بقلم مفعم بالإيمان لقد كنتم أوائل المناصرين الذين امنوا بي !" كانت عبارة الزعيم ممتزجة مع عبادة الوطن .. فمن خلال هذا المزج ظهرت ديانة الفاشية الجديدة جعلت الناس أكثر تعلقا بالوطن الألماني وشخصية هتلر , هكذا استغل هتلر عواطف الناس وأفكارهم ودفعهم نحو حرب خاسرة مدمرة جلبت الكوارث والماسي على العالم اجمع .
يقول غوبلز " في لحظات يأسنا العميق , وجدنا فيك من يدلنا على طريق الإيمان لقد كنت بالنسبة ألينا تحقيق رغبة غامضة , لقد وجهت عبارات الخلاص إلى قلقنا , وخلقت فينا الإيمان بالمعجزة المقبلة " لقد أصبح ذلك الإيمان إيمانا واحد على حد تعبير دانيال غيران " إن ادلوف هتلر هو ألمانيا , وألمانيا هي ادلوف هتلر " ومن الجدير بالذكر إن الفاشية لم تكن تهدد حضارة العالم فحسب , وإنما أيضا هددت الحضارة الألمانية بذاتها , تلك الحضارة التي تتمثل في التراث التقدمي الألماني الذي يمثله كل غوتة , وشيلر, وهنريش هايتة , وفكر ماركس وانجلز , لقد هب كافة الأدباء والمفكرين التقدميين بوجه النازية يدافعون عن الإنسانية وحريتها وقيمتها الأخلاقية وهناك عدد كبير من الأدباء هربوا من ألمانيا وسطوة هتلر وأمثال برتولد برشت , ويوهانس ر , بيشر , وفولفجانج بورشرت , وآخرون ممن كتبوا أدبا معاديا للفاشية التي لاحقتهم وأخرجتهم من وطنهم وتربيتهم , إما الذين بقوا في ألمانيا كانوا يعلمون ويكتبون في صمت , إن النفوذ الحي للأدب المعادي للفاشية يتمثل في نزعته الإنسانية المستيقظة مجددا على حد تعبير لوكاتش , ولنطلع على رسالة إنا سيفرز التي بعثتها إلى لوكاتش عام 1939م كي نستجلي موقف الفاشية من الأدب والفن وكذلك موقف الأدباء منها حيث تقول الرسالة " إن عدونا الرئيسي هو الفاشية ونحن نكافحها بكل قوتنا الجسدية والروحية , وهي عدونا كما كانت الإقطاعية عدوة – لسنغ – وكما كافح – لسنغ – الفن الإقطاعي ألبلاطي هكذا تكافح راسب الفاشستية في الفن , ولكن هل يمكن أن يساوي المرء بين هذا الكفاح والكفاح ضد الانحطاط !" وبالرغم من كل هذا التمرد والثورة ضد الفكر النازي لا يمكن تجاهل الأدب النازي المعادي لتطلعات الشعب الألماني , فقد تميز ذلك الأدب السيئ الصيت بالنزعة الشوفينية التي أثارها هتلر واتباعية , ولذلك ظهر أدباء ينشروا فكرة الكولونيالية والأفكار الفاشية الأخرى , ويبقى هؤلاء الأدباء المنحطين في ألمانيا وخاصة في الفترة النازية يؤازرون ويناصرون الفكر النازي بقصائدهم وقصصهم ورواياتهم المنحطة , الخيالية من المبادئ والمثل الإنسانية , لايمكن اعتبار الأدب النازي من الأدب الإنساني الحي لأنه أدب منحط ومأجور , أما الأدباء التقدميون , فقد فضل قسم منهم الصمت , وهاجر البعض الأخر هربا من سطوة هتلر ووحشيته .
في الأخير: لقد عانى العالم باجمعة من دمار وأهوال النازية الهتلرية , وكتب الكثير عن وحشيته النازية واضطهادها وتهذيبها وقتلها للملايين من البشر, ويعود الفضل التاريخي إلى القوات السوفيتية في تخليص البشرية من أشرس عدو عرفته الإنسانية , كما وان الفضل في انتصار الشعب السوفيتي يعود إلى الشعراء والكتاب السوفيات في حث الشعب على النضال , وكشف زيف الفكر المعادي للإنسانية ومبادئها .
وشكرا .

ولاء تمراز
فلسطين – غزة
[email protected]