بحث في العقل العلماني اليساري العربي المتنور ـ اللغة والعقل والتاريخ من وجهة نظر الياس مرقص 5/6


شاهر أحمد نصر
2004 / 10 / 1 - 13:30     

5 ـ اللغة والعقل والتاريخ من وجهة نظر الياس مرقص
آ ـ الياس مرقص واللغة:
يختلف المفكر الياس مرقص مع بدعة ما يسمى بمذهب أصل الكلمات، ويتحدث عن الاتجاه الرجعي لما يعرف بمذهب الأصل، الذي يزعم بأنّ أصل اللغات هي العربية أو العروبية. شكسبير مثلاً من " شك وسَبَر " الكلمات من الشرق الأدنى القديم إلى اليونان وأروبا .. وهو يعيد الموضوع إلى جوانب المسألة اللغوية ومستوياتها ومناطقها المتعددة في اللوغس، الفكر، العقل، الفلسفة، المنطق، ويميزها عن علم اللغة وتطورها. من المؤسف حسب رأيه:
1 – وجود من يبحث في اللغة واللغات في الكلمات، أي في علم الألسنية بدون البنية، بدون الصرف والنحو، أي ليس في علم الألسنية .
2 – وجود من يؤمن إيماناً غير صريح لكنه إيمان لا يتزعزع بأن هوية الشيء وأصله هما واحد. من لا يقيم وزناً لمقولة الأصل عند كنط أو عند دارون أو في العلم الأوروبي، حيث الأصل يفرض ويعني ويحيل على التطور، وحيث الأصل في الألسنية يحيل على التطور وعلى تصنيف اللغات. "إن قليلاً من التفكير يجعلني أقول إن لي أباً وأماً، أصولاً متعددة، وإنني كائن جديد، وأسرتي كون جديد، لكن هذا التصالب الاثني ليس اللغة، ليس تاريخ لغة من اللغات، ليس اللغات ككوائن تاريخية . (البعض) ينسى أن اللغة كائن تاريخي.. هذا هو الخطأ، أنا لا أعرف (اتكلم أفهم) لغة عرب ما قبل 2000 سنة، لا اللغة الآرامية ولا اللغة الكنعانية، الفينيقية والعبرية، ولا الحميرية والامهرية مع أنهما أقرب إلى لغتنا العربية.."ص132
القضية اللغوية العربية لها عدة جوانب ومستويات، لها عدة "مناطق" المنطقة الأولى هي علم اللغة، اللوغس، الفكر، العقل، الفلسفة، المنطق، طريقة الفكر. المنطقة الثانية هي علم اللغة أو الألسنية، وموقع لغة ولغات العرب، والتطور التاريخي: خمسة آلاف سنة، وسطها لسان قريش، لغة عرب الشمال، اللغة العربية. المنطقة الثالثة: اللغة العربية الفصحى، أو الأدبية، المقنونة أو المدونة والمعممة والتي بموجبها (بموجب منطق منطقتها) كل ما ليس هي فهو أعجمي، وبالتساوي. هذا المنطق أو المنطقة أؤيده أو أؤيدها، أقيم الحد عليه (إنه منطق من المناطق)، أطلب الفصل، أدين الاختلاط والتسيّب، فهما ضد العلم والمعرفة وهما ستار لاستبداد هذه المنطقة أو تلك: منطقة (البعض) العروبية العامة المتهاوية مع آدم العربي في الحد الأخير (أحياناً بشكل صريح) ومنطقة بعض أنصار(؟) العربية الفصحى المحاربين ضد "العامية" ولنقل ضد لغة الناس..إن نتيجة هذا العمل، أو مآله الأخير، شيئان اثنان: الفكر والقومية، الفكر العربي (فكر البشر العرب) والقومية العربية (قومية البشر العرب)، أي مسألتان، هدفان. بالنسبة لي، إنهما مبدآن، لكن المبدأ يُمسْأل وإلا فهو ميت، غير حي.ص209
ماركس يقول: اللغة للفكر هي "واقعه المباشر". فهل نعتقد أن الفكر "هو واقعه المباشر"؟
ماركس يقول: اللغة مادة للفكر هي مادة بنائه . فهل نعتقد أن الفكر "هو مادته أو مادة بنائه؟
هل نحن حزمنا أمرنا مع أطروحة ان اللغة وسيلة وأداة للفكر وليست غاية، وأطروحة أن اللغة وسيلة تخاطب وتواصل، وأطروحة أن اللغة لبست بتاتاً الأدب والشعر والترويح عن النفس، واللغة موجودة جداً وفاعلة جداً حتى بدون الأدب ص230
والحال كنت ومازلت حريصاً على مبدأ حيادية اللغة، الذي تعلمته من ستالين في سنة 1950. قلت مراراً إن كتاب "الماركسية وعلم اللغة" هو أفضل مؤلفات ستالين. اللغة والفكر.. اللغة خاصة قومية (لغة أمة) لا طبقية (ليست خاصة بطبقة بل بأمة بشعب بقبيلة.) العام مخصص. اللغة (العام) هي في الواقع دوماً لغة اليونان أو العرب أو الفرنسيين..ص240
كتاب الجابري وكتاب باتاي The Arab mind (العقل أو الذهن العربي)، الناظر يدهش لمدى توفقهما في تبيان الأثر الضار للغة العربية على تكوين العقل العربي" ، هيمنة الأصل الحسي والدلالة الحسية..(ص1،2،3) ص247
إذا كان الأصل الحسي هو الظهور والانفصال، فهذا جيد جداً، أنا أؤيد هذا الإيحاء.. من الخواء إلى الوجود أو العالم: المسيرة هي تباين. الخواء، السديم: ثروة، اختلاط، تشاكل. البيان ذروة وغاية الفكر العارف. هكذا تبدو لي لغة العرب. ويبدو لي أن فكر العرب أو كلامهم متكون في عصر ما ضد لغتهم. فكرة الانفصال هامة جداً، فكرة أولية. لحن ديني وفلسفي موحد ضد لحن وألحان. في كتاب تعليم ديني مسيحي (كاثوليكي فرنسي) أقرأ أن الخلق الإلهي (سفر التكوين) عملية مؤلفة من مرحلتين، الأولى هي الفصل والثانية هي التزيين، وتليهما الراحة أو "السْبت". في تاريخ بداية الفلسفة اليونانية (بعد طاليس)، أناكسيماندرأدخل فكرة مبدأ أو "أرخه" arche ووحده اللامتناهي هو مبدأ (لا الماء ولا الهواء... مبدأ غير عنصر) والصير ليس سببه أو مبدأه تغيّر العنصر (فالعناصر آتية من المبدأ: اللامتناهي) بل الانفصال بحكم الحركة الأزلية، انفصال الأضداد.. ص248
قدسية اللغة يؤكد البعض "قدسية اللغة العربية"، هي قومية؟ هي إسلامية؟ ما مبرراتكم؟ ما براهينكم؟ من دين، من علم، من عروبة، من ماذا؟ من جاهلية، من وثنية، من عجز، من تعويض؟ مع تاريخ فكرة الفكر، فكرة البدعة، في الفكر وفي الواقع.. اللغة صفة الإنسان. وأنا أعارض قدسية اللغة صفة الإنسان. ص140 لغات بني البشر متساوية. لغات بني آدم متساوية في الحق.ص141
الخائفون على اللغة العربية، الذين يريدون استبعاد جيولوجيا وسيكولوجيا وبيداغوجيا... وميكانيك، ليس عندهم أدنى فكرة عن اللغة، عن الكائن اللغوي، الحالة، البنية، حياة اللغة، ثباتها وقدرتها على المقاومة إذن بالضبط على الاستيعاب والمكاملة على التطور واللا "تطور"..ص221
1 – أدين عقيدة اللاتراتب الضمنية، كما ألمسها في واقع التعليم، إذن ضعف المفهومية. الضمة تصير مساوية بالقيمة للمرفوع .. ص221
2 – أدين سلطان الحسي، والإيحاء الحسي للكلمات، لألفاظ المقولات، هذا الإيحاء الذي لا أجد تحذيراً مبدئياً ومنهجياً منه ص222
3 – أوكد وجوب العمل بمقولة التعارض. أي بالضبط وبالأخص التعارض بين المتقاربين، وحدة أو هوية الضدين الخ الخ.. هذا لحن كبير جداً مع تنويعات كثيرة يجب أن نعلمها. ص223
من أهم أشكال انتكاس اللغة العربية ايديولوجية المذهب العروبي أو الطهراني الخائف على عروبة اللغة، الذي يرفض "بيداغوجيا" و"جيولوجيا" و"بيوكيمياء" و "سيموطيقا" وقد يبحث غداً عن تعريبات لمئة ألف أو ثلاثمئة ألف من "المصطلحات العلمية" في "الاختصاصات" ولعلّ مثله الأعلى في العروبية اللغوية أن يوجد العلماء العرب مليون اسم عربي لمليون نوع حشرة في حوض الأمازون لم يسمها بعد علماء الحشرات. فعلاً هؤلاء لا يرون بتاتاً مفهوم اللغة. لا يرون أي مفهوم. لا يرون أي شيء. يرون كلمات. لعل ما ينقصنا مَصْرف للرمزية من نوع الايقونات.. ص855
فاللغة ميدان أساسي في عالم المعرفة، بواستطها تتطور وترتقي، وعلاقتها بالعقل علاقة متبادلة، بالتالي علينا التقدم بجسارة في تطوير اللغة، وإغنائها باستمرار، والبحث عن سبل إدخال المفاهيم السليمة والمنطقية إلى أذهان الناس وفي طليعتهم الشباب- حول منهج التفكير السليم، بعيداً عن التقوقع والقداسة والانعزالية.



ب ـ فهم الياس مرقص للتاريخ:
يأخذنا الياس مرقص في كتاباته في جولة عبر تاريخ المنطقة العربية، نتعرف من خلالها على تقييمه للمسيرة التاريخية للمنطقة، وعلى النواقص والمثلب في نظرة العرب للتاريخ وما تتركه من تداعيات وآثار في فهم التاريخ واستيعابه وتجاوزه مع الاستفادة من دروسه والاهتمام بالحاضر والمستقبل:
1 – لم نقم أية وحدة عربية قبل الإسلام. قامت وحدات في المشرق عابرة بواسطة حروب داخل المنطقة.. (آشور، بانيبال، اسر حدون، نبوخذ نصر..) سورية وطن الممالك مشدودة بين العراق ومصر والحثيين. فارس أقامت إمبراطورية شملت الشرق الأدنى وسوريا والعراق ومصر والأناضول بما فيه ايونيا اليونانية بلد الفلسفة طاليس وهيراقليط.. ثم الاسكندر المقدوني انطلاقاً من اليونان وصولاً إلى الهند.. بعده لدينا سوريا وآسيا السلوقية (أنطاكية)، ولدينا مصر البطليموسية (الاسكندرية)، ثم لدينا روما ووحدة حوض المتوسط – بيزنطة (روما الشرقية) تشمل سوريا ومصر وأحياناً تونس وجوارها، العراق في حوزة الفرس الساسانيين.. جزيرة العرب بين قوى ثلاث: الفرس والروم والأحباش. التاريخ "الغربي" والمتوسطي للعرب استمر ألف سنة،330ق.م – 630 م أو أكثر قليلاً. الحقبة الرومانية في سورية ومصر ذروة زراعية وديموغرافية. الحقبة البيزنطية تراجع. ص80
2 – الامبراطورية العربية الإسلامية تشمل كل "العرب" كل "الوطن العربي" لكن أيضاً أسبانيا وفارس وأقساماً من الهند وآسيا الوسطى.. الأقوام البدوية أو شبه البدوية تنتصر بسهولة على مجتمعات عمرانية متقدمة.ص81
3 – الامبراطورية العربية الإسلامية كانت في العصر الأموي عربية وإسلامية عربية إسلامية كحكم وكدولة مع شعوب عربية وشبه عربية وغير عربية، القومية العربية الجديدة في بداية تكون مع شعوب في المركز غالبيتها مسيحيون (وستبقى كذلك قروناً: سورية ومصر واكتشف الآن في النوبة مسيحيون وفي السودان) ص82
4 – ما "يُنسى" إذن هو النظر في كينونة البشر في اجتماعهم وعلاقاتهم وتعاملهم وإنتاجهم لحياتهم. ينظرون في "الانفصالات" في تجزؤ الدولة على الخريطة، لا يهمهم أمير الأمراء فوق أمير المؤمنين. أمير الأمراء يسمل عيون اثنين من الخلفاء تباعاً. ظاهرة شاذة. ما معنى شاذة؟ أبو العباس ارتدى بردة النبي وقال: أنا السفاح. ارتدت الخلافة اللباس الساساني، دخل النطع إلى البلاط. تدينت الدنيا والدولة. كلما ابتعدنا عن الأوائل، أي عن المدينة المنورة ودمشق في اتجاه الاستانة عبر المماليك ازداد تدين الدنيا والدولة. التاريخ دراما مأساة وتقدم: ثمة ثورة عباسية حقيقية تقدمية في الزراعة (العراق والشام) حلقات التاريخ متناقضة دوماً. هل نستوعب هذه الأمور ؟ ما روحنا ؟ ما وعينا ؟ الأبطال ليسوا دوماً قديسين، ولا الأشرار شياطين. الخير والشر ليسا قسمة في المادة – الامتداد، إنهما للإنسان، كلياً وفرداً ..
في تاريخنا الذروات تتعاقب، الانحدارات تتعاقب. ثمة مسافة غير قليلة بين الذروة الروحية، الذروة السياسسية، الذروة الاقتصادية، والعلمية. الدولة الكبرى انتهت، قبل الذروة الاقتصادية، والتقنية والعلمية بكثير. يجب الانتهاء من الدمج، من الخلط، من الوعي التاريخي السديمي. ليست الانفصالات الشهيرة شيئاً غريباً.ص83
هل "الإسلام" الحكم والإيديولوجيا ؟ فيما بعد تأشْيَن، أخذ في نمط الاستبداد الشرقي، بدءاً من أبي العباس السفاح ثم...ثم.. أكثر فأكثر؟
الثورة العباسية متناقضة، عصر الأوج العباسي متناقض. الدولة العباسية تفقد العرب تتحول إلى دولة مختلطة قومياً، مع السلاجقة ، الترك يأخذون الجيش والفرس الإدارة والعرب الدين والشرع والأدب ...ص483 إن ميدان القومية العربية الحقيقي ليس البتة فارس وتركيا وخراسان بل الهلال الخصيب والنيل والمغرب.. إن قضية التشرقن والتأسين قضية سياسية وقضية ثقافية وأيديولوجية... إن الفكر العربي الديني واللاديني بعيد لسوء الحظ عن مسائل كبيرة.. آمل أن يكون ممكناً للفكر العربي أن يدقق وأن يستكمل الملف الذي بدأه الجابري (تكوين العقل العربي) والذي يجب أن يبدأ بالدين والمسألة الدينية وأن يعطي الأمم (الاختلاف) حقها (تواريخ مختلفة، قاعات" أو خلفية مختلفة).ص483
5 – البعث السلجوقي نسبي تماماً. أقام في المشرق دولة ثلاثية الأمم، مع توزبع للعمل القيادي: الخلافة والدين للعرب، الشأن العسكري للترك، والشأن الإداري للفرس. مع عدة عواصم في تعقد علاقات مع تراتب غير أحادي: الري وأصفهان، بغداد، الموصل، سوريا عشرة دول. عدا عن الفاطميين الولاء الضميري للمسلم منشطر بين خلافة سنية، عباسية (بغداد) وخلافة شيعية فاطمية (مصر) وربما خلافة أموية في الأندلس. الدولة والدول في سوريا ومصر مسلمة، تركية، عربية، بدوية، حضرية، عشيرية، عائلية ومسلمة دوماً، الأهالي مسلمون ومسيحيون، أو مسيحيون ومسلمون. أوروبا الغربية برزت في ساحة التاريخ، بلغت التثبت بعد عصورها الوسطى المظلمة. وبدأت الرد في الجنوب (أسبانيا وصقلية) وإلى الشرق (سوريا) الحقبة الصليبية يجب أن تؤخذ نقدياً. هذه العملية المعرفة يمكن أن تبدأ بلائحة جرائم الإفرنج في سنة 1096 – إلى سنة 1290م لكن بعد ذلك نلتفت إلى التاريخ كخط وككون لاسيما ككون داخلي. ليس من المعقول أن نستمر إلى مالانهاية في موقف يجعل تاريخنا كأنه تاريخ خارجي..ص85
6- في الحقبة الصليبية: 1 – الانتماءات إقليمية في جيش الإفرنج، التسميات إقليمية ... 2- المرأة كلية الحضور: أميرة راهبة، عاهرة وأخيراً تهتدي في الدير ..3 – لديهم هوس حقوقي شكلي .. 4 – المماليك أنقذوا المنطقة، انتصروا على المغول في عين جالوت وعلى الصليبيين ص85
7 – العصر المملوكي عصر متنوع متموج
8 – مع العثمانيين تقوم دولة كبيرة تشمل معظم العرب . مع العثمانيين يضيع الاستقلال.. ص86
9 – الاستعمار الغربي، الامبريالية، نابليون وما بعده، محمد علي باشا وابراهيم باشا...الخ هذا جديد .. وهو ككل الأشياء متناقض.ص86 التغيير الحاصل بعد زوال الاستعمار لم يفرض علينا من الخارج يجب أن ننظر في الداخل.ص88
10 – الامبريالية لم تخترع التجزؤ العربي. التجزؤ العربي واقع قديم ومستديم ومتموج.ص88 الامبريالية أوجدت جذوراً اقتصادية جديدة للتجزؤ العربي .ص89
إن التصورات الشرقية الكبرى للتاريخ ، والتصور اليوناني أيضاً، والخلدوني كذلك هي في الحاصل، تصورات دائرية. والذي كسر الزمانية الدورية هو أوغسطين البربري، المسيحي الغربي اللاتيني الذي دشن حوالي سنة 400م التصور الجديد الخطي الصعودي الارتقائي، دشته بفكرة الخلاص وعلم الخلاص او"السوتيرولوجيا" في إطار ديني وفلسفي: رفع لواء الجبرية أو التكريس المسبق، أكد عقيدة "الخطيئة الأصلية" استلهم الخلق التوراتي (المستقيم الصاعد اللانتكاسي المتوالي في ستة أيام بلا آلهة وسيطة الصاعد من العدم إلى الوجود) أكد مبدأ “sifallor sum” (لئن كنت مخطئاً فأنا موجود ) قبض على "الإيدوس" الفِكًر – المثُل الأفلاطونية.. الله الجديد، لم يعد "الله القضاء" الهيراقليطي، بل هو الله – القضاء و الرعاية، الله الجبر والرحمة، السيد المطلق والأب.. ولكن ثمن هيغل أوغسطين وعقيدة الخطيئة الأصلية. توجد مسيحية شرقية سورية أرثوذكسية تكره أوغسطين، تعتبره منطلق هرطقة الغرب أو انحرافه، كما تعتبر من جهة أخرى توما الاكيوني تابعاً لابن رشد في موقف رجم مزدوج للعقل والعقلنة، في موقف شعورية وجودية "مسيحية" سرمدية مكتفية بذاتها.ص61-62
الأوروبيون اخترعوا مقولة "التقدم " progress مع شقيقاتها، التدرج ، التوالي، حركة التقدم، شيء غير الثورة. هكذا الفكر، الفكر النظري، البالغ الفعالية والجدوى.ص62
نحن عاجزون عن محاولة إدراك نواقص ومثالب "حضارتنا العربية الإسلامية"، ما كيان الدائرة في حضارتنا المذكورة؟ ما مصير الطاحونة الهوائية التي أقامها فلان من مواطني اللاذقية "كان أسيراً في بلاد الإفرنج" والتي هي أعجوبة زمانها؟ لكن مولانا السلطان قايتباي وكاتب السيرة امتنعا عن مشاهدتها. لقد ألغوا مفهوم الشعاع rayon الخاص بالدائرة واستعاضوا عنه بنصف القطر. إنه سقوط المفهومية .ص63 التقدم ناتج ونتيجة وليس هدفاً وغاية.ص63
ما يجب أن يدان عنده العرب، في وعيهم وتاريخهم (وفي كتاباتهم. تعليمهم واستيعابهم للتاريخ) هو هذا التاريخ المزعوم "المؤلف" من مسلسل أبطال وأحداث، والذي هو فقير عدا ذلك. إن صلاح الدين وبضعة أشخاص آخرين يحذفون البشر، إنتاج البشر لوجودهم ومجتمعهم، الزراعة والصناعة، الحق والقانون، مسألة الاجتماع البشري، كينونةالبشر.. إنه الفراغ، بأسوأ معنى. من المؤلم أن يُجعل رجال عظام يؤدون هذا الدور. المفهوم السائد هو "الأبطال – الملائكة". وهو مفهوم متناقض، مُحال، لامعنى.. ص419
كما قال ميتران لصحفي عربي: أنتم العرب جد مهتمين بالماضي، نحن الفرنسيون لا نكاد نتكيف مع الحاضر والمستقبل.. أجل، لكن علينا نحن العرب أن نصفّي حساب الماضي أولاً. لا تأليه، ولا شيطنة. لا تقديس ولا لعن، بل الفهم.والإنسانية والكلية في أساس القضية..
الهوامش:
الاستشهادات الواردة في النص مأخوذة من كتاب: الياس مرقص ـ نقد العقلانية العربية ـ دار الحصاد - دمشق ـ الطبعة الأولى – 1997
طرطوس ـ شتاء عام 2001 شاهر أحمد نصر
[email protected]