الثورة التونسية و آفاق المستقبل


وصفي احمد
2011 / 1 / 16 - 15:52     

الثورة التونسية و آفاق المستقبل
كما هو الحال مع العديد من التجارب الثورية التي قامت بها الجماهير في عدد من دول العالم في العصر الحديث , كالثورة الفرنسية و ثورة اكتوبر الروسية و الثورة الإيرانية , و التي حصلت نتيجة تلاقي مصالح الطبقاة المستغلة , بفتح الغين , و الطبقات البرجوازية التي تريد المشاركة في الحكم لتحقيق أهدافها في بناء المجتمع كما تريد .
و بمجرد نجاح الثورة تبدأ العناصر التوفيقة المحسوبة على الصف الطبقي الأول على إحداث نوع من المساومة مع الصنف الثاني و بذلك يتم التراجع عن اهداف الطبقاة المسحوقة في تحقيق أهدافها في بناء دولة المساوات .
فالثورة التي فجرتها الجماهير المحرومة من عاطلين و مسحوقين و مهمشين بمجرد تمكنها من إزاحة زين العابدين بن علي من سدة الحكم , حتى بدأت الأصوات تتعالى بضرورة تشكيل حكومة وحدة وطنية و هذا يعني مشاركة القوى السياسية البرجوازية في الحكم أو بمعنى أصح قيادة المشهد السياسي الجديد الذي نشأ بعد نجاح الثورة التونسية و هذا يعني بالضرورة غجهاض الثورة من محتواها الطبقي الحقيق و حرفها لصالح الأحزاب البرجوازية .
و لهذا أسبابه العدية منها ضعف التيار اليساري التونسي , كما هو الحال مع كل التيارات اليسارية في عموم المنطقة , و لأسباب لا تخفى على أحد . فاليسار التقليدي التونسي ما زال يعاني من أخطاء المرحلة السابقة كما أنه لا زال يأن من الضربات الموجعة التي وجهت له على مدة عقود عديدة , بينما ما زالت التيارات اليسارية الجذرية حديثة التشكل و غير قادرة على تمييز هويتها الطبقية عن التيار الأول نتيجة لضعف وسائل إعلامها من جهة و لعدم قدرة الجماهير على التمييز بين الإثنين .
و في المحصلة سيتم إحتواء الثورة التونسية من خلال الدعوة إلى إنتخابات مبكرة ستمكن الأحزاب البرجوازية من إعادة سيطرتها على المشهد السياسي بسبب خبرتها الطويلة في هذا المجال و إمتلاكها للوسائل الضرورية لتحقيق هدفها هذا من مال سياسي و قدرة على تزوير الإنتخابات و الدعم اللا محدود الذي ستتلقاه من قبل الرأسمالية العالمية و بشكل خاص الفرنسية منها .
و في المقابل فإن التيارات اليسارية سوف لن تتمكن من الحصول على موقع مؤثر في السلطة الجديد للأسباب التي ذكرناها , مما يعني عدم حصول تغييرات جذرية لصالح الجماهير المسحوقة التونسية , إلا اذا وعت الجماهير لهذا الواقع – و هذا إحتمال ضعيف جدا – للواقع الجديد و قامت بانتخاب القوى السياسية التي تمثل مصالحها و الضغط باتجاه منع حرف الثورة , و هذا ما ستوضحه الأيام المقبلة .