اللقاء الثاني عشر للأحزاب الشيوعية والعمالية العالمية

الاحزاب الشيوعية والعمالية العالمية
2010 / 12 / 9 - 23:48     

خطة عمل -هجومية- لتعميق التحالفات الاجتماعية، وتمتين الجبهة المعادية للامبريالية في النضال من أجل السلم والتقدم والاشتراكية-.

ما بين 3 و5 كانون الأول/ ديسمبر 2010 عقد اللقاء الثاني عشر للأحزاب الشيوعية والعمالية العالمية في مدينة تيسوانا، في جنوب أفريقيا، تحت عنوان "عمق الأزمة البنيوية للرأسمالية. توجهات الشيوعيين من أجل الدفاع عن السيادة، وتعميق التحالفات الاجتماعية، وتمتين الجبهة المعادية للامبريالية في النضال من أجل السلم والتقدم والاشتراكية".

حضره ممثلو 51 حزبا من 43 دولة من كل القارات أسهموا، على مدى ثلاثة أيام، في تحديد التطورات الجديدة التي سجلت في مجال الأزمة الرأسمالية، خاصة على صعيد الطبقة العاملة، عبر زيادة الاستثمار ضدها وضد الفئات الفقيرة في المدينة والريف، اضافة الى التدهور اللاحق بالفئات المتوسطة.

الكلمة الافتتاحية في اللقاء كانت للأمين العام للحزب الشيوعي في جنوب أفريقيا، بلاد نزيماندي، الذي ركز على أهمية شهر كانون الأول بالنسبة لبلاده كونه يشهد ثلاثة أحداث هي: اللقاء العالمي الثاني عشر للاحزاب الشيوعية والعمالية العالمية والمهرجان السادس والعشرين لاتحاد الشباب الديمقراطي العالمي، كتظاهرتين أمميتين، وموتمر اتحاد النقابات في جنوب أفريقيا (كوساتو) الذي سيطرح برنامجا نضاليا حول قضايا ثلاث، هي البطالة والفقر والتأمينات الاجتماعية.

ورأى نزيماندي في تنظيم هذا اللقاء في بلاده مدلولات جديدة على استمرار الدعم الأممي للنضالات التي خاضها شعب جنوب أفريقيا بقيادة المؤتمر الوطني الأفريقي، وبشكل خاص الشيوعيين، ضد العنصرية ومن أجل الحرية والاستقلال الوطني. كما لفت نزيماندي النظر بشكل خاص الى الوضع الحالي في القارة الأفريقية، نتيجة انعكاسات الأزمة الرأسمالية على شعوبها، مؤكدا على أولوية متابعة حركة المواجهة التي انطلقت ضد النهب والاحتكارات والعولمة العسكرية، وجناحها الأفريقي بالتحديد.

وبعد كلمة للأمين العام لاتحاد الشباب الديمقراطي العالمي ، بدأت جلسات اللقاء باستعراض قام به المجتمعون للنضالات المختلفة التي نظموها، أو أسهموا في الدفع اليها خلال العام المنصرم، وبالتحديد التحركات الداعمة للقضية الفلسطينية والمظاهرات التي اجتاحت أوروبا، ان تلك التي اتخذت طابعا طبقيا واضحا أم تلك التي واجهت الخطة الجديدة لحلف الناتو، الذراع العسكري للامبريالية،متوقفين مليا عند مسألة مستقبلية أساسية تكمن في تمتين العلاقة ما بين تعدد أشكال المقاومة العملية للامبريالية والنضال الايديولوجي باتجاه رؤية واضحة للبديل الاشتراكي للرأسمالية، ذلك أنهم رأوا أن هذا النضال يرتدي أهمية حيوية لمواجهة كل الأشكال الجديدة للعداء للشيوعية، بالاضافة الى دحض الأيديولوجية البرجوازية وفضح التيارات الانتهازية التي تحاول تجاوز النضال الطبقي أو تنفي وجوده.

وتجدر الاشارة الى أن أهم ما توصل اليه اللقاء الثاني عشر للأحزاب الشيوعية والعمالية هو الدعوة التي وجهها في بيانه الختامي الى القوى الشعبية من أجل الانضمام اليه في النضال المشترك نحو الاشتراكية التي تشكل البديل الوحيد لمستقبل الإنسانية. ولا ننسى كذلك المهمات النضالية الخمس التي حددها المجتمعون لأنفسهم خلال العام المقبل، وهي:

تقوية العمل النقابي وتطوير نضالات العمال والفئات الشعبية من أجل استعادة حق العمل والحقوق الاجتماعية الأساسية. وفي هذا المجال، جرى التأكبد على تركيز الاهتمام على المشاكل التي تطال النساء العاملات والشباب العمال الذين يشكلون غالبا الضحايا الأول للأزمة الرأسمالية.

مواجهة الاعتداءات المتزايدة للامبريالية، والوقوف بوجه الحروب التي تنظمها ومناهضة سياسات الاحتلال التي تمارسها، وبالتحديد الاستراتيجية الجديدة لحلف الناتو "الجديد"، والعمل على انهاء وجود القواعد العسكرية والأسلحة النووية... وصولا الى التضامن الأممي الفعال مع كل شعب أو حركة تواجه القمع والتهديد الامبرياليين.

المواجهة مع القوانين المعادية للشيوعية وكل التدابير والملاحقات المتخذة من قبل القوى المعادية للشيوعية. هذا, اضافة الى استرجاع التاريخ المشرف للشيوعيين في كافة مجالات النضال واسهامهم في تقدم الحضارة الانسانية.

التضامن مع القوى والشعوب المتجهة باتجاه الوصول الى بناء الاشتراكية؛ وفي هذا الميدان، تم التأكيد على التضامن الواضح مع الشعب الكوبي وثورته الاشتراكية في مواجهة الحصار الامبريالي الذي تفرضه عليه الولايات المتحدة.

الانطلاق من الوقائع الذاتية، والتركيز عليها كأولويات، باتجاه تدعيم المنظمات الجماهيرية الأممية المعادية للامبريالية، كشكل من أشكال النضال المشترك.

هذا، وأصدر اللقاء الثاني عشر قرارا خاصا حول الشرق الأوسط ركز فيه على دعم قضايا الشعوب العربية في مواجهة الوضع الخطير الناشئ عن الهجمة الامبريالية-الصهيونية .

من بين الحضور الدكتورة ماري نصيف- الدبس، نائب الامين العام للحزب الشيوعي اللبناني، التي القيت كلمة بعنوان "تعمق الأزمة البنيوية للنظام الرأسمالي. ودور الشيوعيين في النضال المعادي للامبريالية وبناء الجبهات من أجل التغيير، هذا نصها:

تؤكد الأحداث والتطورات التي سجلها العام 2010، الموشك على الإنتهاء، صحة الشعار الذي أطلقه ماركس، منذ أكثر من قرن ونصف، وعاد لينين ليطوره من بعده : "يا عمال العالم ويا أيتها الشعوب المضطهدة إتحدوا".

فهذه الأحداث والتطورات أظهرت، بما لا يدع مجالاً للشك، أن الأزمة الرأسمالية الحالية، التي بدات تبرز الى العلن في العام 2001 لتنفجر في العام 2008، هي أزمة مستعصية على الحل بالأساس، كونها ملازمة لطبيعة الراسمالية نفسها. كما ان الطبقة البرجوازية العالمية قد فشلت، هذه المرة، في إيجاد المخارج لتخطيها مرحليا، بالرغم من كل الجهود التي بذلتها ومن كل الأموال التي أنفقتها، خاصة على القطاعات المالية، عدا عن تزايد عدوانيتها وحروبها المتنقلة، ومحاولاتها المحمومة لقمع كل أشكال التحركات الجماهيرية، وعودتها الى تنظيم الإنقلابات والإغتيالات بهدف وقف النضالات العمالية والشعبية التي تتسع رقعتها يوما بعد يومً، مطالبة بالتغيير، باتجاه اكثر عدلاً واكثر مساواةً. أي بتعبير أخر مطالبة بالتغيير باتجاه المجتمع الإشتراكي. مجتمع اشتراكي يجري تطويره بناء على القوانين الماركسية التي تظهر يوماً بعد يوم ، وأكثر من أي وقت مضى، أنها الوحيدة القادرة على بلورة اطار عمل ومنهجية وخطط لنتمكن على اساسها من نقض المجتمع الراسمالي وذلك بهدف التخلص من الأزمات التي ولدتها وتولدها الرأسمالية والمرتبطة عضوياً بتركيبة نمط الانتاج الراسمالي...

من هنا، نرى لزاماً علينا أن نطرح مسألة التغيير في بلداننا وعلى الصعيد الكوني كمسألة أساسية.

أولا" ـ تجليات أزمة النظام الرأسمالي في بلدان المركز وانعكاساتها في البلدان التابعة والفقيرة

في كتابه " كلنا مفلسون بعد عشر سنوات؟"، يطرح جاك اتالي، أحد أركان النظام المالي الأوروبي السابقين، سؤالاً كبيراً حول مسألة الإنكماش الكبير الذي يعانيه العالم اليوم، وارتباطها بمسألة الدين العام، وبالتحديد في الدول الرأسمالية الكبرى. وإذ يضع أتالي وغيره من المنظرين الأوروبيين والأميركيين الإصبع على الجرح، منبهين من خطورة ما يجري، بعد أن ارتفعت معدلات الدين العام الى مستويات تذكِّر بتلك التي سُجلت في نهاية الحرب العالمية الثانية، فهم، في تفتيشهم عن الحلول يتجهون باتجاه الدول العشرين الأغنى في العالم (20(G، من جهة، وباتجاه الفئة العليا من الطبقة الرأسمالية العالمية، من جهة أخرى.

لذا، لا بد لنا، كممثلين للقوى المنتجة، للبروليتاريا، من مواجهة الحلول الاقتصادية والمالية لمنظري الرأسمالية، تلك الحلول التي تتجه بالتحديد باتجاهين كلاهما كارثي:

● اتجاه وضع اليد بالكامل على مدخرات الطبقات الكادحة، التي جرى السطو على جزء منها خلال الأعوام الثلاثة الماضية وقيل، يومها، أن النظام الرأسمالي العالمي يطبق بهذا السطو مقولات ماركس وانجلز عبر الإشراف المباشر للدول على الأوضاع الإقتصادية والمالية ؛ علماً بأن ماركس لم يقل يوماً بأن تأخذ الدولة مال الفقراء لوقف تدهور أوضاع الأغنياء. بل على العكس من ذلك...

● إتجاه تسهيل وضع اليد من قبل صندوق النقد الدولي ((FMI ، الخاضع كلية لهيمنة الولايات المتحدة الأميركية، على مقدرات العالم كله، بعد أن أستتبت الأمور له في البلدان التابعة والفقيرة : إذ أنه ، اليوم، يزداد قوة ونفوذاً في تقرير مصير الإتحاد الأوروبي، بالإستفادة من السياسات الكارثية التي قادها اليمين والإشتراكية الديمقراطية في أكثر من بلد أوروبي، بدءاً باليونان وامتداداً الى ايرلندا وايطاليا (حيث سيتجاوز الدين العام عتبة 135% من الناتج المحلي في العالم 2014) وحتى الى المانيا (التي أصبح دينها العام قريباً من 85% من الناتج المحلي)... علماً بأن الأرقام العامة للدين في الولايات المتحدة فاقت 12 الف مليار دولار وأن موازنات الدول الأعضاء في الإتحاد الأوربي ستحتاج خلال العام المقبل (2011) الى الاستدانة بما مقداره 1600 مليار يورو.

أما إذا أخذنا البلدان التابعة والفقيرة كبلداننا، فسيشكل الدين العام (السيادي) آفة حولت، في بعض الأحيان، هذه البلدان الى قنابل موقوتة يمكن لها أن تنفجر في أية لحظة، متى شاءت الولايات المتحدة الأميركية عبر صندوق النقد الدولي التابع لها، مودية بدولنا الى الإفلاس وبشعوبنا الى الجوع والتشرد والموت... علماً أن الأوضاع الحالية ليست بأفضل مما هو متوقع، إنطلاقاً من تأثير ازدياد الدين العام على مسائل العمل والبطالة والفقر.

وفي هذا المجال الأخير، لا بد لنا من الإشارة الى أن ما يقارب 1.9 مليار من سكان العالم هم دون خط الفقر (يقول البنك الدولي أن هذا العدد قد انخفض الى 1.4)، أي أنهم يعيشون بما يقارب 1.25 دولار في اليوم؛ أكثر من 64% من هؤلاء يعيشون في آسيا. وهنالك 40% من الشعوب العربية يعيش أفرادها بأقل من دولار ونصف الدولار يومياً. أما في لبنان، فتختلف الأراء حول النسبة، إلا أن أغلبية الإحصاءات تتفق على أن نسبة الفقراء قد تجاوزت 28%، دون أن ننسى وضع اللاجئين الفلسطينيين المأساوي. هذا، في وقت يدرُّ فيه البترول والغاز المستخرجان في العالم العربي، وبالتحديد من منطقة الخليج وخصوصاً من العراق، مئات المليارات الى خزائن الشركات الكبرى الأميركية الرأس بالأساس.

إذاً، الأزمة الى تفاقم والفقر الى ازدياد، في وقت تزداد فيه شراسة الهجمة الرأسمالية على كافة الصعد، وبالتحديد في العالم العربي، حيث نجحت الإمبريالية الأميركية (ومعها الحلف الأطلسي) في تقسيم العراق وفي زيادة الهوة بين الطوائف في لبنان، وهي اليوم، تتابع أعمالها الإجرامية ضد شعب فلسطين، دعماً لشعار "اسرائيل دولة اليهود في العالم"، وتسعى الى قسمة السودان على اساس طائفي وإثني.

لكننا كشيوعيين وأمميين، نميز انفسنا عن باقي حركات المقاومة عبر تحديد العوامل الخارجية والداخلية أيضاً (ومن ضمنها البنى التحتية الاقتصادية) المسببة للأزمات في بلداننا. ومن هذا المنطلق نستنتج ان "النجاح" الذي حققته الامبريالية الامريكية في بلداننا قد تحقق بسبب استطاعة هذه الامبريالية ان تستفيد من الظروف الذاتية الضعيفة ضمن انظمتنا السياسية، حيث تعمل هذه الانظمة على تنمية النزعات الطائفية والمذهبية لهدف خارجي/داخلي مزدوج. داخلياً، لتسهل عملية السيطرة على الجماهير عبر تغييب الاسباب الحقيقية الكامنة وراء الفقر والاستغلال: وتحديداً نمط الاقتصاد الريعي المسيطر في البلدان العربية والانظمة التي وجدت للدفاع عن الطبقات المستفيدة من نمط الاقتصاد هذا وللدفاع عن اسيادهم الامبرياليين. وخارجياً تترك هذه النعرات الطائفية/المذهبية بلداننا عرضة وفريسة سهلة للتدخلات الخارجية من اجل السيطرة والهيمنة على مواردنا واوطاننا.

ثانياً – دور الشيوعيين في ترسيخ الجبهة المعادية للإمبريالية ومن أجل التغيير باتجاه الإشتراكية

يقول ماركس وأنجلز في مقدمة " البيان الشيوعي" أن البرجوازية تسعى للخروج من أزمتها عبر مخرجين: الأول، من خلال تحطيم قسم من القوى المنتجة ؛ والثاني من خلال فتح اسواق جديدة بالقوة ورفع وتيرة إستثمار الأسواق القديمة.

وهذا ما تحاول البرجوازية القيام به اليوم :

· فهي، من جهة، تزيد من نسب البطالة، الى جانب إعادة تنظيم سوق العمل باتجاه زيادة أشكال الإستثمار وأساليبه، وتقليص الأجور والتقديمات، وخفض معدلات التقاعد، في وقت تتم فيه حماية أرباح الشركات المالية والمصارف، وتقيم من أجل ذلك ما يسمى بالدروع الضرييبية.



وهي، من جهة ثانية ، توسع رقعة عدوانها العسكري المباشر لفتح أسواق جديدة والإستيلاء على ثروات جديدة. ويمكن القول أننا نعيش حرباً عالمية ثالثة، إنما بالمفرق... فتحرك القوى العدوانية للولايات المتحدة وحلفائها في حلف الناتو وإسرائيل ( التي أوكلت إليها، مؤخراً، مهمات تدريب العصابات الفاشية والإرهابية، ليس فقط في الشرق الأوسط، بل في عدد من دول أفريقيا وأميركا اللاتينية ) أصبح يطال كل شبر من العالم، يدءا بزيادة عدد القواعد العسكرية داخل بلدان أميركا اللاتينية ووصولا الى كثافة الحشود العسكرية التي تتركز في منطقة الشرق الأوسط،، من شرق البحر المتوسط باتجاه المحيط الهندي ووصولاً الى أفغانستان، كون هذه المنطقة هي الأغنى بالنسبة لمصادر الطاقة ( غاز، بترول ) والمعادن والأسهل من حيث إثارة الحروب، عبر الدخول من باب النعرات الطائفية والإثنية ومن خلال محاولة تنفيذ "مشروع الشرق الأوسط الجديد" الذي وضع في أوائل سبعينات القرن الماضي وأعادت صياغته ادارة جورج بوش في بدايات هذا القرن .

ونود الإشارة، في مجال عدوانية النظام العالمي الجديد، الى قمة لشبونة الثانية والعشرين لحلف الناتو التي يمكن اعتبار قراراتها بداية مرحلة جديدة أشد خطورة من كل سابقاتها، كونها تتجه بوضوح باتجاه تفجير جديد في منطقتنا شعاره القديم - الجديد "الارهاب والاسلحة النووية".

كيف واجهنا، كأحزاب شيوعية وعمالية هذين المنحيين؟

لاشك أن العام الذي يوشك على النهاية قد شهد تصاعداً مهماً في النضال الإجتماعي على أكثر من صعيد وفي أكثر من بلد، خاصة داخل بلدان الإتحاد الأوروبي حيث ذكرّت التظاهرات الضخمة التي انطلقت في اليونان وفرنسا واسبانيا والبرتغال وبلجيكا بتلك التي جرت في النصف الثاني من القرن العشرين والتي غيّرت من وجه أوروبا عبر المكتسبات التي حققتها الطبقة العاملة والحركة الشعبية آنذاك... مع الأخذ بعين الإعتبار كل أوجه الإختلاف، التاريخية والإجتماعية، بين هذه وتلك.

ونضيف الى تلك التحركات المواجهات التي جرت في منطقتنا العربية، في مصر ولبنان وخاصة في فلسطين، ضد الحصار والتهويد وقرارات " الترانسفير "... الخ. وقد رأينا في كل هذه التحركات والمواجهات، التي أسهمنا في اطلاقها بعد اللقاء الإستثنائي الذي عقد في دمشق، بداية مرحلة جديدة من التنسيق والتعاون بين الأحزاب الشيوعية والعمالية في العالم، إستنادا الى بعض بنود البرنامج الذي وضعناه في اللقاء الحادي عشر، في نيودلهي، والذي أكد على ضرورات العمل بين العمال والشباب وفي المجالات المطلبية، مع تخصيص حملة استثنائية لقمة الأطلسي في لشبونة.

وإذا كنا لسنا بصدد تقييم ما أنجزناه خلال فترة عام، وهو كبير جداً ومهم جداً، بغض النظر عن عدد التحركات المشتركة التي قمنا بها ومجالاتها، إلا أننا لا بد أن نقول أن الشعار المطروح للقائنا الحالي، " ترسيخ الجبهة المعادية للإمبريالية" يتطلب منا التوقف أمامه والإتفاق فيما بيننا، أولاً، على مفهوم ومحتوى " الجبهة المعادية للإمبريالية". وفي بداية الأمر، أن نبحث كيف نرتقي بلقائنا السنوي ونفعله، إنطلاقاً من الأشكال التنظيمية التي خضنا غمارها خلال السنوات العشر الماضية، بدءا بحركة مقاومة العولمة الرأسمالية، التي تتخذ بورتو اليغري منطلقا لها، ومروراً بالنقاشات التي انطلقت منذ أكثر من عام حول " الأممية الخامسة " التي طرحها الرئيس الفنزويلي هوغو شافيز ووصولاً الى ما هو موجود في عنوان لقائنا الحالي " الجبهة المعادية للإمبريالية".

فنحن نعتقد أن تجربة الحركة المعادية للعولمة، على أهميتها واتساعها، لم تستطع أن تطور نجاحاتها الكمية الى تغيير نوعي، كونها افتقرت الى برنامج للتغيير، من جهة ، والى وجود نواة صلبة داخلها، أي القوى الجذرية الحاملة للتغيير... كما أن التوجه الذي يبحث اليوم باتجاه " الأممية الخامسة" لا يزال نظرياً وعاماً، على الرغم من أن الأفكار التي ارتكز اليها هذا التوجه جديرة بالإهتمام.

كلنا يعرف، بالطبع، أن نشؤ مثل هذه الجبهة يعتمد، بالأساس، على تنظيم أدوات التغيير وقواه، خاصة، على صعيد كل بلد على حدة وفي كل منطقة، اذ لا يمكن أن نبدأ من العام الى الخاص...

لذا، نود في هذا المجال أن ننقل لكم تجربة لا تزال جنينية انطلقت منذ أقل من شهرين.

فبالتنسيق بين بعض الأحزاب الشيوعية والعمالية العربية، دعينا في أواخر شهر تشرين الأول/ أكتوبر الماضي الى لقاء يساري عربي ضم 21 حزباً يساريا من 10 بلدان عربية. نتج عن نقاشات هذا اللقاء (الذي ارتكز الى محاور ثلاثة هي: مسألة مقاومة الاحتلال والعدوان، دور الطبقة العاملة والحركة الشعبية في التنمية، الديمقراطية والمساواة) بيان مشترك حدد، في 12 بند، المهمات المرحلية على كافة الأصعدة (وقد أرسلنا، باللغتين العربية والفرنسية، نص البيان الذي وقعه 19 حزبا من أصل ال21) . وشكل " اللقاء " لجنة متابعة مهمتها وضع الأسس لتجميع صفوف اليسار العربي كمقدمة للتنسيق مع القوى الوطنية والديمقراطية العربية ولتوثيق علاقات التضامن الأممي بين اليسار العربي واليسار العالمي، انطلاقا من التأكيد ان النضال الوطني والديمقراطي والاجتماعي لليسار العربي يندرج ضمن معركة الكادحين وشعوب العالم وأممه المضطهدة من أجل التحرر الوطني والانعتاق الاجتماعي.

إننا نرى في مثل هذه اللقاءات الإقليمية الجامعة مقدمة لتطوير حركتنا الشيوعية والعمالية باتجاه تقوية الجبهة المعادية للإمبريالية في العالم. إذ لا يمكن مواجهة هذه المرحلة العدوانية المتقدمة ومنع الإمبريالية من تحميل الطبقة العاملة والجماهير الفقيرة والشعوب المضطهدة أوزار أزمتها المستعصية إذا لم تحدّد القوى السياسية الممثلة للطبقة العاملة ولحركة الشعوب، اضافة الى ماذا تريد هذه القوى وكيف ستصل الى إنجاز ما تريد.

فلنتفق، أولاً، على تطوير " لقاء الأحزاب الشيوعية والعمالية العالمي"، مستفيدين من الإنجازات التي تحققت. ولنبحث ثانياً في أشكال تجميع كل القوى المعادية للإمبريالية في مناطقنا، تمهيدا لتوسيع "الجبهة المعادية للامبريالية" ووصولاً الى نقاش علاقتنا ببعض القوى ذات المنطلقات الإيديولوجية المختلفة.



8 /12/2010