|
غلق | | مركز دراسات وابحاث الماركسية واليسار | |
|
خيارات وادوات |
|
تنظيم حزبي أم تنظيم كوموني؟
في البداية وجب القول أن الثورة ليست مسألة أشكال بل مسألة مضمون النشاط الاجتماعي للحركة نفسها. إذ أن المهم ليس شكل أو اسم هذا التنظيم أو ذاك بل المهم طبيعة نشاطه الفعلي. فلو أحصينا اليوم الأحزاب التي تُسمي نفسها "شيوعية" فسنجدها تُعد بالآلاف. لكن هل أن هذه الأحزاب "الشيوعية" تمثل بالفعل تعبيرا عن شكل من أشكال التنظيم الذاتي للبروليتاريا؟ هل أن وجود هذه الأحزاب يُعبّر عن وجود نشاط ثوري فعلي للبروليتاريا؟ وإذا كانت "أفضلية" النقابات أنها تعترف صراحة أنها منظمات لإدارة وجود العمال ضمن المجتمع الرأسمالي، وأنها "تناضل" من أجل موقع أفضل للعمال داخل النظام السائد، وهذا ما يبرر وجودها نفسه، إذ العمال في وضع السلم الاجتماعي لا يمثلون سوى جزء من العلاقة الراسمالية نفسها ويتفاوضون بصفتهم "طرفا اجتماعيا" و "شريكا في الإنتاج" وبالتالي فإنهم يطالبون (عن طريق النقابات) بحصة أكثر في الثروة الاجتماعية ، أو بسعر أفضل لبضاعتهم (قوة العمل) لقاء قبولهم بالنظام الاجتماعي وبأنفسهم كعبيد مأجورين. إذا كان هذا مبرر وجود النقابات، فما هو مبرر وجود أحزاب شيوعية بدون وجود بروليتاريا ثورية؟ فهل ستقوم هذه الأحزاب هي أيضا بإدارة وجود العمال ضمن النظام السياسي؟ أي هل أنه فيما تقوم النقابات بالتفاوض (النضال) حول موقع اقتصادي أفضل للعمال في حدود المجتمع القائم، تقوم الأحزاب "الشيوعية" بالتفاوض (النضال) حول موقع سياسي أفضل لهم؟ في الحقيقة، نعم. وهذا ما تثبته المعاينة التجريبية لواقع هذه الأحزاب "الشيوعية". ففيما يتمحور نشاط النقابات حول الحقوق الاقتصادية للعمال، يتمحور نشاط الأحزاب "الشيوعية" حول الحقوق السياسية للعمال. وهكذا نجد في الحالتين "ممثلين" لجزء من الرأسمال: العمل. أي الجناح اليساري للمجتمع الرأسمالي. وفي الحقيقة فان وضع هذه النقابات أو الأحزاب ليس نتيجة "تحريفيتهم" أو "تخليهم عن المبادئ" أو "قراءتهم الخاطئة للماركسية" بل هو تعبير عن غياب النشاط الثوري للبروليتاريا. فالعمال في وجودهم كبائعي قوة العمل، أي كممثلين لجزء من رأس المال لا يحتاجون سوى لمثل هذه النقابات والأحزاب، أي لممثلين لهم بصفتهم جناحا من أجنحة النظام وهذا ما يحدد طبيعة نشاط تلك النقابات والأحزاب. فوجود العمال في هذه الوضعية كملحق من ملاحق الرأسمال لا يحتاج لتنظيمهم الذاتي بل لممثلين عنهم في التفاوض، وهذا بالضبط ما تمثله النقابات والأحزاب "الشيوعية".
|
|