التعاون بين التنمية والتحرر


سامح سعيد عبود
2010 / 10 / 25 - 22:50     

العلاقة التعاونية للإنتاج هى علاقة إنتاج نشأت طوعيا لتحمى كلا من العمال المأجورين و البرجوازيين الصغار فى مواجهة كل من الرأسماليين و بيروقراطية الدولة، وهى علاقة موجودة فى معظم بلاد العالم، وقد توقع روادها الأوائل أن تكون الطريق لتحرر كل من العمال المأجورين و المزارعين والمهنيين والحرفيين والفنيين الصغار من كل من عبودية العمل المأجور و القنانة، وقد تصور هؤلاء الرواد مجتمعا يقوم على علاقات التعاون فى كل مجالات الإنتاج والخدمات والائتمان والتبادل والتوزيع والاستهلاك، وحتى القيام بالدور السيادى للدولة فى الأمن الداخلى والدفاع والعدل والتمثيل الخارجى، عبر اتحاديات و تحالفات تلك التعاونيات فيما بينها، و تلك الرؤية لتجاوز الرأسمالية والبيروقراطية والدولة، تحظى بأنصار يتزايدون باستمرار، وخصوصا بعد انهيار كل من الأنظمة البيروقراطية و دولة الرفاهية، إلا أن علاقات التعاون ما تزال علاقة إنتاج هامشية أمام كل من البيروقراطية والرأسمالية والإنتاج الفردى والرأسمالى الصغير، ولم تستطع أن تحقق السيادة الاجتماعية حتى الآن، رغم مرور أكثر من قرن ونصف على نشوءها، و إن كان هذا وارد فى المستقبل، عندما تزول معوقات تحقق هذه السيادة، وهذا يستلزم نضال اقتصادى واجتماعى وسياسى وثقافى لإزالة تلك المعوقات.
التعاونيات يمكن أن تكون أداة لتحقيق التحرر من عبودية العمل المأجور والقنانة، مما سوف يدفع بالتطور البشرى خطوات هائلة إلى الأمام، ولكن بشرطين الأول استقلالها عن الدولة والرأسمالية، و الثانى تخلصها من التشوهات البيروقراطية والرأسمالية التى قد تشوب تطبيقاتها أحيانا، وهما شرطان لا يتناقضان مطلقا مع المبادىء الرئيسية للتعاون بل يتطابقان مع جوهر تلك المبادىء، والحقيقة أن الحركة التعاونية تتنازعها ثلاث ميول، ميل سلطوى يميل لتحويل التعاونيات إلى جهاز من أجهزة الدولة فى إطار خططها للتنمية، وميل رأسمالى يعتبر التعاونيات مؤسسات رأسمالية يجب أن تهدف للربح، و ميل ثالث لا سلطوى و لا رأسمالى يحرص على أن تكون التعاونيات منظمات مدنية وديمقراطية وشعبية مستقلة تماما عن الدولة والرأسمالية.
تأثرت التعاونيات دائما بتدخل البيروقراطية الحكومية فى شئونها مما أفقدها طابعها الطوعى والديمقراطى والمدنى فى كثير من الأحيان، و التى حولتها فى النهاية لمؤسسات شبه بيروقراطية غير ديمقراطية و لا طوعية مما ساعد على أن ينخر فيها الفساد والاستغلال، و على أن تفقد شعبيتها، برغم إن الإدارة فى التعاونيات لابد وأن تكون بلا امتيازات حرصا على عدم فسادها، ومن هنا يفضل أن تدار التعاونيات بالنظام الذى يقترحه مايكل ألبرت المسمى "حزمة الوظائف المتوازنة" الذى يتيح لجميع الأعضاء المشاركة فى الأعمال الإدارية وغير الإدارية فى نفس الوقت.
من ناحية أخرى تأثرت التعاونيات بالعلاقات الرأسمالية سواء من حيث استخدام التعاونيات للعمل المأجور أو من حيث تأثرها بقواعد السوق الرأسمالى، وأهمها الإنتاج من أجل الربح اللذان يجعلا من التعاونيات مؤسسات رأسمالية، ومن ثم فإن نقاء هذه العلاقة الإنتاجية من تشوهها بيروقراطيا أو رأسماليا و اعتبارها علاقة إنتاج مستقلة ومتميزة عن العلاقات الأخرى البيروقراطية والرأسمالية والفردية والرأسمالية الصغيرة، مرهون بتحررها من السيطرة والتأثر بكل من البيروقراطية والرأسمالية على السواء، ومشروط بعدم استخدامها للعمل المأجور أو العمل الجبرى، فضلا عن تخليها عن مبدأ تحقيق أعلى معدل ربح، وهذا أمر يمكن تصور حدوثه فى المستقبل عندما تتحول هذا العلاقة من وضع الهامشية لوضع السيادة فى المجتمع.
تقوم علاقة الإنتاج التعاونية على عدد من المبادئ التى تميزها عن كل من العلاقتين البيروقراطية والرأسمالية، والتى أقرها الاتحاد الدولى للتعاونيات، وهى أولا عضوية الجمعية طوعية ومفتوحة، وثانيا ديمقراطية الإدارة، ثالثا الاستقلالية عن كل من الدولة ورأسالمال، رابعا مشاركة العضو اقتصادياً بشرط أن تكون الفائدة محدودة على رأسالمال المساهم به، وأن يوزع العائد على معدلات الإنتاج أو الاستهلاك، خامسا التعاون بين التعاونيات، سادسا التعليم والتدريب المستمرين للأعضاء وحرية الحصول على المعلومات، سابعا الاهتمام بتنمية المجتمعات المحلية".
"كانت الحركة التعاونية مثالاً لمساعدة الطبقة العاملة لنفسها على التحرر من عبودية العمل المأجور، ومثالا عن مساعدة المنتجين الأفراد المستقلين لأنفسهم للتخلص من استغلال و قهر كل من التجار والمرابين والملاك العقاريين وبيروقراطية الدولة، وقد انحسرت الجمعيات التعاونية الاستهلاكية في السنوات الأخيرة حيث أصبح من الصعب عليها منافسة شركات السوبر ماركت العملاقة، إلا أنه من ناحية أخرى فإن تعاونيات المنتجين حققت النجاح الأكبر في مجال الزراعة. فعلى سبيل المثال بدأت تعاونيات المزارعين الفرنسيين قبل تسعة عقود، واتسعت كثيراً في النصف الثاني من القرن العشرين حيث انتقلت من التسويق والتوزيع إلى المشاريع المتصلة بتجهيز الأغذية، ويمكن العثور على تعاونيات المنتجين بين صيادي الأسماك الذين يشتركون في ملكية قواربهم وفي الأرباح، وقد وجدت بضعة تعاونيات منتجين في الصناعة، ولكنها لم تكن ناضجة بوجه الإجمال" .
تشكّل التعاونيات عنصراً ضخماً في الاقتصاد العالمي برغم بقاءها هامشية، فتشير التقديرات إلى أنّ عدد أعضاء التعاونيات يبلغ حوالي 800 مليون شخص، وإلى أنّ 100 مليون منهم يعيشون من التعاونيات في مجالات التمويل الزراعي، والإسكان، والبيع بالتجزئة، وغيرها من القطاعات" . "وعلى المستوى الدولي، تعرّف التعاونيات بنفسها استناداً إلى سبعة مبادئ أساسية اعتمدها الاتحاد الدولي للتعاونيات في جمعيته العامة في العام 1995. وتشدّد هذه المبادئ على الطبيعة الديموقراطية للتعاونيات، بما في ذلك مبدأ العضوية المفتوحة، بغضّ النظر عن الجنس أو العرق أو الآراء السياسية أو الدين أو الوضع الاجتماعي، كما أنّها تتضمّن مبدأ العضو الواحد - والتصويت الواحد، وتصف التعاونيات نفسها بأنّها منظمات مستقلّة تساعد نفسها بنفسها، ويديرها أعضاؤها.غير أنّ الحكومات المختلفة لم تقبل دائماً هذه النقطة الأخيرة، لأنّها تبنّت في بعض الأحيان نظرية العمل التعاوني كسبيلٍ للتنمية الاقتصادية، لا كأداة للتحرر، ومن ثم مارست التدخل فيها، ثمّ حاولت تحويل التعاونيات إلى أجهزة شبه رسمية تابعة للدولة، و تمت بقرطتها كما هو الحال فى مصر وباقى البلاد العربية. وقد جاءت توصية الاتحاد التعاونى الدولى فى مواجهة ذلك لتشدّد على الطبيعة التشاركية والمستقلة للعمل التعاوني، بالقول إنّ "التعاونيات تقوّي الناس عبر تمكين أكثر الفئات السكانية فقراً من المشاركة في التقدم الاجتماعي، كما أنّها تخلق فرص العمل لأصحاب المهارات الذين يفتقرون إلى الرأسمال أو يملكون القليل منه، وتؤمّن الحماية لهم من خلال تنظيم المساعدة المتبادَلة في المجتمعات المحلية" .
ومن ناحية أخرى كتب ماركس فى رأسالمال " إن المصانع التعاونية للعمال أنفسهم تمثل البدايات الاولى للجديد داخل الشكل القديم. على الرغم من أنها تفرخ ويجب أن تفرخ في كل مكان من تنظيمها الفعلي كل عيوب النظام السائد". ، و علق فى مكان آخر على التعاونيات ب" الملكية الزراعية الصغيرة التي هي الشكل العادي للإنتاج الفردى الصغير تتدهور و تبيد و تهلك تحت سيادة العلاقات الرأسمالية الإنتاجية. ذلك لأن الملكية الصغيرة للأرض تحول بحكم طبيعتها دون تطور قوى العمل الإنتاجية، و أشكال العمل الاجتماعية، و تحول دون تطور وسائل الإنتاج، و تحول دون تطبيق العلم تطبيقا مطردا. كما إن الربا و نظام الضرائب يحتمان خراب الملكية الزراعية الصغيرة في كل مكان، وتتجزأ وتتفتت وسائل الإنتاج إلى ما لا نهاية، و من ثم يتبعثر المنتجون الأفراد المستقلون، أما التعاونيات فيمكنها فقط ان تضعف هذا الاتجاه دون أن تمحوه، و يجب أن لا ننسى أيضا أن هذه التعاونيات تعطي كثيرا للفلاحين الميسورين، و لكنها تعطي قليلا جدا لجمهور الفلاحين الفقراء او لا تعطيهم شيئا تقريبا ثم أن الأمر ينتهي بهذه الجمعيات إلى أن تستثمر بنفسها العمل المأجور" .
علينا عند طرح بديل عن الرأسمالية والبيروقراطية، ألا نضع مشروع من قبيل الهندسة الاجتماعية بما نفضله فى خيالنا من مثل ومبادئ ووسائل، بل نبحث فى الواقع نفسه عن البدائل الموجودة، و الوسائل الممكنة بالفعل، ومن هنا تشكل التعاونيات الإنتاجية، نمط بديل وممكن عن نمطى الإنتاج الرأسمالى والبيروقراطى، ميزتها أنها موجودة فعلا فى الواقع لا محصورة فى الخيال، أى قابلة للاختبار العملى لا التأمل العقلى، قابلة للنقد، و من ثم قابلة للتطوير لا الإيمان والكفر، والعلاقة التعاونية تحت شروط معينة هى البديل الممكن عن العلاقة الرأسمالية التنافسية، وعن الدولنة البيرقراطية فى نفس الوقت، و ربما يكون هذا هو النمط الذى سوف يسود مستقبلا برغم أنه مازال هامشيا ومشوها فى ظل الهيمنة الرأسمالية والبيروقراطية على المجتمع، و لكى يزدهر هذا النمط، و يحقق تلك السيادة الاجتماعية، لابد من توافر شرطين أولهما كسر الهيمنة الرأسمالية والبيروقراطية عليه مما يعنى أيضا خلوه من إمكانيات البقرطة والرسملة، و مظاهرهما الكامنتان فيه فى نفس الوقت، وثانيهما إثبات تفوقه على نمطى الإنتاج الرأسمالى والبيروقراطى، واقعيا لا نظريا، تفوق ناجم عن أساس مادى، لا مثالى، وهو إشباع احتياجات الناس المادية والمعنوية على نحو أفضل من النمطين الرأسمالى والبيروقراطى، كما أثبت النظام الرأسمالى تفوقه على كل النظم ما قبله فى تلبية تلك الاحتياجات على نحو أفضل منها، وكان هذا السر وراء انتصاره عليها.
يحد من قدرة التعاونيات الإنتاجية على أن تحل محل الرأسمالية كنمط إنتاج، أنها مجرد وحدات صغيرة للإنتاج اللاتنافسى غير الساعى للربح، محاصرة فى نفس الوقت بسوق التبادل الرأسمالي التنافسى الساعى للربح، وبما أن التبادل من أجل الربح يسيطر على الإنتاج في الاقتصاد الرأسمالي، فأن الإنتاج يعتمد على قوانين السوق، و الذى يتم الإنتاج فيه بغرض التبادل لتحقيق الربح، لا بغرض إشباع الحاجات الاستعمالية التى لا تهدف للربح، ونتيجة لواقع التنافس والسعى للربح تصبح مصالح رأس المال فى تعاظم الأرباح، وتراكم رأسالمال، مسيطرة على عمليات الإنتاج والتبادل والتوزيع، فى المجتمع، وتصبح شرطا لدوام كل مشروع ونجاحه، وفى ذلك تستخدم كل السبل التي تمكن المشروع التعاونى من الصمود في وجه منافسيه الآخرين في السوق، والخضوع لمتطلباته التنافسية، باستخدام العمل المأجور، و بطول يوم العمل، وبرفع الأسعار لتحقيق الأرباح، ولمواجهة مشكلة تمويل المشروع تعطى مميزات للرأسمال المشارك فى التعاونيات على حساب انتهاك حقوق العمل فى التعاونية، مما ينتهى بالتعاونيات لتصبح مشاريع رأسمالية فى النهاية.
من هنا فإن تعاونيات الإنتاج لا يمكنها الاستمرار تحت هيمنة نمط الإنتاج الرأسمالى، إلاّ إذا تمكنت من القضاء على التناقض بين نمط الانتاج التعاونى، ونمط التبادل الرأسمالى السائد، و ذلك بأن تضمن لنفسها سوقا دائما لمنتجاتها، وهو ما يمكن أن تقوم به تعاونيات المستهلكين، وفى النهاية خلق اقتصاد تعاونى متكامل ومكتفى ذاتيا و مستقل عن السوق الرأسمالى.
و فى هذا السياق كتبت روزا لوكسمبرج فى دراستها للتعاونيات "إذا كان صحيحا أن امكانيات وجود تعاونيات المنتجين داخل الرأسمالية رهن بامكانيات وجود تعاونيات المستهلكين، فإن مجال الأولى مقتصر، حتى في أكثر الحالات مواتاة، على السوق المحلي المحدود، وعلى مصنعي المنتوجات التي تخدم حاجات مباشرة، وعلى الأخص المنتجات الغذائية. وبذلك تستثني تعاونيات المستهلكين، وبالتالي تعاونيات المنتجين من معظم فروع انتاج رأس المال الأكثر أهمية – صناعات النسيج والتعدين والمعادن والبترول وبناء الآلات والقاطرات والسفن. ولهذا السبب وحده، فإن التعاونيات في حقل الإنتاج، بغض النظر عن طبيعتها الهجينة، لا يمكن اعتبارها جديا أداة للتحويل الاجتماعي العام. ذلك أن إقامة تعاونيات المنتجين على نطاق واسع تفترض قبل كل شيء القضاء على السوق العالمي، وتفتيت الاقتصاد العالمي الراهن إلى حقول إنتاج وتبادل محلية صغيرة. أي أن المطلوب من رأسمالية عصرنا الفائقة التطور الواسعة الانتشار أن تقفل عائدة إلى اقتصاد العصور الوسطى التجاري، و تقتصر تعاونيات المنتجين ضمن إطار مجتمعنا الراهن على لعب دور الملحق البسيط بتعاونيات المستهلكين، ولذا يبدو أن هذه الأخيرة يجب أن تكون بداية التحويل الاجتماعي المقترح، ولكن إصلاح المجتمع المتوقع بواسطة التعاونيات يكف بذلك عن أن يكون هجوما ضد الإنتاج الرأسمالي، أي أنه يكف عن أن يكون هجوما على القواعد الأساسية للإنتاج الرأسمالي، ويصبح بدلا من ذلك نضالا ضد رأس المال التجاري وعلى الأخص الصغير والمتوسط منه. أنه يصبح هجوما على أغصان الشجرة الرأسمالية ".
مازال حديث روزا لوكسمبرج محتفظ بصحته عند هذا المستوى من تطور قوى الإنتاج فى عصرها، وهذا العصر أيضا، ولكن لم لا نتصور أن تبدأ المسألة فى الاتجاه العكسى، بأن تخلق تعاونيات المنتجين ملحقات لها من تعاونيات الاستهلاك تستهلك منتجاتها، أو تعاونيات تجمع طيف واسع من الأنشطة المتكاملة الإنتاجية والاستهلاكية.
ربما مع تطورات أخرى فى قوى الإنتاج، وعلى الأخص تقنيات أكثر تطورا، قد يصبح فى الإمكان تنظيم كل أشكال الإنتاج والتوزيع والتبادل على الأساس التعاونى ضرورة اجتماعية، يضطر إليها الناس لتلبى احتياجاتهم، والملاحظة الجديرة بالذكر هنا أن أعداد المنخرطين فى الإنتاج الرأسمالى عالميا ومحليا تتقلص بقوة لصالح تزايد أعداد المنخرطين فى النمط الفردى، كما سبقت الإشارة إلى ذلك، وهؤلاء يمكن أن ينظموا أنشطتهم تعاونيا فى مواجهة الدولة و رأسالمال، وهذا تطور لم يكن فى حسبان روزا لوكسمبرج، التى كانت تتوقع كما توقع ماركس زيادة الاستقطاب الطبقى بين البروليتاريا و الرأسمالية، واضمحلال أنماط العمل الفردى والعائلى والرأسمالى الصغير.
من زاوية أخرى و بالتفاعل مع ما كتبته روزا لوكسمبرج، و من رؤية الواقع، يمكن القول أن القضاء على الأنماط الفردية والعائلية و الرأسمالية الصغيرة مهمة تقدمية جدا، حتى مع بقاء الرأسمالية لبعض الوقت، وإذا استطاعت التعاونيات الاستهلاكية فعلا أن تنجزها، فسوف تكون قد أدت دورا غاية فى الأهمية للتطور الاجتماعى،و الجدير بالذكر أن معظم المنشئات الصغيرة والمتوسطة التى تعمل فى الصناعة التحويلية كالملابس الجاهزة والصناعات الجلدية والخشبية والمعدنية هى مجرد ورش حرفية ومهنية متوسطة و كبيرة لصناعات الأثاث وحياكة الملابس و الأحذية والحقائب والمشغولات المعدنية والفخار وغيرها من الصناعات الحرفية، وهذه الورش لا ينطبق عليها نظام المصنع تماما، وشأنها شأن مصانع التعبئة والتغليف والتجميع لا تعطى قيمة مضافة كبيرة، إلا أنها فى هذه الحالة يملكها حرفيون ومهنيون صغار و كبار لم يتحولوا بعد إلى رأسماليين ، وهى منشئات لا تشكل صناعات حقيقية تعطى قيمة مضافة ذات شأن، و لا هى من المشاريع كثيفة رأسالمال التى يصعب على الحركة التعاونية فى الظروف الحالية مباشرتها، بل يمكن أن تحل محلها التعاونيات الإنتاجية بسهولة، ولسوف يدفع مزاحمة هؤلاء البرجوازيين و الرأسماليين الصغار فى نشاطهم إلى إفلاسهم أو اضطرارهم إلى الافراج عن الرساميل التى يحتجزونها فى هذا الاستثمار المتخلف منخفض الربحية لاستثمارها فى الصناعة الرأسمالية الكبيرة، أو الاشتراك فى التعاونيات، وهذه خطوة تقدمية يحتاجها المجتمع ليتطور، ويخرج من براثن التخلف، والجدير بالاهتمام هنا، أنه إذا نجحت التعاونيات فى مهمتها المرحلية بالقضاء على الأنماط الفردية والعائلية والرأسمالية الصغيرة، سوف يمكنها بالتعاون و الاتحاد فيما بينها، فى مرحلة تالية أن تتمكن من ممارسة الأنشطة التى مازلت محصورة لدى الدولة والرأسمال الكبير.
لن يتم القضاء على الرأسمالية إلا بالقضاء على جوهرها، وهو عبودية العمل المأجور، كما تحرر البشر من العبودية والقنانة التى ميزت المجتمعات ما قبل الرأسمالية فى التاريخ المكتوب، و لاشك أن الوضع المثالى للإنسان الذى يضمن له درجة أعلى من الحرية والسعادة هو استقلاله كحرفى أو كمهنى أو كفلاح لا يستخدم العمل المأجور، بشرط عدم وقوعه فى القنانة المعممة منها أو الشخصية، وعدم خضوعه للعمل الجبرى أوالمجانى، رغم العيوب المؤكدة في هذا النمط من الإنتاج التى ذكرها ماركس، المتمثلة فى ضعف الإنتاجية، والتى يمكن أن تتلافها التعاونيات المختلفة التى تجمع الجهود الفردية مما يضاعف من الإنتاجية.
العمل الفردى المستقل قلصته الرأسمالية وهمشته فى طريق تطورها وتمددها عالميا، إلا أنها وفى سياق تطورها نفسه دفعت بالمزيد من البشر إلى هذا الوضع مجددا، لأنها لم تصبح فى حاجة للمزيد من العمل المأجور.
العامل الثانى الذى يطرح التعاونيات كنمط إنتاج بديل عن الرأسمالية، هو التطور التكنولوجى الهائل، وهو ما سوف يقلص كثافة العمالة فى المنشئات الانتاجية و الخدمية المختلفة، ويقلل بالتالى من ربحيتها مما سوف يؤدى بالرأسماليين، إلى الهرب من الاستثمار فى الاقتصاد الحقيقى إلى الاستثمار فى الاقتصاد المالى والتجارى، أو بالنكوص مجددا لوضع الرأسمالى الصغير الذى يستعين بعدد محدود من العمال يشاركونه فى العمل و إنتاج القيمة المضافة، أو فى بعض الحالات النكوص أكثر لوضع المنتج الفردى، و فى كل الأحوال سوف يحتاج هذا المنتج الفردى أو الرأسمالى الصغير للتعاون مع العمالة المهنية والعلمية والحرفية المستقلة المتزايدة باضطراد فى مقابل التناقص المضطرد فى أهمية العمالة اليدوية، فى مواجهة البيروقراطية الحكومية والرأسمالية المالية والتجارية، وهذه أحد المسالك الذى قد يسلكها التطور الاجتماعى.
ما يؤكد إمكانية انتشار هذا الاتجاه فى المستقبل، ظاهرة الإدارة الذاتية العمالية للمنشئات الرأسمالية التى يهرب ملاكها، فإذا كنا فى مصر قد عرفنا فى السنوات الماضية تجربة عمال مصانع المصابيح الكهربائية بالعاشر من رمضان، التى تكررت فى مصنع أكبر للصباغة فى نفس المدينة، و مع تجارب أخرى فى فنزويلا وفرنسا وأسبانيا فأن لدينا تجربة أكبر هى تجربة عمال الأرجنتين ففى "أثناء الانهيارات التي أحدثتها الأزمة الاقتصادية في الأرجنتين، واجه العمال كارثة البطالة عندما أفلست مصانعهم الرأسمالية، و حتى يحافظوا على دخولهم مخافة المجاعة، قرر العمال في بعض حالات مواقع العمل المنهارة أن يمولوها حتى يستعيدوها كمشروع قابل للاستمرار رغم عدم قدرة المالك الرأسمالي على تسييرها، وتمت مقاومة معارضة الدولة لتلك العمليات، و مقاومة المنافسة العدوانية للمنشئات المنافسة، و ضعف إنتاجية المعدات القديمة، والطلب المنهار على منتجات المنشئات، وفى غضون ذلك استولى العمال تقريبا على 190 موقع عمل، وفي كل موقع محتل، لم يتخل المالك الرأسمالي فقط عن إدارة عمليات الشغل، ولكن تخلى الموظفين و المهنيين والمهندسين والمديرين الكبار عن العمل، حيث شعر الموظفون المميزون بأن مستقبلهم سوف يكون أفضل لو انتقلوا للعمل في أماكن أخرى بدلا من التعلق بمشاريع منهارة، و فى نفس الوقت اضطر العمال غير المهرة والذين يقومون بوظائف روتينية إلى إعادة الحياة لمصانعهم المنهارة حتى لا يعانوا من البطالة، وهكذا انتشرت عمليات احتلال المصانع في الأرجنتين، والتى "لم تكن ناتجة عن توجهات ايديولوجية أو كانت تتبع خطة ثورية" أو بقيادة حزب سياسى، لقد كانت هذه العمليات، بدلا من ذلك، "تصرفات يائسة للدفاع عن النفس". إلا أن الأكثر مدعاة للاهتمام، والإلهام، أنه بعد الاستيلاء على أى شركة من تلك الشركات، والتي كانت تحتاج عادة الى كفاح لعديد من الأشهر من أجل التغلب على مقاومة الدولة السياسية ضدهم، وبعد ذلك إدارة الموقع لفترة من الزمن، أصبحت مشروعات استعادة النشاط الاقتصادي تلك ملهمة لكثير من الناس بدرجة كبيرة." وفى الأرجنتين أيضا وفى ظل الأزمة السياسية الحادة التى واجهتها الأرجنتين كون الناس فى الأحياء الفقيرة والمتوسطة مجالس للتسيير الذاتى لتلك الأحياء لتنظم التعاون بين سكان الأحياء فى مواجهة الأزمة و لإدارة شئون الحى بعيدا عن البلديات .
في أكتوبر 2005 في كراكاس بفنزويلا عقد "مؤتمر أمريكا اللاتينية للشركات المستعادة". حضر المؤتمر ممثلين ل 263 شركة من أنحاء أمريكا الجنوبية. في التسعينات في أقليم نيوكان جنوب الأرجنتين بعد موجة من الخصخصة للشركات المملوكة للدولة في الأرجنتين، بدأت حركة العمال لإعلان السيطرة على المصانع وإدراتها بصورة جماعية. بدأ الأمر في مصنع واحد وانتقل لباقي المصانع وفي 2005 أصبح أغلب المصانع في الأقليم تحت إدارة العمال الذاتية. في 2001 وأثناء الأزمة الاقتصادية في الأرجنتين (1999-2002) ما يقرب من 200 شركة أصبحوا تحت سيطرة العمال الاصليين للشركات والذين أعلنوها تعاونيات. من أهم التجارب مصنع بروكمان للغزل والنسيج ومصنع زانون للسيراميك (يعرف باسم فا سين بات بعد إدارة العمال له) وفندق باون. في 2005 كان ما يقرب من 15,000 عامل يديرون أماكن عملهم في الأرجنتين. في كثير من الشركات المدارة عبر العمال في الأرجنتين أختار العمال بصورة جماعية توحيد الأجر. وتتخذ سياسات الشركة بصورة ديموقراطية مباشرة عبر تجمع يضم جميع العاملين .
يقال أن التعاون لا يصلح إلا فى مجالات الإنتاج والخدمات التى تعتمد على وحدات صغيرة ومحلية، وهذا ليس صحيح لأن من أهم مبادىء التعاون الجديدة أن تتعاون وتتكامل التعاونيات فيما بينها وتتحد من أسفل لأعلى لكي يمكنها تغطية كل الأنشطة البشرية، ومن هنا فإن "بعض المرافق العامة والصناعات الكبيرة فى الكثير من البلاد تدار وفق نظام الريجى التعاونى، وهى منظمات تعاونية بين التعاونيات لا الأفراد . استطاعت أن تشق طريقها فى أعمال البنوك، وفى توريد المياه، و فى النقل، وفى إنتاج الكهرباء وتوريدها، وفى إدارة الموانى و السياحة و تكرير البترول و صناعة السكر..الخ. وقد حققت فى ذلك نجاحا لم تحققه غيرها من المنظمات، فالتاريخ يشهد أن واحدا منها لم يتعثر أو يقع فى هوة الإفلاس وحتى فى أوقات الشدة والأزمات استطاعت أن توازن ميزانيتها وأن تؤدى خدماتها على أكمل وجه" .
يتهم البعض التعاونيات أنها مؤسسات رأسمالية لأنها تحافظ على حقوق الملكية الخاصة المتمثلة فى مبدأ الفائدة المحدودة على رأسالمال، وهو مبدأ لا تأخذ به التعاونيات فى ألمانيا وبلجيكا والسويد على سبيل المثال، فالمساهمة فى هذه الحالة مساهمة تبرعية من طالب العضوية لتأسيس التعاونية ودعمها وكمقابل للعضوية، إلا أن من يأخذون بمبدأ الفائدة المحدودة على رأسالمال، يدافعون عن رأيهم بأن الرأسمال يؤدى دور خادم لنشاط التعاونية، وليس بهدف الاستثمار فيها، حيث أن العائد فى معظمه يوزع على أساس المعاملات، فضلا عن أنه مبدأ مفيد لتشجيع تجميع المدخرات والملكيات الفردية الصغيرة وتحويلها لملكية تعاونية، و من ثم توسيع رأسمال التعاونية ودعم نشاطها، كما أن جزءا كبير آخر من العائد يكون احتياطى الجمعية، و يكون نتيجة تراكمه رأسالمال الاجتماعى للتعاونية، و هو غير قابل للتجزئة، فهو ملك للجمعية، و لا يصح أن يوزع على الأعضاء. فضلا عن أنه عند انسحاب العضو من الجمعية فأنه يحصل على قيمة أسهمه الأسمية فقط، ومن ناحية أخرى يمكن اعتبار أن الفائدة على رأسالمال فى هذه الحالة نوع من التعويض عن انخفاض سعر العملة بسبب التضخم، و فى النهاية لا يجوز توزيع أى أرباح على الأسهم إلا فى حالة تحقيق أرباح للجمعية، و من ثم يمكن القبول مؤقتا بهذا المبدأ كخيار واقعى فى المراحل الأولى للتعاونيات باعتبارها نمط هامشى يجب دعمه، بحيث يمكن التخلى عنه فى المستقبل عندما تتوفر الشروط الموضوعية المناسبة التى تجعلها نمط سائد.
يعيب البعض على التعاونيات التى تنتج الخدمة أو السلعة، أنها يمكن أن تحقق أرباحا من تشغيل عمال مأجوريين من غير أعضاء التعاونية فتتحول بذلك لمشروعات رأسمالية، وهذا وضع غير صحيح مبدئيا حيث تتميز الجمعيات التعاونية بأن كل عضو فيها يعتبر عاملا وشريكا فى الوقت نفسه، فإذا فقدت الجمعيات إحدى هاتين الصفتين فلا تعتبر جمعية تعاونية، وهذه الخصيصة مستفادة من الغاية التى تهدف إليها هذه الجمعيات، فهى تهدف إلى تحرير العمال ليكونوا جميعا شركاء يمارسون وظيفة المنظم فى المشروع الرأسمالى، و يمكن مقاومة هذا الميل بترسيخ مبدأ تعاونى جديد هو مبدأ عدم تشغيل العمل المأجور، و بدلا من ذلك تسهيل شراء الأسهم و من ثم العضوية للراغبين فى العمل فى التعاونيات، و هذا يساعد فى توسيع رأسمال التعاونية وتمويلها و دعم نشاطها.
يعيب البعض على الجمعيات التى تبيع الخدمة أو السلعة أنها تحقق أرباحا أيضا عندما تبيع الخدمة أو السلعة لغير الأعضاء، وهذا العيب يمكن تلافيه بالالتزام بمبدأ تعاونى جديد هو عدم بيع الخدمة أو السلعة لغير الأعضاء فى التعاونيات التى تبيع السلع والخدمات، و الالتزام بهذا المبدأ سوف يشجع كل من يرغب فى الاستفادة من انخفاض أسعار خدمات التعاونيات وسلعها فى أن يكون عضوا بها بالمساهمة فى رأسمالها، و هذا يساعد فى توسيع رأسمال التعاونية وتمويلها و دعم نشاطها، إلا أنه من الجدير بالذكر إن جزءا من عائد التعاونية يعود على المستهلكين من غير الأعضاء وفقا للمبدأ التعاونى الخاص بالاهتمام بتنمية المجتمع المحلى الذى يضم غالبا هؤلاء المستهلكين الذين حققوا ربحا للتعاونية بالتعامل معها، و بهذا المبدأ يعاد للمستهلكين جزء من الأرباح التى تسببوا بها.
التعاونيات مثلها مثل الإنتاج الفردى نمط إنتاج هامشى ضعيف بالطبع فى مواجهة كل من تدخلات بيروقراطية الدولة و استغلال الرأسماليين، وهو يتأثر بهما بشدة، مما يجعل من مسألة استمراره نقيا بلا تشويه بل ونجاحه فى الإلتزام بمبادئه أمر فى غاية الصعوبة، ولكن من قال إن الأمر سهل، وهل كان سهلا أن يستولى الشيوعيون على السلطة بالقوة، أو أن ينتزع الاشتراكيون الديمقراطيون السلطة عبر البرلمانات فى غرب أوروبا. مقابل ذلك فالميزة فى التعاونيات أنها يمكن أن تحرر فورا قطاعات يمكن أن تتزايد تدريجيا من العمال وصغار المهنيين والفلاحيين والحرفيين دون انتظار لثورة سياسية لا يعرف أحد متى تأتى، و عندما تأتى فقد تحررهم جميعا أو تعجز عن تحريرهم.
على من يؤمنون بالفكرة التعاونية باعتبارها طريقا للتحرر أن يطرحوا مهمة نجاحها واستمرارها كمهمة كفاحية طويلة الأمد على أنفسهم كحرب التحرير الشعبية طويلة الأمد التى مازال يتبناها البعض، فهى تحتاج مثلها إلى بذل جهودا خارقة وابداعات عبقرية إلا أنها غير دموية، و ذلك لإنجاحها اقتصاديا فى مواجهة الرأسمالية، ونضالا سياسيا من أجل استقلال التعاونيات التام عن الدولة ومواجهة بيروقراطيتها، ونضالا اجتماعيا يربطها بحل مشكلات الواقع المحلى الذى تعمل فيه، ونضالا ثقافيا يطور من وعى البشر ليلائم هذا النمط، حتى يصبح دعم التعاونيات فى مواجهة الرأسمالية موقف رأى عام اجتماعى، وحتى يستهجن الوعى السائد عبودية الأجر كما يستهجن الآن العبودية الكاملة والقنانة، و حتى يستهجن غالبية البشر الملكية الخاصة كما يستهجنوا الآن أكل لحوم البشر.
بالرغم من الصعوبات التى لا تنكر أمام نجاح التعاونيات إلا أن نقطة قوتها الأساسية فى مواجهة نقطة ضعف المشروع الرأسمالى، هو أنها يمكن أن تبيع سلعها وخدماتها بأسعار أقل كثيرا مما هو سائد فى السوق الرأسمالى، وذلك بخصم معظم ما يحصل عليه التجار والوسطاء والمقرضون من سعر السلعة أو الخدمة، والاكتفاء فى هذه الحالة بالبيع بأسعار أعلى قليلا من أسعار المنتج المباشر للسلعة أو الخدمة لتحقيق هامش بسيط للعائد يغطى المصروفات الإدارية و تكوين الاحتياطى والخدمة الاجتماعية، وذلك فى حالة التعاونيات التى تبيع السلعة أو الخدمة، ومن ناحية أخرى فى التعاونيات التى تنتج السلعة أو الخدمة، فأنه يتم بيع السلعة أو الخدمة بسعر أقل مما يبيع به الرأسمالى سلعه أو خدماته، وذلك بخصم صافى ما يحصل عليه الرأسمالى من أرباح من سعر السلعة أو الخدمة بعد تغطية التكاليف والاحتياطى، وجدير بالملاحظة أنه يمكن توفير الكثير من التكاليف غير الضرورية المحملة على سعر السلعة أو الخدمة التى يتطلبها المشروع الرأسمالى فى إطار منافسته مع المنتجين الآخرين كتكاليف الدعاية والإعلان مثلا، و كل هذا يعطى التعاونيات قدرة هائلة فى مواجهة المشروع الرأسمالى.
يبدأ طرح التعاونية كحل لمشكلات كل من العمال فى التحرر من عبوديتهم المأجورة و من الاستغلال الرأسمالى، و المتعطلين عن العمل والمهمشين من أجل إيجاد فرص عمل حرة وكريمة بدلا من التسول من الدولة والأغنياء، و صغار المهنيين والحرفيين والفلاحيين فى التحرر من البلطجة الحكومية وغير الحكومية، ومن الاستغلال الرأسمالى على السواء، و بالطبع يحتاج الأمر نضالا لتجميع هؤلاء وتنظيمهم و إرشادهم، ومساعدتهم من أجل تدبير الرأسمال الكافى لممارسة نشاطهم، وهى عمليات ليست بالهينة بل تحتاج لإبداعات لكنها غير مستحيلة، حيث أن أى مشروع يمكن أن يبدأ صغيرا وينمو كما قد يفشل، و عليهم والحال هكذا أن يعتبروا أن نجاحهم الاقتصادى فى مواجهة متطلبات السوق الرأسمالى والتدخل الحكومى مهمة حياة أو موت بالنسبة لهم، وفى نفس الوقت أن يدعموا السياسات التى تحقق استقلالهم و نجاحهم وتلبى مصالحهم.
يبدوا أن الحلف التعاونى الدولى تنبه إلى الصعوبات التى تواجه التعاونيات فى ظل ظروف المنافسة الرأسمالية السائدة، فأضاف مبدأ تعاونيا جديدا وهو تعاون التعاونيات، وهو يعنى الحرص على أن لا تنشأ أى منافسة بين التعاونيات، بل و أن تتعاون التعاونيات المختلفة و تتكامل فيما بينها محليا وكوكبيا، حتى يتطور الأمر بعد توسع الحركة التعاونية إلى حد كافى يتيح للتعاونيات أن تقرر ألا تتبادل سلعها وخدماتها إلا فيما بينها، فتحقق أسلوبا للتبادل التعاونى بين المنتجين والمستهلكين التعاونيين مستقلا عن السوق الرأسمالى، وفى هذه الحالة يمكنها فحسب أن تثبت تفوقها على الرأسمالية، من حيث الكفاءة فى اشباع الاحتياجات البشرية، وقد ناقش الحلف التعاونى الدولى مؤخرا بمناسبة مرور مئة وخمسين عاما على إقامة أول تعاونية فى روتشديل بانجلترا عام 1844،إمكانية إقامة اتحادات تعاونية متعدية الجنسية لتحقق هذا التكامل فيما بين التعاونيات كوكبيا، فى مواجهة المؤسسات الرأسمالية متعدية الجنسية التى تستفيد من اتساع السوق الكوكبى

الهوامش
http://www.arabicwata.org/Arabic/
The_WATA_Library/The_Term_for_the_Day/
Terms_Archives/2004/june/03.html
http://www.ilo.org/public/arabic/region/arpro/beirut/
infoservices/wow/wow2002-03/issue48/article5.htm
http://www.ilo.org/public/arabic/region/arpro/beirut/
infoservices/wow/wow2002-03/issue48/article5.htm
ـ كارل ماركس، رأس المال المجلد الثالث ،ط دار التقدم، موسكو، ص 521."
http://www.rezgar.com/debat/show.art.asp?aid=9753

http://www.marxists.org/arabic/archive/rosa/1900-rr/08.htm
روزا لوكسمبرج إصلاح اجتماعي أم ثورة8- التعاونيات والنقابات والديموقراطية
http://www.ndp.org.eg/ar/conferances/8th_conf/papers/economy.doc
http://www.kassioun.org/index.php?mode=archeivebody&id=16204
مايكل البرت كيف يدير عمال الارجنتين بانفسهم المصانع التي هجرها اصحابها..
http://ar.wikipedia.org/wiki
د. جابر جاد عبد الرحمن، تشريعات التعاون الجزء الأول فى البنيان التعاونى، مطبعة جامعة القاهرة، 1976 ص 308