ألف ألف تحية لثورة اكتوبر الاشتراكية العظمى بمناسبة الذكرى السنوية لقيامها في روسيا عام 1917

أحمد علي القضماني
2010 / 10 / 23 - 10:31     

لم يعرف التاريخ السياسي للشعوب، حدثا ايجابيا اعظم من ثورة اكتوبر الاشتراكية المجيدة في روسيا عام 1917، فقد شكلت هذه الثورة مدرسة عظيمة الاهمية للنضال في سبيل تحقيق المساواة الحقيقية والعدالة الاجتماعية و تأمين اعلى مستويات السعادة البشرية. وهي اول ثورة اشتراكية في التاريخ على اسس علمية، هدفها اقامة عالم انساني حر خال من الاستغلال والحروب الاستعمارية. ومنذ قيامها وطوال عمرها الذي استمر (74) عاما شكلت من نفسها قاعدة استندت اليها الجماهير الشعبية في انحاء العالم في نضالها الطبقي الثوري من اجل الخلاص من انظمتها الاقطاعية والرأسمالية، ومن اجل التحرر من الاستعمار الاجنبي. فقد كانت تلك الثورة القاعدة الرئيسية التي امدت نضالات الشعوب بالدعم المتعدد الجوانب الذي منه المواجهة الصلبة المقاومة للامبريالية، والعنصرية، والرجعية والصهيونية وجميع اشكال استغلال الانسان للانسان في كل مكان في العالم. وللاسف الشديد فقد انكر فضل هذه الثورة البعض من الذين ساعدتهم وحتى الفقراء منهم بسبب الجهل وانعدام الثقافة والمعرفة. والبعض من انصارها والمؤمنين برسالتها تمسكوا بحرفيتها كالتمسك المطلق بكتاب مقدس وبطقوس مورست منذ عهود قديمة ولا تسمح باي تطوير. اما ثورة اكتوبر الاشتراكية فهي ثورة سياسية واجتماعية وثقافية استندت على فلسفة وافكار سياسية غير دينية تعالج متطلبات الحياة المادية والمعيشية والثقافية. نعم فقد ظُلمت هذه الثورة من هؤلاء وهؤلاء رغم كونهما من انصارها ومريديها. لذلك فقد اضروا بها وباشعاعها وبرسالتها الدنيوية التي تعالج مصائب البشرية المتولدة من الفوارق الطبقية بين ابناء الشعب الواحد والامة الواحدة. حيث الاغنياء اقلية، والفقراء هم الاكثرية. والاغنياء اصحاب السلطة ويقدمون مصالحهم على مصالح الاغلبية من مواطنيهم في جميع الدول، ويضعون الدساتير والقوانين الملائمة لمصالحهم المادية والمعنوية، والتي تحافظ على استمرار مكتسباتهم وزيادة ثرواتهم، وتحافظ ايضا على وجود السلطة السياسية بايديهم وتحت اشرافهم جيلا بعد جيل. وبشكل يؤمّن لهم استمرارهم في تقدم الصفوف وتصريف امور الدولة حسب مصالحهم المادية والمعنوية الخ..
هذا ورغم انهيار الاتحاد السوفييتي في العام 1991 على يد طغمة من الحكام الفاشلين وغير المخلصين بما فيه الكفاية للعقيدة الماركسية اللينينية ولقضية البروليتاريا، فان الذنب ليس ذنب افكار ثورة اكتوبر الاشتراكية، فهي واضحة وسهلة ولم تقدم للعالم طقوسا ولم يكن دورها سوى دور المرشد على الطريق الصحيح، واعطت البشرية ثقافة شافية وكافية ومثمرة تضخ في عقول المناضلين الصادقين والمخلصين ما يلزمهم من العافية الفكرية والبصيرة السياسية البعيدة المدى. نعم لقد اثرت ثورة اكتوبر الاشتراكية تأثيرا ايجابيا ملموسا لصالح التطور العالمي في جميع المجالات النهضوية واعطت دفعات جبارة الى الامام لا مثيل لها في الزمن السابق لصالح حركات التحرر الوطنية للخلاص من الاستعمار وتحقيق الاستقلال، واتاحت للمناضلين الكثير من الامكانات لتحقيق اهدافهم التي تنصب في مصلحة بلدانهم وشعوبهم.
نعم فقد ايقظت ثورة اكتوبر الوعي الوطني ودعمت النضال التحرري واعطته زخما قويا ساهم في شد ازر الانتفاضات الوطنية التحررية في العديد من البلاد بما فيها بلادنا العربية.
كذلك اسهمت ثورة اكتوبر الاشتراكية في تدعيم وتوطيد العلاقات الدولية القائمة على تثبيت السلام العالمي، واقرار حق تقرير المصير والتعاون الاخوي بين العديد من الدول، وتقديم المساعدات النزيهة، والغاء القيود المعرقلة للتطور في العديد من المجالات.
كما ساعدت ثورة اكتوبر في فضح المعاهدات السرية الاستعمارية، وبالنسبة لنا نحن العرب فقد كان فضح اتفاقية "سايكس – بيكو" المتزامن مع اصدار بريطانيا لوعد "بلفور" المشؤوم، عاملا مهما في انضاج الوعي الوطني وكشف حقيقة النوايا الاستعمارية ذات العلاقة بالمنطقة العربية. هذا والفيتو الذي استخدمه الاتحاد السوفييتي في مواجهة المؤامرة البريطانية الفرنسية ضد استقلال سوريا ولبنان، كان اول فيتو تستخدمه الدولة السوفييتية الفتية حينذاك. وفي عام 1919 وصف لينين نظام الانتداب الاستعماري بانه "توزيع الحصص للنهب والسلب، وكان لينين قد قيّم الحرب الايطالية الليبية في عام 1913 بانها مجزرة بشرية متقنة وبانها تقتيل للعرب بواسطة احدث العتاد. وكان لينين قد اكد مرارا على اهمية التعاون الكفاحي بين ثورة اكتوبر وبلدان الشرق المكافحة من اجل الاستقلال والتحرر من الاستعمار واعوانه المأجورين.
نعم والف نعم ان ثورة اكتوبر الاشتراكية منذ قيامها في عام 1917، لا زالت وستبقى رغم انهيار الاتحاد السوفييتي وللاسف الشديد، حدثا عظيم الاهمية فهي اسهمت في تطوير النضالات الوطنية التحريرية للعديد من شعوب العالم. وبالنسبة لنا نحن العرب، فان الاتحاد السوفييتي كان دائما الصديق الوفي والحليف المبدئي، وصداقته هذه تقوم على اساس المساواة والمنفعة المتبادلة واحترام حقوق السيادة وعدم التدخل في الشأن الداخلي. والمرحوم الرئيس حافظ الاسد قيّم اتفاقية الصداقة التي كانت معقودة بين سوريا والاتحاد السوفييتي على انها "حجر الاساس في سياسة سوريا المستقلة" وكان المرحوم الرئيس جمال عبد الناصر قد قال ايضا: "ان الاتحاد السوفييتي هو الاكثر استحقاقا لامتنا ننال الذي لا حدود له".
وفي خاتمة المقال اود التذكير بان انهيار الاتحاد السوفييتي اساء لثورة اكتوبر الاشتراكية لكنه لا يقلل من اهميتها باي حال من الاحوال.
(مجدل شمس – الجولان العربي السوري المحتل)