الحزب الشيوعي اللبناني والممارسة الثورية


باسم شيت
2010 / 10 / 12 - 22:32     

“الرابط الحقيقي بين نضال الجماهير وتربية الكادرات الحزبية له مسلك وحيد يفضي إلى بناء الحزب الثوري من خلال ربط النظرية بالممارسة الثورية. وأول شروط بناء القيادة والكوادر الثورية هو التخلي عن الممارسات الفوقية، وعن الغطرسة، وعن الادعاءات النظرية الاستهلاكية البعيدة عن التربية الثورية .”

“فالنظرية، تبقى نظرية يتيمة، إن لم ترتبط بالنضال الطبقي الحقيقي، وبقدرة حاملها على تحويل الوعي الطبقي لدى شرائح الطبقة العاملة إلى وعي طبقي ثوري يوصل في نضاله إلى الهدف الاشتراكي المنشود.” (سمير دياب، مهمة الشيوعي صعبة ولكن خياراته صائبة، النداء، عدد ١٤٠، ١٥ تموز ٢٠١٠).

توَقَّعْت عندما بدأت القراءة في مقال الرفيق دياب أنه لربما سيكون هناك جزء ما من المقال أو حتى من عدد النداء يحاول فيه أحد قادة الحزب الشيوعي تبيان أو محاولة إثبات أن “خيارات الشيوعي” هي فعلاً “صائبة” أو إنها تهدف فعلاً إلى البناء الاشتراكي.

فلو نظرنا إلى معظم المنشورات والمقالات التي كتبتها القيادة الشيوعية في الفترة السابقة لا نجد شيئاً يحاول أن يقارب بين النظرية الثورية والممارسة الحزبية الحالية، بل نجد مواقف خطابية تحدد أهدافاً عامة أشبه بأهداف حركة ديمقراطية من كونها أهداف حزب “عمًالي ثوري”.

ما هو الصراع الثوري؟

يعرّف ماركس الصراع الطبقي الثوري بجملته الشهيرة “إن تحرر الطبقة العاملة هو نتاج الطبقة العاملة نفسها”. ولكن هذا لا يعني أن هذا التحرر هو تحرر تلقائي، بل هو طرف من صراع في داخل الطبقة العاملة في مسعى توحيدها بمواجهة الطبقة المسيطرة، أي البرجوازية، لذا كانت بداية مقولة ماركس المذكورة أعلاه: “إن الافكار السائدة ضمن الطبقة العاملة هي أفكار الطبقة الحاكمة”.

من هنا، فإن المسار الثوري يُحَدَّد تبعاً للصراع الطبقي (الاقتصادي والسياسي) والتوازنات الطبقية التي تحدد واقع الصراع الذي نعيش فيه. لذا فإن الخيارات الصائبة لا تكون صائبة إلا إذا كانت فعلاً تستطيع التدخّل والتأثير في الصراع، والأهم تأجيجه ورفعه إلى مستوى ثوري. وأيضاً لا تكون صائبة إلا إذا كانت تستطيع نقل حركة الجماهير العفوية إلى حركة واعية لقدرتها السياسية والاقتصادية، أي إلى حركة تتخطى الوعي الطبقي المباشر (الاقتصادوي) إلى وعي طبقي ثوري.
لكن سيرورة بناء الوعي الثوري الجماهيري ليست إرادة ذاتية فقط، بل هي توافق ما بين ظروف موضوعية وذاتية. فالظروف الموضوعية هي التي تنتتج الوعي الطبقي الجنيني والاقتصادي المباشر، ولكن هذا الوعي لا يتحول من تلقاء نفسه إلى وعي ثوري، بل هناك عوامل سياسية ودور أساسي للقوى الثورية في تحويله من واقعه الاقتصادي المباشر، إلى وعي يَنْظر إلى الاهداف والمهام التاريخية للطبقة العاملة، أي الانتقال والتحوّل الثوري إلى الاشتراكية.

ولكن فعلياً ما مدى صحّة هذه الجدلية في الممارسة السياسية للحزب الشيوعي اللبناني؟ فحتى اليوم لا يتواجد في أي من خطابه الرسمي والعلني أي عبارات أو مواقف تدعو إلى الثورة، بل إن معظم كتابات قيادييه تدعو إما إلى الإصلاح السياسي أو التغيير الجذري الديمقراطي أو إلى إيجاد الخطط “الإنقاذية” الوطنية.

ثورة من دون قوى ثورية!

فالسؤال الأول هنا هو كيف نتكلّم عن خطاب ثوري لا يهدف إلى إنتاج ثورة؟ وكيف تكون هناك سيرورة ثورية بينما الهدف هو إصلاحي ديمقراطي بعيد كل البعد عن الدعوة لأن تكون الطبقة العاملة هي البديل الثوري عن الحكم البرجوازي الراهن؟

مثلاً، يقول سعدالله مزرعاني في مقال له في جريدة الاخبار (٢٢/١٠/٢٠٠٩) تحت عنوان “أين نحن من اللحظة الثورية؟”: “أما الجانب الثاني من أزمة قوى البديل الثوري، فيكمن في عدم قدرة هذه القوى على التوحّد وراء برنامج إنقاذي بسيط وواضح ومن أجله: إنقاذ الشعب اللبناني من الانقسام والنظام الطائفيين والمذهبيين... والتفاهم أيضاً على الحدّ الأدنى من الإصلاحات الاقتصادية والإدارية.”

بينما يتكلم موريس نهرا أيضاً في مقالة له في صحيفة النهار في ١٢/٤/٢٠١٠ تحت عنوان “الإصلاح شرط بناء الوطن والتطور الديمقراطي المفتوح” ويقول: “إخراج لبنان من الحالة الزئبقية التي تعرضه للاهتزاز، ولتصدّع الوحدة الداخلية وتجعل مفهوم الوطن مغيباً، لا يتحقق بدون إصلاح جدّي يبدأ بقوانين الانتخابات البلدية والنيابية، وبتطبيق اللامركزية الإدارية والإنمائية، وتشكيل الهيئة الوطنية بمشاركة فعلية للقوى العلمانية، للبحث في أجندة لإلغاء الطائفية وإقرارها، وصولاً إلى اعتماد سياسة اقتصادية اجتماعية بديلة”.

أما خالد حدادة (أمين عام الحزب) فقد دعا في كلمة له في حفل عشاء للحزب (الدامور، ٨ آب، ٢٠١٠) إلى “مشروع وطني شامل تتكامل فيه مجابهة العدو بعملية بناء الدولة الديمقراطية، وبذلك فقط يتمّ تحصين الوطن ونضمن استمراره، بينما الخيار القديم- المستمر يُبقي الوطن على قائمة الإلغاء لحساب المشاريع الخارجية.”

لم يخطر ببال أي من هؤلاء القياديين البارزين في التكلم ولو للحظة واحدة عن دور ما للطبقة العاملة، بل إنها مفقودة من المعادلة التغييرية لدى قيادة الحزب. فيتكلمون عن عملية “إنقاذ” أو “إخراج لبنان” أو عن “تبني مشروع وطني”، فالواضح أنه بالنسبة لهم عملية التغيير هي عملية “تخليص” أو “انتشال” للطبقة العاملة والشعب المستغّل من براثين البرجوازية والنظام الحاكم حتى يصل بهم إلى دعوة الطبقة الحاكمة نفسها إلى رحمة العمال والشعب من خلال تبني سياسات ترفع الظلم عن المواطنين.

ولقد قام سمير دياب في مقاله بشرح رؤيته (إن لم تكن رؤية الحزب) حول التربية الحزبية التي يجب أن تقرن ما بين الممارسة الثورية والصراع الطبقي الفعلي، والتخلي عن الممارسات الفوقية، وعن الغطرسة. سؤالي هنا، أليست مشاريع إنقاذ الشعب والوطن هي فعلياً ممارسات فوقية تفترض ضمناً عدم قدرة الشعب والعمال على إنتاج التغيير بأنفسهم، بل هم بحاجة إلى إنقاذ وانتشال وتخليص؟

إن الخطاب السياسي للحزب الشيوعي هو خطاب شعبوي، ولكنه ليس موجهاً للطبقة العاملة، بل هو موجّه للطبقة البرجوازية، محاولاً إقناعها أو إيجاد الحليف الممكن له من داخلها ليخوض أو ينفّذ مشروعه الوطني الديمقراطي.

إن ما يرجوه الحزب ليس سوى محاولة الطلب من الشعب انتدابه مدافعاً عن مصالحه، أي أنه يريد استبدال الطبقة العاملة بالحزب، لاعتقاد واضح بأن هذا الشعب غير قادر على تنفيذ التغيير المنشود. فلذا، يجب أن ينتدب عنه جهازاً يسعى إلى تغيير الواقع والذي يتناقض مباشرة مع ما تناشد به الماركسية الثورية، أو ما خلصت إليه التجارب الثورية العمالية حول العالم وهو أن التغيير الثوري الحقيقي لا يكون إلا من إنتاج الطبقة العاملة نفسها.

هنا لا يسعنا سوى القول إما أن القيادة الحزبية للشيوعي غير ملتزمة بالنظرية والممارسة الثورية أو أن الادعاء بأن الحزب الشيوعي هو حزب ثوري هو ادعاء كاذب.

هل الإرث والتاريخ النضالي كافيين من أجل إنتاج حزب ثوري؟

قد يردّ البعض بأن هذا مزايدة على موقع وتاريخ الحزب النضالي والثوري، ولكن، حسب ما أعلم، إن التاريخ وحده لا يصنع الثورة والإرث وحده لا ينتج الوعي، بل بكلمات الرفيق دياب: “لتحويل التحركات الجماهيرية والعمالية إلى فعل مادي تغييري ليكتسب الحزب موقعه وصفته ووظيفته الثورية، بالفعل لا بالاسم، بمعنى أن نكون، وكما يفترض أن يكون حزباً ثورياً بكل المضامين، وبعيداً كل البعد عن البيروقراطية وعن المصالح النوعية الضيقة الخاصة بشريحة (حزبية) نفعية ذات امتيازات لا علاقة لها بالفعل بالنشاط المستقل للجماهير، وبوجع الطبقة العاملة، وإن الوقوع في هذا المنزلق الخطر يخرج الحزب (أي حزب) ولو كان تاريخه عامراً بالانتصارات والإنجازات المحققة، فكيف بحزب شيوعي حفر تاريخه الوطني والعربي والاممي.”

لذا فالإرث الثوري لا يصنع الممارسة ثورية، بل إن الممارسة الثورية هي التي تصنع الإرث الثوري، ولحظة يتوقف الحزب عن هذه الممارسة، يتحوّل الإرث إلى سلاح عصبوي للدفاع عن الحزب، وللمحافظة على هيمنة بيروقراطية معيّنة تتنافى والضرورة النضالية، أيضاً كما شرحها الرفيق دياب.

وهذا بالضبط ما يحدث اليوم، فقد قامت قيادة الحزب في محاولات عدة بنشر خطاب عصبوي تحاول من خلاله ضبط الحزب وقاعدته، إذ إنها فشلت في أن تكون مثالاً لهذه القاعدة في النضال. فبدل أن تراجع أخطاءها وتعمل على استيعاب هذه القاعدة الجدّية والصادقة في التزامها النضالي، عمدت أكثر إلى إبعادها عن الصراع الفعلي وحصر حشدها في المؤتمرات والاحتفالات الحزبية.

بدل أن يكون الخطاب السياسي والفكري والممارسة السياسية هما المحفّز الاساسي للالتزام الحزبي، أصبح الانتماء الحزبي يُحَدَّد من خلال التجييش الفئوي، واضعة القاعدة الشيوعية في مواجهة باقي اليسار بدل السعي إلى دفع القاعدة الشيوعية لأن يكون لها الدور الفاعل في تفعيل الحالة اليسارية عامةً في لبنان.

أين الحزب الشيوعي من الممارسة الثورية؟

عوضاً عن أن يكون الشيوعييون لاعبين أساسيين في دفع حركة الشارع إلى الأمام، نراهم غائبين أو مغيّبين في كثير من التحركات والمحطات النضالية المهمة في الفترة الاخيرة ونعدد هنا بعضاً منها:

ففي الاعتصام أمام السفارة المصرية لرفع الحصار عن غزة في ٢٣ كانون الثاني ٢٠١٠، لم تسع قيادة الحزب الشيوعي إلى التحريض أو حتى دعوة منظماتها للمشاركة في الاعتصام الذي ضم حوالي مئتي مشارك، وحيث كان الشيوعيون يشكّلون أقلية هذا العدد. ففي رسالة أرسلها أحد قياديي الحزب إلى الأطراف المشاركة في اللقاء اليساري التشاوري المنظّم للاعتصام، ذكر فيها التالي: “التقصير في التحضير يتعلق بسلوك الحزب الشيوعي قيادة ومنظمات في التحضير للتحرك: وهنا كان واضحاً عدم الجدية الكافية في تنظيم وتحضير الرفاق في المناطق والمنظمات. إذ لم تُدع المنظمات الحزبية للمشاركة و لو رمزياً، و لم يُطلب إلى أي منها التحضير أو حتى المشاركة ولو بعدد رمزي من أعضائها، على الأقل في المنطقيات التي كنتُ على اطلاع مباشر على وضعها”‬.

وهذا الوضع لا ينحصر في التحرك المذكور بل نرى هذه النزعة أو التوجه في كثير من التحركات الأخرى، وأهمها: المظاهرة أمام السفارة الأميركية في ٦ حزيران ٢٠١٠، حيث تمت الدعوة لها من قبل المنظمات اليسارية. أيضاً لم تحو المظاهرة سوى حوالي المئة وخمسين متظاهراً، ونَشَب خلاف خلال المظاهرة بين كوادر الحزب الشابة والقيادة، حيث أرادت الأخيرة أن تمنع المتظاهرين من مواجهة الشريط الشائك وقد حصل خلاف علني ما بين الاثنين حول آلية التحضير للمظاهرة وحجم الحشد.

وفي محطة أخرى هامة على المستوى السياسي المحلي، مظاهرة الحقوق المدنية للشعب الفلسطيني التي تمت في ٢٧ حزيران ٢٠١٠ والتي ضمت الآلاف، وكانت التظاهرة الأولى التي تقام من أجل الحقوق المدنية والتي تعتمد أسسها على تضامن اللبنانيين التقدميين مع اللاجئين الفلسطينين. كانت مشاركة الحزب الشيوعي شبه معدومة حيث شبّهها الكثير من الناشطين بالمشاركة على الورق.

ولا يتوقف الوضع على هذا الأمر، بل إن منطق قيادة الحزب يتعدى هذه القوقعة إلى منطق “المقاطعة” السياسية الفئوية والعصبوية الرخيصة. فمثلاً، رفض الحزب الشيوعي المشاركة في ندوة نظّمها المنتدى الاشتراكي تحت عنوان “نحو يسار يناضل لأجل برنامج ديمقراطي ثوري للتغيير” بحجّة أنه لن يأتي إذا ما قدّم الندوة أحد أعضاء التجمع اليساري من أجل التغيير، الذي تتهمه قيادة الحزب “بتحريض قاعدة الحزب على القيادة”.

لن أدافع عن موقف التجمع، فالواقع واضح جدّ الوضوح، وخاصة أن القاعدة الحزبية الشيوعية لا تفتقد إلى الوعي السياسي حتى يتم التلاعب بها وتحريضها ضد قيادتها، وخاصة أنه هناك امتعاض واضح ضد قيادة الحزب، والذي ظهر جلياً في أكثر من مناسبة، والذي تكلّم عنه عدد لا يستهان به من الشيوعيين إما في الصحف أو علناً في كثير من الأطر والندوات.

فالسؤال يطرح نفسه مجدداً: أين هي هذه الممارسة الثورية وارتباطها بالصراع الحقيقي، وكيف يكون الشيوعيون ركيزة من ركائز بناء الوعي الثوري إن كانوا غائبين عن معظم التحركات التي حصلت في الساحة السياسية في الآونة الاخيرة. أين هم من النقاش الفكري والسياسي الذي يمتد في الندوات اليسارية والثقافية؟ أين الشيوعيون من النهوض بالحالة اليسارية في لبنان؟ فحتى لو كان الحزب الشيوعي هو الإطار الأكبر والأقدم على الساحة اليسارية فإن هذا لا يمكّنه من القيام بالحالة اليسارية وبناء حركة ثورية إن لم يقترن الهدف بممارسة حزبية بعيدة عن الفئوية ومقدامة وجريئة في دفع التحركات قدماً إلى الامام وليس التملص من التحركات وحسر المشاركة في بطاقات الدعوة والبيانات الصحفية.

لكن هذا بالضبط ما حصل مجدداً وليس منذ زمن بعيد في مؤتمر صحافي تضامني مع اعتصام عمال مصنع المستقبل لصناعة الأنابيب (راجع المقال ص 4)، حيث شارك الحزب بالدعوة إلى المؤتمر وثم تغيّب عن الحضور، رغم أن هذا الأمر ليس بمجرّد مظاهرة عابرة، بل هو تحرّك نقابي عمّالي بامتياز، يحصل في عكّار ضد أحد أكبر أغنياء لبنان (عائلة مخزومي)، وحتى أن أحداً من قياديي الحزب لم يقوم بزيارة الاعتصام. فأين حزب الطبقة العاملة اذاً؟ إلا إذا كانت الطبقة العاملة محصورة في مفهوم الحزب بالعمال الشيوعيين حصراً.

السير قدماً؟

لقد آن الوقت لأن تقف قيادة الحزب جدّياً أمام قاعدتها وأمام اليسار عموماً، وتقول له بشكل واضح ما هي استراتجيتها. هل هي الاستمرار بالتذيًل لأقطاب البرجوازية “الوطنية” سعياً لمقعد نيابي؟، أو الترشح للمقاعد البلدية؟، أو الترنيم على أمجاد الماضي والذكريات، أو هي فعلاً تريد بناء “وعي ثوري” كما يقول دياب في مقاله.

لا أحد في اليسار يريد تدمير الحزب الشيوعي. فالنقد بهدف دفع الحزب لانخراط أكبر في الحركة السياسية والصراعات الطبقية والنقابية لا يهدف إلى إلغاء الحزب، بل بالعكس تماماً، هو مطالبة بحركية أوسع ودور أكبر للشيوعيين في الحركة السياسية، وهو مطالبة بانخراط الحزب في سيرورة ثورية لبناء التغيير الثوري الجدّي، هو أن تُقرن النظرية بالعمل، لا أن تتحول النظرية إلى أداة لقمع الممارسة، وأن لا يتحول الالتزام الحزبي إلى أداة لنشر الفئوية في اليسار، بل أن يكون محفّزاً لبناء الحزب الثوري الجماهيري الذي يستطيع التأثير في المجتمع وأن يحرّض الطبقة العاملة على الثورة لا على الخنوع ولا إلى انتظار مخلّصها.

إن صلب النظرية الماركسية مبني على قدرة الطبقة العاملة في تحرير نفسها، في وعيها لقوّتها الذاتية ومهامها التاريخية، وليس الطلب والترجّي واسترحام الطبقة الحاكمة من أجل “الإصلاح”. فالإصلاح هو نتاج لتراجع الطبقة الحاكمة أمام تقدّم الطبقة العاملة ولا يأتي من تأثر البرجوازية بآلام العمال.

الترحّم والشفقة لن يصنعا النضال الثوري، بل إن العمل الدؤوب والجدي والمواجهة المباشرة مع النظام والمناداة بالثورة الاشتراكية والسعي جدياً إلى بناء الجسور ما بين الطبقة العاملة في لبنان هو الذي يضع أسس الممارسة والخطاب الثوريين، فالثورة لا تأتي من خلال التهليل لها بل تأتي من خلال الانخراط المباشر بالصراع اليومي وعملية المراكمة والبناء ونبذ الفئوية.

إن كان الحزب الشيوعي يريد أن يكون حزباً ثورياً عليه أولاً المطالبة بالثورة وليس التنصّل منها.