لنرفع عاليا راية الماركسية اللينينية


عبد العزيز المنبهي
2010 / 9 / 29 - 00:37     

لحظة
لن نتخلى
سنفتح طريقا نحو النور
و لو تحت الأرض
فلنا زروال في القلوب
كشفت المقالات المنشورة في "الحوار المتمدن" بمناسبة الذكرى40 لميلاد منظمة "إلى الأمام" الماركسية اللينينية، خاصة مقالات "ف. ه" و"أ.ح" و "ع. ز"،عن الأدوار المقيتة التي تلعبها الانتهازية المهيمنة في حزب النهج الديمقراطي ضدا على الثورة المغربية و على تاريخ و خط وأهداف هذه المنظمة الرائدة.
فلقد توفق مقالا الرفيقين الأخيرين ،بشكل واضح، دقيق و حاسم بما فيه الكفاية في إلقاء ضوء ساطع على تاريخ ووثائق هذه المنظمة الثورية، بوضع الأول في إطار السياق المادي الموضوعي للصراع الطبقي آنذاك، و بربط النصوص والوثائق، بشكل وثيق، بتطور هذا الصراع وبفعل وممارسة المنظمة فيه وبحاجياتها النظرية والإستراتيجية في تجذيره و الذهاب به إلى نهايته: الإطاحة بالنظام الملكي الدكتاتوري و بناء الجمهورية الديمقراطية الشعبية ، وفي تسليح مناضليها ومناضلاتها بالفكر و الإرادة والممارسة الشيوعية للتسريع بهذا المسلسل الثوري وضمان طابعه البروليتاري المنفتح على الاشتراكية. كما حثا المناضلين والمناضلات على الإطلاع على هذا التاريخ وتلك الوثائق ودراستهما ومناقشتهما بالاعتماد على المنهج المادي الجدلي والتاريخي لاستخلاص الدروس الغنية من هذا التراث الهائل ودمجها بشكل خلاق في ممارستنا الثورية الراهنة.
كما نجحا أيضا في تعرية البتر والتشويه الممارسين من طرف نفس الانتهازية التحريفية في حق هذا التاريخ وفي حق الخط والوثائق التي جسدته وعبرت عنه والتي لم يفلح النظام الدموي في اجتثاثهم من صفوف الشعب و محوهم من ذاكرته رغم 40 سنة من القمع الشرس والإرهاب الفاشي.
كما توفق مقال "فؤاد الهلالي"، بشكل ملموس ومركز في التعريف بالتقييمات المختلفة للتجربة هذه.
المنظمة الصامدة، مذكرا بالشروط المادية للصراع الطبقي و بالظرف التاريخي، الوطني والدولي اللذين تحكما في بروز الحركة الماركسية اللينينية المغربية (الحملم) و التي أضفت على هذا البروز شرعية تاريخية ما فتئ يؤكدها بشكل قاطع التطور الحاد لهذا الصراع ذاته و تزكيها الحركة الثورية المغربية التي لازالت تضع على رأس جدول أعمالها بالضبط مهمة إنجاز الثورة الوطنية الديمقراطية الشعبية، تماما كما أعلنت عن ذلك منظمة إلى الأمام في 30 غشت 1970.
وإذا كانت هذه الحقيقة التاريخية الساطعة، التي يتبناها التقييم الأول، كافية لوحدها بإخراس طبول أصحاب التقييم التأني الذي يعبر عن وجهة نظر ومصالح شريحة اجتماعية اندمجت بالنظام الرجعي وتعيد إنتاج هيمنته الأيديولوجية وسيطرته الاقتصادية وتدعم تحالفاته الصهيونية والإمبريالية، كما أشار إلى ذلك المقال المذكور، و التي لا يضاهي عداؤها للشيوعية و لمنظمة إلى الأمام سوى عدائها للشعب وللحرية والديمقراطية، فإنها(أي الحقيقة) لم تكن كافية لوحدها بفقء أعين الانتهازية التحريفية التي لم تفتأ جهدا، طوال مغامرتها اليائسة منذ ما يفوق 15 سنة ، في تشويه حقيقة وتاريخ هذه المنظمة الماركسية اللينينية؛ هذه الانتهازية البئيسة التي اعتقدت أنها- باستغلال التأثير والصدى الهائلين والعطف والتأييد الكبيرين الذين اكتسبتهما منظمة إلى الأمام وسط الشعب المغربي وفي صفوف أبنائه الثوريين و خارج الوطن، بفضل كفاحها الثوري ضد النظام الملكي، وبفضل خطها المعبر عن طموح و تطلعات شعبنا في التحرر والحرية و الديمقراطية، وبفضل مواقفها الشجاعة والمبدئية من قضايا الشعوب (وفي مقدمتها الشعبين الصحراوي والفلسطيني) وتضحياتها البطولية(خاصة السمعة الشبه أسطورية التي خلفها شهداء المنظمة: زروال،سعيدة، أمين، الدر يدي وبلهواري الخ...)- هذه الانتهازية التي اعتقدت ببلاهة أنها ستتمكن من الانفراد بهذا التاريخ المشرق وتنصيب نفسها "وريثا شرعيا له واستمرارية مبدعة للحملم و ل" إلى الأمام "على وجه الخصوص"(!؟)، و انه سيخلو لها المجال لضم قسري و عنيف لهذه المنظمة يوقف نبضات قلبها الماركسي اللينيني و يكسر العمود الفقري لخطها الثوري:بناء الحزب الشيوعي السري للطبقة العاملة و لحلفائها الاستراتيجيين:الفلاحين الفقراء و المعدمين، بهدف الإطاحة بالنظام الملكي،عن طريق العنف الثوري الجماهيري المنظم في شكل حرب تحرير شعبية طويلة الأمد ،تحت قيادة جبهة ثورية ،وفى مسلسل ثورة وطنية ديمقراطية شعبية تتوج بالإعلان عن الجمهورية الديمقراطية الشعبية المغربية،الإطار السياسي الوحيد الذي ببنائه و قياد ته و الذهاب به إلى نهايته :الجمهورية الاشتراكية،ستتمكن الطبقة العاملة من تحرير ذاتها من الاستغلال الرأسمالي على طريق تحرير الطبقات الكادحة و المستغلة و باقي طبقات الشعب من نمط الإنتاج الرأسمالي ومن الاستغلال الطبقي و القهر و العبودية .
هذا هو جوهر الخط الإيديولوجي السياسي العام لمنظمة" إلى الأمام" الماركسية اللينينية المغربية، والذي انبثق في خضم السنوات الأولى من وجودها ليتطور و يتعمق،و تحت نيران العدو التي لم يتوقف لهيبها لحظة واحدة (أعلن التأسيس في غشت 1970 و انطلقت حملة القمع في يناير 1971 مستهدفة المنظمة و كل الإطارات و القطاعات المرتبطة بها : ا. و. ط .م ،النقابة الوطنية للتلاميذ ، مناضلي ا.م.ش ،الجمعيات و المجلات الثقافية (جمعية البحث الثقافي ،مجلة أنفاس) ...الخ
هذا الجوهر هو نفسه الذي شكل روح" الحملم "منذ سنواتها الأولى و الذي ووجه بحملة عدائية عنيفة ومسعورة من طرف الأحزاب الإصلاحية و التحريفية و بعدها من طرفي الحركة ذاتها: " 23 مارس" و" لنخدم الشعب".( وكلنا يعرف مسلسل التراجع و التخاذل و الخيانات الذي انتهى ب"شافات" هذه التنظيمات في مزبلة النظام المخزني)؛ هو نفسه الذي زعزع أركان الملكية وعمق عزلتها داخليا وخارجيا.
ان هذا الخط الشيوعي،الماركسي اللينيني، و هذه الإستراتيجية الثورية مثلا على الدوام النبراس الذي اهتدت بها المنظمة في تعميق و تجذير و إغماء فكرها و ممارستها ،و البوصلة التي شكلت منهج التفكير ومرشد العمل لمناضليها و مناضلاتها في تسطير البرامج و الخطط المرحلية و في نضالهم اليومي وسط الجماهير الشعبية و في الإطارات الجماهيرية الديمقراطية، و في اصطدامهم مع العدو و مواجهة أجهزته في القمع و التعذيب؛البوصلة التي لم تغب لحظة واحدة في كتابات و مناشير و دعاية المنظمة و في خطابات و تعابير مناضليها لأنها شكلت البديل و الخط الأحمر الذين فصلاها و ميزاها عن القوى الإصلاحية و التحريفية ووضعاها في معسكر الثورة و في خندق الجماهير الشعبية الكادحة.
إن هذا الخط الشيوعي ،الماركسي اللينيني وهذه الإستراتيجية الثورية هما اللذان ألهما المناضلين ،من أمثال الشهداء عبد اللطيف زروال و أمين التهاني و الدريدي و بلهواري ...في كتاباتهم السياسية و في مساهماتهم النظرية، وجعل منهم ،بفضل كفاحيتهم و صمودهم، قادة ثوريين، أصدقاء للشعب و رموزه في مقاومة النظام الحسني المتفاشي؛انه نفس الخط و نفس الإستراتيجية التي حمل المناضلين رايتهما داخل الزنازين و في غرف محاكم النظام و مخافر شرطته السرية؛ نفس هذا الخط و نفس هذه الإستراتيجة هما اللذان فجرا ، كبركان ملتهب ،سخط و غضب سعيدة المنبهي على الفاشيين، باصقة على وجوههم و معلنة التشبث بأفكارها و قناعاتها و مواقفها و بعزيمتها على الاستمرار في و الكفاح و الثورة حتى النصر، وبأنها ستموت ماركسية لينينية (قصيدة 11 مارس 1977؛نفس المرجع).
هذا الخط ،و هذا الرصيد، و هذه العينة من مناضلي "إلى الأمام" هم اللذين استهدفتهم الانتهازية منذ الخطوات الأولى لما سمته ب"التجميع"،و الذي سيؤسس لإطار سياسي برجوازي صغير ، مفتوح للأفكار و الممارسات الليبرالية ،و للاتجاهات الغامضة، ولتجارب متناقضة و متعارضة ؛إطار فضفاض ذي طبيعة انتخابية أكثر منها كفاحية. فليس من الصدفة إذن أن يتم نبذ مفهوم و تصور التنظيم السري، باعتباره الأسلوب الثوري الوحيد الممكن في ظل نظام متفاشي يعادي حرية التنظيم و التعبير و العمل الديمقراطي المستقل؛هذا النبذ الواعي و المقصود ستكون انعكاساته ملموسة و نهائية على مستوى منظور النهج للصراع الطبقي ببلادنا و لدينامكيته و لأدوات وأساليب حله و، من تم ،على موقفه من نظرية و إستراتيجية الثورة كما بلورتهما و جسدتهما "إلى الأمام" في خطابها و تعابيرها و مصطلحاتها التي سعت(أي المنظمة)،وفي وقت مبكر من نموها،إلى تحديدها و تدقيقها و التشديد على استعمالها حتى يتم استيعاب مضمونها العميق، وضمان انسجام نظري و فكري في صفوف المناضلين و في علاقتهم النضالية مع الجماهير.
هذه الاختيارات الثورية الثابتة و هذه القناعات الشيوعية العميقة و الراسخة شكلت بذات الوقت الاسمنت الصلب الذي تأسست عليه المنظمة و الوعاء الذي تبلورت فيه نظريتها للثورة المغربية و اختمرت فيه تجربتها القاسية،الرائدة و الغنية .إنه التراث الماركسي اللينيني و الرصيد الشعبي الثوري الذي استحال و يستحيل إقباره أو تشويهه أو تحريفه لأنه يشكل أروع و أعظم و أعلى تراث ثوري في سجل تاريخ كفاح و مقاومة وصمود شعبنا ،و لأنه أصبح الحلم الثوري الجماعي الوحيد القابل للتحقيق و الانجاز،الحلم الذي نهل منه و تربى وترعرع في أحضانه أبناء شعبنا من مناضلي "إلى الأمام" الذين سقطوا في ساحات الكفاح والمعارك،بين أيدي الجلادين القتلة، أو الذين سقطوا تحت رصاص بنادق و مصفحات الجيش الملكي إبان انتفاضات شعبنا في 81 و84 و 90 ، الحلم الثوري الجماعي الذي لازال يتبناه الآلاف من أبناء شعبنا الفقراء و المحرومين ،و المئات من المناضلين و المناضلات الثوريين و الماركسيين اللينينيين،و الذين لن يرضوا عنه بديلا و لن يتقاعسوا لحظة واحدة في حمايته و الدفاع عنه حتى النصر و هزم أعدائه و مشوهيه.
سيتم إذن،باسم "الامتداد والإستمرارية و الإبداع"، التخلي عن التنظيم السري، الماركسي اللينيني، وعن مبادئه و قوانينه الداخلية ،باعتباره عصارة مركزة للهوية الطبقية ،الإيديولوجية و السياسية ، والأداة والوسيلة لتجسيد الخط و إنجازه الجماعي على أرض الواقع الملموس لبلادنا (أداة تحويل الفكر إلى قوة مادية)؛ هذا التخلي الذي سيكون بمثابة مدخل و توطئة لعملية تقزيم ومسخ ستنال باقي القضايا و المفاهيم و التصورات ، ابتداء من الحذف "الإبداعي" لللينينية و لمهمة بناء الحزب الثوري و انتهاء بالصمت المخزي عن مهمة الإطاحة بالملكية الدكتاتورية و عن العنف الثوري وبناء جمهورية وطنية ديمقراطية شعبية .
هذه الاستمرارية الممسوخة والاجتهاد القذر في المسح و التشويه سيطبعان بيان الكتابة الوطنية لحزب "النهج الديمقراطي" (28 غشت 2010) بمناسبة الذكرى 40 لميلاد "إلى الأمام".فبعد استهلال البيان بذرف دموع التماسيح : "الهجوم المتعدد المصادر "على "إلى الأمام"،سينتصب الانتهازيون البؤساء ل "الدفاع" عنها بالحذف الصافي و البسيط ،و الذي لا رجعة لهم عليه، للهوية،ليس فقط اللينينية وإنما أيضا الماركسية لهذه المنظمة. هذه الهوية التي خلا منها البيان لدرجة يتساءل معها القارئ عن أي"إلى الأمام" يتحدث هؤلاء المتمركسين ؟ وعن معنى و مغزى التطبيل ب "اجتهاد و إبداع" قوامه المحو و أساسه الحذف و التقطيع؟
حذف الهوية الماركسية اللينينية، التخلي عن مهمة بناء الحزب الثوري و عن السرية و العنف الثوري، الصمت عن الملكية وعن طموح الجماهير الكادحة في الإطاحة بها والاستيلاء على السلطة لبناء سلطة و سيادة الشعب ...
هذا هو ثمن"العمل العلني و القانوني الذي هو اختيار موفق مكن قيادة "النهج" من تطوير تواجد(ها) الجماهيري و –يا للوقاحة- تطوير مرجعي (تها) ؟؟؟(انظر البيان)
هذه الإستراتيجية الانتهازية في "النهج"،التي دامت 15 سنة، ستتحول،بفعل سحر "براكسية" مهندسي و صحفيي التحريفية ، إلى تكتيك انتهازي يفضح و يقوض، هو بنفسه ،و بفعل تناقضه الصارخ ،كل ما سعت ل"الإبداع و الاجتهاد" فيه :"امتداد و استمرارية...الخ لمنظمة"إلى الأمام الماركسية اللينينية". ولم يبق ل "فرسان" مرحلة "النضال الديمقراطي"و القطب الديمقراطي الجذري"و غير ذلك من الشعارات الديماغوجية سوى الوقوف عرايا و منزوعي المساحيق أمام جماهير"هم"التي-كما أشار الى ذلك "فؤاد الهلالي"في خاتمة مقاله-" لن تتأكد من تحريفية القيادة التاريخية (العجوزة سياسيا) التي تقودها إلا بعد انغماسها هي أيضا في مستنقع السلوك الانتهازي و تحولها مع الزمن إلى أداة مضادة للثورة البروليتارية".
هذه هي الصيرورة التي نهجها حزب التقدم و الاشتراكية، ومن بعده حزب العمل الديمقراطي الشعبي...و هي نفسها التي يقتفي أثرها حزب النهج الديمقراطي.

المنبهي عبد العزيز.
مناضل ماركسي لينيني، أحد مؤسسي الى الأمام، رئيس الاتحاد الوطني لطلبة المغرب قبل الاعتقال سنة 1972