أسئلة وأجوبة في الماركسية .. 9


فواز فرحان
2010 / 8 / 12 - 15:15     


ــ كيف يمكننا تعريف شكل القيمة ؟
تظهر البضائع الى الوجود على شكل قيم إستعمالية ، أو أجساد بضائع كالحنطة والحديد والنسيج وغيرها .. وهذا هو شكلها الطبيعي الأولي ، ولاكنها لا تغدو بضائع إلاّ بحكم طابعها المزدوج ، إلاّ لكونها مواد للإستعمال ، وحاملات للقيمة في آن واحد ، وبالتالي فإنها لا تعتبر بضائع أو تتخذ الشكل البضاعي ، إلاّ بقدر ما يلازمها هذا الشكل المزدوج ، الشكل الطبيعي وشكل القيمة ..

ــ لماذا ينطلق ماركس في بحثهِ من القيمة التبادلية أو العلاقة التبادلية للبضائع في دراسة الإقتصاد السياسي ؟
ينطلق ماركس في أبحاثة من العلاقة التبادلية للبضائع بغية العثور على أثر القيمة الكامنة فيها ..

ــ كيف يشرح ماركس شكل تجلي القيمة ؟
إن البضائع تمتلك شكل القيمة المشترك لها جميعاً ، والذي يتناقض بصورة حادة مع الأشكال الطبيعية المتنوعة للقيم الإستعمالية ، أي أنها تملك الشكل النقدي للقيمة ، ويتوّجب علينا هنا أن نقوم بما لم يعمد الإقتصاد السياسي البرجوازي حتى الى محاولة القيام بهِ ، وبالذات إظهار منشأ هذا الشكل النقدي ، أي تتبع تتطور تعبير القيمة الذي تتضمنهُ علاقة القيمة بين البضائع ، إبتداءاً من أبسط ملامحهِ الملحوظة بالكاد وحتى الشكل النقدي الباهر ، الى جانب ذلك سيزول لغز النقد ايضاً ..

ــ ما هي أبسط علاقة للقيمة ؟
إن أبسط علاقة قيمة هي علاقة قيمة بين بضاعة وبضاعة واحدة ما من نوع آخر مهما كان هذا النوع ، وتعطي علاقة القيمة بين البضاعتين أبسط تعبير عن قيمة بضاعة معيّنة ..

ــ ما هما قطبا التعبير عن القيمة ؟
إن قطبا التعبير عن القيمة هما الشكل النسبي للقيمة والشكل المعادل لها .. إن سر أي شكل للقيمة يكمن في هذا الشكل البسيط لها ، لهذا فإن تحليلهُ يشكل الصعوبة الرئيسية للباحث ..

ــ هل يمكن الفصل بين قطبا التعبير عن القيمة ؟
إن الشكل النسبي للقيمة والشكل المعادل لها هما جانبان متناسبان ويشترطان بعضهما البعض ولا إنفصام لهما ، ولكنهما في الوقت ذاتهِ ينفيان بعضهما البعض أو أنهما طرفان متناقضان ، أي قطبان للتعبير نفسهُ عن القيمة ، وهما يتوزعان على الدوام بين البضاعتين المختلفتين اللتين يضعهما التعبير عن القيمة في علاقة متبادلة ..

مثال ..
صحيح ان تعبير 20 ذراعاً من النسيج يساوي سترة واحدة يتضمن العلاقة العكسية أيضاً سترة واحدة تساوي 20 ذراعاً من النسيج ، لكننا نضطر بالتلي لقلب المعادلة بغية إعطاء التعبير النسبي عن قيمة السترة ، وفي هذهِ الحالة النسيج يصبح المعادل بدلاً من السترة ، وبالتالي لا يمكن للبضاعة ذاتها أن تتخذ في التعبير ذاتهِ عن قيمة الشكلين كليهما معاً في آنٍ واحد ، بل أن هذين الأخيرين على طرفي نقيض ..
أما وجود البضاعة المعنية في الشكل النسبي للقيمة أو في الشكل المعادل المناقض لهُ ، فذلك يتوقف حصراً على مكانها في التعبير المعني عن القيمة ، أي على كونها بضاعة يجري التعبير عن قيمتها أو بضاعة يجري من خلالها التعبير عن القيمة ..

ــ ما هو مضمون الشكل النسبي للقيمة ؟
لكي نُبيّن كيف يمكن التعبير البسيط عن قيمة بضاعة في علاقة القيمة بين بضاعتين لا بد قبل كل شئ من معالجة هذهِ الأخيرة بغض النظر عن جانبها الكمي ، لكنهم يفعلون العكس تماماً بحيث لا يرون في علاقة القيمة سوى النسبة التي يعادلون بها بين كميّتين معيّنتين من صنفين مختلفين من البضائع ، وهم ينسون أثناء ذلك أن الأشياء المختلفة لا تصبح قابلة للمقارنة من الناحية الكمية إلاّ بعد إرجاعها الى الوحدة ذاتها ...
كيف ؟
عندما نقول أن البضائع بوصفها قيماً ، هي مجرّد كتل مكثفة من العمل البشري فإن تحليلنا يُرجِع البضائع الى القيمة المجردة دون أن يضغي عليها شكل القيمة المتميّزة عن شكلها الطبيعي ، والأمر على خلاف ذلك في علاقة القيمة بين بضاعة وأخرى ..

مثال ..
عندما يعادلون السترة كقيمة مع النسيج ، فإنَ العمل الذي تتضمنهُ الاولى يعادلونهُ مع العمل الذي تتضمنهُ الثانية ، ومن الطبيعي أن عمل الخياطة الذي يخلق السترة هو عمل ملموس ، من نوع مغاير لعمل النسّاج الذي يصنع النسيج .. لكن جعل الخياطة متعادلة مع النسيج يرجعها في الواقع الى ما هو متماثل فعلاً في كلا النوعين من العمل ، الى طابعهما المشترك من العمل البشري ..
وبهذا الطريق الملتوي إنما يتأكد بالتالي أن النساج بإعتبارهِ ينسج القيمة ، لا يتميّز عن الخياطة ، إذاً فهو عمل بشري مجرّد وأن التعبير عن تعادل البضائع المتنوعة هو وحدهُ الذي يكشف عن الطابع الخاص للعمل المكوّن للقيمة ، إذ أن هذا التعبير يرجع فعلاً أنواع العمل المتباينة التي تتضمنها البضائع المتنوعة الى ما هو مشترك بينها ، أي الى العمل البشري على وجه العموم ...

ــ ما هو التحديد الكمي للشكل النسبي للقيمة ؟
إن كل بضاعة ينبغي التعبير عن قيمتها ، هي عبارة عن كمية معيّنة من مادة الإستعمال المعيّنة ، وتتضمن هذهِ الكمية من البضاعة كمية معينة من العمل البشري ، إذاً .. إن شكل القيمة لا ينبغي أن يُعبّر عن القيمة بوجه عام وحسب ، بل أيضاً عن القيمة المُحددة كميّاً أو مقدار القيمة ...

ــ كيف عبّر أرسطو عن الشكل المُعادِل للقيمة ؟
يُشير أرسطو بوضوح تام الى أن الشكل النقدي للبضاعة ما هو إلاّ مواصلة تطوّر الشكل البسيط للقيمة ، أي التعبير عن قيمة بضاعة من خلال معادلتها ببضاعة أخرى ..

ــ ما هو الفرق بين الشكل البسيط للقيمة والشكل الموَسّع لها ؟
إن الشكل البسيط لقيمة البضاعة يكمن في علاقتها القيمية مع بضاعة غير متجانسة معها ، أو في علاقتها التبادلية مع هذهِ الأخيرة ..
إن ناتج العمل في أي مجتمع هو مادة للإستهلاك ، لكن عهداً مُعيناً تاريخياً من التطور هو وحده الذي يُحوّل ناتج العمل الى بضاعة ، وهو بالذات ذلك العهد الذي يبرز في ظلهِ العمل المُنفق على إنتاج الشئ النافع كخاصية ( مادية ) لهذا الشئ أي كقيمتهِ ..
ينتج عن ذلك ..
أن الشكل البسيط لقيمة البضاعة هو في الوقت ذاتهِ شكل بضاعي بسيط لناتج العمل ، وإن تطور الشكل البضاعي يتفق بالتالي مع تطور شكل القيمة .. ويتضح من الوهلة الاولى عدم كفاية الشكل البسيط للقيمة ، هذا الشكل الجنيني الذي لا ينضج الى شكل السعر إلاّ بعد أن يمر بعدد من التحوّلات ..
أما الشكل الموسّع للقيمه فإنهُ يبرز ككتلة من العمل البشري المكثف ، غير المتمايز ، وذلك لأن العمل الذي يخلقها يُعبَر عنهُ الآن بصورة واضحة ، كعمل مساوٍ لأي عمل بشري آخر ، بغض النظر عن الشكل الطبيعي الذي يملكهُ هذا الأخير ..
ويغدو بديهياً أن ليس التبادل هو الذي يضبط مقدار قيمة البضاعة ، بل على العكس مقدار قيمة البضاعة هو الذي يضبط علاقتها التبادلية ..

ــ ما هي نقائض الشكل الموسع للقيمة ؟
يمكن تعداد نقائض الشكل الموّسع للقيمة على الشكل التالي ..
أولاً ... إن التعبير النسبي عن قيمة البضاعة غير مكتمل هنا ، لأن سلسلة التعابير عن قيمتها لا تنتهي أبداً ، وإن هذهِ السلسلة التي تتألف حلقاتها من معادلات القيمة يمكن تطويلها في أيةِ لحظة عن طريق إدخال كل نوع جديد من البضائع يُقدَم مادة لتعبير جديد عن القيمة ..
ثانياً ... تشكل هذهِ السلسلة فسيفساء متشعبة للتعابير المفتتة والمتباينة عن القيمة ..
ثالثاً ... إذا جرى في هذا الشكل الموسّع التعبير عن القيمة النسبية لكل بضاعة ، وهذا ما ينبغي أن يجري ، فإن الشكل النسبي لقيمة كل بضاعة هو سلسلة لا متناهية من التعابير عن القيمة تختلف عن تعبير الشكل النسبي لقيمة أيةِ بضاعة أخرى ..
وتنعكس نقائض الشكل النسبي الموسع للقيمة بدورها على الشكل المعادل المطابق لهُ ..أي لا يتألف الشكل النسبي الموسع للقيمة إلاّ من مجموعة تعابير نسبية بسيطة للقيمة أو معادلات ، لكن هذهِ المعادلات تتضمن في نفس الوقت المعادلات العكسية المطابقة لها ..

ــ ما الذي يشكلهُ الطابع البشري العام للعمل ؟
إن الشكل العام للقيمة الذي يمثل منتجات العمل على هيئة مجرد كتل مكثفة من العمل البشري غير المتمايز ، يدل بتركيبهِ ذاتهِ على أنهُ عبارة عن التعبير الإجتماعي عن عالم البضائع ، وهو يُبيّن بالتالي أن الطابع البشري العام للعمل يشكل ، في حدود هذا العالم ، طابعهِ الإجتماعي الخاص ..

ــ ما هي العلاقة بين الشكل النسبي للقيمة والشكل المعادل لها ؟
إن درجة تطور الشكل النسبي للقيمة تناسبها درجة تطور الشكل المعادل ، لكن .. من المهم الإشارة الى أن تطور الشكل المعادل ما هو إلاّ تعبير ونتيجة لتطور الشكل النسبي للقيمة ..
وأن الشكل النسبي البسيط والمنفرد ، لقيمة البضاعة يجعل البضاعة الأخرى معادلاً منفرداً ، أما الشكل المُوسع للقيمة النسبية ، وهو التعبير عن قيمة البضاعة من خلال جميع البضائع الأخرى ، فيضفي على هذهِ الأخيرات شكل معادلات خاصة متنوعة ..
لذلك ..
يكتسب نوع واحد خاص من البضائع شكل المعادل العام ، لأن كافة البضائع الأخرى تجعل من هذا النوع مادة للشكل الشامل العام لقيمتها ، وبالدرجة ذاتها التي يتطور بها شكل القيمة عموماً يتطور أيضاً التضاد بين قطبيه ، الشكل النسبي للقيمة والشكل المعادل ...

ــ كيف يحدث الإنتقال من الشكل العام للقيمة الى الشكل النقدي ؟
إن الشكل المعادل العام هو شكل للقيمة بشكل عام ، وبالتالي يمكن أن يعود لأية بضاعة ، ومن جهة أخرى ، لا تكون أية بضاعة في الشكل المعادل العام إلاّ عندما وبقدر ما تستبعدها بوصفها معادلاً كافة البضائع الأخرى من بيئتها ، وفقط منذ ما يصبح هذا الفرز مصيراً نهائياً لنوع واحد خاص من البضاعة ، حينها فقط يكتسب الشكل النسبي الموحد لقيمة عالم البضائع ثباتاً موضوعياً وإعترافاً إجتماعياً عاماً ..
إن البضاعة الخاصة التي يلتحم إجتماعياً الشكل المعادل بشكلها الطبيعي تصبح بضاعة نقدية أو تقوم بوظيفة النقد .. وتصبح تأدية دور المعادل العام في عالم البضائع وظيفة إجتماعية خاصة لها ، وبالتالي إحتكاراً إجتماعياً لها ...

رأس المال ... كارل ماركس .. المجلد الأول .. الفصل الأول