خلاصة كتاب لينين:-الإمبريالية أعلى مراحل الرأسمالية -


نايف سلوم
2010 / 6 / 30 - 09:16     

 
خلاصة كتاب لينين:
"الإمبريالية أعلى مراحل الرأسمالية "
 
 
تمهيد مفتاحيّ
يقول لينين في المقدمة المؤرخة في نيسان 1917 : "هذا الكتاب[1] الذي أعرضه على أنظار القارئ وضعته في مدينة زيورخ في ربيع سنة 1916 .. وقد وضعت الكتاب آخذاً بعين الاعتبار الرقابة القيصرية . ولذا كنت مضطراً إلى الاقتصار بدقة على التحليل النظري وحده ولاسيما الاقتصادي . كذلك إلى منتهى الحذر في صياغة العدد الضئيل من الملاحظات السياسية الضرورية ؛ مضطراً إلى التلميح ؛ إلى لغة لقمان الرمزية..
الرقابة القيصرية أجبرت لينين على قصر تحليله على الجانب النظري ، وتحديداً الاقتصادي ، وإلى منتهى الحذر في صياغة العدد الضئيل من الملاحظات السياسية الضرورية لاستكمال التحليل الاقتصادي، وذلك كي يصل الكتاب إلى أكبر عدد ممكن من المهتمين وحتى لا تمنع الرقابة ظهوره.
.. لغة لقمان تلك اللغة الرمزية اللعينة" ص 5 في صياغة كهذه تظهر هامشية المسألة التراثية عند لينين ، خاصة التراث الديني في المشرق العربي.
يكتب : "آمل بأن يساعد كتابي على فهم المسألة الاقتصادية الأساسية التي لا يمكن بدون دراستها فهم ماهية الحرب المعاصرة والسياسة المعاصرة ، نعني مسألة كنه الإمبريالية الاقتصادي" / 5 / (مقدمة مؤرخة : بتروغراد ، 26 نيسان 1917) ففي مقدمته للطبعتين الألمانية والفرنسية يقول: "إن مهمة الكتاب الأساسية كانت ولا تزال : أن يبين بموجب مجمل أرقام الإحصاءات البورجوازية التي لا تقبل الجدل وبموجب اعترافات العلماء البورجوازيين في جميع البلدان ، كيف كانت في بدء القرن العشرين ، قبيل الحرب الإمبريالية العالمية الأولى ، الصورة الإجمالية للاقتصاد الرأسمالي العالمي ضمن علاقاته العالمية.. " / 7 /
سيكون من المفيد للكثيرين من الشيوعيين في البلدان الرأسمالية المتقدمة أن يتبينوا بمثل هذا الكتاب "العلني" من وجهة نظر الرقابة القيصرية .. بطلان نظرات الاشتراكيين المسالمين وعقدهم الآمال على " ديمقراطية عالمية " /7 /
"إن الدليل على طابع الحرب الاجتماعي الحقيقي، أو بالأصح على طابعها الطبقي الحقيقي ، لا يكمن طبعاً في تاريخ الحرب الدبلوماسي ، بل في تحليل الحالة الموضوعية للطبقات المسيطرة في جميع الدول المتحاربة. وبتصوير هذه الحالة الموضوعية لا ينبغي اخذ أمثلة وأدلة منعزلة (نجد دائماً أمثلة منعزلة لتبرير أي فكرة)، بل ينبغي حتماً أخذ مجمل الأدلة عن أسس الحياة الاقتصادية في جميع الدول المتحاربة وفي العالم كله"  /8 /
يتطلب منهج لينين الديالكتيكي في القراءة أخذ مجمل الأدلة عن أسس الحياة الاقتصادية لدول العالم والدول المتحاربة جميعاً..
.. السكك الحديدية هي حامل جميع الفروع الرئيسية في الصناعة الرأسمالية (هذا في المرحلة الصناعية من تطور الرأسمالية) 1770-1870 أما في المرحلة الإمبريالية (الاحتكارية-المالية) فقد دخلت السيارة بقوة والمواصلات الجوية والربط الإلكتروني والاتصالات الفضائية. لقد حلت السيارة محل القطار في السيطرة في حقل المواصلات. .. إن تفاوت التطور (تفاوت تطور سكك الحديد) هو حاصل الرأسمالية الاحتكارية الحديثة في النطاق العالمي . وهذا الحاصل يُظهر أن الحروب الإمبريالية هي أمر محتوم إطلاقاً على هذا الأساس الاقتصادي طالما بقيت وسائل الإنتاج ملكاً خاصاً (طالما بقيت علاقات الإنتاج الرأسمالية /علاقات الملكية الخاصة الرأسمالية مسيطرة).. ص9 تظهر العبارة السابقة علاقات الحروب الإمبريالية بتفاوت تطور البلدان الرأسمالية وباستمرار سيطرة الملكية الخاصة الرأسمالية. أي التقسيم الدولي الجائر للعمل.
في الواقع فإن الخيوط الرأسمالية التي تربط بألوف الشباك هذه المشاريع (سكك الحديد كاختصار أو علامة) بالملكية الخاصة لوسائل الإنتاج بوجه عام ، قد جعلت من هذه السكك الحديدية أداة لظلم مليار من الناس (أشباه المستعمرات إضافة إلى المستعمرات) أي لظلم أكثر من نصف سكان الأرض في البلدان التابعة، والعبيد أجراء الرأسمال في البلدان "المتمدنة" "/ 9 /
بينما كان ظهور السفينة ذات المحرك البخاري أداة جبارة لتحرير آلاف العبيد من عبودية العمل العضلي باتت هذه السفينة ذاتها أداة لاستعباد الملايين في المرحلة الإمبريالية للرأسمالية[2]  حيث تحولت قوى الإنتاج من أدوات تحرير وبناء إلى أدوات هدم وظلم وعسف وتدمير في العصر الإمبريالي وهي إشارة إلى رجعية الإمبريالية بالمعنى التاريخي رغم التقدم الاقتصادي والتقني. يكتب لينين: "إن الملكية الخاصة القائمة على عمل صغار أصحاب الأعمال ، والمزاحمة الحرة ، والديمقراطية .. إن جميع هذه الشعارات التي يخدع بها الرأسماليون وصحافتهم العمال والفلاحين قد اندرجت بعيداً في طيات الماضي . لقد آلت الرأسمالية إلى نظام عالمي لظلم الأكثرية الكبرى من سكان الأرض استعمارياً وخنقها مالياً من قبل قبضة من البلدان "المتقدمة" " / 9 /
.. الانقسام العالمي لحركة العمال بأكملها قد اتضح الآن على أتمه (الأمميتان الثانية والثالثة) . وقد اتضح كذلك واقع النضال المسلح والحرب الأهلية بين الاتجاهين: المناشفة والاشتراكيون الثوريون في روسيا يؤيدون كولتشاك ودينكين ضد البلاشفة .. فما هو إذن الأساس الاقتصادي لهذه الظاهرة التاريخية ذات الأهمية العالمية ؟[3]
إنه بالضبط في الطفيلية والتعفن الملازمين للرأسمالية في أعلى مراحلها التاريخية ؛ أي مرحلة الإمبريالية ، أو الرأسمالية المحتضرة
يكتب لينين: "فالرأسمالية كما برهن في الكتاب الحالي ، قد أبرزت الآن حفنة من الدول في منتهى الغنى والقوة تنهب العالم كله بمجرد "قص الكوبونات" [المضاربات المالية والقروض قصيرة الأجل] . واضح أن الربح الإضافي (من تصدير الرساميل) إضافة إلى الربح الذي يعتصره الرأسماليون من عمال بلاد"هم"  يُمكّن من رشوة زعماء العمال والفئة العليا التي تكون ارستقراطية العمال .. وأثناء الحرب الأهلية بين البروليتاريا والبورجوازية يقف هؤلاء حتماً ، بعدد كبير ، إلى جانب البورجوازية .."
.. وإذا لم يدرك المرء الجذور الاقتصادية لهذه الظاهرة (الانتهازية في حركة الطبقة العاملة) ، إذا لم يقدر أهميتها السياسية والاجتماعية حق قدرها لا يستطيع أن يخطو خطوة في ميدان حل المهام العملية التي تواجه الحركة الشيوعية والثورة الاجتماعية المقبلة .
الإمبريالية هي عشية الثورة الاجتماعية للبروليتاريا . وقد ثبت ذلك منذ 1917 في النطاق العالمي . Imperialism is the eve of the social revolution of the proletariat. This has been confirmed since 1917 on a world-wide scale
 الإمبريالية أعلى مراحل الرأسمالية نظراً لطفيلية الرأسمالية واحتضار الرأسمالية في هذه المرحلة. وهي عشية الثورة الاشتراكية لأنها ، عن طريق التمركز والاحتكار، وضعت الأسس الاقتصادية والتقنية للاشتراكية  على المستوى العالمي[4] .
المقدمة مؤرخة في 6 تموز /يوليو 1920
أثناء السنوات الخمسة عشرة أو العشرين الأخيرة ولاسيما بعد الحرب الأميركية الأسبانية (1898) والحرب الإنكليزية البيويرية (1899- 1902 ) أخذ الأدب الاقتصادي وكذلك السياسي في العالمين القديم والجديد (أوربا وأمريكا الشمالية ) يتطرق أكثر فأكثر إلى مفهوم "الإمبريالية" لوصف العصر الذي نجتازه .. ففي سنة 1902 صدر في لندن ونيويورك مؤلف للاقتصادي الإنكليزي ج. هوبسون عنوانه : "الإمبريالية" .. وقد أعطى وصفاً ممتازاً مفصلاً لخواص الإمبريالية الاقتصادية والسياسية الأساسية . وفي سنة 1910  صدر في فيينا مؤلف الماركسي النمساوي رودولف هلفردينغ : "الرأسمال المالي؛ أحدث المراحل في تطور الرأسمالية ".. هذا الكتاب عبارة عن تحليل نظري قيم للغاية "لأحدث المراحل في تطور الرأسمالية " كما ينص العنوان الثانوي لمؤلف هيلفردينغ "
.. إن ما قيل في السنوات الأخيرة عن الإمبريالية (حتى بداية الحرب العالمية الأولى )، لم يتعد في الجوهر ، دائرة الأفكار التي عرضها ، أو بالأصح التي لخصها المؤلفان المذكوران.." /16/ .. وسنسعى فيما يأتي لنعرض، بإيجاز وبأبسط شكل ممكن ، صلة وترابط خواص الإمبريالية الاقتصادية الأساسية . ولا نتطرق إلى الناحية غير الاقتصادية في المسألة مهما كانت جديرة بذلك  " / 16 /
إذا وضعنا هذه الملاحظة الخاصة بالتحليل النظري الاقتصادي المجرد للإمبريالية وخواصها الاقتصادية الأساسية مقابل كلام لينين في المقدمة الذي مفاده: "وضعت الكتاب آخذاً بعين الاعتبار الرقابة القيصرية . ولذا كنت مضطراً إلى الاقتصار بدقة على التحليل النظري وحده ولاسيما الاقتصادي ، وكذلك إلى منتهى الحذر في صياغة العدد الضئيل من الملاحظات السياسية الضرورية " ص 5 نفهم أن التجريد الاقتصادي غير كاف لمقاربة الإمبريالية كظاهرة اقتصادية/ سياسية في الرأسمالية .. وهذه المقاربة هي طموح مناضل سياسي من طراز رفيع كلينين. لكن الرقابة .. وضرورة وضع كتاب "علني" يصل إلى أكبر عدد  ممكن من المهتمين ويرصد ظاهرة جديدة في الرأسمالية جعلت لينين يقصر البحث على التحليل النظري الأساسي (الاقتصادي)  إلى حد ما .
فصول الكتاب(عرض إجمالي)
الفصل الأول :  تمركز الإنتاج والاحتكارات ص 16-37
الفصل الثاني:  البنوك ودورها الجديد ص 37-61
الفصل الثالث: الرأسمال المالي والطغمة المالية ص 61-82
يأتي الفصل الرابع كتمفصل بين اللحظتين المحلية والعالمية للاقتصاد الإمبريالي الرأسمالي
الفصل الرابع: تصدير الرأسمال ص 82-90 (لاحظ أيها القارئ صغر حجم هذا الفصل)
يشكل تصدير الرأسمال ذراع ضاربة للاحتكار وللطغمة المالية.
الفصلان 5، 6 هما عبارة عن تداعيات و نتائج للفصول الأربع الأولى، كما تشيران إلى الدور المتعاظم للدولة الإمبريالية واقتران رأس المال المالي مع الدولة الإمبريالية في حركة واحدة:
الفصل الخامس: اقتسام العالم بين اتحادات الرأسماليين ص90-102
الفصل السادس: اقتسام العالم بين الدول الكبرى ص 102-118
الفصول اللاحقة هي التبعات القومية والسياسية ، وانعكاسات عمل النظام الإمبريالي على الحركة العمالية في البلدان الإمبريالية والمتخلفة . والفصول اللاحقة هي أيضاً تقييم الظاهرة الجديدة و الحكم على الإمبريالية: مغزاها التاريخي ومكانتها في التاريخ العالمي وآفاق حركتها..
الفصل السابع: الإمبريالية مرحلة خاصة في الرأسمالية  ص 118-134 (استمرار الرأسمالية والإنتاج البضاعي والصناعة الكبيرة بوسائل جديدة وقوى هائلة ؛ بالتالي استمرار الاستغلال الطبقي والظلم القومي بوسائل جديدة ومتعاظمة الجبروت)
الفصل الثامن: طفيلية الرأسمالية وتعفنها ص 134-147 (هذه الطفيلية وذاك التعفن والاحتضار للرأسمالية في مرحلتها الإمبريالية يفسر عنوان كتاب لينين من كون الإمبريالية أعلى مراحل الرأسمالية؛ لقد غدت البورجوازية في العصر الإمبريالي رجعية على طول الخط في ظل جميع النظم ملكية كانت أم جمهورية ، "ديمقراطية" كانت أم فاشية . تترافق هذه المرحلة أو الطور من الرأسمالية بظهور الانتهازية العمالية كظاهرة دولية من نتائجها الانقسام في حركة الطبقة العاملة العالمية ، كما تفسر طفيلية الرأسمالية في العصر الإمبريالي سيطرة المضاربات على الاقتصاد العالمي بشكل خطير ، وبطريقة تجعل ملاحظة لينين التي مفادها أن الإمبريالية تزعزع الإنتاج البضاعي الذي هو أساس الرأسمالية مع أنها تبقيه لأنه جوهرها المادي: وعلى هذا الجوهر المادي يقوم جبل من المضاربات المالية الماحقة للاقتصادات وللبشر على السواء.
الفصل التاسع: انتقاد الإمبريالية (مواقف جميع الطبقات من الإمبريالية ) ص 147-166
الفصل العاشر: مكانة الإمبريالية في التاريخ ص 166-174 (خلاصة البحث ، واستعراض جميع مستويات التعريف أو التحديد للإمبريالية ، وربط جميع هذه المستويات في مفهوم واحد أساسه الاحتكار واقتران البنوك مع الشركات الاحتكارية الصناعية واقتران رأس المال المالي مع قوة الدولة تحت سيادة الملكية الخاصة الرأسمالية. علينا هنا أخذ مفهوم الإمبريالية من جميع هذه الوجوه المترابطة ؛ فالظلم القومي والإلحاق والعسكرة والغزو والانتهازية في حركة العمال كظاهرة دولية كلها وجوه مرتبطة بظهور الاحتكار والإمبريالية كاندماج لرأس المال المالي مع قوة الدولة الرأسمالية )
مستويات التعريف أو التحديد:
1ً- نشأ الاحتكار عن تمركز الإنتاج  البالغ درجة عالية جداً في تطوره . يكتب بوخارين في كتابه: "الإمبريالية والاقتصاد العالمي" /171/ :  " نحن نفهم بالتركُّز ؛ زيادة رأس المال عن طريق رسملة القيمة الزائدة التي أنتجها رأسمال (تحويل قوة العمل الحية إلى رأس مال ). و نفهم بالتمركز : جمع وحدات رأسمالية فردية مختلفة مع بعضها البعض بحيث تشكل وحدة اقتصادية جديدة أكبر "
2ً- يقود سير الاحتكار إلى تسريع الاستيلاء على أهم مصادر الخامات (احتكار مصادر المواد الخام )
3ً- تحول البنوك من وسيط متواضع إلى محتكر للرأسمال المالي
4ً- نشأ عن الاحتكار سياسة حيازة المستعمرات . فالرأسمال المالي قد أضاف إلى بواعث السياسة الاستعمارية القديمة -العديدة- الصراع من أجل مصادر الخامات ، من أجل تصدير الرساميل ، من أجل مناطق النفوذ ، من أجل الأقاليم الاقتصادية بشكل عام.
*الاحتكارات والطغمة المالية تشدد النزوع إلى السيطرة بدلاً من النزوع إلى الحرية ، واستثمار قلة من البلدان الغنية للبلدان المتخلفة .
5ً - وصف الرأسمالية في هذه المرحلة الإمبريالية بالطفيلية (رأس المال المالي المضارب) أو المتقيحة أو المتعفنة أو المحتضرة. ميل الدولة الإمبريالية إلى المراباة ، وميل رأس المال المالي إلى المضاربة الواسعة بدلاً من الاستثمار المنتج.
6ً- هذا التعفن لا ينفي نمو الرأسمالية من الناحية الاقتصادية والتقنية بسرعة أكبر من قبل ، ولكن بشكل متفاوت سواء بين القطاعات الصناعية المختلفة أو بين الدول الرأسمالية.
7ً- ميل أقوى للتعفن لدى البلد الأقوى بالرساميل.
ً8- الأرباح الفاحشة ورشوة قسم من الطبقة العاملة ، وظهور الانتهازية في حركة الطبقة العاملة  وميل البروليتاريا للانقسام على المستوى العالمي
9ً- علاقة الانتهازية في حركة العمال بالإمبريالية كرأسمالية طفيلية متعفنة .
10ً- من كل ما تقدم وقلناه عن طبيعة الإمبريالية الاقتصادية نستنتج أنها أعلى مراحل الرأسمالية ، لأنها رأسمالية محتضرة باتت فيها البورجوازية طبقة رجعية وآفلة بالمعنى التاريخي .
الإمبريالية مرحلة انتقالية وهي عشية الاشتراكية ، عبر التمهيد لها بالتمركز والاحتكار. أي تهيئة الأساس الاقتصادي للاشتراكية.
ً11- إن التشابك المتزايد للإنتاج واكتسابه الصفة الاجتماعية (مشاركة عدد كبير من البشر في العملية الإنتاجية ) يجعل الإمبريالية عشية الثورة الاجتماعية . وبقدر تناقض هذا التشابك مع الملكية الفردية الرأسمالية التي غدت قشرة كارثية في سبيل تحرر البشرية وسعادة البشرية . سوف تستفيد الدولة الاشتراكية من هذا التشابك وذاك التمركز للإنتاج ، ومن التطور الهائل في قوى الإنتاج لخدمة وفرة اشتراكية تفيد عموم السكان.
ليس كل احتكار إمبريالية فالدولة الاشتراكية سوف تحافظ على تمركز الإنتاج وعلى احتكارات الدولة الاشتراكية ، كما هو الحال في الصين وروسيا.  ما يعطي الاقتصاد طابعه الاجتماعي ليس التمركز والاحتكار ، بل شكل الملكية الخاصة المسيطر . وهذا ما يميز طبيعة الاقتصاد الصيني عن طبيعة الاقتصاد الأميركي أو الياباني.
فصول الكتاب (عرض تفصيلي)
I – تمركز الإنتاج والاحتكارات
 " إن نمو الصناعة الهائل والسرعة الكبرى في سير تمركز الإنتاج في مشاريع تتضخم باستمرار هما من أخص خصائص الرأسمالية وتعطي الإحصاءات الصناعية الحديثة عن هذا السير أكمل المعلومات وأضبطها..  .. ولكن تمركز الإنتاج أقوى من تمركز العمال، لأن العمل في المشاريع الكبرى ذو إنتاجية أكبر جداً" ص 16 السرعة الكبرى في سير تمركز الإنتاج وازدياد نمو الصناعة بالمعنى الواسع للكلمة ؛ أي بما في ذلك التجارة وطرق المواصلات ، الخ.. .. سنرى أن الرأسمال النقدي والبنوك تجعل تفوق هذه الحفنة من المشاريع الكبرى ساحقاً لدرجة أكبر ، ساحقاً بالمعنى الحرفي للكلمة ، أي أن الملايين من "أصحاب الأعمال" الصغار والمتوسطين وحتى قسماً من الكبار يجدون أنفسهم في الواقع مستعبدين بصورة تامة لبضع مئات من الماليين أصحاب الملايين."
يظهر .. نمو تمركز الإنتاج في بلد متقدم آخر (غير ألمانيا) من بلدان الرأسمالية الحديثة .. هو الولايات المتحدة بأمريكا الشمالية ... إن نحو نصف مجموع ما تنتجه جميع المشاريع (في هذه البلاد) في أيدي جزء من مئة جزء من مجموع عدد المشاريع .. وهذه المشاريع العملاقة الثلاث آلاف تشمل 258 من الفروع الصناعية .. ويتضح من ذلك: أن التمركز عند درجة من تطوره ، يوصل بحد ذاته إلى الاحتكار ، ويمكن القول إلى الاحتكار عن كثب. لأن من السهل على بضع عشرات من المشاريع العملاقة أن تتفق فيما بينها ، ومن الجهة الأخرى ، إن مصاعب المزاحمة والميل إلى الاحتكار ينشآن بالضبط عن ضخامة حجم المشاريع . وصيرورة المزاحمة إلى احتكار هي ظاهرة من أهم الظواهر ، إن لم تكن الأهم في اقتصاد الرأسمالية الحديثة ، وينبغي علينا تناولها بتفصيل.. "
إن من أهم خواص الرأسمالية التي بلغت أعلى مراحل تطورها ما يسمى "بالخليط " ، أي أن تجمع في مشروع واحد فروع صناعة مختلفة تؤلف إما درجات متواكبة من تكييف الخامات .. وإما أن يقوم أحدها بدور مساعد للآخر (مثلاً، الاستفادة من الفضلات أو المنتوجات الثانوية لإنتاج مواد الصرّ، الخ.. ) / 19 /
كتب هلفردينغ: "الخليط يسوي اختلافات الأحوال في الأسواق ، ولذلك يضمن للمشاريع المختلطة معدلات من الربح أكثر ثباتاً. والخليط يفضي ثانياً إلى إزاحة التجارة و هو ثالثاً ، يجعل بالإمكان الرقي التكنيكي، وبالتالي الحصول على ربح إضافي بالمقارنة مع المشاريع "السادة" (أي غير المختلطة) وهو رابعاً، يعزز موقف المشروع المختلط بالمقارنة مع "السادة" يقويه في صراع المزاحمة في حالة انحطاط قوي (أزمة أو كساد أو ركود في الأعمال)، عندما يكون انخفاض أسعار الخامات أقل من انخفاض أسعار المنتوجات الجاهزة .. يكتب هايمان الاقتصادي البورجوازي الألماني واصفاً المشاريع "المختلطة" (أو المركبة) في صناعة التعدين الألمانية : "تهلك المشاريع "السادة" ، مسحوقة بين ارتفاع أسعار الخامات وانخفاض أسعار المنتوجات الجاهزة" " /20 /
.. يسير التمركز أبداً إلى الأمام . تتضخم بعض المشاريع ، يتراص عدد متزايد من مشاريع فرع صناعي بعينه أو فروع صناعية مختلفة ضمن مشاريع ضخمة تجد سنداً لها ومرشداً في نصف دزينة من البنوك البرلينية الضخمة ... إن صناعة الاستخراج الألمانية قد نضجت للمصادرة "
هذا الوضع من التمركز هو عشية الثورة الاشتراكية؛ يكفي أن تحطم سلطة الطبقة البورجوازية وتكسر قشرة الملكية الخاصة الرأسمالية لتغدو هذه المندمجات الصناعية العملاقة ثروة حقيقة للأمة كلها. التمركز ليس هو الاحتكار ولكنه يقود إليه.. من الناحية الاقتصادية والتقنية تشكل المندمجات العملاقة واقتران الصناعة بالبنوك عشية الثورة الاشتراكية.
.. ما هو في منتهى الأهمية واقع أن التمركز في بلاد التجارة الحرة (بلد لا توجد فيه حماية جمركية) إنكلترا ، يفضي كذلك إلى الاحتكار ، وإن يكن بصورة أبطأ وربما بشكل آخر" /21 /
.. خلافاً للبلدان الأخرى التي تسهل فيها التعريفات الجمركية الوقائية تشكل الكارتيلات ، لا تنشأ في إنكلترا في أكثرية الحالات ، اتحادات أصحاب الأعمال الاحتكارية ، الكارتيلات والتروستات ، إلا عندما ينحصر عدد المشاريع الرئيسية المتنافسة في "دزينتين فقط".. إن تأثير التمركز على نشوء الاحتكارات في الصناعة الضخمة يظهر هنا بصفاء البلور.."
في العبارة اللاحقة يظهر ديالكتيك ماركس/ لينين نتيجة تطور الرأسمالية وصيرورتها من رأسمالية تنافسية إلى رأسمالية احتكارية . يكتب لينين: "لنصف قرن مضى ، عندما كتب ماركس مؤلفه "رأس المال" كانت المزاحمة الحرة تبدو "قانوناً طبيعياً" في نظر الأكثرية الكبرى من الاقتصاديين وقد حاول العلم الرسمي أن يقتل عن طريق مؤامرة الصمت مؤلف ماركس الذي برهن بتحليله النظري والتاريخي[5] للرأسمالية على أن المزاحمة الحرة تولد تمركز الإنتاج وعلى أن هذا التمركز يفضي عند درجة معينة من تطوره  إلى الاحتكار .. وقد غدا الاحتكار الآن أمراً واقعاً . والاقتصاديون يكتبون أكواماً من الكتب واصفين فيها هذه الظاهرة أو تلك من مظاهر الاحتكار ومواصلين الصراخ بنغم واحد : "لقد دحضت الماركسية " ولكن الوقائع أشياء عنيدة كما يقول المثل الإنكليزي ولا بد للمرء أن يحسب لها حساب شاء أم أبى . والوقائع تظهر أن التباين بين مختلف البلدان الرأسمالية من حيث الحماية أو التجارة الحرة ، مثلاً، لا ينشأ عنه إلا تباين لا شأن له في شكل الاحتكارات أو في زمن نشوئها ، في حين أن نشوء الاحتكارات عن تمركز الإنتاج هو إطلاقاً القانون العام والأساسي في المرحلة الحديثة من تطور الرأسمالية " /23 /
.. إن النتائج الأساسية لتاريخ الاحتكارات هي ، إذن ، الآتية :
1- سنوات العقدين السابع والثامن من القرن التاسع عشر ، هي قمة أو ذروة المزاحمة الحرة . لم تكن الاحتكارات إلا حالات جنينية بالكاد تلاحظ.
2- بعد أزمة 1873 أتت مرحلة تطورت فيها الكارتيلات بصورة واسعة ، ولكنها ظلت مع ذلك حالات نادرة . لم تكن وطيدة بعد . إنها ما تزال حالة عرضية .
3- نهضة أواخر القرن التاسع عشر وأزمة سنوات 1900-1903 : تصبح الكارتيلات أساساً من أسس الحياة الاقتصادية بأكملها ؛ صارت الرأسمالية إمبريالية "
.. تتفق الكارتيلات على شروط المبيع وآجال الدفع وغير ذلك وهي تقسم فيما بينها مناطق التصريف . وهي تحدد كمية المنتوجات . وهي تعين الأسعار . وهي توزع الأرباح بين مختلف المشاريع وهلم جرا.." /25/ . لقد جاء في تقرير اللجنة الحكومية الأميركية عن التروستات : أن تفوقها على المزاحمين يستند إلى ضخامة حجم مشاريعها وإلى تجهيزها التكنيكي الممتاز . فتروست التبغ قد بذل كل جهوده منذ تأسيسه ليحل العمل الآلي محل العمل اليدوي في نطاق واسع وفي جميع الميادين .. / 28 /.. والتروستات تنشئ شركات هدفها الوحيد شراء براءات الاختراع ومؤسسات تجري فيها تجربة الاختراعات وتحسينها .. والتروستات الأخرى تستخدم كذلك ما يسمى (المهندسون لتطوير التكنيك ) ومهمتهم إيجاد أساليب جديدة للإنتاج وتجربة التحسينات التكنيكية ، ويدفع تروست الفولاذ لمهندسيه وعماله جوائز عالية لقاء كل اختراع يحسن التكنيك أو يخفض التكاليف." /29/ .. يهدف التحسين التقني المستمر إلى خفض تكاليف الإنتاج ، بالتالي زيادة الأرباح. يجري بين "المتحالفين" و"المتفاهمين" (التروست، الكارتل، السنديكات) "التفاهم" و"التقارب" حول الأسعار وغير ذلك /30 /
.. المزاحمة تصير إلى احتكار ، وينجم عن ذلك تقدم هائل في اتخاذ الإنتاج صبغة اجتماعية ، بما في ذلك أيضاً ميدان الاختراعات والتحسينات التكنيكية 30 .. فالرأسمالية في مرحلتها الإمبريالية توصل رأساً إلى إعطاء الإنتاج صبغة اجتماعية شاملة ، وهي تسوق الرأسماليين ، إن أمكن القول رغم إرادتهم وإدراكهم ، نحو شكل من نظام اجتماعي جديد ، انتقالي من المزاحمة الحرة الكاملة إلى الصبغة الاجتماعية الكاملة " /31/
الإمبريالية بالمعنى الاقتصادي والتقني ، وبالمشاركة الجماعية في الإنتاج هي عشية الثورة الاشتراكية . وهذا ما يعطي عنوان كتاب لينين قيمته العلمية : الإمبريالية عشية الثورة الاشتراكية؛ الإمبريالية أعلى مراحل الرأسمالية ؛ الرأسمالية المحتضرة الطفيلية المتعفنة ، إنها الرأسمالية وقد دفعت التمركز إلى حدود الاحتكار ، وهو ما يقود إلى سيطرة الطغمة المالية والمضاربات المالية الواسعة المولدة للأزمات باستمرار . لقد غدت الرأسمالية في ظل الإمبريالية رجعية على طول الخط ، ولم تعد البورجوازية سوى طبقة آفلة بالمعنى التاريخي . مع الإمبريالية .. يغدو الإنتاج اجتماعياً ، ولكن التملك يبقى خاصاً . تظل وسائل الإنتاج الاجتماعية ملكاً خاصاً لعدد ضئيل من الأفراد ، يبقى الإطار العام للمزاحمة المعترف بها شكلياً ، ويغدو ظلم حفنة الاحتكاريين لبقية السكان أثقل وأشد وأقسى بمائة مرة ".. 
القسر على "التنظيم" من قبل الكارتيلات لغير الخاضعين(القسر على الخضوع لاتحاد الاحتكاريين).. وهذه قائمة بالوسائل التي تلجأ إليها اتحادات الاحتكاريين في الصراع الراهن الحديث ، المتمدن ، من أجل "التنظيم" (الإخضاع):
1- الحرمان من المواد الخام (طريقة من أهم طرق القسر على الانضمام إلى الكارتل )
2- الحرمان من الأيدي العاملة عن طريق "الائتلافات" (أي عقود بين الرأسماليين ونقابات العمال بشأن عدم قبول هذه الأخيرة العمل إلا في المشاريع المنضمة إلى الكارتيلات)
3- الحرمان من وسائل النقل
4- الحرمان من أسواق التصريف
5- عقود مع المشترين بشأن عدم إقامة العلاقات التجارية إلا مع الكارتيلات وحدها
6- تخفيض الأسعار بصورة منظمة ليفلس "الدخلاء" أي المشاريع غير الخاضعة للاحتكاريين ، تنفق الملايين للبيع بأقل من التكاليف خلال زمن معين .
7- إلغاء التسليف
8- إعلان المقاطعة
.. إن ما نراه هو خنق الاحتكاريين للذين لا يخضعون للاحتكارات ولظلمها وعسفها ..يكتب لينين: وإليكم انعكاس هذا السير في ذهن اقتصادي بورجوازي: "وحتى في ميدان النشاط الاقتصادي الصرف يجري بعض التحول من النشاط التجاري (بمعنى الكلمة السابق على المرحلة الإمبريالية) إلى المضاربة المنظمة  ومن يحرز النجاح الأكبر ليس التاجر الذي تتيح له خبرته الفنية والتجارية أن يتبين على خير وجه حاجات المشترين ، أن يجدّ وأن "يكتشف " إن أمكن القول الطلب الموجود في حالة خفية ، بل العبقري في المضاربة(؟!) القادر على أن يحسب مقدماً أو على الأقل ، أن يحس (يستشعر) تطور التنظيم والصلات المحتملة بين هذه وتلك من المشاريع أو البنوك" .. ويوضح لينين: "ومعنى ذلك إذا ترجم إلى لغة البشر(الجنس البشري) أن تطور الرأسمالية قد بلغ حداً يتقوض معه الإنتاج البضاعي فعلاً وإن كان هذا الأخير ما يزال "سائداً" كالسابق وما زال يعتبر أساساً للاقتصاد (الرأسمالي) برمته "[6] 
وهكذا غدت .. الأرباح الرئيسية من نصيب "عباقرة" التلاعبات المالية وتقوم هذه التلاعبات والاحتيالات على أساس اكتساب الإنتاج للصفة الاجتماعية ، ولكن هذا التقدم الهائل الذي ارتفع بالبشرية إلى حد اكتساب الإنتاج للصفة الاجتماعية يجري لمصلحة ... المضاربين.. /31-32/ يكتب كيستنر الذي يستشهد به لينين: "إن ارتفاع الأسعار مدة طويلة كنتيجة لتشكل الكارتيلات لم يلاحظ حتى الآن إلا فيما يخص أهم وسائل الإنتاج ، ولاسيما الفحم الحجري والحديد والقلي ، وبالعكس لم يلاحظ أبداً فيما يخص المنتوجات الجاهزة . والارتفاع في العائدات الناشئ عن ذلك قد اقتصر أيضاً على صناعة وسائل الإنتاج . وينبغي أن نضيف إلى هذه الملاحظة . أن صناعة تكييف المواد الخام (لا المصنوعات نصف الجاهزة) ، عدا عن أنها تجني بفضل تشكل الكارتيلات الفوائد بشكل أرباح مرتفعة – خلافاً لمصلحة الصناعة المشغولة بإكمال المصنوعات نصف الجاهزة- قد اكتسبت حيال هذه الصناعة نوعاً من السيطرة لم يكن لها وجود في زمن المزاحمة الحرة  ... فعلاقات السيطرة والقسر الناجم عنها هو ما يميز المرحلة الحديثة في تطور الرأسمالية .. هو ما كان لا بد أن ينتج وما نتج فعلاً عن تشكل الاحتكارات الاقتصادية القادرة على كل شيء ..
يستخدم لينين عبارة "المرحلة الحديثة في تطور الرأسمالية " بين مزدوجتين للإشارة إلى العنوان الفرعي لكتاب هلفردينغ "رأس المال المالي" ، ولكن مع تحفظ لأنها لا توحي تماماً بالمطلوب ، أي لا تحيط بمفهوم الإمبريالية تماماً كمفهوم رأس المال المالي الذي هو الأساس. لأن وصف المرحلة الجديدة بأنها حديثة وصف عام ، بينما احتكاري وصف خاص ومحدد . وكذلك عبارة "أعلى مراحل الرأسمالية" هي وصف محدد وخاص وقائم على طفيلية الرأسمالية في هذه المرحلة الجديدة (سيطرة المضارب على المنتج الحقيقي) وعلى احتضارها وعلى أفول البورجوازية كطبقة عالمية ، بالتالي بداية ظهور ما يسمى بالثورات الاشتراكية بشكل فعلي في القرن العشرين حيث كانت ما تزال جنينية أو بدائية في القرن التاسع عشر (ثورة 1848 في فرنسا، وكمونة باريس 1871 ) . لقد قال ماركس أن سر الثورة في القرن التسع عشر هو الاشتراكية حيث كانت مختبئة تحت الركام الديمقراطي البورجوازي لثورات 1848 في أوربا الغربية . "إن ثورة شباط كانت ثورة جميلة، ثورة العواطف العامة، لأن التناقضات التي تكشفت فيها بسطوع ضد السلطة الملكية، كانت لا تزال تغفو بأمان، جنبًا إلى جنب بشكل غير متطور، لأن النضال الاجتماعي الذي يشكل خلفيتها كان لا يزال يعيش عيشة الأشباح.."[7]
ملاحظة أخرى: إن نشوء الكارتيلات وتشكل الاحتكارات هو أمر في غاية السهولة حيث يمكن الاستيلاء على جميع مصادر الخامات أو على القسم الرئيسي من هذه المصادر . ولكن من الخطأ الظن أن الاحتكارات لا تنشأ كذلك في الفروع الصناعية الأخرى التي لا يمكن فيها الاستيلاء على مصادر الخامات.." /34/ .. الأسعار هي أسعار الاحتكارات (سواء سيطرت على مصادر المواد الخام أم لا ) ولكن لا ينبغي أن ننسى أن "عباقرة" المضاربة العصرية يحسنون توجيه مبالغ كبيرة من الأرباح إلى جيوبهم فضلاً عما يوزع على حملة الأسهم . وبغية إزاحة المزاحمة من صناعة تدر مثل هذه الأرباح لا يحجم الاحتكاريون حتى عن الأحابيل؛ ينشرون الإشاعات الكاذبة عن سوء الحال في الصناعة ، ينشرون في الصحف إعلانات مغفلة .. وأخيراً يشترون معامل "الدخلاء" أي المنضمين إلى السنديكات ، ويدفعون لهم "خلو"
.. يشق الاحتكار طريقه في كل مكان وبكل الوسائل ، ابتداء من دفع "الخلو" بصورة "متواضعة" وانتهاء "بتطبيق " الطريقة الأمريكية لنسف المزاحم بالديناميت (بالحرب)  /35 /
الاحتكار والأزمات الرأسمالية
.. أما قضاء الكارتيلات على الأزمات فهي قصة ابتدعتها مخيلة الاقتصاديين البورجوازيين الذي يسعون وراء طلي الرأسمالية بالمساحيق مهما كلف الأمر .
بالعكس ، إن الاحتكار ، عندما ينشأ في بعض الفروع الصناعية ، يشدّد ويزيد الفوضى  التي تلازم كامل الإنتاج الرأسمالي . فعدم التناسب بين تطور الزراعة والصناعة - الأمر المميز للرأسمالية بشكل عام - يزداد لدرجة أكبر ، إذ أن الوضع الممتاز الذي تجد فيه نفسها الصناعة الأكثر تنظيماً في الكارتيلات ، ما يسمى بالصناعة الثقيلة ، ولاسيما صناعة الفحم والحديد ، يفضي في الفروع الصناعية الأخرى إلى "انعدام المنهجية لدرجة أشد " كما يعترف ييدلس ، الذي وضع كتاباً من أحسن الكتب عن "العلاقات بين البنوك الألمانية الكبرى والصناعة " . وقد كتب ليفمان ، المدافع عن الرأسمالية دون حياء: "كلما كان الاقتصاد الوطني أكثر تطوراً ، كلما اتجه نحو المشاريع التي تنطوي على المجازفة أو الموجودة في الخارج ، نحو المشاريع التي تحتاج لتطورها زمناً طويلاً ، أخيراً نحو تلك التي لا تتعدى أهميتها النطاق المحلي. إن ازدياد المجازفة ينشأ في نهاية الأمر عن ازدياد الرأسمال ازدياداً هائلاً يبلغ حد الفيضان ، إن أمكن القول ، والانسياب إلى الخارج... ثم إن السرعة القصوى في تطور التكنيك تحمل معها في الوقت نفسه عناصر متزايدة من عدم التناسب بين مختلف نواحي الاقتصاد الوطني ، من الفوضى والأزمات.. وقد اضطر ليفمان ذاته إلى الاعتراف قائلاً : " ربما كان على البشرية أن تواجه مرة أخرى في المستقبل القريب انقلابات كبيرة في حقل التكنيك سيكون لها تأثيرها كذلك على تنظيم الاقتصاد الوطني" .. الكهرباء ، الملاحة الجوية .. وفي المعتاد وكقاعدة عامة تشتد المضاربة بقوة في أزمنة التغيرات الاقتصادية الأساسية.."[8]  /36 /
.. والأزمات بأنواعها ،الاقتصادية في الأغلب ، ولكن ليست الاقتصادية وحدها (السياسية أيضاً) تشدّد بدورها ، في نطاق واسع ، الميل إلى التمركز والاحتكار. ..فقد أدت أزمة سنة 1900 إلى التمركز الصناعي بمقاييس أكبر جداً من أزمة سنة 1873 ؛ هذه الأخيرة قامت أيضاً بنوع من اصطفاء لأحسن المشاريع ، ولكن هذا الاصطفاء ، لم يمكنه - مع مستوى التكنيك في ذلك العهد-  أن يسفر عن احتكار تلك المشاريع التي خرجت من الأزمة ظافرة. وهذا الاحتكار المديد والمتطور جداً ، هو بالضبط ما تملكه - بفعل تكنيكها المعقد منتهى التعقيد ، وتنظيمها الدقيق للغاية وقوة رأسمالها- المشاريع الهائلة في صناعتي تكييف الحديد والكهرباء الراهنتين .. ثم إلى درجة أقل في مشاريع صناعة بناء الماكينات وبعض فروع صناعة التعدين وطرق المواصلات وغيرها..
نلاحظ دور التقدم التقني (تقدم التكنيك) كوسيط في تسهيل التمركز ومن ثم الاحتكار . وهكذا تستطيع المندمجات العملاقة الحفاظ على الاحتكار المديد والمتطور جداً بواسطة: 1- التكنيك المتطور والمعقد 2- التنظيم الدقيق 3- قوة الرأسمال وتمركزه إلى مستويات هائلة.
يكتب لينين: "الاحتكار هو آخر كلمة لـ "أحدث المراحل في تطور الرأسمالية" .. ولكن تصورنا لمدة وقوة وأهمية الاحتكارات الحديثة بكون غير واف أبداً وغير تام ، ومنقوصاً إن لم نأخذ بعين الاعتبار دور البنوك.." /37/
البنوك ودورها الجديد
إن وظيفة البنوك الأساسية الأولى هي الوساطة في الدفع . وأثناء ذلك تحول البنوك الرأسمال النقدي غير العامل إلى رأسمال عامل ، أي إلى رأسمال يدر الأرباح ، وتجمع العائدات النقدية بشتى أنواعها وتضعها تحت تصرف طبقة الرأسماليين .. " /37/ ومع تطور الشؤون البنكية وتمركزها في مؤسسات قليلة العدد ، تتحول البنوك من وسطاء متواضعين إلى احتكارات شديدة الحول والطول تتصرف بمعظم الرأسمال النقدي العائد لمجموع الرأسماليين وصغار أصحاب الأعمال وكذلك بالقسم الأكبر من وسائل الإنتاج ومصادر الخامات في بلد معين أو في جملة من البلدان.
 وتحول الوسطاء الكثيرين المتواضعين إلى حفنة من الاحتكاريين هو وجه أساسي من وجوه صيرورة الرأسمالية إلى إمبريالية رأسمالية . ولذا ينبغي لنا أن نتناول في المقام الأول تمركز البنوك.
لقد أشرنا إلى كلمة البنوك "المرتبطة" لأن ذلك يتعلق بخاصية من أهم الخواص المميزة للتمركز الرأسمالي الحديث ، فالمشاريع الكبرى ، ولاسيما البنوك ، لا تبتلع الصغيرة بصورة مباشرة وحسب ، بل "تربط" ها بنفسها وتخضعها وتضمها إلى "فرقتـ " ها إلى "كونسرتـ " ها حسب التعبير الفني وذلك عن طريق " الاشتراك " في رأسمالها ، عن طريق شراء أو تبادل الأسهم ، عن طريق نظام القروض .. وغير ذلك " /40 /
وتأخذ تبعية البنوك الصغرى للكبرى أشكالاً ثلاث:
تبعية الدرجة الأولى            تبعية الدرجة الثانية            تبعية الدرجة الثالثة
بصورة دائمة                     بصورة دائمة                    بصورة دائمة
بصورة مؤقتة                    بصورة مؤقتة                    بصورة مؤقتة 
من وقت لآخر                    من وقت لآخر                   من وقت لآخر 
وهناك ضم مباشر  وغير مباشر ، كلي وجزئي (بما فيها صناديق ودائع ومكاتب صيرفة)[9]  .. من الواضح أن بنكاً يرأس فريقاً كهذا الفريق ويعقد اتفاقيات مع نصف دزينة من البنوك الأخرى لا تقل عنه بقوتها إلا قليلا من أجل العمليات المالية الكبيرة جداً والمفيدة للغاية كمنح القروض للدولة قد شبّ عن دور "الوسيط" وغدا اتحاداً لحفنة من الاحتكاريين.." /42/ ... هكذا نرى كيف تتسع يسرعة شبكة القنوات الكثيفة شاملة البلاد من أقصاها إلى أقصاها ومركزة جميع الرساميل  والمداخيل النقدية وجاعلة من الألوف المؤلفة ، من المشاريع المبعثرة اقتصاداً رأسماليا وطنياً موحداً ثم اقتصاداً رأسمالياً عالمياً" /43/  .. إننا نشهد تمركزاً وارتفاعاً لشأن الاحتكارات العملاقة ولأهميتها وبأسها ... فمن الرأسماليين المبعثرين يتكون رأس مال واحد مشترك .
.. وإذ يقوم البنك بالحسابات الجارية لعدد من الرأسماليين يبدو وكأنه يقوم بعملية تكنيكية بحتة ، بعملية مساعدة لا غير (وسيط) . ولكن عندما تبلغ هذه العملية مقاييس هائلة[10]  تكون النتيجة أن قبضة من الاحتكاريين تخضع لنفسها العمليات التجارية والصناعية في المجتمع الرأسمالي برمته ، واجدة في العلاقات البنكية والحسابات الجارية والعمليات المالية الأخرى الإمكانية لتعرف في بادئ الأمر على وجه الدقة   حالة الأعمال لدى كل رأسمالي على حدة ثم للإشراف عليها والتأثير عليهم عن طريق توسيع أو تضييق ، تسهيل أو تصعيب التسليف، وأخيراً لتقرر بصورة تامة مصائرهم ، لتحدد مداخيلهم، لتحرمهم من الرأسمال أو لتمكنهم من تضخيم رساميلهم بسرعة وفي نطاق واسع، الخ.. " يقول لسان حال الصحافة البورجوازية : "سنرى أنفسنا أمام ضرورة الاستعاضة عن الاحتكارات الخاصة باحتكارات تابعة للدولة"[11]
رأينا كيف يقود التمركز إلى الاحتكار. العلم البورجوازي : استغراب نتائج التمركز ! كذلك سوف يستغرب هذا "العلم" نتائج الاحتكار، والسعر الاحتكاري! 
في جميع الحالات وفي جميع البلدان الرأسمالية ، ومهما تنوع التشريع البنكي  الذي تخضع له ، تقوّي هذه التشريعات وتعمل لحد كبير سير تمركز الرأسمال وتشكل الاحتكارات .. لقد كتب ماركس منذ نصف قرن في مؤلفه "رأس المال" أن "البنوك تنشئ في النطاق الاجتماعي شكلاً، ولكن فقط شكلاً ، لدائرة الحسابات العامة والتوزيع العام لوسائل الإنتاج. "[12]  ، بكلام آخر: توهم البنوك أنها توزع الثروة القومية على النطاق الاجتماعي ، وهذا الوهم يحطمه التملك الخاص لوسائل الإنتاج  في ظل الرأسمالية الاحتكارية.
.. تجمع البنوك ، ولو لوقت ما، مختلف أنواع المداخيل النقدية العائدة لصغار أصحاب الأعمال والموظفين والمرتبة العليا الضئيلة  من العمال . "التوزيع العام لوسائل الإنتاج هو من الناحية الشكلية ، ما ينجم عن البنوك الحديثة التي لا تزيد الكبيرة منها عن ثلاثة أو ستة في فرنسا وستة أو ثمانية في ألمانيا وتتصرف بالمليارات العديدة. ولكن هذا التوزيع لوسائل الإنتاج ليس ، من حيث مضمونه، "بعامّ" ، بل هو خاص ، أي انه يتم وفق مصالح الرأسمال الضخم وفي الدرجة الأولى الرأسمال الضخم الاحتكاري  الذي يعمل في ظروف يقاسي فيها جمهور السكان شظف العيش ويتأخر فيها تطور الزراعة برمته تأخراً يدعو للقنوط عن تطور الصناعة التي يتقاضى فرع واحد منها "الصناعة الثقيلة " الجزية عن سائر فروعها الأخرى..
- وفي أمر صبغ الاقتصاد الرأسمالي بالصبغة الاجتماعية بدأت تناقش البنوك صناديق التوفير ودوائر البريد، وهي "أبعد عن المركزية"، أي أنها تشمل في دائرة نفوذها عدداً أكبر من المناطق...وفئات أوسع من السكان. ...إن صناديق التوفير التي تدفع للودائع 4-4.5 % مضطرة للبحث عن فرص لتوظيف رأسمالها بصورة مربحة...وحيث تطلب الغرف التجارية منع صناديق التوفير من مزاولة العمليات البنكية "الصرف" كخصم الكمبيالات، وتطلب تقييد النشاط "البنكي" لدوائر البريد، تمحى الحدود شيئاً فشيئاً بين البنوك وصناديق التوفير...إن طواغيت الرأسمال البنكي هم في الواقع الذين يتصرفون في نهاية الأمر بالمليارات من الرساميل المودعة في صناديق التوفير، يدعمهم احتكار الدولة الرأسمالية ، لأن احتكار الدولة في المجتمع الرأسمالي ليس، من الجهة الأخرى، إلا وسيلة لرفع وتوطيد مداخيل أصحاب الملايين الموشكين على الإفلاس في هذا أو ذاك من الفروع الصناعية"  /50/
إن حلول الرأسمالية الجديدة التي يسيطر فيها الاحتكار محل القديمة التي تسيطر فيها المزاحمة الحرة يتجلى فيما يتجلى في انحطاط أهمية البورصة[13].../50/
كل بنك- بورصة...لقد بات بإمكان البنوك أن توزع بين زبائنها القسم الأكبر من الأوراق المالية الصادرة...(البورصة والأوراق المالية-أوراق الأسهم والسندات...).
إن "الضبط المدرك" عن طريق البنوك يتلخص بنهب الجمهور من قبل قبضة من الاحتكاريين "المنظمين أكمل تنظيم" ../51/
-إن الرأسمالية القديمة؛ رأسمالية المزاحمة الحرة مع ضابطها الذي لا يمكنها الاستغناء عنه - البورصة- تغيب في طيات الماضي. تحل محلها رأسمالية جديدة تتسم بسمات انتقالية بينية، بسمات مزيج من المزاحمة الحرة والاحتكار../51/ [14]
...ولكن، في أي اتجاه "تنتقل" الرأسمالية الحديثة؟ يخاف العلماء البورجوازيون طرح هذا السؤال؟
"منذ ثلاثين سنة كان أصحاب الأعمال المتزاحمون بحرية يقومون بتسعة أعشار الجهد الاقتصادي الخارج عن نطاق عمل "العمال" الجسدي. وفي الوقت الحاضر يقوم الموظفون بتسعة أعشار الجهد الفكري في الاقتصاد. والبنك يتقدم هذا التطور." هذا ما يقوله: سترلتز غنفر نيتز. وهذا يطرح مرة أخرى السؤال: "عن الاتجاه الذي تنتقل إليه الرأسمالية الحديثة، "الرأسمالية في مرحلتها الإمبريالية.."/52/
...يظهر بصورة طبيعية ويشتد أكثر فأكثر الميل إلى الاتفاق الاحتكاري، إلى تروست بين البنوك...مع اشتداد تمركز البنوك تتقلص دائرة المؤسسات التي يمكن - بوجه عام-  أن تطلب منها القروض، وبحكم ذلك تشتد تبعية الصناعة الكبيرة لعدد ضئيل من الفرق البنكية...وقد لوحظت مراراً بوادر اتفاقات معينة بين هذه أو تلك من اتحادات البنوك الكبرى، اتفاقات هدفها تقييد المزاحمة ..." وها نحن نرى مرة أخرى أن الكلمة الأخيرة في تطور النشاط البنكي هي الاحتكار" /53/
..بخصوص الصلة الوثقى القائمة بين البنوك والصناعة، ففي هذا الميدان بالضبط يبدو دور البنوك الجديد ربما بأجلى شكل.
..عندما "يجمع" البنك بين يديه مقادير هائلة من الرساميل وعندما يكون إجراء عمليات الحساب لهذا المشروع يمكن البنك من أن يعرف- وهذا ما يحدث في المعتاد- بصورة أدق وأكمل حالة الزبون الاقتصادية، تكون النتيجة خضوع الرأسمالي الصناعي للبنك خضوعاً أتم فأتم"  /53/
..إلى جانب ذلك يتطور، إن أمكن القول، الارتباط الشخصي بين البنوك والمشاريع الصناعية والتجارية الكبرى واندماج هذه وتلك عن طريق تملك الأسهم. عن طريق دخول مدراء البنوك في عضوية مجالس مراقبة (أو في مجالس إدارة) المشاريع الصناعية والتجارية، وبالعكس". /54/
"الارتباط الشخصي" بين البنوك والصناعة يكتمل بـ"الارتباط الشخصي" بين هذه وتلك والحكومة (البنوك- رجال الصناعة-الحكومة (الإمبريالية)) /54/
كتب ييدلس: "يقدمون المقاعد في مجالس المراقبة عن طيب خاطر للشخصيات ذات الأسماء الطنانة وكذلك للموظفين سابقاً في جهاز الدولة الذين يمكنهم أن يسهلوا (!!) لدرجة كبيرة العلاقات مع السلطات.../54/
..يحدث شيئاً فشيئاً التخصص بين مديري البنوك الكبرى. وهذا التخصص لا يمكن عموماً إلا في حالة تضخم البنوك ولاسيما اتساع علاقاتها بالصناعة، ويجري تقسيم العمل هذا في اتجاهين: من جهة تعهد جميع العلاقات بالصناعة لأحد المدراء لتكون ميدانه الخاص، ومن الجهة الأخرى يأخذ كل مدير على نفسه مراقبة هذا أو ذاك المشروع أو المجموعة من المشاريع المتقاربة فيما بينها من حيث المهنة أو المصلحة. "لقد بلغت الرأسمالية درجة المراقبة المنتظمة على مختلف المشاريع"  /55/
..وبمقدار اتساع العمليات وتنوعها يتسع في البنوك الكبرى تقسيم العمل بين المدراء بقصد (وعلى أن تكون النتيجة) رفعهم قليلاً ، إن أمكن القول، عن مستوى الشؤون البنكية الصرف، بقصد جعلهم أهلاً لإدراك مجريات الأمور وأكثر تضلعاً في المسائل الصناعية العامة وفي المسائل الخاصة بكل فرع من فروع الصناعة ولإعدادهم للعمل في منطقة نفوذ البنك الصناعية. نظام البنوك هذا يكتمل بميلها إلى أن ينتخب لمجالس مراقبتها أناس ذوو خبرة واسعة في الشؤون الصناعية وموظفون سابقون ولاسيما أولئك الذين خدموا في إدارات السكك الحديدية والمناجم..الخ" /56/
..وينظم البنك "إدارة خاصة لجمع المعلومات المالية" وتنقسم هذه بدورها إلى ثمانية أقسام: قسم مختص بجمع المعلومات عن المشاريع الصناعية، وقسم يدرس الإحصاءات العامة، وقسم مختص بدراسة شركات السكك الحديدية والبواخر، والرابع يدرس الأرصدة، والخامس التقارير المالية...الخ ..وتكون النتيجة:
"اندماج متزايد، أو كما أحسن التعبير بوخارين، اقتران رأس المال البنكي والصناعي من جهة[15]، ومن جهة أخرى، صيرورة البنوك إلى مؤسسات ذات "طابع شامل" حقاً. /57/.
غالباً ما تشكو الأوساط الصناعية والتجارية من "إرهاب" البنوك..إنها في جوهر الأمر عين شكايات الرأسمال الصغير من ظلم الرأسمال الكبير، ولكن في هذه الحالة وقع تحته "الصغار" (سينديكاً برمته!) إن الصراع القديم بين الرأسمال الصغير والرأسمال الكبير يستأنف في درجة من التطور جديدة[16] ، أعلى جداً. ومن المفهوم أن مؤسسات البنوك التي تتصرف بالمليارات يمكنها كذلك أن تدفع إلى الأمام تقدم التكنيك بوسائل لا يمكن أن تقارن بوجه من الوجوه مع الوسائل السابقة..فالبنوك تؤسس مثلاً جمعيات خاصة للمباحث التكنيكية لا تفيد من نتائج دراستها إلا المشاريع الصناعية "الصديقة" طبعاً../58/
..أكثر المدراء الشباب يعتبرون التدخل النشيط في المسائل الصناعية لا يختلف عن الضرورة التي نشأت عنها البنوك الكبرى والمشاريع الصناعية البنكية الحديثة في وقت واحد مع الصناعة الضخمة الحديثة، ويتفق أي يكن حول نقطة واحدة هي عدم وجود أي مبادئ وطيدة أو هدف معين أمام نشاط البنوك الكبرى الجديد..لا حدود لنشاط البنوك العملاقة وفي كل الاتجاهات.   /95/
...إن البحث عن مبادئ وطيدة وهدف معين" "للتوفيق" بين الاحتكارات والمزاحمة الحرة ، هو جهد باطل طبعاً...../60/
...في أي زمن بالضبط توطد بصورة نهائية "نشاط" البنوك الكبرى "الجديد"؟ لدى ييدلس الجواب الدقيق:"العلاقات بين المشاريع الصناعية بمضمونها الجديد وأشكالها الجديدة وهيآتها الجديدة أي البنوك الكبرى المنظمة في وقت معاً على الطريقة المركزية واللامركزية، لم تتكون قطعاً كظاهرة مميزة للاقتصاد الوطني قبل سنوات العقد العاشر من القرن (التاسع عشر) وبالإمكان بمعنى معين تأخير نقطة البدء إلى سنة 1897 لما حدث فيها من "اندماجات" كبرى بين المشاريع أدخلت لأول مرة الشكل الجديد المنتظم اللامركزي لأسباب تتعلق بالسياسة الصناعية التي تمارسها البنوك. ولعل المضبوط  أن ندفع نقطة البدء هذه إلى تاريخ أقرب، لأن أزمة 1900 قد سرعت بصورة هائلة سير التمركز ووطدت هذا السير سواء في الصناعة أو في البنوك محولة لأول مرة الصلات بالصناعة إلى احتكار حقيقي للبنوك الكبرى وجاعلة هذه الصلات أوثق وأقوى جداً" /60/
إن بداية القرن العشرين هو نقطة التحول من الرأسمالية القديمة إلى الحديثة من سيطرة الرأسمال بوجه عام إلى سيطرة الرأسمال المالي"  /61/ وحسب قول هلفردينغ.."الرأسمال المالي هو الرأسمال الموجود تحت تصرف البنوك والذي يستخدمه الصناعيون" ويستدرك لينين بالقول: "هذا التعريف غير كامل لأنه لا يشير إلى ظرف في منتهى الأهمية، نعني به نمو تمركز الإنتاج والرأسمال إلى درجة يفضي معها التمركز وقد أفضى إلى الاحتكار[17]... /61/
"تمركز الإنتاج، الاحتكارات الناشئة عن هذا التمركز، اندماج أو اقتران البنوك والصناعة- هذا هو تاريخ نشوء الرأسمال المالي وفحوى هذا المفهوم" /62/
..ينبغي لنا أن نبين الآن كيف أن "تحكم" الاحتكارات الرأسمالية في الوضع العام للإنتاج البضاعي وللملكية الخاصة يصير بصورة محتومة سيطرة الطغمة المالية[18]" /62/ وللقضاء على هذه السيطرة يكفي تحطيم شرط سيادتها وهو "الوضع العام للإنتاج البضاعي والملكية الخاصة الرأسمالية"
- يصف هايمان الاقتصادي الألماني هذا الوضع في الشركة المساهمة: "المدير يشرف على الشركة الأساسية "الشركة الأم" بالحرف، وهي بدورها تسيطر على الشركات التابعة لها (الشركات البنات) التي تسيطر بدورها على "الشركات الحفيدات" وهلم جرا...وهكذا يغدو بإمكان المرء، دون أن يملك رأسمالاً كبيراً جداً، أن يسيطر على ميادين هائلة من ميادين الإنتاج، ...وإذا اتسع هذا التشابك" يصبح بإمكان صاحب المليون أن يشرف على ستة عشر مليوناً... وفي الواقع يظهر الاختبار أن تملك 40 % من الأسهم كاف للتصرف بشؤون الشركة المساهمة" /63/
..إن صبغ تملك الأسهم بالصبغة "الديمقراطية" ..."اصطباغ الرأسمال بالصبغة الديمقراطية" وتعاظم دور وأهمية الإنتاج الصغير وغير ذلك ليست في الواقع إلا وسيلة من وسائل زيادة بأس الطغمة المالية...لهذا السبب مع أسباب أخرى، يسمح التشريع في البلدان الرأسمالية الأرقى أو الأقدم و"الأكثر خبرة" بإصدار أسهم أصغر...
..في سنة 1900 صرح سيمنس، أحد كبار الصناعيين و"ملوك المال" الألمان قائلاً في الرايخستاغ أن "السهم من فئة الجنيه الإسترليني الواحد هو أساس الإمبريالية البريطانية". لدى هذا التاجر مفهوم عن كنه الإمبريالية أعمق جداً وأكثر "ماركسية" من مفهوم كاتب ما[19] حين يعتبر مؤسس الماركسية الروسية ويحسب الإمبريالية خصلة غير حميدة فطر عليها شعب من الشعوب[20]../64/
..ولكن "طريق الاشتراك" [المساهمة] لا تقتصر على رفع سلطان الاحتكاريين لدرجة هائلة، فهي، عدا ذلك، تمكن من احترام شر الموبقات والمنكرات ومن تشليح الجمهور دون عقاب: لأن المشرفين على "الشركة الأم" هم رسمياً بموجب القانون - غير مسؤولين عن "الشركة البنت" التي تعتبر "مستقلة" والتي يمكن عن طريقها "تمشية" كل شيء../65/
..في الشركات المساهمة يظهر لنا السبب الذي يجعل مجالس إدارتها تجازف في القضايا الخطرة بجرأة أكبر من جرأة أصحاب الأعمال الفرديين...فالطريقة الحديثة لوضع الميزانيات، عدا أنها تسهل إخفاء المجازفات عن المساهم المتوسط، تمكن أصحاب المصلحة الرئيسيين من النجاة بجلودهم عن طريق بيع الأسهم في الوقت المناسب في حالة عدم نجاح التجربة، في حين أن صاحب العمل المنفرد يدفع من جيبه مسؤولية كل ما يفعل" /66/
"إن ميزانيات الكثير من الشركات المساهمة تشبه أطراس القرون الوسطى التي ينبغي على المرء أن يمحو في بادئ الأمر النص المكتوب ليكشف تحته الرموز التي تعطي معنى المخطوطة الصحيح[21]  /66/
..نستطيع أن نتبين النطاق الذي بلغه "طريق الاشتراك" في البنوك الروسية الكبرى من الأرقام التي ذكرها ي.آغاد.. الذي خدم 15 سنة موظفاً في البنك الروسي الصيني..ونشر مؤلفه سنة 1914..يقسم المؤلف البنوك الروسية الكبرى إلى فريقين أساسيين:
أ- التي تعمل على طريقة "الاشتراك"
ب- "المستقلة" معطياً مع ذلك صورة كيفية لمفهوم "الاستقلال" عن البنوك الأجنبية، والمؤلف يقسم الفريق الأول [الاشتراك] إلى ثلاثة فرق ثانوية" 1-الاشتراك الألماني 2-الإنكليزي 3-الفرنسي، قاصداً هنا بـ "الاشتراك" سيطرة البنوك الأجنبية الكبرى العائدة للأمم المذكورة. ويقسم المؤلف رساميل البنوك إلى "منتجة" موظفة (في التجارة والصناعة) "ومضاربة" (موظفة في البورصة والعمليات المالية). حاسباً ما فطر عليه هو البورجوازي الصغير من تفكير إصلاحي بورجوازي صغير أن بالإمكان، مع بقاء الرأسمالية، فصل نوع التوظيف الأول عن الثاني وإزالة الثاني"
 
" أرقام المؤلف" الرساميل الموظفة (ملايين الروبلات)
عدد البنوك
8 بنوك
19 بنكاً
في الإنتاج
504.2
1869.0
 
في المضاربات
391.1
2080.5
تسعة عشر بنكاً توظف 1869 مليون روبل في التجارة والصناعة و2080.7 مليون روبل في المضاربة[22]
"إن الرأسمال المالي المتركز في أيد قليلة والذي يمارس الاحتكار فعلاً يبتز أرباحاً طائلة تتزايد باستمرار من تأسيس الشركات وإصدار الأوراق المالية ومنح القروض للدولة، الخ...موطداً بذلك سيطرة الطغمة المالية وفارضاً على المجتمع بأكمله جزية لمصلحة المحتكرين /70/
..ثمة أربعة بنوك كبرى تتمتع ، بـ"الاحتكار" لا النسبي، بل "المطلق" في إصدار الأوراق المالية...والاحتكار يضمن الأرباح الاحتكارية من الإصدار[23]
..في حالة القروض لا تقبض البلاد المستدينة في المعتاد أكثر من 90 % من المبلغ وتبقى الـ 10 % حصة البنوك وغيرها من الوسطاء../71/
..إن الرأسمالية التي بدأت تطورها من الرأسمال المرابي الصغير تنهي تطورها بالرأسمال المرابي الضخم" /72/
..إن جميع ظروف الحياة الاقتصادية تتغير تغيراً عميقاً بحكم تحول الرأسمالية هذا، فالبلاد "تستطيع أن تثري من الربا مع بوار السكان والصناعة والتجارة والمواصلات البحرية"[24]
وهذا ما يلاحظ في البلدان المركزية والبلدان الطرفية حيث يسود احتكار الثروة القومية والسلطة السياسية من قبل حفنة من الأفراد والعائلات./72/
إن خمسين شخصاً يمثلون رأسمالاً بـ 8 ملايين فرنك يمكنهم أن يتصرفوا بمليارين في أربعة بنوك. ونظام "الاشتراك" وقد اطلعنا عليه، يفضي إلى نفس النتائج: فثمة بنك من البنوك الكبرى "الشركة العامة" يصدر 64000 سند لإحدى الشركات ..."معامل تكرير السكر..". ولما كان سعر السند 150% يربح البنك 50 كوبيكاً من كل روبل. وقد ظهر أن أرباح هذه الشركة وهمية، فخسر "الجمهور" من 90-100 مليون فرنك وكان أحد مدراء الشركة العامة..عضواً في مجلس إدارة معامل تكرير السكر" ولا غرو إذا اضطر إلى أن يخلص إلى هذا الاستنتاج.
إن سيطرة الطغمة المالية هي سيطرة مطلقة، فهي تهيمن على الصحافة وعلى الحكومة..../72/.."إن جسامة عائدات إصدار الأوراق المالية، هي إحدى عمليات الرأسمال المالي الرئيسية، وتلعب دوراً هاماً للغاية في تطوير وتوطيد الطغمة المالية"  /73/
..تقول المجلة الألمانية "البنك": "لا يوجد في داخل البلاد مشروع يعطي ولو على وجه التقريب، مثل هذه الأرباح العالية التي تعطيها الوساطة في إصدار القروض الأجنبية" /73/ وتضيف: "ليست هنالك عملية من عمليات البنوك تعود بأرباح عالية كالإصدار(الأوراق المالية)" ....
 الربح السنوي المتوسط من إصدار الأوراق المالية للشركات الصناعية
1895
1897
1898
1899
38.6 %
66.7 %
67.7 %
66.9 %  الخ..
وبموجب الأرقام الواردة وفي غضون عشر سنوات 1891-1900 "عاد" إصدار الأوراق المالية على الشركات الصناعية الألمانية بأكثر من مليار مارك.. /73/
وإذا كانت أرباح الرأسمال المالي في منتهى الضخامة أثناء النهضات الصناعية ففي أثناء مراحل الانحطاط تهلك المشاريع الصغيرة وغير الوطيدة، أما البنوك الكبرى فـ"تشترك" في شرائها بأسعار بخسة أو في "إشفائها" و"إعادة تنظيمها" جانية الفوائد من ذلك...
إن جميع عمليات الإشفاء (حسب هيلفردينغ) وإعادة التنظيم هذه، في نظر البنوك، ذات أهمية مزدوجة: أولاً، باعتبارها عملية رابحة وثانياً، باعتبارها فرصة ملائمة لتجعل الشركات المحتاجة في حالة تبعية لها"  /74/
"من عمليات الرأس مال المالي الرابحة للغاية كذلك المضاربة بقطع الأراضي الموجودة في ضواحي المدن الكبرى المتسعة بسرعة. وفي هذه الحالة يندمج احتكار البنوك باحتكار الريع العقاري وباحتكار طرق المواصلات. لأن إيقاع أسعار قطع الأراضي وإمكانية بيعها بصورة مفيدة قطعاً صغيرة...يتوقف بوجه خاص على سهولة المواصلات مع تركز المدينة، ووسائط المواصلات هذه هي في أيدي الشركات الكبرى المتصلة بهذه البنوك ذاتها عن طريق الاشتراك واقتسام مناصب المدراء. ويكون الحاصل ما أطلق عليه الكاتب الألماني ايشفيغه، المحرر في مجلة "البنك" والذي انصرف بصورة خاصة إلى دراسة عملية التجارة بقطع الأراضي ورهنها والتي أطلق عليها اسم "المستنقع " : مضاربة مسعورة بقطع الأراضي في ضواحي المدن، إفلاس شركات البناء..(كشركة بوسكاوركناور" في برلين التي اكتسبت من النقود ما بلغ 100 مليون مارك بواسطة البنك الألماني "الضخم المعتبر" الذي كان يعمل بطبيعة الحال على نظام "الاشتراك"، أي سراً، في الخفاء، والذي تخلص من الورطة ولم يخسر "سوى" 12 مليون مارك، ثم خراب صغار الملاكين والعمال الذين لم يقبضوا شيئاً من شركات البناء المزيفة، وصفقات غير قانونية مع هيئات الإدارة والشرطة "النزيهة" في برلين من أجل وضع اليد على إعطاء شتى المعلومات عن قطع الأراضي ومنح رخص البلدية لتشييد الأبنية وغير ذلك..
إن "العادات الأمريكية" التي طالما رفع الأساتذة الأوربيون والبورجوازيون الطيبون بشأنها أعين الضراعة نفاقاً إلى السماء قد غدت في عصر الرأسمال المالي عادات لكل مدينة كبيرة في أي بلد من البلدان بمعنى الكلمة الحرفي"  /76/
..إن البنوك تقف وراء تشكيل تروست النقل التجاري، وإنها تستطيع، متى أرادت، أن تخضع لمصالح تجارتها بقطع الأراضي وسائط المواصلات التي تحتكرها.../76/
..ما إن يتشكل الاحتكار ويتصرف بالمليارات حتى يتخلل بصورة محتومة جميع نواحي الحياة الاجتماعية بصرف النظر عن النظم السياسية وعن كل "التفاصيل" الأخرى؛ ما إن يتشكل الاحتكار حتى يغدو النظام السياسي مجرد "تفاصيل"، (نافلاً) يقول ايشفيغه في مقال عنوانه: "البلوتوقراطية[25] والموظفون": "الحرية الاقتصادية التي يضمنها الدستور الألماني قد تحدث في كثير من ميادين الحياة الاقتصادية عبارة فارغة، وبأنه في ظروف سيطرة البلوتوقراطية" تعجز حتى أوسع الحرية السياسية عن إنقاذنا من أن نغدو شعباً من أناس غير أحرار[26]" /78/
..من خواص الرأسمالية بوجه عام فصل ملكية الرأسمال عن توظيف الرأسمال في الإنتاج، فصل الرأسمال النقدي عن الرأسمال الصناعي أو المنتج، فصل صاحب الدخل الذي يعيش فقط من عائد الرأسمال النقدي عن الصناعي وجميع المشتركين مباشرة في إدارة الرأسمال. والإمبريالية أو سيطرة الرأسمال المالي هي مرحلة الرأسمالية العليا التي يبلغ فيها هذا الفصل مقاييس هائلة. وهيمنة الرأسمال المالي على بقية أشكال الرأسمال تعني سيطرة صاحب الدخل والطغمة المالية، تعني بروز عدد ضئيل من الدول التي تملك "البأس" المالي بين سائر الدول الأخرى.
نتائج إصدار الأوراق المالية في العالم أجمع، أعيد نشرها فقرات فيما بعد مراراً وتكراراً في الأدب الاقتصادي، وها هي نتائج أربعة عقود من السنين[27].
قيمة إصدارات الأوراق المالية بمليارات الفرنكات في أربعة عقود
1871-1880
1881-1890
1891-1900
1901-1910
76.1
64.5
100.4
197.8
يلاحظ أن مستهل القرن العشرين كان عهد انعطاف ليس فقط فيما يخص نمو الاحتكارات (كارتيلات، سنديكات، تروستات)..بل وفيما يخص نمو الرأسمال المالي" /80/ ..يقدر نيمارك المبلغ الإجمالي للأوراق المالية في العالم بنحو 815 مليار فرنك سنة 1910...تبرز بوضوح البلدان الرأسمالية الأربعة الغنية جداً والتي تملك كل واحدة منها على وجه التقريب من 100-150 مليار فرنك من الأوراق المالية. وثمة بلدان من هذه البلدان الأربعة إنجلترا وفرنسا هما أقدم البلدان الرأسمالية وأغناها بالمستعمرات كما سنرى ذلك والبلدان الأخرى - الولايات المتحدة وألمانيا- هما البلدان الأكثر تقدماً من حيث سرعة التطور ومن حيث درجة انتشار الاحتكارات الرأسمالية في الإنتاج. وتملك هذه البلدان الأربعة..نحو 80% من الرأسمال المالي العالمي. ومعظم ما تبقى من العالم يقوم، لهذا الحد أو ذاك، بدور المدين ودافع الخراج لهذه البلدان- صيارفة العالم، "دعامات" الرأسمال المالي العالمي الأربع[28].../81/
 
تصدير الرأسمال[29]
ينبغي علينا أن نتناول بوجه خاص ذلك الدور الذي يلعبه تصدير الرأسمال في إنشاء شبكة التبعية والترابط العالمية للرأسمال المالي" /81/
تصدير الرساميل: "التمفصل بين الوطني والدولي لنشاط رأس المال المالي.
"الرأسمالية هي الإنتاج البضاعي في مرحلة تطوره العليا التي تغدو فيها قوة العمل بضاعة كذلك. واتساع التبادل في داخل البلاد و في الميدان العالمي هو السمة الخاصة المميزة للرأسمالية"
"إن طابع التفاوت والقفز في تطور المشاريع والفروع الصناعية والبلدان هو أمر محتوم في عهد الرأسمالية."  /82/
في البدء غدت إنكلترا، قبل البلدان الأخرى، بلداً رأسمالياً، ..غدت "مصنع العالم" في أواسط القرن التاسع عشر...لكن احتكار إنكلترا هذا أخذ يتزعزع منذ الربع الأخير من القرن التاسع عشر. (احتكار السوق العالمية-التصنيع والتصدير لبضائع واستيراد الخامات والمواد الأولية)[30] وقد حدث "فيض من الرساميل" ضخم في البلدان المتقدمة. ..يميل الفائض الاقتصادي للارتفاع في ظل الرأسمالية الاحتكارية من حيث حجمه المطلق ومن حيث نسبته إلى الناتج الكلي معاً كلما تطور النظام[31] : هذا هو قانون الرأسمالية الاحتكارية.
بديهي أن مسألة فيض الرأسمال ما كانت لتطرح لو استطاعت الرأسمالية تطوير الزراعة المتأخرة الآن عن الصناعة تأخراً كبيراً في كل مكان، لو استطاعت الرأسمالية رفع مستوى معيشة جماهير السكان، المستوى الذي بقي في كل مكان متاخماً للجوع والبؤس رغم التقدم التكنيكي المذهل" /83/ ...إن التفاوت في التطور وانحطاط معيشة الجماهير إلى مستوى يتاخم الجوع هما شرطان وممهدتان أساسيان لا بد منهما لهذه الطريقة في الإنتاج" (شرط وممهد) .
..ما ظلت الرأسمالية رأسمالية، لا يوجه فيض الرأسمال إلى رفع مستوى معيشة الجماهير في بلاد معينة، لأن ذلك يعني تخفيض أرباح الرأسماليين، بل يوجه إلى رفع الأرباح عن طريق تصدير الرأسمال إلى الخارج، إلى البلدان "المتأخرة"[32] ..لأن الرساميل قليلة وأسعار الأرض منخفضة نسبياً والأجور زهيدة والخامات رخيصة...(السعر الاحتكاري وتصدير الرساميل هي اتجاهات مضادة لميل معدل الربح إلى الانخفاض في ظل الرأسمالية) ..
تنشأ ضرورة تصدير الرأسمال عن واقع أن الرأسمالية قد "نضجت جداً" في عدد ضئيل من البلدان وأن الرأسمال (في حال تأخر الزراعة وبؤس الجماهير) لا يجد صعيداً "رابحاً" للتوظيف /83/
مقادير الرساميل التي وظفتها في الخارج ثلاثة بلدان رئيسية[مليار فرنك]
سنة
إنكلترا
فرنسا
ألمانيا
1902
1914
62
75-100
27-37
60
12.5
44
إن تطور تصدير الرساميل لم يبلغ مقاييسه الواسعة إلا في مستهل القرن العشرين. إن عائدات المبالغ المستثمرة في الخارج للبلدان الثلاث[175-200 مليار فرنك]: هي أساس مكين لظلم أو استثمار أكثرية أمم وبلدان العالم إمبريالياً وللطفيلية الرأسمالية لحفنة من الدول الثرية  .
توزع الاستثمار في الخارج (توظيف الرساميل) حسب البلدان المصدرة (1) وأين توظف(2) سؤالان مهمان.
يكتب لينين: كيف توزع بين مختلف البلدان هذه الرساميل الموظفة في الخارج وأين توظف؟ /85/.
الجواب لا يمكن أن يكون إلا تقريبياً [وهذا دليل حداثة المعطيات أيام لينين حول الاستثمار في الخارج وأهميته].
يقدم لينين ملاحظة: تصدير الرساميل في هذا النطاق الهائل يتصل أوثق اتصال هنا بالمستعمرات الهائلة التي سنتحدث فيما بعد عن أهميتها للإمبريالية /86/
هذا الوضع سوف يخضع لتبدلات كبيرة خاصة بعد الحرب العالمية الثانية (الإمبريالية من دون مستعمرات).
..يشمل الرأسمال الموظف: تسليف، قروض للدولة، رأس مال موظف في مشاريع صناعية.
تشير حالة ألمانيا إلى شكل  تطور توظيف الرأسمال في الخارج في حالة قلة المستعمرات أو غيابها. يكتب لينين: "في ألمانيا نوع ثالث: مستعمراتها ليست كبيرة ورأسمالها الموظف في الخارج موزع بالصورة الأقرب إلى التساوي بين أوربا وأمريكا[33]" /86/ لاحظ الميل إلى التوظيف في البلدان المتطورة نتيجة غياب المستعمرات أو صغرها. وهو ما سوف يتوضح بعد الحرب العالمية الثانية في شكل حركة الاستثمارات في الخارج، التي تميل للتوجه أكثر فأكثر نحو البلدان المتقدمة صناعياً. كذلك فإن تأثير تصدير الرساميل على تطور البلدان التي يوجه إليها مرهون ببنية هذه البلدان (متخلفة أم متماسكة كاقتصاد قومي).
"لقد أنشأ الرأسمال المالي عهد الاحتكار. والاحتكارات تحمل معها في كل مكان مبدأ الاحتكار: استغلال "العلاقات" لعقد الصفقات المفيدة يحل محل المزاحمة في السوق المفتوحة". ...لقد غدا تصدير الرساميل إلى الخارج وسيلة لتشجيع تصدير البضائع إلى الخارج" /88/ ..يلقي الرأسمال المالي شباكه على جميع بلدان العالم، وتلعب دوراً هاماً في هذا الأمر البنوك المؤسسة في المستعمرات وفروعها"
..في سنة 1904 كان لدى إنكلترا 50 بنكاً في المستعمرات لها 2279 فرعاً (في سنة 1910 72 بنكاً لها 5449 فرعاً، وكان لدى فرنسا 20 بنكاً لها 136 فرعاً، ولدى هولندا 16 بنكاً لها 68 فرعاً، في حين لم يكن لدى ألمانيا سوى 13 بنكاً لها70 فرعاً. والرأسماليون الأميركان يحسدون بدورهم الرأسماليين الإنكليز والألمان، فقد رفعوا أصوات الشكوى سنة 1915: "في أمريكا الجنوبية 5 بنوك ألمانية لها 40 فرعاً و 5 بنوك إنكليزية لها 70 فرعاً..وقد وظفت إنكلترا وألمانيا خلال 25 سنة الأخيرة في الأرجنتين والبرازيل والأورغواي نحو 4 مليارات دولار، وهما بنتيجة ذلك تتصرفان بـ46 % من مجموع تجارة هذه البلدان الثلاثة. /89/
..إن البلدان مصدرة الرساميل قد اقتسمت العالم فيما بينها بمعنى الكلمة المجازي. غير أن الرأسمال المالي قد أفضى إلى اقتسام مباشر للعالم" /90/
اقتسام العالم بين اتحادات الرأسماليين (عمل المستوى الاقتصادي):
"إن اتحادات الرأسماليين الاحتكارية-الكارتيلات، السنديكات، التروستات- تقتسم فيما بينها بادئ ذي بدء السوق الداخلية، مؤمنة لنفسها السيطرة على الإنتاج في بلاد معينة بصورة مطلقة ما أمكن. ولكن لا مناص للسوق الداخلية في عهد الرأسمالية من أن ترتبط بالسوق الخارجية. وقد أنشأت الرأسمالية السوق العالمية منذ أمد بعيد.
وكلما كان يزداد تصدير الرأسمال وتتسع شتى أنواع العلاقات بالخارج، وبالمستعمرات وتتسع "مناطق نفوذ" الاتحادات الاحتكارية الضخمة، كانت الأمور تسير "بصورة طبيعية" في اتجاه الاتفاق العالمي بين هذه الاتحادات، في اتجاه تشكل الكارتيلات العالمية. وهذه درجة جديدة في تمركز الرأسمال والإنتاج في النطاق العالمي ودرجة أعلى من السابقة إلى ما لا قياس له[34]" /90-91/ مثال ذلك الشركة العامة للكهرباء (التروست الألماني)، و شركة الكهرباء العامة (التروست الأمريكي) حيث يقتسمان السوق العالمية.
"يدرك المرء بالبداهة مدى صعوبة مزاحمة هذا التروست الوحيد والعالمي في الواقع، الذي يتصرف برأسمال يبلغ عدة مليارات والذي له "فروعه" ووكالاته وعملاؤه وعلاقاته..في جميع أصقاع العالم. ولكن اقتسام التروستين القوميين للعالم لا ينفي طبعاً إعادة اقتسام إذا ما تبدلت نسبة القوى بنتيجة تفاوت التطور والحروب[35] والإفلاسات وغير ذلك" /94/
..وصناعة البترول تعطي مثلاً بليغ الدلالة على محاولة إعادة التقاسم هذه، على الصراع من أجل إعادة التقاسم" /94/
..احتكار خاص تراقبه الدولة...لم تهدف ولم تفض في يوم إلى ما يعود بالنفع على المستهلكين أو حتى إلى إعطاء الدولة جزءاً من أرباح أصحاب الأعمال، بل كان هدفها على الدوام أن تشفي على حساب الدولة الصناعة الخاصة الموشكة على الإفلاس" /98/ ..يضطر الاقتصاديون البورجوازيون الألمان إلى الإدلاء بمثل هذه الاعترافات القيمة، وهي تظهر لنا بوضوح كيف تندمج الاحتكارات الخاصة واحتكارات الدولة في كل واحد في عهد الرأسمال المالي وأن هذه وتلك ليست في الواقع إلا حلقات في سلسلة الصراع الإمبريالي بين كبار الاحتكاريين من أجل اقتسام العالم" /98/
في سنة 1910: "لقد تم اقتسام الأرض الآن، ولم يبق لكبار المستهلكين، وبالدرجة الأولى سكك حديد الدولة، إلا أن يحيوا كالشاعر في سموات المشتري ما دام العالم قد اقتسم دون أن يحسب لمصالحهم أي حساب"
..حسب ليفمن بالمجموع في سنة 1897 نحو 40 كارتيلاً عالمياً اشتركت فيها ألمانيا وفي سنة 1910 نحو 100
"أكد بعض الكتاب البورجوازيين (الذين انضم إليهم الآن كاوتسكي الذي ارتد بصورة تامة عن موقفه الماركسي، عن موقف سنة 1909) يقولون برأي مفاده أن الكارتيلات العالمية، تبعث الأمل باستتباب السلام بين الشعوب في عهد الرأسمالية، وهذا الرأي سخيف تماماً من الناحية النظرية، وهو من الناحية العملية عبارة عن سفسطة وطريقة غير شريفة للدفاع عن أرذل الانتهازية".
فالكارتيلات العالمية تبين الدرجة التي بلغتها الآن الاحتكارات الرأسمالية والغرض الذي تتصارع من أجله اتحادات الرأسماليين. وهذه الناحية الأخيرة هي الأمر الأهم، إذ أنها هي وحدها التي تبين لنا معنى الأحداث التاريخي والاقتصادي، لأن شكل الصراع يمكنه أن يتغير وهو يتغير على الدوام تبعاً لأسباب مختلفة طابعها خاص ومؤقت نسبياً، في حين أن كنه الصراع ومحتواه الطبقي لن يتغير بحال ما بقيت الطبقات"
..الرأسماليون يقتسمون العالم لا لأنهم فطروا على الشر، بل لأن التمركز قد بلغ درجة ترغم على ولوج هذا الطريق للحصول على هذا الربح، هذا وهم يقتسمونه "حسب الرأسمال"، "حسب القوة"-لأنه لا توجد وسيلة أخرى للتقاسم في نظام الإنتاج البضاعي والرأسمالية" /101/
ولكن نسبة القوى تتغير تبعاً للتطور الاقتصادي السياسي، ولفهم الأحداث الجارية ينبغي أن نفهم المسائل التي يحلها تغير نسبة القوى، أما مسألة ما إذا كان هذا التغير اقتصادياً "صرفاً" وغير اقتصادي (عسكرياً مثلاً) فهي مسألة ثانوية لا يمكنها أن تغير شيئاً في الآراء الأساسية عن العهد الحديث في الرأسمالية. فالاستعاضة عن مسالة محتوى الصراع والصفقات بين اتحادات الرأسماليين بمسألة شكل الصراع والصفقات (اليوم سلمي وغداً غير سلمي) يعني الانحطاط إلى حضيض السفسطائيين" /102/
يلاحظ أن الصراع حصل عليه تحول بعد تفكك الاتحاد السوفياتي تارة مع الصين وأخرى مع روسيا وثالثة مع إيران وكوريا-(محاولة إضعاف الخصم عسكرياً ونووياً من أجل خوض صراع اقتصادي سياسي سلس). جرى ذلك بعد استتباب قيادة الإمبريالية الأمريكية للنظام بعد الحرب الثانية.
..إن عهد الرأسمالية الحديثة يبين لنا أن ثمة علاقات تتكون بين اتحادات الرأسماليين على صعيد اقتسام العالم اقتصادياً وأن ثمة علاقات تتكون بمحاذاة ذلك وتبعاً لذلك بين الاتحادات السياسية، بين الدول على صعيد اقتسام بقاع العالم، على صعيد الصراع من أجل المستعمرات، "الصراع من أجل الرقاع الاقتصادية" [علاقات بين الدول موازية وتبعاً لعلاقات الاحتكارات] /102/
اقتسام العالم بين الدول الكبرى (عمل المستوى السياسي)
1876-1900 ..نقول: السمة المميزة للمرحلة المذكورة هي الاقتسام النهائي للأرض (كوكب الأرض)، لا بمعنى استحالة إعادة التقاسم، فإعادة التقاسم هي بالعكس أمر ممكن ومحتوم...لا يمكن معه مستقبلاً إلا إعادة التقاسم.../103/
..نحن نجتاز ، إذاً، عهداً خاصاً من سياسة استعمارية عالمية مرتبطة أوثق ارتباط، بـ"أحدث درجة في تطور الرأسمالية"، بالرأسمال المالي. من الضروري أن نتناول قبل كل شيء الوقائع بالتعليل لكي نتبين ما أمكن من الدقة ما يميز هذا العهد عن العهود السابقة، وكذلك وضع الأمور الراهن" /103/
..رأينا فيما تقدم أن رأسمالية ما قبل عهد الاحتكار، رأسمالية سيادة المزاحمة الحرة قد بلغت في تطورها مداها الأقصى في مرحلة سنوات 1860-1880[36]...ولا مجال للشك في أن انتقال الرأسمالية إلى درجة الرأسمالية الاحتكارية، إلى الرأسمال المالي، مرتبط باحتدام الصراع من أجل اقتسام العالم[37]"  /105/    
 في الوقت الذي كان دزرائيلي في سنة 1852 يقول: "المستعمرات هي أحجار طاحون في رقبتنا" كان سيسل رودوس وجوزيف تشامبرلين في أواخر القرن التاسع عشر (في إنكلترا) كانا يبشران بالإمبريالية على المكشوف ويمارسان السياسة الإمبريالية بمنتهى القحة..إن قادة البورجوازية الإنكليزية السياسيين هؤلاء، كانوا في ذلك الحين يرون بوضوح العلاقات بين جذور الإمبريالية الحديثة الاقتصادية الصرف إن أمكن القول والاجتماعية والسياسية"
..وقد روى الصحفي ستيد أن صديقه الحميم سيسل رودوس قد حدثه سنة 1895 عن نظراته الإمبريالية بقوله: "كنت أمس في الإيست إند (حي العمال في لندن) وحضرت اجتماعاً من اجتماعات العمال العاطلين) وقد سمعت هناك خطابات فظيعة كانت من أولها إلى آخرها صرخات الخبز! الخبز!. وأثناء عودتي إلى البيت كنت أفكر بما رأيت واقتنعت أوضح مما سبق بأهمية الإمبريالية. إن الفكرة التي أصبوا إليها هي حل المسألة الاجتماعية، أعني لكيما ننقذ أربعين مليوناً من سكان المملكة المتحدة من حرب أهلية ينبغي علينا نحن الساسة طلاب المستعمرات أن نستولي على أراض جديدة لنرسل إليها فائض السكان ولنقتني ميادين جديدة لتصريف البضائع التي أنتجتها المصانع والمناجم. فالإمبريالية، وقد قلت ذلك مراراً وتكراراً، هي مسألة البطون. فإذا كنتم لا تريدون الحرب الأهلية ينبغي عليكم أن تصبحوا إمبرياليين..../106-107/
...بلدان غير مستعمرة وأشباه مستعمرات: تركيا، إيران، والصين ..
1876: ..انتهى بالإجمال عند هذا التاريخ تطور رأسمالية أوربا الغربية في عهد ما قبل الاحتكار.
"..رغم سعة الخطوة التي خطتها خلال العقود الأخيرة من السنين تسوية العالم والتقريب بين ظروف الاقتصاد والمعيشة في مختلف البلدان تحت ضغط الصناعة الضخمة والتبادل و الرأسمال المالي، ما زال الفرق على كل حال كبيراً، نلاحظ بين الدول الست المذكورة، من جهة، بلداناً رأسمالية فتية تقدمت بسرعة خارقة (أميركا، ألمانيا، اليابان) ومن جهة أخرى، بلدان التطور الرأسمالي القديم التي كان تقدمها أبطأ جداً من تقدم البلدان الآنفة الذكر (فرنسا، إنكلترا)،و من الجهة الثالثة، البلدان الأكثر تأخراًَ من الناحية الاقتصادية (روسيا) الذي أحيطت فيه الإمبريالية الرأسمالية الحديثة، إن أمكن القول، بشبكة كثيفة جداً من علاقات عهد ما قبل الرأسمال"
...ما كانت الدول الصغيرة لتحتفظ بمستعمراتها لو لم توجد بين الدول الكبرى تناقضات مصالح واحتكارات تعيق اتفاقها على اقتسام الغنيمة[38].." /110/
الرأسمال المالي هو قوة كبرى ويمكننا أن نقول فاصلة في جميع العلاقات الاقتصادية والدولية بحيث أن باستطاعتها أن تخضع لنفسها وهي تخضع في الواقع حتى الدول التي تتمتع باستقلالها السياسي الناجز..ولكن من البديهي أن ما يعطي الرأسمال المالي الوضع "الأفضل" والنفع الأكبر هو ذلك الخضوع الذي يتبع فقدان البلدان والشعوب المستعبدة لاستقلالها السياسي. والبلدان شبه المستعمرة هي نموذجية باعتبارها "بين بين" في هذا المضمار. إن الصراع من أجل هذه البلدان شبه التابعة كان عليه أن يحتدم "بصورة خاصة في عهد الرأسمال المالي.." ...إن البحث "بصورة عامة" في الإمبريالية، مع نسيان أو إهمال الفرق الأساسي بين النظم الاجتماعية الاقتصادية يؤول حتماً إلى هذر فارغ أو إلى تبجح من نوع المقارنة بين "روما العظمى وبريطانيا العظمى"، تحت السياسة الاستعمارية التي مارستها الرأسمالية في مراحلها السابقة تختلف اختلافاً جوهرياً عن سياسة الرأسمال المالي الاستعمارية" /111/
..إن الخاصة الأساسية في الرأسمالية الحديثة هي سيطرة الاتحادات الاحتكارية التي يؤسسها كبار أصحاب الأعمال. وهذه الاحتكارات هي أوصد ما تكون حين تتفرد بوضع يدها على جميع مصادر الخامات...وحيازة المستعمرات هي وحدها ما يعطي الاحتكارات الضمانة التامة للنجاح ضد كل طوارئ الصراع مع المنافس فكلما تقدمت الرأسمالية في تطورها ، وكلما بدا بصورة أوضح نقص الخامات ، وكلما استعرت المزاحمة واشتد الركض وراء مصادر الخامات في العالم كله ، احتدم الصراع من أجل حيازة المستعمرات[39]"  /112/ [عقبة نقص الخامات الصناعية]
..الخاصة الرئيسية في الرأسمالية الحديثة؛ الاحتكار، تغيب السوق الحرة شيئاً فشيئاً في طيات الماضي...أما "مجرد" تحسين ظروف الزراعة فيفضي إلى تحسين حالة الجماهير ورفع الأجور وتقليل الأرباح.../113/
..لا يقتصر اهتمام الرأسمال المالي على مصادر الخامات المكتشفة فحسب، بل يهتم كذلك بمصادر الخامات المحتملة، لأن التكنيك يتقدم في أيامنا بسرعة لا يتصورها العقل، والأراضي غير الصالحة اليوم قد تغدو صالحة غداً إذا أوجدت لذلك طرق جديدة..إذا أنفق رأسمال كبير"  /113/
..من هنا لا مندوحة للرأسمال المالي من أن ينزع إلى توسيع أراضيه الاقتصادية وحتى أراضيه بوجه عام..
و بوجه عام يميل الرأسمال المالي إلى الاستيلاء على أكثر ما يمكن من الأراضي مهما كانت وحيثما كانت وبأي وسيلة كانت، حاسباً مصادر الخامات المحتملة وخوفاً من التأخر في الصراع المسعور من أجل آخر قطعة من العالم غير المقتسم أو من أجل إعادة تقاسم القطع التي تم اقتسامها.." /114/
"إن البناء الفوقي غير الاقتصادي القائم على أساس الرأسمال المالي، سياسة وعقلية هذا الأخير، يشدد الميل إلى الاستيلاء على المستعمرات. وقد صدق هيلفردينغ إذ قال: "إن الرأسمال المالي لا يريد الحرية، بل السيطرة" ..وقد طور كاتب بورجوازي فكرة رودرس: "ينبغي أن تضاف الأسباب الاجتماعية إلى الأسباب الاقتصادية التي تنشأ عنها السياسة الاستعمارية الراهنة بنتيجة اشتداد تعقد الحياة والصعوبات التي لا تضغط على جماهير العمال وحسب، بل وعلى الطبقات الوسطى، يتراكم في جميع بلدان المدنية القديمة "الضجر والنقمات والأحقاد مهددة الأمن العام، وطاقة خارجة عن مجراها الطبقي العادي ينبغي استخدامها، ينبغي تشغيلها في الخارج لكيلا تنفجر في الداخل" /115/
...ينبغي أن نشير إلى أن الرأسمال المالي وسياسته الدولية الملازمة التي تتلخص في الصراع بين الدول الكبرى من أجل اقتسام العالم اقتصادياً وسياسياً يخلقان جملة من أشكال انتقالية من تبعية الدول...115 ...ينبغي السرعة، فالأمم التي لم تضمن مكانها معرضة لفقد حصتها...أسمال المالي من أن ينزع أأأأالالال
 
...إن مسألة المستعمرات "الإمبريالية" إن شئتم-التي قد غيرت الظروف السياسية في أوربا نفسها ستغيرها باستمرار" /118
الإمبريالية مرحلة خاصة في الرأسمالية:
 (استخلاص النتائج)
"لقد نشأت الإمبريالية باعتبارها تطوراً واستمراراً لما فطرت عليه الرأسمالية بوجه عام من خصائص أساسية (الإنتاج البضاعي، الصناعة الكبيرة) دمج البنوك مع الرأسمال الصناعي التجاري- تحول المزاحمة الحرة إلى احتكار- والضخم إلى أضخم-
"المزاحمة الحرة هي أخص خصائص الرأسمالية والإنتاج البضاعي بوجه عام، والاحتكار هو نقيض المزاحمة الحرة المباشرة..وفي الوقت نفسه لا تزيل الاحتكارات المزاحمة الحرة التي نشأت عنها، بل تعيش فوقها وإلى جانبها، (ترفعها إلى مستوى الاحتكارات) مولدة على هذا الشكل، جملة من التناقضات والاحتكاكات والنزاعات في منتهى الشدة والقوة. فالاحتكار هو انتقال من الرأسمالية إلى نظام أعلى (الإمبريالية الرأسمالية)
"الإمبريالية هي الرأسمالية في مرحلة الاحتكار. لأن الرأسمال المالي هو نتيجة اندماج رأسمال بضعة من البنوك الاحتكارية الكبرى برأسمال اتحادات الصناعيين الاحتكارية[40]. /119/
"ولكن التعاريف الموجزة للغاية وإن كانت ملائمة لأنها تلخص الأمر الرئيسي، لا تكفي مع ذلك ما دامت ثمة حاجة لتستخلص منها سمات في منتهى الأهمية تصف الظاهرة التي ينبغي تعريفها[41]../120/
ودون أن ننسى أن جميع التعاريف بوجه عام هي ذات طابع شرطي نسبي (مشروطة) وأنها لا تستطيع أبدأ أن تشمل جميع وجوه علاقات ظاهرة في حالة تطورها الكامل ينبغي إعطاء الإمبريالية تعريفاً يشمل الدلائل الأساسية التالية:
1- تمركز الإنتاج والرأسمال تمركزاً بلغ في علوّ تطوره درجة نشأت معها الاحتكارات التي تلعب الدور الفاصل في الحياة الاقتصادية.
2- اندماج الرأسمال البنكي بالرأسمال الصناعي ونشوء الطغمة المالية على أساس "الرأسمال المالي" هذا[42].
3- تصدير الرأسمال خلافاً لتصدير البضائع يكتسب أهمية في منتهى الخطورة (الاستثمار في الخارج والمضاربات الدولية)
4- تشكل اتحادات رأسماليين احتكارية عالمية تقتسم العالم.
5-انتهاء تقاسم الأرض والصراع على إعادة الاقتسام من قبل كبريات الدول الرأسمالية (التطور المتفاوت بين القطاعات والدول-وحلول دول محل أخرى في صدارة النظام)
وسنرى فيما بعد كيف يمكن ويجب إعطاء الإمبريالية تعريفاً آخر إذا لم تؤخذ بالاعتبار بقية المفاهيم الأساسية الاقتصادية الصرف (التي لا يتجاوزها التعريف المذكور، بل كذلك المكان الذي تحتله في التاريخ المرحلة الراهنة في الرأسمالية بالنسبة للرأسمالية بوجه عام أو علاقة الإمبريالية والاتجاهين الأساسيين في حركة العمال [الاتجاه الانتهازي والاتجاه الثوري].. /120/
*الإمبريالية بالمفهوم المذكور سابقاً: هي مرحلة خاصة في تطور الرأسمالية"[43] .. "تحول الكمية إلى كيفية، الحد الذي بلغه نمو الرأسمال البنكي وتحول دوره...من وسيط إلى مهيمن على عمل حركة الرأسمال.
..منذ تشرين الثاني/نوفمبر 1914 وقف كاوتسكي بكل الحزم ضد الأفكار الأساسية التي تضمنها تعريفنا للإمبريالية[44] ، معلناً أنه لا ينبغي أن يفهم من الإمبريالية "مرحلة" أو درجة بلغها الاقتصاد، بل سياسة؛ سياسة معينة "يفضلها" الرأسمال المالي وأنه لا يصح اعتبار الإمبريالية و"الرأسمالية الحديثة" "شيئاً واحداً" ، وأنه إذا فهم المرء أن الإمبريالية تعني "جميع ظواهر الرأسمالية الحديثة-الكارتيلات، الحماية...سيطرة الماليين، سياسة حيازة المستعمرات-عندئذ، تؤول مسألة ضرورة الإمبريالية بالنسبة للرأسمالية إلى "تكرار ركيك" إذ أنه في هذه الحالة  "تكون الإمبريالية بالبداهة ضرورة حيوية للرأسمالية" ونحن نعرب عن فكرة كاوتسكي بأكثر ما يمكن من الدقة إذا ما ذكرنا تعريفه للإمبريالية، ينص تعريف كاوتسكي: "الإمبريالية هي نتاج الرأسمالية الصناعية المتطورة جداً. وهي تتلخص بنزوع كل أمة رأسمالية صناعية إلى أن تلحق بنفسها أو تستعبد أكثر ما يمكن من الأقطار الزراعية..بصرف النظر عن الأمم التي تقطنها[45].."  /122/
 
نقد لينين لتعريف كاوتسكي للإمبريالية:
1- يبرز التعريف وجهاً واحداً من وجوه المسألة، أي يبرز بصورة كيفية المسألة القومية وحدها (وإن كانت بمنتهى الأهمية بحد ذاتها أو في علاقتها بالإمبريالية[46])...ويربطها بصورة كيفية وغير صحيحة بالرأسمال الصناعي وحده في البلدان الملحِقة..
2-الإمبريالية هي نزوع (الأمم الصناعية) إلى الإلحاق-هذا ما يؤول إليه القسم السياسي من تعريف كاوتسكي. وهو صحيح ولكنه ناقص كل النقص لأن الإمبريالية من الناحية السياسية هي بوجه عام نزوع إلى العنف والرجعية.
3- خطأ كاوتسكي من الناحية الاقتصادية أن ما يميز الإمبريالية على وجه التحقيق ليس الرأسمال الصناعي، بل الرأسمال المالي.
4- ما يميز الإمبريالية على وجه التحقيق ليس النزوع إلى إلحاق الأقطار الزراعية وحدها، بل حتى الصناعية الأكثر تطوراً.
..لأن انتهاء تقاسم الأرض يرغم في حالة تقاسم جديد على مد اليد إلى أي قطر- هذا أولاً، وثانياًً: من سمات الإمبريالية الجوهرية تنافس عدد من الدول الكبرى في النزوع إلى السيطرة، أي الاستيلاء على الأراضي بمقدار ما تحتاجها لإضعاف الخصم وتقويض سيطرته، لا بمقدار ما تحتاجها لنفسها[47]" /123/
"يكتب هوبسون[48] في كتابه "الإمبريالية" الصادر سنة 1902 (راداً على ادعاء كاوتسكي بأن الإنكليز يمنحون كلمة "الإمبريالية" معنى سياسياً صرفاً"؛ يقول هوبسون: "تختلف الإمبريالية الحديثة عن القديمة، أولاً: بأنها تحل محل نزعات إمبراطورية واحدة متعاظمة نظرية وعمل إمبراطوريات متنافسة تسترشد كل منها بمطامع متماثلة في التوسع السياسي وفي النفع التجاري، وثانياً بأنها تعلي على المصالح التجارية المصالح المالية أو المتعلقة بتوظيف الرأسمال".
علينا أن نميز ثلاثة نماذج للإمبريالية:
1-الإمبراطورية الرومانية[49]: هيمنة الروابط السياسية (في أنماط الإنتاج ما قبل الرأسمالية).
2-الإمبراطورية الإنكليزية (في المرحلة الصناعية) تفوق دور التاجر (إلحاق بلد صناعي متطور  لبلاد زراعية).
3-الإمبريالية الرأسمالية[50]: تفوق المالي على التاجر، وتصدير رأس المال على تصدير البضائع /124/.
4-النقاش الذي أثاره كاوتسكي حول الكلمات هو نقاش غير جدي على الإطلاق:
أينبغي أن يطلق على أحدث مراحل الرأسمالية اسم الإمبريالية أم درجة الرأسمال المالي. سمّها كيف شئت؛ لا أهمية لذلك. إن جوهر القضية في كون كاوتسكي يفصل سياسة الإمبريالية عن اقتصادها...ويستنتج أن تقاسم أقطار الأرض الذي تم في عهد الرأسمال المالي بالضبط والذي يؤلف أساس خصائص أشكال التنافس الراهنة بين كبريات الدول الرأسمالية يتلاءم مع السياسة غير الإمبريالية. /125/  يقول الألماني تونوف مداح الإمبريالية: الإمبريالية هي الرأسمالية الحديثة، تطور الرأسمالية محتوم وتقدمي، معنى ذلك أن الإمبريالية تقدمية[51]؟
5- كتب كاوتسكي: "من وجهة النظر الاقتصادية الصرف ليس من المستحيل أن تجتاز الرأسمالية مرحلة جديدة أخرى تشمل فيها سياسة الكارتيلات السياسة الخارجية، مرحلة "الإمبريالية العليا"، أي مرحلة ما فوق الإمبريالية، مرحلة اتحاد الدول الإمبريالية في العالم بأسره، لا الصراع فيما بينها، مرحلة انتهاء الحروب في نظام الرأسمالية، مرحلة "استثمار مشترك للعالم من قبل الرأسمال المالي المتحد في النطاق العالمي" /126/ يعلق لينين: تشجع الفكرة هذه – المغلوطة في العمق- الفكرة القائلة بأن سيطرة الرأسمال المالي تضعف التفاوت والتناقضات في داخل الاقتصاد العالمي في حين أنها تشددها في الواقع" /127/ ..إن الرأسمال المالي والتروستات لا تقرب الشقة بين سرعة تطور مختلف أقسام الاقتصاد العالمي، بل بالعكس، توسعها، وإذا ما تغيرت نسبة القوى، فهل يمكن ، في نظام الرأسمالية، أن يوجد حل للتناقضات غير القوة.
تطور سكك الحديد بألوف الكيلومترات (لاحظ سرعة التطور الأمريكي مقارنة بأوربا خلال ربع قرن تقريباً). 
 
أوربا
الولايات المتحدة الأميركية
1890
224
268
1913
346
411
+
122+
143+
نتساءل: هل هنالك، على صعيد الرأسمالية (أي ضمن علاقات الإنتاج الرأسمالية)، وسيلة أخرى غير الحرب لتسوية عدم التناسب بين تطور القوى المنتجة وتراكم الرأسمال، من جهة، واقتسام الرأسمال المالي للمستعمرات (والأسواق)، و"مناطق النفوذ" من الجهة الأخرى[52]؟ /134/
طفيلية الرأسمالية وتعفنها:
..ينبغي علينا أن نتناول الآن ناحية أخرى مهمة جداً من نواحي الإمبريالية لا تقدّر في معظم الأحيان حق قدرها في أكثر المباحث التي تتناول هذا الموضوع...نحن نعني الطفيلية التي فطرت عليها الإمبريالية" /134/
لقد سبق ورأينا أن الاحتكار هو أعمق أساس اقتصادي للإمبريالية. وهو احتكار رأسمالي، أي أنه ناشئ عن الرأسمالية وقائم ضمن الظروف العامة للرأسمالية والإنتاج البضاعي والمزاحمة [53]- (قائم) ضمن تناقض مع هذه الظروف العام (تناقضاً) دائماً لا مخرج منه. ومع ذلك فهو، ككل احتكار، يولد حتماً الميل إلى الركود والتعفن"
1- بمقدار ما تفرض الاحتكارات أسعارها، ولو لزمن محدد، تزول لدرجة معينة بواعث التقدم التكنيكي..تظهر الإمكانية الاقتصادية لإعاقة التقدم التكنيكي بصورة مصطنعة. /134/ (في صالح الركود)
2- من الواضح أن إمكانية تخفيض تكاليف الإنتاج وزيادة الأرباح عن طريق إدخال التحسينات التكنيكية تعمل في صالح التغيرات.
3- لكن ما فطر عليه الاحتكار من ميل إلى الركود والتعفن يواصل عمله بدوره وهو يتغلب خلال وقت معين في بعض فروع الصناعة وفي بعض البلدان[54]  /135/
إن احتكار حيازة المستعمرات الواسعة جداً، الغنية ذات الموقع الملائم يعمل في نفس الاتجاه (وهو ما أدى إلى الركود والتعفن البريطاني)- بالتالي نشوء اقتصادات قوية نامية بسرعة (ألمانيا-اليابان-الولايات المتحدة)
- تحت عنوان طفيلية الإمبريالية[55] يذكر لينين العبارة التالية:
"إن الإمبريالية هي تراكم هائل للرأسمال النقدي [الأوراق المالية] في عدد قليل من البلدان؛ استحواذ لكتلة ضخمة من الأوراق المالية.  من هنا تنمو بصورة خارقة طبقة أو بالأصح، فئة أصحاب المداخيل، الذين يعيشون من "قص الكوبونات"، الأشخاص المنعزلين تماماً عن كل اشتراك في أي مشروع، أشخاص مهنتهم الفراغ- وتصدير الرأسمال[56]- وهو  أساس من أسس الإمبريالية الاقتصادية الجوهرية- يشدد لدرجة أكبر العزلة التامة لفئة أصحاب المداخيل عن الإنتاج، ويسم بطابع الطفيلية كامل البلاد التي تعيش من استثمار عمل عدد من بلدان ما وراء المحيطات والمستعمرات" /135/
يكتب هوبسون: "إن الإمبريالية العدوانية التي تكلف دافعي الضرائب ثمناً فادحاً ولا تعود على الصناعي والتاجر إلا بالتافه..هي مصدر أرباح فاحشة للرأسمالي الذي يبحث عن مكان لتوظيف رأسماله.. وقد أعرب عن هذه الفكرة بالإنكليزية بكلمة واحدة "إنغستور" "موظف"، صاحب دخل)../136/
..إن عائدات أصحاب المداخيل هي خمسة أضعاف عائد التجارة الخارجية في أكبر بلد تجاري في العالم! هذا هو جوهر الإمبريالية والطفيلية الإمبريالية.[57]
..ومفهوم "الدولة صاحبة الدخل Rentnerstaat أو الدولة المرابية يغدو لهذا السبب شائعاً في الأدب الاقتصادي  عن الإمبريالية. لقد انقسم العالم إلى حفنة من الدول المرابية وإلى أكثرية هائلة من الدول المدينة" /136/
...كتب شولتزه-غفيرنيتز: "تتحول إنكلترا شيئاً فشيئاً من دولة صناعية إلى دولة دائنة، ومع أن الإنتاج الصناعي والتصدير الصناعي يزدادان من الناحية المطلقة، يرتفع، بالنسبة للاقتصاد الوطني كله، الوزن النسبي للمداخيل التي تتألف من الفوائد وعائدات الأسهم والإصدار والوساطة والمضاربة. وفي رأيي أن هذا الواقع بالذات هو الأساس الاقتصادي للنهوض الإمبريالي- فصلة الدائن بالمدين أوثق من صلة البائع بالمشتري (قارن مع أزمة النمور الآسيوية 1997 )
..إن الدولة صاحبة الدخل هي دولة الرأسمالية الطفيلية المتقيحة، وهذا الظرف يجد انعكاسه، لا محالة على جميع ظروف البلد المعني الاجتماعية أو السياسية بوجه عام وعلى الاتجاهين الأساسيين في حركة الطبقة العاملة [58] بوجه خاص.. /137/
..إن موجهي هذه السياسة ذات الطابع الطفيلي البين هم الرأسماليون، /138/ ولكن البواعث نفسها تفعل فعلها في فئات معينة من العمال، فأهم الفروع الصناعية في العديد من المدن تتوقف على العقود الحكومية.." /138/ إن رشوة الطبقات السفلى لتبقى هادئة في البلدان الإمبريالية، و لكي تغدو أمراً ممكناً من الوجهة الاقتصادية لا بد لها من أرباح فاحشة، احتكارية.."
..ويضيف هوبسون: "هذه هي الآفاق التي يفتحها لنا اتحاد أوسع بين الدول الغربية، اتحاد أوربي بين الدول الكبرى، وهذا الاتحاد، فضلاً عن أنه لا يدفع إلى الأمام قضية الحضارة العالمية، يمكنه أن يكوّن بصورة هائلة خطر الطفيلية الغربية: أن يبرز بين جماعة من الأمم الصناعية الراقية تتقاضى طبقاتها العليا جزية ضخمة من آسيا وإفريقيا تمكنها من إعالة جماعات كبيرة مروّضة من الخدم الموظفين والمستخدمين غير المشغولين في إنتاج الكميات الكبرى من المواد الزراعية والصناعية، بل في الخدمة الشخصية، أو تقوم تحت إشراف الأرستقراطية المالية الجديدة بأعمال صناعية ثانوية../140/ .."إن التأثيرات التي توجه الإمبريالية في أوربا الغربية في الساعة الراهنة تسير في هذا الاتجاه، وإذا لم تصادف مقاومة، إذا لم توجه وجهة أخرى، فهي تعمل في اتجاه مثل هذه الخاتمة لهذا السير" /140/
يعلق لينين على هوبسون بالقول: "إن الكاتب على كامل الحق: فإذا لم تصادف قوى الإمبريالية مقاومة فهي تصل حتماً إلى هذه النتيجة، فمعنى "الولايات المتحدة الأوربية" في الظرف الإمبريالي الراهن قد قدرها على الوجه الصحيح. وكل ما كان ينبغي أن يضاف هو أنه في داخل حركة العمال كذلك "يعمل" بمثابرة في الاتجاه ذاته بالضبط الانتهازيون الذين حصلوا الآن على الغلبة مؤقتاً[59] في معظم البلدان. فالإمبريالية التي تعني اقتسام العالم واستثمار البلدان الأخرى..والتي تعني الأرباح الاحتكارية الفاحشة لحفنة من أغنى البلدان، تخلق اقتصادياً إمكانية رشوة الفئات العليا من البروليتاريا وبذلك تغذي الانتهازية وتكونها وتوطدها" /141/
يدعو الانتهازي الألماني غيرهارد هليوبراند لتشكيل "ولايات متحدة من أوربا الغربية[60]" (بدون روسيا) بقصد "العمل المشترك" ضد الزنوج الإفريقيين، ضد "الحركة الإسلامية الكبرى" وللإنفاق على جيش وأسطول قويين..../141/.
"إن خطر" الإمبريالية يتلخص في أن "أوربا تلقي على كاهل البشرية الملونة العمل الجسدي- في البدء في الاقتصاد الزراعي والمناجم ثم العمل الصناعي الأكثر خشونة- مكتفية هي بدور صاحب الدخل، وربما مهيئة بذلك اقتصادياً ثم سياسياً تحرير العروق الحمراء والسوداء [والصفراء].." /142/من ملامح رجعية الإمبريالية وطفيليتها انخفاض نسبة المنتجين إلى باقي السكان:
سنة
سكان إنكلترا
بالملايين
عدد العمال في الفروع الصناعية الرئيسية بالملايين
نسبة العمال إلى مجمل السكان
1851
17.9
4.1
23%
1901
32.5
4.9
15%
" من خواص الإمبريالية المرتبطة بجملة الظواهر التي نصفها انخفاض الهجرة من البلدان الإمبريالية وازدياد الهجرة (انتقال العمال ونزوحهم) إلى هذه البلدان من بلدان أكثر تأخراً والأجور فيها أحط../143/
تنزع الإمبريالية إلى أن تبرز بين العمال أيضاً فئات مميزة وإلى فصلها عن الجماهير البروليتارية الغفيرة.." /144/
..ينبغي أن نشير إلى أن نزوع الإمبريالية إلى تقسيم العمال وإلى تقوية الانتهازية بينهم وإلى إفساد حركة العمال مؤقتاً قد ظهر في إنكلترا قبل أواخر القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين بزمن طويل، وذلك لأن سمتين أساسيتين من السمات المميزة للإمبريالية قد بدتا في إنكلترا منذ منتصف القرن التاسع عشر: المستعمرات الشاسعة والوضع الاحتكاري في السوق العالمية.." /144/
السمة المميزة للوضع الراهن هي سيطرة ظروف اقتصادية وسياسية بحيث تميل لزيادة التناقض بين الانتهازية وبين المصالح الحيوية والعامة لحركة الطبقة العاملة..[61] " /146/ ..لقد نضجت الانتهازية بصورة تامة وعاشت أيامها وتعفنت إذ اندمجت بصورة كاملة بوصفها الاشتراكية الشوفينية (الاشتراكية الدولية) بالسياسة البورجوازية" /147/
انتقاد الإمبريالية:
يقول لينين: "نفهم انتقاد الإمبريالية بمعنى الكلمة الواسع، بمعنى الموقف الذي تقفه من سياسة الإمبريالية مختلف طبقات المجتمع تبعاً لعقليتها العامة.."  /147/
..تتغلغل العقلية الإمبريالية في جميع الطبقات بما فيها طبقة العمال..
"إن المسائل الأساسية في انتقاد الإمبريالية هي مسائل ما إذا كان في الإمكان تغيير أسس الإمبريالية بالطرق الإصلاحية، ما إذا كان ينبغي السير إلى الأمام في اتجاه زيادة حدة التناقضات التي تنشأ عنها وتعميقها، أم إلى الوراء في اتجاه ثلم حدتها..." /149/
خواص الإمبريالية السياسية:
"لما كانت خواص الإمبريالية السياسية هي الرجعية على طول الخط واشتداد الظلم القومي بسبب استبداد الطغمة المالية وإزاحة المزاحمة الحرة، فإن الإمبريالية، في جميع البلدان الإمبريالية على وجه التقريب، قد وجدت نفسها منذ بداية القرن العشرين حيال معارضة ديمقراطية بورجوازية صغيرة[62] بما فيها المعارضة الإسلامية السلفية . رجعية من حيث أساسها الاقتصادي"
..هؤلاء جميعاً يعارضون الإمبريالية بالمزاحمة الحرة والديمقراطية [كما يعارض حزب الشعب الديمقراطي السوري  الاستبداد والاحتكار بآلية التوزيع المتساوي]../151/
...إن هذه السذاجة من جانب الاقتصاديين البورجوازيين لا تدهش[63] ومن مصلحتهم، عدا ذلك، التظاهر بالسذاجة لهذا الحد والكلام "بلهجة الجد" عن السلام في ظل الإمبريالية.
كتب هيلفردينغ: "ليس من شأن البروليتاريا أن تعارض السياسة الرأسمالية الأكثر تقدمية بسياسة انصرم عهدها هي سياسة عهد التجارة الحرة وموقف العداء من الدولة، إن جواب البروليتاريا على السياسة الاقتصادية التي يمارسها الرأسمال المالي (على الإمبريالية)، لا يمكن، في التجارة الحرة، بل الاشتراكية وحدها. والمثل الأعلى الذي يمكنه الآن أن يكون هدفاً للسياسة البروليتارية ليس بعهد المزاحمة الحرة- وقد غدا الآن مثلاً أعلى رجعياً- بل فقط القضاء التام على المزاحمة عن طريق إزالة الرأسمالية.."  /153/
"ومن المعروف أيضاً أن الطريقة التي تتميز بها الكارتيلات والرأسمال المالي هي "التصدير بأسعار لا تزاحم"، "إغراق الأسواق" كما يقول أنجلز: "يبيع الكارتل منتوجاته في داخل البلاد بأسعار احتكارية مرتفعة، ويصرفها في الخارج بسعر بخس، بقصد سحق المزاحمين، وبقصد توسيع إنتاجه إلى الحد الأقصى.."  /105/
..المسيحية التي استقرت في عدد قليل من الإمبراطوريات الاتحادية الكبرى التي توجد في حوزة كل منها جملة من المستعمرات غير المتمدنة والبلدان الرجعية هي في نظر (الكثيرين من القساوسة) تطور للميول الراهنة طبيعي ولا أكثر، تطور يبعث أكبر الآمال في استقرار وسلام دائم على أساس وطيد من الإمبريالية المتداخلة Inter-imperialism". /160/
...من غير المعقول في ظل الرأسمالية أن يكون هناك أساس لتقاسم مناطق النفوذ والمصالح والمستعمرات..غير حساب قوة المشتركين في التقاسم، قوتهم الاقتصادية، العامة والمالية والعسكرية..الخ، بيد أن القوة تتغير بصورة متفاوتة لدى هؤلاء المشتركين في التقاسم، لأن تطور كل من المشاريع والتروستات وفروع الصناعة والبلدان يستحيل أن يكون متساوياً في ظل الرأسمالية" /162/
يكتب لينين: "الإمبريالية هي عهد الرأسمال المالي والاحتكارات التي تحمل في كل مكان النزعة إلى السيطرة لا إلى الحرية. ونتائج هذه النزعة هي الرجعية على طول الخط في ظل جميع النظم السياسية وتفاقم التناقضات لأقصى حد كذلك في هذا الحقل. يشتد بوجه خاص كذلك الظلم القومي والميل إلى الإلحاق، أي الاعتداء على الاستقلال الوطني (ذلك لأن الإلحاق ليس إلا الاعتداء على حق الأمم في تقرير مصيرها)".../164/
يشير هيلفردينغ وهو على حق، إلى الصلة بين الإمبريالية واشتداد الظلم القومي بقوله: "أما فيما يخص البلدان المكتشفة حديثاً فإن الرأسمال المصدر يشدد فيها التناقضات ويثير ضد الدخلاء مقاومة تشتد على الدوام من جانب الشعوب التي يستيقظ وعيها الوطني، وبإمكان هذه المقاومة أن تتحول بسهولة إلى تدابير خطرة موجهة ضد الرأسمال الأجنبي. يشمل الانقلاب جذور العلاقات الاجتماعية القديمة، تنهار العزلة الزراعية التي استمرت ألوف السنين لدى هذه "الأمم الموضوعة خارج التاريخ"، وتجذب هذه الأمم إلى لجة الرأسمالية، والرأسمالية نفسها تقدم للمستعبدين شيئاً فشيئاً الوسائل والأساليب للتحرر. فيضعون نصب أعينهم ذلك الهدف الذي كانت ترى فيه الأمم الأوربية فيما مضى الهدف الأسمى، أي إنشاء دولة قومية موحدة باعتبارها وسيلة للحرية الاقتصادية والثقافية.
وهذه الحركة الطامحة للاستقلال تهدد الرأسمال الأوربي في أهم ميادين الاستثمار التي تبشر بـأزهى الآمال؛ ولا يستطيع الرأسمال الأوربي الاحتفاظ بسيطرته إلا بزيادة قواته العسكرية بصورة دائمة" ../165/
"ينبغي أن نضيف إلى ذلك أن الإمبريالية تفضي إلى الإلحاق وإلى تفاقم الظلم القومي، وبالتالي إلى اشتداد المقاومة ليس فقط في البلدان المكتشفة حديثاً، بل كذلك في القديمة.." /165/
..إن كاوتسكي إذ ينكر تشديد الإمبريالية للرجعية السياسية يحجب مسألة في غاية الأهمية وهي استحالة الوحدة مع الانتهازيين في عصرالإمبريالية".  /165/
مكانة الإمبريالية في التاريخ:
"لقد رأينا أن الإمبريالية، من حيث كنهها الاقتصادي، هي الرأسمالية الاحتكارية. وهذا ما يحدد بحد ذاته مكانة الإمبريالية في التاريخ لأن الاحتكار الذي نشأ على صعيد المزاحمة الحرة ومن المزاحمة الحرة بالضبط هو انتقال من النظام الرأسمالي إلى نظام اقتصادي اجتماعي أعلى. ونرصد هنا  أربعة مظاهر رئيسية للرأسمالية الاحتكارية:
1..تشديد الرأسمالية الاحتكارية لجميع تناقضات الرأسمالية.
2..بالإجمال تنمو الرأسمالية (في عصر الإمبريالية) بسرعة أكبر جداً من السرعة السابقة، إنها تنمو، ولكن هذا النمو يغدو بوجه عام أكثر تفاوتاً، يتجلى هذا التفاوت بوجه خاص في تعفن البلدان الأقوى بالرساميل (إنكلترا سابقاً-الولايات المتحدة لاحقاً)  /169/
3.. إن نمو الرأسمالية في عصر الإمبريالية -- منها إلى العصر السابق (المزاحمة الحرة) أشبه بسرعة عربات البريد في العصر الغابر السعيد بالقياس لسرعة السيارة الحديثة التي تخترق الطرقات بشكل يعرض للخطر الراجل الغافل وركابها أنفسهم"
[قارن مع سرعة تدفق القروض قصيرة الأجل وأموال المضاربات]  /169/ ..أما الولايات المتحدة فقد سار فيها التطور الاقتصادي خلال العقود الأخيرة من السنين بسرعة أكبر منها في ألمانيا. وبسبب ذلك بالضبط برزت إمارات الطفيلية في الرأسمالية الأمريكية الحديثة بوضوح خاص. /169/ "إن المقارنة مثلاً بين البورجوازية الجمهورية الأمريكية والبورجوازية الملكية اليابانية أو الألمانية تظهر أن هذا الفرق السياسي الهائل يضعف لأقصى حد في عهد الإمبريالية. لا لأنه كان بوجه عام قليل الأهمية، بل لأن القضية في جميع هذه الحالات قضية بورجوازية تتسم بسمات طفيلية واضحة." /170/ "إن نمو الانتهازية، بهذه السرعة الكبرى، وبهذه الصفة القبيحة للغاية، ليس قطعاً بضمان لانتصارها بصورة وطيدة..وأخطر ما في الأمر هم الناس الذين لا يريدون أن يفهموا أن النضال ضد الإمبريالية، إذا لم يقترن اقتراناً وثيقاً بالنضال ضد الانتهازية، يكون عبارة فارغة وكاذبة.."/171/
من كل ما قلناه فيما تقدم عن طبيعة الإمبريالية الاقتصادية يستنتج أنه لا بد من وصفها بأنها رأسمالية انتقالية أو، بالأصح، (رأسمالية) محتضرة..
..ماذا نعني بـ "التشابك" غير اكتساب الإنتاج الصفة الاجتماعية. "من الواضح أننا إزاء اكتساب الإنتاج للصفة الاجتماعية، لا إزاء مجرد "تشابك"، وإن علاقات الاقتصاد الخاص والملكية الخاصة تؤلف غلافاً غدا لا يتلاءم مع المحتوى ومن شأنه أن يتعفن لا محالة إذا ما أجّلت إزالته بصورة مصطنعة ويمكن أن يبقى في حالة التعفن زمناً طويلاً نسبياً..ولكنه مع ذلك سيزول لا محالة".
ملاحظة أخيرة:  حدس سان سيمون والتحليل العلمي عند  ماركس و لينين
هوامش


[1] - لينين: الإمبريالية أعلى مراحل الرأسمالية - وصف مبسط دار التقدم موسكو من دون تاريخ .
[2] - هذا الفهم مضاد للنزعة التقنوية
[3] - ظاهرة الانتهازية في حركة الطبقة  العاملة وانقسام البروليتاريا العالمية ..
 
[4] - ليس التمركز والاحتكار هما ما يحددان طبيعة بلد على كونه إمبريالياً ، بل التمركز والاحتكار في كنف علاقات الإنتاج الرأسمالية (في كنف الملكية الخاصة الرأسمالية ) . وهو ما يميز بشكل أساسي بين الاحتكار في الاقتصاد الصيني من جهة وبين الاحتكار في الاقتصاد الأمريكي أو الياباني. وهذا الفهم يناقض الفهم التقنوي للتاريخ أو الفهم الوضعي
 
[5] - أ ي تحليل منطقي وآخر تاريخي فعلي ، ولا يمكن إجراء التاريخي من دون التحليل النظري التجريدي ولاحقاً العيني . الكتاب الأول من رأس المال هو تحليل نظري تجريدي ، والكتابان الثاني والثالث هما تحليل تاريخي أو انتقال من المجرد إلى العيني في التحليل . وقد يظهر بعض التناقض بين الأول والثالث عند قليلي العلم والخبرة بالدبالكتيك المادي ؛ ديالكتيك المجرد/ العيني.
[6] - هذا التحول مهم جداً لتفسير الأزمة المالية الأخيرة والناجمة عن طغيان المضاربات المالية لبنوك الاستثمار والرهن العقاري في الولايات المتحدة والتي تساهم فيها بنوك وصناديق من دول رأسمالية مختلفة مركزية وطرفية ، وناجمة عن الحركة السريعة لرأس المال المضارب قصير الأجل . وقد استولت المضاربة على نصيب هائل من حصة" التاجر"  والصناعي المنتج حقيقة.
[7] - كارل ماركس: النضال الطبقي في فرنسا ، كتاب إلكتروني ص 41
[8] - ولاحقاً الثورة التقنية بعد الحرب العالمية الثانية: العقول الذكية (شيبات الذاكرة المستخدمة في أجهزة الكومبيوتر) والاتصالات الفضائية عبر الأقمار الصناعية والإنترنت والمواصلات الجوية والتحسين الهائل على أداء السيارة ودورها في الوقت الراهن. فإذا أضفنا إلى ذلك السياسات الليبرالية الجديدة منذ 1980 وتفكك الدولة السوفيتية نستطيع تلمس الدوافع المباشرة لنشاط المضاربات المالية اعتباراً من ذلك الوقت وما خلفته تلك المضاربات المالية الهائلة من أزمات ودمار في الاقتصاد والبيئة ومن زيادة لحدة الفقر على المستوى العالمي.
 
[9] - تشمل رأس مال خاص ، والودائع العامة وهي الأعلى وخاصة صناديق المعاشات والتأمينات وصناديق التقاعد.
[10] - التراكمات الكمية والتحول الكيفي في عمل البنك.
[11] - الرأسمالية الاحتكارية أو رأسمالية الدولة الاحتكارية ؛ الإمبريالية
[12] - ماركس: رأس المال ، المجلد 3 ، الجزء 2
[13] - كما الفتحة علامة النصب،  كذلك البورصة علامة أداء الشركات والاقتصاد الرأسمالي عموماً. في البورصة تتم المتاجرة بأشياء اسمية وهي أسعار أسهم الشركات الاحتكارية وغيرها. 
[14] - المزاحمة بين حفنة من الاحتكارات العملاقة
 
[15] زواج مصلحة بين البنوك والرأسمال الصناعي.
[16] الصراع في مستوى أعلى.
[17] - دور الاحتكارات في العهد الجديد
[18] تحكم الاحتكارات في شروط سيادة علاقات  الإنتاج البضاعية ؛  سيطرة الملكية الخاصة الرأسمالية.
[19] - يقصد جورج بليخانوف
[20] - التفسير بالخصلة تفسير عنصري
[21] - الأطراس هي رقوق غطيت نصوصها الأول لتكتب في مكانها نصوص جديدة
[22] - سوف تتفاقم هذه الظاهرة- وهي ظاهرة التوظيف في البورصة والعمليات المالية ، مع اعتماد السياسات اللبرالية الجديدة اعتباراً من سنة 1979
[23] زيادة الفائض الاقتصادي
[24] - هذا قول مهم
[25] - plutocracy  : حكومة الأثرياء؛ طبقة ثرية حاكمة المورد 701
[26] الاحتكار والتبجح بالحريات السياسية والديمقراطية
[27] .الإصدارات بمليارات الفرنكات في كل عقد
[28] - يلاحظ الدور الهائل الجديد للأوراق المالية، والرأسمال المالي المضارب.
[29] كان تصدير البضائع الحالة النموذجية في الرأسمالية القديمة حيث كانت السيادة التامة للمزاحمة الحرة. وغدا تصدير الرأسمال الحالة النموذجية في الرأسمالية الحديثة التي تسودها الاحتكارات"   /82/
[30] "في عشية القرن العشرين نرى تشكل نوع آخر من الاحتكارات" أولاً اتحادات رأسماليين احتكارية في جميع بلدان الرأسمالية المتطورة، ثانياً: وضع احتكاري لبعض البلدان في منتهى الغنى بلغ فيها تراكم الرأسمال مقاييس هائلة.
[31] -  راجع كتاب ، بول سويزي ، بول باران : رأس المال الاحتكاري
[32] سوف يأخذ الاستثمار في الخارج اتجاهاً أكثر تعقيداً بعد الحرب العالمية الثانية، حيث يتجه الاستثمار الاستخراجي نحو الدول المتخلفة ، والاستثمار الصناعي المباشر نحو الدول المتطورة اقتصادياً ، خاصة أوربا
[33] - التسليف والمراباة
[34]  - المندمجات العملاقة الشركة المساهمة الاحتكارية على المستوى الدولي.
[35] دور الحروب..في حالة الحرب
[36] - الازدهار 1840-1860
[37] ظهور الولايات المتحدة الأميركية بعد الحرب العالمية كقائد للنظام.
[38] قارن مع الدول الاسكندينافية أثناء الحرب الباردة والرفاه العالي و"السلم"
[39] سيطرة رأس المال المالي وحيازة المستعمرات تؤدي إلى ظهور الاستعمار من جديد (العراق وأفغانستان)-وأشباه المستعمرات (دول الخليج)-و بعض بلدان أمريكا اللاتينية
[40] هذا التعريف يضم الأمر الرئيسي
[41] (السيارة محرك ذو احتراق داخلي) غير كاف
[42] رأس المال المالي؛ اقتران رأس المال الصناعي بالبنكي
[43] - وإذا قلنا أن الرأسمالية متطورة أو حديثة فهذا أمر كمي أما الأمر الأساسي فهو أن التطورات الكمية في الرأسمالية في مرحلتها الحديثة أدت إلى مرحلة "نوعية" في الرأسمالية هي الإمبريالية
[44] النقاش مع كاوتسكي النظري الماركسي الرئيسي في عهد ما يسمى بالأممية الثانية؛ أي السنوات الـ25 الممتدة من سنة 1889-1914
[45] نزوع إلى الإلحاق والضم!
[46]- أهمية المسألة القومية في فكر لينين
[47]- ديالكتيك المنافسة والاندماج في النظام الإمبريالي
[48]-الاشتراكي الليبرالي هوبسون
[49]- Empire. 1 و2.
[50]- Imperialism.
-[51] نزعة وضعية وتقنوية
[52] الصين-إيران-روسيا وكوريا الشمالية، هجوم الإمبريالية على هذه البلدان من أجل فتح أسواقها تماماً أمام رأس المال المالي.
الصراع الحالي بين فريق تقوده الولايات المتحدة وآخر ..الصين بتصدره وإيران. كاقتصاد متطور بسرعة.
[53] -  لاحظ أن هذا الاحتكار هو احتكار رأسمالي، وهذا ما يميزه عن احتكارات غير رأسمالية كـ احتكارات الدولة الاشتراكية
[54] - تفاوت نمو القطاعات والبلدان في ظل الإمبريالية؛ ديالكتيك الركود- التعفن/ التغير يؤدي إلى تفاوتات بين القطاعات والبلدان.
[55] - مستوى لتعريف الإمبريالية هو (طفيلية الرأسمالية)
[56] -تصدير الرأسمال والمضاربات في حافظة الأوراق المالية نتيجة حيازة الكتلة الضخمة من الأوراق المالية لدول قليلة
[57] -طفيلية الإمبريالية والأزمة المالية الأخيرة.
[58] -الانتهازي والثوري.
[59] -غلبة المنشفية مؤقتاً
[60] -لاحظ الحلف المقدس بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوربي (توضيب البيت الأوربي والأمريكي..للهجوم ,,,
[61] - قارن هذه الفقرة مع ترجمتها  الإنكليزية.. The distinctive feature of the present situation is the prevalence of such economic and political conditions that are bound to increase the irreconcilability between opportunism and the general and vital interests of the working-class movement:
ترجمة دار التقدم للفقرة السابقة: والصفة المميزة للوضع الراهن هي وجود ظروف اقتصادية وسياسية تجعل الانتهازية ، لا محالة ، أبعد لدرجة أكبر من ملاءمة ما لحركة العمال من مصالح عامة وحيوية:
[62] -الإسلاميين والقوميين والبازار
[63] -سذاجة وثيقة حزب الشعب