من يصنع الطاغية ؟


شامل عبد العزيز
2010 / 6 / 27 - 20:06     

في كتاب / كبرياء التاريخ في مأزق / للمفكر الكبير / عبدالله القصيمي / الصادر عن دار الانتشار / بيروت – لبنان / الطبعة الثانية 2001 ...
وتحديداً في الجزء الثاني والذي يحمل عنوان / إلى كل طغاة العالم / ...
والجزء الثالث والذي هو بعنوان / وأما الاشتراكية / ....
يتبادر إلى الأذهان عند قراءة هذين الفصلين سؤال ؟
من هو الذي يصنع الطاغية ؟
النظام الاشتراكي !! أم النظام الرأسمالي ؟
ولكن قبل الإجابة عن السؤال حسب ما جاء في كتاب مفكرنا الكبير,,,, أي قبل هذا وذاك .
من هو الطاغية ؟
يقول القصيمي في الجزء الخاص بالطاغية وتحديداً في ص 17 ما يلي :
إن الطاغية هو أشهر مبصوق عليه في التاريخ / يبصق عليه الضعفاء والمتملقون / عفوناتهم النفسية والأخلاقية بأسلوب الامتداح له / ....
سوف أحاول أن أقدم وجهة نظري الشخصية من خلال أفكار القصيمي .
هناك أسئلة ؟
ماذا استفاد العالم من الطغاة عموماً وفي بلادنا خصوصاً ؟
هل العصر الحالي أو حتى العصور الماضية تحتاج إلى طغاة ؟
سوف نتجاوز التاريخ ونحصر موضوعنا في العصر الحديث ...
هل نحتاج في هذا العصر إلى طغاة ؟
أم نحتاج إلى من يبصق عليهم ولكن ليس من قبل الضعفاء والمتملقين كما جاء عند القصيمي ؟
من حكم بلادنا ومنذ ما يسمى بالاستقلال ( مع بعض الاستثناءات لفترات محددة ) ؟
هل حكامنا سابقاً وحالياً طغاة أم لا ؟
هل يستطيع الطاغية أن يرتقي بشعبه وبلاده إلى الأفضل أم العكس هو الصحيح ؟
حتى ندخل في صلب الموضوع والسؤال المطروح من هو الذي يصنع الطاغية ؟




سوف أنقل لكم بعض الفقرات والتي دائما ما يبدأها القصيمي بكلمة / إلى / ونقول ....
إلى من لا يقبل كل ما في الطبيعة من جمال وضخامة / وكل ما عند الناس من مذاهب ونظم وزعماء ومعلمين / ليكون اعتذاراً أو تكفيراً عن رنة عذاب / أو هوان أو تشويه / أو موقف تحقير / يقاسي فيه إنسان أو حيوان أو حشرة مجهولة النسب والمكان / ..........
إلى من لا يقبل كل ما في الدنيا من ثورات – شعارات – انتصارات – ثمنا لطاغية واحد تشوه به السماء المتوحشة تاريخ الأرض المريضة بالطغاة والأبطال مرضها المستعصي / ....
إلى من يخجل أن يثني على إلهه أو مذهبه أو وطنه بينما يعيش في مجتمع قد تحول كل ما فيه من كتاب – معلمين – مفكرين - وفنون – وتعليم – وحياة – وحضارة – ومن معابد – وكتب مقدسة – بل ومن الله وشموس وأنهار وحقول إلى أدوات عرض وإلى منشدين ومفسرين لمجد طاغية فرد ..... يريد أن تتحول الدنيا كلها إلى مرآة كونية مسحورة العقل والضمير والأخلاق والتعبير ليراه بها كل العالم / كل الوقت / من كل الجهات / بكل الصور والتهاويل / بكل العيون / بكل أحاسيس الانبهار حاجباً عن الضوء كل الشموس وكل التاريخ / .....
إلى من لا يجرؤ على الحديث عن الشرف / الذكاء / الكرامة / لأنه يرى أحد الطغاة يبصق / فتتحول بصقته إلى شعر للشعراء – ومنطق للمفكرين – ودروس للمدرسين – وتلاوة في محاريب المؤمنين – بل تتحول كل الإلهة والأديان والمذاهب والأخلاق والقيم والتاريخ إلى شروح لهذه البصقة وقصائد في مدحها ....
كم عانت الشعوب من جراء ذلك ؟ ما هو حجم الدمار الذي خلفه الطاغية وأعوانه في النفوس ؟
نعود للسؤال المطروح ؟
من خلال قرأتنا للكتاب في الأجزاء المذكورة تحديداً نستطيع أن نقول بأن مفكرنا قد حسم أمره بأن الطاغية / من صنع الاشتراكية /
هناك بعض النقاط التي أوردها صاحب الكتاب من أجل تبرير فكرته في ذلك الاختيار ..
سوف نمر عليها وهي على سبيل المقارنة ولو بأسطر موجزة ولكنها واضحة ....
يقول القصيمي :
أيها الكون أعرني كل تحقيرك لكي أحقر الانتهازية الدولية التي تحولت إلى أذل عميل للطغاة الناشئين في العالم الجديد .
لكي أحقر انتهازية هؤلاء المحسوبين الصناع الأوائل لكل ما في العالم الحديث من :
ثورية – مذهبية – اشتراكية .
لماذا ؟ يقول القصيمي :
لان هؤلاء الصناع قد تحولوا بلا كرامة إلى شعراء مداحين لهؤلاء الطغاة المتدفقين على العالم الجديد .
إن الانتهازية التي لا وقار لها و لا حراسة عليها من الصدق أو الشرف هي أعنف مزايا هؤلاء الثوريين – المذهبيين – الاشتراكيين .
الذين حولوا أنفسهم وبلادهم الثورية المذهبية الاشتراكية إلى شهادة زور لهؤلاء الطغاة الصغار القاهرين لشعوبهم الناشئة .
ماذا لو كان ماركس أو أنجلز أو غيرهم أحياء ؟ ماذا كانوا يفضلون ؟
القصيمي لديه اقتناع بأن ماركس – أنجلز أو غيرهما معلمي المذهبية والثورية والاشتراكية لو كانوا أحياء لاختاروا العيش في إحدى الدول الرأسمالية المتقدمة .
لماذا يفضلون ذلك على قناعة القصيمي ؟
يقول القصيمي :
لرفضوا أن يعيشوا في أي بلد من البلدان التي تمارس المذهبية الثورية الاشتراكية استقباحاً لانتهازية ونفاق زعماء وقادة تلك البلاد الثورية المذهبية الاشتراكية ....
المذهبيون – الثوريون – الاشتراكيون ... الكبار جداً هم أرخص من في السوق ...
وأكثرهم انتهازية وانحيازا ونفاقاً للطغيان الرجعي الجاهل المخرب ...
ترددت كلمة الثوريون في المقالة فهل نسأل من هو الثائر ؟
الثائر عند القصيمي هو :
الذي يثور على الناس بحجة الثورة من أجلهم ويسلبهم الحرية والكرامة والذكاء والرخاء والأمن والفضيلة والصدق بحجة السمو بهم . / بحجة إعطائهم ما يسلبهم .
لا اعتقد بأن هذا التعريف يحتاج إلى إيضاح أكثر مما ورد عند مفكرنا القصيمي .
ثم وردت كلمة الاشتراكيون كذلك ....
وأما الاشتراكية فإنها في نيات وسلوك أقطابها ومعلميها الجدد هي :
البحث عن التفرد بالقوة والتملك بحجة البحث عن العدالة .
الاشتراكية في سلوك هؤلاء الجائعين وفي نياتهم هي :
إسقاط جميع الأقوياء وجميع ذوي المجد لتكون كل القوة وكل المجد لفرد واحد طاغ أو لأفراد قليلين طغاة .
الاشتراكية هي : الحيلة السهلة الشائعة الخادعة التي تأذن للطامعين المتلهفين إلى المجد المتفرد والقوة المتفردة بأن يكونوا عتاة منفردين .
مالكين لكل المال والعمل والحياة والرقاب ...
بالمقابل فإن المالك في النظام الرأسمالي لا يأكل كل ما يملك وإنما يتصرف فيه بأسلوب من الأساليب .
المالكون في الاشتراكية يتصرفون في كل شيء ولكن على مستوى أسوء وأشمل وأكثر أنانية وفردية واستقلالاً وبأسلوب أقل ذكاء ونجاحاً وعلمانية ...
صاحب المال في المجتمع الرأسمالي الفردي قد يحول ماله إلى أعمال إنشائية إنمائية لتزداد اتساعاً وقوة بالتراكم وباستغلال السوق .
استغلال المستهلكين والعمال في أحيان كثيرة وعلى مستويات متفاوتة في الوحشية ( نعم ) .
ولكن مع ذلك قد يطور المجتمع ويهبه صيغاً جديدة لأنه يبحث عن النجاح ولان النجاح قد يقود إلى البحث عن نجاح أفضل ولان النتيجة لأي عمل تجيء مساوية للنية ولا ملتزمة بها ...
نعود للاشتراكية لكي نقارن ثم يتبين لنا الأمر :
أما المالك لكل شيء باسم الاشتراكية فإنه حتماً يصبح أسوا جداً من صاحب المال .
لماذا ؟
لأنه سوف يحول كثيراً مما يملك أو أكثر ما يملك / وهو يملك كل شيء / إلى مغامرات واستعراضات وقوة ودعاية وإلى أعمال غير إنتاجية وإلى تفا هات وحماقات ...
يظلم أشد الظلم .
الرأسمالي يبحث عن النجاح .
الاشتراكي يبحث عن نجاح المؤامرات والمغامرات ... ونجاح الخصومة مع الآخرين .
وعن نجاح الذات في سلوكهما الاستعراضي والعدوانية وعن صعود المجد ....
الرأسمالي يبدع الحياة ويعطيها وإن كان يظلم الناس ويسرقهم على نحو ما ..
الاشتراكي فإنه مخرب وسارق فقط دون أي أبداع أو عطاء .
الآن :
من يصنع الطاغية ؟
الرأسمالية
أم
الاشتراكية ؟
ملاحظة :
في الأرشيف وعلى صفحات الحوار المتمدن كان هناك استفتاء وكما يلي :
هل تعتقد / ين أن اليسار والفكر الاشتراكي سيعودان كقوة فعالة في العالم ؟
فظهرت النتائج كما هو أدناه :
نعم 37 % عدد المصوتين 1702
لا 47 % عدد المصوتين 2149
فهل سيعودان ؟
/ ألقاكم على خير / ,,,