الأصولية والنقد الماركسي للاقتصاد السياسي(2)


محمد باليزيد
2010 / 6 / 24 - 23:51     

I) III) اقتصاد الحرب:
في الصفحة 150 يقول الكاتب كتلخيص لدور الحرب على الاقتصاد الرأسمالي: "ولم يكن تجاوز الدولة لآليات السوق فقط هو الذي جعل اقتصاد الحرب ناجحا، فقد لعب كل من صافي الفاقد من إنتاج الأسلحة والدمار البربري الناتج عن الحرب دورهما وكان لهما نفس الأثر على النظام مثل تدمير رأس المال الذي يحدث أثناء الأزمات. فقد قللا الثروات المتاحة للاستثمار في الصناعات الإنتاجية - ومعها اتجاه الاستثمار نحو النمو أسرع من قوة العمل.
كان الماركسي الألماني جروسمان هو أول من لاحظ ذلك عندما كتب في العشرينات: "إن التدمير والفاقد الناتج عن الحرب يعدان وسيلة للتخفيف من الانهيار القائم (للرأسمالية)، لخلق مساحة تنفس من أجل تراكم رأس المال... إن الحرب وتدمير قيمة رأس المال المرتبط بها يضعف انهيار (الرأسمالية) ويوفر بالضرورة حافزا جديدا لتراكم رأس المال." ثم يضيف في الصفحة 151 و152: "إن اقتصاد الحرب بالمقارنة مع اقتصاد السلم يشبه السلحفاة بالمقارنة مع الأرنب البري في القصة الشهيرة (معضلة إيسوب). في البداية يسير التراكم في اقتصاد الحرب أبطأ منه في اقتصاد السلم، لأن ثروات كثيرة كان من الممكن أن تستثمر بصورة إنتاجية يتم تضييعها على الأسلحة بدلا من ذلك. ولكن لهذا السبب بالذات لا يتحتم على اقتصاد الحرب أن يتوقف لالتقاط أنفاسه عبر الأزمة، وبالتالي يلحق باقتصاد السلم.
واتضح هذا تماما أثناء الحرب العالمية الثانية، فتقريبا نصف ناتج الاقتصاد الأمريكي في 1943 أنفق على برامج الحرب. ومع ذلك، مع كل هذا الفاقد، كان إنتاج البضائع الاستهلاكية أكبر مما كان عليه خلال أزمة اقتصاد السلم في أواخر الثلاثينات. وحتى بعد خصم الضرائب لتمويل بعض هذه الأسلحة، كانت أرباح الشركات الأمريكية في سنوات الحرب تزيد على ضعف ما كانت عليه في 1938."
يقول هنا الأستاذ هارمن ما مفاده أن امتصاص صناعة السلاح للرأسمال الذي إن توجه إلى الصناعة السلمية فإنه يخلق فيها تراكما زائدا أكثر من اللازم وهذا يؤدي بمعدل الربح إلى الانخفاض بسرعة، بأن امتصاص رأس المال هذا يجعل المنشآت تتمتع بمعدل ربح جيد وهكذا يبقى النظام بعيدا عن الأزمة. إنها رؤية يجب أن نمعن فيها النظر. إن هذا التحليل يجب أن نلاحظ عليه، بالإضافة إلى مسألة أن "العمل الحي وحده ينتج فائض قيمة"، نلاحظ عليه أمورا من بينها: أ) إذا لم تتجه الأموال صوب صناعة السلاح واتجهت صوب الصناعة السلمية ترتفع نسبة الرأسمال هنا، لكن لماذا لا تتجه اليد العاملة كذلك نحو الصناعة السلمية تابعة اتجاه الأموال المتقاطرة عليها وتقلل بذلك من نسبة "رأس المال الثابت"؟ هل السبب في أن كل اليد العاملة مشغولة من قبل، أي أنه ليست هناك "يد عاملة" احتياطية عاطلة؟ ب) إن هذا التحليل يرمي إلى تبيان "شر النظام الرأسمالي" الذي لا يكون متعافيا إلا في ظل "إنتاج الشر". صحيح أن التنافس بين الرأسماليين كثيرا ما يُنتج حربا بشعة وصحيح، قبل ذلك، أن استغلال الأغنياء للفقراء في حد ذاته حرب بشعة لا تحتاج إلى مزيد من البشاعة كي يشمئز منها المرء. ولكننا هنا، في الاقتصاد السياسي، علينا أن لا نسلك طريق الإنشاء الهجائي. علينا أن نبين عيوب النظام كما هي، ونعترف حتى بمحاسنه إن وجدت، لأنه في الأول والأخير نتاج إنساني يجب الحفاظ على كل ما هو جيد فيه وهدم كل ما هو سيء. كيف تؤجل إذن الأزمة في اقتصاد الحرب وتبتعد مؤقتا؟ وهل فعلا تبتعد بفعل ميكانيزمات اقتصاد الحرب أم هي مجرد مصادفة وهناك أسباب موضوعية أخرى جعلتها تبتعد في تلك الظروف؟ هذه أسئلة على عاتق الماركسيين الخوض فيها باستمرار.
بالنسبة لمنطق تحليلنا أعلاه والذي ينسب خلق فائض القيمة إلى العمل المخزن بالإضافة إلى العمل الحي، تحليلنا هذا يجعل مسألة انخفاض معدل الربح نتيجة المكننة غير وارد وبالتالي فإن التفسير: "إنتاج السلاح يساعد على التقليص من ميل معدل الربح نحو الانخفاض، وبالتالي تبتعد الأزمة"، هذا التفسير يصبح بدوره ملغى حسب منطقنا.
لنرجع لقول الأستاذ هارمن " ولم يكن تجاوز الدولة لآليات السوق فقط هو الذي جعل اقتصاد الحرب ناجحا، فقد لعب كل من صافي الفاقد من إنتاج الأسلحة والدمار البربري الناتج عن الحرب دورهما وكان لهما نفس الأثر على النظام مثل تدمير رأس المال الذي يحدث أثناء الأزمات. فقد قللا الثروات المتاحة للاستثمار في الصناعات الإنتاجية - ومعها اتجاه الاستثمار نحو النمو أسرع من قوة العمل." ماذا يعني هذا؟ هناك وجهان فقط لما يمكن أن يعنيه هذا القول: أ) الاحتمال الأول هو أن " تجاوز الدولة لآليات السوق " لا فعل له على تجاوز الأزمات. والفعل كله للعاملين " صافي الفاقد من إنتاج الأسلحة" و "الدمار البربري الناتج عن الحرب". ب) أما الوجه الثاني، والمحتمل وروده في تحليل الأستاذ هارمن، فهو أن " تجاوز الدولة لآليات السوق" غير كاف وحده لتجاوز الأزمات ولا بد أن يتدخل إلى جانبه، على الأقل أحد العاملين " صافي الفاقد من إنتاج الأسلحة" أو "الدمار البربري الناتج عن الحرب". إن جوهر المرور من الاقتصاد الرأسمالي إلى الاقتصاد الاشتراكي هو " تجاوز الدولة، أو المجتمع أو الكومونات أو المنتجين، لآليات السوق". ولكن طبعا ليس بالطريقة أو الكمية التي تفعل به الدولة الرأسمالية ذلك في اقتصاد الحرب. فما معنى الاقتصاد الاشتراكي إن لم يكن "الإنتاج من أجل الاستهلاك" وليس "الإنتاج من أجل الربح، السوق"؟ إن الأستاذ هارمن هنا يحكم حتى على الإنتاج الاشتراكي الذي "يتجاوز آليات السوق" بعدم القدرة على تجاوز الأزمات "فقط بتجاوز آليات السوق" إن لم يجد طريقا لتصريف "رأس المال المتراكم" الذي سوف يؤدي إلى "انخفاض معدل الربح". هذا الطريق للتصريف الذي لم تجد له الدولة البرجوازية سوى الحرب والتسلح. ماذا ستجد له الاشتراكية؟ لكن ألا نطرح نحن القضية بشكل مراوغ؟ ألا نتحايل على المصطلحات لنختلق إشكالية؟ إن قولنا: "سوف يؤدي إلى انخفض معدل الربح" يضع أوتوماتيكيا السؤال: وهل هناك بعد ربح في اقتصاد اشتراكي تجاوز آليات السوق؟ طبعا لا. ولكن التحليل الماركسي، حين يتعلق الأمر باقتصاد السوق، يخلط الربح بفائض القيمة. وأن يكون "تجاوز آليات السوق" غير كاف للحد من نقص الربح، حين يتعلق الأمر باقتصاد السوق، ألا يعني ذلك أن "تجاوز آليات السوق"، حين يتعلق الأمر بالاقتصاد الاشتراكي، غير كاف للحد من اتجاه "إنتاج فائض القيمة" نخو الانخفاض؟ أن تؤدي المكننة الزائدة إلى تناقص "نسبة إنتاج فائض القيمة" يعني ذلك أن الاقتصاد الاشتراكي سيجد مشكلة ما حين تصل فيه المكننة مستوى عال كذلك. إننا نحلل هنا بمنطق أن فائض القيمة سيبقى موجودا حتى ولو امتلك العمال أو الدولة وسائل الإنتاج وتحولت النسبة، من القيمة المنتجة إجمالا، التي كان يستولي عليها الرأسماليون لتضاف إلى أجور العمال بالكامل. أي أن تتحول معادلة الإنتاج من: Q..=..v..+..c..+..pl في النظام الرأسمالي.
إلى: Q…=..V..+..c في النظام الاشتراكي. لأن V هو العمل الذي يؤديه العامل وهو، في ظل النظام الرأسمالي يساوي: V…=…v…+…pl. v هو القسط الذي يأخذ من عمله كأجر.
لقد أوصلنا هذا التحليل فعلا إلى الخلل: إن المشكلة التي تؤدي إليها المكننة الزائدة في الاقتصاد الرأسمالي ليست على مستوى الإنتاج قطعا. إنها مشكلة على مستوى تحقيق القيم وذلك ما يعني، بما أن عملية تحقيق القيمة في الاقتصاد الاشتراكي تختلف جذريا عن مثيلتها في الاقتصاد الرأسمالي، أن ازدياد المكننة لن يشكل أي مشكل بالنسبة للاقتصاد الاشتراكي.
لقد حاول الأستاذ هارمن أن يبحث عن أسباب ابتعاد الأزمة في اقتصاد الحرب. وبالإضافة إلى ما قلناه حول تفسيره فإننا نرى أنه يهمل معطى مهما ضمن هذه الحيثيات. إنه "تدخل الدولة". هذا المعطى الذي يقلب الكثير من ميكانيزمات النظام الرأسمالي والذي يلغي أهم ركيزة من ركائز هذا النظام، ألا وهي "حرية الاقتصاد"، هذا المعطى يجب أن نحسب، قبل النظر إلى المعطيات الأخرى مثل نسبة الرأسمال الثابت، بدقة كل مستتبعاته حين يتدخل وذلك ما لم يفعله الأستاذ هارمن.
"إن الحرب وتدمير قيمة رأس المال المرتبط بها يضعف انهيار (الرأسمالية) ويوفر بالضرورة حافزا جديدا لتراكم رأس المال."إن يريد أن يقوله جروسمان هو أن تراكم رأس المال في النظام الرأسمالي محكوم ب"أسنان المنشار".

أي مرحلة الصعود التدريجي إلى حد معين تتبعها، بعد تراكم أسباب الأزمة إلى جانب تراكم الرأسمال، مرحلة "انهيار سريع" فمرحلة صعود آخر وهكذا. إن هذه ظاهرة معروفة في الاقتصاد الرأسمالي، لكن يبقى مع ذلك بعض التدقيق ضروري. فإذا كان المحور الأفقي يمثل الزمن، فعلينا أن نحدد ما يمثله المحور العمودي من بين المعطيات التالية: نسبة الرأسمال الثابت، الإنتاج الإجمالي، الإنتاجية، نسبة التشغيل إلى كل اليد العاملة القادرة على الشغل..إلخ ؟
VI) المفاهيم البرجوازية والمفاهيم الماركسية:
الاقتصاد هو هو والمسميات هي هي لكن الأسماء تختلف حسب النظرة الإيديولوجية. فإذا أخذنا ما تسميه الماركسية "فائض القيمة" (la plus-value) فإن الاقتصاديين البرجوازيين يسمونه "القيمة المضافة" (la valeur ajoutée). وتحت هذا الاختلاف في التعبير، الذي قد لا يلاحظ للوهلة الأولى، يكمن اختلاف في المضمون ليس بالهين. تحدد الماركسية فائض القيمة رياضيا كما يلي:
Q…..=……..v…+………c……..+……plm
أي أن:plm..=….Q…..-…..(c+v)
بمعنى أنها: "القيمة التي يخلقها العمل الحي بالإضافة إلى تجديد ما اندثر منه بالذات وكذا من المواد والآلات".
أما التعاريف البرجوازية فإنها تحددها، من خلال عملية التوزيع، كما يلي: "تتوزع القيمة المضافة بين ثلاثة أصناف من الفاعلين الاقتصاديين هم: أ) الأجراء لكونهم قاموا بالعمل المنتج ب)المساهمين لكونهم وفروا المال اللازم للإنتاج. ج) الدولة التي تمول المصاريف العمومية من خلال الضرائب. إذا أردنا أن نستخرج من هذا معادلة فإنها ستكون على الشكل التالي:
Q……=….c…..+……plb
إضافة m لِpl نقصد بها: بالتعريف الماركسي وإضافة b نقصد بها: بالتعريف البرجوازي. نلاحظ من خلال هذا أن الفاعلين الذين يوزعون فائض القيمة، بالنسبة للماركسية، هم أ) رب العمل والمدراء ب) الممولين الماليين ج) الدولة كممول للمشاريع العمومية من خلال الضرائب.(يمكن مناقشة السؤال: بما أن الدولة تأخذ لتعيد التوزيع على المواطنين، ألا يمكن "حذفها" من عملية التوزيع؟) وفصلت الماركسية العمال عن هؤلاء. أما بالنسبة للتعريف البرجوازي فإنه وضع في خانة واحدة، سماها "الأجراء"، العمال إلى جانب المديرين وأرباب العمل بصفتهم كلهم "يقومون بالعمل المنتج". فصل الأجر بالنسبة للماركسية عن "فائض القيمة" يعني أن العمال ينتجون "فائض القيمة" ولا يأخذون منه شيئا. ووضع العمال والمديرين وأرباب الشغل والممولين كلهم داخل "القيمة المضافة" يعني أنهم كلهم ينتجونها وكلهم يتقاسمونها. الماركسية إذن تحاول أن تبين من خلال صياغتها للتعاريف أن "هناك استغلال" في حين البرجوازية تحاول أن تبين بأن "الكل ينتج والكل يأخذ حسب مساهمته في الإنتاج".
وبعد أن بينا الفرق بين المصطلحين، البرجوازي والماركسي، لفائض القيمة، نرى أنه من الضروري مناقشة مصطلحات ماركسية أخرى:
أ) معدل الربح « le taux du profit »: لقد حددت النظرية الماركسية هذا المعدل كما يلي: r=pl/(c+v) ونرى جيدا، حسب ما قلناه سابقا، أن هذا المقدار لا يدخل في تحديده سوى فائض القيمة ورأس المال. فهو إذن يجب أن يدعى، قصد التدقيق العلمي، "معدل فائض القيمة" وليس معدل الربح. وأن الخلط بين "ما يربحه" الرأسمالي وبين " فائض القيمة " هو مجرد خلط دارجي. لكننا نواجه بأن هذا المصطلح"معدل فائض القيمة" تستخدمه الماركسية لتعني به:
le taux de plus value : pl/v qui exprime le niveau d exploitation du travailleur. ويسمى كذلك معدل الاستغلال (taux d exploitation)
الماركسية إذن تحسب معدل فائض القيمة فقط بالنسبة للأجور. وهذا غير صائب لأن "معدل فائض القيمة" يجب أن يعني ما استخرجه الرأسمالي بالقياس إلى ما استثمره إجمالا، وليس بالقياس إلى ما استثمره فقط في الأجور. إن "ما استخرجه الرأسمالي بالقياس إلى ما صرفه من أجور" هذا المقدار لا يهم سوى الأجراء حيث يعني ذلك، وهو ما تقوله الماركسية لكن بخلطه مع ما سبق، مستوى الاستغلال. ويمكن تسميته ب"معدل الاستغلال". حسب تصحيحنا هذا ستصير المصطلحات: معدل فائض القيمة، وليس معدل الربح
r=pl/(C+V) le taux de plus-value et non pas le taux de profit
معدل الاستغلال وليس معدل فائض القيمة
le taux d’exploitation et non pas le taux de plus-value et on peut le noté E est égal à : E=pl/v
المصطلح الماركسي القيمة المقترح من لدننا
معدل الربح r=pl/(c+v) معدل فائض القيمة
معدل فائض القيمة
أو معدل الاستغلال E=pl/v معدل الاستغلال
إلا أنه، كما أشرنا، من جهة الرأسمالي يعتبر فائض القيمة ربحا ومن جهة أخرى فإن التحديد الدقيق لفائض القيمة وفصله عن الربح، حسب ما أوردناه، مسألة ليست بالسهلة، لكل هذا يجوز استعمال مصطلح "معدل الربح" بدل " معدل فائض القيمة "
تحدد الماركسية ما تسميه ب"التركيب العضوي للرأسمال" كما يلي: K=c/v أي الرأسمال الثابت مقسوم على الرأسمال المتغير، القيمتان المتضمنتان في القيمة المنتجة وليس كل الرأسمال المستثمر. لكن كثيرا الكتاب يستعملون صيغة مخالفة وهي: k=(c+v)/v. و حتى إذا كانت كلتا الصيغتين لا تخلقان مشكلا إبان التحليل. فإننا نرى أن الصيغة الأكثر ملاءمة لقياس كمية الرأسمال الثابت هي: k=c/(c+v). إنها نسبة c في المجموع (c+v). لأن الحديث عن نمو c بالمقارنة مع v يجب أن يقاس بهذه النسبة وليس بشيء آخر.

(V فائض القيمة:
فائض القيمة من الركائز التي انبنت عليها النظرية الماركسية وهو بالتعريف: "القيمة المضافة التي تولدها كل عملية إنتاج". هذا التعريف، في عموميته، تتفق عليه كذلك المدارس البرجوازية. ولا يبدأ الخلاف إلا حين محاولة الجواب على السؤال: من ينتج/يخلق فائض القيمة هذا؟ (فيما يتعلق بتدقيق المصطلحات والمفاهيم. انظر الفقرة السابقة)
هنا يصبح الجواب إيديولوجيا بالنسبة لكليهما. فالماركسية تقول بأن "فائض القيمة لا يخلقه غير العمل، الحي بالنسبة لمصطلحنا، الرأسمال المتغير". لأنها إن قالت بغير هذا فلن تجد شيئا اسمه الاستغلال في النظام الرأسمالي. و الاقتصاد السياسي البرجوازي يرى، ما دام "ليس هناك لا استغلال ولا سرقة"، يرى أن "الآلات هي من يخلق فائض القيمة". ونحن هنا أوصلنا تحليلنا، وليس الرغبة في شق طريق وسط، أوصلنا إلى نتيجة مفادها أن الزوج، عمل حي-عمل مخزَّن، هو كله المسؤول عن خلق فائض القيمة. وقولنا هذا لم ينف لا الاستغلال ولا السرقة ما دام العملان كلاهما مسروقا ولا يختلفان سوى في زمن السرقة. لكننا نرى أن تبني التعريف الماركسي لفائض القيمة لا يمنع المنظرين الماركسيين من بعض الانزلاقات.
يقول الكاتب في الصفحة 120: "هناك عامل آخر ساعد على زيادة معدلات الأرباح في عصر ماركس هو التجارة الخارجية. في ذلك الوقت كانت الاقتصاديات الرأسمالية الكاملة محاطة بمجتمعات ما قبل رأسمالية أكبر منها كثيرا في آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية وأوربا الشرقية". إن تحديد معدل الربح كما يلي:
r…………=………pl/(v+c) يجعله مرتبطا بثلاثة مقادير هي c و v و pl يفرض علينا طرح السؤال التالي: هل نحن بصدد "معدل الربح" أم "معدل فائض القيمة"؟ أم الربح و فائض القيمة اسمان لمسمى واحد؟ إذا كان الربح هو بالضبط فائض القيمة وتمسكنا بما يقوله التعريف الذي يربط فائض القيمة بعملية الإنتاج فإن التجارة الخارجية لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تزيد من الربح/فائض القيمة لأن التجارة تأتي بعد أن تتم عملية الإنتاج تماما ولا يمكنها التأثير عليها. يجب إذن فصل ما "تنتجه التجارة" عما "تنتجه الصناعة" فصلا واضحا وتسميتهما بمسميات مختلفة. التجارة إذن تزيد من "الأرباح" ولا تمس فائض القيمة بشيء. لهذا نتمسك بالتعريف السابق لفائض القيمة والذي هو: "القيمة المضافة التي تولدها كل عملية إنتاج" ونزيده توضيحا بأن هذه القيمة المضافة هي المسؤولة عن نمو الاقتصاد الإنساني ككل. وقد عبر ماو تسي تونغ عن هذه الإشكالية قائلا: "الإنسان يعمل بيدين ويأكل بيد واحدة". أما ما تفعله التجارة فهو أمرين: أ) أنها تحقق القيمة الكلية، والمتضمنة أصلا لفائض القيمة. ب) أنها يمكن أن تخلق ربحا بالإضافة إلى فائض القيمة المحققة. وهذا الربح أوضحته الماركسية توضيحا تاما غير أن بعض الماركسيين درجوا على عدم التمييز بينه وبين فائض القيمة. إن ما قاله الأستاذ هارمن في الصفحة 120 يتضمن بالضبط ما نريد الإشارة إليه. لقد تابع القول، بعد أن قال أن "التجارة الخارجية ساعدت على زيادة معدلات الأرباح" تابع قائلا: " في ذلك الوقت كانت الاقتصاديات الرأسمالية الكاملة محاطة بمجتمعات ما قبل رأسمالية أكبر منها كثيرا في آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية وأوربا الشرقية" فماذا يعني ، بالنسبة لمسألة معدلات الأرباح، أن تكون الرأسمالية المتطورة محاطة بمجتمعات متخلفة؟ لقد أكد ماركس أن "القيمة تحدد في الأخير بمتوسط الوقت الضروري للإنتاج" وهنا يكمن الجواب. فإذا كانت البضاعة "ج" تعادل في الرأسمالية المتطورة مثلا أربع ساعات عمل، بما في ذلك فائض القيمة المتضمن فيها، فإنها في البلدان المتخلفة ستحتاج مثلا إلى ست ساعات عمل لإنتاجها، هذا إذا كانت هذه المجتمعات أصلا قادرة على إنتاج مثل هذه البضاعة. البضاعة "ج" إذن يمكن أن يبيعها المجتمع المتقدم، أرباب الصناعة فيه والتجار، بما يعادل ست ساعات للمجتمع المتخلف. وإذا كان الرأسمالي، في المجتمع المتقدم ذاك، يحقق في البضاعة "ج" فائض قيمة/ربح يقدر بساعة واحدة، فإن المجتمع المتقدم يحقق ببيعها للمجتمع المتخلف ربحا يعادل ساعتان. الساعة الأولى، فائض القيمة، هي استغلال من طرف الرأسماليين للعمال في المجتمع نفسه. أما الساعتان، ربح التجارة الخارجية، فهي استغلال المجتمع المتقدم ككل للمجتمع المتخلف ككل. وما فسرناه هنا بين مجتمعين في مستويين مختلفين يمكن أن يحدث داخل مجتمع واحد على أصعدة كثيرة نذكر منها: بين الفلاحة كقطاع والصناعة كقطاع آخر للإنتاج. داخل قطاع واحد، فمثلا في كل البلدان النامية تتعايش الفلاحة المعاشية التقليدية مع الفلاحة العصرية التسويقية. وبنفس الميكانيزم تحقق الفلاحة العصرية، على حساب الفلاحة التقليدية، أرباحا بالإضافة إلى فائض القيمة الحقيقي. والأمر كذلك بين مؤسسات صناعية على مستويات مختلفة من التطور التكنولوجي والإنتاجية. نرى إذن أن الرأسمالي المقاول يحصل على "فائض قيمة" بسرقته من عماله ويحصل على "ربح" نتيجة "تحويل في توزيع فائض القيمة الإجمالي" لصالحه. كما علينا أن نضيف أنه، حسب هذا المنطق،يمكن الكلام عن "ربح" إذا تعلق الأمر بقطاع أو مؤسسة. لكن بالنسبة للنظام الاقتصادي ككل فليس هناك سوى "فائض القيمة".

وفي هذه الحالة بالضبط يجب أن نتوقف قليلا. يقول الأستاذ هارمن في ص93 "ومن الهام ملاحظة أن هذه الرؤية بكاملها تقوم على فهم أن ما هو جيد بالنسبة للرأسمالي الفرد، سيء بالنسبة للنظام الرأسمالي ككل. يستثمر الرأسمالي الفرد لأنه يستطيع التفوق على منافسيه والاستحواذ على بعض الأرباح التي حصلوا عليها من قبل بزيادة التكنولوجيا المتقدمة والتي توفر العمل. ولكن لو فعل كل الرأسماليين ذلك، ينخفض إجمالي معدل الربح حتى يصيبهم جميعا." هنا كذلك يصور الأستاذ هارمن الواقع الرأسمالي تصويرا صحيحا ولكنه لا ينجح في تفسيره. والسبب هو ، من جهة الخلط بين "خلق فائض القيمة" و"تحقيق فائض القيمة " و من جهة الخلط بين "معدل فائض القيمة" و"معدل الربح".
من أجل توضيح هذه المسألة سنعطي أمثلة: لنفترض أنه في قطاع إنتاج البضاعة "ج" هناك 600 عامل ينتجون يوميا 400 وحدة من هذه البضاعة. عدد الساعات الضرورية لهذا الإنتاج إذن هي:
600x8=4800=الوقت الضروري للإنتاج، دون حساب الرأسمال و فائض القيمة.
إذا أضفنا إلى هذا
c……..=…… ta ….+….. m مع اعتبار
c…...=…...2000..…+..…1000
وإذا افترضنا أن معدل pl هو 10%. نحصل على:
pl=10%(4800+2000+1000)=780
إذن الرأسمال الكلي المستثمر هو:
4800+2000+1000=7800
و القيمة الإجمالية المنتجة بما في ذلك فائض القيمة هي:
4800+2000+1000+780=8580 (16)
v.+…. ta +…..m+…pl=…..Q
إذن الوقت الضروري لإنتاج كل وحدة من البضاعة "ج" أو ثمن بيع كل وحدة المتضمن لفائض القيمة دون ربح هو:
8580/400=21.45heures
لنفترض الآن أن ربع المنشآت التي كانت تنتج البضاعة "ج" أدخلت تقنية ترفع الإنتاجية، وبذلك ترفع فائض القيمة المنتج من 10% إلى 15% سنحصل على الوضع التالي:

........v...........ta…….....m..........pl............ Q
ز1....1200........500...........250........195........2145
ز2.....-b1200...-a+b500......250+ a.....…292.52242.5
pl1=10%(250+500+1200)=195
لنلاحظ أن عدم تحديد a هنا لا يعيق حساب pl2 وذلك لأننا حافظنا على مجمل الرأسمال المستثمر (v+ta+m)=1950 وفقط حذفنا من العنصرين (v+ta) لنضيف للعنصر m. وبهذا ستكون pl2=15%(1950)=292.5
لنضع الآن جدول الإنتاج الإجمالي للربع الذي طور معداته زائد الثلاثة أرباع الأخرى في القطاع المنتج للبضاعة "ج".
.................v..................ta...........m.............pl............ Q
1:(4/1ق)....-b.1200...-a+b500…...250+a....292.5....2242.5
2:(4/3ق)…..3600………..1500........750..........585.......6435
يجب أن نشير إلى أن a و b لا ارتباط بينهما. ف bتمثل الكمية التي سيعاد بها التوزيع داخل الزوج عمل حي/ عمل مخزن. أما a فهو يمثل الزيادة في المادة الأولية التي سيعمل عليها الزوج عمل حي/ عمل مخزن والتي ستزداد بقدر ازدياد الإنتاجية.
ولتكون المقارنة واضحة يجب أن نحسب فائض القيمة الذي سيحققه كل من القطاعين مع توظيف نفس القدر من رأس المال (17)
القطاع المتطور سيحقق: 295.5
القطاع غير المتطور سيحقق:585مقسوم على3=195 الفرق هو 97.5
ولأن البضائع ستباع بالسعر الذي تحدده تكلفة القطاع غير المتطور فإن القطاع المتطور سيحقق فائض قيمة إضافي يقدر ب:
(292.5-195)/195=50%
وإذا افترضنا أن القطاع 2 ينتج ويبيع 300 وحدة من البضاعة "ج" فإن ثمن الوحدة يكون هو:
6435/300…..=……..21.45
هكذا سنحصل على عدد الوحدات التي ينتجها القطاع 1:
2242.5/21.45…..=…..104.5
نستعمل القاعدة الثلاثية للحصول على (a) في (250+ a) كي نعرف كمية المادة الأولية الإضافية التي تتطلبها الآليات نظرا لتطور الإنتاجية:
750 تنتج 300 وحدة
250+ a تنتج 104.5 وحدة
إذن =750x(104.5/300)=261.25250+ a
إذن: a…=…11.25
يمكن الآن كتابة الجدول السابق كما يلي:
.................v.................. ta...........m.......... pl.......... Q
1:(4/1ق)....-b1200. ..488.75+b... 261.25....292.5....2242.5
2:(4/3ق)…..3600………..1500........750..........585.......6435
يحب أن أشير إلى أن تقلص ta+v ليس تقلصا مطلقا وإنما يعني تقلص نسبته داخل الرأسمال الكلي (m..+ta+..v) لحساب نسبة m. كما أن (-b) من v و(+b) ل ta لا نعني به نقص مطلق من v لإضافته ل ta وإنما زيادة نسبة الواحد على حساب نسبة الآخر في المجموع (ta+..v)
إلى حدود هنا نرى أن ما يجنيه القطاع المتطور هو مجرد فائض قيمة إضافي نتيجة التقنية المتطورة التي أدخل على إنتاجه، [ولا نحتاج أن نؤكد أن هذه التقنية تتطلب كذلك تطوير مهارات اليد العاملة]، ولا مجال هنا بعدُ للربح. العمال والآلات تنتج "قيمة زائد فائض قيمة". يستولي رب العمل على جزء من هذا، لا نهتم هنا بمدى مشروعية ذلك، ويترك للعمال جزء. رب العمل إذن استولى على ما أنتجه عماله ولكنه لم يأخذ من المجتمع ككل، على صعيد السوق حيث تحقق القيم، لم يأخذ سوى قدر ما قدم للسوق على افتراض أنه باع في السوق البضائع بالقيمة الحقيقية. بهذا المعنى، وبهذا المعنى فقط،، نقول أن الرأسمالي لم يحصل ولم يحقق أي ربح. ولا يمنع هذا من أن نقول أنه سرق من عماله قسطا ما من القيمة أو فائض القيمة.
لكن هذه المعادلة هي جد مجردة وهي لا تعط إلا حقيقة "المعدل" الذي يتحقق في إطار النظام الإنتاجي ككل. ذلك أنه يصعب جدا، حتى ولو توفرت إرادة لذلك، حساب المسألة حسابا دقيقا لكل مؤسسة إنتاجية ولا حتى لكل قطاع إنتاجي. إذن ما يحصل في الواقع هو أن بعض القطاعات داخل الاقتصاد، أو بعض المؤسسات داخل قطاع معين، تحصل على "قيمة" في السوق لبضائعها تجعلها تستولي، من فائض القيمة الإجمالي، على قسط أكبر مما تخلق من فائض قيمة إبان عملية إنتاجها وذلك لأسباب عديدة منها مثلا الشهرة الجيدة لمنتوج ما، وهذا ما تحاول بعض العمليات كالإشهار خلقه. هذا الفارق الذي تحصل عليه مؤسسات على حساب أخرى هو ما يمكن أن نعتبره ربحا. ولنلاحظ هنا أن هذا الربح الذي تحصل عليه مؤسسات تقابله خسارة تلحق بمؤسسات أخرى. المسألة إذن أن توزيع "فائض القيمة الإجمالي" توزيعا يخرق التناسب الذي ساهم حسبه كل طرف في إنتاج هذا الفائض هو ما يجعل البعض يحقق ربحا والبعض الآخر تلحقه الخسارة. وللخروج من إشكالية الفرق بين مصطلحي كل من "الربح" و"فائض القيمة" نرى أن نحدد الأمر كما يلي:
الربح بالمعنى الاقتصادي، وليس المعنى الدارج، يساوي فائض القيمة المحقق ناقص فائض القيمة المنتج. فإذا كان ما حقق في السوق أكبر مما أنتج في المصنع فإن الرأسمالي ربح على حساب آخرين، أي استولى، بفعل ميكانيزمات السوق، على قسط مما أنتجه الآخرون. وإذا كان العكس فإن "الربح" سلبي أي أنه خسر لصالح آخرين. وإذا كان المقدارين متساويين، وهي عملية، بالشكل الدقيق، نادرة الحدوث، فإن الرأسمالي لم يأخذ شيئا من رأسماليين آخرين وأن كل ما أخذه كان على حساب عماله. أما الربح بالمعنى العام والذي يستعمل في الغالب فهو يتضمن فائض القيمة.
لكن الإشكالية التي تواجه المعادلة المستخدمة في التحليل الماركسي (Q…..=……..v…+………c……..+……pl)، وكذلك صيغتها المعدلة التي استخدمنا، هذه الإشكالية تتمثل في أن هذه المعادلة لا تتعامل سوى مع ما يدخل مباشرة في عملية الإنتاج ولا تستطيع إدخال العوامل الأخرى في الحساب.(إنها إشكالية القيمة أو التكلفة وثمن البيع؟؟؟) إن الممرض أو ساعي البريد لا يتدخلان مباشرة في عملية الإنتاج داخل أسوار المعمل. لكن الراتب الشهري لساعي البريد أو الممرض، في التحليل الأخير، يتدخلان في تحديد سعر السلعة المنتجة داخل أسوار المعمل. فالخدمة التي يقوم بها الممرض أو ساعي البريد، والتي يستفيد منها بالطبع العامل المنتج، تعطيهما الحق في الحصول على حقهما من القيمة المنتجة وطنيا من خلال فرض راتب لهما من خلال الضرائب التي تفرضها الدولة على المؤسسات الإنتاجية. قدرتهما الشرائية إذن تتدخل في تحديد سعر السلعة، وبالتالي تحقيق القيمة وفائض القيمة. إذن القيمة الإجمالية لا يمكننا حسابها إلا بعد أن "تتحقق في السوق"، أي بعد أن تتدخل كل العوامل المتدخلة في عملية الإنتاج، بما فيها غير المباشرة. ومن هنا فرض التعريف المذكور في الهامش (19) نفسه. فيكون الناتج الداخلي الخام (PIB) هو، من منظور الإنتاج:مجموع القيمة المضافة، بالتعريف البرجوازي، مضاف إليها كل الضرائب منقوص منها كل المنح. (ومن منظور المداخيل، مجموع مداخيل كل المتدخلين،أرباب العمل والعمال وأصحاب الأسهم ودخول ذوي المهن الحرة مضاف إليها كل الضرائب منقوص منها كل المنح.)
انطلاقا من هذا يمكننا الرجوع للسؤال الذي طرحناه في الهامش رقم (16) لنجيب عليه، حسب إمكانياتنا لحد الآن. والسؤال هو كالتالي: " ألا يمكن أن يكون فائض القيمة هذا، بالتحديد الماركسي وليس التحديد البرجوازي، هو بالضبط النمو السنوي لاقتصاد ما؟ أو على الأقل هل هناك علاقة ما بين المقدارين؟" يبدو الآن أن فائض القيمة، والذي سبق وأن عرفناه كما يلي: هو "القيمة المضافة التي تولدها كل عملية إنتاج". نعم، فمادام التعريف من طبعه أن يكون عاما لا يخص الجزء دون الكل ولا الكل دون الجزء، فهذا التعريف يمكن تطبيقه على عملية إنتاج في مؤسسة إنتاجية واحدة مهما صغرت كما يمكن تطبيقه على العملية الإنتاجية الوطنية ككل كعملية إنتاج واحدة ضخمة كل جزء منها مختص في مجال، كما يمكن تطبيقه على عملية الإنتاج للبشرية جمعاء، فصعوبة التطبيق لا تعني البتة عدم إمكانية التطبيق. لكن هنا يجب أن نميز بين "التعامل مع الغابة" بشكل مجمل من جهة وبين التعامل مع "كل شجرة على حدة" من جهة ثانية. فأن نقول أن هناك "معدل لفائض القيمة" على مستوى المجتمع فهذا لا يعني أنه على كل مؤسسة أن تحصل في السوق على ذلك المعدل، فقد أشرنا إلى مسألة التفاوت في القدرة على "خلق فائض القيمة" هذا وذلك حسب تطور وسائل الإنتاج وعوامل أخرى. لنر إذن أن "القيمة المضافة التي تولدها كل العملية الإنتاجية" على مستوى البلد ككل سنويا هي بالضبط الكمية التي ينمو بها اقتصاد هذا البلد سنويا. لقد قلنا هنا الكمية وما بقي سوى أن نحدد النسبة، لأن ما يهم في الأخير هو نسبة النمو وليس كمية النمو. لنضع المعطيات على شكل جدول يسهل التمعن فيها:
.............ق.إج.منتجة......ف.ق.فيها....
السنة1....4000.............5%منها..
السنة2....4200.............6%منها..
لنفترض أن المجتمع استهلك من 4000 للسنة1 3700 وأضاف الباقي، 300، إلى رأسماله، العمل المخزن. وفي السنة2 استهلك من إنتاجه 3800 وأضاف 400 إلى رأسماله المخزن. نحن هنا إذن أمام مقادير متعددة:
..........الناتج.إج.الخام....ف.ق.... رأ.م.مخزن....نمو.رأ.م.مخزن....
السنة1....4000.........200...... a+300......300.....
السنة2....4200.........252...... a+700......400.....
إن نسبة نمو الناتج الإجمالي الخام هي: (4200-4000)/4000=5%
ونسبة نمو فائض القيمة المحقق سنويا هي(252-200)/200=26%
ونسبة نمو الرأسمال المخزن هي:(700-300)/(a+300)=400/(a+300)
تعتمد كثير من الإحصائيات والدراسات على حساب نسبة نمو ما يسمى ب"الناتج الداخلي الخام" (PIB انظر التعريف في الهامش 19) لتعتبرها هي نسبة نمو اقتصاد مجتمع ما (إن ما سميناه في الجدول ب الناتج.إج.الخام تسميه الإحصائيات الرسمية بالناتج الوطني الخام PNB). ونحن هنا سوف نحاول ما أمكن توضيح الخيارت الممكنة والفرق بين خيار وآخر في الحساب: هناك مقادير هامة في هذا الشأن وهي:
أ) الناتج الداخلي الخام (PIB) وهو "مجموع القيمة المضافة، بالتعريف البرجوازي الذي سنرى الفرق بينه وبين التعريف الماركسي، لكل قطاعات الإنتاج مضاف إليها مداخيل الجمارك". في هذه الحالة، لنفترض أن مجموع القيمة المضافة لكل قطاعات الإنتاج لم ينمو وإنما ازدادت الواردات لتغطية حاجيات العجز الناتج عن النمو الديموغرافي، وازدادت معها بالطبع مداخيل الجمارك. النتيجة، حسب التحديد السابق ل(PIB) أنه سيزداد. واضح هنا أن هذا التعريف ل"الناتج الداخلي الخام" لا يعطي صورة واضحة عن تطور اقتصاد البلد وإنما يعطي صورة واضحة عن "مداخيل الدولة" الذي يحدد بالضريبة المفروضة على أساس القيمة المضافة في القطاعات الإنتاجية مضاف إليها مدخول الجمارك.
ب) نسبة نمو الناتج الإجمالي الخام والذي يعطي صورة واضحة عن القدرة الإنتاجية للبلد والتي هي هنا: (4200-4000)/4000=5%
ج) القيمة الإجمالية المنتجة القابلة للاستهلاك كل سنة، وهي هنا 3700 للسنة1 و3800 للسنة2، وهذه الكمية هي التي تحدد مستوى عيش السكان ونمو هذا المستوى وإمكانية نمو عدد السكان دون أن يتأثر سلبا بذلك مستوى عيشهم.
د) الثروة الإجمالية للبلد الممثلة للعمل المخزن والتي يجب أن لا نترك أي تداخل بينها وبين الثروة القابلة للاستهلاك فقط ولا تدخل في عملية إنتاج مقبلة. فجهاز تلفاز مهما كان متوسط عمره طويلا لا يجب أن يعد سوى ضمن "الثروة القابلة للاستهلاك". أما منشار أو جرار ، آلة حرث، أو أرض مستصلحة فمهما قصر متوسط عمرها فهي ضمن " الثروة الإجمالية للبلد الممثلة للعمل المخزن". هذه الثروة التي تحدد القدرة على الإنتاج مستقبلا، أي التي تضمن مستقبل البلد اقتصاديا. ما الذي يجب أن نعنيه إذن ب"نسبة نمو اقتصاد بلد"، هل هو أ) أم ب) أم ج) أم د)؟
نعتقد أنه يجب أن يُشار لكل واحد من هذه المقادير، ولنسبة نموها، باسمها الخاص والعدول عن استعمال مصطلح عام وضبابي. فنقول: نسبة نمو إنتاج قيم الاستهلاك و نسبة نمو الرأسمال المخزن ونسبة نمو الناتج الإجمالي الخام.

IV) ميكانيزمات اندلاع الأزمة:
تعتبر ظاهرة "اتجاه معدل الربح نحو الانخفاض" المسؤول عن اندلاع الأزمة من حين لآخر حسب النظرية الماركسية. ورغم ما قلناه حول مسألة "اتجاه معدل الربح نحو الانخفاض" يبقى علينا أن نناقشها من هذا الباب كذلك. إننا نرى أن معدل الربح هذا لن "يسقط" على حين غرة وفي وقت قصير، وإنما سيكون تدريجيا ينقص شيئا فشيئا. وإذا كان الأمر هكذا فإن النتيجة ستكون إفلاس المؤسسات، لكن ليس دفعة واحدة، وإنما الأضعف فالأضعف، يفلس عدد قليل منها في البداية، الغير قادرة على التحمل. لكن إفلاس هذه من شأنه أن يصحح العرض الزائد من البضاعة في السوق وبالتالي سوف لن تجد المؤسسات الباقية صعوبة في تصريف ما تنتج. يصاحب هذا أن تكلفة إنشاء مؤسسة صناعية جديدة ترتفع بدورها مما يشكل حاجزا أمام دخول "نادي أرباب الشغل" حتى على من كان داخله وأفلس. وهكذا يتم تدريجيا تمركز رأس المال الذي يجعل باستمرار المؤسسات الصناعية أضخم وأقل عددا. ما لم يتدخل، إلى جانب "اتجاه معدل الربح نحو الانخفاض" عامل آخر ليس من الطبيعي إذن أن تندلع الأزمة. وإنما سيعمل انخفاض معدل الربح، يعمل باستمرار، على تصفية المؤسسات الأضعف لصالح الأقوى مساعدا بهذا على استمرار النظام.
يقول الأستاذ هارمن في الصفحة 67: "ففي ظل تلك الأزمات تظل وسائل إنتاج الأشياء التي يحتاجها الناس في الوجود تماما بنفس القدر كما كانت من قبل – فمن جانب، تكون المصانع والمناجم والمزارع قادرة على إنتاج السلع، ومن ناحية أخرى يكون العمال قادرون على العمل فيها. إنها آليات النظام الرأسمالي هي التي توقف الرجال والنساء والعاطلين عن العمل في الصناعات المغلقة، وليست الكوارث الطبيعية." فعلا، فكل قوى الإنتاج كما يقول الأستاذ هارمن تظل في كامل جاهزيتها ولا تتوقف إلا بسبب " آليات النظام الرأسمالي ". فما هي هذه الآليات؟ ما وراء عتبة المصنع، إلى الداخل، لا يوجد أي عطب وقد أنتجت الآلات والعمال وما تزال قادرة على ذلك. فهل بقي، بعد تأكيد الأستاذ هارمن هذا، من شك أن العطب هو بعد عتبة المصنع، إلى الخارج؟ لقد خلقت القيم والقيم الزائدة لكن العطب يكمن في أن هذه القيم لم تتمكن من التحقق. وهذا بالضبط هو ما فرض على " آليات النظام الرأسمالي " أن توقف "الرجال والنساء والعاطلين والآلات عن العمل". لقد سبق وأن قلنا أن ازدياد الإنتاجية وعدم ازدياد أجور العمال بشكل يحافظ على توازن ميزان العرض والطلب، أن هذا هو السبب الأول في تعذر "تحقيق القيمة" وضمنها فائض القيمة. لكن إلى جانب هذا هناك عامل آخر لا يقل أهمية وقد ظهرت خطورته في أزمة 2008/2009 والتي ما يزال العالم يعيش على ما يبدو وكأنه موجات ارتدادية لها: في بداية الرأسمالية كان المتدخلون في عملية تحديد التكلفة أقل كثيرا مما هو الحال الآن. أما الآن فقد صار المال الذي يقترضه الرأسمالي من أجل الاستثمار يخضع لمضاربات وعمليات معقدة تزيد من تكلفتها. كما أن عملية تسويق السلع ازدادت تكلفتها بفعل تعدد الوسطاء وتكاليف الإشهار والبحث عن أسواق وغير ذلك. فحين تدخل في تحديد سعر السلعة في السوق، مصاريف لا تنتج لا فائض قيمة ولا قيمة مثل مصاريف الإشهار ومصاريف القروض والتأمينات...، فإن الرأسمالي مضطر ليبيع البضائع بأكثر من قيمتها الحقيقية فيُخلق بذلك "بئر دخل" إضافية لا تقابلها "عين دخل"(20). مما يعني أن أجور العمال التي حددت على أساس العملية الإنتاجية والمتدخلين الفعليين لم تعد قادرة على المحافظة على ميزان العرض والطلب.

4800+2000+1000+780=8580
v...+….ta+…..m+…pl=…..Q

لقد عبر الأستاذ هارمن عن هذه المسألة قائلا بأنه إذ كان الرأسماليون مجرد طفيليين يعيشون على حساب المنتجين الحقيقيين، فإن هناك اليوم أصناف أخرى من الطفيليين تعيش على حساب الرأسماليين. يمكن أن نسمي كلا من هذه التكاليف، على التوالي، التكاليف القبلية والتكاليف البعدية. ونرمز لها، على التوالي، ب: c.a و c.p . هكذا إذ كانت معادلة الإنتاج هي كما قلنا:

v...+….ta+…..m+…pl=…..Q. وإذا كانت هذه المعادلة، دون اعتبار التكاليف القبلية والتكاليف البعدية، هي نفسها تحدد سعر البضائع في السوق. حيث يكون سعر الوحدة هو التكلفة الإجمالية، Q، مقسومة على عدد الوحدات المنتجة N .
p.u…….=…..…Q/N
فأجور العمال المحددة على هذا الأساس تتمكن من المحافظة على ميزان العرض والطلب، فإنه، بعد أن تتدخل، التكاليف القبلية والتكاليف البعدية، وتصبح المعادلة:
v...+….ta+…..m+…pl..+( c.a+c.p)=…..Q’
وهكذا يصبح ثمن الوحدة هو: p’.u…….=…..…Q’/N
ولأن أجور العمال لا يمكن لرب العمل إلا أن يحددها حسب المعادلة الأولى، تصير هذه الأجور غير قادرة على المحافظة على "ميزان العرض والطلب" فيتعذر تحقيق القيمة وتبدأ الأزمة. إن أزمة "الرهن العقاري" في أمريكا نعتقد أنها تفسر، جزئيا ، بهذا الميكانيزم والبضاعة هناك هي الشقق السكنية.
IIV (النقد الليبرالي للنظرية الماركسية في الاقتصاد السياسي.
في أوج الصراع العسكري والاقتصادي بين المعسكرين، كان لا بد للصراع الإيديولوجي أن يكون على أشده. لقد كتب المؤرخ والاقتصادي الأمريكي، W.W. Rostow ، سنة 1960 كتابا أسماه: "مراحل النمو الاقتصادي، بيان ضد شيوعي." وخلاصة هذا "البيان" هي أن أي بلد يريد أن يحقق نموا اقتصاديا سريعا عليه أن لا يتبع "طريق" الاتحاد السوفيتي وإنما "طريق" الو.م.أ وأن ذلك يقتضي المرور ب"خمس مراحل ضرورية" وهي: أ) المرحلة الأولى وهي البداية ويسميها Rostow ب"المجتمع التقليدي". وتتميز بنمو بطيء بسبب المستوى التقني الجد محدود. ب) المرحلة الثانية ويسميها " الظروف المناسبة للانطلاقة". يبدأ فيها التطور التقني وتبدأ في الظهور عقلية المقاولة، وإن اقتصرت في البداية على القطاع العام. في هذا الإطار ينتج فائض يمكن استثماره في البنية التحتية والنقل مثلا. ج) ثم تبدأ الانطلاقة مع تعميم التحولات، التي حصلت في المرحلة السابقة، تعميمها على جل قطاعات الإنتاج، إنها مرحلة الثورة الصناعية التي تتطلب نسبة ادخار ونسبة استثمار تفوق 10%. د) ثم مرحلة السير نحو النضج بفضل نسبة ادخار ونسبة استثمار تفوق 20%، بفضل هذا يتحقق تطور مدعم يمكن من نمو اقتصادي يتجاوز النمو الديمغرافي. هـ) وفي الأخير إنها مرحلة الاستهلاك الجماهيري حيث تتطور قطاعات إنتاج مواد الاستهلاك المطول (les biens de consommation durables مثل السيارات والثلاجات...) وتتطور الخدمات كما تنشأ تنظيمات الرعاية الاجتماعية والضمان الاجتماعي...إلخ.
الكل يعرف ويعترف، بما في ذلك الليبراليون، أن البيان الشيوعي أتى بشيء جديد بكل المقاييس. لقد أتى بثورة على واقع عمالي لم يعد يحتمله الضمير الإنساني الذي حرك ماركس ورفيقه إنجلز، وجميع رفاقهم. وأن يطلق روستوف على كتابه ذاك اسم "بيان ضد شيوعي" يعني أنه سوف يأتي بشيء جديد، ليبرالي طبعا، فما هو هذا الجديد؟ بعد أن يتمعن المرء، قليلا فقط، في هذه المراحل الخمسة، هذه "الخطة الخماسية" التي يقترح روستوف على الدول كي تحقق نموا سريعا، سوف يفهم أن ما قاله المذكور ليس تنظيرا للمستقبل وإنما تنظير للماضي. إنه مجرد تلخيص لما وقع في دول، حالفها الحظ حيث لم يكن الاقتصاد العالمي يعرف بعد ما أطلق عليه سمير أمين وآخرون "التطور المتفاوت والمركب"، حيث تطور البعض يعرقل تطور البعض الآخر، تلخيص لما وقع في دول دخلت الرأسمالية ب"التطور الطبيعي". هذا التحليل إذن لم يأت بجديد لأنه لم يقترح على غير تلك الدول سوى أن تنتظر، عشرات أو مئات أو آلاف السنين، حتى يحدث "ما سيحدث بشكل طبيعي". إن الإشكالية المطروحة، في العصر الذي كتب فيه روستوف كتابه تتلخص في سؤالين: أ) بالنسبة للدول الرأسمالية المتطورة كان السؤال هو كيف تجعل الرأسمالية مقبولة إلى حد ما من طرف الجماهير وبالتالي تحمي نفسها من إيديولوجيا المعسكر الآخر. أما بالنسبة للدول المتخلفة والتي لم تختر بعد "طريق" اشتراكية الدولة، فإن السؤال المطروح لدى نخبها هو الاختيار بين الليبرالية والاشتراكية، لم يظهر مصطلح "اشتراكية الدولة" إلا بعد ما تبينت للماركسيين المعارضين أخطاء هذا النظام. فماذا كان جواب روستوف على هذين السؤالين؟ بالنسبة للدول المتقدمة فإنه يراها في وضع طبيعي لا يحتاج إلى نقاش. أما بالنسبة للدول المتخلفة فإنه ينصحها بأن "تتطور كما تطورت الدول المتطورة". إن روستوف هنا يناقش الماركسية وهو أصلا "خارج إطار مناقشة الماركسية". ذلك أنه حتى لو افترضنا بإمكانية تطبيق خطته، للخروج بالدول النامية من التخلف، واللحاق نسبيا بالدول المتقدمة أو على الأقل القدرة على السير وراءها باستمرار، حتى وإن صح هذا، فإن روستوف ليس على أرضية من يناقش الماركسية. فحين ولدت الماركسية لم يكن آنذاك، على مستوى العالم، سوى دول "على طريق الرأسمالية" ودول غارقة في ما يطلق عليه كثير من الاقتصاديين، ليبراليين وماركسيين، "مرحلة ما قبل الرأسمالية" وأسماء مشابهة إلى هذا الحد أو ذاك. ولقد انتقد ماركس بالضبط المرحلة "الأعلى" آنذاك، ليس لأن الحالة الأخرى أحسن منها، ولكن لأن ماركس نظر من منظار آخر غير درجة التطور الاقتصادي المحض، إنه منظار البعد الإنساني. وهو البعد الذي لا يفهمه روستوف أو لا يريد فهمه ويلغي المسألة أصلا. لقد اقترح روستوف على الجماهير أن تصبر حتى تتجاوز الرأسمالية المرحلة التي انتقدها ماركس وربما مرحلتين أو ثلاث بعدها، قبل أن تصل الرأسمالية إلى "مرحلة الاستهلاك الجماهيري". لقد كتب روستوف هذا في ظروف سمحت فعلا، بفعل الظروف العالمية، سمحت لعمال الدول المتقدمة بان يشاركوا البرجوازية بعض الخيرات مثل امتلاك سيارة أو شهر سنوي عطلة. لكن ماذا سيقول روستوف لو عاش بعد أن تحلل الحلم الاشتراكي وكشرت الليبرالية عن أنيابها؟
لقد حاول كثير من الليبراليين دحض الأسس النظرية للماركسية ومن ذلك نذكر ما يلي:
بما أن مسألة "اتجاه معدل الربح نحو الانخفاض" من الأسس النظرية المهمة في الماركسية، فقد ركز عليها الاقتصاديون الليبراليون. لقد بين، أو ادعى، الاقتصادي الآمريكي Nicholas Kaldor بأن هذا المقدار ظل ثابتا بالنسبة للاقتصاد الأمريكي طيلة القرنين ال19 وال20. ولقد كان الخطأ،حسب نيكولا، الذي ارتكبه ماركس بهذا الصدد هو أنه لم يدرك جيدا دور التطور التقني وانعكاساته. ذلك أن هذا التطور تكون له نتائج إيجابية، ليس على المقاولين وحدهم، ولكن كذلك على العمال. الشيء الذي يؤدي إلى زيادة الاستهلاك. ثم أن ظهور الطبقات المتوسطة، التي يتكون دخلها من رافدين معا، عملها وأسهمها، يثبت عدم صلاحية مبدأ "اتجاه معدل الربح نحو الانخفاض".
لكن منظرا ليبراليا آخر لم يكتف بمثل هذا الدحض للماركسية، فأخذ على عاتقه دحض ذلك المبدأ رياضيا، إنه الاقتصادي Philippe Simonnot,. فلنستمع إليه:
ينطلق سيمونوت من "المقادير" المحددة ماركسيا وهي: ((
v :capital variable أي الرأسمال المتغير. ولقد أسماه ماركس هكذا لأنه "يخلق فائض قيمة" إذن فهو يتغير.
c : capital constant أي الرأسمال الثابت. ولقد أسماه ماركس هكذا لأنه لا يخلق فائض، إذن لا يتغير.
pl : plus-value فائض القيمة
E=pl/v taux d’exploitation
r=pl/(c+v) taux de profit معدلا الاستغلال والربح حسب التعبير الماركسي.
K=(c+v)/v composition organique du capital التركيب العضوي للرأسمال.انطلاقا من هنا نجد أن pl = E*v ثم أن r=E*v /(c+v) وفي النهاية قد حصلنا على أن: r=E/K
وبما أن ماركس، يتابع سيمونوت، يضع كأرضية لتحليلاته "ظروف التنافس الكامل"، إذن فمعدل الاستغلال (E) ومعدل الربح (r) سيكونان موحدين في كل قطاعات ومؤسسات الإنتاج مهما اختلف "التركيب العضوي للرأسمال". لكن المعادلة r=E/K تبين لنا أنه إذا اختلف "التركيب العضوي للرأسمال" من قطاع لقطاع أو من مؤسسة لمؤسسة مع بقاء معدل الاستغلال ثابتا فبالضرورة سيتغير معدل الربح من قطاع لقطاع و من مؤسسة لمؤسسة. معدل الربح(r) ثابت ثم معدل الربح غير ثابت هذا هو التناقض بعينه فإذن هناك تناقض بما يعني أن النظرية الماركسية غير صحيحة.))
لنناقش بدورنا سيمونوت:
أ) لقد وضع سيمونوت التركيب العضوي للرأسمال يساوي: K=(c+v)/v وهنا نرى أن سيمونوت يزور مقولات الماركسية ليدحضها. فماركس حدد التركيب العضوي للرأسمال بأنه يساوي c/v وليس (c+v)/v
ب) لقد قال سيمونوت بأنه "في ظل تنافسية مطلقة فإن معدل الاستغلال (E) ومعدل الربح (r) سيكونان موحدين في كل قطاعات ومؤسسات الإنتاج مهما اختلف "التركيب العضوي للرأسمال". وهذه مقولة يجب التأكد منها قبل استخدامها لدحض الماركسية.
ج) لقد استعمل هنا سيمونوت طريقة رياضية وهي ما يسمى بالبرهان بالخلف (raisonnement par absurde). فهل استعمل الرياضيات بطريقة منهجية صحيحة؟ تتلخص هذه الطريقة في ما يلي: ننطلق من تعاريف ومسلمات غير قابلة للدحض. ثم نفترض افتراضا معينا نعالجه رياضيا، معتبرينه صحيحا، حتى يوصلنا إلى نتيجة نعرف، حسب تعاريفنا ومسلماتنا، أنها خاطئة. فنستنتج أن ما افترضناه وأوصلنا إلى الخطأ هو الخاطئ. إن التعاريف التي انطلق منها سيمونوت هي:
E= pl/v معدل الاستغلال .
r=pl/(c+v) معدل الربح.
التركيب العضوي للرأسمال يساوي: K=(c+v)/v. نلاحظ هنا أن التركيب العضوي للرأسمال، حتى وإن لم تحدده الماركسية بهذا الشكل، لا مانع رياضيا بأن يحدد هكذا ولا يخلق هذا التحديد خللا في المنطق. إذن هذه التعاريف لن تخلق مشكلا في البرهنة ولن تغير النتائج. بقي لنا أن نتعرف الافتراض الذي سوف "عمل عليه وعالجه سيمونوت ". إنه قوله ((وبما أن ماركس يضع كأرضية لتحليلاته "ظروف التنافس الكامل"، إذن فمعدل الاستغلال (E) ومعدل الربح (r) سيكونان موحدين في كل قطاعات ومؤسسات الإنتاج مهما اختلف "التركيب العضوي للرأسمال".)) المنهجية الرياضية تقول بما أن هذا الافتراض أوصلنا إلى خطأ فهو إذن خاطئ. معنى هذا أنه حتى في ظل تنافسية حرة مطلقة فإن E= pl/v معدل الاستغلال و r=pl/(c+v) معدل الربح لا يكونان موحدين في كل القطاعات أو المؤسسات الإنتاجية. فهل برهن سيمونوت على أن مقولة "اتجاه معدل الربح نحو الانخفاض" مقولة خاطئة؟ بالمطلق لا لأن سيمونوت، دون أن يفهم أو فهم وأراد تدويخ البسطاء بالرياضيات، لم يبرهن سوى على أن E= pl/v معدل الاستغلال و r=pl/(c+v) معدل فائض القيمة حتى في ظل تنافسية مطلقة لا يكونان موحدين وإنما يمكن أن يتغيرا من قطاع لقطاع أو من مؤسسة لمؤسسة مع تغير التركيب العضوي للرأسمال أو معطيات أخرى.
نناقش فيما بعد مسألة اتجاه معدل فائض القيمة نحو التوحد

16) المعنى الذي حددنا به pl، فائض القيمة، ألا يمكن أن يكون فائض القيمة هذا هو بالضبط معدل النمو السنوي لاقتصاد ما؟ أو على الأقل هل هناك علاقة بين المقدارين؟
17) لنلاحظ هنا
4800+2000+1000+780=8580
v.+….ta+…..m+…pl=…..Q أن نسبة m إلى (v..+..ta) ضئيلة وربما لا تناسب الواقع. لكن هذا لا يفسد منطق التحليل.
18) هناك سؤل نعتقد أنه يستحق أن يطرح: هل سنحسب معدل فائض القيمة بالنسبة لكل الرأسمال المستثمر أم فقط بالنسبة للزوج عمل حي/ عمل مخزن؟ أي ما هي الصيغة التي يجب اعتمادها بين الصيغتين التاليتين؟
1) r=pl/(v..+….ta+…..m)
ou bien 2) r=pl/(v.+….ta) ?
العمل، حيا أو مخزنا، يعمل على المادة الميتة التي تحول فقط من حالة إلى أخرى دون أن تزيد أو تنقص. ما ينتجه هذا العمل، أو نتيجة هذا العمل هو "التحول الذي يطرأ على المادة الميتة". لذا نرى أن الإنتاجية، بمنطق المردودية، يجب أن تقاس كما يلي:
"كمية التحول مقسومة على كمية العمل" حسب هذا المنطق فمعدل فائض القيمة سيكون هو: r=pl/(v…+….ta) . إنها إنتاجية العمل وليست إنتاجية المادة المحولة. لكن الصيغة الأولى يفرضها منطق أن الرأسمالي يهمه كم سيربح بالنسبة إلى كل المال المستثمر. لذلك فهي التي تستخدم في المحاسبات ولهذا بالضبط يتم الخلط بين مصطلحي"معدل الربح" و"معدل فائض القيمة".
19) Le produit intérieur brut (PIB français) est le résultat synthétique de l activité nationale de production. Il représente la richesse créée au cours de la période considérée sur le territoire économique du pays. Il est obtenu selon trois optiques : production, demande et
revenu.
1ère optique : par la production des unités résidentes. Dans ce cas :
PIB aux prix du marché = ∑ valeurs ajoutées + impôts sur les produits - subventions sur les produits
La valeur ajoutée par une entreprise [qui figure également dans les notions du programme que vous pouvez consulter en passant par le menu de droite] se calcule en soustrayant la totalité des consommations intermédiaires (c est-à -dire tous les achats faits à l extérieur de l entreprise et incorporés dans le produit fini) à la valeur de la production vendue.
Cependant, les valeurs ajoutées sont évaluées aux prix de base, c est-à -dire sans les impôts sur les produits dont, notamment, la TVA. Les valeurs ajoutées étant calculées hors taxes, il faut ajouter les impôts sur les produits pour avoir le PIB « aux prix du marché ». On soustrait le montant des subventions car ces subventions permettent aux entreprises de diminuer leurs prix.


. Il s obtient, selon l optique demande, par la différence entre le total de la demande finale et celui des importations exprimées aux prix CAF
2ème optique : par la demande adressée aux unités de production résidentes. Dans ce cas :
PIB aux prix du marché = Dépenses de consommation finale + FBCF + exportations - importations
En effet, la demande provient soit des unités résidentes pour la consommation ou pour l investissement, soit des unités non résidentes (cette demande correspond donc à l exportation qu il faut ajouter à la demande intérieure). Cependant, une partie de la demande intérieure peut être satisfaite par des unités non résidentes (il s agit donc des importations qu il faut enlever de la richesse créée par les unités résidentes).

. Au niveau de l optique revenu, il correspond à la somme de la rémunération des facteurs (rémunération des salariés, excédent brut d exploitation et revenu mixte brut des entrepreneurs individuels) augmentée du montant total des impôts nets des subventions sur la production et les importations (c est à dire ceux affectant les produits et ceux liés à l activité).
Sources : haut commissariat au plan, Maroc
3ème optique : par les revenus distribués par les unités de production résidentes. Dans ce cas :
PIB aux prix du marché = Rémunération des salariés + EBE (et revenus mixtes) + Impôts (sur la production et les importations) - subventions.
En effet, toute la richesse créée est redistribuée sous forme de revenus primaires (salaires pour les salariés, EBE pour les sociétés, revenus mixtes pour les indépendants) ; la différence entre les impôts sur la production et les importations et les subventions correspond à une sorte de revenu primaire puisqu elle est prélevée sur la valeur ajoutée créée (voir répartition de la valeur ajoutée en classe de seconde ou de première) comme la rémunération des salariés pour calculer l EBE. Autre explication : les revenus primaires proviennent du partage de la valeur ajoutée calculée au prix de base (cf ci-dessus) ; pour obtenir la somme des valeurs ajoutées au prix du marché, il faut rajouter à la somme des revenus primaires le supplément payé du fait de ces impôts (nets des subventions) sur la production et les importations.
20) نقصد ب"بئر دخل" كل عملية استهلاك وب"عين دخل" كل عملية إنتاج.