-انتفاضة حصاد الخريف- من كلم لاينفد للرفيق ماو تسي تونغ


فاطمة الفلاحي
2010 / 4 / 17 - 10:54     


جبال تسنغكانغ
1- في سنة 1927، شنت الحكومة الوطنية بزعامة الكيومنتانغ هجومات كثيرة ضد الثوريين، سواء في المدن أم في القوى، مكبدة هزائم حقيقية للشيوعيين. و لمواجهة هذه الوضعية عين ماو عددا من العمال و الفلاحين لتشكيل "أول جيش ثوري للعمال و الفلاحين" ، الذي خاض "انتفاضة حصاد الخريف"، لم يكن المقاتلون و المقاتلات سوى 8000 ، لم يكونوا و يكن مسلحين(حات) سوى بالرماح و بعض المسدسات. لكنهم(هن) عبروا و عبرن المرحلة الأولى من اندلاع الكفاح المسلح في القرية.
في هذه المرحلة اعتقل ماو و كاد أن يقتل:«كان الإرهاب الذي يمارس من طرف الكيومنتانغ آنذاك في أوجه، و المئات من الأشخاص المُشتبه في كونهم شيوعيين تم قتلهم، لقد أعطي الأمر بأخذي إلى القيادة العامة للجيش، حيث سأقتل بدوري، و قد حاولت إقناع الحراس المرافقين لي، بإطلاق سراحي مستغلا بضع عشرات الدولارات كنت قد اقترضتها من صديق لي، فالجنود كانوا يعملون بأجر (مرتزقة)، لم تكن لهم مصلحة في أن أُقتَل. فقبلوا إذن بإطلاق سراحي، لكن الضابط الذي كان مكلفا بالفرقة لم يوافقهم على ذلك. لذا قررت أن أحاول الفرار بوسائلي الخاصة! و عندما سنحت الفرصة، لم نكن سوى على مسافة 200 متر من مركز القيادة العامة للجيش. تمكنت من التخلص من أغلالي و جريت بكل سرعة في الحقول. وجدت نفسي قرب مستنقع، في مكان كان فيه العشب مرتفعا، و بقيت هناك إلى حدود غروب الشمس. و قد لاحقني الجنود، مُرغمين بعض الفلاحين على مساعدتهم في بحثهم. و قد اقتربوا مني في العديد من المرات، بشكل أقرب على درجة أنني كنت أستطيع أن ألمَسَََهم! كنت متيقنا أنهم سيجدونني.»
«الجيش الأحمر الصيني هو منظمة مسلحة مكلفة بتنفيذ المهمات السياسية للثورة. و في المرحلة الحالية خصوصا، لا يقتصر الجيش الأحمر على الأنشطة العسكرية؛ بل بالإضافة إلى المعارك التي ينبغي أن يخوضها لتدمير القوات المسلحة للعدو، يتولى أيضا عددا من المهمات الأساسية : الدعاية وسط الجماهير، تنظيم الجماهير، تسليح الجماهير، المساعدة المقدمة للجماهير لبناء السلطة الثورية و كذا لخلق منظمات الحزب الشيوعي»[1]
2- تمكن ماو أخيرا من الإلتحاق بجيوشه. في هذه الفترة الحرجة، اتخذ قرارا هاما:الإنتقال إلى الجبال في تسينغكانغ، لبناء قاعدة و بناء صنف جديد من جيش التحرير. و كان عدد من قادة الحزب غير متفقين مع هذه المبادرة. لم يكن هناك خلال هذه الفترة سوى أربع ملايين عامل في الصين كلها –مقارنة مع 500 مليون من الفلاحين -، لكن هؤلاء القادة كانوا يرون أنه رغم ذلك ينبغي للثورة أن تنطلق من المدن. لقد بدؤوا هجمات مسلحة دون أي أمل في تحقيق النجاح. هؤلاء الناس لم يكونوا يرغبون في رؤية الحركة الثورية و قد دخلت في مرحلة جزر و أنه ينبغي العمل على إعادة بنائها. لكن ماو كان له رأي مخالف، إذ كان يقر أن الثورة المضادة كانت قوية، بينما الثوريون كان ضعيفين و مشتتين. لهذا كان ينبغي في نظره الذهاب على الأرياف. حيث كانت خطته هي بناء قاعدة ارتكاز، كفيلة بمنح الدعم الإقتصادي و السياسي للنظام الثوري الجديد. كان يعتبر أنها الطريقة الوحيدة للحصول على الدعم الحقيقي للجماهير، و طبعا لتطويق المدن و الإستيلاء على السلطة فيها. و قد كتب في تلك الآونة أنه :«بدون جيش ثوري ليس للشعب شيء»("حول الحكومة الإئتلافية"، أبريل 1945، المختارات المجلد الثاني). و في 20 شتنبر 1927 دعا ماو إلى تجمع لفرق الجيش، الذي لم يكن يتجاوز الألف. و قد سألهم :« هل سنقدم على الثورة أم لا؟» فرد الجميع بصوت مرتفع: «نعم سنقدم عليها! ».
3- و قد بدأ ماو رحلته نحو جبال تسينغكانغ، فقط صحبة 800 رجل و ليس أكثر من200 مسدس متسلقين أكتاف الخونة و الأوحال escaladant les conforts des traîtres et boueux . و في المساء عندما يتوقفون للنوم كان ماو يعطي دروسا للمقاتلين و كان ينظم مناقشات لتقييم حصيلة المعارك السابقة و لتوضيح أهداف الثورة. و في الطريق إلى تسينغكانغ تجاوز ماو مرحلة أخرى عصيبة، بخلق منظمة للحزب في كل جماعة، وخلية للحزب في كل قرية، و لجنة للحزب في كل كتيبة. و كان يسمي أعضاء الحزب "المدرّسين-المنتدبين"، لأن مهمتهم كانت تتمثل في تعليم الجنود و رفع مستوى وعيهم المعنوي و السياسي. فبالنسبة لماو فقد كان دائما من الواضح أن «الحزب يقود البندقية، [...] لن نقبل أن تقود البندقية الحزب» (" قضايا الحرب و الإستراتيجية"، نونبر 1938، المختارات، المجلد الثاني).
كانت منطقة تسينغكانغ تشكل قلعة طبيعية هائلة، حيث أن الطابع الجبلي كان يجعل القليل من الناس فقط يستطيعون المرور منها. كانت تتواجد فيها ما لا يقل عن خمس قرى، لا تتجاوز ساكنتها الإجمالية 2000 شخص. لكن ماو كان يعرف جيدا هذه المنطقة، إذ زارها لمرات عديدة، في إطار تحقيقاته في الريف، لقد كانت منطقة معزولة، مكونة من صخور وعرة و وديان، و محاطة بهضاب غير مسقية، تربتها قاحلة. و لم يكن فيها سوى خمس ممرات جبلية تسمح بالوصول إلى هضبة تسينغكانغ، و كانت ضيقة إلى حد أن القليل فقط من الناس يستطيعون ضمان الدفاع عنها. وقد كان ماو يعرف أن الناس في هذه المنطقة سيدعمون الثورة. إذ أن هؤلاء كانوا فقراء جدا و عموما، ينظر إليه سكان الضواحي باحتقار. و في الوقت نفسه كان لهم تاريخ غني من النضال ضد الملاكين العقاريين. تتشكل أغلبية سكان تسينغكانغ من شعب الهاكا Hakka، التي هي أقلية فقيرة ومن البدو الرحل. و كان الكثير منهم متمردين، كانوا قد سافروا طويلا عبر الجبال. و قد كانوا الوحيدين الذين يعرفون بعض الدروب، التي يشاركون استعمالها مع المهربين. و قد طور ماو الوحدة مع هؤلاء الناس، الذين عملوا بشكل ما كمصلحة للإرشاد لحساب الجيش الأحمر.
الشروط الأساسية بالنسبة لماو لتحقيق النصر هي :
أ - الدعم من طرف الجماهير.
ب - تنظيم الحزب.
ت - جيش أنصار قوي.
ث - مناطق تسمح بتنقل فرق الجيش.
ج - الإكتفاء الذاتي اقتصاديا."
«قواعد الإنضباط الكبرى هي التالية:
أ) أطيعوا الأوامر في أعمالكم.
ب) لا تأخذوا من الجماهير أي شيء، لا تأخذوا منهم و لا مثقال ذرة.
ت) سلموا للسلطات كل غنيمة.
أما الوصايا الثماني فهي التالية:
أ) تكلموا بأدب.
ب) إدفعوا بلطف ثمن ما تشترونه.
ت) ردوا كل ما تستدينونه.
ث) إدفعوا ثمن أو عوضوا عن كل ما تتلفونه.
ج) لا تضربوا الناس و لا تشتموهم.
ح) لا تلحقوا الأضرار بالمحاصيل.
خ) لا تستبيحوا النساء.
د) لا تسيئوا معاملة الأسرى.»[2]
4- كان الجيش الأحمر مشكلا في مجمله من الفلاحين بدون أرض، الهاربين من الجيوش الرجعية و من قطاع الطرق. فإذا كان حقدهم على العدو شديدا، فإن معارفهم السياسية كانت ضعيفة نوعا ما. فالعديد منهم كان يتصرف و كأنه لا زال جزءا من جيش المُضطَهِدين. فالضباط كانوا يصرخون في وجه الجنود، بل و يعنفونهم؛ في بعض الأحيان، و كانت الفرق على وشك التمرد عندما يتم منعها من اللجوء إلى النهب. لكن ماو لم يفقد أبدا الثقة في الجماهير. إذ وضع الطرق و المبادئ لتحقيق تغيير هذا الجمع المختلط من المتمردين ليجعل منها جيشا منضبطا و واعيا سياسيا. يتعلق الأمر إذن بجيش من صنف جديد كليا، بحيث لم يسبق للجماهير الصينية أن رأته حتى ذلك الحين. فقد تعود الفلاحون على اعتبار العسكريين لصوصا، وقتلة، ومُغتصبين و مجرمين. لكن الجيش الأحمر كان في هذا الصدد مختلفا كليا عن الجيوش الأخرى.
وضع ماو المبادئ التنظيمية للجيش الأحمر: فالضباط ينبغي ألا يضربوا الجنود؛ ينبغي أن يحصلوا على نفس الأجر مثلهم؛ للجنود الحق في مناقشة و انتقاد الضباط؛ و كل حسابات الجيش ينبغي أن توضع في يد كل الذين يرغبون في فحصها. و عندما يدخل الجيش الأحمر إلى بلدة ما، كان ماو ينظم على الفور لقاءً مع قاطنيها و قاطناتها. لكن هذا لم يكن دائما سهلا.فأحيانا يغادر الرجال البلدة و يختبئون في الجبال المجاورة، أو أيضا يختبئون في الأدغال، كما يفعلون دائما كلما جاء أي جيش إليهم. لكن ماو أمر جنوده ألا يقتحموا على أي كان، و ألا يأخذوا شيئا ليس لهم. و قد كان هذا السلوك من جانب الجنود غير معتاد – إذ أنه كقاعدة عامة، كانت الجيوش الرجعية تنهب، وتسرق، وتُحرق منازل الناس- الشيء الذي أدى إلى أنه بعد بضعة أيام، كان السكان يعودون إلى منازلهم دون خوف. و كان ماو يتحدث إليهم داعيا إياهم إلى التصرف بهذا الشكل. و كان يوزع عليهم المال و الملابس التي تمت مصادرتها من الملاكين العقاريين. و كان يقول لهم أن هذا الجيش، بالراية الحمراء، هو في الواقع جيشهم، الذي يسعى إلى الدفاع عن مصالحهم و إحراز تحررهم. و قد كان الناس متأثرين إلى درجة أنهم كانوا يأتون بالمؤونة و يستضيفون الجنود. كما قرر البعض منهم الإلتحاق بصفوف الجيش الأحمر. و قد تكر هذا المشهد في كل مكان مر منه الجيش الأحمر.
5- أصبح العيش في منطقة جبال تسينغكانغ صعبا جدا في شتاء 1927-1928. و كانت المشاكل الأساسية تتمثل في التموين بالغذاء و الملابس.[...] و الجيش الأحمر لم يكن طبعا ليسرق المؤونة من الفلاحين الجائعين أصلا. بل كان يحاول الإتحاد معهم و تنفيذ الإصلاح الزراعي، بمصادرة الأراضي التي كانت في حوزة الملاكين العقاريين و توزيعها بعد ذلك على الفلاحين. و كان ماو أيضا يسعى إلى تنظيم الميليشيات، بحيث يتمكن الفلاحون من الدفاع عن أنفسهم. و قد ساهم الشبان الذين تتراوح أعمارهم بين 11 و 12 سنة كحراس و مراقبين.
و كان ماو يحرص على ألا يصبح وجود الجيش الأحمر عبئا على الفلاحين. فأعضاؤه كان ينبغي لهم أن يشاركوا في العمل الإنتاجي مع الفلاحين، و أيضا أن يحرثوا بأنفسهم أراضي جديدة. كما تمكن الجيش الأحمر أيضا من بناء مستوصف صغير و صيدلية، كان يتم فيها توزيع الأعشاب الطبية، و كان يتم فيها إعطاء دروس في الوقاية و الصحة العمومية. لم يسبق لجيش ما أن ساعد الفلاحين بهذا الشكل. و لم يسبق كذلك لأي جيش أن أعطاهم مثل هذا الأمل.
6- في بداية سنة 1928، أُقيل ماو من اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني، و تم انتقاده على العمل الذي كان يقوم به في جبال تسينغكانغ. إذ كان قادة الحزب مثل لي لي_سان يواصلون استراتيجية مرتكزة على العصيانات المدنية. لكن ماو لم ينقلب أبدا ضد الحزب، كما لم يتخلى على طريق الثورة في الصين. و نظرا لثقته في صحة وجهة نظره فقد واصل العمل على بناء الجيش الأحمر و قواعد الإرتكاز.
في منطقة جبال تسينغكانغ، طور ماو وجهة نظره حول إستراتيجية و تكتيك الثورة الصينية، خصوصا في الجانب العسكري. فحرب الأنصارو حرب الحركة كانت تشكل الشكلين الأساسيين للنضال من جانب الجيش الأحمر. و باعتبار أن الجيش الأحمر كان أكثر ضعفا من جيوش الحكومة، فقد كان من الغير الممكن تحقيق انتصار سريع. لذا وضع ماو سياسة إستراتيجية لحرب طويلة الأمد تهدف إلى تغيير جذري لموازين القوى. «إستراتيجيتنا هي أن نقاتل "واحد ضد عشرة"، أما تكتيكنا فهو أن نقاتل "عشرة ضد واحد"»[3] . و هذا يعني أن الجيش الأحمر كان ينبغي أن يركز قواته إلى أقصى حد لضمان التفوق العددي أثناء كل معركة يخوضها، بحيث ينتصر فيها، و الحفاظ على قواه الخاصة و تدمير قوى العدو، و بهذا يحقق النصر الحاسم. كما حدد ماو مبادئ أخرى هامة لحرب الأنصار، مثل : «أن ننشر قواتنا بين الجماهير لدفعها إلى التصرف، و نركز قواتنا عندما نواجه العدو»؛ و«إذا تقدم العدو، تراجعنا، وإذا توقف العدو أزعجناه، و إذا تراجع هاجمناه، و إذا انسحب طاردناه».
7-في يناير 1929 غادر ماو منطقة جبال تسينغكانغ مرافقا ب 4000 من المقاتلين لبناء قاعدة ارتكاز جديدة في الجنوب. و بعد مغادرة ماو تمت مهاجمة المنطقة و كاد أن يتم إخلاؤها كليا. و منذ شهر مارس، لم تبق تسينغكانغشان كما كانت من قبل: لم يستمر فيها سوى بعض الجماعات السرية، بالإضافة إلى الميلشيا الفلاحية السرية التي كان قد تم إنشاؤها فيها. لكن ماو كان قد أنشأ قاعدة ارتكاز جديدة، ضمت فرقا صغيرا للأنصار في إقليم كيانغسي ضمن "الجيش الأحمر الثالث". و كانت قوات أخرى في غرب فوكيان قد شَكلت أيضا " الجيش الثاني عشر". فبالإضافة إلى " الجيش الرابع" الذي كان ماو يقوده أصبحت الآن تحت تصرفه ثلاث جيوش و 10000 من المقاتلين و المقاتلات.
8- كلما تمت إزاحة خط ماو كانت الثورة الصينية تتعرض لهزائم كبيرة. على سبيل المثال، تم إصدار الأمر لماو بالسيطرة على مدينة شانغشا، التي كانت لم تكن فيها الحركة الثورية قوية بما فيه الكفاية في اعتقاده. فتم إرسال قوات الكيومنتانغ بأعداد كبيرة إليها بالإضافة إلى سفن تحمل الرايات الأمريكية و البريطانية و اليابانية و الإيطالية، فقامت بتفجير المدينة، مباشرة بعد أن دخل إليها الجيش الأحمر. فقُتِل و جُرح المئات من المدنيين. فاتخذ ماو قرار الإنسحاب، لتفادي إبادة الجيش الأحمر. فضرب الكيومنتانغ العمال و الطلبة بشدة، و في الواقع كل من اشتبه في كونه شيوعيا كان يعتقل ببساطة ويقتل. و في هذه المناسبة تم إلقاء القبض على زوجة ماو، "يانغ كاي_هوي"، التي كانت مشتركة في العمل السري في شانغشا، و تم إعدامها.
و بشكل عام، فكلما تعرض الحزب لمثل هذه التراجعات، كان ذلك لأن خطا خاطئا يُطبَّق. و في كل مرة كان ماو يعتني بإفهام الجيوش بما حصل، لتواصل النضال بشكل أكثر جدوى. هكذا فبعد أن تعرض الجيش الأحمر لعدة خسائر أثناء بعض المعارك، كانت معنويات العديد من المقاتلين تضعف، و يريدون الرجوع إلى منازلهم. لكن ماو كان يذهب لملاقاتهم للمناقشة و الحوار بصبر معهم، محللا أسباب الهزيمة. و في آخر المطاف كان يتمكن من إقناعهم بالعودة إلى تسينغكانغشان.
9- في سنة 1930، تمكن ماو من إنشاء قواعد ارتكازه في 17 مقاطعة. و في كل هذه الأماكن كانت الأرض يُعاد توزيعها على الفلاحين. و كان يتم اللجوء إلى التربية السياسية للجماهير، التي كانت مدعوة إلى تنظيم نفسها و تَشكيل ميليشيات. فتقوى الحزب و الجيش. و بين شهري نونبر 1930 و نونبر 1931، امتدت قواعد الإرتكاز إلى أن غطت منطقة مجموعها 30000 كلم²، تضم أكثر من ثلاث (3) ملايين شخص، 70 % منهم من الفلاحين الفقراء و بدون أرض، و في نونبر 1931، انتُخب ماو رئيسا لـ"الحكومة السوفياتية في الصين كلها" ، أول حكومة حمراء تُشَكّل من طرف الشيوعيين. و قد وضعت الحكومة الجديدة دستورا ؛ و سنت بعض القوانين حول الإصلاح الزراعي، والشغل، و الزواج، و مساواة النساء؛ كما اتخذت قرارات حول الجيش الأحمر و مسألة الأقليات القومية.
10- و دائما في سنة 1930، شن تشيانغ كاي تشيك أولى "حملات(ه) للإبادة" الخمس ضد الشيوعيين. و رغم أن قواته كانت أكثر بعشر (10) مرات من جيش الشيوعيين، إلى أنها تعرضت للهزيمة أربع مرات متتالية. و رغم أن اليابان قد اقتحمت الصين فقد رفض تشيانغ كاي تشيك مقاتلة التدخل الأجنبي، بل وجه قواته المشكلة من 900000 رجل و 300 مدفعية ضد الجيش الأحمر، الذي كان خلال هذه الفترة يعد بحوالي 140000 رجل، ضعيفي التسليح. اتخذ تشيانغ كاي تشيك السياسة المسماة "الأرض المحروقة"، فكان جيشه يدك كل شيء في طريقه. و في غشت 1933، انطلقت "الحملة العسكرية الخامسة" لـتشيانغ، مدعََّمَة ماديا من طرف الولايات المتحدة الأمريكية و بريطانيا العظمى، و معبِّأة أكثر من مليون جندي، و دبابات القتال، و الطائرات. و قد كانت جيوش تشيانغ كاي تشيك تلجأ إلى استشارة الخبراء العسكريين الألمان. وفي غشت 1934، فقد الجيش الأحمر 40000 شخص و تم تطويقه من طرف الكيومنتانغ. و تقلصت قاعدة ارتكازه الأساسية إلى ست (6) مقاطعات بينما أبيدت كليا قواعده الصغيرة. فكانت الثورة مرة أخرى مهددة بالإبادة. لكن هذه المرة أيضا اتخذ ماو قرارا هاما، في 16 أكتوبر 1934 قاد قواته نحو تراجع كبير، أي العملية التي ستُعرف فيما بعد بـ"المسيرة الطويلة" الشهيرة.


____________________

من كلم لاينفد
1] ماو تسي تونغ " تصحيح الأفكار الخاطئة في الحزب" دجنير 1929، المختارات المجلد :1.

[2] ماو تسي تونغ :"أوامر قيادة جيش التحرير الشعبي الصيني العليا بمناسبة الإعلان الجديد لقواعد الإنضباط الكبرى الثلاث و الوصايا الثماني "، أكتوبر 1947، المختارات المجلد الخامس.

[3] ماو تسي تونغ :"قضايا الإستراتيجية في الحرب الثورية في الصين" دجنبر 1936، المختارات المجلد الأول.

العامل الثوري أسبوعية الحزب الشيوعي الثوري الأمريكي RCP)، ترجمة الرفيق عسو الخطابي.

مكتبة ماو